براق
06/09/2006, 23:45
دُمّرت لبنان، وتعطّلت سياحته، ونزح مليون لاجيء، وسوّيت المنازل، وسقط الأبرياء بمجازر الإجرام، وفق أجندة أُعدّت لترسم بالدمار والدم خارطة شرق أوسط جديد! عجّل إبرازها خطف صهيونيين بيد المقاومين البواسل.
شُنّت حربٌ مسعورة لتركيع دولنا لمنطق أحاديّ شرس، يصوغ المفاهيم ويُملي السياسات، ويضرب بالعصا أيّ مشاغب ليستوعب الجميع درسه جيّداً.
لو لم تقم الحرب، لما وقعت المآسي والدمار والأضرار الجسيمة الآن، لكنّ العدوان سيقع حتماً بعد شهر بذريعة وبدونها، فالنازية الجديدة كالقديمة لا يعوزها سببٌ للعدوان لتوفّره في عقيدتها، ولأعادت آنئذٍ إسرائيل نكسة حزيران حين دمّرت طائراتنا في مرابضها ودفنت مقاومتنا في مهدها، ليعلن الجميع استسلامهم.
هذا معلومٌ، حتى لمن لم يصدّق كشف سماحة السيد نصر الله له، لتثنية تأكيده بصحف أمريكية، ووقوف أمريكا جهاراً ممانِعةً إيقاف العدوان الذي غايته أساساً استئصال المقاومة لإزالتها من الوجود (كالسرطان بزعمهم) لتصبح الظروف أوفق لولادة شرق (مسْخ) جديد.
ربّما (الخير فيما وقع)، فأبْده شيء لو لم تقم حرب الدمار، بعيداً عن فوائدها وسلبيّاتها العالميّة:
-لوئدت الظلامة الفلسطينية، وخفي عن العالَم وجه (إسرائيل) البشع وخنقها الفلسطينيين وتنكيلهم، وعنصريتها مع عرب فلسطين وحرمانهم حتى من الملاجئ.
-لما كان سبيلٌ لتحرير آلاف أسرى الفلسطينين واللبنانيين الذين نُسيت ملفّاتهم، فأيّ حلحلة قادمة ستكون من فضائل خطف الجنديّين والحرب.
-لانعدمت سبُل تحرير أراضي لبنان الباقية، ولظلّت مسرحاً للغطرسة الصهيونية برّا وبحرا وجوّاً، هذه المعادلات ستتغيّر حتماً بعد الحرب.
-لما انكشف عياناً أنّ مجلس الأمن مجرّد كومبارس تابع لأمريكا، تدين هي تصريحاته وتعطّل قراراته.
-لما كُنّا سنصدّق قابليّة دحر إسرائيل، ليقيننا أنّ ضعفنا وتفوّقها قدرٌ محتومٌ، وأنّ العرب ولو توحّدوا يعجزون عن هزّ إصبع من كيانها، الحرب أثبتت هراء هذا، وأنّ الوحش المدجّج بأعلى التقنيات الجوية والبحرية والبرّية، وأقمار التجسس الأمريكية والإسرائيلية، والأواكس، والباتريوت، وكلّ دروع وأسلحة الجبابرة، بإمكان هزيمته بمقاليع عصريّة للمقاومين.
-ما كنا سنعرف أنّ فئةً قليلة تملك إيماناً بالله وبكرامتها، وقيادةً مخلصةً حكيمة، وعشق التضحية للمبدأ وللناس والوطن، متسلّحة بما يكفي للمقاومة، تستطيع بصبرها أن تثبت وتغلب، عرفنا سرّ (إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)، بعد أن كنا نظنّها خيالا وإعجازا!
-لو لم تقم الحرب ونشهد مجازرها، لآمنّا أنّ الصهيوني مسكين، ضحيّة الإبادات والمحارق، ينشد السلام، ويعشق الأطفال والشعوب، وبالإمكان معايشته، وأنّه (يحمل رسالة السلام) بحسب جزّار صبرا وشاتيلا المدحور شارون، الذي شهد له بوش بأنّه (رجل سلام)، ولسوّق البعض بلا حياء مشاريع الاستسلام له والتطبيع، باعتبارها ضرورةً للتقدّم والتشارك والتنمية، ولما عُدّ المسوقّون عملاء وخونة ومتواطئين بل قيادات استثنائيّة للمرحلة!
-لو لم تقم، لما انكشف عمق خنوع زعاماتنا العربية، ومستوى الوهن والتأمرك والتصهين، ولما انكشف أنّ شعوبنا لا زالت تنبض، تتوثّب لأملٍ حقيقيٍّ لاسترجاع عزتها وكرامتها وأمجادها بدلا من أن ترسف نهبًا للأمم ومركبًا لإملاءاتهم وسياساتهم.
-لما بان معدنُ أصالة الشعب اللبناني، وعدم تفريطه في وطنيته وتفريق وحدته، وتمسّكه بمقاومته الشريفة وتأييده لها مهما ألمّت به النكبات والمعاناة، ومكائد الحرب ومواقف الخذلان.
-لما خسئت أصوات تفرقة الأمّة، وغربان تخريبها، الذين يدسّون بذور الطائفية ويُهيّجون نارها، فامتزاج دماء حماس بحزب الله، وتلاحم صمود الفلسطينيّ باللبناني، أجهض ألوية التفرقة السنية الشيعية أمام استبصار وحدة المصير.
-لما رأينا إعلاماً جادّا عفّ عن التزييف والكذب، ولظللنا رهناء برمجة دعائية تمسخ عقولنا وتسطّحها وتقنعنا بما نشتري وما نسمع وما نلعب ومن نؤيّد وممّ نحذر ومن نسالم ونحارب، بل ولما ميّزْنا بين قنواتنا العربية لنعرف أصيلها من أرعنها، وتجاريّها من وطنيّها، والمالك نخوة العروبة وخالعيّ الحياء.
-لما رأينا أنّ الصهيونيّ يرتعب، ويهرب، ويرتبك، ويكذب، ولما رأينا وجهه القبيح يقصف الأطفال والعجزة والنساء والفلاّحين، لما رأينا غباء استخباراته تدعوه ليدكّ مسجداً خاويا بـ 23 طنّ متفجّرات، وليخطف بعملية إنزال عنتريّة فاشلة رجلاً مسكيناً لأنّ اسمه (حسن نصر الله) برفقة عائلته الفقيرة!
-لما استوعبنا مقتضى أن يلعنهم مسيح المحبّة والسلام صارخاً (أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ.. يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ)، ولاتّهمناه بمعاداة الساميّة!!
-لما أدركنا أبدًا أنّ مغاويرهم الذين دجّجوهم بكلّ تقنية سلاح وخرّعونا بهم، ينتابهم المغصّ ويتغوّطون بسراويلهم في سوح النزال، بلقائهم أقرانهم الأبطال الحقيقيّين الخفيفين، الذين حسبوهم أشباحاً.
-لو لم تقم الحرب، لما كان أملٌ بقيامة أمّتنا لتلد أبطالاً إنسانيين كقادة المقاومة، ودّعوا الطائفية، وتلاحموا مدركين واجبهم، شاهرين لواء الحقّ والعدل فقط، فيؤيّد قضاياهم المسيحيّ والمسلم وغيرُهما بطوائفهم، وكلّ من كان حرّاً أو يريد أن يكون.
منقول : أ.جلال القصّاب - جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية
شُنّت حربٌ مسعورة لتركيع دولنا لمنطق أحاديّ شرس، يصوغ المفاهيم ويُملي السياسات، ويضرب بالعصا أيّ مشاغب ليستوعب الجميع درسه جيّداً.
لو لم تقم الحرب، لما وقعت المآسي والدمار والأضرار الجسيمة الآن، لكنّ العدوان سيقع حتماً بعد شهر بذريعة وبدونها، فالنازية الجديدة كالقديمة لا يعوزها سببٌ للعدوان لتوفّره في عقيدتها، ولأعادت آنئذٍ إسرائيل نكسة حزيران حين دمّرت طائراتنا في مرابضها ودفنت مقاومتنا في مهدها، ليعلن الجميع استسلامهم.
هذا معلومٌ، حتى لمن لم يصدّق كشف سماحة السيد نصر الله له، لتثنية تأكيده بصحف أمريكية، ووقوف أمريكا جهاراً ممانِعةً إيقاف العدوان الذي غايته أساساً استئصال المقاومة لإزالتها من الوجود (كالسرطان بزعمهم) لتصبح الظروف أوفق لولادة شرق (مسْخ) جديد.
ربّما (الخير فيما وقع)، فأبْده شيء لو لم تقم حرب الدمار، بعيداً عن فوائدها وسلبيّاتها العالميّة:
-لوئدت الظلامة الفلسطينية، وخفي عن العالَم وجه (إسرائيل) البشع وخنقها الفلسطينيين وتنكيلهم، وعنصريتها مع عرب فلسطين وحرمانهم حتى من الملاجئ.
-لما كان سبيلٌ لتحرير آلاف أسرى الفلسطينين واللبنانيين الذين نُسيت ملفّاتهم، فأيّ حلحلة قادمة ستكون من فضائل خطف الجنديّين والحرب.
-لانعدمت سبُل تحرير أراضي لبنان الباقية، ولظلّت مسرحاً للغطرسة الصهيونية برّا وبحرا وجوّاً، هذه المعادلات ستتغيّر حتماً بعد الحرب.
-لما انكشف عياناً أنّ مجلس الأمن مجرّد كومبارس تابع لأمريكا، تدين هي تصريحاته وتعطّل قراراته.
-لما كُنّا سنصدّق قابليّة دحر إسرائيل، ليقيننا أنّ ضعفنا وتفوّقها قدرٌ محتومٌ، وأنّ العرب ولو توحّدوا يعجزون عن هزّ إصبع من كيانها، الحرب أثبتت هراء هذا، وأنّ الوحش المدجّج بأعلى التقنيات الجوية والبحرية والبرّية، وأقمار التجسس الأمريكية والإسرائيلية، والأواكس، والباتريوت، وكلّ دروع وأسلحة الجبابرة، بإمكان هزيمته بمقاليع عصريّة للمقاومين.
-ما كنا سنعرف أنّ فئةً قليلة تملك إيماناً بالله وبكرامتها، وقيادةً مخلصةً حكيمة، وعشق التضحية للمبدأ وللناس والوطن، متسلّحة بما يكفي للمقاومة، تستطيع بصبرها أن تثبت وتغلب، عرفنا سرّ (إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)، بعد أن كنا نظنّها خيالا وإعجازا!
-لو لم تقم الحرب ونشهد مجازرها، لآمنّا أنّ الصهيوني مسكين، ضحيّة الإبادات والمحارق، ينشد السلام، ويعشق الأطفال والشعوب، وبالإمكان معايشته، وأنّه (يحمل رسالة السلام) بحسب جزّار صبرا وشاتيلا المدحور شارون، الذي شهد له بوش بأنّه (رجل سلام)، ولسوّق البعض بلا حياء مشاريع الاستسلام له والتطبيع، باعتبارها ضرورةً للتقدّم والتشارك والتنمية، ولما عُدّ المسوقّون عملاء وخونة ومتواطئين بل قيادات استثنائيّة للمرحلة!
-لو لم تقم، لما انكشف عمق خنوع زعاماتنا العربية، ومستوى الوهن والتأمرك والتصهين، ولما انكشف أنّ شعوبنا لا زالت تنبض، تتوثّب لأملٍ حقيقيٍّ لاسترجاع عزتها وكرامتها وأمجادها بدلا من أن ترسف نهبًا للأمم ومركبًا لإملاءاتهم وسياساتهم.
-لما بان معدنُ أصالة الشعب اللبناني، وعدم تفريطه في وطنيته وتفريق وحدته، وتمسّكه بمقاومته الشريفة وتأييده لها مهما ألمّت به النكبات والمعاناة، ومكائد الحرب ومواقف الخذلان.
-لما خسئت أصوات تفرقة الأمّة، وغربان تخريبها، الذين يدسّون بذور الطائفية ويُهيّجون نارها، فامتزاج دماء حماس بحزب الله، وتلاحم صمود الفلسطينيّ باللبناني، أجهض ألوية التفرقة السنية الشيعية أمام استبصار وحدة المصير.
-لما رأينا إعلاماً جادّا عفّ عن التزييف والكذب، ولظللنا رهناء برمجة دعائية تمسخ عقولنا وتسطّحها وتقنعنا بما نشتري وما نسمع وما نلعب ومن نؤيّد وممّ نحذر ومن نسالم ونحارب، بل ولما ميّزْنا بين قنواتنا العربية لنعرف أصيلها من أرعنها، وتجاريّها من وطنيّها، والمالك نخوة العروبة وخالعيّ الحياء.
-لما رأينا أنّ الصهيونيّ يرتعب، ويهرب، ويرتبك، ويكذب، ولما رأينا وجهه القبيح يقصف الأطفال والعجزة والنساء والفلاّحين، لما رأينا غباء استخباراته تدعوه ليدكّ مسجداً خاويا بـ 23 طنّ متفجّرات، وليخطف بعملية إنزال عنتريّة فاشلة رجلاً مسكيناً لأنّ اسمه (حسن نصر الله) برفقة عائلته الفقيرة!
-لما استوعبنا مقتضى أن يلعنهم مسيح المحبّة والسلام صارخاً (أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ.. يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ)، ولاتّهمناه بمعاداة الساميّة!!
-لما أدركنا أبدًا أنّ مغاويرهم الذين دجّجوهم بكلّ تقنية سلاح وخرّعونا بهم، ينتابهم المغصّ ويتغوّطون بسراويلهم في سوح النزال، بلقائهم أقرانهم الأبطال الحقيقيّين الخفيفين، الذين حسبوهم أشباحاً.
-لو لم تقم الحرب، لما كان أملٌ بقيامة أمّتنا لتلد أبطالاً إنسانيين كقادة المقاومة، ودّعوا الطائفية، وتلاحموا مدركين واجبهم، شاهرين لواء الحقّ والعدل فقط، فيؤيّد قضاياهم المسيحيّ والمسلم وغيرُهما بطوائفهم، وكلّ من كان حرّاً أو يريد أن يكون.
منقول : أ.جلال القصّاب - جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية