HashtNasht
28/08/2006, 02:35
عالبيعة يا خيار
*بقلم:سليم البيك
كلما فكرت في حال أنظمتنا العربية العريقة و المعارَضة المرفقة بها, تذكرت بائعاً "حربوءاً" كان قبل أن تفسد بضاعة عنده يقدمها "عالبيعة" مرفقة ببضاعة يبيعها.
و بذلك لا تذهب هذه البضاعة هباءً, بل يكسب منها ضمان بيع و "تنفيق" ما أرفقت به, إضافة إلى جميل يربحه على المشتري المستهلك, و هذا أهم ما يكسبه, فهذا الجميل هو الذي "يجرجر" المشتري و يأسره, خاصة و إن كان طيب القلب, بالمعنى المتداول و ليس الحرفي, أي "بالمشرمحي.. أهبل".
المثل القائل "اللي ببلاش كتر منو" يصور بدقة حالتنا العربية الكسيحة. خذ مثلاً: "سحارة بندورة.. و خيارة عالبيعة", "4 كيلو توم.. و بصلة خضرا عالبيعة", "حبة كرز.. و كيلو بطاطا عالبيعة!", "كيلو من أي شي.. و يوسف أفندي( كلو على بعضو) عالبيعة"!
قد لا تلزمني كل هذه الكمية من الثوم مثلاً, و لكن "لعيون البصلة الخضرا اللي ببلاش.. بترخص حتى 8 كيلو توم مش بس 4". و بكل الأحوال, قد يأتي اليوم الذي أحتاج فيه هذه الكمية من الثوم, و إن للسلطة! سَلَطة و ليس سُلْطَة.
ما علاقة السَلَطة بالسُلْطَة, سحارة البندورة بالأنظمة, و الخيارة بالمعارضة؟لا كان يا مكان و لا في قديم الزمان يا إخوان. في المكان و الزمان العربيين, حيث باعت الامبريالية الشعوب العربية أنظمةً, و لا أحلى, باعونا إياها "من وش السحارة". أنظمة تتمتع بكامل العافية, غير مغشوشة و لا فاسدة و لا تعج بالديدان!
هنا ثلث القصة.
الثلث الثاني يكمن في السعر المهدور. أنهاراً من الدماء العربية دُفعت "كاش" و ما تزال. و لكن, فلنتصارح, أين الغرابة في فداحة السعر؟ فالأنظمة صناعة أجنبية, و منتجات كهذه ليست بالرخيصة, نظراً لجودتها العالية و مكافحة عوامل الزمن و العمر الافتراضي الطويل جداً الذي تذخر به مما يجعلها الآن أنظمة موغلة في العراقة.
هذا عدا الضمان الذي تمنحه الامبريالية للمشتري, فهذا المنتج لا تفسده لا عوامل ذاتية و لا موضوعية, و إن فسد خلال الـ 687924 سنة القادمة, فالشركة المصنعة توفر للمشتري نفس المنتج, إن لم يكن أفضل, و بأسعار خاصة بنا, فصرنا من زبائنها.
و قد تبيعنا بأسعار الجملة إن "طلب" الشعب أكثر من نظام لبلد واحد, و التوصيل للمنازل مجاناً, أما الكمية, فغير محدودة, "يعني..لا تهكلو هم".
أما الثلث الثالث فيثمل, ... يشمل, ما كسبناه كـ "عالبيعة", أي الخيارة. فالعديد من المعارضات التي رُفقت بهذه الأنظمة هي معارضات "عالبيعة", تعطي قيمة إضافية لسحارة البندورة, للأنظمة. و سحارة البندورة هذه "لا وش و لا قفى" أصلاً, أما الخيارة فهي "على أفسدين".
.. أهلين!
فهذه المعارضة قد تضيف نضارة وهمية و على وش السحارة فقط, يتمثل ذلك واقعاً في الجو الديمقراطي الوهمي الذي تحاول الأنظمة أن تقنع الشعوب به و غصبٍ عن بلدهم سيقتنعون, و الذي تضفيه هذه المعارضات على سلوك تلك الأنظمة. أو أنها, أي المعارضة, قد تروج ضمناً لسحارة أخرى تتميز عن سابقاتها بأنها كخيارة, أو معارضة, أوثق صلة من السحارة بالشركة الأم, المنتجة لكافة مكونات السلطة, و بأجيال جديدة بلا رائحة, خاصة بعد أن فاحت رائحة فساد السحارة السابقة و عبقت و أزكمت البلاد و العباد.
و لكن, لماذا التشاؤم؟ فلنكن "واقعيين". من يدري؟ قد نكون نحن من كسب في النهاية, فبسعر هذه الأنظمة, و إن وصل إلى شهداء و حرية و كرامة, بُلينا بـالأنظمة و معارضة مجانية لها. بالنهاية حصلنا على شي ما "فري" يا عرب, يعني عالبيعة, يعني "ببلاش".
"و لعيون الخيارة اللي ببلاش بترخص سحارة البندورة".
"و يا عرب, اللي ببلاش كتروا منو..! لنشوف فلسطين وين صارت."
* كاتب فلسطيني مقيم في ابو ظبي
*بقلم:سليم البيك
كلما فكرت في حال أنظمتنا العربية العريقة و المعارَضة المرفقة بها, تذكرت بائعاً "حربوءاً" كان قبل أن تفسد بضاعة عنده يقدمها "عالبيعة" مرفقة ببضاعة يبيعها.
و بذلك لا تذهب هذه البضاعة هباءً, بل يكسب منها ضمان بيع و "تنفيق" ما أرفقت به, إضافة إلى جميل يربحه على المشتري المستهلك, و هذا أهم ما يكسبه, فهذا الجميل هو الذي "يجرجر" المشتري و يأسره, خاصة و إن كان طيب القلب, بالمعنى المتداول و ليس الحرفي, أي "بالمشرمحي.. أهبل".
المثل القائل "اللي ببلاش كتر منو" يصور بدقة حالتنا العربية الكسيحة. خذ مثلاً: "سحارة بندورة.. و خيارة عالبيعة", "4 كيلو توم.. و بصلة خضرا عالبيعة", "حبة كرز.. و كيلو بطاطا عالبيعة!", "كيلو من أي شي.. و يوسف أفندي( كلو على بعضو) عالبيعة"!
قد لا تلزمني كل هذه الكمية من الثوم مثلاً, و لكن "لعيون البصلة الخضرا اللي ببلاش.. بترخص حتى 8 كيلو توم مش بس 4". و بكل الأحوال, قد يأتي اليوم الذي أحتاج فيه هذه الكمية من الثوم, و إن للسلطة! سَلَطة و ليس سُلْطَة.
ما علاقة السَلَطة بالسُلْطَة, سحارة البندورة بالأنظمة, و الخيارة بالمعارضة؟لا كان يا مكان و لا في قديم الزمان يا إخوان. في المكان و الزمان العربيين, حيث باعت الامبريالية الشعوب العربية أنظمةً, و لا أحلى, باعونا إياها "من وش السحارة". أنظمة تتمتع بكامل العافية, غير مغشوشة و لا فاسدة و لا تعج بالديدان!
هنا ثلث القصة.
الثلث الثاني يكمن في السعر المهدور. أنهاراً من الدماء العربية دُفعت "كاش" و ما تزال. و لكن, فلنتصارح, أين الغرابة في فداحة السعر؟ فالأنظمة صناعة أجنبية, و منتجات كهذه ليست بالرخيصة, نظراً لجودتها العالية و مكافحة عوامل الزمن و العمر الافتراضي الطويل جداً الذي تذخر به مما يجعلها الآن أنظمة موغلة في العراقة.
هذا عدا الضمان الذي تمنحه الامبريالية للمشتري, فهذا المنتج لا تفسده لا عوامل ذاتية و لا موضوعية, و إن فسد خلال الـ 687924 سنة القادمة, فالشركة المصنعة توفر للمشتري نفس المنتج, إن لم يكن أفضل, و بأسعار خاصة بنا, فصرنا من زبائنها.
و قد تبيعنا بأسعار الجملة إن "طلب" الشعب أكثر من نظام لبلد واحد, و التوصيل للمنازل مجاناً, أما الكمية, فغير محدودة, "يعني..لا تهكلو هم".
أما الثلث الثالث فيثمل, ... يشمل, ما كسبناه كـ "عالبيعة", أي الخيارة. فالعديد من المعارضات التي رُفقت بهذه الأنظمة هي معارضات "عالبيعة", تعطي قيمة إضافية لسحارة البندورة, للأنظمة. و سحارة البندورة هذه "لا وش و لا قفى" أصلاً, أما الخيارة فهي "على أفسدين".
.. أهلين!
فهذه المعارضة قد تضيف نضارة وهمية و على وش السحارة فقط, يتمثل ذلك واقعاً في الجو الديمقراطي الوهمي الذي تحاول الأنظمة أن تقنع الشعوب به و غصبٍ عن بلدهم سيقتنعون, و الذي تضفيه هذه المعارضات على سلوك تلك الأنظمة. أو أنها, أي المعارضة, قد تروج ضمناً لسحارة أخرى تتميز عن سابقاتها بأنها كخيارة, أو معارضة, أوثق صلة من السحارة بالشركة الأم, المنتجة لكافة مكونات السلطة, و بأجيال جديدة بلا رائحة, خاصة بعد أن فاحت رائحة فساد السحارة السابقة و عبقت و أزكمت البلاد و العباد.
و لكن, لماذا التشاؤم؟ فلنكن "واقعيين". من يدري؟ قد نكون نحن من كسب في النهاية, فبسعر هذه الأنظمة, و إن وصل إلى شهداء و حرية و كرامة, بُلينا بـالأنظمة و معارضة مجانية لها. بالنهاية حصلنا على شي ما "فري" يا عرب, يعني عالبيعة, يعني "ببلاش".
"و لعيون الخيارة اللي ببلاش بترخص سحارة البندورة".
"و يا عرب, اللي ببلاش كتروا منو..! لنشوف فلسطين وين صارت."
* كاتب فلسطيني مقيم في ابو ظبي