dot
30/10/2006, 00:16
بقلم:رفعت سيد أحمد
يحدثنا التاريخ أنه منذ دخول المملكة السعودية ، وما يحيطها من إمارات خليجية ، ضمن منطقة نفوذ أمريكية خالصة ، منذ اللقاء الذى جمع بين الرئيس الأمريكى (روزفلت) و(ابن سعود) فى فبراير 1945 ، لم يحل دون أن يكون للحركة الصهيونية و(إسرائيل) منظورها المستقل بخصوص (شبه الجزيرة العربية) ، رغم تمتع الأخيرة بذات المزايا التى وفرتها مظلة الأمان الأمريكية ، ففى كتابة " أرض عظيمة وأمة عظيمة " يدعو أحد قادة حركة " من أجل أرض إسرائيل الكاملة " ، وهو المدعو (تسفى شيلواح) ، إلى " فتح بغداد والكويت لإفساح المجال أمام غالبية اليهود كى يستقروا فى وطنهم الذى يمتد بين البحر المتوسط وبلاد فارس".
وسواء عكست مثل هذه الدعوات أشكالاً من الابتزاز الصهيونى للحليف الأمريكى أو الإرهاب المبرمج للأطراف العربية ، بغية انتزاع مكاسب جيواستراتيجية ، فالمتتبع لمسار الدعوات الصهيونية ، فى هذا الصدد ، سيلحظ تحقق بعض منها ، فى الآونة الأخيرة ، وخصوصاً بعد الغزو العراقى لـ (الكويت) فى العام 1990 ، والغزو الأمريكى لـ (العراق) ، فى العام 2003 ، واللذين ترتب عليهما مقدمات تفسح المجال – فعلياً – أمام النفوذ اليهودى ، فى (الكويت) و(العراق) .
وكان وزير الدفاع الإسرائيلى (أرئيل شارون) قد أعد محاضرة لحساب مركز " جافى للدراسات الاستراتيجية " بجامعة (تل أبيب) ، عام 1981 ، أشار فيها إلى ضرورة توسيع المجال الاستراتيجى والأمنى لـ (إسرائيل) بحيث يشمل " تركيا وإيران وباكستان ومناطق مثل الخليج .. وأفريقيا " ، وهى الدعوة التى أثارت تعليقات واسعة فى (إسرائيل) ، وكان منها الحديث حول الآثار المترتبة على تحول النفط العربى إلى نفط يهودى ، وذلك فى ضوء احتلال (الكويت) ، حيث لن يعود النفط سلاحاً عربياً بل مجرد وقود لا أكثر ، وهو ما حمل كاتب إسرائيلى آخر ، فى تلك الفترة ، على تحرير مقال حمل عنواناً ذا مغزى ، هو "استراتيجية لإسرائيل فى الثمانينيات " وخلص فيه إلى أن إقليم " شبه جزيرة العرب بأسره مرشح طبيعى للانهيار " ، " وخصوصاً فى السعودية سواء بقيت قوتها قائمة على النفط أم انخفضت على المدى البعيد " .
والمثير ، أنه لم تمض سنوات قليلة على تصاعد تلك الأحاديث حتى أصدرت (إسرائيل) عام 1986 قطعة نقدية معدنية ، نحاسية اللون ، من فئة عشرة أغورات ، وتحمل على وجهها الثانى اسم (دولة إسرائيل) ، باللغات العبرية والعربية والانجليزية ، ضمن خريطة نافرة ، تغطى المساحة الممتدة من دلتا النيل ، مروراً بـ " سيناء وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق" ، ثم إلى منطقة الخليج العربى ، امتداداً إلى جنوب (شبه الجزيرة العربية) ، والتى تجاوزت مساحتها كثيراً المساحة التى حددتها الخرائط الصهيونية السابقة ، مما يعكس تقنيناً لتوجه صهيونى ، يبغى تحويل الأمنيات القديمة إلى أهداف فعلية على الأرض منها :
- توفير أو زيادة فرص تدخل (إسرائيل) فى شئون (شبه الجزيرة العربية) ، بما يخدم مصالحها – أى " إسرائيل " - الاقتصادية والسياسية والأمنية .
- مقاومة أى توجه إلى انخراط دول (شبه الجزيرة العربية) فى التعاون أو الائتلاف والتضامن مع دول المواجهة العربية .
- الإبقاء على الخلل القائم فى ميزان التسلح لصالح (إسرائيل) .
وبحسب أحد الباحثين الفلسطينيين فإن هذه الأهداف لم تكن محض خيارات نظرية ، لدى دوائر صناعة القرار الإسرائيلية ، وإنما برزت كأطر عامة تنظم جملة أنواع السلوك السياسى والعملى لـ (إسرائيل)، تجاه دول (شبه الجزيرة العربية) .
وفى هذا الإطار يعد مشروع " الشرق الأوسط الجديد " أبرز الأطر النظرية ، التى حددتها (إسرائيل) للعلاقة بينها وبين (العرب) فى المستقبل المنظور ، والتى تؤدى دول (الجزيرة العربية) فيها ، دوراً محورياً ، وذلك من خلال موضوعات التعاون المشتركة ، كالبنية التحتية للنقل والمواصلات ، والتى تشمل : طرق السكك الحديدية ، عبر المملكة العربية السعودية والخليج العربى ، والطرق السريعة التى تمر خطوطها عبر أماكن فى الخليج العربى ، والتى تطرح فيها مسألة التنمية والتطوير ، كوسيلة للترغيب والاستدراج إلى بناء هذا الأنموذج الجديد من " الشرق الأوسط " ، والذى سعت إدارة (بوش الابن) إلى إعادة تبنيه تحت مسمى آخر ، هو " الشرق الأوسط الموسع " بغية تسويقه إقليمياً ، بعد تعثر الأنموذج الإسرائيلى الأصل ، بفعل القمع الإسرائيلى للانتفاضة الفلسطينية الثانية ، منذ العام 2000 .
بيد أن مخزون الأفكار والبيانات لمتخذى القرار فى (إسرائيل) لم يعدم صياغة التصورات والمشروعات المتعلقة بالتعاون الاقتصادى بين (إسرائيل) ودول (الخليج) خاصة والشرق أوسطية عامة ، حيث يُقدر الاقتصاديون الإسرائيليون زيادة فى الصادرات الإسرائيلية بمقدار الثلث ، فى حالة استيراد (السعودية) ودول الخليج عشرة بالمئة فقط من احتياجاتها من الواردات ، التى قدرت بأربعين بليون دولار ، فى العام 1991 ، من الدولة الصهيونية لذا بدت دول (شبه الجزيرة العربية) ، فى الخرائط الإسرائيلية ، المرتبطة بالمشروعات المقترحة ، جزءاً من الكيان الاقتصادى الشرق أوسطى الموحد ، الذى يخترق الحدود بالطرق الدولية ، وخطوط السكك الحديدية ، وشبكات الكهرباء ، وأنابيب النفط والغاز ، وقنوات المياه ، ومسارات الطيران وأنظمة الاتصالات ، حيث وضع الجانب الإسرائيلى المملكة السعودية فى صدارة قائمة الدول التى يتطلع إلى التعاون الاقتصادى معها ، وذلك بحسب ما أكده عام 1994 رئيس شعبة الميزانيات فى وزارة المالية (دافيد برودت) وذلك لكون السوق الأهم للصناعات الإسرائيلية بين الأسواق المستقبلية فى المنطقة هى السوق السعودية ، وما يقترن بذلك من مشروعات لنقل نفط دول الخليج عبر (إسرائيل) ،
يحدثنا التاريخ أنه منذ دخول المملكة السعودية ، وما يحيطها من إمارات خليجية ، ضمن منطقة نفوذ أمريكية خالصة ، منذ اللقاء الذى جمع بين الرئيس الأمريكى (روزفلت) و(ابن سعود) فى فبراير 1945 ، لم يحل دون أن يكون للحركة الصهيونية و(إسرائيل) منظورها المستقل بخصوص (شبه الجزيرة العربية) ، رغم تمتع الأخيرة بذات المزايا التى وفرتها مظلة الأمان الأمريكية ، ففى كتابة " أرض عظيمة وأمة عظيمة " يدعو أحد قادة حركة " من أجل أرض إسرائيل الكاملة " ، وهو المدعو (تسفى شيلواح) ، إلى " فتح بغداد والكويت لإفساح المجال أمام غالبية اليهود كى يستقروا فى وطنهم الذى يمتد بين البحر المتوسط وبلاد فارس".
وسواء عكست مثل هذه الدعوات أشكالاً من الابتزاز الصهيونى للحليف الأمريكى أو الإرهاب المبرمج للأطراف العربية ، بغية انتزاع مكاسب جيواستراتيجية ، فالمتتبع لمسار الدعوات الصهيونية ، فى هذا الصدد ، سيلحظ تحقق بعض منها ، فى الآونة الأخيرة ، وخصوصاً بعد الغزو العراقى لـ (الكويت) فى العام 1990 ، والغزو الأمريكى لـ (العراق) ، فى العام 2003 ، واللذين ترتب عليهما مقدمات تفسح المجال – فعلياً – أمام النفوذ اليهودى ، فى (الكويت) و(العراق) .
وكان وزير الدفاع الإسرائيلى (أرئيل شارون) قد أعد محاضرة لحساب مركز " جافى للدراسات الاستراتيجية " بجامعة (تل أبيب) ، عام 1981 ، أشار فيها إلى ضرورة توسيع المجال الاستراتيجى والأمنى لـ (إسرائيل) بحيث يشمل " تركيا وإيران وباكستان ومناطق مثل الخليج .. وأفريقيا " ، وهى الدعوة التى أثارت تعليقات واسعة فى (إسرائيل) ، وكان منها الحديث حول الآثار المترتبة على تحول النفط العربى إلى نفط يهودى ، وذلك فى ضوء احتلال (الكويت) ، حيث لن يعود النفط سلاحاً عربياً بل مجرد وقود لا أكثر ، وهو ما حمل كاتب إسرائيلى آخر ، فى تلك الفترة ، على تحرير مقال حمل عنواناً ذا مغزى ، هو "استراتيجية لإسرائيل فى الثمانينيات " وخلص فيه إلى أن إقليم " شبه جزيرة العرب بأسره مرشح طبيعى للانهيار " ، " وخصوصاً فى السعودية سواء بقيت قوتها قائمة على النفط أم انخفضت على المدى البعيد " .
والمثير ، أنه لم تمض سنوات قليلة على تصاعد تلك الأحاديث حتى أصدرت (إسرائيل) عام 1986 قطعة نقدية معدنية ، نحاسية اللون ، من فئة عشرة أغورات ، وتحمل على وجهها الثانى اسم (دولة إسرائيل) ، باللغات العبرية والعربية والانجليزية ، ضمن خريطة نافرة ، تغطى المساحة الممتدة من دلتا النيل ، مروراً بـ " سيناء وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق" ، ثم إلى منطقة الخليج العربى ، امتداداً إلى جنوب (شبه الجزيرة العربية) ، والتى تجاوزت مساحتها كثيراً المساحة التى حددتها الخرائط الصهيونية السابقة ، مما يعكس تقنيناً لتوجه صهيونى ، يبغى تحويل الأمنيات القديمة إلى أهداف فعلية على الأرض منها :
- توفير أو زيادة فرص تدخل (إسرائيل) فى شئون (شبه الجزيرة العربية) ، بما يخدم مصالحها – أى " إسرائيل " - الاقتصادية والسياسية والأمنية .
- مقاومة أى توجه إلى انخراط دول (شبه الجزيرة العربية) فى التعاون أو الائتلاف والتضامن مع دول المواجهة العربية .
- الإبقاء على الخلل القائم فى ميزان التسلح لصالح (إسرائيل) .
وبحسب أحد الباحثين الفلسطينيين فإن هذه الأهداف لم تكن محض خيارات نظرية ، لدى دوائر صناعة القرار الإسرائيلية ، وإنما برزت كأطر عامة تنظم جملة أنواع السلوك السياسى والعملى لـ (إسرائيل)، تجاه دول (شبه الجزيرة العربية) .
وفى هذا الإطار يعد مشروع " الشرق الأوسط الجديد " أبرز الأطر النظرية ، التى حددتها (إسرائيل) للعلاقة بينها وبين (العرب) فى المستقبل المنظور ، والتى تؤدى دول (الجزيرة العربية) فيها ، دوراً محورياً ، وذلك من خلال موضوعات التعاون المشتركة ، كالبنية التحتية للنقل والمواصلات ، والتى تشمل : طرق السكك الحديدية ، عبر المملكة العربية السعودية والخليج العربى ، والطرق السريعة التى تمر خطوطها عبر أماكن فى الخليج العربى ، والتى تطرح فيها مسألة التنمية والتطوير ، كوسيلة للترغيب والاستدراج إلى بناء هذا الأنموذج الجديد من " الشرق الأوسط " ، والذى سعت إدارة (بوش الابن) إلى إعادة تبنيه تحت مسمى آخر ، هو " الشرق الأوسط الموسع " بغية تسويقه إقليمياً ، بعد تعثر الأنموذج الإسرائيلى الأصل ، بفعل القمع الإسرائيلى للانتفاضة الفلسطينية الثانية ، منذ العام 2000 .
بيد أن مخزون الأفكار والبيانات لمتخذى القرار فى (إسرائيل) لم يعدم صياغة التصورات والمشروعات المتعلقة بالتعاون الاقتصادى بين (إسرائيل) ودول (الخليج) خاصة والشرق أوسطية عامة ، حيث يُقدر الاقتصاديون الإسرائيليون زيادة فى الصادرات الإسرائيلية بمقدار الثلث ، فى حالة استيراد (السعودية) ودول الخليج عشرة بالمئة فقط من احتياجاتها من الواردات ، التى قدرت بأربعين بليون دولار ، فى العام 1991 ، من الدولة الصهيونية لذا بدت دول (شبه الجزيرة العربية) ، فى الخرائط الإسرائيلية ، المرتبطة بالمشروعات المقترحة ، جزءاً من الكيان الاقتصادى الشرق أوسطى الموحد ، الذى يخترق الحدود بالطرق الدولية ، وخطوط السكك الحديدية ، وشبكات الكهرباء ، وأنابيب النفط والغاز ، وقنوات المياه ، ومسارات الطيران وأنظمة الاتصالات ، حيث وضع الجانب الإسرائيلى المملكة السعودية فى صدارة قائمة الدول التى يتطلع إلى التعاون الاقتصادى معها ، وذلك بحسب ما أكده عام 1994 رئيس شعبة الميزانيات فى وزارة المالية (دافيد برودت) وذلك لكون السوق الأهم للصناعات الإسرائيلية بين الأسواق المستقبلية فى المنطقة هى السوق السعودية ، وما يقترن بذلك من مشروعات لنقل نفط دول الخليج عبر (إسرائيل) ،