الداعميين للصندوق العربي
19/08/2006, 14:00
يدرك الجميع، وفي مقدمهم الولايات المتحدة وإسرائيل، أن الخيار الوحيد أمام لبنان ليكسب نفسه هو الصمود في وجه العدوان وفي وجه الاشتراطات الجائرة، خاصة وأن لبنان قد خسر الكثير، وأن السبيل الوحيد لتعويض خسائره الفادحة، هو في الحفاظ على وحدته الداخلية وعدم التفريط بهايقول المراقبون، العارفون بتاريخ الصراع في المنطقة، إنه كلما اعتدت إسرائيل على طرف عربي، فإن الولايات المتحدة لا تسمح لمجلس الأمن أن يتدخل، وأن يبحث الحالة القائمة، وأن يصل إلى قرار ملزم بوقف إطلاق النار، إلا بعد أن تكون واشنطن قد ضمنت أن العدوان الإسرائيلي قد حقق أهدافه، وأن تل أبيب قد خلقت حقائق ميدانية بقوة النار والبارود، تشق للقرار الدولي، المولود على يد القابلة الأميركية، طريقه. وبذلك يأتي القرار ليمنح إسرائيل، سياسياً، ثمرة عدوانها العسكري.
ويعطي المراقبون أمثلة عديدة على صحة ما يقولون، مستعينين بتاريخ المنطقة الحافل بمحطات العدوان الإسرائيلي على لبنان، والفلسطينيين، وغيرهم من الدول العربية.
ما عدا هذه المرة، فإن الأميركيين، كما لاحظ المراقبون، حاولوا أن يقطفوا ثمرة العدوان الإسرائيلي على لبنان، حتى قبل أن يحقق الجيش الإسرائيلي الأهداف التي رسمتها له حكومة أولمرت، وهيئة أركان دان حالوتس.
ويلاحظ المراقبون، في السياق إن القرار الذي عرضته واشنطن على مجلس الأمن (وانسحبت من تبني نسخته الأولى فرنسا) يحاول أن يحقق لإسرائيل، بقرارات دولية، ما عجزت عن تحقيقه خلال شهر كامل من القتل والتدمير والتهجير، وسياسة الأرض المحروقة. وكأني بواشنطن لا تحاول فقط أن تفرض شروط إسرائيل، بقوة الضغط السياسي الدولي، على لبنان، بل وتحاول كذلك أن تنقذ سمعة إسرائيل وجيشها، الذي فشل حتى الآن في أن يؤكد أنه فرض شروطه الميدانية على لبنان ومقاومته، كما فشل، في الوقت نفسه في إخفاء الخسائر الفادحة التي تكبدها ضباطه وجنوده على يد رجال المقاومة.
ولا نبالغ إذا ما قلنا إن من أولى الأسباب التي أرغمت وزراء الخارجية العرب على تلبية الدعوة إلى لقاء بيروت، وتبني مواقف حكومة لبنان في نقاطها السبع، كمشروع للحل هو الصمود البطولي للشعب اللبناني ومقاومته، والتماسك السياسي الذي عبرت عنه القيادات اللبنانية في مواجهة الضغوطات الأميركية والابتزاز العسكري الإسرائيلي.
وإذا ما تمت المقارنة بين موقف مجلس وزراء الخارجية العرب في لقائهم الأول في القاهرة، ولقائهم الثاني في بيروت، لتبينت المسافة التي قطعها الموقف العربي من القضية اللبنانية.
ففي القاهرة فشل وزراء الخارجية في بناء موقف موحد مما يجري في لبنان، ومن العدوان الإسرائيلي عليه، وبدا موقفهم هشاً مفككاً. البعض يلوم المقاومة ويتهمها بالمغامرة والمقامرة، والبعض الآخر يدعم لبنان بلا قيد أو شرط، والبعض الثالث لا يعتبر نفسه معنياً بما يجري.
في بيروت وقف وزراء الخارجية العرب أمام وقائع مذهلة لم يكونوا يتوقعونها:
* فشل إسرائيل في القضاء على المقاومة، وفشل في احتلال شريط حدودي يمهد الطريق لدخول قوات متعددة الجنسيات.
* صمود سياسي عبرت عنه الحكومة اللبنانية عبر توحدها حول خطاب رئيسها في مؤتمر روما، وتبني هذا الخطاب في مبادرة لبنانية، وكأساس للحل، والطلب إلى العرب تبنيها في تحركاتهم السياسية.
* صمود عسكري عبرت عنه المقاومة في قتالها البطولي، واستعدادٍ عالٍ للتضحية، ونضج سياسي في إدارة الملف مع الأفرقاء اللبنانيين، دون الانجرار إلى مهاترات أو سجالات إعلامية تقود إلى توتير الأجواء وشق الصف اللبناني.
* صمود شعبي لافت للنظر، جرى التعبير عنه بذلك الاحتضان الذي بدر عن فئات الشعب اللبناني المختلفة، لمئات آلاف النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. كما جرى التعبير عنه في موقف واحد من العدوان الإسرائيلي، وقناعة راسخة أن ما يجري لا صلة بينه وبين قضية الأسيرين، وأن الاعتداء ما هو إلا مخطط مرسوم للبنان بكل تياراته وطوائفه ومذاهبه المختلفة.
أمام هذا كله، سقطت الانتقادات والاستدراكات العربية، ووجد وزراء الخارجية ـ وإلى جانبهم الأمين العام لجامعة الدول العربية ـ أنفسهم مطالبين بتبني الموقف اللبناني، لأن البديل هو مزيد من الصمود في بيروت، ومزيد من الاحتقان في الشارع العربي يهدد بإحداث تداعيات لم تعد الحكومات العربية تخفي تخوفها من آثارها على أوضاعها المحلية. فالعدوان الذي شنه العدو الإسرائيلي على لبنان، لمدة شهر تقريباً، دون أي تحرك عربي جدي، ترك أثره السلبي في نفوس المواطنين العرب، وطرح في الأجواء أسئلة عديدة عن الحالة العربية، ومصير النظام العربي ومستقبله، كوحدة سياسية، وكأنظمة متفرقة.
ومما لا شك فيه أن تماسك الموقف السياسي اللبناني، ورفضه ـ بإجماع أطرافه الفاعلة ـ للمشروع الأميركي، وتمسكه بالمقابل بمبادرة النقاط السبع، شكل أرضية صلبة وقف عليها الموقف العربي في مجلس الأمن الدولي وهو يخاطب الرأي العام الدولي. وإذا كان بعض وزراء الخارجية العرب قد هدد المجتمع الدولي بخطر نشوب حرب أهلية في لبنان إذا ما أصر على المشروع الأميركي للحل، فليس ذلك إلا من باب المناورة لأن لبنان بصمود شعبه ومقاومته وبالدعم الشعبي العربي له، وباضطرار بعض الأطراف العربية للانحياز لموقفه، قادر على مواجهة الضغوطات الدولية، وعلى رفض ما يمكن أن يعود على أوضاعه الداخلية من أثار سلبية.
من هنا كانت المواقف الدولية المنطلقة من اعتبارات الموقف اللبناني:
* ففرنسا، لم تتمسك بمشروع القرار الذي تبنته مع الولايات المتحدة، ولم تبدِ أية معارضة لإدخال تعديلات عليه ترضي الجانب اللبناني وتراعي أوضاعه السياسية. وقد عبّر عن ذلك مندوب فرنسا في مجلس الأمن، كما عبر الرئيس جاك شيراك الذي تبنى علناً الموقف اللبناني بالدعوة إلى وقف فوري للعدوان على لبنان ووقف فوري لإطلاق النار.
* وروسيا، هي الأخرى خطت خطوة مهمة إلى الأمام حين دعت إلى إدخال قضية مزارع شبعا في مشروع القرار والإشارة في صياغة معينة إلى ضرورة انسحاب إسرائيل منها دون إبطاء.
* وحده المندوب الأميركي، ذي المظهر الشبيه بالقادمين من بطن التاريخ القديم، حاول أن يستعيد تاريخ الاستعمار بصيغته القديمة في محاولة عنيدة للتمسك بمشروع القرار وفرضه على لبنان، وإرغامه على التسليم بالشروط والمطالب الأميركية والإسرائيلية. ومع ذلك بقي الصوت الأميركي منخفضاً إلى حد ما أمام ارتفاع الصوت اللبناني، والدعم العربي والفرنسي والروسي الذي توفر له.
وبذلك، ورغم الصمود اللبناني الذي فاق التوقعات، تكون إسرائيل في عدوانها قد أدخلت الحالة الإقليمية كلها، ومعها مجلس الأمن في مأزق لم نصدق انه انتهى .
وإذا كانت حكومة تل أبيب، قد ردت على صلابة الموقف اللبناني بتصعيد سياسي وعسكري تمثل بقرار الحكومة المصغرة بتوسيع نطاق العمليات العدوانية، فليس ذلك إلا من قبيل الهروب إلى الأمام واللجوء إلى ابتزاز لبنان والعرب والمجتمع الدولي.
فإسرائيل، تدرك قبل غيرها صعوبة مثل هذا العمل، خاصة وأن جيشها لم يزل عالقاً في خطواته الأولى في جنوب لبنان، ومازال قتاله ضد رجال المقاومة يتركز عند البوابات الحدودية وعلى بعد أمتار قليلة من الخط الأزرق ـ وبالتالي فإن الانتقال إلى توسيع دائرة القتال يتطلب إنجاز المهمة الأولى التي كلف بها، والتي مازالت تكلفه غالياً دون أن يتمكن من إنجازها كاملة حتى الآن.
كما تدرك إسرائيل أن الخيار الوحيد أمام لبنان، ليكسب نفسه هو الصمود في وجه العدوان ووجه اشتراطات واشنطن، خاصة وأن لبنان قد خسر الكثير، وأن السبيل الوحيد لتعويض خسائره الفادحة هو في الحفاظ على وحدته الداخلية وعدم التفريط بها.
كذلك تدرك إسرائيل أن الموقف الدولي بدأ ينقلب نحو لبنان، وأن مساحة التأييد للبنان، كضحية للعدوان، وكمقاتل دفاعاً عن سيادته بدأت تتسع رويداً رويداً، وتستقطب عواصم عدة، إما لإدراك هذه العواصم أن من حق لبنان أن يصون مصالحه (كما هو حال فرنسا وروسيا) أو لضغوط تتعرض لها حكومات هذه العواصم، كما هو حال حكومة بلير.
أما مجلس الأمن، فهو يقف، ومعه المنظمة الدولية على المحك. وبالتالي فإنه أمام تجربة جديدة من خلالها يمكن القول إنه أمام مفترق طرق: إما أن يستعيد ثقة الدول الصغرى والضعيفة به، فينتصر لها، عملاً بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وإما أن يبقى (ومعه الدول الكبرى) أداة في يد الولايات المتحدة وسياساتها الهمجية.
في كل الأحوال، إن معركة مجلس الأمن، ما هي إلا واحدة من المعارك، وليست نهاية المطاف. فبعد مجلس الأمن، إن هو أخفق في حسم الوضع بعد قراره تأتي الجمعية العامة للأمم المتحدة. كذلك مازال أمام لبنان شوط يقطعه لمطالبة المجتمع الدولي (ممثلاً باللجنة الدولية لحقوق الإنسان) بالتحقيق بالجرائم التي ارتكبها قادة العدو في قرى لبنان وبلداته ومدنه خلال هذا العدوان، وصولاً إلى جر هؤلاء إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارهم، وباعتراف جهات دولية ذات اختصاص، مجرمي حرب.
غير أن الميدان الأكبر لحسم الموقف، هو الميدان القتالي الذي انتهى وحسم اللبنانيين ممثلين في حزب الله معركة صموود انمت في الشعب العربي ان اسرئيل دولة ممكن مواجهتها ومهو مالمسته في بعض الشعوب العربيه كسوريا ومصر والسعوديه الذين هم من يعبر عن الانتصار بروح وعزيمة قويه
أما الحالة العربية، فلابد لها في نهاية المطاف أن تخطو الخطوات اللازمة، بحيث لا تتكرر تجربة لبنان، فيخوض شعب صغير مقاومته منفرداً ضد عدو شرس. فمعارك تحرير الأرض العربية لن تقف عند حدود لبنان، والصراع مع العدو لن يتوقف، حتى ينجح المجتمع الدولي في إرغام الاحتلال الإسرائيلي على وقف عدوانه والرحيل عن الأرض اللبنانية إلى ما بعد الخط الأزرق
ويعطي المراقبون أمثلة عديدة على صحة ما يقولون، مستعينين بتاريخ المنطقة الحافل بمحطات العدوان الإسرائيلي على لبنان، والفلسطينيين، وغيرهم من الدول العربية.
ما عدا هذه المرة، فإن الأميركيين، كما لاحظ المراقبون، حاولوا أن يقطفوا ثمرة العدوان الإسرائيلي على لبنان، حتى قبل أن يحقق الجيش الإسرائيلي الأهداف التي رسمتها له حكومة أولمرت، وهيئة أركان دان حالوتس.
ويلاحظ المراقبون، في السياق إن القرار الذي عرضته واشنطن على مجلس الأمن (وانسحبت من تبني نسخته الأولى فرنسا) يحاول أن يحقق لإسرائيل، بقرارات دولية، ما عجزت عن تحقيقه خلال شهر كامل من القتل والتدمير والتهجير، وسياسة الأرض المحروقة. وكأني بواشنطن لا تحاول فقط أن تفرض شروط إسرائيل، بقوة الضغط السياسي الدولي، على لبنان، بل وتحاول كذلك أن تنقذ سمعة إسرائيل وجيشها، الذي فشل حتى الآن في أن يؤكد أنه فرض شروطه الميدانية على لبنان ومقاومته، كما فشل، في الوقت نفسه في إخفاء الخسائر الفادحة التي تكبدها ضباطه وجنوده على يد رجال المقاومة.
ولا نبالغ إذا ما قلنا إن من أولى الأسباب التي أرغمت وزراء الخارجية العرب على تلبية الدعوة إلى لقاء بيروت، وتبني مواقف حكومة لبنان في نقاطها السبع، كمشروع للحل هو الصمود البطولي للشعب اللبناني ومقاومته، والتماسك السياسي الذي عبرت عنه القيادات اللبنانية في مواجهة الضغوطات الأميركية والابتزاز العسكري الإسرائيلي.
وإذا ما تمت المقارنة بين موقف مجلس وزراء الخارجية العرب في لقائهم الأول في القاهرة، ولقائهم الثاني في بيروت، لتبينت المسافة التي قطعها الموقف العربي من القضية اللبنانية.
ففي القاهرة فشل وزراء الخارجية في بناء موقف موحد مما يجري في لبنان، ومن العدوان الإسرائيلي عليه، وبدا موقفهم هشاً مفككاً. البعض يلوم المقاومة ويتهمها بالمغامرة والمقامرة، والبعض الآخر يدعم لبنان بلا قيد أو شرط، والبعض الثالث لا يعتبر نفسه معنياً بما يجري.
في بيروت وقف وزراء الخارجية العرب أمام وقائع مذهلة لم يكونوا يتوقعونها:
* فشل إسرائيل في القضاء على المقاومة، وفشل في احتلال شريط حدودي يمهد الطريق لدخول قوات متعددة الجنسيات.
* صمود سياسي عبرت عنه الحكومة اللبنانية عبر توحدها حول خطاب رئيسها في مؤتمر روما، وتبني هذا الخطاب في مبادرة لبنانية، وكأساس للحل، والطلب إلى العرب تبنيها في تحركاتهم السياسية.
* صمود عسكري عبرت عنه المقاومة في قتالها البطولي، واستعدادٍ عالٍ للتضحية، ونضج سياسي في إدارة الملف مع الأفرقاء اللبنانيين، دون الانجرار إلى مهاترات أو سجالات إعلامية تقود إلى توتير الأجواء وشق الصف اللبناني.
* صمود شعبي لافت للنظر، جرى التعبير عنه بذلك الاحتضان الذي بدر عن فئات الشعب اللبناني المختلفة، لمئات آلاف النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. كما جرى التعبير عنه في موقف واحد من العدوان الإسرائيلي، وقناعة راسخة أن ما يجري لا صلة بينه وبين قضية الأسيرين، وأن الاعتداء ما هو إلا مخطط مرسوم للبنان بكل تياراته وطوائفه ومذاهبه المختلفة.
أمام هذا كله، سقطت الانتقادات والاستدراكات العربية، ووجد وزراء الخارجية ـ وإلى جانبهم الأمين العام لجامعة الدول العربية ـ أنفسهم مطالبين بتبني الموقف اللبناني، لأن البديل هو مزيد من الصمود في بيروت، ومزيد من الاحتقان في الشارع العربي يهدد بإحداث تداعيات لم تعد الحكومات العربية تخفي تخوفها من آثارها على أوضاعها المحلية. فالعدوان الذي شنه العدو الإسرائيلي على لبنان، لمدة شهر تقريباً، دون أي تحرك عربي جدي، ترك أثره السلبي في نفوس المواطنين العرب، وطرح في الأجواء أسئلة عديدة عن الحالة العربية، ومصير النظام العربي ومستقبله، كوحدة سياسية، وكأنظمة متفرقة.
ومما لا شك فيه أن تماسك الموقف السياسي اللبناني، ورفضه ـ بإجماع أطرافه الفاعلة ـ للمشروع الأميركي، وتمسكه بالمقابل بمبادرة النقاط السبع، شكل أرضية صلبة وقف عليها الموقف العربي في مجلس الأمن الدولي وهو يخاطب الرأي العام الدولي. وإذا كان بعض وزراء الخارجية العرب قد هدد المجتمع الدولي بخطر نشوب حرب أهلية في لبنان إذا ما أصر على المشروع الأميركي للحل، فليس ذلك إلا من باب المناورة لأن لبنان بصمود شعبه ومقاومته وبالدعم الشعبي العربي له، وباضطرار بعض الأطراف العربية للانحياز لموقفه، قادر على مواجهة الضغوطات الدولية، وعلى رفض ما يمكن أن يعود على أوضاعه الداخلية من أثار سلبية.
من هنا كانت المواقف الدولية المنطلقة من اعتبارات الموقف اللبناني:
* ففرنسا، لم تتمسك بمشروع القرار الذي تبنته مع الولايات المتحدة، ولم تبدِ أية معارضة لإدخال تعديلات عليه ترضي الجانب اللبناني وتراعي أوضاعه السياسية. وقد عبّر عن ذلك مندوب فرنسا في مجلس الأمن، كما عبر الرئيس جاك شيراك الذي تبنى علناً الموقف اللبناني بالدعوة إلى وقف فوري للعدوان على لبنان ووقف فوري لإطلاق النار.
* وروسيا، هي الأخرى خطت خطوة مهمة إلى الأمام حين دعت إلى إدخال قضية مزارع شبعا في مشروع القرار والإشارة في صياغة معينة إلى ضرورة انسحاب إسرائيل منها دون إبطاء.
* وحده المندوب الأميركي، ذي المظهر الشبيه بالقادمين من بطن التاريخ القديم، حاول أن يستعيد تاريخ الاستعمار بصيغته القديمة في محاولة عنيدة للتمسك بمشروع القرار وفرضه على لبنان، وإرغامه على التسليم بالشروط والمطالب الأميركية والإسرائيلية. ومع ذلك بقي الصوت الأميركي منخفضاً إلى حد ما أمام ارتفاع الصوت اللبناني، والدعم العربي والفرنسي والروسي الذي توفر له.
وبذلك، ورغم الصمود اللبناني الذي فاق التوقعات، تكون إسرائيل في عدوانها قد أدخلت الحالة الإقليمية كلها، ومعها مجلس الأمن في مأزق لم نصدق انه انتهى .
وإذا كانت حكومة تل أبيب، قد ردت على صلابة الموقف اللبناني بتصعيد سياسي وعسكري تمثل بقرار الحكومة المصغرة بتوسيع نطاق العمليات العدوانية، فليس ذلك إلا من قبيل الهروب إلى الأمام واللجوء إلى ابتزاز لبنان والعرب والمجتمع الدولي.
فإسرائيل، تدرك قبل غيرها صعوبة مثل هذا العمل، خاصة وأن جيشها لم يزل عالقاً في خطواته الأولى في جنوب لبنان، ومازال قتاله ضد رجال المقاومة يتركز عند البوابات الحدودية وعلى بعد أمتار قليلة من الخط الأزرق ـ وبالتالي فإن الانتقال إلى توسيع دائرة القتال يتطلب إنجاز المهمة الأولى التي كلف بها، والتي مازالت تكلفه غالياً دون أن يتمكن من إنجازها كاملة حتى الآن.
كما تدرك إسرائيل أن الخيار الوحيد أمام لبنان، ليكسب نفسه هو الصمود في وجه العدوان ووجه اشتراطات واشنطن، خاصة وأن لبنان قد خسر الكثير، وأن السبيل الوحيد لتعويض خسائره الفادحة هو في الحفاظ على وحدته الداخلية وعدم التفريط بها.
كذلك تدرك إسرائيل أن الموقف الدولي بدأ ينقلب نحو لبنان، وأن مساحة التأييد للبنان، كضحية للعدوان، وكمقاتل دفاعاً عن سيادته بدأت تتسع رويداً رويداً، وتستقطب عواصم عدة، إما لإدراك هذه العواصم أن من حق لبنان أن يصون مصالحه (كما هو حال فرنسا وروسيا) أو لضغوط تتعرض لها حكومات هذه العواصم، كما هو حال حكومة بلير.
أما مجلس الأمن، فهو يقف، ومعه المنظمة الدولية على المحك. وبالتالي فإنه أمام تجربة جديدة من خلالها يمكن القول إنه أمام مفترق طرق: إما أن يستعيد ثقة الدول الصغرى والضعيفة به، فينتصر لها، عملاً بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وإما أن يبقى (ومعه الدول الكبرى) أداة في يد الولايات المتحدة وسياساتها الهمجية.
في كل الأحوال، إن معركة مجلس الأمن، ما هي إلا واحدة من المعارك، وليست نهاية المطاف. فبعد مجلس الأمن، إن هو أخفق في حسم الوضع بعد قراره تأتي الجمعية العامة للأمم المتحدة. كذلك مازال أمام لبنان شوط يقطعه لمطالبة المجتمع الدولي (ممثلاً باللجنة الدولية لحقوق الإنسان) بالتحقيق بالجرائم التي ارتكبها قادة العدو في قرى لبنان وبلداته ومدنه خلال هذا العدوان، وصولاً إلى جر هؤلاء إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارهم، وباعتراف جهات دولية ذات اختصاص، مجرمي حرب.
غير أن الميدان الأكبر لحسم الموقف، هو الميدان القتالي الذي انتهى وحسم اللبنانيين ممثلين في حزب الله معركة صموود انمت في الشعب العربي ان اسرئيل دولة ممكن مواجهتها ومهو مالمسته في بعض الشعوب العربيه كسوريا ومصر والسعوديه الذين هم من يعبر عن الانتصار بروح وعزيمة قويه
أما الحالة العربية، فلابد لها في نهاية المطاف أن تخطو الخطوات اللازمة، بحيث لا تتكرر تجربة لبنان، فيخوض شعب صغير مقاومته منفرداً ضد عدو شرس. فمعارك تحرير الأرض العربية لن تقف عند حدود لبنان، والصراع مع العدو لن يتوقف، حتى ينجح المجتمع الدولي في إرغام الاحتلال الإسرائيلي على وقف عدوانه والرحيل عن الأرض اللبنانية إلى ما بعد الخط الأزرق