Tamy
01/08/2006, 16:55
لأنه لا يراني
بقلم القاصة السورية لبنى ياسين
سأقص شعري...نعم سأقصه, و ليذهب و رأيه و استبداده إلى أعماق الجحيم , كلما ذكرت ذلك أمامه استشاط غضبا ... و صرخ و ارعد و أزبد , ما زال يراني طفلة , لا يدرك أن قسوته و الزمن فعلا بي فعل الشمس بالثمرة الفجة ... أنضجاني ... حررا المرأة في داخلي فأطلت برأسها من صدري و غزت نارها محاجر عيني ... كل من حولي أحس بالتغيرات التي طرأت علي ... إلا هو ... لا يريد أن يرى إلا طفلة تزوجها منذ بضع عشر سنة ... و أنا لم اعد تلك الطفلة التي كان يلتهم عشاءه ممزوجا بملح كبريائها ... لا يريد أن يشعر بالأنثى التي في داخلي ... يريد أن يغتالها فأظل طفلة ملك يمينه ... لا يعجبه كبرياء المرأة الذي انساب في داخلي ... و صبغ كل خلية من خلاياي و كل جارحة من جوارحي ... لم يعد بإمكاني أن أبقى طفلة ... لا أستطيع ... ما زال يصر على بقاء شعري طويلا ... يظن انه بإصراره هذا سيسجنني على أبواب طفولتي ... بت امقت شعري بعد أن كنت اعشقه و أنا في مقتبل العمر حين كنت انثره على ظهري رداءاً , فينساب شلال جمال اسود يخفي معالم ظهري , فامشي في الحي مختالة كطاووس و أنا اشعر بالنظرات تتكسر على انسيابه المرن , و تنزلق على طوله , لتتساقط عن آخره مذيلة بكلمات الإطراء المعسولة , فاكاد ألامس حواف السماء تيها , لكنني الآن امقته ... نعم امقته ... انه يذكرني باستبداده ... بتجميده لي على ضفاف الطفولة ... و يعلمني بأنه لا يراني ... لا يدرك أي امرأة أنا .
عندما كنت صغيرة , كنت املك روحا مضيئة متمردة , لم تكن تقبع داخلي أبدا ... كنا نتسابق أنا و هي على دروب اللهفة حتى حدود الغمام ... لم يحدث أن سبقتها قط , كانت تتوق إلى المجهول و تهرب باتجاهه , كانت متمردة حقا ... عنيدة ... وثابة , لكنه مذ تزوجني أطبق كف سطوته حول عنق تمردي و حبس روحي هناك إلى الأبد.
لا احب قولبته لي في قالب يريده هو , و اجتثاثه لما يطفو مني فوق ذاك القالب ... سأقص شعري و لو كان طلاقي منه ثمنا لذلك ...الآن حتما سأقصه.
ارتديت ثيابي على عجل و قد اعتمل التصميم في داخلي , و طفقت خارجة من منزلي باتجاه محل الحلاقة النسائية , ترددت في البدء عند اجتياز بابه المزين بصور النساء ذوات الشعر القصير , خوفا من أن ينهمر غضبه وابل صراخ مجنون يرعبني... يمزقني ... كم يفزعني غضبه ... لكن لا ... يجب أن يعلم أني نضجت ... عليه أن يحس أنني الآن ند لرجولته و عناده ... لم اعد طفلة .
خرجت من محل الحلاقة و قد أزحت عبئا عن كاهل رأسي و قلبي ... فقدت معظم طول شعري ... و ما تبقى منه لا يتجاوز الكتفين ... رميت ورائي شعري و طفولتي في لحظة واحدة ... أتخيل كم سيكون غضبه مدويا ... فيختلج قلبي .
وصلت داري ... لم يكن قد وصل بعد , فانبريت احضر له طعام الغذاء على اكمل وجه يحبه ... احسن وجه على الإطلاق ... فسبب واحد لإغضابه كافٍ تماما ليوم واحد .
سمعت صوت قدميه على الدرج , بدأت أنفاسي تتحشرج في صدري في شجار للانبثاق السريع و التحرر من فتحتي انفي , بدأتُ ارتعد كريشة في مهب رياح عاتية , لكنني سأواجهه ... لن يشعر بخوفي أو بضعفي هذه المرة , سأقف في وجهه ... لن اختبئ كعادتي تحت اللحاف ... تحاشيا لغضبه الذي ينتزع فتيل الأمان من حياتي بقسوة , سيرى أخيرا أي تغيير طرأ علي ... لا اقصد شعري بالطبع ... شعري عنوان الكتاب , و سيجبره ذلك العنوان على فهم المحتوى .
ادخل المفتاح في قفل الباب و أداره , بينما كانت تتقاذفني مشاعر الخوف و التردد ممزوجة بالتصميم و الحزم , تحركت ضلفة الباب و انبثق أمامي بجسده الضخم... لم استطع النظر في عينيه , انتابني ذعر شديد فتجمدت في مكاني دون حراك و اعتراني صقيع غشي جسدي بكامله فرحت ارتجف , نظر الي ... جال بعينيه فوق خارطة جسدي , و بعد لحظات من الصمت الموبوء نطق قائلا : ماذا طبخت للغذاء؟؟؟؟؟؟
بقلم القاصة السورية لبنى ياسين
سأقص شعري...نعم سأقصه, و ليذهب و رأيه و استبداده إلى أعماق الجحيم , كلما ذكرت ذلك أمامه استشاط غضبا ... و صرخ و ارعد و أزبد , ما زال يراني طفلة , لا يدرك أن قسوته و الزمن فعلا بي فعل الشمس بالثمرة الفجة ... أنضجاني ... حررا المرأة في داخلي فأطلت برأسها من صدري و غزت نارها محاجر عيني ... كل من حولي أحس بالتغيرات التي طرأت علي ... إلا هو ... لا يريد أن يرى إلا طفلة تزوجها منذ بضع عشر سنة ... و أنا لم اعد تلك الطفلة التي كان يلتهم عشاءه ممزوجا بملح كبريائها ... لا يريد أن يشعر بالأنثى التي في داخلي ... يريد أن يغتالها فأظل طفلة ملك يمينه ... لا يعجبه كبرياء المرأة الذي انساب في داخلي ... و صبغ كل خلية من خلاياي و كل جارحة من جوارحي ... لم يعد بإمكاني أن أبقى طفلة ... لا أستطيع ... ما زال يصر على بقاء شعري طويلا ... يظن انه بإصراره هذا سيسجنني على أبواب طفولتي ... بت امقت شعري بعد أن كنت اعشقه و أنا في مقتبل العمر حين كنت انثره على ظهري رداءاً , فينساب شلال جمال اسود يخفي معالم ظهري , فامشي في الحي مختالة كطاووس و أنا اشعر بالنظرات تتكسر على انسيابه المرن , و تنزلق على طوله , لتتساقط عن آخره مذيلة بكلمات الإطراء المعسولة , فاكاد ألامس حواف السماء تيها , لكنني الآن امقته ... نعم امقته ... انه يذكرني باستبداده ... بتجميده لي على ضفاف الطفولة ... و يعلمني بأنه لا يراني ... لا يدرك أي امرأة أنا .
عندما كنت صغيرة , كنت املك روحا مضيئة متمردة , لم تكن تقبع داخلي أبدا ... كنا نتسابق أنا و هي على دروب اللهفة حتى حدود الغمام ... لم يحدث أن سبقتها قط , كانت تتوق إلى المجهول و تهرب باتجاهه , كانت متمردة حقا ... عنيدة ... وثابة , لكنه مذ تزوجني أطبق كف سطوته حول عنق تمردي و حبس روحي هناك إلى الأبد.
لا احب قولبته لي في قالب يريده هو , و اجتثاثه لما يطفو مني فوق ذاك القالب ... سأقص شعري و لو كان طلاقي منه ثمنا لذلك ...الآن حتما سأقصه.
ارتديت ثيابي على عجل و قد اعتمل التصميم في داخلي , و طفقت خارجة من منزلي باتجاه محل الحلاقة النسائية , ترددت في البدء عند اجتياز بابه المزين بصور النساء ذوات الشعر القصير , خوفا من أن ينهمر غضبه وابل صراخ مجنون يرعبني... يمزقني ... كم يفزعني غضبه ... لكن لا ... يجب أن يعلم أني نضجت ... عليه أن يحس أنني الآن ند لرجولته و عناده ... لم اعد طفلة .
خرجت من محل الحلاقة و قد أزحت عبئا عن كاهل رأسي و قلبي ... فقدت معظم طول شعري ... و ما تبقى منه لا يتجاوز الكتفين ... رميت ورائي شعري و طفولتي في لحظة واحدة ... أتخيل كم سيكون غضبه مدويا ... فيختلج قلبي .
وصلت داري ... لم يكن قد وصل بعد , فانبريت احضر له طعام الغذاء على اكمل وجه يحبه ... احسن وجه على الإطلاق ... فسبب واحد لإغضابه كافٍ تماما ليوم واحد .
سمعت صوت قدميه على الدرج , بدأت أنفاسي تتحشرج في صدري في شجار للانبثاق السريع و التحرر من فتحتي انفي , بدأتُ ارتعد كريشة في مهب رياح عاتية , لكنني سأواجهه ... لن يشعر بخوفي أو بضعفي هذه المرة , سأقف في وجهه ... لن اختبئ كعادتي تحت اللحاف ... تحاشيا لغضبه الذي ينتزع فتيل الأمان من حياتي بقسوة , سيرى أخيرا أي تغيير طرأ علي ... لا اقصد شعري بالطبع ... شعري عنوان الكتاب , و سيجبره ذلك العنوان على فهم المحتوى .
ادخل المفتاح في قفل الباب و أداره , بينما كانت تتقاذفني مشاعر الخوف و التردد ممزوجة بالتصميم و الحزم , تحركت ضلفة الباب و انبثق أمامي بجسده الضخم... لم استطع النظر في عينيه , انتابني ذعر شديد فتجمدت في مكاني دون حراك و اعتراني صقيع غشي جسدي بكامله فرحت ارتجف , نظر الي ... جال بعينيه فوق خارطة جسدي , و بعد لحظات من الصمت الموبوء نطق قائلا : ماذا طبخت للغذاء؟؟؟؟؟؟