dot
10/09/2006, 12:46
بقلم: د. عمار سليمان علي
منذ ما قبل ولادتي أقيمت على أطراف مدينة طرطوس (آنذاك), وعلى مساحة شاسعة واسعة, ثكنة الشرطة العسكرية, أما اليوم فأصبحت تلك الثكنة "المهيبة" في قلب المدينة!. ومع كل التغييرات في تخطيط طرطوس وهندستها وشوارعها وأبنيتها ظلت تلك الثكنة "العتيدة" على حالها, صامدة بوجه عوادي الزمن... والأهم بوجه جيرانها!.
سألت أحد الجيران عن مدى إحساسه بالأمان والاطمئنان لوجود الثكنة "الحصينة" قرب منزله؟ فأجابني (معتقداً أنني من المخابرات): أدام الله علينا هذه النعمة, وجعلنا من مستحقيها... آمين. وبعد أن عرفته على نفسي, وتأكد أن لا علاقة لي بأي فرع من فروع المخابرات الداخلية أو الخارجية, قال لي: إذا كان صحيحاً ما تقوله عن إحساس الأمان والاطمئنان الذي تسبغه علينا هذه الثكنة "المباركة", فهل يمكنك أن تخبرني عن السبب الذي يجعل أسعار العقارات المجاورة لها منخفضة جداً إذا ما قورنت بأسعار العقارات التي تبعد عنها شارعاً او شارعين؟! وهل يمكن لأي محلل اقتصادي أن يفسر لي سبب ارتفاع أسعار تلك العقارات كلما سرت شائعة ما بقرب انتقال الثكنة من هنا, وهو الأمر الذي تكرر على مدى العقود الماضية مرة كل بضع سنوات؟!.
أحس محدثي أنني أتفاعل جيداً مع ما يقوله, فاستطرد متحمساً, ولكن بصوت هامس: كيف تريدني أن أحس بالأمان والاطمئنان, بينما قيمة بيتي ومكتبي ومتجري لا تعادل أكثر من نصف مثيلاتها في السوق, فقط بسبب هذا البناء الذي يفترض أن يشعرني بالأمان والاطمئنان؟!. نعم قد يحمينا وجود الثكنة من اللصوص والسارقين, رغم أنه لم يفعل دائماً, ولكن هل يشعرنا هذا بالأمان والاطمئنان, ونحن نخسر ما نخسر في قيمة عقاراتنا, بما يشكل أضعاف أضعاف ما يمكن أن يسرقه اللصوص من متاعنا وأغراضنا؟!.
عند هذه النقطة علا صوت زمور (تشتهر به طرطوس!) نبهنا إلى أننا نسد الطريق بوقوفنا في أضيق شارع في طرطوس بل في سوريا بل في العالم, وهو يحاذي بناء الثكنة "المبجلة" من جهة الشمال, وقبل أن ننتقل من مكاننا نزل سائق السيارة وسلم على محدثي بحرارة, حيث تبين أنه هو الآخر من الجيران "المحظوظين". وبعد أن أخذ فكرة عما كنا فيه, انفعل هو الآخر بالحديث, وقال مشيراً إلى منزله القريب: أقطن هناك مع عائلتي, وإذا تجاوزت ما قلتموه, وتجاوزت معاناتي اليومية مع سيارتي في هذا الطريق الضيق عند هذه الزاوية تحديداً, فكيف أتجاوز أنني أستيقظ كل صباح على صوت الاجتماع الصباحي للعساكر بهمهماتهم وزمجراتهم وصراخهم وعويلهم وخبطات أبواطهم الهدارة, فأحسب أنني لم أسرح بعد من خدمة العلم التي أديتها منذ عشرين عاماً, ومازال مفروضاً علي حضور الاجتماع الصباحي يومياً.... وإن كان من الفراش!!.
اقترب منا جار ثالث, وهو مسؤول سابق. حيانا واستفسر عن سبب الاجتماع, ثم علق نافشاً ريشه كطاووس منتوف: لقد علمت من مصادر موثوقة لا يرقى إليها الشك أن السيد الرئيس قد اطلع على حيثيات الموضوع خلال زيارته لطرطوس العام الماضي, ووجه المسؤولين بضرورة أن ينقل مقر فرع الشرطة العسكرية في طرطوس إلى خارج المدينة, وأن يقام مكانها حديقة عامة كما في المخطط التنظيمي للمدينة الموضوع منذ ثلاثين عاماً, ومنحهم مهلة سنة كاملة لإتمام الأمر!!.
ها قد أوشكت مهلة السنة على الانتهاء, والمسؤولون الأشاوس المحترمون الحريصون على مصلحة المواطنين وعلى حسن تنفيذ الأنظمة والقوانين لم يحركوا ساكناً بعد. فعساهم عساهم يذهبون ضحية تقصيرهم وإخلالهم بواجباتهم, وإذا لم نتخلص من الثكنة نكون على الأقل قد تخلصنا منهم! قولوا: آمين...
منذ ما قبل ولادتي أقيمت على أطراف مدينة طرطوس (آنذاك), وعلى مساحة شاسعة واسعة, ثكنة الشرطة العسكرية, أما اليوم فأصبحت تلك الثكنة "المهيبة" في قلب المدينة!. ومع كل التغييرات في تخطيط طرطوس وهندستها وشوارعها وأبنيتها ظلت تلك الثكنة "العتيدة" على حالها, صامدة بوجه عوادي الزمن... والأهم بوجه جيرانها!.
سألت أحد الجيران عن مدى إحساسه بالأمان والاطمئنان لوجود الثكنة "الحصينة" قرب منزله؟ فأجابني (معتقداً أنني من المخابرات): أدام الله علينا هذه النعمة, وجعلنا من مستحقيها... آمين. وبعد أن عرفته على نفسي, وتأكد أن لا علاقة لي بأي فرع من فروع المخابرات الداخلية أو الخارجية, قال لي: إذا كان صحيحاً ما تقوله عن إحساس الأمان والاطمئنان الذي تسبغه علينا هذه الثكنة "المباركة", فهل يمكنك أن تخبرني عن السبب الذي يجعل أسعار العقارات المجاورة لها منخفضة جداً إذا ما قورنت بأسعار العقارات التي تبعد عنها شارعاً او شارعين؟! وهل يمكن لأي محلل اقتصادي أن يفسر لي سبب ارتفاع أسعار تلك العقارات كلما سرت شائعة ما بقرب انتقال الثكنة من هنا, وهو الأمر الذي تكرر على مدى العقود الماضية مرة كل بضع سنوات؟!.
أحس محدثي أنني أتفاعل جيداً مع ما يقوله, فاستطرد متحمساً, ولكن بصوت هامس: كيف تريدني أن أحس بالأمان والاطمئنان, بينما قيمة بيتي ومكتبي ومتجري لا تعادل أكثر من نصف مثيلاتها في السوق, فقط بسبب هذا البناء الذي يفترض أن يشعرني بالأمان والاطمئنان؟!. نعم قد يحمينا وجود الثكنة من اللصوص والسارقين, رغم أنه لم يفعل دائماً, ولكن هل يشعرنا هذا بالأمان والاطمئنان, ونحن نخسر ما نخسر في قيمة عقاراتنا, بما يشكل أضعاف أضعاف ما يمكن أن يسرقه اللصوص من متاعنا وأغراضنا؟!.
عند هذه النقطة علا صوت زمور (تشتهر به طرطوس!) نبهنا إلى أننا نسد الطريق بوقوفنا في أضيق شارع في طرطوس بل في سوريا بل في العالم, وهو يحاذي بناء الثكنة "المبجلة" من جهة الشمال, وقبل أن ننتقل من مكاننا نزل سائق السيارة وسلم على محدثي بحرارة, حيث تبين أنه هو الآخر من الجيران "المحظوظين". وبعد أن أخذ فكرة عما كنا فيه, انفعل هو الآخر بالحديث, وقال مشيراً إلى منزله القريب: أقطن هناك مع عائلتي, وإذا تجاوزت ما قلتموه, وتجاوزت معاناتي اليومية مع سيارتي في هذا الطريق الضيق عند هذه الزاوية تحديداً, فكيف أتجاوز أنني أستيقظ كل صباح على صوت الاجتماع الصباحي للعساكر بهمهماتهم وزمجراتهم وصراخهم وعويلهم وخبطات أبواطهم الهدارة, فأحسب أنني لم أسرح بعد من خدمة العلم التي أديتها منذ عشرين عاماً, ومازال مفروضاً علي حضور الاجتماع الصباحي يومياً.... وإن كان من الفراش!!.
اقترب منا جار ثالث, وهو مسؤول سابق. حيانا واستفسر عن سبب الاجتماع, ثم علق نافشاً ريشه كطاووس منتوف: لقد علمت من مصادر موثوقة لا يرقى إليها الشك أن السيد الرئيس قد اطلع على حيثيات الموضوع خلال زيارته لطرطوس العام الماضي, ووجه المسؤولين بضرورة أن ينقل مقر فرع الشرطة العسكرية في طرطوس إلى خارج المدينة, وأن يقام مكانها حديقة عامة كما في المخطط التنظيمي للمدينة الموضوع منذ ثلاثين عاماً, ومنحهم مهلة سنة كاملة لإتمام الأمر!!.
ها قد أوشكت مهلة السنة على الانتهاء, والمسؤولون الأشاوس المحترمون الحريصون على مصلحة المواطنين وعلى حسن تنفيذ الأنظمة والقوانين لم يحركوا ساكناً بعد. فعساهم عساهم يذهبون ضحية تقصيرهم وإخلالهم بواجباتهم, وإذا لم نتخلص من الثكنة نكون على الأقل قد تخلصنا منهم! قولوا: آمين...