dot
03/08/2006, 14:16
بعدما قصفت القوات “الإسرائيلية” مقر قوات حفظ السلام المؤقتة التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان وقتلت أربعة جنود، تراجعت فكرة إرسال قوات من حلف شمال الأطلسي بدلا من تلك القوات بعد فشل مؤتمر روما في التوافق على هذا الأمر، ولم يبق أمام المجتمع الدولي وبخاصة الإدارة الأمريكية سوى تكثيف الجهود الدبلوماسية لدعم اقتراحات سابقة لكوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة تقول بإرسال قوات دولية لحفظ السلام إلى لبنان. فما تجاربها؟ وما العقبات التي واجهتها؟ وما شروط نجاح عملها؟
تظهر تجربة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان UNIFIL عددا من الدروس اللافتة للراغبين في انشاء قوة جديدة تحل محلها. فقد تشكلت القوات المؤقتة في مارس/ آذار 1978 بعيد الاجتياح “الإسرائيلي” لجنوب لبنان. وشكلت الأمم المتحدة القوات المؤقتة للتأكد من انسحاب القوات “الإسرائيلية” واستعادة الأمن الدولي والتأكد من عودة سلطات الحكومة المركزية إلى جنوب لبنان، طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 425.
وقد فشلت هذه القوات المؤقتة في منع اجتياح “إسرائيل” للبنان عام 1982 وفي منع اعتداءات أخرى كبيرة في عامي 1993 و،1996 إضافة إلى فشلها في منع العدوان الجاري حاليا. وثمة أسباب عديدة لهذا الفشل من بينها:
لقد انشئت هذه القوات على عجالة باعتبارها مؤقتة، بهدف الحد من تأثير الأوضاع في لبنان في تبديل الجهود الأمريكية الرامية إلى استكمال وتوسيع عملية السلام بين مصر و”إسرائيل” التي كانت في ذلك الوقت ضبابية المعالم. ونتيجة لذلك، كانت هناك آثار سلبية متوقعة متعلقة بالشروط المرجعية والتعديلات التي تمَّ تجاهلها في ظل الإسراع بنشر القوات الدولية.
مبادئ تقليدية
عملت القوات المؤقتة طبقا للمبادئ التقليدية لقوات حفظ السلام: الحياد في النزاعات الناشئة وتقيَّدت في استخدام القوة بأهداف حفظ السلام، فلم تتعرض لأي خروق او اعتداء كانت تقوم به القوات “الإسرائيلية” ضد لبنان. افتقدت القوة البشرية اللازمة لتأمين جميع مناطق العمليات، وخلقت عدة فجوات في نشر قواتها رغم أن قوتها وصلت في حدودها القصوى الى 6 آلاف جندي ومراقب في حين يبلغ عديدها الآن 2000 جندي ومراقب فقط.
ورغم الفشل الذي منيت به، فثمة دروس يمكن الاستفادة منها لاحقا، فالحصول على الشروط المرجعية والتعديلات الخاصة بالقوات الدولية منذ البداية أمر مهم، حيث قد لا يكون هناك فرصة ثانية لتصحيح الأخطاء التي قد تنهي المهمة. وبحسب ما يتداول به حاليا فقد تحتاج القوة الدولية الجديدة لأن تكون أكبر وأكثر قوة من القوات الحالية، بحيث يصبح عديدها من 15 إلى 20 ألف جندي ومراقب.
كما يمكن الاستفادة من دروس لقوات حفظ سلام أخرى في الشرق الأوسط وأماكن أخرى من العالم. فمنذ قيام “إسرائيل” عام 1948 ثمة 7 عمليات حفظ سلام عربية “إسرائيلية”: خمس منها رعتها الأمم المتحدة، فيما الأخريان تضمنتا “قوات متعددة الجنسيات”. وقد فشلت عمليات كل من: منظمة الإشراف على الهدنة التابعة للأمم المتحدة UNTSO، وقوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة UNEF I، ثم القوات الموجودة الآن في لبنان UNIFIL، والتواجد الدولي المؤقت في الخليل TIPH. ويرجع ذلك إلى أنه لم يتم حل مصدر النزاع القائم في هذه الحالات قبل نشر القوات، ولأنها افتقدت مهام محددة والمقدرة على إرساء السلام.
أما القوات التي نجحت مهامها، فهي قوات مراقبي نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة في الجولان UNDOF، والقوات المتعددة الجنسيات والمراقبون في سيناء MFO. ويعزى نجاحها إلى أنها ضمّت أطرافا كانت مهتمة بحفظ السلام على حدودها المعروفة، وفي هذه الحالات كانت قوات حفظ السلام قادرة على المساعدة على تحقيق الأهداف المشتركة للأطراف. كما قامت الأمم المتحدة بعدة عمليات لحفظ السلام في أماكن أخرى مثل الصومال والبوسنة وكوسوفو، بينما قاد حلف الناتو عمليات حفظ سلام في البوسنة وكوسوفو. وأفرزت معظم هذه العمليات نتائج متباينة أبرزها ما حصل في الصومال والبوسنة اللتين كانتا بمثابة فشل ذريع منيت به الأمم المتحدة.
لتجاوز عمليات الفشل من التجارب السابقة ينبغي الأخذ بالاعتبار عدة امور من بينها: ان نجاح عمل قوات حفظ للسلام مرتبط بالاشراف على الترتيبات السياسية التي يمكن التوصل اليها، بمعنى ان محاولة التوصل لهذه الأهداف عبر القوة العسكرية أمر غير ممكن فتجربة الصومال وحتى تجربة القوة المتعددة الجنسيات في لبنان في العام 1982 ما زالت ماثلة في الأذهان.
في الحالات التي لم يتم التوصل فيها إلى ترتيبات سياسية، واجهت القوات الدولية اختيارين؛ إما أن يتم الزج بها في الصراعات والنزاعات القائمة؛ أو أن تبقى بعيدة عن الصراع ويتضمن ذلك عدم أدائها لمهمتها كما حصل لقوات اليونفيل في جنوب لبنان.
أما في عمليات فرض السلام، فغالبا ما تصبح القوات الدولية جزءاً لا يتجزأ من النظام السياسي الجديد، وعنصرا مهما في منع تكرار اندلاع العنف؛ ولهذا السبب تتحول عمليات فرض السلام إلى التزام مفتوح قد يبقى لعقود. الا ان هذا الأمر مرتبط بشروط واعتبارات كثيرة صعبة التحقق. فقوات حفظ السلام أو فشلها في لبنان يعتمد على عدد من العوامل أبرزها: البيئة السياسية والعمليات العسكرية، والمهام المكلفة بها، وكيفية تسليحها وتنظيمها وقيادتها.
فبالنسبة للبيئة السياسية والعمليات من أجل نجاح عملية حفظ السلام، ينبغي خلق الظروف السياسية والعسكرية الملائمة، ان من الجانب “الإسرائيلي” أو اللبناني قبل وصول القوات، كما يجب أن توافق الحكومة اللبنانية التي تضم حزب الله على وجود هذه القوات، وإلا فسيتم اعتبارها قوات احتلال تجب مقاومتها ومحاربتها، والفشل في تحقيق هذه الشروط المسبقة والمحافظة عليها طوال فترة المهمة سيضعف احتمالات نجاحها. وبصرف النظر عن نتائج المعركة الحالية فسيظل حزب الله قادراً على اطلاق الصواريخ وتنفيذ عملياته وبذلك سيعتبر فشلا ذريعا لهذه القوات منذ ولادتها. فضلا عن ذلك ورغم مطالبة “إسرائيل” بشكل قوي بقوة فرض للسلام، فان ظروف نجاحها مرتبطة أولاً وأخيراً بالتزامات يجب على “إسرائيل” تقديمها وبخاصة ما يتعلق بمطالب حزب الله لجهة الاسرى ومزارع شبعا والألغام وغيرها من القضايا ذات الصلة.
قوى فاعلة
وفي المقلب الآخر من هذه القضية ثمة قوتان لا يمكن تجاهلهما وهما ايران وسوريا. فدمشق تعارض كما هو مطروح توسيع عمل القوات ليشمل حدودها مع لبنان، فيما تعتبر “إسرائيل” والولايات المتحدة ان هذا الأمر يبدو حيويا لجهة ما تسميه ممرا لامداد حزب الله بالسلاح. اما بالنسبة لإيران فالأمر مماثل وعلى علاقة بجميع هذه الأمور ذات الصلة اضافة الى ملف البرنامج النووي.
المهام الرسمية: يجب أن تكون مهام قوات حفظ السلام واضحة وقابلة للتنفيذ، وربما يأتي ذلك في صورة قرار لمجلس الأمن يدعمه بيان من الجامعة العربية. وعلى الدول المشاركة في القوة أن تدرك أن مشاركتها تعني استعدادها لإلزام قواتها بخوض معارك ضد “إسرائيل” في حال اعتدائها على لبنان.
الهيكلية والعديد: يفترض أن تكون قوات حفظ السلام قوية بدرجة تكفي لمنع التحديات المفتوحة للقوات المسلحة اللبنانية ولسلطاتها. وقد يتطلب ذلك تشكيل قوات قوامها بين 15 الى 20 ألف جندي، تضم دروعا ومشاة وآخرين بمعدات آلية، ومدفعيات خفيفة، وقوات عمليات خاصة قادرة على تنفيذ عمليات مدنية وتقديم مساعدة خارجية للدفاع الداخلي وخوض المعارك ويمكن ان تكون من بين الدول المشاركة في هذه المهام فرنسا وتركيا وإيطاليا والبرازيل وباكستان والهند وألمانيا.
اضافة الى ذلك، ينبغي أن تكون القوات قادرة على مساعدة الحكومة اللبنانية على التعامل مع تحديات إعادة الإعمار. وينبغي أن تضم مهندسين مدنيين للمساعدة على إعادة إعمار الطرقات وإصلاح شبكات الكهرباء، إضافة إلى متخصصين في الشؤون المدنية لتقديم الدعم في مجال الصحة العامة والتعليم والإدارة المحلية وما شابه. كما ينبغي نشر الهيكل الأساسي لهذه القوات على جانبي الحدود الدولية بشكل متوازن لجهة المسافة والمساحة والعدد والعدة.
وفي أي حال من الأحوال، فإن نجاح عمل مثل هذه القوات ليس بالأمر الهين، فدونه عقبات سياسية وعسكرية كبيرة، وإن تجاوزها يعني تجاوز مسائل استراتيجية لجميع الأطراف المباشرة وغير المباشرة بدءاً ب”إسرائيل” وحزب الله مرورا بسوريا وانتهاء بإيران. فهل ستستطيع نتائج هذا العدوان فرض الشروط والشروط المضادة على تكوين البيئة السياسية لإيجاد مدخل للحل ومنها قوات حفظ السلام؟ سؤال برسم الاجابة لمن في يده القرار.
د. خليل حسين
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
تظهر تجربة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان UNIFIL عددا من الدروس اللافتة للراغبين في انشاء قوة جديدة تحل محلها. فقد تشكلت القوات المؤقتة في مارس/ آذار 1978 بعيد الاجتياح “الإسرائيلي” لجنوب لبنان. وشكلت الأمم المتحدة القوات المؤقتة للتأكد من انسحاب القوات “الإسرائيلية” واستعادة الأمن الدولي والتأكد من عودة سلطات الحكومة المركزية إلى جنوب لبنان، طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 425.
وقد فشلت هذه القوات المؤقتة في منع اجتياح “إسرائيل” للبنان عام 1982 وفي منع اعتداءات أخرى كبيرة في عامي 1993 و،1996 إضافة إلى فشلها في منع العدوان الجاري حاليا. وثمة أسباب عديدة لهذا الفشل من بينها:
لقد انشئت هذه القوات على عجالة باعتبارها مؤقتة، بهدف الحد من تأثير الأوضاع في لبنان في تبديل الجهود الأمريكية الرامية إلى استكمال وتوسيع عملية السلام بين مصر و”إسرائيل” التي كانت في ذلك الوقت ضبابية المعالم. ونتيجة لذلك، كانت هناك آثار سلبية متوقعة متعلقة بالشروط المرجعية والتعديلات التي تمَّ تجاهلها في ظل الإسراع بنشر القوات الدولية.
مبادئ تقليدية
عملت القوات المؤقتة طبقا للمبادئ التقليدية لقوات حفظ السلام: الحياد في النزاعات الناشئة وتقيَّدت في استخدام القوة بأهداف حفظ السلام، فلم تتعرض لأي خروق او اعتداء كانت تقوم به القوات “الإسرائيلية” ضد لبنان. افتقدت القوة البشرية اللازمة لتأمين جميع مناطق العمليات، وخلقت عدة فجوات في نشر قواتها رغم أن قوتها وصلت في حدودها القصوى الى 6 آلاف جندي ومراقب في حين يبلغ عديدها الآن 2000 جندي ومراقب فقط.
ورغم الفشل الذي منيت به، فثمة دروس يمكن الاستفادة منها لاحقا، فالحصول على الشروط المرجعية والتعديلات الخاصة بالقوات الدولية منذ البداية أمر مهم، حيث قد لا يكون هناك فرصة ثانية لتصحيح الأخطاء التي قد تنهي المهمة. وبحسب ما يتداول به حاليا فقد تحتاج القوة الدولية الجديدة لأن تكون أكبر وأكثر قوة من القوات الحالية، بحيث يصبح عديدها من 15 إلى 20 ألف جندي ومراقب.
كما يمكن الاستفادة من دروس لقوات حفظ سلام أخرى في الشرق الأوسط وأماكن أخرى من العالم. فمنذ قيام “إسرائيل” عام 1948 ثمة 7 عمليات حفظ سلام عربية “إسرائيلية”: خمس منها رعتها الأمم المتحدة، فيما الأخريان تضمنتا “قوات متعددة الجنسيات”. وقد فشلت عمليات كل من: منظمة الإشراف على الهدنة التابعة للأمم المتحدة UNTSO، وقوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة UNEF I، ثم القوات الموجودة الآن في لبنان UNIFIL، والتواجد الدولي المؤقت في الخليل TIPH. ويرجع ذلك إلى أنه لم يتم حل مصدر النزاع القائم في هذه الحالات قبل نشر القوات، ولأنها افتقدت مهام محددة والمقدرة على إرساء السلام.
أما القوات التي نجحت مهامها، فهي قوات مراقبي نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة في الجولان UNDOF، والقوات المتعددة الجنسيات والمراقبون في سيناء MFO. ويعزى نجاحها إلى أنها ضمّت أطرافا كانت مهتمة بحفظ السلام على حدودها المعروفة، وفي هذه الحالات كانت قوات حفظ السلام قادرة على المساعدة على تحقيق الأهداف المشتركة للأطراف. كما قامت الأمم المتحدة بعدة عمليات لحفظ السلام في أماكن أخرى مثل الصومال والبوسنة وكوسوفو، بينما قاد حلف الناتو عمليات حفظ سلام في البوسنة وكوسوفو. وأفرزت معظم هذه العمليات نتائج متباينة أبرزها ما حصل في الصومال والبوسنة اللتين كانتا بمثابة فشل ذريع منيت به الأمم المتحدة.
لتجاوز عمليات الفشل من التجارب السابقة ينبغي الأخذ بالاعتبار عدة امور من بينها: ان نجاح عمل قوات حفظ للسلام مرتبط بالاشراف على الترتيبات السياسية التي يمكن التوصل اليها، بمعنى ان محاولة التوصل لهذه الأهداف عبر القوة العسكرية أمر غير ممكن فتجربة الصومال وحتى تجربة القوة المتعددة الجنسيات في لبنان في العام 1982 ما زالت ماثلة في الأذهان.
في الحالات التي لم يتم التوصل فيها إلى ترتيبات سياسية، واجهت القوات الدولية اختيارين؛ إما أن يتم الزج بها في الصراعات والنزاعات القائمة؛ أو أن تبقى بعيدة عن الصراع ويتضمن ذلك عدم أدائها لمهمتها كما حصل لقوات اليونفيل في جنوب لبنان.
أما في عمليات فرض السلام، فغالبا ما تصبح القوات الدولية جزءاً لا يتجزأ من النظام السياسي الجديد، وعنصرا مهما في منع تكرار اندلاع العنف؛ ولهذا السبب تتحول عمليات فرض السلام إلى التزام مفتوح قد يبقى لعقود. الا ان هذا الأمر مرتبط بشروط واعتبارات كثيرة صعبة التحقق. فقوات حفظ السلام أو فشلها في لبنان يعتمد على عدد من العوامل أبرزها: البيئة السياسية والعمليات العسكرية، والمهام المكلفة بها، وكيفية تسليحها وتنظيمها وقيادتها.
فبالنسبة للبيئة السياسية والعمليات من أجل نجاح عملية حفظ السلام، ينبغي خلق الظروف السياسية والعسكرية الملائمة، ان من الجانب “الإسرائيلي” أو اللبناني قبل وصول القوات، كما يجب أن توافق الحكومة اللبنانية التي تضم حزب الله على وجود هذه القوات، وإلا فسيتم اعتبارها قوات احتلال تجب مقاومتها ومحاربتها، والفشل في تحقيق هذه الشروط المسبقة والمحافظة عليها طوال فترة المهمة سيضعف احتمالات نجاحها. وبصرف النظر عن نتائج المعركة الحالية فسيظل حزب الله قادراً على اطلاق الصواريخ وتنفيذ عملياته وبذلك سيعتبر فشلا ذريعا لهذه القوات منذ ولادتها. فضلا عن ذلك ورغم مطالبة “إسرائيل” بشكل قوي بقوة فرض للسلام، فان ظروف نجاحها مرتبطة أولاً وأخيراً بالتزامات يجب على “إسرائيل” تقديمها وبخاصة ما يتعلق بمطالب حزب الله لجهة الاسرى ومزارع شبعا والألغام وغيرها من القضايا ذات الصلة.
قوى فاعلة
وفي المقلب الآخر من هذه القضية ثمة قوتان لا يمكن تجاهلهما وهما ايران وسوريا. فدمشق تعارض كما هو مطروح توسيع عمل القوات ليشمل حدودها مع لبنان، فيما تعتبر “إسرائيل” والولايات المتحدة ان هذا الأمر يبدو حيويا لجهة ما تسميه ممرا لامداد حزب الله بالسلاح. اما بالنسبة لإيران فالأمر مماثل وعلى علاقة بجميع هذه الأمور ذات الصلة اضافة الى ملف البرنامج النووي.
المهام الرسمية: يجب أن تكون مهام قوات حفظ السلام واضحة وقابلة للتنفيذ، وربما يأتي ذلك في صورة قرار لمجلس الأمن يدعمه بيان من الجامعة العربية. وعلى الدول المشاركة في القوة أن تدرك أن مشاركتها تعني استعدادها لإلزام قواتها بخوض معارك ضد “إسرائيل” في حال اعتدائها على لبنان.
الهيكلية والعديد: يفترض أن تكون قوات حفظ السلام قوية بدرجة تكفي لمنع التحديات المفتوحة للقوات المسلحة اللبنانية ولسلطاتها. وقد يتطلب ذلك تشكيل قوات قوامها بين 15 الى 20 ألف جندي، تضم دروعا ومشاة وآخرين بمعدات آلية، ومدفعيات خفيفة، وقوات عمليات خاصة قادرة على تنفيذ عمليات مدنية وتقديم مساعدة خارجية للدفاع الداخلي وخوض المعارك ويمكن ان تكون من بين الدول المشاركة في هذه المهام فرنسا وتركيا وإيطاليا والبرازيل وباكستان والهند وألمانيا.
اضافة الى ذلك، ينبغي أن تكون القوات قادرة على مساعدة الحكومة اللبنانية على التعامل مع تحديات إعادة الإعمار. وينبغي أن تضم مهندسين مدنيين للمساعدة على إعادة إعمار الطرقات وإصلاح شبكات الكهرباء، إضافة إلى متخصصين في الشؤون المدنية لتقديم الدعم في مجال الصحة العامة والتعليم والإدارة المحلية وما شابه. كما ينبغي نشر الهيكل الأساسي لهذه القوات على جانبي الحدود الدولية بشكل متوازن لجهة المسافة والمساحة والعدد والعدة.
وفي أي حال من الأحوال، فإن نجاح عمل مثل هذه القوات ليس بالأمر الهين، فدونه عقبات سياسية وعسكرية كبيرة، وإن تجاوزها يعني تجاوز مسائل استراتيجية لجميع الأطراف المباشرة وغير المباشرة بدءاً ب”إسرائيل” وحزب الله مرورا بسوريا وانتهاء بإيران. فهل ستستطيع نتائج هذا العدوان فرض الشروط والشروط المضادة على تكوين البيئة السياسية لإيجاد مدخل للحل ومنها قوات حفظ السلام؟ سؤال برسم الاجابة لمن في يده القرار.
د. خليل حسين
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية