janus
17/04/2005, 13:35
لقد اخترت هذا الكاتب اولا لانني احب اسلوبه وثانية لانه (رحمه الله) ممن تمسكوا بارضعم ووطنهم وعاشوا عليها تحت سيادة دولة ليست لهم فهو من عرب الداخل ولا ادري مدى علم الاشخاص في العالم العربي به.
ان النبذة مقتبسة عن مقدمة كتاب "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد ابي النحس المتشائل" عندما نشرت في مشروع كتاب في جريدة (على فكرة انصحكم جميعا بقراءة هذه الرواية الفذة المعبرة):
وُلد في حيفا عام 1921، وأتمّ دراسته الثانوية فيها وفي عكا، واشتغل عامل بناء زمنًا، ثم انتقل للعمل مذيعًا بإذاعة القدس، واستقال منها ليعمل موظفًا في معسكرات جيش الانتداب، ثم محررًا في جريدة (الاتحاد)، وأصدر مجلة (المهماز) في حيفا عام .1946 وناضل نضالاً متصلاً ضد الانتداب البريطاني، ثم ضد ممارسات الدولة الإسرائيلية بعد قيامها. واختاره المواطنون العرب ضمن من يمثلونهم في (الكنيست)، وبقي عضوًا به حتى عام 1972 حين قدم استقالته ليتفرغ للكتابة. وفي عام 1990، أهدته منظمة التحرير الفلسطينية (وسام القدس)، وهو أرفع وسام فلسطيني. وفي عام 1992 منحته إسرائيل (جائزة الإبداع)، فارتفعت الأصوات تطالبه برفضها، لكنه قبل الجائزة، ثم أعلن تبرعه بقيمتها المادية لجمعية (المقاصد الإسلامية) التي تتولى علاج جرحى الانتفاضة. وفي العام الأخير من حياته، انشغل بإصدار مجلة أدبية أسماها (مشارف). ورحل إميل في مايو/أيار عام 1996، وأوصى أن تُكتب على قبره هذه الكلمات: (باقٍ في حيفا).
نشر حبيبي عمله الأول (سداسية الأيام الستة)، عام 1968، وبعده تتابعت الأعمال: (الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل)، .1974 (لكع بن لكع)، رواية مسرحية، 1980، ثم (أخطية)، 1985، وأخيرًا (خرافية سرايا بنت الغول)، .1991
جعلت تلك الأعمال القليلة صاحبها أحد أهم المبدعين العرب. ولإحسان قراءة إميل حبيبي وفهمه، يجب أن نضع في حُسباننا دائمًا أنه يكتب من داخل الزنزانة الإسرائيلية، وهو، من ثَمّ، يفتقد القدر الكافي من الحرية ليقول -مباشرة- ما يريد، وكان علىه أن يلجأ إلى الرمز والكناية والإيماءة والإشارة من بعيد.
في روايته الفذة (المتشائل) ، لم يسلك إميل أيّا من السبل المطروقة في الرواية العربية أو العالمية، بل أسَّس إبداعًا جديدًا يقوم على استلهام التراث الفلسطيني والعربي، وحُسن استخدام اللغة، والجرأة في التعامل معها، والاستعانة بالأمثال والحكايات، ثم اللجوء إلى السخرية أو الفكاهة السوداء لو صحّ التعبير. وجوهر الرواية هو وصول بطلها (سعيد) إلى حتمية صيغة الفداء والمقاومة المسلحة. هو في (الكتاب الأول) باحث عن (التكيف)، ملتمس للأمن والأمان، مستعدّ لتقديم كل التنازلات التي تطلبها منه الدولة العنصرية الباطشة. ثم يقف -في نهاية (الكتاب الثاني)- ممزقًا في ازدواجيته اللعينة تلك، وقد حمل ابنه السلاح ضد الدولة ولاذ بكهف بعيد.
وفي (الكتاب الثالث)، ينتهي الأمر بسعيد إلى الجلوس على قمة العمود، يرفض النزول عنه. صحيح أنه تغير، وأيقن أن تنازلاته كلها لم تُجْدِه شيئًا، لكنه عاجز عن النزول إلى الناس والمشاركة في نضالهم. ولا يجد أمامه سوى الاستنجاد بالكائن الفضائي، الذي يستجيب له، فيحمله إلى حيث أَلْقت: الجنون أو الموت. وتكون كلمة (يُعاد الثانية) خير ما يقال في وداع (أبي النحس): لقد استراح وأراح!
إن العمل كله يؤكد سقوط صيغة (المتكيف) أو (مزدوج الولاء) داخل إسرائيل، وصعود صيغة (الفدائي) الذي يحمل السلاح في وجه الدولة الغاصبة. لا سبيل سواه.
فاروق عبد القادر (ليس هذا اسمي بل هو كاتب المقدمة)
ان النبذة مقتبسة عن مقدمة كتاب "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد ابي النحس المتشائل" عندما نشرت في مشروع كتاب في جريدة (على فكرة انصحكم جميعا بقراءة هذه الرواية الفذة المعبرة):
وُلد في حيفا عام 1921، وأتمّ دراسته الثانوية فيها وفي عكا، واشتغل عامل بناء زمنًا، ثم انتقل للعمل مذيعًا بإذاعة القدس، واستقال منها ليعمل موظفًا في معسكرات جيش الانتداب، ثم محررًا في جريدة (الاتحاد)، وأصدر مجلة (المهماز) في حيفا عام .1946 وناضل نضالاً متصلاً ضد الانتداب البريطاني، ثم ضد ممارسات الدولة الإسرائيلية بعد قيامها. واختاره المواطنون العرب ضمن من يمثلونهم في (الكنيست)، وبقي عضوًا به حتى عام 1972 حين قدم استقالته ليتفرغ للكتابة. وفي عام 1990، أهدته منظمة التحرير الفلسطينية (وسام القدس)، وهو أرفع وسام فلسطيني. وفي عام 1992 منحته إسرائيل (جائزة الإبداع)، فارتفعت الأصوات تطالبه برفضها، لكنه قبل الجائزة، ثم أعلن تبرعه بقيمتها المادية لجمعية (المقاصد الإسلامية) التي تتولى علاج جرحى الانتفاضة. وفي العام الأخير من حياته، انشغل بإصدار مجلة أدبية أسماها (مشارف). ورحل إميل في مايو/أيار عام 1996، وأوصى أن تُكتب على قبره هذه الكلمات: (باقٍ في حيفا).
نشر حبيبي عمله الأول (سداسية الأيام الستة)، عام 1968، وبعده تتابعت الأعمال: (الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل)، .1974 (لكع بن لكع)، رواية مسرحية، 1980، ثم (أخطية)، 1985، وأخيرًا (خرافية سرايا بنت الغول)، .1991
جعلت تلك الأعمال القليلة صاحبها أحد أهم المبدعين العرب. ولإحسان قراءة إميل حبيبي وفهمه، يجب أن نضع في حُسباننا دائمًا أنه يكتب من داخل الزنزانة الإسرائيلية، وهو، من ثَمّ، يفتقد القدر الكافي من الحرية ليقول -مباشرة- ما يريد، وكان علىه أن يلجأ إلى الرمز والكناية والإيماءة والإشارة من بعيد.
في روايته الفذة (المتشائل) ، لم يسلك إميل أيّا من السبل المطروقة في الرواية العربية أو العالمية، بل أسَّس إبداعًا جديدًا يقوم على استلهام التراث الفلسطيني والعربي، وحُسن استخدام اللغة، والجرأة في التعامل معها، والاستعانة بالأمثال والحكايات، ثم اللجوء إلى السخرية أو الفكاهة السوداء لو صحّ التعبير. وجوهر الرواية هو وصول بطلها (سعيد) إلى حتمية صيغة الفداء والمقاومة المسلحة. هو في (الكتاب الأول) باحث عن (التكيف)، ملتمس للأمن والأمان، مستعدّ لتقديم كل التنازلات التي تطلبها منه الدولة العنصرية الباطشة. ثم يقف -في نهاية (الكتاب الثاني)- ممزقًا في ازدواجيته اللعينة تلك، وقد حمل ابنه السلاح ضد الدولة ولاذ بكهف بعيد.
وفي (الكتاب الثالث)، ينتهي الأمر بسعيد إلى الجلوس على قمة العمود، يرفض النزول عنه. صحيح أنه تغير، وأيقن أن تنازلاته كلها لم تُجْدِه شيئًا، لكنه عاجز عن النزول إلى الناس والمشاركة في نضالهم. ولا يجد أمامه سوى الاستنجاد بالكائن الفضائي، الذي يستجيب له، فيحمله إلى حيث أَلْقت: الجنون أو الموت. وتكون كلمة (يُعاد الثانية) خير ما يقال في وداع (أبي النحس): لقد استراح وأراح!
إن العمل كله يؤكد سقوط صيغة (المتكيف) أو (مزدوج الولاء) داخل إسرائيل، وصعود صيغة (الفدائي) الذي يحمل السلاح في وجه الدولة الغاصبة. لا سبيل سواه.
فاروق عبد القادر (ليس هذا اسمي بل هو كاتب المقدمة)