-
دخول

عرض كامل الموضوع : الذي لم تتعلمه حركة حماس من حزب الله


هدهد سليمان ع
03/10/2006, 15:43
لاشك أن المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان والمتمثلة في حزب الله قد أعطت دروسًا فنية وعسكرية بطولية، سيكون لها تأثير مباشر على جميع حركات المقاومة الإسلامية، ولن يقتصر هذا المد على حركات المقاومة الإسلامية فقط، بل ستكون فيه عبر وتجارب لحركات انفصالية وعسكرية في جميع أقطار العالم، ولن نستغرب إن رأينا الأسلوب القتالي الفني الذي قدمه حزب الله في جنوب لبنان يستفيد منه نمور التاميل في سيرلانكا أو أي حركات أخرى. إن ما قدمته المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان هو نوع جديد من فنون المقاومة لن يقل أثرها وصداها في التاريخ عن ما قدمته المقاومة في فيتنام.
إلا أن ما يعنينا في هذا المقال هو حركات المقاومة الإسلامية بالذات، ولعل أبرز شاهد حي وأكبر مستفيد من تجربة جنوب لبنان هي حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس)، فبالنسبة لحماس رسمت المعركة الأخيرة التي قادتها المقاومة اللبنانية الخطوط العريضة لسيناريو المواجهة مع العدو الصهيوني، فالآلات الحربية، والجنود، والقادة العسكريون، والخطط والإمكانات العسكرية هي واحدة، والعدو واحد في الجبهتين، ولاشك أن الجناح العسكري في حركة حماس سيدرس ويستفيد من كل نتائج هذه الحرب ونقاط القوة ونقاط الضعف في الخصم، ولاشك كذلك أنه سيستثمر البنية الاجتماعية لجماهير المقاومة الداعمة كما فعلت المقاومة في جنوب لبنان، ويكفينا شاهد على ذلك أن إسرائيل باتت تهاب بشكل منقطع النظير من انتشار وامتداد تلك الأنماط العسكرية المقاومة، وذلك الأسلوب الذي ابتدعته المقاومة في جنوب لبنان، فإسرائيل اليوم تبحث عن مغاور وأنفاق في قطاع غزة بعدما عرفت كيف لعبت تلك الأنفاق في رجحان كفة المقاومين وكيف أثرت في مجريات الحرب، ولا شك أن القيادة العسكرية الصهيونية تدرس بجد الخيارات العسكرية وآثارها الإستراتيجية فيما لو تم تسريب الأسلحة المضادة للدروع التي استعملها حزب الله إلى المقاومة في فلسطين، وهل بالفعل سيكون حينها في مقدور الدبابات الإسرائيلية التوغل بعنجهية كلما طاب لها ذلك في أزقة وبيوتات المدن الفلسطينية كغزة ونابلس ورام الله وغيرها.
إنَّ الدروس العسكرية التي سترشح جراء انتصار المقاومة في جنوب لبنان سيكون لها أثر استراتيجي الهام في رجحان كفة المقاومة في فلسطين من الناحية العسكرية، وستبين الأيام ذلك في المدى المنظور، إلا أن السؤال الهام هنا... هل أن فنون القتال العسكرية هي كل ما على حركة حماس أن تتعلمه من حزب الله بعد هذه الحرب الطاحنة؟
يخطأ من يعتقد أن الإجابة هي نعم، ويخطأ من يظن أن المعطيات العسكرية هي الأولوية والاستفادة الأهم التي على حركة حماس أن تستفيد منها بعد هذه التجربة، إن القيادة في حركة حماس بشقيها السياسي والعسكري قد غفلت درسًا هامًا بل أولوية كبيرة في كفة الصراع، وإذا لم تستدرك حركة حماس الالتفات لهذه الأولية فهي أمام مخاض خطير قد يؤدي إلى تفكك منظومتها المقاومة بشكل كامل.
فقبل ما يقرب من ستة أشهر وقفت حركة حماس أمام تحد كبير وكان نقلة نوعية لم تكن الحركة ـ كما بينتها الأيام بعد ذلك ـ على مقدرة من التعامل معها بالشكل السليم، إن تلك النقلة هي وصول حركة حماس لزمام الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، ومع قناعتنا أن أخوة التراب في فلسطين من حركة فتح والحركة الشعبية وغيرها قد تعاونوا ـ بشكل أو بآخر ـ في دفع حركة حماس وحيدة في المواجهة الجديدة عبر تشكيل حكومة كاملة من حماس دون المشاركة فيها رغبة في دفع الحركة إلى زاوية الفشل لأسباب حزبية فئوية، ومع قناعتنا كذلك بأثر التحالف العالمي الذي أقيم لضعضعة هذه الحكومة وهي لمّا تخرج من مخاضها بعد، إلا أن حركة حماس ساهمت بشكل غير مباشر في إضعاف هذه البنية أيضا.
لقد قامت الحركة من حيث لا تعلم بخلخلة توازن منظومتها المقاومة حينما زجت بجميع القيادات من الصف الأول والثاني في الحركة إلى تولي زمام الحكومة الفلسطينية، فمسك السيد إسماعيل هنية رئاسة الوزراء، والدكتور محمود الزهار وزارة الخارجية، وعضو القيادة السياسية سعيد صيام وزارة الداخلية، ويعتبر هؤلاء الثلاثة أهم قيادات الصف الأول في الداخل الفلسطيني بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، بينما تولت قيادة الصف الثاني من الحركة رئاسة البرلمان والتمثيل النيابي والوزاري في جميع القطاعات، وعندها حدث الخلل في منظومة الحركة السياسية، فدخول جميع هذه القيادات التاريخية (لاسيما الصف الأول) تحت مظلة الحكومة جعلها تتقيد بطبيعة الحال بخطاب الدولة التي تحكمه الدبلوماسية الدولية، فخطاب الثورة والمقاومة والتهديد لإسرائيل الذي كان يقدمه هنية والدكتور الزهار أثناء المواجهات المستمرة مع الكيان الصهيوني لشحذ همة الشارع وتوجيه المقاومين، تحوّل إلى خطابات الدولة التي تغلفت بعبارات الإدانة والاستنكار ودعوة المجتمع الدولي وغيرها من العبارات التي ألفت آذننا سماعها من قيادات حركة فتح داخل الحكومات الفلسطينية السابقة أو خارجها، وعندها ضاع خطاب المقاومة والثورة لحركة حماس أو ضعف بشكل كبير، ولم تستطع القيادة في الخارج المتمثلة في السيد خالد مشعل من سد هذا الفراغ، فالقيادة الخارجية بعيدة عن الحراك اليومي المتغير بشكل متسارع في الداخل الفلسطيني، مما يصعّب من عملية المواكبة للداخل، كما أن ظروف الخارج في الدول المحتضنة لهذه القيادات لاسيما سوريا لا تسمح لها بتصدر الخطاب الثوري للحركة، خاصة في ظل الضغوطات الدولية والظروف الصعبة التي تحيط بسوريا، وتطالبها بفك دعهما عن حركات المقاومة في فلسطين ولبنان وتسليم قيادتها أو طردها من الأراضي السورية، ولم يبق في هذه الحالة إلا أن يتصدر خطاب المقاومة شابان هما السيدان سامي أبو زهري وبشير المصري كمتحدثين رسميين عن حركة حماس، وبالرغم من كفاءتهما العالية إلا أن الخطاب الثوري يتطلب شخصيات قيادية من الصف الأول، وهي الوحيدة القادرة على المحافظة علي شعلة المقاومة في الشارع، كما أنها بطبيعة الحال الأكثر خبرة وقدرة على تولي قيادة الحركة ورسم إستراتيجيتها المقاومة.
في الجهة المقابلة لو نظرنا إلى حزب الله في لبنان، سيتكشف لنا بوضوح الدقة والحرص على عدم اختلال منظومة المقاومة في الحزب، فقيادات الصف الأول احتفظت بالتوجيه ورسم الإستراتيجية المقاومة للحزب وتصدر الخطاب الثوري المقاوم المتمسك بالحقوق إلى أبعد حد، ونأت عن نفسها التقيد بأطر دبلوماسية الدولة والتزاماتها القانونية والأدبية أمام المجتمع الدولي، فمسكت زمام الشارع وحافظت على التأثير، وهذا ما جعلها تحافظ على هيبتها أمام الصديق وقوتها أمام العدو، وفي نفس الوقت ساهم حزب الله عبر قيادات من الصف الثاني والثالث الانخراط في الدولة والبرلمان للمساهمة في تقوية القرار الحكومي عبر وزراءه ونوابه، دون أن يكون في التزام هؤلاء الممثلين ـ لاسيما الوزراء ـ أي ضعف جراء انخراطهم تحت شروط خطاب الدولة، وبهذا التوزيع المتوازن، حافظ حزب الله على قوة ووحدة الخطاب السياسي والإعلامي المقاوم، دون أن يغفل الحراك الدبلوماسي الذي يتطلب بعض المرونة في الداخل الحكومي اللبناني، كما أن وزراء الحزب في الحكومة لم يتصدروا خطاب الثورة الذي قد يثقل على الشركاء في المجلس الوزاري، ويؤدي إلى الفرقة، فلزموا خطاب الدولة والحكومة دون أن يكون على حساب الحقوق.
إن هذا تمامًا ما يجب أن تتعلمه حركة حماس من حزب الله وكأولوية قصوى، إننا نعتقد أن على الحركة إعطاء أولوية لإعادة دراسة توزيع القوى القيادية والسياسية ما بين العمل الحكومي وخطابه، والعمل المقاوم وخطابه، دون أن يكون للأول أولوية على الثاني، أو يكون الثاني تجميد للأول، ولا ينبغي أن يغفل عن أنماط القيادات التي يجب أن تتواجد في كلا الجبهتين، فلكل جبهة رجالها، كما نرى أن هناك أولوية لأن تمضي الحركة سريعًا لإقامة حكومة وحدة وطنية وإن استلزم ذلك بعض التنازلات المؤلمة، فهي السبيل الوحيد لقطع الطريق أمام المبررات الإسرائيلية الأمريكية من أن الحكومة الفلسطينية الحالية ما هي إلا تجمع لقيادة حركة حماس، وهي بذلك تعطي لنفسها الضوء الأخضر في كل حين لاعتقال أي وزير أو نائب في المجلس التشريعي تحت مرأى ومسمع من العالم كله.
حسن الشارقي
جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية- مملكة البحرين

لمزيد من الإطلاع الرجاء الضغط على الوصلة التالية :*** تعديل اداري *** ممنوع وضع وصلات لمواقع خارجية

جورج الأول
03/10/2006, 21:11
في متل عنا بالشام بقول "ضرب و هرب " بس مشكلة هالمتل انو اذا طبقتو اليوم يمكن بوكرا ما عاد فيك طبقو.