dot
05/09/2006, 17:12
بقلم: خيري منصور
لو فحصت عينات من الخطاب الأكثر رواجاً في حياتنا السياسية تحت مجهر نفسي واجتماعي فإن النتائج قد تكون بالغة الطرافة والإثارة، فمن يهجو الدكتاتوريات، والنظم المستبدة لا يقدم عينة مضادة لها، واحياناً نقرأ في صفحة واحدة من التعميمات واطلاق الاحكام والفتاوى ما يدفعنا إلى تحسس رؤوسنا ووضع الأيدي على القلوب، ونتساءل ما الذي كان سينتهي إليه هذا الديمقراطي جداً أو ذلك الليبرالي الحريري الملمس لو أنهما يمارسان السلطة؟
وثمة دراسات أجريت على نصوص وكتابات لأفراد ينتمون إلى المعارضات على اختلاف صيغها وكانت الحصيلة صادقة، لأن الدكتاتورية لا تمارس فقط في نظام الحكم، إنها ذات تجليات في حياتنا اليومية، لأنها أساساً تربويات، وأنماط تفكير وممارسات تفرزها ثقافة ما في عصر ما.
أليس الكاتب الذي يزعم احتكار الحقيقة ويحذف كل ما لا يروق له دكتاتوراً لم يحالفه الحظ في جز رؤوس العباد؟ فلجأ إلى اعدام رمزي!
إن تجليات الطغيان تتجاوز العناوين الكبرى، والنظم السياسية إلى تفاصيل التفاصيل في الحياة، لهذا ليس مستغرباً أن تستعير السياسة كلمة “الباتريارك” من معجم آخر، فالأب أو ما تعارف عليه العرب المعاصرون باسم سي السيد إشارة إلى بطل الثلاثية لنجيب محفوظ، هو دكتاتور بامتياز، يفكر نيابة عن ابنائه، ويمنعهم من اعلان الفطام، ويحكم عليهم بالإقامة الدائمة في كل ما هو دون سن الرشد والبلوغ.
أستاذ الجامعة، قد يكون دكتاتوراً أيضاً، ويصاب بضيق التنفس إذا خرج أحد تلامذته عن النص، أو خطر له أن يتساءل متجاوزاً ما اصطلح عليه بالبدهيات والخطوط الحمر.
وحين قرأت قبل أسابيع مقالة في إحدى الدوريات العربية لكاتب نفى وبشكل جذري ما يسمى الليبرالية العربية، شعرت بأن ما يقوله قد يكون صحيحاً بمقياس آخر غير الذي اقترحه، هو مقياس الحكم على البشر من خلال ما يتجسد من أقوالهم في الأفعال، فالكلام مباح وبلا حدود،لكنه يبقى أشبه بصكوك غير قابلة للصرف بسبب انعدام الرصيد، إذن لا بد من الاحتكام ميدانيا إلى لحظة الاختبار التي تفرز القمح من الزؤان وورق الخريف الأصفر عن الذهب والزجاج الرخيص عن الماس.
وما أكثر ما نمرّ به الآن من اختبارات لكن العناية الفعلية بما يقال وما يفعل وما هو قابل للصرف وما هو ممنوع منه، غائبة وبديلها النميمة التي فاضت عن الحياة الاجتماعية اليومية وبدأت تغمر الصحف والكتب وتطفو على الفضائيات.
إن اكثر الناس راديكالية وهجاء للدكتاتوريات نحتاج إلى تجريبهم ولو لدقيقة واحدة، سواء كانت فرصة لإبداء رأي على شاشة أو زاوية في جريدة.
هذه الدقيقة هي العينة المطلوب فحصها علمياً للتأكد من أن من يزعمون النجاة من فيروس الطغيان والاحتكار واقصاء الآخر والاعدام الرمزي ليسوا على حق، واحياناً أتذكر مسرحية شهيرة لألبير كامو هي “العادلون” وأنا أقرأ أو أصغي لمن يعالجون الطغيان بطغيان أكبر، ولمن يدفعوننا إلى الشك بأنهم ملكيون أكثر من الملك، وامبراطوريون اكثر من الامبراطور، لكن سوء حظهم حرمهم من اعدام الملايين في السجون، فأعدموهم على الورق أو على الهواء مباشرة.
لو فحصت عينات من الخطاب الأكثر رواجاً في حياتنا السياسية تحت مجهر نفسي واجتماعي فإن النتائج قد تكون بالغة الطرافة والإثارة، فمن يهجو الدكتاتوريات، والنظم المستبدة لا يقدم عينة مضادة لها، واحياناً نقرأ في صفحة واحدة من التعميمات واطلاق الاحكام والفتاوى ما يدفعنا إلى تحسس رؤوسنا ووضع الأيدي على القلوب، ونتساءل ما الذي كان سينتهي إليه هذا الديمقراطي جداً أو ذلك الليبرالي الحريري الملمس لو أنهما يمارسان السلطة؟
وثمة دراسات أجريت على نصوص وكتابات لأفراد ينتمون إلى المعارضات على اختلاف صيغها وكانت الحصيلة صادقة، لأن الدكتاتورية لا تمارس فقط في نظام الحكم، إنها ذات تجليات في حياتنا اليومية، لأنها أساساً تربويات، وأنماط تفكير وممارسات تفرزها ثقافة ما في عصر ما.
أليس الكاتب الذي يزعم احتكار الحقيقة ويحذف كل ما لا يروق له دكتاتوراً لم يحالفه الحظ في جز رؤوس العباد؟ فلجأ إلى اعدام رمزي!
إن تجليات الطغيان تتجاوز العناوين الكبرى، والنظم السياسية إلى تفاصيل التفاصيل في الحياة، لهذا ليس مستغرباً أن تستعير السياسة كلمة “الباتريارك” من معجم آخر، فالأب أو ما تعارف عليه العرب المعاصرون باسم سي السيد إشارة إلى بطل الثلاثية لنجيب محفوظ، هو دكتاتور بامتياز، يفكر نيابة عن ابنائه، ويمنعهم من اعلان الفطام، ويحكم عليهم بالإقامة الدائمة في كل ما هو دون سن الرشد والبلوغ.
أستاذ الجامعة، قد يكون دكتاتوراً أيضاً، ويصاب بضيق التنفس إذا خرج أحد تلامذته عن النص، أو خطر له أن يتساءل متجاوزاً ما اصطلح عليه بالبدهيات والخطوط الحمر.
وحين قرأت قبل أسابيع مقالة في إحدى الدوريات العربية لكاتب نفى وبشكل جذري ما يسمى الليبرالية العربية، شعرت بأن ما يقوله قد يكون صحيحاً بمقياس آخر غير الذي اقترحه، هو مقياس الحكم على البشر من خلال ما يتجسد من أقوالهم في الأفعال، فالكلام مباح وبلا حدود،لكنه يبقى أشبه بصكوك غير قابلة للصرف بسبب انعدام الرصيد، إذن لا بد من الاحتكام ميدانيا إلى لحظة الاختبار التي تفرز القمح من الزؤان وورق الخريف الأصفر عن الذهب والزجاج الرخيص عن الماس.
وما أكثر ما نمرّ به الآن من اختبارات لكن العناية الفعلية بما يقال وما يفعل وما هو قابل للصرف وما هو ممنوع منه، غائبة وبديلها النميمة التي فاضت عن الحياة الاجتماعية اليومية وبدأت تغمر الصحف والكتب وتطفو على الفضائيات.
إن اكثر الناس راديكالية وهجاء للدكتاتوريات نحتاج إلى تجريبهم ولو لدقيقة واحدة، سواء كانت فرصة لإبداء رأي على شاشة أو زاوية في جريدة.
هذه الدقيقة هي العينة المطلوب فحصها علمياً للتأكد من أن من يزعمون النجاة من فيروس الطغيان والاحتكار واقصاء الآخر والاعدام الرمزي ليسوا على حق، واحياناً أتذكر مسرحية شهيرة لألبير كامو هي “العادلون” وأنا أقرأ أو أصغي لمن يعالجون الطغيان بطغيان أكبر، ولمن يدفعوننا إلى الشك بأنهم ملكيون أكثر من الملك، وامبراطوريون اكثر من الامبراطور، لكن سوء حظهم حرمهم من اعدام الملايين في السجون، فأعدموهم على الورق أو على الهواء مباشرة.