-
دخول

عرض كامل الموضوع : التحليل النفسي لثقافة الإرهاب..!!


dot
21/10/2006, 17:03
بقلم: د. قاسم حسين صالح

هل الارهابي إنسان سليم نفسيا؟ . وإذا كان مريضا نفسيا، فأين تكمن العلّة؟.وهل الدافع الرئيس في ممارسته الإرهاب يكمن في تكوينه النفسي أم في تكوينه السياسي أم الديني؟.وهل الإرهاب ، بوصفه ظاهرة، من صنع الدين أم السياسة أم الواقع الاجتماعي أم ردّ فعل على فعل؟.وهل قطع الرؤوس في العراق بعد سقوط النظام " تكنيك " حديث أم أن لــــه سوابق؟.
إن تحليلنا للإرهاب يختلف عن تحليل السياسيين له ، الذين جعلوا دورنا – نحن السيكولوجيين – كمن يصفر وسط العاصفة، وهذا واحد من أسباب محنتهم.

أراء من دون
تفاصيل.. للتأمّل

لا يولد الإنسان إرهابيا بالفطرة، إنما تصنعه مؤسساته الاجتماعية. وإذا ظهر من بيننا إرهابي فهذا يعني أننا نحن الذين صنعناه، أو – بعبارة أخف – ساهمنا في صنعه .
* إن الارهاب ليس وليد القرن العشرين، بل هو سلوك قديم رافق البشرية عبر تاريخها الطويل بمسميات متنوعة: القراصنة، الصعاليك، .... العيّارون، الشطّار (لاسيما في بغداد أيام الفتنة بين الأمين والمأمون) . وأن الارهاب لم يظهر فقط في أرض العرب والإسلام ، إنما في أوروبا أيضا ، ومنها – في سبيل المثال – فرنسا بين عامي 1789 و 1799.
* إن القاسم المشترك لظهور الارهاب بمسمياته المختلفة عبر تاريخ البشرية، يتحدد بانقسام الناس الى فريقين: معدمين وفقراء وجياع وعاطلين ومهمشون يشكلون الأكثرية، وزعماء وحكّام وأغنياء ومترفون يشكلون الأقلية.. في نظام يفتقر إلى العدالة والإنصاف . يضاف لها عامل حديث معاصر هو: غطرسة واستعلاء دول كبرى في العالم ، وسعيها الى فرض قيمها وتسفيه قيم الآخر.
* إن الإسلاميين وجدوا أنفسهم محاصرين بثلاثة أنواع من الأطواق الخانقة : حصار خارجي يتمثل بدول الغرب الكبرى، وحصار داخلي يتمثل بالأنظمة السياسية، وحصار الحركات والتيارات اليسارية والعلمانية. وأن نزعة الإنسان الى البقاء تدفعه الى فك الحصار عن نفسه بأية وسيلة كانت.
يشكّل الإسلام مشروع حضارة وتحديا ثقافيا لحضارة الغرب وثقافته، مما دفعه (الغرب) الى التفتيش عما هو سلبي في الإسلام وتضخيمه بأساليب شكّلت استفزازا للإسلاميين الأصوليين، أو إساءة لمقدساتهم .
إن الإسلاميين الذين اعتمدوا العنف وسيلة لتحقيق أهدافهم، استعانوا أو التحق بهم أفراد محترفون للجريمة، وآخرون منحرفون نفسيا ، يجمعهم (الأصناف الثلاثة) فعل الجريمة وان اختلفت أهدافهم.
إن اعتماد أميركا لنظرية (السيفون) في العراق ، أي ترك حدود العراق مفتوحة ليتجمع فيه أعداؤها ، ثم الإجهاز عليهم ، كان أحد الأسباب الرئيسة في شيوع الارهاب في العراق، فضلا عن غطرستها وفضائحها وسوء تعاملها مع العراقيين واسترخاص حياتهم.
إن الإرهاب لا يمارسه فقط من يوصفوا بالإسلاميين الأصوليين أو التكفيريين أو أية جماعات بعناوين أخرى ، إنما الحكومات أيضا ضد شعوبها، وبأسلوب أشمل وأبشع . وأبرز مثال معاصر عمليات الأنفال في العراق . ولا توجد الآن ضمانات تجعلنا نطمئن بيقين ثابت أن الحكومات العراقية المقبلة سوف لن ترتكب أعمالا إرهابية . فضلا على إرهاب الدولة الأقوى ضد الدولة الأضعف ، ، كما حدث في الحرب السادسة ..حرب إسرائيل ضد لبنان.
إن الانتحاريين من الإرهابيين مخلصون تماما لمعتقداتهم . فلا يوجد اكثر إخلاصا للمعتقد من أن يضحي الفرد بحياته من أجله . ولا فرق – من حيث الفعل النفسي والادراكي – بين ( عمر المختار ) مثلا، وبين إرهابي يشد نفسه بحزام ناسف ليفجرها بين حشد من الناس ، فكلاهما ينتهي الى نهاية واحدة : تدمير الذات وإفناؤها . والفرق يكمن في نوعية المعتقد . فالسياسي الذي يخيّر بين الإعدام وبين التخلي عن معتقده.. ويختار الإعدام، إنما يضحي بنفسه من اجل هدف واقعي يراه يحمل الخير للناس، ولا يلحق مشهد إعدامه أذى بالآخرين أنما التعاطف معه ، فيما يؤدي تدمير الارهابي الانتحاري لذاته الى ارتكاب جريمة بقتل نفوس بريئة ، والحاق الأذى بآخرين، من اجل هدف خيالي نسجه معتقد يراه الآخرون وهميا أو باطلا . وعليه فان الخلل ليس في الإنسان بحدّ ذاته ، إنما في طبيعة معتقده .
والسؤال الذي يشكل تحديا لنا هو :
كيف تشكّل هذا المعتقد لدى أفراد في مجتمعاتنا الى الدرجة التي لا يفني الفرد فيها وجوده فقط، إنما يفني معه أرواحا بريئة من أبناء قومه يستهدفهم عن قصد ، ولا يعدّ فعله هذا جريمة ، بالرغم من أنه يعلم بأن من قتل نفسا بريئة كأنما قتل الناس أجمعين ؟!
تفاصيل ..ليست
بحجم الظاهرة
عندما نتحدث ، نحن السيكولوجيين ، عن الارهاب فإننا نبدو للسياسيين كمن يغرد خارج السرب . وبصريح العبارة فأنهم لا يعيرون لكلامنا اهتماما . والسبب هو أن السياسيين يختزلون الارهاب بمسألة واحدة هي ((الأهداف)) التي يسعى الارهاب الى تحقيقها . ويركزون في إبراز شرعية النظام السياسي القائم وإنسانيته وأخلاقياته ، وإظهار قبح الإرهاب ووحشيته وما سيحلّ بالناس من بلاء اذا ما أزاحهم عن السلطة وأخذها منهم . فيما نركّز – نحن النفسانيين – في ((الأسباب)) التي أدت الى ظهوره والعوامل التي جعلت منه أن يكون بحجم ظاهرة دولية ذات أبعاد وعناوين متعددة : سياسية ودينية واجتماعية ونفسية وأخلاقية واقتصادية. وفي رأينا، إن الذي يقف على أسباب أية ظاهرة يمكنه اقتراح سبل أو أساليب لعلاجها...وهذا ما تهدف أليه هذه الورقة.
إننا، نحن المعنيين بالعلوم النفسية والسلوكية، ننظر إلى انه توجد في داخل أي إنسان " منظومة قيم" هي التي تحرك سلوك الفرد وتوجهه نحو أهداف محددة، تماما مثلما يفعل " الداينمو " بالسيارة . فكما انك ترى السيارة تتحرك (وحركتها سلوك) ولا ترى الذي حركها " الداينمو" كذلك فأنت لا ترى " المنظومة القيمية" التي تحرك سلوك الفرد . ولذلك فان اختلاف الناس: ( رجل الدين عن رجل السياسة عن رجل الاقتصاد عن المنحرف عن الإرهابي......... ) إنما يعود إلى أن شبكة المنظومة القيمية والثقافية الناجمة عنها ، تكون مختلفة لديهم نوعيا وكميا وتراتبيا وتفاعليا .
ونرى أيضا أن الإنسان لا يولد مزودا" بالفطرة بهذه المنظومة القيمية إنما يكتسبها من خلال ثلاثة مصادر أساسية هي :
1. الأسرة .
2. النظام التربوي (المدرسة) .
3ـ السلطة (نظام الحكم) .
والمتفحص للمنظومات القيمية (محرّكات السلوك ومحددات أهدافه) لدى الإرهابيين العرب ، يخرج بنتيجة أنها نتاج هذه المصادر المحلية الثلاثة ، مضاف لها "الجامع" بوصفه مصدرا للتثقيف الديني ، ومصدر آخر خارجي استفزازي عدواني تحريضي قادح لزناد الإرهاب هو "أميركا"، ومواقفها من العرب، لاسيما موقفها الأخير من عدوان إسرائيل على لبنان . فضلا عن محاولة الإعلام الغربي تصوير الإسلام بأنه كان قد أشاع ثقافة انتشاره بالسيف وليس بالحوار، وأن المنادين به الآن ملتزمون بهذا النهج ، وغيرها من التهم .غير أن ما يعنينا هنا هو ما صنعته أيدينا .
إن الدراسات النفسية الاجتماعية تشير الى أن "الأسرة العربية" لا سيما في الأوساط الفقيرة والمتوسطة والمتدنية ثقافيا ، وهي الأوسع في أمة الإسلام والعرب ، تنشئ أطفالها على العقاب الجسدي والترهيب والتهديد والقهر النفسي والازدراء والتحقير والتخجيل والسخرية والتهكم وخلق الإحساس بالدونية الذي يفضي إلى عقدة الشعور بالنقص ووأد حرية الرأي . فضلا عن أن البعد السلطوي في الثقافة العربية يبدأ مع الأطفال وهم في المهد . فالأم تمارس أسلوب تخويف الأطفال بالأب والحيوانات و الجن كي يناموا ويطيعوا . فالعصا والحيوان والشيطان أدوات تستخدم لقمع الأطفال ، ومثيرات للرعب تفضي الى اغتيال أو خنق روح الحرية في نفوس الناشئة وتغلق نوافذ تفكيرهم في السؤال والحوار.
ونميل نحن السيكولوجيين إلى الاعتقاد بأن المنحرفين والمجرمين و المتمردين على النظام والقانون يأتون من بين هؤلاء الأطفال الذين عاشوا هذه الخبرات .

dot
21/10/2006, 17:04
فالذي احتقر في صغره وكان موضوعا للسخرية والقمع النفسي والفكري... وكان ممسوخ الهوية "أعني قمع صوت الأنا" يتشكل لديه أسلوب عصابي في التعامل مع الآخرين يدفعه من بدايات شبابه إلى أن يعمل على "ردّ اعتباره" لنفسه واعلاء صوت "الأنا" من خلال النيل ممن يتخذه ضحية من هؤلاء الآخرين بإذلاله والاعتداء عليه . وبتكرار الضحايا يجري تضخيم "الأنا" وصولا لأن يكون بحجم صورة "البطل" في ذهن صاحبه، التي تكون عند العصابي بلا حدود .
والإرهابي ـ في اجتهادنا ـ عصابي، بمعنى أنه يفقد المرونة في التعامل مع الأمور ولا يجد إلا حلا واحدا لكل قضية يسيطر عليه ويكون هذا الحل قسريا ، بمعنى يجبره على إن يقوم به ، ويجعله حرونا عنيدا حتى لو كان فيه فناؤه .
ويعد النظام التربوي بمؤسساته التعليمية من الابتدائية إلى الجامعة القناة الأكثر تأثيرا في تشكيل القيم لدى التلاميذ والطلبة ، وأول من يحدد لهم الطريق الى ثقافة معينة. والباحث في الأنظمة التربوية العربية يجد أنها تقوم على تكريس علاقات السلطة الخاصة بالنظام الأبوي ، وتسعى الى الضبط الاجتماعي بدلا من توظيف الحرية المترتبة عن المعرفة. فالتعليم عندنا يقوم على التلقين وحشو الذاكرة الذي ينتج بالضرورة عقلا يأخذ بالأمور كما لو كانت مسلمات دون أن يتحاور معها بفكر ناقد . فتلقين الطالب تفسيرا واحدا أو رأيا واحدا، وإجباره على تبنيه، واحدة من السمات السلطوية البارزة في مناهجنا التربوية التي نجم عنها أن الطالب (حتى الجامعي) تعود على الخضوع والعجز، وغلق كل نوافذ عقله إلا النافذة التي تضخ عليه المعلومات ليودعها في مخازن الذاكرة . وبهذا صاغ النظام التربوي العربي عقولا عودها على أن " تستقبل" لا على أن "تحاور" . وجعل من هذه العقول أشبه بحصان العربة، لا ترى إلا الذي أمامها في خط مستقيم ، وإن استدارت فبتوجيه من سائسها . وللأسف فأن "السائس" لها من أصحاب الفتاوى المتشبع بثقافة الحقد ضد سلطة أو قوة يرى فيها أنها طاغية أو باغية وأنه لا سبيل الى إيقافها عند حدها إلا بالعنف. ولهذا السبب فأنه سهل على الشباب المحبط والعقول التي لا ترى إلا حلاّ واحدا لكل أزمة ، تّلقي الفتاوى والعمل بها دون نقاش .
أما موضوع السلطة ، فذلك هو مرض العرب المزمن منذ ما يزيد عن ألف وثلاثمائة سنة . فقد كانت ولا تزال أقرب إلى "التسلط" منها إلى "السلطة". ذلك أن السلطة في المفهومين الفلسفي والأخلاقي ضرورة اجتماعية (لتنظيم أمور المجتمع)، وضرورة نفسية (لتحقيق العدالة بين الناس)، فيما يتضمن مفهوم "التسلط" معاني الظلم، والقهر، والإكراه، والتشديد، والعنف، والإرهاب ... وهو الأقرب لواقع الحال في مجتمعاتنا العربية . فضلا عن أن السلطة لدينا تتفرد بالثروة والبذخ والترف السفيه . ومعروف أن المجتمع الذي يضع قيمة كبيرة على الأمور المادية ، تتمتع فيها فقط جماعات قليلة في السلطة تأكل لحم الغزلان المطّعم برائحة الهيل فيما يأكل الفقراء خبز النخالة (كما حصل في العراق)، فانه تبرز في هذا المجتمع حالة الإحساس بانعدام العدالة الاجتماعية لدى الجماعات المحرومة منها ، فيظهر بينهم من يعمد الى تجاوز قيم المجتمع ونظامه ليأخذ حقه بسيفه .
والمفارقة أن عامة العرب رسمت صورة عن السلطة العربية مشابهة لصورة أحمد عبد الجواد (سي السيد في ثلاثية نجيب محفوظ) الذي يحل لنفسه اللهو الحرام ، ويحرّم على أهل بيته اللهو الحلال . فنشأت حالة من "اغتراب" الفرد العربي عن سلطته، نجم عنها فقدان المعنى أو الهدف من الحياة ، فصار معظم الشباب العربي موزعا بين القديم والحديث ، سواء نزع قسم منهم إلى السلفية ، أو اتجه آخر إلى تقليد الغرب ، فكلا الحالين يمثل الاغتراب عن السلطة والمجتمع والذات .
ومحنة نفسية ثقافية وقيمية أخرى يعيشها الشاب العربي ، هي أنه يملك تاريخا مجيدا و يحمل في الوقت نفسه صورة سلبية عن ذاته . وبين هاتين الصورتين(الحالين) يعيش حالة مأزقية . فتاريخه يحدثه بالأمجاد فيما حاضره يصفعه بالانكسارات وبما يحاول أن يذلّه . وما يزيد من هذه المحنة أن السلطة في مجتمعاتنا العربية تعمق إحساس الفرد بمشاعر الإحباط ، وتمارس آلية "الإسقاط " بأن تتنصل عن مسؤولياتها وترميها على قوى خارجية ، فوضعته في حالة نفسية مأزقية : أما أن يستكين لها و يقبل بالأمر الواقع بأي تخريج نفسي مخفف ، واما أن يخاصمها ويبحث عن "سلطة" أخرى ، يجد فيها ذاته...ولقد وجدها في "الجامع" و "أهل الفتوى".
فقد التقط بعض أئمة الجوامع من الذين أفتوا بقطع الرؤوس ، من التاريخ الإسلامي وفقهه ما يشبع الحاجات النفسية لدى بعض الشباب العرب المتشبعين بثقافة الإحباط والانكسار النفسي ، ويحرضّهم على " الجهاد" لتغيير واقع متخم فعلا بالظلم وتخلخل أو انعدام العدالة الاجتماعية وتحلل من قيم يرون فيها الأصالة والهوية ، فاحتقنوا بما يثير لديهم غريزة العدوان وشرعية الانتقام . وأهملوا الضفة الأوسع من الدين التي تدعو إلى التسامح والحوار واصلاح الحال بالتي هي احسن ، ومتى يكون الجهاد فرضا موجبا. وغيّبت قوى الإصلاح الديني وصارت مهمشة ، فكانت فوضى الفتاوى التي انشغل بها الناس الآن بعد أن كانوا منشغلين بالفكر والثقافة والسياسة .
وللحقيقة فان قطع رؤوس الخصوم وذبحهم ذبح الشاة ، ليس جديدا في تاريخنا العربي و الإسلامي .فقد ذبح السلف ابن بنت نبيهم . وما كان الذابحون من عامة الناس . فالذين نحروا رأس الحسين كانوا أبناء صحابة ، وجرى المشهد أمام أنظار صحابة أيضا . وطافوا بالرؤوس (الحسين وأصحابه) في أمصار العرب والإسلام .
وقتل معاوية عمر الخزاعي ورفع رأسه على رمح من الموصل حتى دمشق، ثم رموا رأسه في حجر زوجته الرهينة . ورمى هشام بن عبد الملك رأس الإمام زيد بن علي في حجر والدته . ورمي رأس مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية في حجر ابنته . ورمى أبو جعفر المنصور رأس إبراهيم أخي النفس الزكية في حجر والده عبد الله بن الحسن . ورمي رأس المعتز بالله في حجر جاريته . ورمي رأس ابن الفرات في حجر والده الوزير قبل ضرب عنق الأخير ...والقائمة طويلة ، فحكام العرب والإسلام كانوا يتفردون بحفظ رؤوس الخصوم بخزائن في مقرات إقامتهم !.
ولا يختلف التخريج الفقهي للذبح في ((دين السلطة)) و ((ثقافة العنف)) وفتاوى القائلين بـ ((حلال الدم )) التي أشاعها السلف عن ذبح الخلف لشباب من الكورد والشيعة في الفلوجة، وذبح عميدة كلية الحقوق وزوجها في الموصل ، ومئات مشاهد الذبح الأخرى ، من أطباء وعلماء وأكاديميين الى عمال قمامة ... لا نملك إزاءها سوى موقف الحلاّج (الحسين بن منصور) حين جاءوا به الى منصة الإعدام ، فصعد وضحك حتى دمعت عيناه . وشرّ البلية ...أن النابشين في موروثنا الفقهي عما يحرق الحاضر، يفتي به ليس فقط بعض من يضع العمامة على رأسه ، بل وقيادات أحزاب وكتل دينية يدعون الى العدالة والفضيلة !.
نكرر ما بدأنا به :
إن الارهابي لا يولد إرهابيا ، إنما نحن الذين صنعناه : الأسرة والمدرسة والجامع والسلطة التي لم تقم العدل بين الناس .
وفي أدبنا العربي قول بليغ :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له
إياك إياك أن تبتل بالماء
وفي الإنجيل أيضا مقولة بليغة :
" إذا فسد الملح فبماذا نمّلح ؟! "