Tarek007
23/05/2005, 05:57
أيها السوريون الجهلة ......أقيموا تمثالاً لحكمت الشهابي !!!
الكاتب: نور الدين بدران المصدر: مرآة سورية
المعرفة أنواع بلا حدود ، الجهل أصناف بلا أبعاد ، ولكن أحياناً من الصعب فصل الجهل عن المعرفة ، أو حتى التمييز بين الاثنين.
فمثلاً من الجهل أن تبرئ جلاداً ، وتدين آخر ، ولكن أيضاً من المعرفة أن تدين ظالماً وتبرئ أخاه في الجور، ولكن هذه المعرفة أسوأ بكثير من ذلك الجهل ، وإذا تجاوزنا المسألة الشكلية ودخلنا إلى الجوهر ، في هذه المحاكمة ، فتغدو هذه المعرفة ، تماماً كذلك الجهل ، والنتائج العملية هنا للجهل والمعرفة واحدة في كارثيتها.
لكن ثمة ما هو أسوأ من ذلك الجهل البريء وتلك المعرفة الهادفة، ألا وهو المعرفة المدعية المتعالية والمغرورة، القاطعة والباتة، الديَانة لكل مختلف عنها ومتعارض معها ، والجازمة بكل أوهامها على أنها حقائق مبرمة ، وحين تصل هذه المعرفة إلى هذا المستوى من الصلف والمكابرة ، تستسهل كل شيء ، فتؤله الشيطان، وتشيطن الملائكة ، وتذر الرماد في العيون ، وتدحرج الحجارة في الدماغ ، وتجعل الأسود أبيض ، وتصادر على المطلوب ، ومن هذا النمط قرأت مقالة (على مرآة سوريا) تشكل نموذجاً فريداً من هذا النوع من المعرفة، بل هي بحد ذاتها التي أوحت لي باستنباط هذه الخصائص لهذه المعرفة ، ولذلك أنا مدين بالشكر لكاتبها.
فحوى هذه المقالة الغرائبية ، أنها تكتشف ما لم يكتشفه سوري لا داخل سوريا ولا خارجها ،لا من السلطة ولا من المعارضة ، لا من الأحياء ولا من الراحلين ، إنه إكتشاف برسم صاحبه ، الذي يعلن جهلنا كسوريين على الملأ ، لاسيما أولئك الذين يعملون في مجالات حقوق الإنسان ، حيث ينورنا صاحب المقال حول شخصية العماد حكمت الشهابي الذي ظل رئيساً لهيئة الأركان في الجيش العربي السوري نحو عقدين من الزمن الأسود ، وكان قبلها رئيساً للمخابرات العامة السورية ، وهذا كله معروف ، أما التحفة فإن الجنرالات: رفعت الأسد ومصطفى طلاس وبقية الفريق الحاكم فكلهم جلدوا الشعب السوري بينما كان السيد حكمت الشهابي يقف بالمرصاد ضد عملية الجلد هذه ، ويمنع الجيش السوري من أداء هذه المهمة ، بل كان الوحيد حسب هذه المقالة الفنتازية الذي يقف في وجه الرئيس حافظ الأسد ، وينوره بدور الجيش وبأن أماكن تواجد هذا الجيش ليس في حماة وحلب وجسر الشغور وإنما في الجولان المحتل ، ويكاد الكاتب أن يوحي لنا ، بأن الشهابي أمر الرئيس الراحل بكف يد ضابط الوحدات الخاصة السيد هاشم معلا عن تلك المناطق المنكوبة، وبأن الرئيس الراحل (لا صوت ولا رد له في المقالة) فهم ما أملاه عليه أبو حازم واستجاب طوعاً أو كرهاً.
ونحن شعب جاهل فمن أين لنا أن ندري بأن ثمة من كان يرفع صوته أمام المرحوم ، بل لعمرك هذه من المستحيلات في ذاكرتنا ووعينا ومن الخيالات العجيبة ، ولا يؤاخذن الكاتب جهلنا ، لأن كل ما نعرفه أن الرئيس الراحل كان المتحدث الوحيد والجميع عليهم الإصغاء ، وأنه هو سوريا حتى أننا لم نعد نعرف اسم بلدنا إلا ب"سوريا الأسد" وحتى هذه الألف الواقفة في آخر اسم وطننا الحبيب، كسرت وجعلت تاءً ومربوطة بقرار من القيادة القطرية ، كردع وقائي لكل حرف يقف ولكل غزو أجنبي ، وأننا كجهلة (ولا أدري أين كان كاتب المقال أيامها لينورنا) كنا نعلم أن الرجل الثاني في البلاد هو رفعت الأسد ، وهو ليس ثانياً بعد الأول مباشرة ، وإنما المسافة بينهما كالمسافة بين الله ورسوله ، ولأنه أساساً شقيقه ، وعند الحزة واللزة ، وعندما خيّل لنا أن دمشق ستغدو كتلة من اللهب ، أي عندما خرج السيد رفعت الأسد من الموقع الذي هو فيه ، كان هو وجيشه وأبناؤه وحاشيته خارج البلاد ، وبالطبع لأنه أخ شقيق كُرّم هذا التكريم ، وإلا فالمزة أقرب من باريس هذا إذا لم نقل شيئاً آخر.
أما بعد السيد رفعت الأسد ( المارق في عرف النظام) فلم يكن هناك أحد ، كانوا يصطفون جميعا ًو معاً كما في أي سيرك أمام الساحر القائد أو القائد الساحر ينحنون بإجلال ويصمتون بخشوع ويصفقون بحماس ، وإذا ابتسم سيادته ، رأيت التكشيرة على وجوههم ارتسمت في ولحظة واحدة ، وبدقة فريدة كأنك أمام عرض للنظام المنضم للأفواه ، فكل يعرف دوره ، والمكافأة على قدر النجاح في إظهار الطاعة ، والسيد الشهابي لم يكن خارج السيرك ، بل من صقوره ، ولكنه لا هو ولا غيره وصلوا إلى موقع يطلون منه لتحية الجمهور إلا بعد تدريبات طويلة واختبارات وارتباطات وإلى آخره من مستلزمات الوصول ، وهو أذكى بكثير من أن يتكلم وبالأحرى أن يرفع صوته ، وإذا سلمنا فرضاً (كشجرة على القمر) بأنه رفع عقيرته ، واستجاب القائد الملهم له ، فلماذا تمت تلك المجازر ؟ ولماذا كل تلك الضحايا؟ أم أن ضميره وحسه "الإنساني" أو "الوطني" لم يستيقظا إلا بعد فوات الأوان ؟ والسؤال الرهيب بعد هذه الفرضية الرهيبة : ماذا كان سيكون الأمر لو لم يوقف أبو حازم هاشم معلا وجماعته؟
ربما وفي حدوده وليس مع الرئيس الراحل أو ليس بالطريقة المسرحية التي يدبجها صاحب المقال ، تدخل الشهابي ولكن من منطلقات أضيق بكثير من الوطنية وبوعي أدني بكثير من الوعي المتحضر لدور الجيش وعلاقته بالشعب والوطن ، قد تكون مناطقية وعشائرية وطائفية ، في أحسن حالاتها ، وهذا أمر لا يتعلق به وحده وإنما ببنية ووعي وأسلوب حكم نظام بكامله ،( لا يستثنى منه إلا المغضوب عليهم )، ولاسيما النافذين وكبار الضباط.
دليلي على ذلك التجربة فلم نشهد ما يخالف ذلك طوال العقود الأخيرة من القرن المنصرم ولا سيما فترة الأزمة ، ولكن فيما يخص الشهابي حين كان رئيساً لجهاز المخابرات ، شهدت مرحلة مسؤوليته اعتقالات وتعذيباً حتى الموت ، وخلال وجوده في قيادة الأركان، تحول الجيش السوري في لبنان إلى قطعان من المهربين، وارتكبت فظائع في لبنان سنبقى ندفع ثمنها إلى مدى غير منظور، أما عن الفساد الذي استحكم واستشرى كالسرطان داخل الجيش الباقي في سوريا فحدث ولا حرج، وإذا كان من عذر للشهابي ، فهو أن الأمر ليس فردياً، وإنما هو مسؤولية نظام بكامله ، وأن الشهابي ليس إلا واحداً من هذا النظام ولو رفع عقيرته(أيضاً فرضاً) لتدحرج رأسه أو سمعنا خبر انتحاره كما سمعنا بخبر انتحار السيد محمود الزعبي مثلاً، وأين أبو حازم من أبي مفلح ، على الأقل رسمياً.
أما عن ختامه فلم يكن مسكاً، فحين غادر السلطة ، تحدثت صحف عربية وأيضاً أوروبية (فرنسية وألمانية) وأميركية عن استثماراته في الولايات المتحدة ، وقيل أنها تتجاوز الملياري دولار(أظن أنها تعويض نهاية الخدمة، وهي دريهمات بسيطة يقبضها أي مواطن سوري حين يحال على التقاعد) ، بل تحدثت عن المكان(لوس أنجلس) وبعض القطاعات (مزارع القريديس وغيرها)، وهنا في سوريا تناقلت الأخبار الشفوية/ همساً طبعاً، أن خليفته علي أصلان (ليقوم هو بشراء صفقة سيارات تصفق سوريا صفقاً) جمع من حاشية الشهابي أكثر من 300سيارة ، مع أنه ترك للعائلة من السيارات ، العدد نفسه تقريباً.
أما موقفه ضد التوريث ، فليس من موقع حضاري ولا رغبة بدولة عصرية ، وكيف يكون ذلك وهو التلميذ النجيب والسليل الشرعي ورئيس المخابرات وهيئة الأركان لدولتنا العتيدة؟ وإنما من المواقع آنفة الذكر، بالغة السوء.
ولا أدري كيف وصل كاتب المقال العجيب إلى السيد سليمان الخطيب ، وأن من لا يعرفه هو جاهل بجرائم النظام (غريب كيف يدين النظام كله إلا الشهابي أم أن ثمة آخرين من اللون نفسه ، لا أدري) فهذا السليمان الخطيب لا يمكن وضعه في قائمة الضباط الذين لهم علاقة بالقرار السياسي ، وبالحري هاشم معلا!! ، إنه رئيس للمحكمة العسكرية الميدانية ، وهي ككل المحاكم الاستثنائية ، تتلقى املاءات من القيادات ودوره تنفيذي بحت فالخطيب ليس أكثر منفذ عادي أمام مشرع بيده بعض الحل والربط ، لأن الحل والربط ككل في يد واحدة وحيدة.
لم يبق إلا أن ننصب للسيد حكمت الشهابي تمثالاً، وهو على قيد الحياة ، ونعتذر له عن جهلنا ، وندخله كتب التاريخ المدرسية ، لكن المشكل الكبير في عدد التماثيل ، فقد طلع علينا من يقول (جماعة رفعت وجماعة علي حيدر وطلاس ودوبا وغيرهم وغيرهم، واليوم هذه نغمة جديدة الجملة عتيقة المقام).
كفى إسفافاً بحق هذا الشعب ، كفى محاولات بائسة لقسمه وتفريقه بين هذا وذاك ممن قهروه وأذلوه، إنه شعب واحد حكمه ويحكمه نظام واحد، وقد عانى فقراء هذا الشعب بلا استثناء على أرباب المال والسلطة بلا استثناء، وتبرئة أي طرف من القاهرين ، حلقة جديدة ولا يهم إذا كانت بريئة أو مبرمجة، فهي في نهاية المطاف ، حلقة سيئة في مسلسل سيء عنوانه: آه.....يا سوريا.
منقول
الكاتب: نور الدين بدران المصدر: مرآة سورية
المعرفة أنواع بلا حدود ، الجهل أصناف بلا أبعاد ، ولكن أحياناً من الصعب فصل الجهل عن المعرفة ، أو حتى التمييز بين الاثنين.
فمثلاً من الجهل أن تبرئ جلاداً ، وتدين آخر ، ولكن أيضاً من المعرفة أن تدين ظالماً وتبرئ أخاه في الجور، ولكن هذه المعرفة أسوأ بكثير من ذلك الجهل ، وإذا تجاوزنا المسألة الشكلية ودخلنا إلى الجوهر ، في هذه المحاكمة ، فتغدو هذه المعرفة ، تماماً كذلك الجهل ، والنتائج العملية هنا للجهل والمعرفة واحدة في كارثيتها.
لكن ثمة ما هو أسوأ من ذلك الجهل البريء وتلك المعرفة الهادفة، ألا وهو المعرفة المدعية المتعالية والمغرورة، القاطعة والباتة، الديَانة لكل مختلف عنها ومتعارض معها ، والجازمة بكل أوهامها على أنها حقائق مبرمة ، وحين تصل هذه المعرفة إلى هذا المستوى من الصلف والمكابرة ، تستسهل كل شيء ، فتؤله الشيطان، وتشيطن الملائكة ، وتذر الرماد في العيون ، وتدحرج الحجارة في الدماغ ، وتجعل الأسود أبيض ، وتصادر على المطلوب ، ومن هذا النمط قرأت مقالة (على مرآة سوريا) تشكل نموذجاً فريداً من هذا النوع من المعرفة، بل هي بحد ذاتها التي أوحت لي باستنباط هذه الخصائص لهذه المعرفة ، ولذلك أنا مدين بالشكر لكاتبها.
فحوى هذه المقالة الغرائبية ، أنها تكتشف ما لم يكتشفه سوري لا داخل سوريا ولا خارجها ،لا من السلطة ولا من المعارضة ، لا من الأحياء ولا من الراحلين ، إنه إكتشاف برسم صاحبه ، الذي يعلن جهلنا كسوريين على الملأ ، لاسيما أولئك الذين يعملون في مجالات حقوق الإنسان ، حيث ينورنا صاحب المقال حول شخصية العماد حكمت الشهابي الذي ظل رئيساً لهيئة الأركان في الجيش العربي السوري نحو عقدين من الزمن الأسود ، وكان قبلها رئيساً للمخابرات العامة السورية ، وهذا كله معروف ، أما التحفة فإن الجنرالات: رفعت الأسد ومصطفى طلاس وبقية الفريق الحاكم فكلهم جلدوا الشعب السوري بينما كان السيد حكمت الشهابي يقف بالمرصاد ضد عملية الجلد هذه ، ويمنع الجيش السوري من أداء هذه المهمة ، بل كان الوحيد حسب هذه المقالة الفنتازية الذي يقف في وجه الرئيس حافظ الأسد ، وينوره بدور الجيش وبأن أماكن تواجد هذا الجيش ليس في حماة وحلب وجسر الشغور وإنما في الجولان المحتل ، ويكاد الكاتب أن يوحي لنا ، بأن الشهابي أمر الرئيس الراحل بكف يد ضابط الوحدات الخاصة السيد هاشم معلا عن تلك المناطق المنكوبة، وبأن الرئيس الراحل (لا صوت ولا رد له في المقالة) فهم ما أملاه عليه أبو حازم واستجاب طوعاً أو كرهاً.
ونحن شعب جاهل فمن أين لنا أن ندري بأن ثمة من كان يرفع صوته أمام المرحوم ، بل لعمرك هذه من المستحيلات في ذاكرتنا ووعينا ومن الخيالات العجيبة ، ولا يؤاخذن الكاتب جهلنا ، لأن كل ما نعرفه أن الرئيس الراحل كان المتحدث الوحيد والجميع عليهم الإصغاء ، وأنه هو سوريا حتى أننا لم نعد نعرف اسم بلدنا إلا ب"سوريا الأسد" وحتى هذه الألف الواقفة في آخر اسم وطننا الحبيب، كسرت وجعلت تاءً ومربوطة بقرار من القيادة القطرية ، كردع وقائي لكل حرف يقف ولكل غزو أجنبي ، وأننا كجهلة (ولا أدري أين كان كاتب المقال أيامها لينورنا) كنا نعلم أن الرجل الثاني في البلاد هو رفعت الأسد ، وهو ليس ثانياً بعد الأول مباشرة ، وإنما المسافة بينهما كالمسافة بين الله ورسوله ، ولأنه أساساً شقيقه ، وعند الحزة واللزة ، وعندما خيّل لنا أن دمشق ستغدو كتلة من اللهب ، أي عندما خرج السيد رفعت الأسد من الموقع الذي هو فيه ، كان هو وجيشه وأبناؤه وحاشيته خارج البلاد ، وبالطبع لأنه أخ شقيق كُرّم هذا التكريم ، وإلا فالمزة أقرب من باريس هذا إذا لم نقل شيئاً آخر.
أما بعد السيد رفعت الأسد ( المارق في عرف النظام) فلم يكن هناك أحد ، كانوا يصطفون جميعا ًو معاً كما في أي سيرك أمام الساحر القائد أو القائد الساحر ينحنون بإجلال ويصمتون بخشوع ويصفقون بحماس ، وإذا ابتسم سيادته ، رأيت التكشيرة على وجوههم ارتسمت في ولحظة واحدة ، وبدقة فريدة كأنك أمام عرض للنظام المنضم للأفواه ، فكل يعرف دوره ، والمكافأة على قدر النجاح في إظهار الطاعة ، والسيد الشهابي لم يكن خارج السيرك ، بل من صقوره ، ولكنه لا هو ولا غيره وصلوا إلى موقع يطلون منه لتحية الجمهور إلا بعد تدريبات طويلة واختبارات وارتباطات وإلى آخره من مستلزمات الوصول ، وهو أذكى بكثير من أن يتكلم وبالأحرى أن يرفع صوته ، وإذا سلمنا فرضاً (كشجرة على القمر) بأنه رفع عقيرته ، واستجاب القائد الملهم له ، فلماذا تمت تلك المجازر ؟ ولماذا كل تلك الضحايا؟ أم أن ضميره وحسه "الإنساني" أو "الوطني" لم يستيقظا إلا بعد فوات الأوان ؟ والسؤال الرهيب بعد هذه الفرضية الرهيبة : ماذا كان سيكون الأمر لو لم يوقف أبو حازم هاشم معلا وجماعته؟
ربما وفي حدوده وليس مع الرئيس الراحل أو ليس بالطريقة المسرحية التي يدبجها صاحب المقال ، تدخل الشهابي ولكن من منطلقات أضيق بكثير من الوطنية وبوعي أدني بكثير من الوعي المتحضر لدور الجيش وعلاقته بالشعب والوطن ، قد تكون مناطقية وعشائرية وطائفية ، في أحسن حالاتها ، وهذا أمر لا يتعلق به وحده وإنما ببنية ووعي وأسلوب حكم نظام بكامله ،( لا يستثنى منه إلا المغضوب عليهم )، ولاسيما النافذين وكبار الضباط.
دليلي على ذلك التجربة فلم نشهد ما يخالف ذلك طوال العقود الأخيرة من القرن المنصرم ولا سيما فترة الأزمة ، ولكن فيما يخص الشهابي حين كان رئيساً لجهاز المخابرات ، شهدت مرحلة مسؤوليته اعتقالات وتعذيباً حتى الموت ، وخلال وجوده في قيادة الأركان، تحول الجيش السوري في لبنان إلى قطعان من المهربين، وارتكبت فظائع في لبنان سنبقى ندفع ثمنها إلى مدى غير منظور، أما عن الفساد الذي استحكم واستشرى كالسرطان داخل الجيش الباقي في سوريا فحدث ولا حرج، وإذا كان من عذر للشهابي ، فهو أن الأمر ليس فردياً، وإنما هو مسؤولية نظام بكامله ، وأن الشهابي ليس إلا واحداً من هذا النظام ولو رفع عقيرته(أيضاً فرضاً) لتدحرج رأسه أو سمعنا خبر انتحاره كما سمعنا بخبر انتحار السيد محمود الزعبي مثلاً، وأين أبو حازم من أبي مفلح ، على الأقل رسمياً.
أما عن ختامه فلم يكن مسكاً، فحين غادر السلطة ، تحدثت صحف عربية وأيضاً أوروبية (فرنسية وألمانية) وأميركية عن استثماراته في الولايات المتحدة ، وقيل أنها تتجاوز الملياري دولار(أظن أنها تعويض نهاية الخدمة، وهي دريهمات بسيطة يقبضها أي مواطن سوري حين يحال على التقاعد) ، بل تحدثت عن المكان(لوس أنجلس) وبعض القطاعات (مزارع القريديس وغيرها)، وهنا في سوريا تناقلت الأخبار الشفوية/ همساً طبعاً، أن خليفته علي أصلان (ليقوم هو بشراء صفقة سيارات تصفق سوريا صفقاً) جمع من حاشية الشهابي أكثر من 300سيارة ، مع أنه ترك للعائلة من السيارات ، العدد نفسه تقريباً.
أما موقفه ضد التوريث ، فليس من موقع حضاري ولا رغبة بدولة عصرية ، وكيف يكون ذلك وهو التلميذ النجيب والسليل الشرعي ورئيس المخابرات وهيئة الأركان لدولتنا العتيدة؟ وإنما من المواقع آنفة الذكر، بالغة السوء.
ولا أدري كيف وصل كاتب المقال العجيب إلى السيد سليمان الخطيب ، وأن من لا يعرفه هو جاهل بجرائم النظام (غريب كيف يدين النظام كله إلا الشهابي أم أن ثمة آخرين من اللون نفسه ، لا أدري) فهذا السليمان الخطيب لا يمكن وضعه في قائمة الضباط الذين لهم علاقة بالقرار السياسي ، وبالحري هاشم معلا!! ، إنه رئيس للمحكمة العسكرية الميدانية ، وهي ككل المحاكم الاستثنائية ، تتلقى املاءات من القيادات ودوره تنفيذي بحت فالخطيب ليس أكثر منفذ عادي أمام مشرع بيده بعض الحل والربط ، لأن الحل والربط ككل في يد واحدة وحيدة.
لم يبق إلا أن ننصب للسيد حكمت الشهابي تمثالاً، وهو على قيد الحياة ، ونعتذر له عن جهلنا ، وندخله كتب التاريخ المدرسية ، لكن المشكل الكبير في عدد التماثيل ، فقد طلع علينا من يقول (جماعة رفعت وجماعة علي حيدر وطلاس ودوبا وغيرهم وغيرهم، واليوم هذه نغمة جديدة الجملة عتيقة المقام).
كفى إسفافاً بحق هذا الشعب ، كفى محاولات بائسة لقسمه وتفريقه بين هذا وذاك ممن قهروه وأذلوه، إنه شعب واحد حكمه ويحكمه نظام واحد، وقد عانى فقراء هذا الشعب بلا استثناء على أرباب المال والسلطة بلا استثناء، وتبرئة أي طرف من القاهرين ، حلقة جديدة ولا يهم إذا كانت بريئة أو مبرمجة، فهي في نهاية المطاف ، حلقة سيئة في مسلسل سيء عنوانه: آه.....يا سوريا.
منقول