dot
24/08/2006, 02:14
بقلم: اوجين روبنسون
لوهلة كنت على وشك أن أتشجّع.
جورج بوش، أكثر الرؤساء لامبالاةً وتصلباً، فوجئ في الأسبوع الماضي برؤية مواطنين عراقيين الذين يجدر بهم أن يكونوا المستفيدين الممتنين للاحتلال الأميركي أو أقصد <التحرير> يحتشدون في تظاهرة دعم لحزب الله وتنديد بالعدوان الإسرائيلي.
المفاجأة يمكن أن تمثل البداية، بما أنه من المفترض أن تعني أن <صاحب القرار> يعترف بالحقائق الجديدة المخالِفة لقواعد المعلومات التي يملكها أصلاً، ويتصرف على أساسها.
وللأسف، يبدو أن الباب الى العقل الرئاسي لا يزال موصداً بإحكام. إذ قال بوش في مؤتمره الصحافي (أمس الأول) <أنا لا أتذكر نفسي مندهشاً، لست متأكداً ماذا يقصدون بذلك؟>.
وأنا أخمّن <أنهم> يقصدون أنه عندما تحاول أن تفرض نموذجك الساذج بالأبيض والأسود على عالم متلوّن، وينتهي بك الأمر بأن تضرم النار بالشرق الأوسط، فإما أن تُفاجأ أو أنك لا تولي انتباهك.
أما بالنسبة لجورج بوش، فماذا يدور في خلده؟
حتى المحافظون بدأوا يقيّمون علناً <فطنة> الرئيس، ولا سيما مناعته ضد المعلومات الجديدة.
وفي هذا الإطار، خصص عضو الكونغرس والجمهوري السابق جو سكاربورو جزءاً من برنامجه التلفزيوني على قناة <ام اس ان بي سي> ل<الضعف العقلي لجورج بوش> وفي السؤال الذي عرض في أسفل الشاشة كتب بوقاحة <هل تعتقد أن بوش معتوه؟>.
لا أعلم إن كنت أوافق على ذلك. ولكن ما دام يقبع الرئيس على كرسيه، أجد نفسي مهتماً بمحاولة فهم أجوبته العاطفية أو النقص في أجوبته إن صح التعبير بشأن <الفوضى> التي أحدثها في العالم.
لقد أفادت الحكومة العراقية بأن 3.438 مدنياً قتلوا في تموز الماضي ما يجعله الشهر الأكثر دموية منذ بدء الغزو الأميركي. وقد سئل الرئيس بوش (أمس الأول): هل أدى فشل <الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة في كبح عمليات المجازر الطائفية> إلى إحباط آماله؟ وقد أجاب بوش <كلا، لم أحبَط>. أما أنا فأتساءل <كيف لا يحبط.. وهل ذلك ممكن؟> وهل يعتقد بوش انه سيكون من الضعف الاعتراف بأن إحلال الديموقراطية في العراق لم يجرِ كما خطط له؟ هل يعتقد أن بالإجابة بأن كل شيء على ما يرام.. سيجعل هذا الشيء على ما يرام؟ وهل يمر بوش بمرحلة الإنكار؟ أم أن ال3.438 شخصاً قد قتلوا من غير معرفته خلال رحلته التدريبية لركوب الدراجة؟
وصرح بوش <أسمع الكثير من الكلام عن حرب أهلية> في العراق. وهذا الكلام الكثير صادر في أغلب الظن عن <جنرالاته> الذين أصبحوا أكثر جرأة في استخدام العبارة المحرمة. ومع ذلك، يبدو أن كل هذا الكلام لم يخترق ذهن الرئيس حتى الآن.
بالنسبة للرئيس، هل كل هذه الأخبار السيئة عن العراق مجرد <كلام> لا صلة له بالحقيقة الموضوعية؟
وإليكم عبارة أخرى من المؤتمر الصحافي للرئيس: <إن الحقيقة الأكثر إثارة للاهتمام بشأن أعمال العنف في لبنان والعنف في العراق والعنف في غزة هي: أنها صادرة عن مجموعات إرهابية تحاول وقف تقدّم الديموقراطية>.
والآن، بمعزل عن رأيك ب<فطنته>، جورج بوش يعرف جيداً أن حكومة حماس انتخبت ديموقراطياً في غزة، تماماً كما يدرك أن حزب الله يشارك في حكومة منتخبة ديموقراطياً في لبنان، أو في ما تبقى من لبنان. ولهذا السبب عليه أن يعلم جيداً أن دعم الولايات المتحدة للحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة (بغض النظر إن كنت تظن أنها مبررة) قد عرقلت إن لم نقل قد سحقت ديموقراطيتين ناشئتين من النوع الذي أرادت إدارة بوش زرعها في كل أنحاء الشرق الأوسط.
كما يعلم بوش أن الحكومة العراقية تتمتّع بسيادة حقيقية فقط على المنطقة الخضراء في بغداد، التي حوّلتها القوات الأميركية إلى قلعة حصينة. كما سمع بوش أيضاً رئيس هذه الحكومة الاسمية يثني على حزب الله وينتقد إسرائيل.
لذا عندما يمجّد الرئيس الديموقراطية وكأنها إكسير سحري يعالج به آفة الإرهاب، فهل يؤمن فعلاً بتعويذته المفضلة.. عوضاً عن عينيه الكاذبتين؟
وهل نظرته للعالم ثابتة لدرجة أنه ينبذ كل الأحداث الواقعية بالطريقة التي ينبذ فيها مجرد <كلام>؟ أم أنه يحاول أن يصمد حتى كانون الثاني من العام ,2009 عندما يصبح كل ذلك.. مشكلة الآخرين؟
في مؤتمره الصحافي، قام <صاحب القرار> بإيماءتين رداً على حقيقة موضوعية. وقد اعترف بصراحة بأن لا علاقة للعراق بهجمات 11 أيلول وبأنه (العراق) لا يمتلك أسلحة دمار شامل. وذلك يعني بعبارة أخرى، أن أساس منطق حربه الانتقائية والوقائية، كان عديم الفحوى. كما اعترف بوش أيضاً بأنه يشعر بالسخط أحيانا.
كرر الرئيس في مؤتمره الصحافي السؤال وأجاب عليه <محبط؟ نعم أشعر بالإحباط بعض الأحيان.. ونادراً ما أفاجأ. وأشعر بالسعادة أحياناً ولكن الحرب ليست مدعاة ابتهاج. هذه الأوقات ليست سارّة>.
نعم، إنها ليست أوقاتاً سارّة.
صحيفة واشنطن بوست
لوهلة كنت على وشك أن أتشجّع.
جورج بوش، أكثر الرؤساء لامبالاةً وتصلباً، فوجئ في الأسبوع الماضي برؤية مواطنين عراقيين الذين يجدر بهم أن يكونوا المستفيدين الممتنين للاحتلال الأميركي أو أقصد <التحرير> يحتشدون في تظاهرة دعم لحزب الله وتنديد بالعدوان الإسرائيلي.
المفاجأة يمكن أن تمثل البداية، بما أنه من المفترض أن تعني أن <صاحب القرار> يعترف بالحقائق الجديدة المخالِفة لقواعد المعلومات التي يملكها أصلاً، ويتصرف على أساسها.
وللأسف، يبدو أن الباب الى العقل الرئاسي لا يزال موصداً بإحكام. إذ قال بوش في مؤتمره الصحافي (أمس الأول) <أنا لا أتذكر نفسي مندهشاً، لست متأكداً ماذا يقصدون بذلك؟>.
وأنا أخمّن <أنهم> يقصدون أنه عندما تحاول أن تفرض نموذجك الساذج بالأبيض والأسود على عالم متلوّن، وينتهي بك الأمر بأن تضرم النار بالشرق الأوسط، فإما أن تُفاجأ أو أنك لا تولي انتباهك.
أما بالنسبة لجورج بوش، فماذا يدور في خلده؟
حتى المحافظون بدأوا يقيّمون علناً <فطنة> الرئيس، ولا سيما مناعته ضد المعلومات الجديدة.
وفي هذا الإطار، خصص عضو الكونغرس والجمهوري السابق جو سكاربورو جزءاً من برنامجه التلفزيوني على قناة <ام اس ان بي سي> ل<الضعف العقلي لجورج بوش> وفي السؤال الذي عرض في أسفل الشاشة كتب بوقاحة <هل تعتقد أن بوش معتوه؟>.
لا أعلم إن كنت أوافق على ذلك. ولكن ما دام يقبع الرئيس على كرسيه، أجد نفسي مهتماً بمحاولة فهم أجوبته العاطفية أو النقص في أجوبته إن صح التعبير بشأن <الفوضى> التي أحدثها في العالم.
لقد أفادت الحكومة العراقية بأن 3.438 مدنياً قتلوا في تموز الماضي ما يجعله الشهر الأكثر دموية منذ بدء الغزو الأميركي. وقد سئل الرئيس بوش (أمس الأول): هل أدى فشل <الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة في كبح عمليات المجازر الطائفية> إلى إحباط آماله؟ وقد أجاب بوش <كلا، لم أحبَط>. أما أنا فأتساءل <كيف لا يحبط.. وهل ذلك ممكن؟> وهل يعتقد بوش انه سيكون من الضعف الاعتراف بأن إحلال الديموقراطية في العراق لم يجرِ كما خطط له؟ هل يعتقد أن بالإجابة بأن كل شيء على ما يرام.. سيجعل هذا الشيء على ما يرام؟ وهل يمر بوش بمرحلة الإنكار؟ أم أن ال3.438 شخصاً قد قتلوا من غير معرفته خلال رحلته التدريبية لركوب الدراجة؟
وصرح بوش <أسمع الكثير من الكلام عن حرب أهلية> في العراق. وهذا الكلام الكثير صادر في أغلب الظن عن <جنرالاته> الذين أصبحوا أكثر جرأة في استخدام العبارة المحرمة. ومع ذلك، يبدو أن كل هذا الكلام لم يخترق ذهن الرئيس حتى الآن.
بالنسبة للرئيس، هل كل هذه الأخبار السيئة عن العراق مجرد <كلام> لا صلة له بالحقيقة الموضوعية؟
وإليكم عبارة أخرى من المؤتمر الصحافي للرئيس: <إن الحقيقة الأكثر إثارة للاهتمام بشأن أعمال العنف في لبنان والعنف في العراق والعنف في غزة هي: أنها صادرة عن مجموعات إرهابية تحاول وقف تقدّم الديموقراطية>.
والآن، بمعزل عن رأيك ب<فطنته>، جورج بوش يعرف جيداً أن حكومة حماس انتخبت ديموقراطياً في غزة، تماماً كما يدرك أن حزب الله يشارك في حكومة منتخبة ديموقراطياً في لبنان، أو في ما تبقى من لبنان. ولهذا السبب عليه أن يعلم جيداً أن دعم الولايات المتحدة للحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة (بغض النظر إن كنت تظن أنها مبررة) قد عرقلت إن لم نقل قد سحقت ديموقراطيتين ناشئتين من النوع الذي أرادت إدارة بوش زرعها في كل أنحاء الشرق الأوسط.
كما يعلم بوش أن الحكومة العراقية تتمتّع بسيادة حقيقية فقط على المنطقة الخضراء في بغداد، التي حوّلتها القوات الأميركية إلى قلعة حصينة. كما سمع بوش أيضاً رئيس هذه الحكومة الاسمية يثني على حزب الله وينتقد إسرائيل.
لذا عندما يمجّد الرئيس الديموقراطية وكأنها إكسير سحري يعالج به آفة الإرهاب، فهل يؤمن فعلاً بتعويذته المفضلة.. عوضاً عن عينيه الكاذبتين؟
وهل نظرته للعالم ثابتة لدرجة أنه ينبذ كل الأحداث الواقعية بالطريقة التي ينبذ فيها مجرد <كلام>؟ أم أنه يحاول أن يصمد حتى كانون الثاني من العام ,2009 عندما يصبح كل ذلك.. مشكلة الآخرين؟
في مؤتمره الصحافي، قام <صاحب القرار> بإيماءتين رداً على حقيقة موضوعية. وقد اعترف بصراحة بأن لا علاقة للعراق بهجمات 11 أيلول وبأنه (العراق) لا يمتلك أسلحة دمار شامل. وذلك يعني بعبارة أخرى، أن أساس منطق حربه الانتقائية والوقائية، كان عديم الفحوى. كما اعترف بوش أيضاً بأنه يشعر بالسخط أحيانا.
كرر الرئيس في مؤتمره الصحافي السؤال وأجاب عليه <محبط؟ نعم أشعر بالإحباط بعض الأحيان.. ونادراً ما أفاجأ. وأشعر بالسعادة أحياناً ولكن الحرب ليست مدعاة ابتهاج. هذه الأوقات ليست سارّة>.
نعم، إنها ليست أوقاتاً سارّة.
صحيفة واشنطن بوست