maro18
13/08/2006, 06:02
اعجبنى هذا المقال فحبيت اعرضة ليكم هو للكاتب رجاء النقاش عم بيحكى فية عن مذبحة دير ياسين وعن المذابح اللى بترتكبها اسرائيل عموما
إنهم يكذبون ولا يخجلون!
بقلم: رجاء النقاش
منذ قيام إسرائيل سنة1948 كانت فكرة المذابح ضد المدنيين من العرب فكرة مشروعة, بل كانت ضرورية بالنسبة للإسرائيليين, والهدف من هذه المذابح كان واحدا علي الدوام, وهو إخافة العرب وتثبيت شعور لديهم بأن الانتصار علي إسرائيل مستحيل, وبذلك يتم إجبار العرب علي أن يلقوا بسلاحهم ويسارعوا إلي الاعتراف بإسرائيل والتفاهم معها, وإفساح المجال أمامها لكي تصبح أقوي دولة في المنطقة, ليس عسكريا فقط, بل اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وحضاريا كذلك, وقد كان معظم قادة إسرائيل أوروبيين وافدين من الغرب, وكانوا يحملون في رءوسهم تلك الفكرة الخاطئة, بل المنحطة, والتي تري أن الإنسان الأبيض أو الإنسان الأوروبي, هو الإنسان الأرقي والأفضل والأحق بالحياة من إنسان الشرق المتخلف الذي لن تخسر الإنسانية شيئا بالقضاء عليه ومحوه من الوجود, وبهذه الفكرة وما يشبهها جاء اليهود إلي فلسطين منذ أوائل القرن الماضي, ولعلهم منذ البداية كانوا يعتبرون عرب فلسطين نوعا من الهنود الحمر الذين تم القضاء عليهم وإبادة معظمهم في أمريكا, حتي تصبح أمريكا هذه دولة للمهاجرين الأوروبيين البيض الذين يستحقون الحياة وحدهم, لأنهم ينتمون إلي الجنس البشري الأرقي والأذكي والأكثر استعدادا للحضارة, أما الباقي من أمثال الهنود الحمر فمن المفيد للإنسانية أن تتخلص منهم وتقضي عليهم لأنهم متخلفون ولا يصلحون للحياة.
منذ بدايات الحركة الصهيونية ونشاطها علي أرض فلسطين ظهر أحد قادة الصهيونية واسمه فلاديمير جابوتنسكي(1880 ـ1940) وهو روسي الأصل, وقد نادي هذا الزعيم الصهيوني كما يقول الدكتور عبدالوهاب المسيري في موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية بسياسة الردع النشيط ضد العرب, وكان هذا الزعيم المتعصب يدعو ويحرض دائما علي إلقاء القنابل دون تمييز علي المدنيين العرب, وقد أصبحت هذه السياسة التي تدعو إلي قتل المدنيين العرب سياسة ثابتة لإسرائيل منذ قيامها وحتي الآن, وما حدث في قانا يوم الأحد الماضي30 يوليو2006 من قتل57 مواطنا كلهم مدنيون وبينهم37 طفلا, رأينا أشلاءهم الممزقة علي شاشات, هذه المذبحة الجديدة ضد المدنيين لم تكن أمرا غريبا علي إسرائيل, فمن المؤكد أن قتل المدنيين قد أصبح عقيدة ثابتة من عقائد الجيش الإسرائيلي, وعند معظم زعماء إسرائيل دون تفرقة بين من يقولون إنهم يساريون وبين من يقولون إنهم يمينيون, فالكل سواء في هذه العقيدة الدموية التي تري أن من حق الإسرائيليين أن يقتلوا المدنيين العرب في أي زمان أو مكان, لذلك امتلأ تاريخ إسرائيل بهذه المذابح التي تتكرر بانتظام لأنها خطة ثابتة هدفها أن تمتلئ النفس العربية بالرعب الشديد أمام إسرائيل, إذ أن إسرائيل لن تقوم لها قائمة ولن يكون لها مستقبل إلا علي أساس هذا الرعب الكبير الذي ينبغي أن يشمل العالم العربي من أدناه إلي أقصاه.
سوف أتوقف هنا وقفة سريعة أمام مذبحة شهيرة هي مذبحة دير ياسين التي وقعت يوم10 أبريل سنة1948, أي قبل الإعلان الرسمي عن قيام دولة إسرائيل بخمسة وثلاثين يوما فقط, وكان المخطط لهذه المذبحة والمشرف عليها والفخور بها هو مناحم بيجين, وتفاصيل هذه المذبحة لا تختلف في شيء عن المذابح الأخري التي ارتكبتها إسرائيل, بل تكاد الخطوات المتبعة في مذبحة دير ياسين تكون هي نفسها الخطوات التي تم اتباعها في المذابح الأخيرة ومنها مذبحة قانا التي وقعت يوم الأحد الماضي, وأنا أعتمد هنا علي الموسوعة الفلسطينية في سرد الوقائع الرئيسية لما حدث في هذه المذبحة الكبيرة, فقد دخل الجنود الإسرائيليون إلي دير ياسين تتقدمهم سيارة مصفحة تحمل مكبرا للصوت, وأخذ أحد الإسرائيليين يقول لأبناء القرية باللغة العربية: إنكم تواجهون قوة أكبر منكم, وهناك فرصة للهروب فاخرجوا من بيوتكم وأنقذوا أرواحكم.
وعندما صدق بعض سكان القرية هذا النداء وخرجوا من بيوتهم هاربين انهال عليهم الإسرائيليون بالرصاص فقتلوهم جميعا, أما الذين بقوا في بيوتهم ومعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ, فكان لابد من الإجهاز عليهم, فأخذ اليهود يلقون القنابل داخل البيوت فيدمرونها علي من فيها, وكانت الأوامر تقضي بتدمير كل بيت, وقتل كل من يتحرك, وببساطة كانت التعليمات تقضي بقتل كل عربي في دير ياسين, وقد استمرت العملية نحو عشر ساعات, وانتهت بأن قام اليهود بحفر قبر جماعي تم فيه دفن مائتين وخمسين جثة عربية معظمها للنساء والشيوخ والأطفال, وقد كتب القائد الميداني لهذه الحملة واسمه شيف في مذكراته عن هذا اليوم يقول: كان ذلك النهار يوم ربيع جميل رائع, وكانت أشجار اللوز قد اكتمل تفتح أزهارها, ولكن كانت تأتي من كل ناحية من القرية رائحة الموت الكريهة, ورائحة الدمار التي انتشرت في الشوارع ورائحة الجثث المتفسخة التي كنا ندفنها جماعيا في القبر.
وما جري في دير ياسين هو نفسه ما يجري في المذابح الأخري, فالإسرائيليون يكذبون ولا يخجلون أبدا من تكرار هذا الكذب, وهم يقولون دائما إنهم ينبهون المدنيين للابتعاد عن المواقع التي تتعرض للعمليات العسكرية, ولكن المدنيين العرب لا يستجيبون للنداء الإسرائيلي الرحيم, فتكون النتيجة هي سقوط هؤلاء المدنيين قتلي دون أن تكون هناك أي مسئولية علي إسرائيل التي نبهت وأنذرت, فلم يستمع أحد من العرب إلي التنبيه والإنذار, والحقيقة أن إسرائيل تتعمد أن تكذب لتبرر موقفها أمام الرأي العام الأوروبي والأمريكي, وهو للأسف الشديد رأي عام واقع تحت تأثير الإعلام الصهيوني, مما يجعل إقناعه بوجهة النظر الإسرائيلية من أسهل الأمور.
من ناحية أخري فإن إسرائيل تضع العراقيل في كل مذابحها ضد العرب أمام المؤسسات الدولية الإنسانية وعلي رأسها الصليب الأحمر, وقد علق جاك دي رينيه رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في فلسطين علي ما حدث في دير ياسين فكتب يقول: لم يرفض اليهود مساعدتي فحسب, وإنما رفضوا أن يتحملوا ما يمكن أن يحدث لي, وكان جميع المشاركين في المذبحة شبانا ومراهقين, ذكورا وإناثا, مدججين بالسلاح ومن بينه المسدسات والرشاشات والقنابل اليدوية, وكان القسم الأكبر منهم لا يزال ملطخا بالدماء وخناجرهم الكبيرة في أيديهم, وقامت فتاة جميلة تطفح عيناها بالجريمة بعرض يديها وهما تقطران دما, وكانت تحركهما بفخر واعتزاز كأنهما ميدالية حرب ذهبية!
بقي أن نقول إن قرية دير ياسين نفسها اختفت من الوجود وحلت محلها مستوطنة إسرائيلية اسمها جفعات شاؤول.
إنهم يكذبون ولا يخجلون!
بقلم: رجاء النقاش
منذ قيام إسرائيل سنة1948 كانت فكرة المذابح ضد المدنيين من العرب فكرة مشروعة, بل كانت ضرورية بالنسبة للإسرائيليين, والهدف من هذه المذابح كان واحدا علي الدوام, وهو إخافة العرب وتثبيت شعور لديهم بأن الانتصار علي إسرائيل مستحيل, وبذلك يتم إجبار العرب علي أن يلقوا بسلاحهم ويسارعوا إلي الاعتراف بإسرائيل والتفاهم معها, وإفساح المجال أمامها لكي تصبح أقوي دولة في المنطقة, ليس عسكريا فقط, بل اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وحضاريا كذلك, وقد كان معظم قادة إسرائيل أوروبيين وافدين من الغرب, وكانوا يحملون في رءوسهم تلك الفكرة الخاطئة, بل المنحطة, والتي تري أن الإنسان الأبيض أو الإنسان الأوروبي, هو الإنسان الأرقي والأفضل والأحق بالحياة من إنسان الشرق المتخلف الذي لن تخسر الإنسانية شيئا بالقضاء عليه ومحوه من الوجود, وبهذه الفكرة وما يشبهها جاء اليهود إلي فلسطين منذ أوائل القرن الماضي, ولعلهم منذ البداية كانوا يعتبرون عرب فلسطين نوعا من الهنود الحمر الذين تم القضاء عليهم وإبادة معظمهم في أمريكا, حتي تصبح أمريكا هذه دولة للمهاجرين الأوروبيين البيض الذين يستحقون الحياة وحدهم, لأنهم ينتمون إلي الجنس البشري الأرقي والأذكي والأكثر استعدادا للحضارة, أما الباقي من أمثال الهنود الحمر فمن المفيد للإنسانية أن تتخلص منهم وتقضي عليهم لأنهم متخلفون ولا يصلحون للحياة.
منذ بدايات الحركة الصهيونية ونشاطها علي أرض فلسطين ظهر أحد قادة الصهيونية واسمه فلاديمير جابوتنسكي(1880 ـ1940) وهو روسي الأصل, وقد نادي هذا الزعيم الصهيوني كما يقول الدكتور عبدالوهاب المسيري في موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية بسياسة الردع النشيط ضد العرب, وكان هذا الزعيم المتعصب يدعو ويحرض دائما علي إلقاء القنابل دون تمييز علي المدنيين العرب, وقد أصبحت هذه السياسة التي تدعو إلي قتل المدنيين العرب سياسة ثابتة لإسرائيل منذ قيامها وحتي الآن, وما حدث في قانا يوم الأحد الماضي30 يوليو2006 من قتل57 مواطنا كلهم مدنيون وبينهم37 طفلا, رأينا أشلاءهم الممزقة علي شاشات, هذه المذبحة الجديدة ضد المدنيين لم تكن أمرا غريبا علي إسرائيل, فمن المؤكد أن قتل المدنيين قد أصبح عقيدة ثابتة من عقائد الجيش الإسرائيلي, وعند معظم زعماء إسرائيل دون تفرقة بين من يقولون إنهم يساريون وبين من يقولون إنهم يمينيون, فالكل سواء في هذه العقيدة الدموية التي تري أن من حق الإسرائيليين أن يقتلوا المدنيين العرب في أي زمان أو مكان, لذلك امتلأ تاريخ إسرائيل بهذه المذابح التي تتكرر بانتظام لأنها خطة ثابتة هدفها أن تمتلئ النفس العربية بالرعب الشديد أمام إسرائيل, إذ أن إسرائيل لن تقوم لها قائمة ولن يكون لها مستقبل إلا علي أساس هذا الرعب الكبير الذي ينبغي أن يشمل العالم العربي من أدناه إلي أقصاه.
سوف أتوقف هنا وقفة سريعة أمام مذبحة شهيرة هي مذبحة دير ياسين التي وقعت يوم10 أبريل سنة1948, أي قبل الإعلان الرسمي عن قيام دولة إسرائيل بخمسة وثلاثين يوما فقط, وكان المخطط لهذه المذبحة والمشرف عليها والفخور بها هو مناحم بيجين, وتفاصيل هذه المذبحة لا تختلف في شيء عن المذابح الأخري التي ارتكبتها إسرائيل, بل تكاد الخطوات المتبعة في مذبحة دير ياسين تكون هي نفسها الخطوات التي تم اتباعها في المذابح الأخيرة ومنها مذبحة قانا التي وقعت يوم الأحد الماضي, وأنا أعتمد هنا علي الموسوعة الفلسطينية في سرد الوقائع الرئيسية لما حدث في هذه المذبحة الكبيرة, فقد دخل الجنود الإسرائيليون إلي دير ياسين تتقدمهم سيارة مصفحة تحمل مكبرا للصوت, وأخذ أحد الإسرائيليين يقول لأبناء القرية باللغة العربية: إنكم تواجهون قوة أكبر منكم, وهناك فرصة للهروب فاخرجوا من بيوتكم وأنقذوا أرواحكم.
وعندما صدق بعض سكان القرية هذا النداء وخرجوا من بيوتهم هاربين انهال عليهم الإسرائيليون بالرصاص فقتلوهم جميعا, أما الذين بقوا في بيوتهم ومعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ, فكان لابد من الإجهاز عليهم, فأخذ اليهود يلقون القنابل داخل البيوت فيدمرونها علي من فيها, وكانت الأوامر تقضي بتدمير كل بيت, وقتل كل من يتحرك, وببساطة كانت التعليمات تقضي بقتل كل عربي في دير ياسين, وقد استمرت العملية نحو عشر ساعات, وانتهت بأن قام اليهود بحفر قبر جماعي تم فيه دفن مائتين وخمسين جثة عربية معظمها للنساء والشيوخ والأطفال, وقد كتب القائد الميداني لهذه الحملة واسمه شيف في مذكراته عن هذا اليوم يقول: كان ذلك النهار يوم ربيع جميل رائع, وكانت أشجار اللوز قد اكتمل تفتح أزهارها, ولكن كانت تأتي من كل ناحية من القرية رائحة الموت الكريهة, ورائحة الدمار التي انتشرت في الشوارع ورائحة الجثث المتفسخة التي كنا ندفنها جماعيا في القبر.
وما جري في دير ياسين هو نفسه ما يجري في المذابح الأخري, فالإسرائيليون يكذبون ولا يخجلون أبدا من تكرار هذا الكذب, وهم يقولون دائما إنهم ينبهون المدنيين للابتعاد عن المواقع التي تتعرض للعمليات العسكرية, ولكن المدنيين العرب لا يستجيبون للنداء الإسرائيلي الرحيم, فتكون النتيجة هي سقوط هؤلاء المدنيين قتلي دون أن تكون هناك أي مسئولية علي إسرائيل التي نبهت وأنذرت, فلم يستمع أحد من العرب إلي التنبيه والإنذار, والحقيقة أن إسرائيل تتعمد أن تكذب لتبرر موقفها أمام الرأي العام الأوروبي والأمريكي, وهو للأسف الشديد رأي عام واقع تحت تأثير الإعلام الصهيوني, مما يجعل إقناعه بوجهة النظر الإسرائيلية من أسهل الأمور.
من ناحية أخري فإن إسرائيل تضع العراقيل في كل مذابحها ضد العرب أمام المؤسسات الدولية الإنسانية وعلي رأسها الصليب الأحمر, وقد علق جاك دي رينيه رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في فلسطين علي ما حدث في دير ياسين فكتب يقول: لم يرفض اليهود مساعدتي فحسب, وإنما رفضوا أن يتحملوا ما يمكن أن يحدث لي, وكان جميع المشاركين في المذبحة شبانا ومراهقين, ذكورا وإناثا, مدججين بالسلاح ومن بينه المسدسات والرشاشات والقنابل اليدوية, وكان القسم الأكبر منهم لا يزال ملطخا بالدماء وخناجرهم الكبيرة في أيديهم, وقامت فتاة جميلة تطفح عيناها بالجريمة بعرض يديها وهما تقطران دما, وكانت تحركهما بفخر واعتزاز كأنهما ميدالية حرب ذهبية!
بقي أن نقول إن قرية دير ياسين نفسها اختفت من الوجود وحلت محلها مستوطنة إسرائيلية اسمها جفعات شاؤول.