حسون
26/05/2005, 19:53
لا أدري لم وقع اختيارنا على حديقة "المدفع" في منطقة "أبو رمانة" الدمشقية لتنفيذ اعتصامنا، أصلا اسمها يبعث على التشاؤم، فهو يوحي بالحرب والمعارك والضحايا
وابتداء من اليوم سيوحي أيضا بهراوات شرطة مكافحة الشغب والمخبرين المرتزقة وعناصر الأمن المهووسين..
"بالكلمة الحلوة" قال الضابط أنه أُمر بإبعادنا عن المكان وتفريق الاعتصام، وباعتبارنا "متعاونين" مع جماعة الإخوان المسلمين ونعمل على "تدمير هذا البلد"، تم الصراخ في وجهنا من قبل المخبرين وعملاء الأمن....
لكن أهل الحرية، نشطاء وسياسيين عربا وأكرادا وطلابا وأهالي معتقلين أصروا على رفض هذه التهديدات و الاتهامات، وقفوا يرفعون اللافتات التي تنادي بالإفراج عن معتقلي عصر الظلام منذ بداياته وحتى الاعتقالات الأخيرة لمجلس إدارة منتدى الأتاسي، يطالبون بإنهاء زمن القمع وإطلاق الحريات وصون الحقوق.. يغنون يا ظلام السجن خيم ، هيه يا سجاني، يا بحرية هيلا هيلا ..بعد النشيد الوطني السوري.
لكن ذلك كله "غير وطني" ويستدعي إطلاق مدافع الحقد والترهيب السلطوية تجاه المعتصمين، ففي لحظة واحدة كانت عناصر شرطة مكافحة الحرية تمزق اللافتات وتهوي بهراواتها على رؤوس المعتصمين، ولا توفر لكما أو ركلا بحق أحد..أستطيع أن أجزم بأن أحدا من الموجودين نساء ورجالا وشيوخا ، لم يسلم من ضربة هنا وركلة هناك ، بالإضافة إلى من نالهم القدر الأكبر من التنكيل والأذى..
هذا ليس غريبا عن سلطتنا "الإصلاحية"، بل هو أمر كدنا نعتاده ..الغريب هو عيون أولئك العناصر التي كانت تقدح شررا، وهراواتهم التي تهوي بلا تردد على أي جسم متحرك أمامهم. ولا أدري إن كان قيل لهم قبل "الهجوم" بأننا نحتل الجولان و إبادتنا ستؤدي إلى استرجاعه ..أو أننا إرهابيون نحمل أحزمة ناسفة تحت ثيابنا الصيفية الخفيفة...أما عناصر المرتزقة التي كانت تقف على الرصيف المقابل واندفعت وراء حملة الهراوات وهي تهتف كالدمى "بالروح بالدم نفديك يا بشار"...وتشارك في توزيع الشتائم وتفريق المتظاهرين، فقد أصبحت من المظاهر "الإصلاحية" التي لا غنى عنها ، وبدونها لا يتم اعتصام ولا تكتمل فرحة أو عزاء..
مع ذلك كله..كان المعتصمون الذين تفرقوا يسندون بعضهم ويتلمسون أكتافهم ورؤوسهم التي كانت قبل قليل تحت الهراوات.. كانوا يلتقون في مجموعات صغيرة حول المنطقة المنكوبة ..كل منهم يروي تفاصيل التفاصيل في ما شاهد ومافعل وما تعرض له ..يطمئنون على بعضهم عبر الهواتف المحمولة ويتبادلون التهاني بالسلامة ....وسرعان ما ينقلب الجو المحتقن والإحساس بالألم المعنوي والجسدي ، إلى روح الفكاهة .."يللا نعيش وناكل غيرها ".." بكره بنكبر وبنحكي لأولادنا".." إذا لحقنا نجيب أولاد قبل ما يعتقلونا"...
رغم بقائهم شكلا ومضمونا على ما هم عليه..رغم استمرار سطوتهم ، رغم هراواتهم وعبارات تخوينهم الرخيصة ..رغم كل شيء ..كنت ستشعر بذعرهم وضعفهم ....كان لديهم كل شيء ..عسكر وأمن وسلطة..إلا أنهم افتقدوا بشدة إلى الشيء الوحيد الذي نملكه، عدالة قضيتنا ...لأجل ذلك يخافون حتى الموت من بضع لافتات تنادي بالحرية ..أكثر من خوفهم من أي شيء آخر..
في طريق عودتنا ، استوقفنا أحد الأشخاص الذي كان يراقب الحدث من بعيد ليقول..وفقكم الله ، الله يقويكم..أنا أتمنى أن أكون معكم ، لكن لدي أطفال يجب أن أطعمهم..يجب أن نتحرك جميعنا..لكن نحن جبناء ...."
على الإطلاق أيها السوري الشجاع..السوريون ليسوا جبناء ولن يكونوا..وجدران الخوف التي بنيت حولهم على قواعد القمع والقهر ستتصدع عاجلا أم آجلا..
بالمناسبة ..حديقة "المدفع " قد توحي ابتداء من اليوم بأشياء أكثر جمالا..بالحرية والشوق إليها ..ما أجمل دمشق عندما تهب عليها نسمة حرة ...
"الرأي / خاص"
وابتداء من اليوم سيوحي أيضا بهراوات شرطة مكافحة الشغب والمخبرين المرتزقة وعناصر الأمن المهووسين..
"بالكلمة الحلوة" قال الضابط أنه أُمر بإبعادنا عن المكان وتفريق الاعتصام، وباعتبارنا "متعاونين" مع جماعة الإخوان المسلمين ونعمل على "تدمير هذا البلد"، تم الصراخ في وجهنا من قبل المخبرين وعملاء الأمن....
لكن أهل الحرية، نشطاء وسياسيين عربا وأكرادا وطلابا وأهالي معتقلين أصروا على رفض هذه التهديدات و الاتهامات، وقفوا يرفعون اللافتات التي تنادي بالإفراج عن معتقلي عصر الظلام منذ بداياته وحتى الاعتقالات الأخيرة لمجلس إدارة منتدى الأتاسي، يطالبون بإنهاء زمن القمع وإطلاق الحريات وصون الحقوق.. يغنون يا ظلام السجن خيم ، هيه يا سجاني، يا بحرية هيلا هيلا ..بعد النشيد الوطني السوري.
لكن ذلك كله "غير وطني" ويستدعي إطلاق مدافع الحقد والترهيب السلطوية تجاه المعتصمين، ففي لحظة واحدة كانت عناصر شرطة مكافحة الحرية تمزق اللافتات وتهوي بهراواتها على رؤوس المعتصمين، ولا توفر لكما أو ركلا بحق أحد..أستطيع أن أجزم بأن أحدا من الموجودين نساء ورجالا وشيوخا ، لم يسلم من ضربة هنا وركلة هناك ، بالإضافة إلى من نالهم القدر الأكبر من التنكيل والأذى..
هذا ليس غريبا عن سلطتنا "الإصلاحية"، بل هو أمر كدنا نعتاده ..الغريب هو عيون أولئك العناصر التي كانت تقدح شررا، وهراواتهم التي تهوي بلا تردد على أي جسم متحرك أمامهم. ولا أدري إن كان قيل لهم قبل "الهجوم" بأننا نحتل الجولان و إبادتنا ستؤدي إلى استرجاعه ..أو أننا إرهابيون نحمل أحزمة ناسفة تحت ثيابنا الصيفية الخفيفة...أما عناصر المرتزقة التي كانت تقف على الرصيف المقابل واندفعت وراء حملة الهراوات وهي تهتف كالدمى "بالروح بالدم نفديك يا بشار"...وتشارك في توزيع الشتائم وتفريق المتظاهرين، فقد أصبحت من المظاهر "الإصلاحية" التي لا غنى عنها ، وبدونها لا يتم اعتصام ولا تكتمل فرحة أو عزاء..
مع ذلك كله..كان المعتصمون الذين تفرقوا يسندون بعضهم ويتلمسون أكتافهم ورؤوسهم التي كانت قبل قليل تحت الهراوات.. كانوا يلتقون في مجموعات صغيرة حول المنطقة المنكوبة ..كل منهم يروي تفاصيل التفاصيل في ما شاهد ومافعل وما تعرض له ..يطمئنون على بعضهم عبر الهواتف المحمولة ويتبادلون التهاني بالسلامة ....وسرعان ما ينقلب الجو المحتقن والإحساس بالألم المعنوي والجسدي ، إلى روح الفكاهة .."يللا نعيش وناكل غيرها ".." بكره بنكبر وبنحكي لأولادنا".." إذا لحقنا نجيب أولاد قبل ما يعتقلونا"...
رغم بقائهم شكلا ومضمونا على ما هم عليه..رغم استمرار سطوتهم ، رغم هراواتهم وعبارات تخوينهم الرخيصة ..رغم كل شيء ..كنت ستشعر بذعرهم وضعفهم ....كان لديهم كل شيء ..عسكر وأمن وسلطة..إلا أنهم افتقدوا بشدة إلى الشيء الوحيد الذي نملكه، عدالة قضيتنا ...لأجل ذلك يخافون حتى الموت من بضع لافتات تنادي بالحرية ..أكثر من خوفهم من أي شيء آخر..
في طريق عودتنا ، استوقفنا أحد الأشخاص الذي كان يراقب الحدث من بعيد ليقول..وفقكم الله ، الله يقويكم..أنا أتمنى أن أكون معكم ، لكن لدي أطفال يجب أن أطعمهم..يجب أن نتحرك جميعنا..لكن نحن جبناء ...."
على الإطلاق أيها السوري الشجاع..السوريون ليسوا جبناء ولن يكونوا..وجدران الخوف التي بنيت حولهم على قواعد القمع والقهر ستتصدع عاجلا أم آجلا..
بالمناسبة ..حديقة "المدفع " قد توحي ابتداء من اليوم بأشياء أكثر جمالا..بالحرية والشوق إليها ..ما أجمل دمشق عندما تهب عليها نسمة حرة ...
"الرأي / خاص"