حسون
07/05/2005, 12:08
أجوبة لهيئة تحرير موقع الرأي ، بناء على أسئلتها .
السؤال الأول : كيف تقيمون نضوج أسباب التغيير في سوريا ؟
الجواب الأول : إن نضوج أسباب التغيير في سوريا يعود إلى :
قليلة هي الأنظمة الشمولية الباقية على وجه الكرة الأرضية ( سورية ، كوريا الشمالية ، كوبا ) وهذه الأنظمة فقدت مبررات وجودها ، لأنها تحولت من أنظمة تدعي "الاشتراكية" إلى أنظمة "تأخراكية" فالنظام السوري الذي كان يقول : ( ليس من مكان في هذا البلد إلا للتقدم والاشتراكية ) أصبح نظاماً للرأسمالية المتأخرة "التأخرالية" . نظاماً يعشش به الفساد ، ويرتع به ذوي المليارات المسلوبة من الداخل والموظفة أو المودعة في الخارج . . . والنظام الذي قال بأن 80% من الموازنة يصرف على القوات المسلحة من أجل التحرير . أصبح نظاماً عاجزاً عن إطعام جنوده (بعد أن أكل الجبنة قروده).
إنه نظام عاجز عن البناء ، وعاجز عن التحرير .
إنه نظام أمني مسيطر على الشعب . فلا يتوظف موظف ولا يعمل عامل . ولا يتسلق سلم الوظيفة متسلق : رئيس دائرة ، مدير ، مدير عام ، وزير ، محافظ ، عضو مجلس شعب ، عضو قيادة قطرية . . . هذا ينطبق على الجميع . كما لا يحق لمواطن أن يفتح دكان سمانة ، ولا يحق له أن يحتفل بعرس ابنه بما يزيد عن خمسة أشخاص إلا بموافقات أمنية . إن المواطن مراقب ، مراقب هاتفه ، ومراقبة رسالته ، ومراقب دخوله وخروجه . إنه متهم إلى أن يثبت براءته ، وعليه أن يثبتها باستمرار .
إنه نظام ضاقت به الأحرار . وتبرمت به الأبرار .
لقد طالب التجمع الوطني الديمقراطي بالإصلاح السياسي . فقال النظام بالإصلاح الاقتصادي ثم بالإصلاح الإداري .
في الواقع إن محاولات النظام باءت بالفشل . فالوضع الاقتصادي صار أسوأ مما كان عليه ؛ غلت المعيشة وانحدر الدخل وبات حوالي الـ50% من الشعب تحت حد الفقر . وبلغت البطالة الحقيقية والمقنعة حدود الـ50% من القوى العاملة . . . وأصبح عدد كبير من الطبقة الوسطى في حالة انحدار وانتشرت الرشوة والمحسوبية بشكل لم يسبق لهما مثيل . . . وبرز عدد من المليونيرية الذين يستأثرون بالثروة مستغلين النظام ، وإجراءات النظام .
إن الإصلاح السياسي مقدم على أي إصلاح وسبب لكل إصلاح .
في المادة الثامنة من الدستور . إن حزب البعث يقود المجتمع والدولة . وحسب دستور حزب البعث فإن القيادة القومية صاحبة القرار في كافة الشؤون ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخ . . . . إن هذه القيادة المنتخبة من المؤتمر القومي قبل خمس وعشرين سنة . ( حزب حاكم ولا يعقد مؤتمره طيلة هذه المدة ) . هذه القيادة لم تمارس هذا الدور وهي الآن في طريقها إلى الحل . لقد كانت مركونة على الرف ، وتفتش الآن عن مخبأ تلجأ إليه . أما القيادة القطرية فليس لها شأن في السياسة ، وهي في المخبأ منذ انتخابها .
كما في الدستور صلاحيات كثيرة وشبه مطلقة للسيد رئيس الجمهورية ، فهو رئيس السلطة التنفيذية ، والقائد العام للجيش والقوات المسلحة ، وله الحق بإصدار المراسيم التشريعية في حالة غياب أو انعقاد مجلس الشعب . وفي هذا ، هو صاحب السلطة التشريعية . ( سيما أن توجيهاته لمجلس الشعب يعمل بها فوراً ) . وهو أيضاً رئيس المجلس الأعلى للقضاء . إنه نظام رئاسي . وما المانع طالما أن أهم دولة في العالم الآن ، فيها نظام رئاسي ، ( الولايات المتحدة الأمريكية ) . ولكن في الولايات المتحدة الأمريكية أحزاب حرة وإعلام حر ، وكونغرس مهم ، وبنتاغون ، وبالتالي القرار الأمريكي قرار مركب ومعقد . وكثيراً ما تحدث خلافات بين المؤسسات والإدارة الرئاسية . أما في سورية فكافة المؤسسات مهمشة ومشلولة ، ليس بسبب ضعف كفاءتها ، فحسب ، بل وبسبب النظام الأمني . وكمثل حديث على عدم الصلاحيات المطلقة في أمريكا ، هو معارضة بوش للموت الرحيم ، وموافقة المحكمة الدستورية العليا عليه . وقد تم العمل بحكم المحكمة . حقاً : الموت موت ، والموت حق ، ولكن الموت الرحيم أرحم من الموت الرجيم .
لكل ما تقدم من أسباب وما يتفرع عنها أرى أن التغيير قد نضج .
السؤال الثاني : كيف تنظرون إلى علاقة الداخل والخارج في هذا التغيير .
الجواب الثاني : إن هذا السؤال يحتاج إلى إيضاح مهم ، لأن بعض ذوي المصالح وبعض هزازي الرؤوس تأييداً يتهمون كل من يقول بالديمقراطية بأنه "عميل أمريكي" ، وكأن هؤلاء معادون لأمريكا ، وكأن الديمقراطية رسالة أمريكية . لا ، ليس الأمر هكذا :
في عام 1979 وضعنا ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي . وفي هذا الميثاق نص على وجوب إجراء تغييرات بنيانية في هذا النظام ليصبح ديمقراطياً ، كما طالبنا بجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد ، وبقوانين تسمح بحرية الأحزاب ، والإعلام و . . . الخ ، وأصدرنا بياناً كان السبب المباشر في حملة اعتقالات طالت عدداً كبيراً من أعضاء أحزاب التجمع ، قضوا عشرات السنوات في السجن ومات عدد منهم تحت التعذيب ، إلا أن هذا لم يغير من البرنامج السياسي المعتمد للتجمع .
حدثت تطورات سياسية مهمة بين ذاك التاريخ واليوم ، لعل أهمها فيما يتعلق بالسؤال ، هو أن الأخوان المسلمين ، بين عامي 79 و 82 ، شنوا أعمالاً عنفية شديدة ضد النظام كما رد عليهم النظام بأعمال عنفية شديدة . وكان موقف التجمع التأكيد على الوحدة الوطنية ، والسلام الأهلي ، وإدانة الاغتيالات وكافة أشكال العنف من الطرفين ، ووصفها بأنها طائفية وطائفية مضادة . وأكد على أنه يعتمد النضال الديمقراطي لإحداث تغييرات بنيانية بالنظام ، وكان آخر أعمال العنف المهم هو عصيان مدينة حماه . . ومجزرة حماه . وصدر القانون رقم 49 بإعدام أي مواطن يثبت انتماءه للأخوان المسلمين .
كما جرى اجتياح لبنان عام 82 من قبل إسرائيل لضرب المقاومة الفلسطينية ، ووصل الاجتياح لاحتلال بيروت ، إلا أن نضال اللبنانيين وبمساعدة سورية أدى إلى انكفاء إسرائيل إلى الجنوب الحدودي . وخرجت المقاومة الفلسطينية من شمال لبنان بموقف سوري – لبناني ، لا نحسد عليه . وقد أدان هذا الموقف التجمع الوطني الديمقراطي .
كما جرى احتلال الكويت من قبل العراق في عام 1991 – بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية – وشاركت سورية ومصر – من الدول العربية – في التحالف الذي دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية "لتحرير الكويت" . ودخلت القوات السورية فعلاً إلى الكويت مشتركة في "عاصفة الصحراء" . وقد أدان التجمع الوطني الديمقراطي موقف سورية ومصر التحالفي مع الولايات المتحدة الأمريكية ، والاقتتال العربي العربي .
وكذلك دخل النظام في محادثات سلام وتسوية مع إسرائيل في مدريد ، ولا يزال حتى اليوم يطالب بمحادثات سلام . وخلال ذلك لم تطلق طلقة واحدة عبر خط الفصل على إسرائيل في حين استفزتنا إسرائيل عدداً من المرات بشكل مباشر . واكتفت سورية بأن تدعم "حزب الله" ليقاتل إسرائيل عبر جنوب لبنان .
بعد هذا العرض الموجز المكثف نتساءل : هل سورية معادية فعلاً للولايات المتحدة الأمريكية ، إنها ليست معادية ، ونحن – ضمن ظروف النظام – لا نطلب منها ذلك .
وبالمناسبة أين تذهب الـ80% من الموازنة على الجيش – والنظام قد تحدث عن التوازن الاستراتيجي - ؟! . ولماذا ليس لدينا ميزان قوى متكافئ مع إسرائيل ؟. على الأقل ، لا لنحارب بل لنفاوض من مركز مقبول . . . يقول بعضهم لقد باتت تصرف على التنمية ولكن بالمقارنة بين سورية وإسرائيل ، إن مساحة سورية ثلاثة أضعاف مساحة إسرائيل ، وعدد سكانها أكثر من ثلاثة أضعاف سكانها ، وفيها مواد أولية مهمة لا توجد في إسرائيل ، ومع ذلك فإن الدخل القومي الإسرائيلي أكثر بخمسين ضعف الدخل القومي السوري .
إن الإدارة ، مثل السياسة هي : فن تحريك البشر والأشياء .
------- ------- ------- ------- ------- ------- ------- -------
بعد ثورة العلم والتكنولوجيا وانتهاء الحرب الباردة بدأت الولايات المتحدة تبسط هيمنتها أكثر على العالم ، لما لا وهي تملك /1200/ قاعدة عسكرية برية وبحرية منتشرة في جميع أنحاء العالم ولها أسطول بحري ضخم تتقدمه حاملات طائرات تعتبر قواعد بحرية متنقلة ، ولها أسطول جوي كبير ، ولها وكالات أنباء تغطي الكرة الأرضية ، ولها وكالات مخابرات مهمة و منتشرة لا تعتمد على عناصرها فقط بل ويمدها بالمعلومات عشرات الأقمار الصناعية ، وتملك ثمانين بالمئة من الشركات متعددة الجنسيات أو العابرة للقارات .
وأخذت تبشر بالعولمة بمشاركة الدول السبع الصناعية وبمعاونة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
ثم جاءت ضربة الطائرات لمركز التجارة العالمي وللبنتاغون فتحولت الولايات المتحدة الأمريكية - بحجة مكافحة الإرهاب – إلى العمل الإمبراطوري ، فاستولت على أفغانستان وعلى العراق ، وأعلت أنها ستعيد النظر بأوضاع الشرق الأوسط .
في حربها على / وبالعراق صادفها ثلاثة مسائل لم تكن في حسابها تماماً : 1 – معارضة معظم دول العالم لهذه الحرب . 2 – لم يظهر ، وثبت عدم وجود أسلحة دمار شامل . 3 – ظهور مقاومة عراقية عظيمة كبدت وتكبد أمريكا الكثير من الخسائر البشرية ، والكثير الكثير من الخسائر المالية .
وقد أعلن بوش أن محور الشر هو : العراق ، وإيران ، وكوريا الشمالية ، وتتحرش الآن أمريكا بإيران ، وتعتبر سورية حليفة إيران ، وتتعاون معها في دعم حزب الله . و الإدارة الأمريكية تعتبر حزب الله المقاوم لحليفتها إسرائيل حزباً إرهابياً ، كما تعتبر حركتي حماس والجهاد الإسلامي حركتين إرهابيتين ، وتتهم أمريكا سورية بمساعدة حركة المقاومة العراقية ، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن طويل تعتبر سورية من الدول الداعمة للإرهاب . وقد اتخذ الكونغرس الأميركي قراراً بفرض عقوبات اقتصادية على سورية بأكثرية كبيرة شملت الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ( 94 عضواً من أصل مئة عضو ) .
ثم بعد التجديد لرئاسة الجمهورية اللبنانية اشتركت فرنسا ( أوروبا ) والولايات المتحدة الأمريكية بالقرار رقم 1559 الصادر عن مجلس الأمن وقد تضمن : 1 – خروج سورية من لبنان . 2 – تجريد حزب الله والمخيمات الفلسطينية من السلاح . 3 – مرابطة الجيش اللبناني على الحدود الإسرائيلية .
بعد الحرب على العراق والتهديدات لسورية ، أخذ التجمع الوطني الديمقراطي موقفاً وطنياً يتضمن مطالبة الموقف السوري بالانفراج الديمقراطي ، ودعا إلى مصالحة وطنية ( وعفى الله عما مضى ) إلا أن النظام أصم آذانه عن مطالب المعارضة . وبات يقول للأمريكان إن المعارضة أشد عداءً للأمريكان . فهي معارضة وطنية .
في الواقع أن :
1 – للإدارة الأمريكية مشروعها في الشرق الأوسط . 2 – وللنظام السوري مشروعه القائم . 3 – وللإخوان المسلمين مشروعهم الذي أعلنوه في "ميثاق الشرف" وفي برنامجهم السياسي . وأخيراً في الدعوى لعقد مؤتمر وطني خلال ثلاثة أشهر ؟ . 4 – وللقوى القومية الديمقراطية مشروعها الذي أعلنت عنه في ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي وفي مشروع برنامجها السياسي ، وكذلك في بيانات لجان إحياء المجتمع المدني ، وفي معظم المحاضرات التي ألقيت في منتدى الدكتور جمال الأتاسي ، وفي بيانات لجان حقوق الإنسان .
التجمع الوطني الديمقراطي يطالب بتغييرات بنيانية في النظام السوري القائم ، ليصبح :
نظاماً يقوم على التعددية السياسية ، واحترام الرأي الآخر .
نظاماً يقوم على فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية .
نظاماً يسمح بحرية الأحزاب والجمعيات والنوادي ، كما يسمح بحرية الإعلام سواء في البحث أو في النقد .
نظاماً يسمح بتداول السلطة عن طريق الانتخاب الحر .
نظاماً عادلاً يعطي العمال والفلاحين حقوقهم ، ويسمح بالاستثمار لرأس المال في الصناعة والزراعة والخدمات من أجل نمو اقتصادي يساعد في نمو اجتماعي وثقافي .
نظاماً قادراً على تحرير الأرض المحتلة . وكذلك تحرير الإنسان رجلاً كان أو امرأة .
هذا في حين أن مشروع الإدارة الأمريكية المتحالفة مع إسرائيل هو الهيمنة على المنطقة بما فيها سورية ، وتطبيق مشروعها للشرق الأوسط . إن تغيير النظام بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية هو لإقامة نظام أكثر طوعية وأكثر قبولاً بالإملاءات الأمريكية – الإسرائيلية .
نأمل من النظام الذي أصم آذانه عن كل نداء أن يتعظ بالدرس العراقي . . . كما نتمنى على الإدارة الأمريكية أن تتعظ بالدرس العراقي .
إن شعبنا في سورية شعب واع و قادر على إدارة أموره بنفسه ، دون وصاية أو هيمنة . وشعبنا يناضل من أجل أن يمتلك حريته وإرادته ، وسيمتلكها مهما اشتدت المحن وفي سورية إمكانيات مادية وبشرية قادرة على جعل نفسها جنة ديمقراطية تعيش في ازدهار وحرية .
السؤال الثالث : كيف ترون جاهزية المعارضة ( شعبياً وسياسياً ) للدخول في هذه العملية ، وأين يكمن قصورها إن وجد ؟
الجواب الثالث : المعارضة من الناحية السياسية جاهزة للدخول في عملية التغيير ، حيث تمتلك منهجاً وبرنامجاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً . أما من الناحية الشعبية فالمعارضة ضعيفة وضعفها ناجم عن مناهج الاستبداد التي عاشها شعبنا أكثر من أربعة عقود من الزمن ، حيث منع المواطن من الاهتمام بالشأن العام أي من العمل بالسياسة . إن الحديث في السياسة حديث نقدي وأي نقد كان كافياً للاستدعاء والتحقيق ، وغالباً الاعتقال والزج بالسجن ، ومعظم الأحيان في التعذيب . وانتشر القول إن الداخل إلى السجن مفقود ، والخارج سليماً مولود . . . وانتشرت شبكات المخبرين بشكل لم يسبق لها مثيل وهؤلاء كانوا يحصون على المواطن : حركاته وسكناته ويراقبون أي مهتم بالشأن العام : من يرافق ، ماذا يقول ماذا يعمل ، ماذا يقرأ ، ماذا يأكل ، أين يتحرك أو يسافر ، ومتى ينام . . الخ . ولم يتطور أي جهاز إدارة في الدولة ، ولا زود بأجهزة حديثة ، مثلما تطورت وزودت أجهزة الأمن الخمسة الموجودة في البلد .
يضاف إلى ذلك أن النظام الشمولي هو الذي يدرّس الناس ويوظف الناس ، وشعار "البعث طريقنا" هو الشعار العملي السائد حيث تعلم الكثير . . الكثير من الناس : التزلف ، والمناورة ، والانتهازية . . لقد عشش الخوف في قلوب الناس ، بل وسكن الرعب في أذهانهم . . فكيف يمكن لهؤلاء أن يهتموا ويشاركوا في شؤون الشأن العام ؟! . الأمر يحتاج إلى وقت . ومع ذلك فإننا على قناعة بأن الرأي السليم والموقف السليم يؤثر في الناس ويعملوا على تحقيقه أو تطبيقه .
لقد قصرت المعارضة في أنها لم تكن جسورة في مواجهة النظام الذي تجاهلها بل وعارض اتجاهاتها . وغلبت عليه خطة استمرار النظام على خطة الإصلاح والتغيير والتطوير .
السؤال الرابع : ما الأدوات والوسائل التي ترجحون اعتمادها من أجل التغيير؟
الجواب الرابع : نحن في التجمع ومنذ إنشائه اعتمدنا أسلوب النضال الديمقراطي من أجل التغيير ، وهذا الأسلوب يعتمد الإعلام والنشر كما يعتمد التحرك بين صفوف الشعب ، فهو الأداة والوسيلة من أجل توقيع العرائض والبيانات ، وكتب المطالبة والاحتجاج ، وكذلك من أجل التجمع والتظاهر في المناسبات السياسية والاجتماعية وفي فترة مرت اعتمدنا إقامة المنتديات الثقافية ، إلا أن النظام شن حملة لإغلاق هذه المنتديات ، وأبقى فقط على منتدى جمال الأتاسي . إلا أنه اعتقل الناطق الإعلامي باسمه ، كما اعتقل عدداً من المحاضرين ، وحكم عليهم مدداً تتراوح بين سنتين ونصف وعشر سنوات .
وأرى من المفيد دراسة إحياء المنتديات ، والعمل بها من جديد لنشر الوعي الثقافي والوعي السياسي .
كما من المفيد استخدام الفاكس والإيميل والانترنت لنشر المعلومات والبيانات .
السؤال الخامس : هل يشكل "المؤتمر القطري" القادم برأيكم محط أمل لقرارات جدية في هذا الاتجاه ؟ ولماذا ؟
الجواب الخامس : في المؤتمرات السابقة لم نر قرارات جدية جديدة تحترم المجتمع والدولة ، بل رأينا قرارات تكرس الوضع الراهن وتشيد به ، بلى رأينا بعض الوجوه الجديدة التي لا تختلف إلا بالشكل عن سابقتها .
أما المؤتمر القادم الذي ينعقد في ظل ضغوط واستحقاقات داخلية وخارجية مهمة ، كما ينعقد بعد انحسار دور سورية الإقليمي بخروجها من لبنان . وينعقد وسورية مهددة بحريتها واستقلالها . فلابد من أن يتخذ المؤتمر عدداً من القرارات الهامة ، التي تساعد في انتقال سورية إلى وضع وطني وديمقراطي ، وأرى من المفيد أن نقترح عليه بعض مشاريع القرارات :
تعديل الدستور . ولعل من الأنسب الموافقة على عقد مؤتمر وطني يتوافق على لجنة تضع قانوناً انتخابياً جديداً ، ومن ثم انتخاب جمعية تأسيسية تصيغ دستوراً جديداً .
إلغاء الأحكام العرفية والمحاكم الأمنية الاستثنائية ، والإفراج عن كافة معتقلي الرأي .
السماح بعودة المبعدين طوعاً أو قسراً ، والعفو عن من صدرت أحكاماً غيابية بحقهم .
تكليف لجنة – ولها أن تستعين بالكفاءات القانونية والسياسية من خارج أعضاء المؤتمر – لوضع قانون يسمح بحرية الأحزاب والجمعيات والمنتديات .
تكليف لجنة لوضع قانون يسمح بحرية الإعلام ، وإجراء تعديلات جوهرية بقانون المطبوعات .
اتخاذ كافة الإجراءات التي تسمح بحرية المواطن والتمتع بحقوقه الإنسانية ، بما في ذلك حريته في القول ، والفعل ، والحركة . .
ومن المفيد هنا طلب إلغاء القانون رقم "6" والقانون رقم "49" لما لهما من انعكاسات سلبية .
السؤال السادس : يبدو أن الاستبداد لا يريد أن يرحل ، ما النتائج المترتبة على استمراره أكثر ؟ .
الجواب السادس : إن استمرار نظام الاستبداد ، يعني استمرار الفساد ، ويعني استمرار كافة النتائج السلبية التي ذكرت في معرض الرد على الأسئلة السابقة .
وفي واقع التهديدات الخارجية بكون قد وضع سورية في فم الضبع ، الضبع الالكتروني الشره للافتراس والتمزيق .
السؤال السابع : كيف ترون صورة "سورية المستقبل" وأين موقعها اليوم بين الحلم والواقع ؟ .
الجواب السابع : في الحلم سورية المستقبل ، سورية بلد وطني وديمقراطي يتعايش أبناؤه في وحدة وطنية ، وسلم أهلي ، واستقلال مكتمل ويعمل أبناؤه لتحرير الأرض والإنسان ، ولبناء سورية الحديثة سورية التقدم والحضارة ، سورية المحبة والحرية . إنها واحة العرب . ولأنها تتوافر على إمكانيات مادية وبشرية ، قادرة على الوعي والنهوض ، فيمكن أن تصبح نموذجاً يحتذى .
أما في الواقع : "اللهم أجرنا من شر أعمالنا واحمنا من الطاغوت "
وأخيراً أعتقد أن سورية : الوطن والشعب قادرة على تجاوز كافة الصعوبات والعقبات .
دمشق في 15/4/2005
عضو قيادة التجمع الوطني الديمقراطي
والناطق الثاني باسمه
المستشار طارق أبو الحسن
"الرأي / خاص"
السؤال الأول : كيف تقيمون نضوج أسباب التغيير في سوريا ؟
الجواب الأول : إن نضوج أسباب التغيير في سوريا يعود إلى :
قليلة هي الأنظمة الشمولية الباقية على وجه الكرة الأرضية ( سورية ، كوريا الشمالية ، كوبا ) وهذه الأنظمة فقدت مبررات وجودها ، لأنها تحولت من أنظمة تدعي "الاشتراكية" إلى أنظمة "تأخراكية" فالنظام السوري الذي كان يقول : ( ليس من مكان في هذا البلد إلا للتقدم والاشتراكية ) أصبح نظاماً للرأسمالية المتأخرة "التأخرالية" . نظاماً يعشش به الفساد ، ويرتع به ذوي المليارات المسلوبة من الداخل والموظفة أو المودعة في الخارج . . . والنظام الذي قال بأن 80% من الموازنة يصرف على القوات المسلحة من أجل التحرير . أصبح نظاماً عاجزاً عن إطعام جنوده (بعد أن أكل الجبنة قروده).
إنه نظام عاجز عن البناء ، وعاجز عن التحرير .
إنه نظام أمني مسيطر على الشعب . فلا يتوظف موظف ولا يعمل عامل . ولا يتسلق سلم الوظيفة متسلق : رئيس دائرة ، مدير ، مدير عام ، وزير ، محافظ ، عضو مجلس شعب ، عضو قيادة قطرية . . . هذا ينطبق على الجميع . كما لا يحق لمواطن أن يفتح دكان سمانة ، ولا يحق له أن يحتفل بعرس ابنه بما يزيد عن خمسة أشخاص إلا بموافقات أمنية . إن المواطن مراقب ، مراقب هاتفه ، ومراقبة رسالته ، ومراقب دخوله وخروجه . إنه متهم إلى أن يثبت براءته ، وعليه أن يثبتها باستمرار .
إنه نظام ضاقت به الأحرار . وتبرمت به الأبرار .
لقد طالب التجمع الوطني الديمقراطي بالإصلاح السياسي . فقال النظام بالإصلاح الاقتصادي ثم بالإصلاح الإداري .
في الواقع إن محاولات النظام باءت بالفشل . فالوضع الاقتصادي صار أسوأ مما كان عليه ؛ غلت المعيشة وانحدر الدخل وبات حوالي الـ50% من الشعب تحت حد الفقر . وبلغت البطالة الحقيقية والمقنعة حدود الـ50% من القوى العاملة . . . وأصبح عدد كبير من الطبقة الوسطى في حالة انحدار وانتشرت الرشوة والمحسوبية بشكل لم يسبق لهما مثيل . . . وبرز عدد من المليونيرية الذين يستأثرون بالثروة مستغلين النظام ، وإجراءات النظام .
إن الإصلاح السياسي مقدم على أي إصلاح وسبب لكل إصلاح .
في المادة الثامنة من الدستور . إن حزب البعث يقود المجتمع والدولة . وحسب دستور حزب البعث فإن القيادة القومية صاحبة القرار في كافة الشؤون ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخ . . . . إن هذه القيادة المنتخبة من المؤتمر القومي قبل خمس وعشرين سنة . ( حزب حاكم ولا يعقد مؤتمره طيلة هذه المدة ) . هذه القيادة لم تمارس هذا الدور وهي الآن في طريقها إلى الحل . لقد كانت مركونة على الرف ، وتفتش الآن عن مخبأ تلجأ إليه . أما القيادة القطرية فليس لها شأن في السياسة ، وهي في المخبأ منذ انتخابها .
كما في الدستور صلاحيات كثيرة وشبه مطلقة للسيد رئيس الجمهورية ، فهو رئيس السلطة التنفيذية ، والقائد العام للجيش والقوات المسلحة ، وله الحق بإصدار المراسيم التشريعية في حالة غياب أو انعقاد مجلس الشعب . وفي هذا ، هو صاحب السلطة التشريعية . ( سيما أن توجيهاته لمجلس الشعب يعمل بها فوراً ) . وهو أيضاً رئيس المجلس الأعلى للقضاء . إنه نظام رئاسي . وما المانع طالما أن أهم دولة في العالم الآن ، فيها نظام رئاسي ، ( الولايات المتحدة الأمريكية ) . ولكن في الولايات المتحدة الأمريكية أحزاب حرة وإعلام حر ، وكونغرس مهم ، وبنتاغون ، وبالتالي القرار الأمريكي قرار مركب ومعقد . وكثيراً ما تحدث خلافات بين المؤسسات والإدارة الرئاسية . أما في سورية فكافة المؤسسات مهمشة ومشلولة ، ليس بسبب ضعف كفاءتها ، فحسب ، بل وبسبب النظام الأمني . وكمثل حديث على عدم الصلاحيات المطلقة في أمريكا ، هو معارضة بوش للموت الرحيم ، وموافقة المحكمة الدستورية العليا عليه . وقد تم العمل بحكم المحكمة . حقاً : الموت موت ، والموت حق ، ولكن الموت الرحيم أرحم من الموت الرجيم .
لكل ما تقدم من أسباب وما يتفرع عنها أرى أن التغيير قد نضج .
السؤال الثاني : كيف تنظرون إلى علاقة الداخل والخارج في هذا التغيير .
الجواب الثاني : إن هذا السؤال يحتاج إلى إيضاح مهم ، لأن بعض ذوي المصالح وبعض هزازي الرؤوس تأييداً يتهمون كل من يقول بالديمقراطية بأنه "عميل أمريكي" ، وكأن هؤلاء معادون لأمريكا ، وكأن الديمقراطية رسالة أمريكية . لا ، ليس الأمر هكذا :
في عام 1979 وضعنا ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي . وفي هذا الميثاق نص على وجوب إجراء تغييرات بنيانية في هذا النظام ليصبح ديمقراطياً ، كما طالبنا بجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد ، وبقوانين تسمح بحرية الأحزاب ، والإعلام و . . . الخ ، وأصدرنا بياناً كان السبب المباشر في حملة اعتقالات طالت عدداً كبيراً من أعضاء أحزاب التجمع ، قضوا عشرات السنوات في السجن ومات عدد منهم تحت التعذيب ، إلا أن هذا لم يغير من البرنامج السياسي المعتمد للتجمع .
حدثت تطورات سياسية مهمة بين ذاك التاريخ واليوم ، لعل أهمها فيما يتعلق بالسؤال ، هو أن الأخوان المسلمين ، بين عامي 79 و 82 ، شنوا أعمالاً عنفية شديدة ضد النظام كما رد عليهم النظام بأعمال عنفية شديدة . وكان موقف التجمع التأكيد على الوحدة الوطنية ، والسلام الأهلي ، وإدانة الاغتيالات وكافة أشكال العنف من الطرفين ، ووصفها بأنها طائفية وطائفية مضادة . وأكد على أنه يعتمد النضال الديمقراطي لإحداث تغييرات بنيانية بالنظام ، وكان آخر أعمال العنف المهم هو عصيان مدينة حماه . . ومجزرة حماه . وصدر القانون رقم 49 بإعدام أي مواطن يثبت انتماءه للأخوان المسلمين .
كما جرى اجتياح لبنان عام 82 من قبل إسرائيل لضرب المقاومة الفلسطينية ، ووصل الاجتياح لاحتلال بيروت ، إلا أن نضال اللبنانيين وبمساعدة سورية أدى إلى انكفاء إسرائيل إلى الجنوب الحدودي . وخرجت المقاومة الفلسطينية من شمال لبنان بموقف سوري – لبناني ، لا نحسد عليه . وقد أدان هذا الموقف التجمع الوطني الديمقراطي .
كما جرى احتلال الكويت من قبل العراق في عام 1991 – بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية – وشاركت سورية ومصر – من الدول العربية – في التحالف الذي دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية "لتحرير الكويت" . ودخلت القوات السورية فعلاً إلى الكويت مشتركة في "عاصفة الصحراء" . وقد أدان التجمع الوطني الديمقراطي موقف سورية ومصر التحالفي مع الولايات المتحدة الأمريكية ، والاقتتال العربي العربي .
وكذلك دخل النظام في محادثات سلام وتسوية مع إسرائيل في مدريد ، ولا يزال حتى اليوم يطالب بمحادثات سلام . وخلال ذلك لم تطلق طلقة واحدة عبر خط الفصل على إسرائيل في حين استفزتنا إسرائيل عدداً من المرات بشكل مباشر . واكتفت سورية بأن تدعم "حزب الله" ليقاتل إسرائيل عبر جنوب لبنان .
بعد هذا العرض الموجز المكثف نتساءل : هل سورية معادية فعلاً للولايات المتحدة الأمريكية ، إنها ليست معادية ، ونحن – ضمن ظروف النظام – لا نطلب منها ذلك .
وبالمناسبة أين تذهب الـ80% من الموازنة على الجيش – والنظام قد تحدث عن التوازن الاستراتيجي - ؟! . ولماذا ليس لدينا ميزان قوى متكافئ مع إسرائيل ؟. على الأقل ، لا لنحارب بل لنفاوض من مركز مقبول . . . يقول بعضهم لقد باتت تصرف على التنمية ولكن بالمقارنة بين سورية وإسرائيل ، إن مساحة سورية ثلاثة أضعاف مساحة إسرائيل ، وعدد سكانها أكثر من ثلاثة أضعاف سكانها ، وفيها مواد أولية مهمة لا توجد في إسرائيل ، ومع ذلك فإن الدخل القومي الإسرائيلي أكثر بخمسين ضعف الدخل القومي السوري .
إن الإدارة ، مثل السياسة هي : فن تحريك البشر والأشياء .
------- ------- ------- ------- ------- ------- ------- -------
بعد ثورة العلم والتكنولوجيا وانتهاء الحرب الباردة بدأت الولايات المتحدة تبسط هيمنتها أكثر على العالم ، لما لا وهي تملك /1200/ قاعدة عسكرية برية وبحرية منتشرة في جميع أنحاء العالم ولها أسطول بحري ضخم تتقدمه حاملات طائرات تعتبر قواعد بحرية متنقلة ، ولها أسطول جوي كبير ، ولها وكالات أنباء تغطي الكرة الأرضية ، ولها وكالات مخابرات مهمة و منتشرة لا تعتمد على عناصرها فقط بل ويمدها بالمعلومات عشرات الأقمار الصناعية ، وتملك ثمانين بالمئة من الشركات متعددة الجنسيات أو العابرة للقارات .
وأخذت تبشر بالعولمة بمشاركة الدول السبع الصناعية وبمعاونة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
ثم جاءت ضربة الطائرات لمركز التجارة العالمي وللبنتاغون فتحولت الولايات المتحدة الأمريكية - بحجة مكافحة الإرهاب – إلى العمل الإمبراطوري ، فاستولت على أفغانستان وعلى العراق ، وأعلت أنها ستعيد النظر بأوضاع الشرق الأوسط .
في حربها على / وبالعراق صادفها ثلاثة مسائل لم تكن في حسابها تماماً : 1 – معارضة معظم دول العالم لهذه الحرب . 2 – لم يظهر ، وثبت عدم وجود أسلحة دمار شامل . 3 – ظهور مقاومة عراقية عظيمة كبدت وتكبد أمريكا الكثير من الخسائر البشرية ، والكثير الكثير من الخسائر المالية .
وقد أعلن بوش أن محور الشر هو : العراق ، وإيران ، وكوريا الشمالية ، وتتحرش الآن أمريكا بإيران ، وتعتبر سورية حليفة إيران ، وتتعاون معها في دعم حزب الله . و الإدارة الأمريكية تعتبر حزب الله المقاوم لحليفتها إسرائيل حزباً إرهابياً ، كما تعتبر حركتي حماس والجهاد الإسلامي حركتين إرهابيتين ، وتتهم أمريكا سورية بمساعدة حركة المقاومة العراقية ، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن طويل تعتبر سورية من الدول الداعمة للإرهاب . وقد اتخذ الكونغرس الأميركي قراراً بفرض عقوبات اقتصادية على سورية بأكثرية كبيرة شملت الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ( 94 عضواً من أصل مئة عضو ) .
ثم بعد التجديد لرئاسة الجمهورية اللبنانية اشتركت فرنسا ( أوروبا ) والولايات المتحدة الأمريكية بالقرار رقم 1559 الصادر عن مجلس الأمن وقد تضمن : 1 – خروج سورية من لبنان . 2 – تجريد حزب الله والمخيمات الفلسطينية من السلاح . 3 – مرابطة الجيش اللبناني على الحدود الإسرائيلية .
بعد الحرب على العراق والتهديدات لسورية ، أخذ التجمع الوطني الديمقراطي موقفاً وطنياً يتضمن مطالبة الموقف السوري بالانفراج الديمقراطي ، ودعا إلى مصالحة وطنية ( وعفى الله عما مضى ) إلا أن النظام أصم آذانه عن مطالب المعارضة . وبات يقول للأمريكان إن المعارضة أشد عداءً للأمريكان . فهي معارضة وطنية .
في الواقع أن :
1 – للإدارة الأمريكية مشروعها في الشرق الأوسط . 2 – وللنظام السوري مشروعه القائم . 3 – وللإخوان المسلمين مشروعهم الذي أعلنوه في "ميثاق الشرف" وفي برنامجهم السياسي . وأخيراً في الدعوى لعقد مؤتمر وطني خلال ثلاثة أشهر ؟ . 4 – وللقوى القومية الديمقراطية مشروعها الذي أعلنت عنه في ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي وفي مشروع برنامجها السياسي ، وكذلك في بيانات لجان إحياء المجتمع المدني ، وفي معظم المحاضرات التي ألقيت في منتدى الدكتور جمال الأتاسي ، وفي بيانات لجان حقوق الإنسان .
التجمع الوطني الديمقراطي يطالب بتغييرات بنيانية في النظام السوري القائم ، ليصبح :
نظاماً يقوم على التعددية السياسية ، واحترام الرأي الآخر .
نظاماً يقوم على فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية .
نظاماً يسمح بحرية الأحزاب والجمعيات والنوادي ، كما يسمح بحرية الإعلام سواء في البحث أو في النقد .
نظاماً يسمح بتداول السلطة عن طريق الانتخاب الحر .
نظاماً عادلاً يعطي العمال والفلاحين حقوقهم ، ويسمح بالاستثمار لرأس المال في الصناعة والزراعة والخدمات من أجل نمو اقتصادي يساعد في نمو اجتماعي وثقافي .
نظاماً قادراً على تحرير الأرض المحتلة . وكذلك تحرير الإنسان رجلاً كان أو امرأة .
هذا في حين أن مشروع الإدارة الأمريكية المتحالفة مع إسرائيل هو الهيمنة على المنطقة بما فيها سورية ، وتطبيق مشروعها للشرق الأوسط . إن تغيير النظام بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية هو لإقامة نظام أكثر طوعية وأكثر قبولاً بالإملاءات الأمريكية – الإسرائيلية .
نأمل من النظام الذي أصم آذانه عن كل نداء أن يتعظ بالدرس العراقي . . . كما نتمنى على الإدارة الأمريكية أن تتعظ بالدرس العراقي .
إن شعبنا في سورية شعب واع و قادر على إدارة أموره بنفسه ، دون وصاية أو هيمنة . وشعبنا يناضل من أجل أن يمتلك حريته وإرادته ، وسيمتلكها مهما اشتدت المحن وفي سورية إمكانيات مادية وبشرية قادرة على جعل نفسها جنة ديمقراطية تعيش في ازدهار وحرية .
السؤال الثالث : كيف ترون جاهزية المعارضة ( شعبياً وسياسياً ) للدخول في هذه العملية ، وأين يكمن قصورها إن وجد ؟
الجواب الثالث : المعارضة من الناحية السياسية جاهزة للدخول في عملية التغيير ، حيث تمتلك منهجاً وبرنامجاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً . أما من الناحية الشعبية فالمعارضة ضعيفة وضعفها ناجم عن مناهج الاستبداد التي عاشها شعبنا أكثر من أربعة عقود من الزمن ، حيث منع المواطن من الاهتمام بالشأن العام أي من العمل بالسياسة . إن الحديث في السياسة حديث نقدي وأي نقد كان كافياً للاستدعاء والتحقيق ، وغالباً الاعتقال والزج بالسجن ، ومعظم الأحيان في التعذيب . وانتشر القول إن الداخل إلى السجن مفقود ، والخارج سليماً مولود . . . وانتشرت شبكات المخبرين بشكل لم يسبق لها مثيل وهؤلاء كانوا يحصون على المواطن : حركاته وسكناته ويراقبون أي مهتم بالشأن العام : من يرافق ، ماذا يقول ماذا يعمل ، ماذا يقرأ ، ماذا يأكل ، أين يتحرك أو يسافر ، ومتى ينام . . الخ . ولم يتطور أي جهاز إدارة في الدولة ، ولا زود بأجهزة حديثة ، مثلما تطورت وزودت أجهزة الأمن الخمسة الموجودة في البلد .
يضاف إلى ذلك أن النظام الشمولي هو الذي يدرّس الناس ويوظف الناس ، وشعار "البعث طريقنا" هو الشعار العملي السائد حيث تعلم الكثير . . الكثير من الناس : التزلف ، والمناورة ، والانتهازية . . لقد عشش الخوف في قلوب الناس ، بل وسكن الرعب في أذهانهم . . فكيف يمكن لهؤلاء أن يهتموا ويشاركوا في شؤون الشأن العام ؟! . الأمر يحتاج إلى وقت . ومع ذلك فإننا على قناعة بأن الرأي السليم والموقف السليم يؤثر في الناس ويعملوا على تحقيقه أو تطبيقه .
لقد قصرت المعارضة في أنها لم تكن جسورة في مواجهة النظام الذي تجاهلها بل وعارض اتجاهاتها . وغلبت عليه خطة استمرار النظام على خطة الإصلاح والتغيير والتطوير .
السؤال الرابع : ما الأدوات والوسائل التي ترجحون اعتمادها من أجل التغيير؟
الجواب الرابع : نحن في التجمع ومنذ إنشائه اعتمدنا أسلوب النضال الديمقراطي من أجل التغيير ، وهذا الأسلوب يعتمد الإعلام والنشر كما يعتمد التحرك بين صفوف الشعب ، فهو الأداة والوسيلة من أجل توقيع العرائض والبيانات ، وكتب المطالبة والاحتجاج ، وكذلك من أجل التجمع والتظاهر في المناسبات السياسية والاجتماعية وفي فترة مرت اعتمدنا إقامة المنتديات الثقافية ، إلا أن النظام شن حملة لإغلاق هذه المنتديات ، وأبقى فقط على منتدى جمال الأتاسي . إلا أنه اعتقل الناطق الإعلامي باسمه ، كما اعتقل عدداً من المحاضرين ، وحكم عليهم مدداً تتراوح بين سنتين ونصف وعشر سنوات .
وأرى من المفيد دراسة إحياء المنتديات ، والعمل بها من جديد لنشر الوعي الثقافي والوعي السياسي .
كما من المفيد استخدام الفاكس والإيميل والانترنت لنشر المعلومات والبيانات .
السؤال الخامس : هل يشكل "المؤتمر القطري" القادم برأيكم محط أمل لقرارات جدية في هذا الاتجاه ؟ ولماذا ؟
الجواب الخامس : في المؤتمرات السابقة لم نر قرارات جدية جديدة تحترم المجتمع والدولة ، بل رأينا قرارات تكرس الوضع الراهن وتشيد به ، بلى رأينا بعض الوجوه الجديدة التي لا تختلف إلا بالشكل عن سابقتها .
أما المؤتمر القادم الذي ينعقد في ظل ضغوط واستحقاقات داخلية وخارجية مهمة ، كما ينعقد بعد انحسار دور سورية الإقليمي بخروجها من لبنان . وينعقد وسورية مهددة بحريتها واستقلالها . فلابد من أن يتخذ المؤتمر عدداً من القرارات الهامة ، التي تساعد في انتقال سورية إلى وضع وطني وديمقراطي ، وأرى من المفيد أن نقترح عليه بعض مشاريع القرارات :
تعديل الدستور . ولعل من الأنسب الموافقة على عقد مؤتمر وطني يتوافق على لجنة تضع قانوناً انتخابياً جديداً ، ومن ثم انتخاب جمعية تأسيسية تصيغ دستوراً جديداً .
إلغاء الأحكام العرفية والمحاكم الأمنية الاستثنائية ، والإفراج عن كافة معتقلي الرأي .
السماح بعودة المبعدين طوعاً أو قسراً ، والعفو عن من صدرت أحكاماً غيابية بحقهم .
تكليف لجنة – ولها أن تستعين بالكفاءات القانونية والسياسية من خارج أعضاء المؤتمر – لوضع قانون يسمح بحرية الأحزاب والجمعيات والمنتديات .
تكليف لجنة لوضع قانون يسمح بحرية الإعلام ، وإجراء تعديلات جوهرية بقانون المطبوعات .
اتخاذ كافة الإجراءات التي تسمح بحرية المواطن والتمتع بحقوقه الإنسانية ، بما في ذلك حريته في القول ، والفعل ، والحركة . .
ومن المفيد هنا طلب إلغاء القانون رقم "6" والقانون رقم "49" لما لهما من انعكاسات سلبية .
السؤال السادس : يبدو أن الاستبداد لا يريد أن يرحل ، ما النتائج المترتبة على استمراره أكثر ؟ .
الجواب السادس : إن استمرار نظام الاستبداد ، يعني استمرار الفساد ، ويعني استمرار كافة النتائج السلبية التي ذكرت في معرض الرد على الأسئلة السابقة .
وفي واقع التهديدات الخارجية بكون قد وضع سورية في فم الضبع ، الضبع الالكتروني الشره للافتراس والتمزيق .
السؤال السابع : كيف ترون صورة "سورية المستقبل" وأين موقعها اليوم بين الحلم والواقع ؟ .
الجواب السابع : في الحلم سورية المستقبل ، سورية بلد وطني وديمقراطي يتعايش أبناؤه في وحدة وطنية ، وسلم أهلي ، واستقلال مكتمل ويعمل أبناؤه لتحرير الأرض والإنسان ، ولبناء سورية الحديثة سورية التقدم والحضارة ، سورية المحبة والحرية . إنها واحة العرب . ولأنها تتوافر على إمكانيات مادية وبشرية ، قادرة على الوعي والنهوض ، فيمكن أن تصبح نموذجاً يحتذى .
أما في الواقع : "اللهم أجرنا من شر أعمالنا واحمنا من الطاغوت "
وأخيراً أعتقد أن سورية : الوطن والشعب قادرة على تجاوز كافة الصعوبات والعقبات .
دمشق في 15/4/2005
عضو قيادة التجمع الوطني الديمقراطي
والناطق الثاني باسمه
المستشار طارق أبو الحسن
"الرأي / خاص"