janus
17/04/2005, 13:42
زكريا تامر (المولود في دمشق عام 1931) هو شاعر القصة العربية القصيرة بلا نزاع، وفنانها الأول. شق لنفسه منذ بداياته الباكرة قبل أربعين عامًا طريقًا فريدة في القص، ولا يزال يواصل الحفر فيها حتى الآن. عالمه القصصي الخصيب عالم غض جميل لا يضاهي الواقع برغم أنه مصُوغ من مفرداته، ولا يحاكيه بالرغم من أنه يكشف لنا قوانينه الداخلية العميقة. وهو قصاص تفيض أقاصيصه شعرية كثيفة لم تعرفها الأقصوصة العربية من قبل، ويتميز بالجدة والأصالة والتفرد.
كانت أعمال زكريا تامر هي البداية الحقيقية للصوت الجديد، وللرؤى الجديدة التي أطلت على أفق الأقصوصة العربية معه، ثم اتسعت رقعتها على أيدي جيل الستينيات في مصر والعراق من بعده. لكن زكريا تامر لم يستنم إلى دعة إنجازاته الأولى تلك، وهي إنجازات رائدة بأي معيار من المعايير، ولكنه آثر مواصلة اكتشاف الأصقاع المجهولة، وارتياد المناطق البكر والمحرمة. وزكريا قصاص يعكف على قصصه بروح صائغ ينكبّ على جواهره ويجلوها بدأب وأناة. لذلك لم يصدر حتى الآن غير ثماني مجموعات قصصية عبر أربعين عامًا من الإبداع المتواصل: هي (صهيل الجواد الأبيض) 1960، و(ربيع في الرماد) 1963، و(الرعد) 1970، و(دمشق الحرائق) 1973، و(النمور في اليوم العاشر) 1977، و(نداء نوح) 1994، و(سنضحك) 1998، و(الحصرم) 2000.
وكل مجموعة من هذه المجموعات الثماني توسع أفق هذا العالم الخصيب الذي اتسم بالتفرد والجمال الوحشي منذ مجموعته الأولى، وتزيده غنى وكثافةً وتعقيدًا، وتؤكد مفارقته لعالم الواقع ومرافقته الحميمة له في آن، وترهف وعينا بما ينطوي عليه هذا العالم الكابوسي المبهظ والمترع بالجمال معًا من عمق وصرامة.
بحث زكريا تامر منذ بداياته الباكرة عن لغة قصصية جديدة، وعن مفردات سردية لم يتناولها كاتب قبله. فقد استطاع - بعد منتصف الخمسينيات بقليل - أن يتلمس إطلالات الحساسية الأدبية الجديدة، أو بالأحرى الحساسية الممزقة ذات الطبيعة الحداثية، وأن يستوعب ملامح هذه الحساسية الوليدة في وعاء فني يتواءم معها.
قدم الكاتب في مجموعاته القصصية عصارة موهبته وخبرته على صعيدي الفن والحياة. وزاوج فيها بين الحس المأساوي والبعد الأسطوري للحدث الواحد، وقد غمرها في سيل من التهكم الشفيف، وخلص القصة فيها من كل تزيد غير ضروري، ومن كل جزئية لا توحي بعدد كبير من الدلالات، حتى بدا للبعض أن زكريا تامر، وهو يخلص أقاصيصه من الزيادات، قد خلصها أيضًا من الطابع القومي في أغلب الأحيان، ومن الطابع القصصي في بعضها. لكن من يتأمل قصصه بقدر من العمق يدرك أنه لا يتحدث فيها عن إنسان مجرد، وإنما عن الإنسان العربي، الدمشقي غالبًا، وهو يعاني من الفقر المادي والمعنوي، وتعذبه أشواق مؤرقة إلى عالم نظيف وهادئ ومليء بالمنطق والعدالة.
كانت أعمال زكريا تامر هي البداية الحقيقية للصوت الجديد، وللرؤى الجديدة التي أطلت على أفق الأقصوصة العربية معه، ثم اتسعت رقعتها على أيدي جيل الستينيات في مصر والعراق من بعده. لكن زكريا تامر لم يستنم إلى دعة إنجازاته الأولى تلك، وهي إنجازات رائدة بأي معيار من المعايير، ولكنه آثر مواصلة اكتشاف الأصقاع المجهولة، وارتياد المناطق البكر والمحرمة. وزكريا قصاص يعكف على قصصه بروح صائغ ينكبّ على جواهره ويجلوها بدأب وأناة. لذلك لم يصدر حتى الآن غير ثماني مجموعات قصصية عبر أربعين عامًا من الإبداع المتواصل: هي (صهيل الجواد الأبيض) 1960، و(ربيع في الرماد) 1963، و(الرعد) 1970، و(دمشق الحرائق) 1973، و(النمور في اليوم العاشر) 1977، و(نداء نوح) 1994، و(سنضحك) 1998، و(الحصرم) 2000.
وكل مجموعة من هذه المجموعات الثماني توسع أفق هذا العالم الخصيب الذي اتسم بالتفرد والجمال الوحشي منذ مجموعته الأولى، وتزيده غنى وكثافةً وتعقيدًا، وتؤكد مفارقته لعالم الواقع ومرافقته الحميمة له في آن، وترهف وعينا بما ينطوي عليه هذا العالم الكابوسي المبهظ والمترع بالجمال معًا من عمق وصرامة.
بحث زكريا تامر منذ بداياته الباكرة عن لغة قصصية جديدة، وعن مفردات سردية لم يتناولها كاتب قبله. فقد استطاع - بعد منتصف الخمسينيات بقليل - أن يتلمس إطلالات الحساسية الأدبية الجديدة، أو بالأحرى الحساسية الممزقة ذات الطبيعة الحداثية، وأن يستوعب ملامح هذه الحساسية الوليدة في وعاء فني يتواءم معها.
قدم الكاتب في مجموعاته القصصية عصارة موهبته وخبرته على صعيدي الفن والحياة. وزاوج فيها بين الحس المأساوي والبعد الأسطوري للحدث الواحد، وقد غمرها في سيل من التهكم الشفيف، وخلص القصة فيها من كل تزيد غير ضروري، ومن كل جزئية لا توحي بعدد كبير من الدلالات، حتى بدا للبعض أن زكريا تامر، وهو يخلص أقاصيصه من الزيادات، قد خلصها أيضًا من الطابع القومي في أغلب الأحيان، ومن الطابع القصصي في بعضها. لكن من يتأمل قصصه بقدر من العمق يدرك أنه لا يتحدث فيها عن إنسان مجرد، وإنما عن الإنسان العربي، الدمشقي غالبًا، وهو يعاني من الفقر المادي والمعنوي، وتعذبه أشواق مؤرقة إلى عالم نظيف وهادئ ومليء بالمنطق والعدالة.