محمد سنجر
19/11/2006, 10:33
(بنت حرام)
سكن الليل
ارتخت الجفون و هدأت القلوب
استسلمت العيون للنوم
الأم ترخي الغطاء الصوفي فوق ابنتها
تضع بين أحضانها دميتها القطنية
تحمل ما تبقى من الطعام المتناثر هنا و هناك
تجمع علب المياه الغازية الفارغة
الأب يطبع فوق جبين الأبناء قبلاته المسائية
يغطي قلبهم بالدفء الأبوي
يغلق التلفاز على أفلام الكارتون
تتخافت الإضاءة بين زوايا المنزل الوردي
في الخارج
صفير الرياح الباردة يشق سكون الليل
يعبث بكل ما يعترض طريقه
يتردد بين الأزقة
حاويات القمامة الفارغة
تتدحرج
تصطك بالأرصفة
بين إحدى هذه الحاويات
اختبأت فتاة مسكينة
أمواج البرد القارص تلاحقها
تحاول الهرب
تلحقها
تصرعها
تغرقها بين دوامات برودتها الرهيبة
يسرى البرد بجسدها الواهن يتوغل
تتجمد أطرافها الرقيقة
تحاول كبح جماح السعال الذي ينهش رئتيها
تفشل
كلما حاولت ، أجابها بالمزيد و المزيد
تكاد لا تشعر بأصابع قدمها التي تقيحت منذ فترة
تخاف حتى النظر إليها من هول المشهد
لا تدري ، أمازالت هناك ملتصقة بقدمها ؟
حتى قدمها ذاتها تكاد تشك أنها مازالت ملتصقة بجسدها
ليست لديها الشجاعة الكافية كي تتحسس قدمها بيدها
فأصابع يدها شلها البرد القارص
برغم هذه الحاوية التي لجأت إليها
إلا أن البرودة تسري تتوغل و تتوغل بجسدها
البرودة حالت دون شعورها بالروائح الكريهة التي تلفها
فالمسكينة لا تحس بأنفها منذ ولجت إلى هذه الحاوية
موجات البرد تتلاحق
كلما هم الدفء يداعب جسدها الواهن
افترستها موجة أخرى أشد صقيعا
ترتجف و ترتجف
فترتجف ثم ترتجف
لا شيء هناك سوى الرجفة
تلاحقها
تغرقها ،
تكفنها
تحاول المسكينة السيطرة على جسدها ليهدأ قليلا فقد أعيتها الرجفة
فتزداد الرجفة أكثر و أكثر
يصم سمعها اصطكاك أسنانها الصغيرة التي تكاد أن تتكسر
تحاول جاهدة فرك وجهها الذي اصفر من شدة البرد
فلا تحس بملمس كفها و لا أثر لملمس وجهها
جسدها هلامي الأبعاد
تحاول إغلاق كل منافذ ملابسها البالية و التي يمكن أن يتسلل الصقيع من خلالها
دست قميصها داخل سروالها لعل الدفء يعرف لجسدها سبيلا
و لكن هيهات ، لا محالة
استسلمت بعد محاولاتها الفاشلة
و ليكن ما يكون
غزالة استسلمت منتعشة لأنياب الليث تنال من عظامها الرخوة
تحرش بسمعها قرقرة معدتها الخاوية
شغلها الألم الذي سيطر على معدتها الخاوية عن البرودة التي افترست أطرافها
فمازال هناك جزءا من جسدها يتحرك لم يتجمد بعد
تعتصر معدتها
تستصرخها لتنقذها مما تلاقيه من ألم
تكاد تلتهم نفسها من فرط غيظها
يومان قد مرا
لم تذق فيهما طعاما
ربما ثلاث
لا تدري كم من الوقت مر و هي بداخل هذه الحاوية
تنتظر قمامة الميسورين
لعلهم ينسون للحظات و يلقون بحاويتها ما فاض عن أنانيتهم
كلما مغصت معدتها أخرستها بالنوم
من تنتظرين ؟
أنت لا قيمة لك في هذه الدنيا
فتحت عينيك على الدنيا ملفوفة بخرقة بالية بجوار حائط بيت مهجور
لم يرحمها البشر
المرة الوحيدة التي سمح لها أحدهم بالاقتراب
عادت تنزف ألما ما بين قدميها
غابت عن الوعي لأيام
كادت أن تموت
بكت كثيرا
وبكت
و منذ ذلك اليوم المشئوم
تتحاشى الاقتراب من البشر
كلما لمحها الصبيان
طاردوها
يستصرخونها
( يا بنت ال.......)
تتساقط عليها أمطار حجارتهم
لم تجد منهم إلا القهر
ما العمل الآن في هذا الألم الذي سيطر على معدتها
الوقت قارب منتصف الليل
البرد يمكن أن تتناساه للحظات
يراودها بين الحين و الحين
شدت الرباط فوق بطنها أكثر من مرة
ما الحل الآن؟
تتحسس القمامة حولها
لعل هناك ما تسد به هذا الجوع اللعين
تقلب و تقلب و لا فائدة
يبدو أن الميسورين نسوا أن هناك من ينتظر قمامتهم بفارغ الصبر
و من يتذكرك أيها الحقيرة
نظرت إلى السماء
تترقرق صورة النجوم في عينيها
تناجي
: .................................................. ...................
سكن الليل
ارتخت الجفون و هدأت القلوب
استسلمت العيون للنوم
الأم ترخي الغطاء الصوفي فوق ابنتها
تضع بين أحضانها دميتها القطنية
تحمل ما تبقى من الطعام المتناثر هنا و هناك
تجمع علب المياه الغازية الفارغة
الأب يطبع فوق جبين الأبناء قبلاته المسائية
يغطي قلبهم بالدفء الأبوي
يغلق التلفاز على أفلام الكارتون
تتخافت الإضاءة بين زوايا المنزل الوردي
في الخارج
صفير الرياح الباردة يشق سكون الليل
يعبث بكل ما يعترض طريقه
يتردد بين الأزقة
حاويات القمامة الفارغة
تتدحرج
تصطك بالأرصفة
بين إحدى هذه الحاويات
اختبأت فتاة مسكينة
أمواج البرد القارص تلاحقها
تحاول الهرب
تلحقها
تصرعها
تغرقها بين دوامات برودتها الرهيبة
يسرى البرد بجسدها الواهن يتوغل
تتجمد أطرافها الرقيقة
تحاول كبح جماح السعال الذي ينهش رئتيها
تفشل
كلما حاولت ، أجابها بالمزيد و المزيد
تكاد لا تشعر بأصابع قدمها التي تقيحت منذ فترة
تخاف حتى النظر إليها من هول المشهد
لا تدري ، أمازالت هناك ملتصقة بقدمها ؟
حتى قدمها ذاتها تكاد تشك أنها مازالت ملتصقة بجسدها
ليست لديها الشجاعة الكافية كي تتحسس قدمها بيدها
فأصابع يدها شلها البرد القارص
برغم هذه الحاوية التي لجأت إليها
إلا أن البرودة تسري تتوغل و تتوغل بجسدها
البرودة حالت دون شعورها بالروائح الكريهة التي تلفها
فالمسكينة لا تحس بأنفها منذ ولجت إلى هذه الحاوية
موجات البرد تتلاحق
كلما هم الدفء يداعب جسدها الواهن
افترستها موجة أخرى أشد صقيعا
ترتجف و ترتجف
فترتجف ثم ترتجف
لا شيء هناك سوى الرجفة
تلاحقها
تغرقها ،
تكفنها
تحاول المسكينة السيطرة على جسدها ليهدأ قليلا فقد أعيتها الرجفة
فتزداد الرجفة أكثر و أكثر
يصم سمعها اصطكاك أسنانها الصغيرة التي تكاد أن تتكسر
تحاول جاهدة فرك وجهها الذي اصفر من شدة البرد
فلا تحس بملمس كفها و لا أثر لملمس وجهها
جسدها هلامي الأبعاد
تحاول إغلاق كل منافذ ملابسها البالية و التي يمكن أن يتسلل الصقيع من خلالها
دست قميصها داخل سروالها لعل الدفء يعرف لجسدها سبيلا
و لكن هيهات ، لا محالة
استسلمت بعد محاولاتها الفاشلة
و ليكن ما يكون
غزالة استسلمت منتعشة لأنياب الليث تنال من عظامها الرخوة
تحرش بسمعها قرقرة معدتها الخاوية
شغلها الألم الذي سيطر على معدتها الخاوية عن البرودة التي افترست أطرافها
فمازال هناك جزءا من جسدها يتحرك لم يتجمد بعد
تعتصر معدتها
تستصرخها لتنقذها مما تلاقيه من ألم
تكاد تلتهم نفسها من فرط غيظها
يومان قد مرا
لم تذق فيهما طعاما
ربما ثلاث
لا تدري كم من الوقت مر و هي بداخل هذه الحاوية
تنتظر قمامة الميسورين
لعلهم ينسون للحظات و يلقون بحاويتها ما فاض عن أنانيتهم
كلما مغصت معدتها أخرستها بالنوم
من تنتظرين ؟
أنت لا قيمة لك في هذه الدنيا
فتحت عينيك على الدنيا ملفوفة بخرقة بالية بجوار حائط بيت مهجور
لم يرحمها البشر
المرة الوحيدة التي سمح لها أحدهم بالاقتراب
عادت تنزف ألما ما بين قدميها
غابت عن الوعي لأيام
كادت أن تموت
بكت كثيرا
وبكت
و منذ ذلك اليوم المشئوم
تتحاشى الاقتراب من البشر
كلما لمحها الصبيان
طاردوها
يستصرخونها
( يا بنت ال.......)
تتساقط عليها أمطار حجارتهم
لم تجد منهم إلا القهر
ما العمل الآن في هذا الألم الذي سيطر على معدتها
الوقت قارب منتصف الليل
البرد يمكن أن تتناساه للحظات
يراودها بين الحين و الحين
شدت الرباط فوق بطنها أكثر من مرة
ما الحل الآن؟
تتحسس القمامة حولها
لعل هناك ما تسد به هذا الجوع اللعين
تقلب و تقلب و لا فائدة
يبدو أن الميسورين نسوا أن هناك من ينتظر قمامتهم بفارغ الصبر
و من يتذكرك أيها الحقيرة
نظرت إلى السماء
تترقرق صورة النجوم في عينيها
تناجي
: .................................................. ...................