dot
15/09/2006, 19:26
بقلم: فايز سودان
اذا نحن لم نتوفر على العلامات المائزة للحقيقة. فقد نمر بها - اي بالحقيقة - دون ان نتوقف عندها. فالثقافة في حدودها السحيقة والمتسامية، هي التي تضع في ايدينا اسباب الفوز بما نحب ونرجو. في المقابل، فاننا اذا ما التقينا بالبطل الذي يلزمنا، والحارس الاقوى الامين على امتنا، في ظروف من الجهل به، والعماء عن سمائه وصفاته. فسوف نضل عنه، ونفقده، ونفقد بالتالي ما يحمله في فكره، او يندمج عليه في ذات روحه.
من جانب آخر، فاننا اذا ما قيض لنا ان نعيش في كنف ذلك البطل من حيث نجهله، او نتعامى عن خلاله وخصاله، فسوف لن نحرز الامن والامان، او نحقق الراحة والاطمئنان حتى اننا لن نوقف البحث - بالاحرى - عن البديل المفقود. فحالنا هذه تشبه الى حد بعيد، حالنا مع الحياة، فنحن نعيش الحياة دون ان نعيها او نفقه معناها، او نعرف سرها، وندرك مغزاها. الا ان ذلك كله - وعلى الرغم من وجاهته - لا يمنع من كوننا نعيشها حقا ونُعانقها يقينا. فنحن نطعمها في كل لحظة، ونسقاها في كل حين. ونحن نتذوقها في كل طرفة عين، ونحياها في كل خفقة من خفقات القلب، فممارسة الحياة لا تغني عن معرفتها. ذلك ان ممارسة الشيء بصورة عمياء، او بلهاء، لا يمكن ان تصل بصاحبها الى الافادة التامة منه، ايا كانت حقيقته، او كان موقعه.
فنحن نرى كيف اننا نعيش الحياة خائفين، وما يُخيفنا منها سوى الجهلُ بها.. تماما كما نمشي الى الموت مرعوبين، وما يُرعبنا منه سوى جهلنا له، وعدم توفرنا على حقيقة ما يجري على الناس في غمراته.
حتى هذه النقطة، ارجو ان اكون قد وفقت الى اماطة الغبار عن المدخل الاساس لقراءتي المتواضعة في عقل الدكتور بشار الاسد، بما هو مواطن عربي عروبي اولا واخيرا... عساي اوفق - من خلالها - الى تحديد الملامح المائزة لشخصيته السياسية، ومدى مطابقتها للصفات المرجوة في الرئيس المسؤول، او مطاقمتها للسمات الفارقة للبطل المنشود.
وبنظرة متأنية دارسة في اعماق ذلك الرجل، واخرى متأملة فاحصة في افاقه الفكرية، وافلاكه الوجدانية، نعثر - بالتحليل - على انه امرؤ يحصر جل مواقفه، وكل عواطفه - او يكاد - ضمن دائرة واسعة تسبح في فضائها، وتنشط في داخلها دوائر ثلاث. اما الدائرة الام فانها العروبة، والنظام النموذجي الصالح لسائر اعضائها وكافة ابنائها. واما الدوائر الثلاث الناشطة ضمنها، والسابحة دأبا في فضائها، فهي على التوالي:
1- القيمة الغائية للامة العربية.
2- القيمة المعيارية لمسيرتها السياسية والاجتماعية.
3- هويتها الرسالية او الحضارية.
وانطلاقا من هذه المكاشفة، نمضي الى ما نحن بصدده من شؤون البحث عن البطل القومي فاحصين في قيمة المدى الذي تتطابق فيه المضامين الاساس للدوائر المذكورة، مع طبيعة حاجتنا لها وحدود فاقتنا اليها، فاذا نحن توصلنا الى ادراك ان ما نحتاجه ونتطلع اليه هو شأن قائم في صورة الواقع الصارخ لتلك المضامين نكون قد خلصنا الى العثور على الشخص الذي يجب ان نتوقف عنده، والاهتداء الى القائد الذي نكفُ - عند ملاقاته - عن الاستمرار بالبحث عن قائد.
فما الذي تعنيه، او تتضمنه كل دائرة من الدوائر الثلاث التي يتشكل من اجتماعها، وتضافر العناصر المؤلفة لها، الشغل الشاغل لعقل الدكتورالاسد؟
فبالنسبة للدائرة الاولى - واريد بها القيمة الغائية - فانها عبارة عن حزمة حازمة من المشاريع التنموية، والاهداف النهضوية، والانظمة العلاقية Des systemes relationnaux والمبادرات الاهلية، والتطلعات القومية.
وتوضيحا للمعاني والدلالات الباهرة لمضمون هذه الدائرة فاننا نسوق الملاحظة الى واقع انتفاء وانعدام اي مثيل لها في الاكثرية الكاثرة من دول العالم، بقرينة ان من يتمتع بها، يصبح تلقائيا، وبصورة مباشرة في موقع المقاوم للقوى الاجنبية الزاحفة بمضمون نقيض، او القادمة بحزمة من عندها وهي تحاول ان تفرضها على كل مجتمع لا يتمتع بحزمة مثلها، او دائرة تحل مكانها.
ففي ظل الوجود الحيوي والفاعل لدائرة الغايات القومية - وهو معنى الغائية - وفي ضوء ما تتضمنه من مشاريع نعثر على انه لا سبيل امام القوى الاستعمارية في مركزة اي مشروع من مشاريعها، وذلك بحكم الصدامية التلقائية بينها، وبين المشروع القائم في الجانب القومي.
في المقابل، فعندما يزحف الاستعمار بواحد من مشاريعه، نحو مجتمع خال من المشروع القومي، فانه لا يجد ما يصده او يرده، حتى ان مسؤولي ذلك المجتمع وشعوبه لا يدركون حقيقة ما يدبر لهم جراء تنفيذ ذلك المشروع.
ان مشروع الشرق الاوسط الكبير - بخلق كردستان - او الجديد - بنفي الوجود المقاوم - (والمصطلح صهيوني اميركي) هذا المشروع لم يجد مقاومة في الواقع الرسمي العربي بل ولم يُحفل باخطاره وتهديداته، بالنظر لخلو ذلك الواقع وانظمته الباعثة له من اي مشروع قومي يجادله او ينازله.
فالنظام المصري الذي لا مشروع قوميا في اجندته السياسية يجد نفسه امام مشكلة الشرق الاوسط بازاء خيارين اثنين. فاما الانحياز الى المشروع الاستعماري، وحوافزه واغراءاته، واما الانحياز الى المشروع المقابل وتبعاته واكلافه. اما الخيار الثالث فالوقوف على الحياد. ومعروف ما هو معنى الحياد عندما يكون احد اخوتك في حال مريرة من المواجهة او هو يتعرض للعدوان. ذلك فضلا عن الانحياز الى مشروع الضدّ المناهض للمشروع القومي.
واللافت في فكر الدكتور الاسد، هو مركزته للناحية المصلحية والعلاقية، والتحالفية، في الصميم من الدائرة الغائية. وما تتضمنه وتشتمل عليه من قضايا ومشكلات ومشاريع قومية.
اذا نحن لم نتوفر على العلامات المائزة للحقيقة. فقد نمر بها - اي بالحقيقة - دون ان نتوقف عندها. فالثقافة في حدودها السحيقة والمتسامية، هي التي تضع في ايدينا اسباب الفوز بما نحب ونرجو. في المقابل، فاننا اذا ما التقينا بالبطل الذي يلزمنا، والحارس الاقوى الامين على امتنا، في ظروف من الجهل به، والعماء عن سمائه وصفاته. فسوف نضل عنه، ونفقده، ونفقد بالتالي ما يحمله في فكره، او يندمج عليه في ذات روحه.
من جانب آخر، فاننا اذا ما قيض لنا ان نعيش في كنف ذلك البطل من حيث نجهله، او نتعامى عن خلاله وخصاله، فسوف لن نحرز الامن والامان، او نحقق الراحة والاطمئنان حتى اننا لن نوقف البحث - بالاحرى - عن البديل المفقود. فحالنا هذه تشبه الى حد بعيد، حالنا مع الحياة، فنحن نعيش الحياة دون ان نعيها او نفقه معناها، او نعرف سرها، وندرك مغزاها. الا ان ذلك كله - وعلى الرغم من وجاهته - لا يمنع من كوننا نعيشها حقا ونُعانقها يقينا. فنحن نطعمها في كل لحظة، ونسقاها في كل حين. ونحن نتذوقها في كل طرفة عين، ونحياها في كل خفقة من خفقات القلب، فممارسة الحياة لا تغني عن معرفتها. ذلك ان ممارسة الشيء بصورة عمياء، او بلهاء، لا يمكن ان تصل بصاحبها الى الافادة التامة منه، ايا كانت حقيقته، او كان موقعه.
فنحن نرى كيف اننا نعيش الحياة خائفين، وما يُخيفنا منها سوى الجهلُ بها.. تماما كما نمشي الى الموت مرعوبين، وما يُرعبنا منه سوى جهلنا له، وعدم توفرنا على حقيقة ما يجري على الناس في غمراته.
حتى هذه النقطة، ارجو ان اكون قد وفقت الى اماطة الغبار عن المدخل الاساس لقراءتي المتواضعة في عقل الدكتور بشار الاسد، بما هو مواطن عربي عروبي اولا واخيرا... عساي اوفق - من خلالها - الى تحديد الملامح المائزة لشخصيته السياسية، ومدى مطابقتها للصفات المرجوة في الرئيس المسؤول، او مطاقمتها للسمات الفارقة للبطل المنشود.
وبنظرة متأنية دارسة في اعماق ذلك الرجل، واخرى متأملة فاحصة في افاقه الفكرية، وافلاكه الوجدانية، نعثر - بالتحليل - على انه امرؤ يحصر جل مواقفه، وكل عواطفه - او يكاد - ضمن دائرة واسعة تسبح في فضائها، وتنشط في داخلها دوائر ثلاث. اما الدائرة الام فانها العروبة، والنظام النموذجي الصالح لسائر اعضائها وكافة ابنائها. واما الدوائر الثلاث الناشطة ضمنها، والسابحة دأبا في فضائها، فهي على التوالي:
1- القيمة الغائية للامة العربية.
2- القيمة المعيارية لمسيرتها السياسية والاجتماعية.
3- هويتها الرسالية او الحضارية.
وانطلاقا من هذه المكاشفة، نمضي الى ما نحن بصدده من شؤون البحث عن البطل القومي فاحصين في قيمة المدى الذي تتطابق فيه المضامين الاساس للدوائر المذكورة، مع طبيعة حاجتنا لها وحدود فاقتنا اليها، فاذا نحن توصلنا الى ادراك ان ما نحتاجه ونتطلع اليه هو شأن قائم في صورة الواقع الصارخ لتلك المضامين نكون قد خلصنا الى العثور على الشخص الذي يجب ان نتوقف عنده، والاهتداء الى القائد الذي نكفُ - عند ملاقاته - عن الاستمرار بالبحث عن قائد.
فما الذي تعنيه، او تتضمنه كل دائرة من الدوائر الثلاث التي يتشكل من اجتماعها، وتضافر العناصر المؤلفة لها، الشغل الشاغل لعقل الدكتورالاسد؟
فبالنسبة للدائرة الاولى - واريد بها القيمة الغائية - فانها عبارة عن حزمة حازمة من المشاريع التنموية، والاهداف النهضوية، والانظمة العلاقية Des systemes relationnaux والمبادرات الاهلية، والتطلعات القومية.
وتوضيحا للمعاني والدلالات الباهرة لمضمون هذه الدائرة فاننا نسوق الملاحظة الى واقع انتفاء وانعدام اي مثيل لها في الاكثرية الكاثرة من دول العالم، بقرينة ان من يتمتع بها، يصبح تلقائيا، وبصورة مباشرة في موقع المقاوم للقوى الاجنبية الزاحفة بمضمون نقيض، او القادمة بحزمة من عندها وهي تحاول ان تفرضها على كل مجتمع لا يتمتع بحزمة مثلها، او دائرة تحل مكانها.
ففي ظل الوجود الحيوي والفاعل لدائرة الغايات القومية - وهو معنى الغائية - وفي ضوء ما تتضمنه من مشاريع نعثر على انه لا سبيل امام القوى الاستعمارية في مركزة اي مشروع من مشاريعها، وذلك بحكم الصدامية التلقائية بينها، وبين المشروع القائم في الجانب القومي.
في المقابل، فعندما يزحف الاستعمار بواحد من مشاريعه، نحو مجتمع خال من المشروع القومي، فانه لا يجد ما يصده او يرده، حتى ان مسؤولي ذلك المجتمع وشعوبه لا يدركون حقيقة ما يدبر لهم جراء تنفيذ ذلك المشروع.
ان مشروع الشرق الاوسط الكبير - بخلق كردستان - او الجديد - بنفي الوجود المقاوم - (والمصطلح صهيوني اميركي) هذا المشروع لم يجد مقاومة في الواقع الرسمي العربي بل ولم يُحفل باخطاره وتهديداته، بالنظر لخلو ذلك الواقع وانظمته الباعثة له من اي مشروع قومي يجادله او ينازله.
فالنظام المصري الذي لا مشروع قوميا في اجندته السياسية يجد نفسه امام مشكلة الشرق الاوسط بازاء خيارين اثنين. فاما الانحياز الى المشروع الاستعماري، وحوافزه واغراءاته، واما الانحياز الى المشروع المقابل وتبعاته واكلافه. اما الخيار الثالث فالوقوف على الحياد. ومعروف ما هو معنى الحياد عندما يكون احد اخوتك في حال مريرة من المواجهة او هو يتعرض للعدوان. ذلك فضلا عن الانحياز الى مشروع الضدّ المناهض للمشروع القومي.
واللافت في فكر الدكتور الاسد، هو مركزته للناحية المصلحية والعلاقية، والتحالفية، في الصميم من الدائرة الغائية. وما تتضمنه وتشتمل عليه من قضايا ومشكلات ومشاريع قومية.