mazen2190
15/11/2006, 14:07
حول "الصراع السني-الشيعي"
تتعالى لهجة صراعية رافضة للآخر في العلاقة المعقدة أصلا تاريخيا بين فرقتي السنة و الشيعة و يبدو أن هذا التصاعد في حدة الخطاب البيني تعود للتغيرات العميقة في المشهد السياسي في المنطقة..طبعا كان هناك أولا إيران الثورة الإسلامية التي كان ضمن برنامجها الثوري ( كأية ثورة ) عملية تصدير الثورة و كان انتصارها في 1979 قد هز بالتأكيد أنظمة المنطقة ( و أمريكا التي تعتبر المنطقة ذات أهمية إستراتيجية استثنائية ) فقامت بدفع نظام صدام ثم دعمته بشكل غير محدود ليكون بحربه الدموية ضد إيران حاجزا واقيا ضد انتشار أفكار الثورة..مع انتصار تيار الخميني في السيطرة على البلاد و استبعاد و اضطهاد الليبراليين و اليساريين أصبحت إيران تحت سيطرة المؤسسة الدينية الشيعية بشقها الموالي للخميني..و مع سقوط نظام صدام و تزايد الضغط الأمريكي على أنظمة المنطقة لتفسح المزيد من الحريات للأقليات الدينية و القومية أخذ الشيعة يدركون قوتهم المتزايدة و انتقلت بعض نخبهم السياسية و الدينية لممارسة القهر تجاه الآخر..كانت الأنظمة الحاكمة في المنطقة تقليديا تمثل النخب السنية و كانت علاقتها بالشيعة ( حتى تلك التي ادعت العلمانية ) علاقة متوترة و علاقة قهر هذا مع الأخذ بعين الاعتبار حالة تاريخية متأصلة في الوعي الشيعي أنهم يمثلون طرفا مظلوما في علاقته بالسلطة التي مثلت في أغلب الحالات أهل السنة..تقوم العلاقة المتبادلة بين السنة و الشيعة كسائر الفرق الإسلامية على عدة مفاهيم قد يتغير مضمونها مع الزمن كحديث الفرقة الناجية , التكفير, الإرجاء , حرية و حق و حدود تأويل النص المقدس..الانقسام الأساسي بين الفرقتين ( و ربما الأبرز بين الفرق الإسلامية ) كان الاختلاف في تحديد الإمام ففرقة أهل السنة تحرجوا عن الحديث في أحداث "الفتنة" و ثبتوا كل الصحابة الداخلين فيها كمسلمين صحيحي الإيمان مجتهدين و رؤوا أن الإمام يصح بإجماع الأمة و جوزوا إمامة المتغلب و تشددوا في رفض الخروج على السلطان ما لم يظهر كفرا صريحا..الإمامة عند الشيعة تمت بالنص من الرسول على علي و لم تكن لتترك لعامة المسلمين و الأئمة قائمون بالعدل بالطبع من واقع معصوميتهم..في الفكر و الممارسة الفقهية استندت كلتا الفرقتين إلى مرجعية تعود إلى الماضي خارج التاريخ هي مرجعية السنة و ممارسة أصحاب رسول الله عند السنة أو مرجعية الأئمة المعصومين عند الشيعة و كلتا المرجعيتين معصومتين ( ممارسة و آراء السلف الصالح أو الأئمة ) و هي خارج إمكانيات النقد و المحاسبة الشعبية أو من قبل المؤسسة الدينية..من المفيد هنا التطرق إلى فرقة الخوارج الذين رفضوا قصر الإمامة أو المعصومية على فئة أو جزء من المسلمين ( لا حكم إلا لله ) و قبلوا بإمامة أي مسلم قائم بالعدل و شرعوا الخروج على الحاكم الجائر..مارست كل هذه الفرق التكفير ضد المخالفين و وصل التكفير في فترة من الفترات أن شاع بين أنصار المذاهب الأربعة..بالنسبة للخوارج مستحقي التكفير هم الحكام الجائرون و من يواليهم بل و شمل أيضا القاعدين عن نصرة الحق و توسعوا فيه ليهدروا دم نساء وأطفال مخالفيهم أما بالنسبة للسنة فهو كفر بمفاهيم الإيمان حسب طريقة أهل السنة و الجماعة و امتنع أهل السنة مثلا عن تكفير مرتكب الكبيرة كما قال به الخوارج و بالنسبة للشيعة هي كفر أو فسق من لا يقر بإمامة علي و أهل بيته..
هذا التراث الضخم من التكفير المتبادل قد يشكل مخزنا عاطفيا لهذه المواجهات الطائفية..من جهة أخرى فالصراعات الداخلية كانت على الدوام في خدمة الخارج و كان البريطانيون هم من أبدع سياسية "فرق تسد"..أيضا فهذه الصراعات تفعل فعلها في اتجاه تطور الأحداث في بلادنا التي تبحث عن حلولا لأزمات القمع السياسي و الفكري و التخلف الاقتصادي و تبعية القرار السياسي..إن حضور الخارج و الأنظمة في إذكاء هذا الصراع و توجيهه الوجهة التي تستوعب احتجاج الجماهير أو في استخدامه لصالح مشاريعها ( استمرار النظام و توسيع قاعدته الاجتماعية و تكريس تبعية المنطقة لأمريكا و تمرير مشروعها في العراق أو نقل أزمته إلى المجتمع بأسره ) و من جهة أخرى فالبحث عن جدل سياسي و فكري ديمقراطي وطني يصطدم بأطروحات التكفير و المواجهة التي تسود هذا الصراع السني-الشيعي..إن السعي لإلغاء الآخر و فرض أية تصورات عليه و تغييب الجدل السياسي الفكري الحر لا يخدم شعوبنا و لا مصلحة استبدال القهر و القمع بالحرية و إنجاز التغيير الوطني الديمقراطي..إنها فرصة للمستبدين و للخارج المأزوم و للقوى المعادية للحرية فقط لإخفاء طبيعة الصراع و تزييف حقيقته و تفتيت و شرذمة نضال الجماهير من أجل التغيير
مازن كم الماز
window.print();
تتعالى لهجة صراعية رافضة للآخر في العلاقة المعقدة أصلا تاريخيا بين فرقتي السنة و الشيعة و يبدو أن هذا التصاعد في حدة الخطاب البيني تعود للتغيرات العميقة في المشهد السياسي في المنطقة..طبعا كان هناك أولا إيران الثورة الإسلامية التي كان ضمن برنامجها الثوري ( كأية ثورة ) عملية تصدير الثورة و كان انتصارها في 1979 قد هز بالتأكيد أنظمة المنطقة ( و أمريكا التي تعتبر المنطقة ذات أهمية إستراتيجية استثنائية ) فقامت بدفع نظام صدام ثم دعمته بشكل غير محدود ليكون بحربه الدموية ضد إيران حاجزا واقيا ضد انتشار أفكار الثورة..مع انتصار تيار الخميني في السيطرة على البلاد و استبعاد و اضطهاد الليبراليين و اليساريين أصبحت إيران تحت سيطرة المؤسسة الدينية الشيعية بشقها الموالي للخميني..و مع سقوط نظام صدام و تزايد الضغط الأمريكي على أنظمة المنطقة لتفسح المزيد من الحريات للأقليات الدينية و القومية أخذ الشيعة يدركون قوتهم المتزايدة و انتقلت بعض نخبهم السياسية و الدينية لممارسة القهر تجاه الآخر..كانت الأنظمة الحاكمة في المنطقة تقليديا تمثل النخب السنية و كانت علاقتها بالشيعة ( حتى تلك التي ادعت العلمانية ) علاقة متوترة و علاقة قهر هذا مع الأخذ بعين الاعتبار حالة تاريخية متأصلة في الوعي الشيعي أنهم يمثلون طرفا مظلوما في علاقته بالسلطة التي مثلت في أغلب الحالات أهل السنة..تقوم العلاقة المتبادلة بين السنة و الشيعة كسائر الفرق الإسلامية على عدة مفاهيم قد يتغير مضمونها مع الزمن كحديث الفرقة الناجية , التكفير, الإرجاء , حرية و حق و حدود تأويل النص المقدس..الانقسام الأساسي بين الفرقتين ( و ربما الأبرز بين الفرق الإسلامية ) كان الاختلاف في تحديد الإمام ففرقة أهل السنة تحرجوا عن الحديث في أحداث "الفتنة" و ثبتوا كل الصحابة الداخلين فيها كمسلمين صحيحي الإيمان مجتهدين و رؤوا أن الإمام يصح بإجماع الأمة و جوزوا إمامة المتغلب و تشددوا في رفض الخروج على السلطان ما لم يظهر كفرا صريحا..الإمامة عند الشيعة تمت بالنص من الرسول على علي و لم تكن لتترك لعامة المسلمين و الأئمة قائمون بالعدل بالطبع من واقع معصوميتهم..في الفكر و الممارسة الفقهية استندت كلتا الفرقتين إلى مرجعية تعود إلى الماضي خارج التاريخ هي مرجعية السنة و ممارسة أصحاب رسول الله عند السنة أو مرجعية الأئمة المعصومين عند الشيعة و كلتا المرجعيتين معصومتين ( ممارسة و آراء السلف الصالح أو الأئمة ) و هي خارج إمكانيات النقد و المحاسبة الشعبية أو من قبل المؤسسة الدينية..من المفيد هنا التطرق إلى فرقة الخوارج الذين رفضوا قصر الإمامة أو المعصومية على فئة أو جزء من المسلمين ( لا حكم إلا لله ) و قبلوا بإمامة أي مسلم قائم بالعدل و شرعوا الخروج على الحاكم الجائر..مارست كل هذه الفرق التكفير ضد المخالفين و وصل التكفير في فترة من الفترات أن شاع بين أنصار المذاهب الأربعة..بالنسبة للخوارج مستحقي التكفير هم الحكام الجائرون و من يواليهم بل و شمل أيضا القاعدين عن نصرة الحق و توسعوا فيه ليهدروا دم نساء وأطفال مخالفيهم أما بالنسبة للسنة فهو كفر بمفاهيم الإيمان حسب طريقة أهل السنة و الجماعة و امتنع أهل السنة مثلا عن تكفير مرتكب الكبيرة كما قال به الخوارج و بالنسبة للشيعة هي كفر أو فسق من لا يقر بإمامة علي و أهل بيته..
هذا التراث الضخم من التكفير المتبادل قد يشكل مخزنا عاطفيا لهذه المواجهات الطائفية..من جهة أخرى فالصراعات الداخلية كانت على الدوام في خدمة الخارج و كان البريطانيون هم من أبدع سياسية "فرق تسد"..أيضا فهذه الصراعات تفعل فعلها في اتجاه تطور الأحداث في بلادنا التي تبحث عن حلولا لأزمات القمع السياسي و الفكري و التخلف الاقتصادي و تبعية القرار السياسي..إن حضور الخارج و الأنظمة في إذكاء هذا الصراع و توجيهه الوجهة التي تستوعب احتجاج الجماهير أو في استخدامه لصالح مشاريعها ( استمرار النظام و توسيع قاعدته الاجتماعية و تكريس تبعية المنطقة لأمريكا و تمرير مشروعها في العراق أو نقل أزمته إلى المجتمع بأسره ) و من جهة أخرى فالبحث عن جدل سياسي و فكري ديمقراطي وطني يصطدم بأطروحات التكفير و المواجهة التي تسود هذا الصراع السني-الشيعي..إن السعي لإلغاء الآخر و فرض أية تصورات عليه و تغييب الجدل السياسي الفكري الحر لا يخدم شعوبنا و لا مصلحة استبدال القهر و القمع بالحرية و إنجاز التغيير الوطني الديمقراطي..إنها فرصة للمستبدين و للخارج المأزوم و للقوى المعادية للحرية فقط لإخفاء طبيعة الصراع و تزييف حقيقته و تفتيت و شرذمة نضال الجماهير من أجل التغيير
مازن كم الماز
window.print();