-
دخول

عرض كامل الموضوع : 1701- أنقذ مجلس الأمن


Danny
15/08/2006, 01:17
1701- أنقذ مجلس الأمن

خف سمعنا كثيرا لكثرة عجقة سير الطائرات الحربية في سمائنا ، ولشدة اصوات ما تلقيه علينا من خيرات لكن نظرنا زاد ما يكفي لنرى كل هذه المجازر التي لم يكن من الممكن حتى افتراضها.
إحدى وثلاثون يوما كل ثانية فيهم كانت طويلة كيوم الجوع ، انتظرنا وانتظرنا طويلا حتى تعب الانتظار من صراخ اطفالنا ودموع امهاتنا وحسرة شيوخنا ولن أقول دماء شهدائنا الذين كانوا حقا عشاق شهادة ، وبعد تأخير دام شهرا والعالم يتفرّج على صلب شعبنا بأبشع أنواع المسامير .
جاء قرار مجلس الأمن 1701 باجماع كامل أعضائه الذين وان علت اصواتهم إلا انها تبقى كصمت مومس تعود عند الفجر بعد ليل طويل . لم أكن أعرف قبل الآن أن لحمنا رخيص الى هذا الحد والجزّار الاسرائيلي يتسلّمنا كهدية من الأميركيين ولم أكن أعرف أن العالم برمته مستسلم للنفوذ الأميركي ووحشية بوش الذي ثبت قانونه الجديد والذي ينص فيما ينص :
" يحق للرئيس بوش أو ادارته أن تعيّن من تشاء من حلفائها حاكما بأمر الله " ويخص بالذكر اسرائيل بجعلها حاكما فوق الله وليس بأمره ويعطيها الحق بأن تتسلط على من تشاء وتذبح من تشاء وإن عفت عن أحد استثنائيا سيحسب لها ذلك برّا وتقوى وبذلك يصبح على المجتمع الدولي وبكل فخر أن يقدم لها جائزة نوبل للسلام .
نعم ، إن لقانون بوش الجديد صلة وثيقة بما حصل في لبنان وفلسطين والعراق وافغانستان وفي الكثير من بقاع العالم .وان كان الشعب الاميركي جزءا غير معلن من الرهائن لدى الادارة الاميركية إلا أن هذا الشعب لم ينس جيلا من صلبه قضى في حرب فييتنام ولا الاحساس الناتج عن هزيمة هي أشد ايلاما من الموت عينه وربما لا يريد هذا الشعب اعادة ملامسة هذه التجربة المرة وان كان عن طريق حليفتهم اسرائيل، وما الأصوات المعارضة لسياسة بوش إلا خير دليل على ذلك وما موافقة أميركا على مشروع القرار إلا خدمة لحكومة اولمرت التي تتخبط في أزمتها ولا تجد مخرجا.
ربما من الحري بنا أن نرفض نحن هذا المشروع فقط لمجرد موافقة أميركا عليه، اذ ذلك وحده سبب كاف ليثبت لنا أن القرار ليس لمصلحة لبنان والا لما كانت لتتركه يمرّ. فإن منطق الطبيعة لا يسمح لنقيضان بأن يلتقيا. رغم ذلك ورغم كل ما ذكرت ولم أذكر لقد انتظرنا قرارا من مجلس الأمن منذ اليوم الأول وها هو يأتي وها نحن نرضى ربما لأن ترابنا خجل من شلالات الدم المتلاحقة وسماؤنا اشتاقت للونها وبات الأزرق فيها نادرا ونادر جدا.
قبلنا مشروع القرار كي لا تتحجر قلوب هؤلاء المراسلين وتختلط بحجارة ركام الأبنية في لبنان
وكي لا يخرجوا بعد هذه الحرب كالخارجين من غبار القنبلتين النوويتين اللتان ألقتهما على ناكازاكي وهيروشيما منذ أحدى وستين عاما ، أم العالم الحر وحامية الديمقراطية الولايات المتحدة الاميركية والمتحدة جدا.
لقد أنقذ مجلس الأمن نفسه هذه المرة ولكن الى متى؟ إن الحرص الأميركي بالأمس على اظهار مجلس الأمن كمنظمة دولية فعّالة لم يكن كافيا ليعيد ثقة الأمم والشعوب لهذا المجلس لأن افراط الأميركيين باستعمال الفيتو أو التلويح به دفع بالدول الدائمي العضوية إلى اعادة حساباتهم من جديد والبحث فعلا في جدوى انتسابهم الى هذا المجلس بعد أن تحولوا هم أنفسهم إلى شهود زور لتمرير مشاريع أميركية بوشية تهدف الى السيطرة على هذا العالم.
وقد يكون القرار 1701 مدخلا لحل الأزمة القائمة ومنها الى الأزمات الأخرى في هذا الشرق كما يدّعون وكما يظهرونه على السطح لكنه في العمق ليس الا حلا ولو مؤقتا للنزاع العالمي بين الدول الكبرى والهيمنة الأميركية ومن جهة أخرى .
وأغلب الظن أن هذا القرار قد أجّل بروز الصراع العالمي ولكن ليس الى أمد طويل خصوصا بعد أن فضح بوش نفسه حين ظهر للعالم كوحش متعطش للدماء ومتطرّف لا مثيل له في التاريخ.
نعم إن القرار 1701 جاء ليكون تنفيسة للاحتقان الحاصل داخل مجلس الأمن واقفالا على احتمال الانفجار في داخله أكثر منه حلا للنزاع القائم بين لبنان واسرائيل.
أعتقد أن هذه الشرارة التي انطلقت من هذا اللبنان الصغير بحجمه والكبير برجاله وصمود أبنائه ومقاوميه وكان ممكنا أن تطال دول المنطقة ومن ثم العالم بأسره وإن كان هذا افتراضا إلا أن المؤكد أن هذه المقاومة للعدوان الاسرائيلي قدمت نموذجا تاريخيا للنضال سيطال كل حركات التحرر في العالم وستنتشر هذه العدوى بين شعوب الأرض وإن كانت الطائرات الحربية قد قامت مقام ديكنا البلدي حيث كانت تتولى ايقاظنا كل فجر من هذا الشهر المنصرم،فإن المقاومة قامت بعمل معاكس إذ جعلتنا نغفو هنيئا على طعم جديد لكرامة لم نذقه قبل الآن.


طوني الحلو
12/8/2006