baathy
20/04/2005, 04:20
عندما أعلن الإصلاح شعاراً لمرحلة جديدة أعلن بذلك إقراراً بأن خللاً في أداء بعض أدوات السلطة أو كلها يجب تحديده والبحث في وسائل إصلاحه، وأن ذلك الخلل مهما كانت أسبابه لابد أنه أصاب حياة المجتمع من الاقتصاد وما يرتبط به إلى السياسة وما يتعلق بها وأولهما منهج العمل السياسي الذي تبناه حزب البعث العربي الاشتراكي كقائد للدولة والمجتمع مستمداً من دستوره و أدبياته حيال ذلك كثرت الأسئلة بل فتحت نافذة أخذت تتسع وتكبر بأفكار وآراء أكثرها صادق في رغبته إصلاح مواقع الخلل. وبعضها تسلل من هذه النافذة لتصفية حسابات قديمة ولن يكون الإصلاح أحد رغباتها.
عندما وضعنا البعث نموذجاً فلأنه حزب السلطة الحاكمة منذ عام ألف وتسعمائة وثلاث وستين حتى الآن ومصدر توجهها نظرياً، وقد مارس وحدانيته في التحكم بأمور السلطة رغم إقراره بالتعددية الحزبية في مرحلة لاحقة من الحكم تحت شعار قائد الدولة والمجتمع.
وهذا الشعار ليس من خصوصيات حزب البعث العربي الاشتراكي، وإنما أسلوب عمل أي حزب حاكم مهما كان شكل استلامه للسلطة ولون الديمقراطية التي أوصلته إليها.
ومثالنا المتجسد أمامنا يومياً الحزب الجمهوري الأمريكي الذي تعدى حدود قيادة الدولة والمجتمع الأمريكي إلى حدود المجتمع الدولي وكل مؤسساته، وبالتالي ليس الخلل في الشعار، وقد يكون الخلل في ترجمة برامجه على الواقع.
لكن الوقائع الراهنة أثبتت أن الخلل هو في إمكانية ترجمة البرامج على الواقع عندما يعمل الحزب الحاكم مرتكزاً إلى الشعور بابتعاده عن المساءلة، حيث لا أثر للرأي العام في تحديد علاقة الحزب بالحكم عندما يعجز عن تحقيق برامجه الذي طرحها شعاراً للعمل. حيث تكون مبايعته للسلطة مرهونة بنجاحاته في تطبيق برامجه.
ومع اعترافنا بضعف الأداء الذي يقتضي الإصلاح لابد لنا من إنصاف الحزب والفصل ما بين النتائج والمنطلقات أو بين النظرية وتطبيقاتها فالمطبات والعثرات التي رافقت مسيرة الحكم منذ أوائل الستينيات حتى اليوم كفيلة بالدفع نحو النتائج الراهنة ومنها:
الصعوبة في التوفيق بين النظرية وترجمتها العملية ولأسباب موضوعية يؤكدها آلية تداول السلطة بين الأحزاب المتنافسة على الحكم في أي بلد كان والتناوب في ذلك كناتج لرغبة الجماهير في إقصاء تجربة أثبتت إخفاقها بنظرية تطمح للنجاح.
وآخر الأمثلة على ذلك سقوط تجربة اليمين الأسباني في إدارة الدولة أمام البرامج الطموحة للحزب الاشتراكي الأسباني وبعدها سقوط حزب بهارثيا جاناثا اليميني في الهند وعودة حزب المؤتمر الهندي ببرامج جديدة أقنعت الناخب الهندي وقريباً ربما تشهد ترنح الحزب الجمهوري الأمريكي في شر أفعاله، ولن يكون مصير حزب العمال البريطاني أفضل .
في تجربة البعث منعطفات تاريخية أكبر من أن يتجاوزها برنامج سياسي مهما بلغ من الدقة والحكمة أولها عدوان 1967 على الأمة العربية ومنها سورية، وثانيها حرب تشرين عام 1973 وإفراغ كل إنجازاتها العسكرية والسياسية وقلب نتائجها الإيجابية إلى هزائم من وقف إطلاق النار على الجانب المصري من جانب واحد ثم الهدنة على خطوط جديدة لإسرائيل، ثم زيارة السادات إلى الدولة الصهيونية، فتراجع بذلك الفكر الوحدوي وتسلل اليأس إلى الانتماء العروبي كلياً أمام حالة شرق أوسطي جديد يختلف عن كل ما تصوره البعث للمستقبل، فتوالت معاهدات الصلح مع إسرائيل رسمياً ومن تحت الطاولات، وأطلق رصاصة الرحمة الأخيرة سقوط الاتحاد السوفييتي الذي شكل مظلة واقية للأحزاب الوطنية التحررية لعقود طويلة، ويضاف إلى تلك المحطات ما حدث داخل الحزب من اختلافات في الرؤية تجاوزت أحياناً حدود المقبول في المنازعات الحزبية الداخلية وطرائق حلها وأثر ذلك بشكل كبير على وحدة الحزب التنظيمية وعلى شفافيته الفكرية وهي مؤثرات تندرج في إطار أثر السلطة في الحزب، هذه بعض النقاط التي تركت آثارها السلبية على أداء البعث وهو ما أشرت إليه في نتائج التطبيقات النظرية على أرض الواقع.
مجمل هذه المؤثرات ربما أملت الضرورة لوجود قيادة سياسية تمتلك قدرة الاستجابة والتعامل مع المعطيات بحيوية أكثر من قدرة آليات الحزب حيث عملت بمنطلقاته بتكيف مع الوقائع ولابد أن هذا التكيف قد تمادى في الاستجابة للضرورات على حساب النظرية، فأضعف استمراريتها وأدى لتنحي دور الحزب فكرياً وتراخي بنيته التنظيمية.
ولأن الوضع الداخلي مرتبط بمؤثراته الخارجية كان التعامل في السياسة الداخلية بالآلية نفسها، وصار الجهاز الحزبي أداة الدولة في ترجمة توجهاتها الداخلية في حالتي تطابق تلك التوجهات مع فكر الحزب وكذلك عند ابتعادها عنه،وترسخ بالتدريج عدم الترابط ما بين الفكر والجهاز التنظيمي مما أضعف الاثنين معاً.
وعلى الصعيدين الخارجي والداخلي كان الحزب منفعلاً أكثر من كونه فاعلاً وانعكس موقعه في إدارة الدولة من الموجه إلى الأداة فأهمل تطوير فكره لينسجم مع المعطيات الجديدة والواقع الجديد بعد سقوط المعسكر الاشتراكي في ساحة الصراع الدائم بين الخير والشر.
وزالت مظلة الحماية الدولية الذي كان يوفرها الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه في حماية الأحزاب الوطنية وحركات التحرر وبدأت ملاحقة الفكر الاشتراكي وتكفيره سياسياً بعد عقود طويلة من تكفيره اجتماعياً، وكان حريّ بالحزب بالعودة إلى قواه الداخلية الرديفة ضمانته الدائمة وهي القوى الوطنية وأحزاب الجبهة التي تؤمن بالوحدة والحرية والاشتراكية وعلى طريقتها، أي مساعدة هذه القوى والأحزاب في ترسيخ وجودها الجماهيري لأن جماهيريتها ستشكل عمق فكر البعث وامتداده وسنده الحقيقي في الأزمات الوطنية.
فهذا النعاس الذي أصاب الحزب للأسباب التي ذكرت بعضها انتقل إلى بقية أحزاب الجبهة للأسباب نفسها، يضاف إليها أسبابها الذاتية وما نشأ عنها من انقسامات فكرية أدى إلى تمزق بنيتها التنظيمية فتلاشى تأثيرها وفقدت جماهيريتها.
فكان النعاس السياسي شاملاً شكل الفراغ السياسي الذي هبت لتملأه الرجعية السياسية والدينية التي تتسلل من الشقوق إن وجدت.
فكانت دعوة السيد الرئيس لأحزاب الجبهة في الأيام الأولى من تسلمه زمام قيادة الدولة لتفعيل دورها وإثبات جماهيريتها دعوة للصحوة وإدراكاً لأهمية دورها الوطني في المساهمة إلى جانب البعث بالتصدي للهجمة الإمبريالية على المنطقة ابتداءً بالإرهاب الأصولي التي كانت سورية أولى ساحات اختباره على المسرح الدولي، حيث ردت سهامه إلى راميها وحصدت الأصولية الخيبة في سورية لتنتقل إلى مواقع أخرى ومن خبأ بيضة الثعبان لتفقس لابد أن ينتظر لسعتها.
إن ما أصاب الحزب بما أطلقت عليه صفة النعاس كان بسبب الاندماج التام ما بين الحزب والدولة، فعندما يعمل أحدهما يستريح الآخر، وعندما تطول استراحته قد يحتاج إلى المعالجة الفيزيائية المناسبة لهذه الحالات بعيداً عن الجراحة والجرعات الكيميائية خطيرة النتائج.
عندما وضعنا البعث نموذجاً فلأنه حزب السلطة الحاكمة منذ عام ألف وتسعمائة وثلاث وستين حتى الآن ومصدر توجهها نظرياً، وقد مارس وحدانيته في التحكم بأمور السلطة رغم إقراره بالتعددية الحزبية في مرحلة لاحقة من الحكم تحت شعار قائد الدولة والمجتمع.
وهذا الشعار ليس من خصوصيات حزب البعث العربي الاشتراكي، وإنما أسلوب عمل أي حزب حاكم مهما كان شكل استلامه للسلطة ولون الديمقراطية التي أوصلته إليها.
ومثالنا المتجسد أمامنا يومياً الحزب الجمهوري الأمريكي الذي تعدى حدود قيادة الدولة والمجتمع الأمريكي إلى حدود المجتمع الدولي وكل مؤسساته، وبالتالي ليس الخلل في الشعار، وقد يكون الخلل في ترجمة برامجه على الواقع.
لكن الوقائع الراهنة أثبتت أن الخلل هو في إمكانية ترجمة البرامج على الواقع عندما يعمل الحزب الحاكم مرتكزاً إلى الشعور بابتعاده عن المساءلة، حيث لا أثر للرأي العام في تحديد علاقة الحزب بالحكم عندما يعجز عن تحقيق برامجه الذي طرحها شعاراً للعمل. حيث تكون مبايعته للسلطة مرهونة بنجاحاته في تطبيق برامجه.
ومع اعترافنا بضعف الأداء الذي يقتضي الإصلاح لابد لنا من إنصاف الحزب والفصل ما بين النتائج والمنطلقات أو بين النظرية وتطبيقاتها فالمطبات والعثرات التي رافقت مسيرة الحكم منذ أوائل الستينيات حتى اليوم كفيلة بالدفع نحو النتائج الراهنة ومنها:
الصعوبة في التوفيق بين النظرية وترجمتها العملية ولأسباب موضوعية يؤكدها آلية تداول السلطة بين الأحزاب المتنافسة على الحكم في أي بلد كان والتناوب في ذلك كناتج لرغبة الجماهير في إقصاء تجربة أثبتت إخفاقها بنظرية تطمح للنجاح.
وآخر الأمثلة على ذلك سقوط تجربة اليمين الأسباني في إدارة الدولة أمام البرامج الطموحة للحزب الاشتراكي الأسباني وبعدها سقوط حزب بهارثيا جاناثا اليميني في الهند وعودة حزب المؤتمر الهندي ببرامج جديدة أقنعت الناخب الهندي وقريباً ربما تشهد ترنح الحزب الجمهوري الأمريكي في شر أفعاله، ولن يكون مصير حزب العمال البريطاني أفضل .
في تجربة البعث منعطفات تاريخية أكبر من أن يتجاوزها برنامج سياسي مهما بلغ من الدقة والحكمة أولها عدوان 1967 على الأمة العربية ومنها سورية، وثانيها حرب تشرين عام 1973 وإفراغ كل إنجازاتها العسكرية والسياسية وقلب نتائجها الإيجابية إلى هزائم من وقف إطلاق النار على الجانب المصري من جانب واحد ثم الهدنة على خطوط جديدة لإسرائيل، ثم زيارة السادات إلى الدولة الصهيونية، فتراجع بذلك الفكر الوحدوي وتسلل اليأس إلى الانتماء العروبي كلياً أمام حالة شرق أوسطي جديد يختلف عن كل ما تصوره البعث للمستقبل، فتوالت معاهدات الصلح مع إسرائيل رسمياً ومن تحت الطاولات، وأطلق رصاصة الرحمة الأخيرة سقوط الاتحاد السوفييتي الذي شكل مظلة واقية للأحزاب الوطنية التحررية لعقود طويلة، ويضاف إلى تلك المحطات ما حدث داخل الحزب من اختلافات في الرؤية تجاوزت أحياناً حدود المقبول في المنازعات الحزبية الداخلية وطرائق حلها وأثر ذلك بشكل كبير على وحدة الحزب التنظيمية وعلى شفافيته الفكرية وهي مؤثرات تندرج في إطار أثر السلطة في الحزب، هذه بعض النقاط التي تركت آثارها السلبية على أداء البعث وهو ما أشرت إليه في نتائج التطبيقات النظرية على أرض الواقع.
مجمل هذه المؤثرات ربما أملت الضرورة لوجود قيادة سياسية تمتلك قدرة الاستجابة والتعامل مع المعطيات بحيوية أكثر من قدرة آليات الحزب حيث عملت بمنطلقاته بتكيف مع الوقائع ولابد أن هذا التكيف قد تمادى في الاستجابة للضرورات على حساب النظرية، فأضعف استمراريتها وأدى لتنحي دور الحزب فكرياً وتراخي بنيته التنظيمية.
ولأن الوضع الداخلي مرتبط بمؤثراته الخارجية كان التعامل في السياسة الداخلية بالآلية نفسها، وصار الجهاز الحزبي أداة الدولة في ترجمة توجهاتها الداخلية في حالتي تطابق تلك التوجهات مع فكر الحزب وكذلك عند ابتعادها عنه،وترسخ بالتدريج عدم الترابط ما بين الفكر والجهاز التنظيمي مما أضعف الاثنين معاً.
وعلى الصعيدين الخارجي والداخلي كان الحزب منفعلاً أكثر من كونه فاعلاً وانعكس موقعه في إدارة الدولة من الموجه إلى الأداة فأهمل تطوير فكره لينسجم مع المعطيات الجديدة والواقع الجديد بعد سقوط المعسكر الاشتراكي في ساحة الصراع الدائم بين الخير والشر.
وزالت مظلة الحماية الدولية الذي كان يوفرها الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه في حماية الأحزاب الوطنية وحركات التحرر وبدأت ملاحقة الفكر الاشتراكي وتكفيره سياسياً بعد عقود طويلة من تكفيره اجتماعياً، وكان حريّ بالحزب بالعودة إلى قواه الداخلية الرديفة ضمانته الدائمة وهي القوى الوطنية وأحزاب الجبهة التي تؤمن بالوحدة والحرية والاشتراكية وعلى طريقتها، أي مساعدة هذه القوى والأحزاب في ترسيخ وجودها الجماهيري لأن جماهيريتها ستشكل عمق فكر البعث وامتداده وسنده الحقيقي في الأزمات الوطنية.
فهذا النعاس الذي أصاب الحزب للأسباب التي ذكرت بعضها انتقل إلى بقية أحزاب الجبهة للأسباب نفسها، يضاف إليها أسبابها الذاتية وما نشأ عنها من انقسامات فكرية أدى إلى تمزق بنيتها التنظيمية فتلاشى تأثيرها وفقدت جماهيريتها.
فكان النعاس السياسي شاملاً شكل الفراغ السياسي الذي هبت لتملأه الرجعية السياسية والدينية التي تتسلل من الشقوق إن وجدت.
فكانت دعوة السيد الرئيس لأحزاب الجبهة في الأيام الأولى من تسلمه زمام قيادة الدولة لتفعيل دورها وإثبات جماهيريتها دعوة للصحوة وإدراكاً لأهمية دورها الوطني في المساهمة إلى جانب البعث بالتصدي للهجمة الإمبريالية على المنطقة ابتداءً بالإرهاب الأصولي التي كانت سورية أولى ساحات اختباره على المسرح الدولي، حيث ردت سهامه إلى راميها وحصدت الأصولية الخيبة في سورية لتنتقل إلى مواقع أخرى ومن خبأ بيضة الثعبان لتفقس لابد أن ينتظر لسعتها.
إن ما أصاب الحزب بما أطلقت عليه صفة النعاس كان بسبب الاندماج التام ما بين الحزب والدولة، فعندما يعمل أحدهما يستريح الآخر، وعندما تطول استراحته قد يحتاج إلى المعالجة الفيزيائية المناسبة لهذه الحالات بعيداً عن الجراحة والجرعات الكيميائية خطيرة النتائج.