dot
31/08/2006, 14:30
بقلم: إميل أمين
"أظن أن هذه الإدارة ترتكب خطأ بمحاولتها عزل سوريا كما أن النظام السوري ليس هشا وقيام الولايات المتحدة بعزله لن يؤدي إلى سقوطه كما أن سوريا قد سبق لها وتعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية".
ربما تكون تصريحات ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تعبر عن بداية جديدة في تفكير إدارة بوش ومن خلفها حكومة رئيس وزراء “إسرائيل” إيهود أولمرت تجاه الحكومة السورية لا سيما في ضوء التطورات الأخيرة والتي تمثلت في الحرب على لبنان.
والتساؤل هل بدأت واشنطن فعليا في النظر إلى دمشق بعين مختلفة والتحدث معها بلسان سري لإحياء مفاوضات وإجراء اتصالات غير معلن عنها في حين تبقى التصريحات العلنية تهاجم نظام الرئيس الأسد؟
وإذا كان ذلك كذلك بالفعل، فتحت أي ذرائع يجيء هذا التغيير أو بمعنى أدق، ما هو الهدف من تغيير سياسات أمريكا تجاه سوريا في هذا التوقيت تحديدا وعودة الحديث عن مفاوضات سورية “إسرائيلية”؟ وهل لإيران وملفها النووي علاقة بالأمر؟
في أعقاب الخطاب الأخير للرئيس الأسد والذي اعتبر خطاب نصر لحرب سورية بالوكالة، جاء الرد الأمريكي سريعا، فقد أعلن الناطق باسم الخارجية الأمريكية شون ماكورماك أن ما قاله الأسد يدل على “شعور سوري بالمرارة لاستبعادها من أي دور في تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 لوقف القتال بين “إسرائيل” وحزب الله”. وأضاف “إن الحكومة السورية تجد نفسها اليوم أكثر عزلة مما كانت عليه قبل شهر أو ثلاثة أعوام”.
ليس هذا فحسب، بل إن وزارة الخزانة الأمريكية في بيان لها أعلنت عن تجميد أموال المدير السابق للاستخبارات العامة السورية اللواء هشام اختيار، ومسؤول الاستخبارات السورية السابق في لبنان العميد جامع جامع، واعتبرت أن الأول ساهم بفاعلية في الدعم الذي توفره الحكومة السورية لمنظمات وصفها بالإرهابية مثل حزب الله والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامي.
أما جامع فساهم في الوجود العسكري والأمني للحكومة السورية في لبنان.
وحسب رؤية عدد من المحللين الأمريكيين فإن النتيجة الحتمية لما قاله الرئيس الأسد تستبعد انفتاحا دبلوماسيا أمريكيا على دمشق رغم مطالبات مسؤولين أمريكيين سابقين بذلك، غير أن الإدانة الرسمية وتجميد الأموال يبدو أنها كانت تعبر عن جناح من ضمن أجنحة أمريكية متصارعة إلى حد القول بوجود حرب أهلية في أروقة الإدارة الأمريكية.. ماذا يعني ذلك؟
المؤكد أن ما جرى من أعمال مقاومة باسلة لرجال حزب الله في جنوب لبنان قد أربك إلى أقصى حد الخطط “الإسرائيلية” والأمريكية للمرحلة القادمة، وغني عن القول إن ما جرى في لبنان لم يكن إلا تجربة تكتيكية لهدف استراتيجي أكبر وأبعد وهو إيران، لذا فإن التساؤل الذي كان ولا يزال هو: كيف يمكن أن توضع إيران في الزاوية البعيدة وعزلها عن أي تحالفات إقليمية؟
وقد جاء الكاتب والصحافي الأمريكي سيمور هيرش في الأسابيع الماضية ليميط اللثام عما يجري داخل إدارة بوش جهة سوريا إذ يقول في مقال له عبر مجلة النيويوركر “إن تأييد كونداليزا رايس لحرب “إسرائيل” على حزب الله قد تضاءل بسبب الذعر الذي أصابها من نتائج الهجمات “الإسرائيلية””.
وعليه فإن أحد مستشاري البنتاجون قد ابلغ هيرش أن رايس بدأت مع مطلع شهر أغسطس بالتحرك داخل أوساط الإدارة الأمريكية للحصول على إذن ببدء حوار مباشر مع سوريا.
فيما النيويورك تايمز أكدت بدورها أن كونداليزا رايس أوعزت إلى مسؤول رفيع في الخارجية الأمريكية للالتقاء مع وزير الخارجية السوري.
ورغم أن محاولات رايس وجهودها في الحصول على إذن ببدء مفاوضات مباشرة مع سوريا لم تنجح كما قال هيرش وأن الاجتماع الذي جرى في دمشق لم يسفر عن شيء، فإن ما جرى يعد إشارة إلى وجود نوايا خفية تستخدم قنوات سرية كثيرا ما يفضلها الأمريكيون في التهيئة لمفاوضات رسمية لاحقة انقسم الأمريكيون بشأنها، ففي حين يغلب فريق الخارجية من المهنيين والدبلوماسيين وكل من له علاقة بأعمال المفاوضات استئناف الحديث المباشر مع سوريا، فإن المحافظين في حكومة بوش وعلى رأسهم ديك تشيني ودونالد رامسفيلد واليوت إبرامز يرفضون التفاوض ويدفعون تجاه الصدام مع نظام الأسد ويفضلون إزاحته على التعايش معه.
ومرة جديدة يثور التساؤل: لماذا تفكر بعض الأجنحة في فتح باب التفاوض مع سوريا رسميا لاسيما أن هذا الحديث جاء مواكبا لطرح مواز له على الجانب “الإسرائيلي”؟
إبعاد سوريا والانفراد بإيران
والمقطوع به أنه منذ أن سحبت واشنطن سفيرتها “مارغريت سكوبي” من دمشق إثر اغتيال رفيق الحريري في ،2004 أصبحت القنوات والاتصالات بين واشنطن ودمشق أضيق من أن تحتمل مرور أفكار متبادلة بين الطرفين، وعليه فقد تردد كثير من الأنباء عن قيام ما يشبه فريق عمل داخل إدارة بوش يسعى لحل الأزمة السورية وتعظيم الاستفادة منها عبر إضعاف حزب الله في الجنوب وعزلها عن تقديم أي دعم لوجستي لإيران في حال نشوب حرب معها وبخاصة بعد الرد الإيراني الأخير على عرض الحوافز الغربية.
كانت المراحل الأولية للخطة تتبلور في محاولة دفع المملكة العربية السعودية ومصر لإقناع دمشق بداية بوقف دعمها لحزب الله.
فيما الخطوة الثانية والتي تهم واشنطن بالأكثر هي إقناع سوريا بأن إيران ليست حليفا يوثق به وأنه حال تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط يقصد بذلك الحرب مع إيران فإن السوريين سيكونون في وضع أخطر من وضع الإيرانيين.
"أظن أن هذه الإدارة ترتكب خطأ بمحاولتها عزل سوريا كما أن النظام السوري ليس هشا وقيام الولايات المتحدة بعزله لن يؤدي إلى سقوطه كما أن سوريا قد سبق لها وتعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية".
ربما تكون تصريحات ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تعبر عن بداية جديدة في تفكير إدارة بوش ومن خلفها حكومة رئيس وزراء “إسرائيل” إيهود أولمرت تجاه الحكومة السورية لا سيما في ضوء التطورات الأخيرة والتي تمثلت في الحرب على لبنان.
والتساؤل هل بدأت واشنطن فعليا في النظر إلى دمشق بعين مختلفة والتحدث معها بلسان سري لإحياء مفاوضات وإجراء اتصالات غير معلن عنها في حين تبقى التصريحات العلنية تهاجم نظام الرئيس الأسد؟
وإذا كان ذلك كذلك بالفعل، فتحت أي ذرائع يجيء هذا التغيير أو بمعنى أدق، ما هو الهدف من تغيير سياسات أمريكا تجاه سوريا في هذا التوقيت تحديدا وعودة الحديث عن مفاوضات سورية “إسرائيلية”؟ وهل لإيران وملفها النووي علاقة بالأمر؟
في أعقاب الخطاب الأخير للرئيس الأسد والذي اعتبر خطاب نصر لحرب سورية بالوكالة، جاء الرد الأمريكي سريعا، فقد أعلن الناطق باسم الخارجية الأمريكية شون ماكورماك أن ما قاله الأسد يدل على “شعور سوري بالمرارة لاستبعادها من أي دور في تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 لوقف القتال بين “إسرائيل” وحزب الله”. وأضاف “إن الحكومة السورية تجد نفسها اليوم أكثر عزلة مما كانت عليه قبل شهر أو ثلاثة أعوام”.
ليس هذا فحسب، بل إن وزارة الخزانة الأمريكية في بيان لها أعلنت عن تجميد أموال المدير السابق للاستخبارات العامة السورية اللواء هشام اختيار، ومسؤول الاستخبارات السورية السابق في لبنان العميد جامع جامع، واعتبرت أن الأول ساهم بفاعلية في الدعم الذي توفره الحكومة السورية لمنظمات وصفها بالإرهابية مثل حزب الله والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامي.
أما جامع فساهم في الوجود العسكري والأمني للحكومة السورية في لبنان.
وحسب رؤية عدد من المحللين الأمريكيين فإن النتيجة الحتمية لما قاله الرئيس الأسد تستبعد انفتاحا دبلوماسيا أمريكيا على دمشق رغم مطالبات مسؤولين أمريكيين سابقين بذلك، غير أن الإدانة الرسمية وتجميد الأموال يبدو أنها كانت تعبر عن جناح من ضمن أجنحة أمريكية متصارعة إلى حد القول بوجود حرب أهلية في أروقة الإدارة الأمريكية.. ماذا يعني ذلك؟
المؤكد أن ما جرى من أعمال مقاومة باسلة لرجال حزب الله في جنوب لبنان قد أربك إلى أقصى حد الخطط “الإسرائيلية” والأمريكية للمرحلة القادمة، وغني عن القول إن ما جرى في لبنان لم يكن إلا تجربة تكتيكية لهدف استراتيجي أكبر وأبعد وهو إيران، لذا فإن التساؤل الذي كان ولا يزال هو: كيف يمكن أن توضع إيران في الزاوية البعيدة وعزلها عن أي تحالفات إقليمية؟
وقد جاء الكاتب والصحافي الأمريكي سيمور هيرش في الأسابيع الماضية ليميط اللثام عما يجري داخل إدارة بوش جهة سوريا إذ يقول في مقال له عبر مجلة النيويوركر “إن تأييد كونداليزا رايس لحرب “إسرائيل” على حزب الله قد تضاءل بسبب الذعر الذي أصابها من نتائج الهجمات “الإسرائيلية””.
وعليه فإن أحد مستشاري البنتاجون قد ابلغ هيرش أن رايس بدأت مع مطلع شهر أغسطس بالتحرك داخل أوساط الإدارة الأمريكية للحصول على إذن ببدء حوار مباشر مع سوريا.
فيما النيويورك تايمز أكدت بدورها أن كونداليزا رايس أوعزت إلى مسؤول رفيع في الخارجية الأمريكية للالتقاء مع وزير الخارجية السوري.
ورغم أن محاولات رايس وجهودها في الحصول على إذن ببدء مفاوضات مباشرة مع سوريا لم تنجح كما قال هيرش وأن الاجتماع الذي جرى في دمشق لم يسفر عن شيء، فإن ما جرى يعد إشارة إلى وجود نوايا خفية تستخدم قنوات سرية كثيرا ما يفضلها الأمريكيون في التهيئة لمفاوضات رسمية لاحقة انقسم الأمريكيون بشأنها، ففي حين يغلب فريق الخارجية من المهنيين والدبلوماسيين وكل من له علاقة بأعمال المفاوضات استئناف الحديث المباشر مع سوريا، فإن المحافظين في حكومة بوش وعلى رأسهم ديك تشيني ودونالد رامسفيلد واليوت إبرامز يرفضون التفاوض ويدفعون تجاه الصدام مع نظام الأسد ويفضلون إزاحته على التعايش معه.
ومرة جديدة يثور التساؤل: لماذا تفكر بعض الأجنحة في فتح باب التفاوض مع سوريا رسميا لاسيما أن هذا الحديث جاء مواكبا لطرح مواز له على الجانب “الإسرائيلي”؟
إبعاد سوريا والانفراد بإيران
والمقطوع به أنه منذ أن سحبت واشنطن سفيرتها “مارغريت سكوبي” من دمشق إثر اغتيال رفيق الحريري في ،2004 أصبحت القنوات والاتصالات بين واشنطن ودمشق أضيق من أن تحتمل مرور أفكار متبادلة بين الطرفين، وعليه فقد تردد كثير من الأنباء عن قيام ما يشبه فريق عمل داخل إدارة بوش يسعى لحل الأزمة السورية وتعظيم الاستفادة منها عبر إضعاف حزب الله في الجنوب وعزلها عن تقديم أي دعم لوجستي لإيران في حال نشوب حرب معها وبخاصة بعد الرد الإيراني الأخير على عرض الحوافز الغربية.
كانت المراحل الأولية للخطة تتبلور في محاولة دفع المملكة العربية السعودية ومصر لإقناع دمشق بداية بوقف دعمها لحزب الله.
فيما الخطوة الثانية والتي تهم واشنطن بالأكثر هي إقناع سوريا بأن إيران ليست حليفا يوثق به وأنه حال تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط يقصد بذلك الحرب مع إيران فإن السوريين سيكونون في وضع أخطر من وضع الإيرانيين.