Tarek007
15/05/2005, 17:41
حماري والطريق إلى الحريّة!
في يوم ربيعي، ذابت ثلوج مروجه، وتسابقت فيه أصوات الينابيع بين الوديان؛ خرجت على ظهر حماري وأنا أقرأ كتابا من أعمال فولتير. اشتريت هذا الحمار منذ عام، ومنذ ذلك الوقت يصرّ أن أقرأ له من " الإعلان العالمي لحقوق الحيوان " وأتلو عليه حقوقه وفق ذاك الإعلان. وفي هذا اليوم الربيعي، فاجأني حماري بحديثه السياسي عن الأوضاع في العالم العربي , و"تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط"!.
وبعد أن شرب القليل من الماء وأخذ نفسا عميقا، قال :" مشكلتكم كبيرة أنتم العرب لا يوجد في حياتكم سوى العصا ". توقف قليلا وتابع " في المدارس تخيف العصا التلاميذ وفي الحقول والمراعي تخيف العصا الحمير وبقية الزملاء من الحيوانات الطيّعة الأخرى، وشرطي المرور يحمل العصا، والحاكم بيده عصا؛ أنتم لا تعرفون سوى العصا في حياتكم ".
عندما سمعت هذا الكلام من حمار متألم من كثرة ما تعرض للضرب بالعصي، سألته عن تجربته. أجابني والحزب في عينيه الواسعتين: "قضيت ريعان شبابي تحت العصا وكان ظهري يتورّم كل يوم من كثرة العصي التي كانت تنهال علي وقد تحمّلت ذلك كثيرا إلى أن فقدت أعصابي ذات يوم وخططت أن ( أرفس ) صاحبي رفسة قوية انتقاما من حقده وتعذيبه لي وفعلا قمت بذلك فقضى نحبه وبعد ذلك باعني ولده في سوق الحمير عندما اشتريتني أنت".
أخافني كلامه، فسألته إن كان يخطط لرفسي أيضا. قال الحمار المتألم :" عاملني معاملة حسنة ولن أرفس أحدا. أعطني حقوقي التي نصّ عليها الإعلان العالمي من طعام وشراب ومعالجة بيطرية ومنع الضرب، وسترى أنني أرتاح ولا أتعبك أبدا".
ماذا يعني الحمار المتألم من كلامه هذا ؟. حتى الحمار، الذي يصلح دوما لنعته بالغباء، انتزع حقوقه عبر سياسة " الرفس " وطالب بالماء والطعام و العناية البيطرية. حتى الحمار تألم من الضرب بالعصا طوال اليوم وانتقم من صاحبه ورفسه رفسة قاتلة !
سمعني الحمار وأن أتساءل كل هذه الأسئلة فيما لا يزال كتاب فولتير بين يدي. نظر إليّ وقال :" منذ قديم الزمان توجد مفاهيم مغلوطة كأن يقال أن الحمير غبيّة ولا تفهم. لكن الحقيقة عكس ذلك. الحمير تسمع كل ما يدور حولها بأذنين طويلتين، والحمير ترى ما يجري حولها وتنظر بعيون واسعة وكثيرا ما أنقذت رجال ثورات عندما انقطعت بهم الدنيا ولم يجدوا سوى ظهورنا وبنادق الصيد لرد المستعمرين، ونحن ساهمنا بهذا العمل شاء الآدميون أم رفضوا ذلك ".
وتابع بعينين محزونتين :" أنا بكيت على فراق صديقي ورفيق دربي ذات يوم وجلست أياما بلا طعام. كنا نحرث الأراضي معا وننام معا في اصطبل واحد ونأكل معا ونركض معا. وأما أنتم فكم من رفيق عندكم خان رفيقه وخدعه، وكم من صديق طعن صديقه، وكم من.. " !
وبعد ذلك انتقل للحديث في "العلاقات الدولية"! قال حماري غاضبا: "حتى الدول الغربية تحتقر عالمكم وتقول إنها تتبع سياسية العصا والجزرة معه وهي السياسة التي اتبعها جحا من حماره، ومع ذلك فشلتم في عالمكم العربي التعيس في التعامل مع الغرب من منطق الند للند، ولكنكم وجدتم هذه السياسة – سياسة العصا والجزرة- مناسبة مع شعوبكم الطيّعة التي تهددونها بالعصا كلما تنفّست قليلا ".
وذات يوم، ورغم تقدمه في السن، عشق هذا الحمار العجوز " بغلة " شابّة وهرب معها إلى الوديان حيث عاش مع "بغلته" حرا ومتحررا من كل القيود. وترك هذا الحمار وصية وقد طلب من الحمير نشرها في الوديان والمراعي والحقول، وكانت تحت عنوان "الرفسة الأولى والطريق إلى الحرية"!
في يوم ربيعي، ذابت ثلوج مروجه، وتسابقت فيه أصوات الينابيع بين الوديان؛ خرجت على ظهر حماري وأنا أقرأ كتابا من أعمال فولتير. اشتريت هذا الحمار منذ عام، ومنذ ذلك الوقت يصرّ أن أقرأ له من " الإعلان العالمي لحقوق الحيوان " وأتلو عليه حقوقه وفق ذاك الإعلان. وفي هذا اليوم الربيعي، فاجأني حماري بحديثه السياسي عن الأوضاع في العالم العربي , و"تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط"!.
وبعد أن شرب القليل من الماء وأخذ نفسا عميقا، قال :" مشكلتكم كبيرة أنتم العرب لا يوجد في حياتكم سوى العصا ". توقف قليلا وتابع " في المدارس تخيف العصا التلاميذ وفي الحقول والمراعي تخيف العصا الحمير وبقية الزملاء من الحيوانات الطيّعة الأخرى، وشرطي المرور يحمل العصا، والحاكم بيده عصا؛ أنتم لا تعرفون سوى العصا في حياتكم ".
عندما سمعت هذا الكلام من حمار متألم من كثرة ما تعرض للضرب بالعصي، سألته عن تجربته. أجابني والحزب في عينيه الواسعتين: "قضيت ريعان شبابي تحت العصا وكان ظهري يتورّم كل يوم من كثرة العصي التي كانت تنهال علي وقد تحمّلت ذلك كثيرا إلى أن فقدت أعصابي ذات يوم وخططت أن ( أرفس ) صاحبي رفسة قوية انتقاما من حقده وتعذيبه لي وفعلا قمت بذلك فقضى نحبه وبعد ذلك باعني ولده في سوق الحمير عندما اشتريتني أنت".
أخافني كلامه، فسألته إن كان يخطط لرفسي أيضا. قال الحمار المتألم :" عاملني معاملة حسنة ولن أرفس أحدا. أعطني حقوقي التي نصّ عليها الإعلان العالمي من طعام وشراب ومعالجة بيطرية ومنع الضرب، وسترى أنني أرتاح ولا أتعبك أبدا".
ماذا يعني الحمار المتألم من كلامه هذا ؟. حتى الحمار، الذي يصلح دوما لنعته بالغباء، انتزع حقوقه عبر سياسة " الرفس " وطالب بالماء والطعام و العناية البيطرية. حتى الحمار تألم من الضرب بالعصا طوال اليوم وانتقم من صاحبه ورفسه رفسة قاتلة !
سمعني الحمار وأن أتساءل كل هذه الأسئلة فيما لا يزال كتاب فولتير بين يدي. نظر إليّ وقال :" منذ قديم الزمان توجد مفاهيم مغلوطة كأن يقال أن الحمير غبيّة ولا تفهم. لكن الحقيقة عكس ذلك. الحمير تسمع كل ما يدور حولها بأذنين طويلتين، والحمير ترى ما يجري حولها وتنظر بعيون واسعة وكثيرا ما أنقذت رجال ثورات عندما انقطعت بهم الدنيا ولم يجدوا سوى ظهورنا وبنادق الصيد لرد المستعمرين، ونحن ساهمنا بهذا العمل شاء الآدميون أم رفضوا ذلك ".
وتابع بعينين محزونتين :" أنا بكيت على فراق صديقي ورفيق دربي ذات يوم وجلست أياما بلا طعام. كنا نحرث الأراضي معا وننام معا في اصطبل واحد ونأكل معا ونركض معا. وأما أنتم فكم من رفيق عندكم خان رفيقه وخدعه، وكم من صديق طعن صديقه، وكم من.. " !
وبعد ذلك انتقل للحديث في "العلاقات الدولية"! قال حماري غاضبا: "حتى الدول الغربية تحتقر عالمكم وتقول إنها تتبع سياسية العصا والجزرة معه وهي السياسة التي اتبعها جحا من حماره، ومع ذلك فشلتم في عالمكم العربي التعيس في التعامل مع الغرب من منطق الند للند، ولكنكم وجدتم هذه السياسة – سياسة العصا والجزرة- مناسبة مع شعوبكم الطيّعة التي تهددونها بالعصا كلما تنفّست قليلا ".
وذات يوم، ورغم تقدمه في السن، عشق هذا الحمار العجوز " بغلة " شابّة وهرب معها إلى الوديان حيث عاش مع "بغلته" حرا ومتحررا من كل القيود. وترك هذا الحمار وصية وقد طلب من الحمير نشرها في الوديان والمراعي والحقول، وكانت تحت عنوان "الرفسة الأولى والطريق إلى الحرية"!