krimbow
06/09/2006, 22:34
** رباعيات عمر الخيام **
*** *** ***
*من هو:*
عمر بن ابراهيم النيسابوري، ولد في نيسابور لاب خيام، عاش في بديات الالفية الثانية في عصر سادت فيه الفتن و النزاعات القومية في اواسط آسيا في ما يعرف بنهايات عصر الازدهار الاسلامي و بدايات عصر الانحطاط
نبي جليل من انبياء الحكمة و العقل، فيلسوف مبدع استقى علمه من عقل ابن سينا الطبيب الرئيس، فلكي عظيم استقى الحكمة من النجوم و الافلاك، رياضي بارع حسب ادق اقدار البشر، شاعر رقيق صاغ بكلمات قليلة اروع الحكم و المآثر، حالم، ثائر متمرد، ماجن عاشق، نديم الملوك و الامراء و عظماء عصره، زاهد متصوف، محب للجمال و الحياة...
*ما هي الرباعيات:*
الرباعية ضرب من ضروب الشعر، تتألف كل رباعية من بيتين شعريين من الشعر المقفى، كل بيت مؤلف من شطرين، لتتلوها رباعية اخرى، من بيتين ايضا، و لكن بقافية مختلفة.
و الرباعيات تتجاوز العروض، فلا يشترط فيها ان تتوازن على بحر من بحور الشعر، و إنما تستمد جودتها من معاني الحكم التي تندفق في كلماتها
*رباعيات الخيام:*
يروى أن عمر في شبابه زار سمرقند، و قد سبقته سمعته في اتباع تعاليم ابن سينا و فلاسفة الليمبو* اليها، فأسره الحسن بن الصباح - الذي سيلجؤه عمر في داره من بطش نظام الملك الوزير الاول للسلطان ارسلان طاش، و الذي سيصبح سيد آلموت فيما بعد و آمر فرقة الحشاشين الرهيبة - بتهمة الزندقة، و عرضه على قاضي سمرقند، الذي حينما رأى الشاب الفيلسوف امامه، تذكر ابنه البكر شبيه عمر الخيام، و الذي حكم عليه منذ سنوات بالاعدام لذات تهمة الزندقة خوفا من بطش المتدينين، فتحسر القاضي على ما اقترفته يداه بحق بكره، و عفى عن الخيام و قال له "المحب إذا لم يتكلم هلك، و العارف إذا تكلم هلك**"، و اعطاه 4 دفاتر نسجت اوراقها من حرير، و طلب منه ألا يجاهر بحكمته و معرفته حتى يسلم رأسه، بل يكتبها على تلك الكتب لتبقى إرثا خالدا ينير البشرية، فكتب عليها الخيام خلاصة الحكمة و معاني الحياة برباعيات فارسية خلدها التاريخ
لم يصلنا من هذه الكتب شيئا، و لكن، و لأن الحقيقة لا تحتاج سوى لعقل مستنير ليدركها، و كما للبضائع تجارها تعرف قدرها و قيمتها .. انتشرت رباعيات الخيام كالنار في الهشيم في العالم، و تناقلتها الالسن على مر العصور
أعجب الشاعر أحمد رامي كغيره من مرهفي الاحساس بمآثر الخيام، فعربها من الفارسية لتنشدها كوكب الشرق ام كلثوم بأعذب النغمات
و الآن لنتأمل معا بعضا من روائع الخيام
سمعتُ صوتاً هاتفاً في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى
قبل أن تملأ كأسَ العمر كفُ الَقَدر
لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس في طبع الليالي الأمان
غَدٌ بِظَهْرِ الغيب واليومُ لي
وكمْ يَخيبُ الظَنُ في المُقْبِلِ
ولَسْتُ بالغافل حتى أرى
جَمال دُنيايَ ولا أجتلي
القلبُ قد أضْناه عِشْق الجَمال
والصَدرُ قد ضاقَ بما لا يُقال
يا ربِ هل يُرْضيكَ هذا الظَمأ
والماءُ يَنْسابُ أمامي الزُلال
أولى بهذا القلبِ أن يَخْفِقا
وفي ضِرامِ الحُبِّ أنْ يُحرَقا
ما أضْيَعَ اليومَ الذي مَرَّ بي
من غير أن أهْوى وأن أعْشَقا
أفِقْ خَفيفَ الظِلِ هذا السَحَر
نادى دَعِ النومَ وناغِ الوَتَر
فما أطالَ النومُ عُمرأ
ولا قَصَرَ في الأعمارَ طولُ السَهَر
فكم تَوالى الليل بعد النهار
وطال بالأنجم هذا المدار
فامْشِ الهُوَيْنا إنَّ هذا الثَرى
من أعْيُنٍ ساحِرَةِ الاِحْوِرار
لا توحِشِ النَفْسَ بخوف الظُنون
واغْنَمْ من الحاضر أمْنَ اليقين
فقد تَساوى في الثَرى راحلٌ غداً
وماضٍ من أُلوفِ السِنين
أطفئ لَظى القلبِ بشَهْدِ الرِضاب
فإنما الأيام مِثل السَحاب
وعَيْشُنا طَيفُ خيالٍ فَنَلْ
حَظَكَ منه قبل فَوتِ الشباب
لبست ثوب العيش لم اُسْتَشَرْ
وحِرتُ فيه بين شتى الفِكر
وسوف انضو الثوب عني ولم
أُدْرِكْ لماذا جِئْتُ أين المفر
يا من يِحارُ الفَهمُ في قُدرَتِك
وتطلبُ النفسُ حِمى طاعتك
أسْكَرَني الإثم ولكنني
صَحَوْتُ بالآمال في رَحمَتِك
إن لم أَكُنْ أَخلصتُ في طاعتِك
فإنني أطمَعُ في رَحْمَتِك
وإنما يَشْفعُ لي أنني
قد عِشْتُ لا أُشرِكُ في وَحْدَتِك
تُخفي عن الناس سنا طَلعتِك
وكل ما في الكونِ من صَنْعَتِك
فأنت مَجْلاهُ وأنت الذي
ترى بَديعَ الصُنْعِ في آيَتِك
إن تُفْصَلُ القَطرةُ من بَحْرِها
ففي مَداهُ مُنْتَهى أَمرِها
تَقارَبَتْ يا رَبُ ما بيننا
مَسافةُ البُعْدِ على قَدرِها
يا عالمَ الأسرار عِلمَ اليَقين
وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين
يا قابل الأعذار عُدْنا إلى
ظِلِّكَ فاقْبَلْ تَوبَةَ التائبين
*** *** ***
و هذه بعض الرباعيات المنسوبة للخيام و المترجمة من قبل الشاعر العراقي احمد الصافي النجفي
أفنيتُ عمري في اكتناه القضـاء
وكشف ما يحجبـه في الخـفاء
فلم أجـد أسـراره وانقضـى
عمري وأحسست دبيب الفـناء
لبستُ ثوب العمر لـم أُسْتَشَـرْ
وحرت فيه بيـن شتّـى الفكـر
وسوف أنضو الثوب عني ولـم
أدركْ لمـاذا جئـتُ أيـن المقـر
لـم يبرح الداء فؤادي العليـل
ولـم أنل قصدي وحان الرحيـل
وفـات عمـري وأنا جاهـل
كتاب هذا العمر حسم الـفصول
ناثرت أيّـام هـذا العـمر
تناثـر الأوراق حول الشـجر
فانعم من الدنيـا بلذّاتـهـا
من قبل أن تسقيك كفّ القدر
يا عالم الأسرار علـم اليقين
يا كاشف الضرّ عن البائـسين
يا قابـل الأعذار فئنــا إلى
ظلّك فاقبـل توبـة التائبيـن
________________________________
* الليمبو: كلمة لاتينية يقصد فيها حائط الاعراف، ذلك الحائط الذي يفصل بين الجنة و النار و الذي يمضي فيه الفلاسفة ابديتهم، متأملين من تحته ثواب الابرار في الجنة، و جزاء الاشرار في جهنم، و يروي دانتي في كوميدياه الالهية سريان نهر الحكمة فيه، جعلنا العلي و اياكم من مريديه و نائليه...
** قائل هذه الحكمة هو الشبلي
*** *** ***
*من هو:*
عمر بن ابراهيم النيسابوري، ولد في نيسابور لاب خيام، عاش في بديات الالفية الثانية في عصر سادت فيه الفتن و النزاعات القومية في اواسط آسيا في ما يعرف بنهايات عصر الازدهار الاسلامي و بدايات عصر الانحطاط
نبي جليل من انبياء الحكمة و العقل، فيلسوف مبدع استقى علمه من عقل ابن سينا الطبيب الرئيس، فلكي عظيم استقى الحكمة من النجوم و الافلاك، رياضي بارع حسب ادق اقدار البشر، شاعر رقيق صاغ بكلمات قليلة اروع الحكم و المآثر، حالم، ثائر متمرد، ماجن عاشق، نديم الملوك و الامراء و عظماء عصره، زاهد متصوف، محب للجمال و الحياة...
*ما هي الرباعيات:*
الرباعية ضرب من ضروب الشعر، تتألف كل رباعية من بيتين شعريين من الشعر المقفى، كل بيت مؤلف من شطرين، لتتلوها رباعية اخرى، من بيتين ايضا، و لكن بقافية مختلفة.
و الرباعيات تتجاوز العروض، فلا يشترط فيها ان تتوازن على بحر من بحور الشعر، و إنما تستمد جودتها من معاني الحكم التي تندفق في كلماتها
*رباعيات الخيام:*
يروى أن عمر في شبابه زار سمرقند، و قد سبقته سمعته في اتباع تعاليم ابن سينا و فلاسفة الليمبو* اليها، فأسره الحسن بن الصباح - الذي سيلجؤه عمر في داره من بطش نظام الملك الوزير الاول للسلطان ارسلان طاش، و الذي سيصبح سيد آلموت فيما بعد و آمر فرقة الحشاشين الرهيبة - بتهمة الزندقة، و عرضه على قاضي سمرقند، الذي حينما رأى الشاب الفيلسوف امامه، تذكر ابنه البكر شبيه عمر الخيام، و الذي حكم عليه منذ سنوات بالاعدام لذات تهمة الزندقة خوفا من بطش المتدينين، فتحسر القاضي على ما اقترفته يداه بحق بكره، و عفى عن الخيام و قال له "المحب إذا لم يتكلم هلك، و العارف إذا تكلم هلك**"، و اعطاه 4 دفاتر نسجت اوراقها من حرير، و طلب منه ألا يجاهر بحكمته و معرفته حتى يسلم رأسه، بل يكتبها على تلك الكتب لتبقى إرثا خالدا ينير البشرية، فكتب عليها الخيام خلاصة الحكمة و معاني الحياة برباعيات فارسية خلدها التاريخ
لم يصلنا من هذه الكتب شيئا، و لكن، و لأن الحقيقة لا تحتاج سوى لعقل مستنير ليدركها، و كما للبضائع تجارها تعرف قدرها و قيمتها .. انتشرت رباعيات الخيام كالنار في الهشيم في العالم، و تناقلتها الالسن على مر العصور
أعجب الشاعر أحمد رامي كغيره من مرهفي الاحساس بمآثر الخيام، فعربها من الفارسية لتنشدها كوكب الشرق ام كلثوم بأعذب النغمات
و الآن لنتأمل معا بعضا من روائع الخيام
سمعتُ صوتاً هاتفاً في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى
قبل أن تملأ كأسَ العمر كفُ الَقَدر
لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس في طبع الليالي الأمان
غَدٌ بِظَهْرِ الغيب واليومُ لي
وكمْ يَخيبُ الظَنُ في المُقْبِلِ
ولَسْتُ بالغافل حتى أرى
جَمال دُنيايَ ولا أجتلي
القلبُ قد أضْناه عِشْق الجَمال
والصَدرُ قد ضاقَ بما لا يُقال
يا ربِ هل يُرْضيكَ هذا الظَمأ
والماءُ يَنْسابُ أمامي الزُلال
أولى بهذا القلبِ أن يَخْفِقا
وفي ضِرامِ الحُبِّ أنْ يُحرَقا
ما أضْيَعَ اليومَ الذي مَرَّ بي
من غير أن أهْوى وأن أعْشَقا
أفِقْ خَفيفَ الظِلِ هذا السَحَر
نادى دَعِ النومَ وناغِ الوَتَر
فما أطالَ النومُ عُمرأ
ولا قَصَرَ في الأعمارَ طولُ السَهَر
فكم تَوالى الليل بعد النهار
وطال بالأنجم هذا المدار
فامْشِ الهُوَيْنا إنَّ هذا الثَرى
من أعْيُنٍ ساحِرَةِ الاِحْوِرار
لا توحِشِ النَفْسَ بخوف الظُنون
واغْنَمْ من الحاضر أمْنَ اليقين
فقد تَساوى في الثَرى راحلٌ غداً
وماضٍ من أُلوفِ السِنين
أطفئ لَظى القلبِ بشَهْدِ الرِضاب
فإنما الأيام مِثل السَحاب
وعَيْشُنا طَيفُ خيالٍ فَنَلْ
حَظَكَ منه قبل فَوتِ الشباب
لبست ثوب العيش لم اُسْتَشَرْ
وحِرتُ فيه بين شتى الفِكر
وسوف انضو الثوب عني ولم
أُدْرِكْ لماذا جِئْتُ أين المفر
يا من يِحارُ الفَهمُ في قُدرَتِك
وتطلبُ النفسُ حِمى طاعتك
أسْكَرَني الإثم ولكنني
صَحَوْتُ بالآمال في رَحمَتِك
إن لم أَكُنْ أَخلصتُ في طاعتِك
فإنني أطمَعُ في رَحْمَتِك
وإنما يَشْفعُ لي أنني
قد عِشْتُ لا أُشرِكُ في وَحْدَتِك
تُخفي عن الناس سنا طَلعتِك
وكل ما في الكونِ من صَنْعَتِك
فأنت مَجْلاهُ وأنت الذي
ترى بَديعَ الصُنْعِ في آيَتِك
إن تُفْصَلُ القَطرةُ من بَحْرِها
ففي مَداهُ مُنْتَهى أَمرِها
تَقارَبَتْ يا رَبُ ما بيننا
مَسافةُ البُعْدِ على قَدرِها
يا عالمَ الأسرار عِلمَ اليَقين
وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين
يا قابل الأعذار عُدْنا إلى
ظِلِّكَ فاقْبَلْ تَوبَةَ التائبين
*** *** ***
و هذه بعض الرباعيات المنسوبة للخيام و المترجمة من قبل الشاعر العراقي احمد الصافي النجفي
أفنيتُ عمري في اكتناه القضـاء
وكشف ما يحجبـه في الخـفاء
فلم أجـد أسـراره وانقضـى
عمري وأحسست دبيب الفـناء
لبستُ ثوب العمر لـم أُسْتَشَـرْ
وحرت فيه بيـن شتّـى الفكـر
وسوف أنضو الثوب عني ولـم
أدركْ لمـاذا جئـتُ أيـن المقـر
لـم يبرح الداء فؤادي العليـل
ولـم أنل قصدي وحان الرحيـل
وفـات عمـري وأنا جاهـل
كتاب هذا العمر حسم الـفصول
ناثرت أيّـام هـذا العـمر
تناثـر الأوراق حول الشـجر
فانعم من الدنيـا بلذّاتـهـا
من قبل أن تسقيك كفّ القدر
يا عالم الأسرار علـم اليقين
يا كاشف الضرّ عن البائـسين
يا قابـل الأعذار فئنــا إلى
ظلّك فاقبـل توبـة التائبيـن
________________________________
* الليمبو: كلمة لاتينية يقصد فيها حائط الاعراف، ذلك الحائط الذي يفصل بين الجنة و النار و الذي يمضي فيه الفلاسفة ابديتهم، متأملين من تحته ثواب الابرار في الجنة، و جزاء الاشرار في جهنم، و يروي دانتي في كوميدياه الالهية سريان نهر الحكمة فيه، جعلنا العلي و اياكم من مريديه و نائليه...
** قائل هذه الحكمة هو الشبلي