dot
23/09/2006, 11:56
في ما يلي كلمة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في المهرجان:
السلام عليكم يا أشرف الناس وأطهر الناس... الحمد لله الذي صدقنا وعده، والذي نصرنا ونصر لبنان وشعب لبنان على عدو لبنان. الحمد لله الذي أعزنا وثبتنا وأمّننا. الحمد لله الذي عليه توكلنا وإليه أنبنا، وكان دائماً كما وعد: نعم المولى ونعم الوكيل. الحمد لله على نصره وعلى عونه وعلى تأييده.
أيها الأخوة والأخوات، أيها السادة جميعاً: أنتم اليوم في الثاني والعشرين من أيلول تدهشون العالم من جديد، وتثبتون بحق أنكم شعب عظيم، وأنكم شعب أبي، وأنكم شعب وفي، وأنكم شعب شجاع. منذ أيام، وكثيرون يشنون حرباً نفسية على هذا المهرجان كما كانوا يشنون حرباً نفسية على المقاومة. لقد قالوا إن هذه الساحة ستقصف وإن هذا المنبر سيدمّر ليخيفوا الناس ويبعدوها، أنتم في 22 من أيلول تثبتون بتتويجكم لاحتفال النصر أنكم أشجع من 12 تموز وأشجع من 14 آب. نعم، أن أقف أمامكم وبينكم، فيه مخاطرة عليكم وعليّ، وكان هناك خيارات أخرى، ولكن الى قبل نصف ساعة ونحن نتناقش، إلا أن قلبي وعقلي وروحي لم تأذن لي أن أخاطبكم من بعيد ولا عبر شاشة. أقصى ما يتوقعه إنسان هو أن يقدم العدو على خطأ أو جريمة، ولكن لا يعرف هذا العدو من نحن؟ نحن أبناء ذاك الإمام الذي قال: أبالموت تهددني يا بن الطلقاء. ان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
أهلا بكم جميعاً... من الجنوب المقاوم المقاتل الى البقاع الصامد الى الشمال الوفي الى الجبل الأبي، الى بيروت العروبة الى ضاحية العزة والكرامة، أهلاً بكم جميعاً.. من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أهلاً بكم جميعاً من سوريا من إيران من الكويت من البحرين من كل بلد جاءنا محتفياً محتفلاً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. السلام على شهدائكم وعلى عوائل شهدائكم.. السلام على جرحاكم وجراح جرحاكم النازفة.. السلام على أسراكم، السلام على دمائكم، السلام على دموعكم، السلام على أيتامكم، السلام على أراملكم، السلام على بيوتكم المهدمة، السلام على أرزاقكم المحروقة، السلام على أرواحكم وإرادتكم الصلبة التي هي أصلب من جبال لبنان.
نحن اليوم نحتفل بنصر إلهي تاريخي استراتيجي كبير، وكيف يمكن لعقل بشري أن يتصوّر أن بضعة آلاف من أبنائكم المقاومين، ولو شئت لقلت العدد بالدقة والتحديد، ان بضعة آلاف من أبنائكم المقاومين اللبنانيين وقفوا 33 يوماً في أرض مكشوفة للسماء وأمام أقوى سلاح جو في منطقة الشرق الأوسط وله جسر ينقل إليه القنابل الذكية من أميركا الى بريطانيا الى إسرائيل، وأمام 40 ألف ضابط وجندي، أربعة ألوية من النخبة وثلاث فرق من جيش الاحتياط وأمام أقوى دبابة في العالم، وأمام أقوى جيش في المنطقة، كيف يمكن لبضعة آلاف فقط أن يقفوا ويقاتلوا في ظروف قاسية صعبة من هذا النوع، ويؤدي قتالهم الى إخراج البوارج البحرية من مياهنا الإقليمية، (وبالمناسبة الجيش والمقاومة قادران على حماية المياه الإقليمية من أن يدنسها صهيوني) وتدمير دبابات الميركافا مفخرة الصناعة الإسرائيلية، وتعطيل المروحيات الإسرائيلية في النهار، ولاحقاً في الليل، وتحويل ألوية النخبة، (وأنا لا أبالغ، شاهدوا الإعلام الإسرائيلي)، وتحويل ألوية النخبة الى فئران خائفة مذعورة من أبناكم. في ظل تخلٍّ عالمي وعربي عنكم، وفي ظل انقسام سياسي من حولكم، وإن كان التضامن الإنساني عالياً، كيف يمكن لهذه الثلة من المجاهدين أن تهزم هذا الجيش، إلا بنصر من الله وعون من الله وتأييد من الله سبحانه وتعالى. هذه التجربة، تجربة المقاومة التي يجب أن تنقل الى العالم، تعتمد على الإيمان واليقين والتوكل والاستعداد للتضحية في الجانب المعنوي والروحي، ولكنها أيضاً، تعتمد على العقل والتخطيط والتنظيم والتدريب والتسليح، وكما يُقال الأخذ بالأسباب. لسنا مقاومة عشوائية، لسنا مقاومة سفسطائية، ولسنا مقاومة مشدودة الى الأرض لا ترى إلا التراب، ولسنا مقاومة فوضى. المقاومة التقية المتوكلة العاشقة العارفة، هي المقاومة أيضاً، العالمة العاقلة المخططة المدربة المجهزة. هذا هو سر الانتصار الذي نحتفل به اليوم.
أيها الأخوة والأخوات، وأتيتم وبحق، هذا الانتصار بحاجة الى وقفة شجاعة كوقفتكم اليوم. أنتم اليوم تقدمون رسالة سياسية ومعنوية شديدة وبالغة الأهمية والخطورة للبنانيين، للعرب لكل العالم، للصديق وللعدو. أنتم أذهلتم العالم عندما صمدتم كشعب في لبنان من 12 تموز الى 14 آب، وكانوا يراهنون على انقسامنا وتفتتنا، وصمدتم كل هذه المرحلة، من هُجِّر ومن احتضن. وجاء الرابع عشر من آب، وكانوا يراهنون أن بقاء المهجرين في أماكن التهجير سوف يشكل ضغطاً على المقاومة لفرض المزيد من الشروط عليها، وهي لم تخضع لشروط، ولكن من جديد أذهلتم العالم عندما ركب المهجرون سياراتهم والشاحنات وبعضهم على الأقدام، وعند الساعة الثامنة صباحاً كانت الضاحية والجنوب والبقاع يمتلئ بأهله العائدين مرفوعي الرأس الأعزاء الكرام. اليوم، أنتم تذهلون العالم وتقولون للأميركي الذي تكلم قبل أيام وقال: وصلتنا إشارات طيبة من لبنان أن المقاومة تراجعت شعبيتها وبدأت تضعف وتنهار؟! هذا هو شعب المقاومة.. أنا أقول لهذا الأميركي عليك أن توجه كتاب ذم وقدح لكتبة التقارير الكذابين الذين يرسلون لكم معلومات خاطئة وتبنون عليها حسابات خاطئة.
يجب أن نؤكد اليوم أن هذه الحرب كانت حرباً أميركية بالقرار وبالسلاح وبالتخطيط وبالإرادة، وبإعطاء المهلة تلو المهلة للصهاينة: أسبوع، أسبوعان، ثلاثة، أربعة.. والذي أوقف الحرب هو عجز الصهاينة. إذا ذكرتم الأيام الأخيرة، أكبر عدد من الدبابات دمّر يوم الجمعة والسبت والأحد. أكبر عدد من قتلى جنود الاحتلال، جمعة وسبت وأحد. المروحيات سقطت جمعة وسبت وأحد. ولذلك أدرك الصهاينة أنهم لو استمروا فستكون كارثة. فتدخّل الأميركي وقبل حتى بالمسودات، لتقف الحرب. أوقفوا الحرب ليس من أجل لبنان ولا من أجل أطفال لبنان، ولا من أجل دماء النساء في لبنان، ولا من أجل لبنان الجميل، أوقفوا الحرب فقط من أجل إسرائيل، وأتوا ليبيعوها لنا في لبنان، إن أصدقاءنا الأميركان أوقفوا الحرب؟ أصدقاؤنا الأميركان أول يومين لم يقبلوا أن يوقفوا الحرب، وأول أسبوع لم يقبلوا وثاني أسبوع لم يقبلوا وثالث أسبوع لم يقبلوا ورابع أسبوع لم يقبلوا! ألم يكونوا مشاهدين لجمال لبنان شهراً كاملاً، وإنما كانوا يراهنون، وهذه العبارة استخدمت في بعض القنوات الدبلوماسية، كان القرار أن يُسحق حزب الله، وبعد سحق حزب الله تتمّ تصفية الحساب مع كل أصدقائه وحلفائه وأبناء الخط الوطني السيادي الحقيقي الاستقلالي في لبنان. الذي أوقف الحرب بعد فضل الله عز وجل، أبناؤكم المقاومون وهذا الشعب الأبي الوفي الشجاع الذي احتضن المقاومة ودعمها من الحدود الى الحدود، والذي ضمّها في مساجده وكنائسه وأديرته ومدارسه، هذا هو الذي أوقف الحرب. وإذا كان من أحد يحق له أن يحتفل بالنصر فهو أنتم الموجودون هنا.
نختلف هل ما جرى في لبنان نصر أم هزيمة، وأنا لا أريد أن أدخل في هذا السجال، ولكن أقول لكم: من يشعر أن خياره ومشروعه وخطه ورؤيته هي التي انتصرت يشعر بالنصر ويتحدّث عنه، ومن يعتبر أنه هو الذي هُزم والذي سقط يتحدّث عن الهزيمة. نحن نشعر أننا انتصرنا وأن لبنان انتصر وأن فلسطين انتصرت وأن الأمة العربية كلها انتصرت، وأن كل مستضعف ومظلوم ومحروم ومعتدٍ عليه في هذا العالم أنه انتصر. ونصرنا ليس انتصار حزب، أعيد ما قلته في بنت جبيل في 25 أيار عام ,2000 ليس انتصار حزب، ليس انتصار طائفة، ليس انتصار فئة، هو انتصار لبنان الحقيقي وشعب لبنان الحقيقي وكل حر في هذا العالم. لا تحوّلوا الانتصار التاريخي الكبير، لا تسجنوه في علب حزبية أو مذهبية أو طائفية أو قطرية، هذا نصر أكبر بكثير مما تطيقه عقولنا ومما تستوعبه عقولنا. الأسابيع والشهور والسنوات المقبلة هي التي ستؤكد هذا المعنى. يكفي أن أقول في النتائج المباشرة: إن مقاومتكم وصمودكم أفشل كل أهداف العدوان، وهذا انتصار. إن مقاومتكم وصمودكم وجهت ضربة قاسية لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تحدثت كوندليسا رايس أن مخاضه كان في حرب تموز، ولكنه أصبح سقطاً لأنه ولد غير شرعي. مقاومتكم وصمودكم فضحت السياسات الأميركية الخداعة التي تتحدث عن حقوق الإنسان والحريات والديموقراطية والاحترام. صمودكم ومقاومتكم فضح أميركا ورفع منسوب الوعي والعداء (الوعي قبل العداء) ليس في العالم العربي فقط، ليس في العالم الإسلامي فقط، في كل العالم. بصمودكم ومقاومتكم يستطيع رجل، أستطيع أن أقول عنه عربي كبير كبير كبير كتشافيز أن يقول ما قاله بالأمس في الأمم المتحدة: المقاومة اللبنانية اليوم هي تلهم كل مقاومي العالم وكل أحرار العالم وكل أشراف العالم وكل الرافضين للخضوع والإذلال الأميركي في العالم. هذا هو انتصارنا وهذه هي نتيجة معركتنا أيضا. مقاومتكم كما قدمت انتصار ألفين نموذجا لمقاومة التحرير في ,2006 قدمت نموذجا للصمود، الصمود الأسطوري، الصمود المعجزة، وهذا سيصبح حجة وأصبح حجة على كل العرب وعلى كل المسلمين، على الحكام وعلى الجيوش وعلى الشعوب. بالأمس ذهبت مجموعة الدول العربية الى مجلس الأمن تستجدي سلاماً وتسوية، وأنا أقول لهم لا أحدثكم عن إزالة إسرائيل، أحدثكم عن التسوية التي تطلبونها، كيف ستحصلون على تسوية مشرفة وأنتم تعلنون صباح مساء أنكم لن تقاتلوا لا من أجل لبنان ولا من أجل غزة ولا من أجل الضفة الغربية ولا حتى من أجل القدس؟ كيف ستحصلون على تسوية معقولة وأنتم تعلنون في كل يوم أنكم لن تستخدموا سلاح النفط؟ وحتى إذا جاء أحدكم يحدثكم عن سلاح النفط «صرتم تتسخروا فيه وتتهزؤا فيه» هذا الحكي تخلف!
لا تريدون أن تقاتلوا ولا تريدون أن تقاطعوا ولا تريدون استخدام سلاح النفط ولا تسمحون للناس أن تنزل الى الشارع ولا تسمحون للمقاومة في فلسطين أن تتسلح وتحاصرونها ولا تعطونها المال وتجوّعونها وتقطعون عنها الرواتب، فقط من أجل كوندليسا رايس، هؤلاء كيف سيحصلون على «تسوية عادلة أو مشرفة»؟ هل الإسرائيلي يعترف بكم أصلاً؟ أقول لكم إن الإسرائيليين ينظرون اليوم الى المقاومة في لبنان والى شعبها باحترام وتقدير كبيرين، أما كل هؤلاء الأذلاء فلا يساوون شيئاً.
حتى من أجل المبادرة العربية التي أجمعتم عليها في بيروت «بدّها وقفة ورجال وقوة. لا تريدون استخدام القوة إذاً، هددوا بها ولوّحوا بها، أما القول إننا ضعاف فشعب لبنان أقام الحجة على كل شعوب العالم، مقاومة لبنان أقامت الحجة على كل الجيوش العربية والإسلامية. الجيوش العربية والشعوب العربية ليست قادرة فقط على تحرير غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، بكل بساطة وبقرار صغير وببعض الإرادة هم قادرون على استعادة فلسطين من البحر الى النهر، لكن المشكلة عندما يضع إنسان نفسه بين خيارين: بين شعبه وعرشه فيختار عرشه، بين القدس وعرشه فيختار عرشه، بين كرامة وطنه وعرشه فيختار عرشه.
السلام عليكم يا أشرف الناس وأطهر الناس... الحمد لله الذي صدقنا وعده، والذي نصرنا ونصر لبنان وشعب لبنان على عدو لبنان. الحمد لله الذي أعزنا وثبتنا وأمّننا. الحمد لله الذي عليه توكلنا وإليه أنبنا، وكان دائماً كما وعد: نعم المولى ونعم الوكيل. الحمد لله على نصره وعلى عونه وعلى تأييده.
أيها الأخوة والأخوات، أيها السادة جميعاً: أنتم اليوم في الثاني والعشرين من أيلول تدهشون العالم من جديد، وتثبتون بحق أنكم شعب عظيم، وأنكم شعب أبي، وأنكم شعب وفي، وأنكم شعب شجاع. منذ أيام، وكثيرون يشنون حرباً نفسية على هذا المهرجان كما كانوا يشنون حرباً نفسية على المقاومة. لقد قالوا إن هذه الساحة ستقصف وإن هذا المنبر سيدمّر ليخيفوا الناس ويبعدوها، أنتم في 22 من أيلول تثبتون بتتويجكم لاحتفال النصر أنكم أشجع من 12 تموز وأشجع من 14 آب. نعم، أن أقف أمامكم وبينكم، فيه مخاطرة عليكم وعليّ، وكان هناك خيارات أخرى، ولكن الى قبل نصف ساعة ونحن نتناقش، إلا أن قلبي وعقلي وروحي لم تأذن لي أن أخاطبكم من بعيد ولا عبر شاشة. أقصى ما يتوقعه إنسان هو أن يقدم العدو على خطأ أو جريمة، ولكن لا يعرف هذا العدو من نحن؟ نحن أبناء ذاك الإمام الذي قال: أبالموت تهددني يا بن الطلقاء. ان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
أهلا بكم جميعاً... من الجنوب المقاوم المقاتل الى البقاع الصامد الى الشمال الوفي الى الجبل الأبي، الى بيروت العروبة الى ضاحية العزة والكرامة، أهلاً بكم جميعاً.. من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أهلاً بكم جميعاً من سوريا من إيران من الكويت من البحرين من كل بلد جاءنا محتفياً محتفلاً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. السلام على شهدائكم وعلى عوائل شهدائكم.. السلام على جرحاكم وجراح جرحاكم النازفة.. السلام على أسراكم، السلام على دمائكم، السلام على دموعكم، السلام على أيتامكم، السلام على أراملكم، السلام على بيوتكم المهدمة، السلام على أرزاقكم المحروقة، السلام على أرواحكم وإرادتكم الصلبة التي هي أصلب من جبال لبنان.
نحن اليوم نحتفل بنصر إلهي تاريخي استراتيجي كبير، وكيف يمكن لعقل بشري أن يتصوّر أن بضعة آلاف من أبنائكم المقاومين، ولو شئت لقلت العدد بالدقة والتحديد، ان بضعة آلاف من أبنائكم المقاومين اللبنانيين وقفوا 33 يوماً في أرض مكشوفة للسماء وأمام أقوى سلاح جو في منطقة الشرق الأوسط وله جسر ينقل إليه القنابل الذكية من أميركا الى بريطانيا الى إسرائيل، وأمام 40 ألف ضابط وجندي، أربعة ألوية من النخبة وثلاث فرق من جيش الاحتياط وأمام أقوى دبابة في العالم، وأمام أقوى جيش في المنطقة، كيف يمكن لبضعة آلاف فقط أن يقفوا ويقاتلوا في ظروف قاسية صعبة من هذا النوع، ويؤدي قتالهم الى إخراج البوارج البحرية من مياهنا الإقليمية، (وبالمناسبة الجيش والمقاومة قادران على حماية المياه الإقليمية من أن يدنسها صهيوني) وتدمير دبابات الميركافا مفخرة الصناعة الإسرائيلية، وتعطيل المروحيات الإسرائيلية في النهار، ولاحقاً في الليل، وتحويل ألوية النخبة، (وأنا لا أبالغ، شاهدوا الإعلام الإسرائيلي)، وتحويل ألوية النخبة الى فئران خائفة مذعورة من أبناكم. في ظل تخلٍّ عالمي وعربي عنكم، وفي ظل انقسام سياسي من حولكم، وإن كان التضامن الإنساني عالياً، كيف يمكن لهذه الثلة من المجاهدين أن تهزم هذا الجيش، إلا بنصر من الله وعون من الله وتأييد من الله سبحانه وتعالى. هذه التجربة، تجربة المقاومة التي يجب أن تنقل الى العالم، تعتمد على الإيمان واليقين والتوكل والاستعداد للتضحية في الجانب المعنوي والروحي، ولكنها أيضاً، تعتمد على العقل والتخطيط والتنظيم والتدريب والتسليح، وكما يُقال الأخذ بالأسباب. لسنا مقاومة عشوائية، لسنا مقاومة سفسطائية، ولسنا مقاومة مشدودة الى الأرض لا ترى إلا التراب، ولسنا مقاومة فوضى. المقاومة التقية المتوكلة العاشقة العارفة، هي المقاومة أيضاً، العالمة العاقلة المخططة المدربة المجهزة. هذا هو سر الانتصار الذي نحتفل به اليوم.
أيها الأخوة والأخوات، وأتيتم وبحق، هذا الانتصار بحاجة الى وقفة شجاعة كوقفتكم اليوم. أنتم اليوم تقدمون رسالة سياسية ومعنوية شديدة وبالغة الأهمية والخطورة للبنانيين، للعرب لكل العالم، للصديق وللعدو. أنتم أذهلتم العالم عندما صمدتم كشعب في لبنان من 12 تموز الى 14 آب، وكانوا يراهنون على انقسامنا وتفتتنا، وصمدتم كل هذه المرحلة، من هُجِّر ومن احتضن. وجاء الرابع عشر من آب، وكانوا يراهنون أن بقاء المهجرين في أماكن التهجير سوف يشكل ضغطاً على المقاومة لفرض المزيد من الشروط عليها، وهي لم تخضع لشروط، ولكن من جديد أذهلتم العالم عندما ركب المهجرون سياراتهم والشاحنات وبعضهم على الأقدام، وعند الساعة الثامنة صباحاً كانت الضاحية والجنوب والبقاع يمتلئ بأهله العائدين مرفوعي الرأس الأعزاء الكرام. اليوم، أنتم تذهلون العالم وتقولون للأميركي الذي تكلم قبل أيام وقال: وصلتنا إشارات طيبة من لبنان أن المقاومة تراجعت شعبيتها وبدأت تضعف وتنهار؟! هذا هو شعب المقاومة.. أنا أقول لهذا الأميركي عليك أن توجه كتاب ذم وقدح لكتبة التقارير الكذابين الذين يرسلون لكم معلومات خاطئة وتبنون عليها حسابات خاطئة.
يجب أن نؤكد اليوم أن هذه الحرب كانت حرباً أميركية بالقرار وبالسلاح وبالتخطيط وبالإرادة، وبإعطاء المهلة تلو المهلة للصهاينة: أسبوع، أسبوعان، ثلاثة، أربعة.. والذي أوقف الحرب هو عجز الصهاينة. إذا ذكرتم الأيام الأخيرة، أكبر عدد من الدبابات دمّر يوم الجمعة والسبت والأحد. أكبر عدد من قتلى جنود الاحتلال، جمعة وسبت وأحد. المروحيات سقطت جمعة وسبت وأحد. ولذلك أدرك الصهاينة أنهم لو استمروا فستكون كارثة. فتدخّل الأميركي وقبل حتى بالمسودات، لتقف الحرب. أوقفوا الحرب ليس من أجل لبنان ولا من أجل أطفال لبنان، ولا من أجل دماء النساء في لبنان، ولا من أجل لبنان الجميل، أوقفوا الحرب فقط من أجل إسرائيل، وأتوا ليبيعوها لنا في لبنان، إن أصدقاءنا الأميركان أوقفوا الحرب؟ أصدقاؤنا الأميركان أول يومين لم يقبلوا أن يوقفوا الحرب، وأول أسبوع لم يقبلوا وثاني أسبوع لم يقبلوا وثالث أسبوع لم يقبلوا ورابع أسبوع لم يقبلوا! ألم يكونوا مشاهدين لجمال لبنان شهراً كاملاً، وإنما كانوا يراهنون، وهذه العبارة استخدمت في بعض القنوات الدبلوماسية، كان القرار أن يُسحق حزب الله، وبعد سحق حزب الله تتمّ تصفية الحساب مع كل أصدقائه وحلفائه وأبناء الخط الوطني السيادي الحقيقي الاستقلالي في لبنان. الذي أوقف الحرب بعد فضل الله عز وجل، أبناؤكم المقاومون وهذا الشعب الأبي الوفي الشجاع الذي احتضن المقاومة ودعمها من الحدود الى الحدود، والذي ضمّها في مساجده وكنائسه وأديرته ومدارسه، هذا هو الذي أوقف الحرب. وإذا كان من أحد يحق له أن يحتفل بالنصر فهو أنتم الموجودون هنا.
نختلف هل ما جرى في لبنان نصر أم هزيمة، وأنا لا أريد أن أدخل في هذا السجال، ولكن أقول لكم: من يشعر أن خياره ومشروعه وخطه ورؤيته هي التي انتصرت يشعر بالنصر ويتحدّث عنه، ومن يعتبر أنه هو الذي هُزم والذي سقط يتحدّث عن الهزيمة. نحن نشعر أننا انتصرنا وأن لبنان انتصر وأن فلسطين انتصرت وأن الأمة العربية كلها انتصرت، وأن كل مستضعف ومظلوم ومحروم ومعتدٍ عليه في هذا العالم أنه انتصر. ونصرنا ليس انتصار حزب، أعيد ما قلته في بنت جبيل في 25 أيار عام ,2000 ليس انتصار حزب، ليس انتصار طائفة، ليس انتصار فئة، هو انتصار لبنان الحقيقي وشعب لبنان الحقيقي وكل حر في هذا العالم. لا تحوّلوا الانتصار التاريخي الكبير، لا تسجنوه في علب حزبية أو مذهبية أو طائفية أو قطرية، هذا نصر أكبر بكثير مما تطيقه عقولنا ومما تستوعبه عقولنا. الأسابيع والشهور والسنوات المقبلة هي التي ستؤكد هذا المعنى. يكفي أن أقول في النتائج المباشرة: إن مقاومتكم وصمودكم أفشل كل أهداف العدوان، وهذا انتصار. إن مقاومتكم وصمودكم وجهت ضربة قاسية لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تحدثت كوندليسا رايس أن مخاضه كان في حرب تموز، ولكنه أصبح سقطاً لأنه ولد غير شرعي. مقاومتكم وصمودكم فضحت السياسات الأميركية الخداعة التي تتحدث عن حقوق الإنسان والحريات والديموقراطية والاحترام. صمودكم ومقاومتكم فضح أميركا ورفع منسوب الوعي والعداء (الوعي قبل العداء) ليس في العالم العربي فقط، ليس في العالم الإسلامي فقط، في كل العالم. بصمودكم ومقاومتكم يستطيع رجل، أستطيع أن أقول عنه عربي كبير كبير كبير كتشافيز أن يقول ما قاله بالأمس في الأمم المتحدة: المقاومة اللبنانية اليوم هي تلهم كل مقاومي العالم وكل أحرار العالم وكل أشراف العالم وكل الرافضين للخضوع والإذلال الأميركي في العالم. هذا هو انتصارنا وهذه هي نتيجة معركتنا أيضا. مقاومتكم كما قدمت انتصار ألفين نموذجا لمقاومة التحرير في ,2006 قدمت نموذجا للصمود، الصمود الأسطوري، الصمود المعجزة، وهذا سيصبح حجة وأصبح حجة على كل العرب وعلى كل المسلمين، على الحكام وعلى الجيوش وعلى الشعوب. بالأمس ذهبت مجموعة الدول العربية الى مجلس الأمن تستجدي سلاماً وتسوية، وأنا أقول لهم لا أحدثكم عن إزالة إسرائيل، أحدثكم عن التسوية التي تطلبونها، كيف ستحصلون على تسوية مشرفة وأنتم تعلنون صباح مساء أنكم لن تقاتلوا لا من أجل لبنان ولا من أجل غزة ولا من أجل الضفة الغربية ولا حتى من أجل القدس؟ كيف ستحصلون على تسوية معقولة وأنتم تعلنون في كل يوم أنكم لن تستخدموا سلاح النفط؟ وحتى إذا جاء أحدكم يحدثكم عن سلاح النفط «صرتم تتسخروا فيه وتتهزؤا فيه» هذا الحكي تخلف!
لا تريدون أن تقاتلوا ولا تريدون أن تقاطعوا ولا تريدون استخدام سلاح النفط ولا تسمحون للناس أن تنزل الى الشارع ولا تسمحون للمقاومة في فلسطين أن تتسلح وتحاصرونها ولا تعطونها المال وتجوّعونها وتقطعون عنها الرواتب، فقط من أجل كوندليسا رايس، هؤلاء كيف سيحصلون على «تسوية عادلة أو مشرفة»؟ هل الإسرائيلي يعترف بكم أصلاً؟ أقول لكم إن الإسرائيليين ينظرون اليوم الى المقاومة في لبنان والى شعبها باحترام وتقدير كبيرين، أما كل هؤلاء الأذلاء فلا يساوون شيئاً.
حتى من أجل المبادرة العربية التي أجمعتم عليها في بيروت «بدّها وقفة ورجال وقوة. لا تريدون استخدام القوة إذاً، هددوا بها ولوّحوا بها، أما القول إننا ضعاف فشعب لبنان أقام الحجة على كل شعوب العالم، مقاومة لبنان أقامت الحجة على كل الجيوش العربية والإسلامية. الجيوش العربية والشعوب العربية ليست قادرة فقط على تحرير غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، بكل بساطة وبقرار صغير وببعض الإرادة هم قادرون على استعادة فلسطين من البحر الى النهر، لكن المشكلة عندما يضع إنسان نفسه بين خيارين: بين شعبه وعرشه فيختار عرشه، بين القدس وعرشه فيختار عرشه، بين كرامة وطنه وعرشه فيختار عرشه.