-
دخول

عرض كامل الموضوع : التطوع ينتعش بين شباب سورية بسبب حربي العراق ولبنان.


dot
08/08/2006, 01:23
يبدو العمل التطوعي مفردة حديثة لدى الشباب السوري الذي لم يكن ليعرفه لولا أحداث كبرى شهدتها دول مجاورة ودفعت بعشرات الآلاف الى الهرب نحو سورية بدءاً بالعراقيين الذين فروا إثر الغزو الاميركي العام 2003, وانتهاء بالنزوح اللبناني المتواصل منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية قبل نحو ثلاثة أسابيع.


ويعزو كثيرون تأخر هذا النوع من النشاط إلى غياب القنوات والآليات التي تتيح إنخراطهم فيه، كما يرى سليمان الخليل (25 سنة) الذي يقوم بعمل تطوعي في المدينة الجامعية في دمشق ضمن جهود مساعدة الأسر اللبنانية النازحة. ويضيف سليمان، وهو طالب في كلية الاعلام، أن كثيرين من زملائه يرغبون في مثل هذا النوع من الأعمال بصرف النظر عن الظرف الحالي المتعلق بالحرب، «لكن المشكلة كانت دوماً في البحث عن طريقة مع غياب أي جهة أو مؤسسة تتيح المجال لأعمال تطوعية تخدم المجتمع».
وتطوع سليمان مع حوالى 150 طالباً لتسهيل إيواء اللبنانيين الذين تستضيفهم ثلاث وحدات سكنية ضخمة ضمن المدينة الجامعية. والعمل المتواصل على مدى 24 ساعة يتناوب عليه الطلاب ويبدأ بتنظيم السكن ومعرفة احتياجات القادمين والمشكلات الصحية التي يعانونها وصولاً الى توزيع المواد الغذائية يومياً وغيرها من الأعمال التي لا تتطلب مهارات خاصة.
وتتكرر تلك الصورة في أمكنة كثيرة في دمشق ليصبح حضور الشباب المتطوع عنواناً يثير الفضول وخصوصاً أمام المقرات والأماكن التي يشرف عليها الهلال الأحمر السوري الأكثر تنظيماً واستقطاباً للشباب المتطوع. وفي حي أبو رمانة الدمشقي العريق، يلفت الازدحام الكبير أمام مكاتب الهلال الأحمر الانتباه الى عشرات المتطوعين الشباب وهم منهمكون بالحديث الى لبنانيين وصلوا للتو من المعبر الحدودي، أو يرشدون مواطنين سوريين يعرضون تقديم خدمات وتبرعات.
الأزمة الطاحنة في لبنان دفعت فرع الهلال الأحمر في دمشق لاستقبال حوالى 60 متطوعاً جديداً ليصبح مجموعهم 300 في العاصمة فقط، كما تقول منار درويش (28 سنة). وتتحدث عن تطوعها مشيرة الى أن حجم العمل لا يتيح استيعاب أكثر من ذلك العدد، فيما مئات يتقدمون للعمل التطوعي في ظل الأزمة الحالية. ويتوزع متطوعو الهلال الاحمر بين الحدود - حيث العمل الرئيسي وعلى مدار 24 ساعة - وبين مراكز الإيواء في دمشق، ويقدومون إسعافات وخدمات صحية وأدوية وأغذية إضافة الى نقل وتأمين الاتصالات الهاتفية بالأهل وتلقي التبرعات.
وتؤكد درويش التي تعمل مع الهلال الاحمر منذ أكثر من خمس سنوات إن نزوح اللبنانيين «بلور العمل التطوعي في سورية في شكل يعد سابقة»، آملة بأن تشكل الصورة التي يقدمها الناشطون في هذا المجال دعماً لتعميم التجربة. وتضيف: «سبق أن عملنا في مساعدة آلاف من العراقيين في مخيم التنف الحدودي، لكن الأمر مختلف هذه المرة لجهة حجم المؤازرة الشعبية والرسمية والتعاطف الهائل الذي نلقاه لدى المواطنين».
ويلمس عماد الدين طنطا (20 سنة) ذلك التقدير يومياً عبر نظرات يرمقه بها الآتون من لبنان أو السوريون الذين يصادفهم أثناء العمل. ويقول: «منذ أشهر قليلة فقط بدأت العمل مع الهلال الاحمر من خلال أحد الأصدقاء، وكان الأمر نوعاً من التسلية في البدء لكنه اختلف كثيراً بعدما بدأت أشعر بحجم المحبة التي يكنها لي أطفال معوّقون كنت مسؤولاً عن نقل بعض المساعدات إليهم أسبوعياً». ويضيف عماد الذي يدرس الحقوق في جامعة دمشق: «أشعر بالسعادة عندما أخدم المحتاجين للمساعدة مع أنني أعمل نحو 16 ساعة يومياً وفي الأزمة الحالية لم أنم في بيتي منذ أكثر من أسبوعين».
الشعور الإنساني وإدراك مغزى التكافل الاجتماعي محرك لشريحة عريضة من الشباب الذين وجدوا في تقديم جهودهم وخبراتهم فرصة مميزة. وتقول صفاء (24 عاماً) المتطوعة لدى «جمعية ندى الخيرية الاجتماعية» والمختصة بسلوك الطفل أنها تعمل اليوم مع الأطفال اللبنانيين النازحين لمساعدتهم على الخروج من الوضع النفسي القاسي الذي يعانون منه إثر مشاهد الحرب والدمار في بلادهم. وترى أن ذلك «واجب ديني وأخلاقي وإنساني، فيما تشير رندة طرابيشي المسؤولة في الجمعية الى وجود حوالى 50 متطوعاً لديها ازداد عددهم بعد الحرب على لبنان. وتتحدث عن «وعي متزايد بأهمية العمل التطوعي كما يظهر من خلال تضاعف عدد الجمعيات الخيرية خلال سنتين، فضلاً عن حجم التبرعات والمتبرعين».


المصدر: الحياة