-
دخول

عرض كامل الموضوع : معرض لوحات للفنان الراحل الشهيد ناجي العلي


صفحات : 1 [2]

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 16:30
القسم الثالث من المعرض هو عن لوحات الفنان ناجي العلي عن الحكام العرب .. والشعب العربي ..


وهي القسم الأول من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 16:32
القسم الثاني من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 16:40
القسم الثالث من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 16:44
القسم الرابع من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 16:47
القسم الخامس من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 16:51
القسم السادس من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 16:57
القسم السابع من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 17:04
القسم الثامن من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 17:14
القسم التاسع من اللوحات

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 17:20
وبهذه اللوحات نكون قد انتهينا من معرض الفنان الشهيد ناجي العي ( طبعا" هذا كل ما توفر بين يدي من لوحاته )

وبالختام بعض اللوحات للشخصية الرائعة التي ابتكرها ناجي العلي .. ( حنظلة) الذي سيبقى دائرا" ظهره لكل العرب ولكل العالم ولن يدعنا نرى وجهه الطفولي الرائع حتى تعود فلسطين


ونعطر ختام المعرض بقصيدة الشاعر العراقي أحمد مطر في رثاء الشهيد المبدع ناجي العلي ..

ما أصعب الكلام

قصيدة إلى ناجي العلي

ــ أحمد مطر ــ
شكراً على التأبين والإطراء
يــا مــعشـر الخطبـاء والشـعـراء
شـكراً عـلى مــاضـاع مـن أوقـــاتـــكم
في غـمـرة الـــتـدبـيج والإنـشـاء
وعــلى مـداد كـان يــكـفــي بـــعــضـه
أن يــغـرق الـظـلمـاء بالـظـلمـاء
وعــلى دمــوع لـــو جـــرت في الـبـيـد
لانـحلـت وسـار المــاء فوق الماء
وعـــواطـف يــغـــدوا على أعــــتــابها
مـجـنـون لــيـلى أعـقـل العقلاء
وشـجـاعـة بـــاسم الــقـــتـيـل مشـيرة
لـلــقـاتـلـيـن بـغـيـر ما أســـماء
شكراً لكم ؛ شـكراً ؛ وعــــفـواً إن أنا
أقلعت عن صـوتي وعن إصغائي
عـفواً ؛ فلا الــطـاووس في جـلدي ولا
تــعـلـو لـسـانـي لـهـجـة الببغاء
عــفـوا ً؛ فـلا تروي أسـاي قـصـيـدة
إن لم تـكـن مـكـتـوبـة بدمــائي
عفـواً ؛ فــإنـي إن رثـيـــت فـإنــــما
أرثــي بـفـاتــحة الكتـاب رثـائي
عــفـوا ً؛ فــإنـي مــيــت يـــا أيــهـا
المـوتـى ؛ ونـاجـي أخــــر الأحياء

ناجي العلي لقد نجوت بقدرة
مـــن عـارنـا ، وعـلـوت لـلعـلياء
إصـعد ؛ فــمـوطنـك السماء ؛ وخلنا
فــي الأرض إن الأرض لـلــجـبناء
لــلمـوثــقــيـن عـلى الربـاط ربـاطنـا
والــصـانـعـين الـــنـصر في صنــعاء
ممن يـرصـون الــــصـكوك بـزحـفهم
ويـــنـــاضـلـون بـرايـــة بـيــضـاء
ويـسـافحون قــضـيـة من صـلــبـهم
ويــصافـحــون عـــداوة الأعــــداء
ويــخـلفـون هـزيـمــة ؛ لم يـعـترف
أحــــد بــها، مـن كـثـرة الآبــــــاء
إصـعـد فـمـوطـنـك المـرجى مخـفـــر
مــتـعـدد الــلهـــجــات والأزيــــاء
للشــرطـة الخـصـيـان؛ أو للشــرطـة
الـــثـوار ؛ أو للشــــرطــة الأدبـــاء
أهل الكروش القابضين على القروش
مـن الــعـروش لــقـتـل كــل فـدائـي
الهـاربـيـن مـن الـخنــادق والبـنـادق
لـلـفــنــادق في حـمـى العــمــــلاء
القـافـزيـن مـن اليـسار إلى الـيـمـيـن
إلى اليسـار إلى اليمين كقـفزة الحرباء
المـعـلـنـيــن من القـصور قــصورنــا
واللاقــطـيـــن عــطـيـــة اللـقــطـاء
إصـعد ؛ فـهذي الأرض بـيت دعارة
فـيــها الـبــقــاء مــعــلــق بـــبـغاء
من لم يـمـت بـالسـيـف مات بطلقة
من عــاش فـيــنــا عـيـشـة الـشرفاء
ماذا يـضـيـرك أن تــفــارق أمــــــة
ليـسـت سـوى خـطأ مـن الأخــطاء
رمـل تــداخل بـعــضـه في بـعـضــه
حـتـى غــدا كالـصــخــرة الـصـماء
لا الريـح تـرفـعــها إلى الأعــلى ولا
الـنـيـــران تــمــنـعــها من الإغـفـاء
فـمـدامـع تبكيــك لـو هي أدركت
لـبـكت عـلى حــدقـاتـهـا الـعـميـاء
ومـطـابـع تـرثـيـك لو هي أنصفت
لـرثـت صــحـافــة أهــلــها الأجراء
تـلك الـتي فـتـحـت لنعيك صدرها
وتــفــنــنــت بــروائــع الإنـــشــاء
لكـنــها لم تــمـتــلـك شــرفاً لكي
تــرضــى بــنــشــر رسومك العذراء
ونعتك مـن قبـل الممات ؛ وأغلقت
بــاب الـرجـــاء بــأوجـــه الــقـــراء
وجــوامــع صــلت علـيـك لو أنها
صــدقـت لــقــربــت الــجهاد النائي
ولأعلنت بـاسم الـشـريـعة كفـرها
بــشــرائـــع الأمـــراء والــــرؤســاء
ولـــساءلــتــهم : أيــهم قـد جـاء
مــنــتــخـبــاً لــنـا بـإرادة الـبـسـطاء؟
ولــسائلتهم: كيف قد بـلغوا الغنى
وبـــلادنــــا تـــكتـــظ بــالـفــقــراء؟
ولمـن يرصــون الـسلاح؛ وحربهم
حـب ؛ وهــم في خــدمــة الأعــداء؟
وبــأي أرض يــحكمــون وأرضنا
لم يــتــركوا مــنــها ســوى الأسـماء؟
وبأي شــعـب يـحكمون، وشعبنا
مــتـــشـعــب بــالــقــتل والإقــصاء؟
يحــيــا غــريــب الدار في أوطـانه
ومــطـــارداً بــــمـــواطــن الــغــرباء
لــكنــمـا يــبـقى الـكـلام محــرراً
إن دار فـــوق الألـــسـن الخــرســــاء
ويـــظـل إطـــلاق الـعويــل محللاً
مـا لم يـــمـــس بـــحـــرمــة الـخلفاء
ويــظـل ذكرك بالصحيــفة جائزاً
مـــادام وســـط مـــسـاحـــة ســـوداء
ويــظـل رأســك عـاليـاً مادمــت
فـــوق الـــنـــعش مـحمولاً إلى الغبراء
وتــظل تحت "الزفت" كل طباعنا
مــادام هــذا الـنـفــط فــي الــصـحراء

الــقــاتــل الــمأجـور وجه أسود
يخــفــي مــئـــات الأوجـــه الـصـفراء
هي أوجـه أعجازها منها استحت
والخــزي غــطـــاهــا عــلـى استحيـاء
لمــثـــقــف أوراقه رزم الصـكوك
وحــبـــره فـــيــــها دم الـــشـــهـداء
ولـــكاتــب أقـــلامــه مـشدودة
بــحــبــال صــوت جــلالــة الأمــراء
ولــنــاقــد "بـالـنـقـد" يذبـح ربه
ويــبـايــع الــشــيــطان بـــالإفـــتــــاء
ولــشاعر يكتـظ من عسل النـعيم
عــلى حــســاب مــرارة الــبــؤســـاء
ويـــجـــر عـصـمته لأبواب الخنا
مــلــفــوفــة بـقـصـيــدة عـــصــمــاء
ولــثــائــر يــرنــو إلى الـحــريــة
الــحـــمـــراء عــبـــر الـلـيـلة الحمراء
ويعوم في "عرق" النضال ويحتسي
أنــخــابـــه فــي صــحــة الأشـــــلاء
ويــكــف عـن ضغط الزناد مخافة
مــن عـجــز إصـبـعـه لـدى "الإمـضاء"
ولحــاكــم إن دق نــور الــوعـي
ظــلـمــتـه ؛ شــكا من شدة الضوضاء
وســعـــت أســاطيل الغزاة بلاده
لـــكــنــهـــا ضـــاقــت عـــلى الآراء
ونــفــاك وهـو مخمن على الردى
بـــك مـــحــدق فـالـنـفـي كالإفـنــاء
الــكــل مــشــتـــرك بقتلك؛ إنما
نـابـت يـــد الـــجــانــي عــن الشركاء

ناجي، تحجرت الدموع بمحجري
وحــشــا نــزيــف الــنـــار لي أحـشائي
لمــا هــويــت مـتــحــد الـهــوى
وهــويــت فــيـــك مـــوزع الأهـــواء
لم ابـك ؛ لم أصمت ؛ ولم أنهض
ولم أرقـد ؛ وكــلــي تــاه في أجــزائــي
فــفـجـيـعـتي بك أنني تحت الثرى
روحي ؛ ومـن فـوق الـثـرى أعــضــائي
أنــا يــا أنــا بـك مــيــت حـــي
ومحــتـــرق أعـــد الــنــــار لــلإطــفاء
بــرأت مــن ذنـب الـرثـاء قريحتي
وعــصــمـت شـيــطـانـي عـن الإيــحاء
وحـلــفـت ألا أبـتــديــك مودعاً
حـتــى أهيــئ مــوعــــداً لـــلــــقــــاء
ســأبــدل الــقــلـم الرقيق بخنجر
والأغــنــيـــات بــــطــعــــنــة نــجـلاء
وأمـد رأس الـحاكـمـيـن صحيفة
لــقــصــائــد ... ســأخـطـهـا بـحذائي
وأضـم صـوتــك بذرة في خافقي
وأضــمــهــم فـــي غـــابــــة الأصــداء
وألــقــن الأطـفـال أن عـروشهم
زبـــد أقــيـــم عــــلى أســــاس الــمـاء
وألـقــن الأطـفـال أن جـيـوشهم
قــطــع مــن الــديـــكــور والأضـــــواء
وألــقــن الأطـفــال أن قصورهم
مــبــنــيـــة بــجــمــاجـــم الــضــعـفاء
وكــنــوزهــم مــسـروقة بالعدل
واسـتـقــلالــهــم نــوع مــن الإخـصـاء
سأظل أكتب فـي الهواء هجاءهم
وأعــيــده بــعـــواصـــف هـــــوجــــاء
ولــيــشــتــم الـمتلوثون شتائمي
ولـــيـــســتــــروا عــوراتــهـــم بــردائي
ولــيــطـلـق المستكـبرون كلابهم
ولــيــقــطـعــوا عــنــقــي بـلا إبــطـــاء
لــو لـم تــعد في العـمر إلا ساعة
لـــقـــضــيــتــهــا بــشــتــيــمـة الخلفاء

أنا لست أهـجو الحاكمين ؛ وإنما
أهــجــو بــذكــر الحــاكـمــيــن هجائي
أمــن الـتـأدب أن أقـول لــقاتلي
عــذراً إذا جــرحــت يــديــك دمـائــي؟
أأقــول لـلـكلب الـعـقـور تـأدبـاً
دغــدغ بــنــابــك يـــاأخي أشـــلائــي؟
أأقــول لــلــقـواد يــاصـديق؛ أو
أدعــو الـــبـــغـــي بــمـــريـم الـعــذراء؟
أأقول لـلـمـأبـون حـــين ركوعه
حرمـاً؛ وأمــســـح ظـــهـره بــثــنــائي
أأقـول لــلـص الـذي يسطو على
كــيــنـــونــتـــي : شـكـراً على إلــغائي؟
الحاكمون هم الكلاب؛ مع اعتذاري
فـالــكــلاب حــفــيــــظــة لـــوفــــاء
وهم اللصوص القاتلون العاهرون
وكـــلـــهـــم عـــبـــــد بــلا اســتـثـناء
إن لـم يــكونوا ظالمين فمن ترى
مــلأ الــبـــلاد بـــرهـــبــــة وشـــقــــاء
إن لــم يـــكونـوا خائنين فكيف
مــازالـــــت فــلــســطـيــن لدى الأعداء
عــشــرون عــامـاً والبلاد رهينة
لــلــمــخـبـريــــن وحــــضـــرة الخــبراء
عشرون عاماً والشعوب تفيق من
غــفــواتــهــا لــتـــصــــاب بـــالإغـمـاء
عــشــرون عـامـاً والمواطـن ماله
شــغــل ســـوى الـــتـصـفـيــق لـلــزعماء
عـشرون عاماً والمفكر إن حكى
وهـبــت لـــه طـــاقـــيـــة الإخــــفـــــاء
عشرون عاماً والسجون مدارس
مــنـــهـاجـهـا الــتــنـكيــل بــالــسـجـناء
عــشــرون عــاماً والقضاء منزه
إلا مـــــن الأغـــــــراض والأهــــــــــواء
فــالــديــن مـعتقل بتهمة كونه
مــتــطــرفــاً يـــدعـــوا إلــى الـــضـــــراء
والله فــي كل الـــبلاد مـطارد
لـــضــلــوعـــه بـــإثـــارة الــغــــوغـــــاء
عشرون عاماً والنظام هو النظام
مـع اخــتـلاف الـلـــون والأســـمــــــــــاء
تمــضـــي بــه وتـــعـيـده دبابة
تــســـتــبـــدل الــعــمـــلاء بــالــعــمـــلاء
سرقوا حليب صغارنا؛ من أجل من
كــي يـــســـتـــعيـــدوا موطن الإسراء؟
هتكو حياء نسائنا؛ من أجل من
كي يـــســتـــعـــيـــدوا مـــوطـن الإسراء؟
خـــنــقــوا بــحـرياتهم أنفاسنا
كــي يـــســـتـــعـــيـــدوا مـوطن الإسراء؟
وصـلـوا بــوحـدتهم إلى تجزيئنا
كــي يـــســـتـــعـــيـــدوا مـوطن الإسراء؟

عاشق من فلسطين
30/05/2005, 17:24
عندما تتنكر الأرض بهيئة الإنسان
بقلم أحمد مطر أيضا".. في رثاء الفنان ناجي العلي

في ظهيرة يوم صيفي من أيام عام 1986 ، اجتمعنا على مائدة الغداء بمنزلي ، وكان باب الصالة مشرعا بوجه الحديقة المجنونة ، حيث الأعشاب التي أهملت قصها قد استطالت بوحشية عاتية ، حتى أصبحت قطعة من الأدغال .. وكانت دفعات الهواء المتأنية تغلغل أصابعها فيها ، مسرحة هاماتها بتموجات متصاعدة ، باعثة وشوشة عميقة موحية .
كان ناجي يحدق فيها مستغرقا .
قلت فيما يشبه الإعتذار: لم أجد وقتا لقصها . لكنه هتف باستنكار : ولماذا تقصها ؟ هي هكذا أجمل .. أنظر إليها .. إنها تصرخ بكل براءة الطبيعة .. أتعرف كم أحب هذا المنظر ؟ أود الآن أن أنطلق راكضاً خلالها وكأنني في الأحراش .. هكذا أشعر بعذوبة الأرض وهي على فطرتها ، إنها غير الأرض الخارجة من صالون التزيين ، والجالسة حسب قواعد الإتيكيت .
قلت له ضاحكاً : اغتنم الفرصة ، إذن، قبل زوالها ، وقم فاركض خلالها بعد الغداء .
ضغط على يدي ضغطة متوسلة : لا تقصها . لم يكن ممكنا ، بالطبع ، أن تبقى هذه الأعشاب الطفيلية دون قص ، لكنني كنت أفهم شعور صاحبي جيداً ، ولعلي كنت مثله مغرما بمنظرها المتوحش ذاك .
ولهذا ، فقد أحسست - ساعتها - بأن نبرته التي كانت دفاعا حاراً عن أعماقه ، إنما هي دفاع ضمني عن أعماقي أنا .
يفهم هذا الشعور من تفتحت عيناه على الخضرة العارمة المتدفقة على رسلها في الحقول ، ومن غاصت رجلاه في طين البساتين ، ومن امتلأت رئتاه برائحة التراب بعد المطر .
ربما يبدو الأمر صيغة شعرية للتعبير عن الارتباط بالأرض ، لكنني ، كما عرفت صاحبي ، أمنح نفسي حق القول بيقين أن ناجي كان هو نفسه صيغة شرعية للتعبير عن الأرض ذاتها ، لا مورد هنا للتشبيه أو الكناية أو الاستعارة .. حيث يسقط الفرق بين أن يكون المرء مترعا بروح الأرض ، وبين أن تكون الأرض مشبعة بروح المرء .
إن ناجي ، بهذا الوصف ، هو بحق صورة الأرض عندما تتنكر بهيئة إنسان !
كان بسيطاً ، طيباً ، عميقاً ، عنيداً ، صابراً ، ثرَّ العطاء .. وهل تلك إلا انعكاسات شظايا مرآة الأرض ؟
كل شيء كان ينغرس في أعماقه ، إنما يعود ليتفجر على ( صفحته ) بشكله الأصلي دون مواربة أو مجاملة أو تجميل .
بذرة البرتقال تنبت شجرة البرتقال ، وبذرة الحنظل لا تنبت غير الحنظل .
ومثلما تُبرز الأرض محتوى بذور الأشياء ، كان ناجي يُبرز محتوى الكائنات المستقرة في أعماقه .. بهيئتها ، حيث لا يمكن لأي شيطان ، أن يغطي اللعنة الملتصقة بجبينه ، بمساحيق العفو أو بطلاء المغفرة .. وحيث لا يمكن لأي ثور ، مهما ثار وأزبد ، أن يبدو على صفحة ناجي خفي القرنين ، ولو وضع على رأسه تاجا بحجم القهر !
تكون الأرض أصدق ما تكون ، عندما تقدم عطاءها طبيعياً خالصاً ، لا شبهة فيه لاشتراك الأيدي المتطفلة .
خذ أية لوحة لناجي ، وتأملها . إنك لن ترى إلا نباتاً طبيعياً ، هو بسيط لكنه أصيل .. وهو مقتصد لكنه غني .. نبات لم يستعر بذوره من أحد ، ولم يستورد سماداً من أحد ، ولم يطلب سقاية من أحد .. اللوحة تشخص من أرض الصفحة نسيجَ وحدها ، شجرة متفردة ، لا تحمل غير ملامحها .. شجرة هي الأرض ، والأرض هي ناجي .
أكان اتفاقاً أن يولد ناجي في قرية اسمها ( الشجرة ) ؟ ! تلك الشجرة الطيبة أنبتت شجرة طيبة .. أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .
أذكر أن شاباً فلسطينياً كان يُحضر للدكتوراه في لندن ، اتصل بناجي ، ذات يوم ، وعرفه بنفسه طالبا لقاءه . سأله ناجي على الفور : أرجو ألا تكون من جماعة ( بما أنهُ ) !
وهو يعني بهؤلاء جماعة المتحذلقين الذين تنتزعهم أضواء المدن من هويتهم ، وتستحيل روح فلسطين في أعماقهم مجرد بذلة أنيقة ، وألفاظ منمقة ، تنأى بنفسها عن غبار الشجر أو تراب الأرض .
قال له الشاب : كلا .. أنا من جماعتك.
فرد ناجي : إذن .. ألف أهلا ومرحبا بك .
ومنذ اللحظة التي التقاه ناجي فيها .. أحبه ، لقد كان بالفعل من جماعته .. شاباً معجوناً بلون الأرض ، ورائحة الليمون ، وطعم الزيتون .
لقد رأيت ناجي ، أكثر من مرة ، وهو يبدي ازدراءه بكل قسوة لنماذج أولئك الخارجين على طاعة الأرض ، ورأيته وهو يصفعهم برأيه فيهم .. على وجوههم ، مثلما تصفع الأرض بزلزالها كل ما أمامها ، إذا ضاق صدرها بالنار .
ولعل عزاء الذين فاتهم أن يعايشوا هذه الأرض الطيبة ، شخصياً ، هو أنهم لا يفقدون شيئا كثيراً منها ، حين يعايشون لوحاته .. ذلك أنه حي يتحرك بكل حرارة في كل زاوية من زوايا لوحاته .
من لم ير ناجي .. بإمكانه أن يراه ، متى شاء في رسومه .. إن جميع الشخصيات الطيبة المقهورة فيها هي ناجي ، وإن حنظلة في كافة تحولاته هو ناجي ، وإن كل خط في تلك الرسوم هو خفقة من قلب ناجي .
وناجي ورسومه والأرض أسماء مترادفة لشيء واحد :
صورة شجرة الأرز في العلم اللبناني تضرب بجذورها في الأرض ، رغم أنها مجرد رسم لقماش على ورق !
إنها روح ناجي التي تطبع المستحيل بطابعها الممكن .
سارية العلم النابتة في الأرض .. تتفجر عن غصن ، والغصن يتفجر عن براعم وأوراق وراية ، رغم أن السارية خشبة ميتة .. ذلك لأن كل ما ينبت في الأرض ، هو عند ناجي ، حيّ ، ومورق ، وبشارة بالميلاد حتى لو كان حديدا .
إن الموجة المرتطمة بالشاطئ لا تعود إلى البحر .. بل تتحول - عنده - إلى يدين تتشبثان بالأرض .
والنهر العربي عندما يجف ، يتفطر الإنسان العربي الواقف على ضفته .
والعربي الزاحف نحو ( النبعة ) ، هو كائن من الطين اليابس المتكسر .. هو الأرض نفسها عندما تظمأ .. أما اللافتة المشيرة إلى طريق النبعة ، فيكفيها الإسم المخطوط فوقها لكي تبرعم وتورق .. لا بد لها أن تورق .. أليست مزروعة في الأرض ؟!
عندما تقتلع الجرافة الإسرائيلية تراب الأرض لإقامة المستوطنات لشذّاذ الآفاق ، يظل الفلسطيني متشبثاً بقطعة التراب مواصلا غرس شجرته بإصرار وعناد ، فوق رافعة الجرافة . أطفال ناجي يصنعون دباباتهم بالحجارة ، يرجمون الغاصب بالحجارة ، وكومة حجارتهم نفسها تكتب بنفسها كلمة ( لا ) .
قبضة الثائر - عنده - تعتصر الحجر حتى يتقطر بالماء ، ليروي زهرة نابتة في الحجر . يد الثائر الفلسطيني القتيل ، تندلع من قبرها كالنبتة ، حاملة علم فلسطين . الأطفال والفتيان والنساء والرجال، تتطوح أيديهم حرة طليقة كالعواصف وهي تقذف المغتصبين بالحجارة ، لكن أرجلهم ليست سوى جذور أشجار عنيدة تندفع بعيدا في أعماق الأرض .
ذلك هو ناجي العلي .. رجل حمل في صقيع غربته الطويلة ، دفء تراب فلسطين .. كامل تراب فلسطين ، وامتزج به حتى صارا شيئاً واحداً .
من هذه الزاوية .. يبدو البون الشاسع بين الشهيد الأبي والشاهد الذليل ، بين القتيل الحي والقاتل الميت ، بين القمة والمستنقع ، بين أن تكون فلسطين هي فلسطين بكل حبة رمل وكل حبة قلب .. وبين أن تكون مجرد مخفر وبساط أحمر وقطيع من الجندرمة !
ما أبشع من يأتي فلسطين سائحاً ، يتقلب فوق ترابها وقلبه فارغ منها حد الاختناق!
وما أعظم من يأتي فلسطين سابحاً في فراغ المنفى وقلبه ممتلئ بها حد التنفس !
في موازاة ذلك الوطن الماشي على قدمين لا تزال تمشي في ذاكرة أنفاسي .. رائحة التربة الطرية المختلطة بشميم العشب الندي ، ساعة كنا ننزل جثمانه الطاهر في القبر المحفور حديثا ..
وفيما كان ( جوهر العلي ) شقيقة الأكبر ، يحثو التراب فوقـه، كانت عيناه مغرورقتين بالدمع السخين ، وكان صوته المخنوق بالعبرة الموجعة ينصب في سمعي كماء النار :
( رحمة الله عليه .. ناجي كان يحب رائحة الأرض ).
وأمنت على نحيبه بهزة رأسي وانهمار دموعي ، غير أن حسـرة بحجم الكون كانت تضـج في أعماقي معولة : ( ناجي .. هو الأرض نفسها ) !

krimbow
30/05/2005, 17:49
مشكور يا غالي :D :D :D

هاد فعلا اجمل ارشيف بالفورم :D :D

ندى
10/06/2005, 16:58
:( اشي عنجد مؤثر و أنا شخصياً مش قادرة أعلق على هيك صور لأنها معبرة وبتحكي عن حالها ، شكرا كتير على الرسومات هاي
do you kn:

عاشق من فلسطين
17/06/2005, 23:10
مشكور يا غالي

هاد فعلا اجمل ارشيف بالفورم

مشكور يا غالي .. هادا أجمل أرشيف بالذاكرة .. بس مو هون .. بالقلب .. :D


اشي عنجد مؤثر و أنا شخصياً مش قادرة أعلق على هيك صور لأنها معبرة وبتحكي عن حالها ، شكرا كتير على الرسومات هاي


أهلا وسهلا .. فيكي يا أخت ندى وانا اللي لازم أشكرك .. لأنو ناجي العلي فلسطيني .. ولازم نشكر كل فلسطيني .. على هيك فنان :D

Ehabo
22/06/2005, 12:18
:cry: لوحات رائعة ومؤثرة كتير :cry:
شكرا كتير

Syria Man
22/06/2005, 14:03
لوحات رائعة

مشكور حبيب
:D :D :D

aboalzeik
23/06/2005, 09:47
مشكور أخي عاشق

Varon
29/06/2005, 02:36
عنجد شيء حلو ومؤثر شكرا كتير...

بنت الناصرة
04/07/2005, 21:41
لوحات رائعة ومعبرة.

لكن انا لاحظت انها لا زلت وبعد كل هذه السنين ان تعبر على الاوضاع اليوم
كانو ولا اشي تغير :!:

prince_of_dark
12/07/2005, 08:18
شكرا اخي
ذكرتنا بالقضية و ب ناجي
لأنه اربنا ننساهم

Sedrec
18/07/2005, 15:31
حبيت بعد أذن مشرفنا الغالي أبو السعود أنو أعمل معرض لوحات للفنان ناجي العلي ..
بتمنى تستمتعوا .. :D

شكرا كتير كتير كتير يا عاشق على هاللوحات الرائعة
:gem: :gem: :gem: :gem:

melad_nor
18/07/2005, 18:49
مشكووووور خيو

أسير التشرد
06/04/2007, 04:34
up
بدنا هيك مواضيع بالمستقبل ... وهالنكوشة مفيد ببعض الاوضاع منشان نعرف مساطر المواضيع...

بيلسان
07/05/2007, 13:42
موضوع بيجنن يا عاشق من فلسطين
مفيد وممتع وغني جدا
يسلمو دياتك

اسمحلي أضيف هالتعريف الصغير عن حنظلة
الشخصية اللي ابتكرها ناجي العلي بعد النكسة عام 1967
واللي رافقتو بكل رسوماتو وكانت البوصلة اللي بتوجه كل أعمالو


////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


حنظلة يُعرّف بنفسه...

عزيزي القارئ اسمح لي ان اقدم لك نفسي .. انا وأعوذ بالله من كلمة أنا ..
اسمي : حنظلة ، اسم أبي مش ضروري ، امي .. اسمها نكبة وأختي الصغيرة فاطمة ..
نمرة رجلي :ما بعرف لاني دايماًً حافي ..
تاريخ الولادة : ولدت في (5 حزيران 67)
جنسيتي: انا مش فلسطيني مش أردني مش كويتي مش لبناني مش مصري مش حدا .. الخ ،باختصار معيش هوية ولا ناوي اتجنس .. محسوبك انسان عربي وبس ..
التقيت بالصدفة بالرسام ناجي .... كاره فنه لانه مش عارف يرسم .. وشرحلي السبب .. وكيف كل ما رسم عن بلد .. السفارة بتحتج ..الارشاد والانباء ( الرقابة) بتنذر ..
قلي الناس كلها اوادم .. صاروا ملايكة .. وآل ما في أحسن من هيك .. وبهالحالة .. بدي ارسم بدي اعيش .. وناوي يشوف شغلة غير هالشغلة ..
قلتله انت شخص جبان وبتهرب من المعركة .. وقسيت عليه بالكلام ، وبعدما طيبت خاطرو .. وعرفتو على نفسي واني انسان عربي واعي بعرف كل اللغات وبحكي كل اللهجات معاشر كل الناس المليح والعاطل والادمي والازعر .. كل الانواع .. اللي بيشتغلوا مزبوط واللي هيك وهيك .. وقلتله اني مستعد ارسم عنه الكاريكاتير . كل يوم وفهمته اني ما بخاف من حدا غير من الله واللي بدوا يزعل يروح يبلط البحر .. وقلتلو عن اللي بيفكروا بالكنديشن والسيارة وشو يطبخوا اكتر من مابفكروا بفلسطين ..
وياعزيزي القارئ .. انا اسف لاني طولت عليك .. وما تظن اني قلتلك هالشي عشان اعبي هالمساحة .. واني بالاصالة عن نفسي وبالنيابة عن صديقي الرسام اشكرك على طول .. وبس ..

التوقيع (حنظلة)


هادا كان تقديم الفنان ناجي العلي لشخصية حنظلة وتم نشر التعريف مع أول رسم كاريكاتوري بيحمل صورة حنظلة بصحيفة السفير ..


* * *



ناجي العلي : " كنت أشعر بخوف من أن أضل وأن يفسدني المجتمع الاستهلاكي ، ولكي أحافظ على ذاتي وأمنع نفسي من الشطط أو السكوت خلقتُ هذا الرمز .. حنظلة .. وقصدت من وجوده أن يبقى طاهرًا وعفويًا .. لكي أبقى صاحيًا مستفزًا وحتى لا يتحجر إحساسي أو أضلّ أو أتخلى عن واجبي نحو القضية "

تامل
16/05/2007, 00:25
ناجي العلي
رائع..رائع..رائع...

شكرا عاشق من فلسطين

أسير التشرد
17/05/2007, 07:50
بل اكثر من رائع ناجي العلي...

bissane
16/11/2007, 01:24
:Dروعة روعة
شكر عالي

kholoud talal
16/11/2007, 22:31
والله الصور رائعين وبيجنن وفلسطين الحبيبة مابتتنسى دايما بقلوبنا بس ايد واحدة مابتصفق ط
ومشكور على الموضوع