-
دخول

عرض كامل الموضوع : قوة الرأي العام/حكم البابا


فاوست
31/07/2006, 23:52
حكم البابا (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)

رغم أن اسرائيل تعيش حالة حرب، وتتلقى مدنها ومستوطناتها صواريخ حزب الله يومياً، لم أسمع أحداً يخون الألفي اسرائيلي الذين تظاهروا في تل أبيت معترضين على الحرب الهمجية التي تشنها اسرائيل ضد لبنان، ولم تتصدى لهم الشرطة الاسرائيلية بالعصي والغاز المسيل للدموع، ولم يعتقل النائب في الكنيست الاسرائيلي -الفلسطيني الأصل- عزمي بشارة، لأنه ظهر على كل الشاشات العربية، وأخذ راحته الكاملة بالتنديد بسياسة حكومة اسرائيل العدوانية، رغم أنه عضو في البرلمان الذي أعطى الثقة لهذه الحكومة، ولم يطالب أحد بطرده من الكنيست وتجريمه ومعاقبته، واستراتيجية العرب بمن فيهم حزب الله تعتمد كلياً -الآن كما دائماً وفي كل حرب خاضوها- على تطويل أمد الحرب، كي يتحرك الرأي العام الاسرائيلي، مطالباً حكومته بوقف الحرب، لأنه لايريد العيش في الملاجئ، وأكثر ماتخشاه حكومة اسرائيل في كل حرب تخوضها مع العرب هو الرأي العام لديها، لأنها تعرف أن باستطاعة هذا الرأي العام ليس فقط الضغط عليها لايقاف أية حرب، وإنما أيضاً بمقدوره اسقاطها.

العرب يعرفون هذه الحقيقة جيداً، ولكنهم باعتبارهم أكثر الشعوب إبداعاً في اختراع ألفاظ وصيغ التعزية والتسرية عن النفس، التي تكاد تقنع أهل الميت بأنه أكثر حياة منهم، وباعتبارهم أخصائيين في تجميل الهزائم وتلطيفها وتعطيرها، إلى الحد الذي سموا فيه كبرى هزائم العرب التي تمثلت بإعلان دولة اسرائيل عام 1948 نكبة، وهو لفظ يناسب فقدان موظف راتبه الشهري ليس أكثر، وأطلقوا على هزيمة جيشين عربيين لدولتي المواجهة الوحيدتين مع اسرائيل عام 1967نكسة، وهو لفظ يليق بعائلة تصدم برسوب ابنها في البكلوريا ليس أكثر، هؤلاء العرب وجدوا أن أفضل تفسير لقوة الرأي العام الاسرائيلي، وسيطرته وسطوته، وخوف كل حكومات اسرائيل منه، هو أن الاسرائيليين شعب جبان، يعيش على نصيحة ماري أنطوانيت فيأكل الكاتو بدلاً من الخبز، ولايتحمل الحروب ولا العيش في الملاجئ، وأي حرب طويلة قادرة على اجبار الاسرائيليين على ترك منازلهم والهجرة خارج اسرائيل.

أحد أهم مشاكل العرب أنهم لايعترفون برأي عام في بلادهم، ومنعاً لتكونه أو ظهوره ازدهرت السجون السياسية في كل البلاد العربية، باعتبارها مع ثروات المسؤولين الشيئين الوحيدين اللذان حققا ازدهاراً في كل الوطن العربي، وخلال خمسين عاماً من الصراع مع العدو الاسرائيلي، لم تخرج مظاهرة في العالم العربي، حتى لو كانت من أجل فلسطين، إلاّ إذا كانت تخدم سياسات معلنة أو خفية للأنظمة العربية، وعاش الشعب العربي كله في الملاجئ الحقيقية أو الرمزية دون أن يفكر في الاعتراض، ولم تسقط أقسى الهزائم التي عاشها العرب أية حكومة عربية، أو تزحزح حتى المسؤولين من درجات متدنية من أماكنهم، أو تنهي مستقبلاً سياسياً لأي ذي منصب عربي، في حين يمكن لفضيحة تحرش جنسي أو رشوة أن تنهي مستقبلاً سياسياً لأي مسؤول اسرائيلي، بل بالعكس فكل المسؤولين عن الهزائم العربية ثبتوا في مناصبهم، إن لم يترقوا إلى مناصب أعلى وأكثر صلة بالقرار.

واليوم يكرر العرب تجاهلهم للرأي العام العربي في الحرب الوحشية التي تشنها اسرائيل على لبنان، فأي كلام أو انتقاد للتوقيت الذي اختاره حزب الله لخطف الجنديين الاسرائيليين، وأي تساؤل يوجه لهذا الحزب عما إذا كان قد وضع في اعتباره ردة الفعل الاسرائيلية أو الظروف العربية والدولية، يتحول أصحابه إلى خونه ومتخاذلين وانهزاميين، وتبحث لهم عن ارتباطات بوكالة المخابرات الأمريكية والموساد الاسرائيلي، ويبحث في أرصدتهم عن المبالغ التي حولتها السعودية لهم، ويطالب بمحاكمتهم باعتبارهم خونة وعملاء ومرتزقة، مع أن الذين يجب أن يحاكموا هم كل القادة العرب المسؤولين الحقيقيين عن هزائم العرب، الذين لم يحاربوا إلا في التلفزيونات، وأهم الفرق التي قادوها هي فرق الدبكة، وكل انتصاراتهم التي حققوها كانت في ساحات الاسكتشات الغنائية.

كوننا في حالة حرب لا يعني بالضرورة أن نلغي التفكير، ونمنح العقل إجازة بلا راتب، ونؤجل مناقشة مصيرنا المهدد، والتخوين سهل، لكن الصعب فعلاً هو تحقيق انتصار جدي على اسرائيل، فقد سئمنا من الانتصارات الاعلامية، ومن البطولات الوهمية، ومن ازدياد مساحات مقابر الشهداء في مقابل تقلص مساحة الأرض العربية والتفكير العربي، والحرية في البلاد العربية والتي بدونها لن نحقق أي انتصار حتى لو كان خصمنا في المواجهة جزر الكناري وليس اسرائيل، وأرجوكم تساءلوا معي لو كان الدمار الذي حل بلبنان قد حل باسرائيل، ماالذي كان سيحدث!!؟