Tarek007
09/05/2005, 16:27
أمّ الذي سرق الخطاب
لقمان ديركي
في منتصف السبعينات انتشرت نكتة في سورية عن مسؤول قروي صعد وخطابه في جيبه إلى المنبر، وبدأ يفتش في جيوبه عن الخطاب، ولملئ الوقت أثناء بحثه عن الخطاب المسروق أطلق الشتائم ضد الجهات التقليدية وهو يبحث عن الخطاب.. (... أمّ الاستعمار؛.. أمّ الرجعية؛.. أمّ الإمبريالية؛.. أمّ الصهيونية؛.. و.. أمّ الذي سرق الخطاب) ونزل عن المنبر.
منذ أن سمعت هذه النكتة وإلى الآن ما زلت أفكر ما الذي كان مكتوباً في الخطاب المذكور، ومن هي الجهات المسؤولة، ومن هي الجهات المستفيدة من سرقته، ومن هي الجهات المتضررة من سرقته؟!..
ومنذ ذلك الوقت سمعت الكثير من الخطابات، وسمع الشعب السوري الكثير من الخطابات، ولكن يبدو أنها جميعها كانت مجرد محاولات لملئ الوقت أثناء البحث عن الخطاب المسروق، وباتت كلمة (والنصر لقضية شعبنا) إحدى أشهر الارتجالات وأكثرها تكراراً، وهي كلمة استعاض بها كل من أتى بعد ذلك المسؤول القروي الذي سرقوا منه الخطاب جملته الأخيرة (.. أم الذي سرق الخطاب)، ولكن الأهم من ذلك أننا لم نجد الخطاب المسروق حتى الآن.
والآن جلس الشعب في مجلسه الذي يسمى عبثاً بالبرلمان وهو بناء أبيض يقع بجانب مقهى الروضة في شارع الصالحية، يجلس فيه عادة من انتخبهم الشعب (ليصفقوا) بدلاً عنه، فالشعب تعب من التصفيق، فأرسل ممثليه ليصفقوا عوضاً عنه، في كل برلمانات الدنيا يصوّتون إلا عندنا فيصفقون، في كل برلمانات الدنيا ينتخبون إلا عندنا فيهتفون، لذلك إذا شاهدت شخصاً سورياً بكفين متورمتين وصوت مبحوح وفم مشلوخ بسبب الابتسامات العريضة الدائمة، فاعرف أنه عضو في مجلس الشعب.
نعم.. كلنا شركاء في الجريمة، نحن من أرسلنا هؤلاء لأننا تعبنا من التصفيق، وأرسلناهم لأن أصواتنا مبحوحة، وأرسلناهم لأننا آثرنا احترام حزننا الدفين فتركنا لهم أن يهرّجوا عوضاً عنا.
و"احتشد الشعب" كلٌّ في بيته ليستمع إلى الخطاب، وكلهم كانوا يمنون النفس بأن الرئيس "بشار الأسد" سيجد اليوم الخطاب المسروق، لذلك راح المنهمكون بالبحث عن الخطاب المسروق وبحكم خبرتهم الطويلة بسبب بحثهم الطويل عن الخطاب استطاعوا أن يعرفوا فقرات منه، حاولوا تمرير هذه الفقرات إلى رئيس بلادهم قبل تلاوة خطابه لعله يعثر عليه، بل وإنهم توقعوا أن الرئيس عثر مثلهم على هذه الفقرات، فتفاءلوا وقالوا: "إنها الفرصة الذهبية للعثور على الخطاب" وقالوا أيضاً: "بدأت ملامح سارقي الخطاب بالظهور فلا بد من أن يسميهم الرئيس"، كتبوا الرسائل المفتوحة، نشروها في الصحف، على مواقع الانترنيت من دون أن يجرأوا على التسمية فلمّحوا تلميحاً وتركوا للرئيس مهمة التسمية، ثم سمعنا الخطاب، ولم نجد فيه شيئاً من الخطاب المسروق سوى فقرة قرار الانسحاب من لبنان، ولكن هناك من حلل فوراً الخطاب، وقال: "إن خطاب السيد الرئيس أجاب على ملايين الأسئلة)؟!..
بينما انطلقت المسيرات "الشعبية" المؤيدة لقرار الانسحاب فور انتهاء الخطاب، فأصبنا بالذهول نحن الشعب السوري من الشعب السوري الذي لم يتحرك إلا بعد الخطاب!!
من سرق الخطاب ؟
سؤال لن يستطيع الرئيس الإجابة عليه، الخطاب المسروق موجود، ولكن يحتاج الرئيس إلى البحث عنه في أعين أو 18 مليون سوري، في نظراتهم الخائفة وأعناقهم الملويّة، في صرخات أطفالهم الجائعة، وأنين شيوخهم، الخطاب خبأه أعضاء المجلس وأعضاء المحفل البوليسي وغطى عليه الكلام المكتوب في جرائدنا والطنين الصادر من إذاعاتنا والبشاعة الصادرة من تلفزيوناتنا وأصحاب الأموال المسروقة من أجساد أطفالنا، الخطاب المسروق موجود، والذين سرقوه وتقاسموه مزقاً وخبأوه موجودون أيضاً، الخطاب مخبأ تحت كلامهم وطنينهم وبشاعتهم وأموال (هم) ومسدساتهم، فهل يجده الرئيس ؟
أما أنا فلا يسعني سوى القول " ...أمّ الذي سرق الخطاب
................................
يثبت لقمان ديركي يوما بعد يوم مع حفنة من الصحفيين المستقلين بعضهم يمارس الصحافة الساخرة و آخرون الصحافة الجادة البناءة و آخرون الصحافة الجادة جدا ..
يثبتون يوما بعد يوم أنهم صوت سوريا النابض أو اذا اردتم : نبض الشارع,,,, الله يرحمه
و لكن يبقى لكاتب يكتب من الداخل كلقمان هامشا أضيق فنراه هنا في نهاية المقال...
اقتباس:
--------------------------------------------------------------------------------
سؤال لن يستطيع الرئيس الإجابة عليه، الخطاب المسروق موجود، ولكن يحتاج الرئيس إلى البحث عنه في أعين أو 18 مليون سوري، في نظراتهم الخائفة وأعناقهم الملويّة، في صرخات أطفالهم الجائعة، وأنين شيوخهم، الخطاب خبأه أعضاء المجلس وأعضاء المحفل البوليسي وغطى عليه الكلام المكتوب في جرائدنا والطنين الصادر من إذاعاتنا والبشاعة الصادرة من تلفزيوناتنا وأصحاب الأموال المسروقة من أجساد أطفالنا، الخطاب المسروق موجود، والذين سرقوه وتقاسموه مزقاً وخبأوه موجودون أيضاً، الخطاب مخبأ تحت كلامهم وطنينهم وبشاعتهم وأموال (هم) ومسدساتهم، فهل يجده الرئيس ؟
أما أنا فلا يسعني سوى القول " ...أمّ الذي سرق الخطاب
--------------------------------------------------------------------------------
....محاولا إخراج الرئيس من اللعبة باعتباره خارج عصابة الاربعين حرامي او كأنه على بابا الذي يتورط في صراعه مع الأربعين حرامي حسب بعض الروايات
و اقول للقمان اذا لم يسعك القول إلا: أم الذي سرق الخطاب
فأنا يسعني القول :
أم الخطاب بحد ذاته و كل الخطابات
لقمان ديركي
في منتصف السبعينات انتشرت نكتة في سورية عن مسؤول قروي صعد وخطابه في جيبه إلى المنبر، وبدأ يفتش في جيوبه عن الخطاب، ولملئ الوقت أثناء بحثه عن الخطاب المسروق أطلق الشتائم ضد الجهات التقليدية وهو يبحث عن الخطاب.. (... أمّ الاستعمار؛.. أمّ الرجعية؛.. أمّ الإمبريالية؛.. أمّ الصهيونية؛.. و.. أمّ الذي سرق الخطاب) ونزل عن المنبر.
منذ أن سمعت هذه النكتة وإلى الآن ما زلت أفكر ما الذي كان مكتوباً في الخطاب المذكور، ومن هي الجهات المسؤولة، ومن هي الجهات المستفيدة من سرقته، ومن هي الجهات المتضررة من سرقته؟!..
ومنذ ذلك الوقت سمعت الكثير من الخطابات، وسمع الشعب السوري الكثير من الخطابات، ولكن يبدو أنها جميعها كانت مجرد محاولات لملئ الوقت أثناء البحث عن الخطاب المسروق، وباتت كلمة (والنصر لقضية شعبنا) إحدى أشهر الارتجالات وأكثرها تكراراً، وهي كلمة استعاض بها كل من أتى بعد ذلك المسؤول القروي الذي سرقوا منه الخطاب جملته الأخيرة (.. أم الذي سرق الخطاب)، ولكن الأهم من ذلك أننا لم نجد الخطاب المسروق حتى الآن.
والآن جلس الشعب في مجلسه الذي يسمى عبثاً بالبرلمان وهو بناء أبيض يقع بجانب مقهى الروضة في شارع الصالحية، يجلس فيه عادة من انتخبهم الشعب (ليصفقوا) بدلاً عنه، فالشعب تعب من التصفيق، فأرسل ممثليه ليصفقوا عوضاً عنه، في كل برلمانات الدنيا يصوّتون إلا عندنا فيصفقون، في كل برلمانات الدنيا ينتخبون إلا عندنا فيهتفون، لذلك إذا شاهدت شخصاً سورياً بكفين متورمتين وصوت مبحوح وفم مشلوخ بسبب الابتسامات العريضة الدائمة، فاعرف أنه عضو في مجلس الشعب.
نعم.. كلنا شركاء في الجريمة، نحن من أرسلنا هؤلاء لأننا تعبنا من التصفيق، وأرسلناهم لأن أصواتنا مبحوحة، وأرسلناهم لأننا آثرنا احترام حزننا الدفين فتركنا لهم أن يهرّجوا عوضاً عنا.
و"احتشد الشعب" كلٌّ في بيته ليستمع إلى الخطاب، وكلهم كانوا يمنون النفس بأن الرئيس "بشار الأسد" سيجد اليوم الخطاب المسروق، لذلك راح المنهمكون بالبحث عن الخطاب المسروق وبحكم خبرتهم الطويلة بسبب بحثهم الطويل عن الخطاب استطاعوا أن يعرفوا فقرات منه، حاولوا تمرير هذه الفقرات إلى رئيس بلادهم قبل تلاوة خطابه لعله يعثر عليه، بل وإنهم توقعوا أن الرئيس عثر مثلهم على هذه الفقرات، فتفاءلوا وقالوا: "إنها الفرصة الذهبية للعثور على الخطاب" وقالوا أيضاً: "بدأت ملامح سارقي الخطاب بالظهور فلا بد من أن يسميهم الرئيس"، كتبوا الرسائل المفتوحة، نشروها في الصحف، على مواقع الانترنيت من دون أن يجرأوا على التسمية فلمّحوا تلميحاً وتركوا للرئيس مهمة التسمية، ثم سمعنا الخطاب، ولم نجد فيه شيئاً من الخطاب المسروق سوى فقرة قرار الانسحاب من لبنان، ولكن هناك من حلل فوراً الخطاب، وقال: "إن خطاب السيد الرئيس أجاب على ملايين الأسئلة)؟!..
بينما انطلقت المسيرات "الشعبية" المؤيدة لقرار الانسحاب فور انتهاء الخطاب، فأصبنا بالذهول نحن الشعب السوري من الشعب السوري الذي لم يتحرك إلا بعد الخطاب!!
من سرق الخطاب ؟
سؤال لن يستطيع الرئيس الإجابة عليه، الخطاب المسروق موجود، ولكن يحتاج الرئيس إلى البحث عنه في أعين أو 18 مليون سوري، في نظراتهم الخائفة وأعناقهم الملويّة، في صرخات أطفالهم الجائعة، وأنين شيوخهم، الخطاب خبأه أعضاء المجلس وأعضاء المحفل البوليسي وغطى عليه الكلام المكتوب في جرائدنا والطنين الصادر من إذاعاتنا والبشاعة الصادرة من تلفزيوناتنا وأصحاب الأموال المسروقة من أجساد أطفالنا، الخطاب المسروق موجود، والذين سرقوه وتقاسموه مزقاً وخبأوه موجودون أيضاً، الخطاب مخبأ تحت كلامهم وطنينهم وبشاعتهم وأموال (هم) ومسدساتهم، فهل يجده الرئيس ؟
أما أنا فلا يسعني سوى القول " ...أمّ الذي سرق الخطاب
................................
يثبت لقمان ديركي يوما بعد يوم مع حفنة من الصحفيين المستقلين بعضهم يمارس الصحافة الساخرة و آخرون الصحافة الجادة البناءة و آخرون الصحافة الجادة جدا ..
يثبتون يوما بعد يوم أنهم صوت سوريا النابض أو اذا اردتم : نبض الشارع,,,, الله يرحمه
و لكن يبقى لكاتب يكتب من الداخل كلقمان هامشا أضيق فنراه هنا في نهاية المقال...
اقتباس:
--------------------------------------------------------------------------------
سؤال لن يستطيع الرئيس الإجابة عليه، الخطاب المسروق موجود، ولكن يحتاج الرئيس إلى البحث عنه في أعين أو 18 مليون سوري، في نظراتهم الخائفة وأعناقهم الملويّة، في صرخات أطفالهم الجائعة، وأنين شيوخهم، الخطاب خبأه أعضاء المجلس وأعضاء المحفل البوليسي وغطى عليه الكلام المكتوب في جرائدنا والطنين الصادر من إذاعاتنا والبشاعة الصادرة من تلفزيوناتنا وأصحاب الأموال المسروقة من أجساد أطفالنا، الخطاب المسروق موجود، والذين سرقوه وتقاسموه مزقاً وخبأوه موجودون أيضاً، الخطاب مخبأ تحت كلامهم وطنينهم وبشاعتهم وأموال (هم) ومسدساتهم، فهل يجده الرئيس ؟
أما أنا فلا يسعني سوى القول " ...أمّ الذي سرق الخطاب
--------------------------------------------------------------------------------
....محاولا إخراج الرئيس من اللعبة باعتباره خارج عصابة الاربعين حرامي او كأنه على بابا الذي يتورط في صراعه مع الأربعين حرامي حسب بعض الروايات
و اقول للقمان اذا لم يسعك القول إلا: أم الذي سرق الخطاب
فأنا يسعني القول :
أم الخطاب بحد ذاته و كل الخطابات