-
دخول

عرض كامل الموضوع : الأخ غريب الدار .. تفاصيل سرقيا تيل ....


minime1967
07/04/2005, 19:34
صبحي حديدي


في أواخر الشهر الماضي، أيلول (سبتمبر)، عقد وزير المالية السوري محمد الحسين لقاء صحفياً ‏واسع النطاق، غير مسبوق أو بالأحرى غير

معهود في تاريخ وزارة كهذه، مع مراسلي الصحف ‏المحلية والعربية والعالمية. واكتسب اللقاء أهميته من اعتبارات ثلاثة: أنّ الوزير عضو في ‏القيادة القطرية، ورئيس المكتب الإقتصادي القطري، ومن الجيل «الشاب» الذي واكب ترقية ‏بشار الأسد في الميدان الحزبي، ومن مواليد محافظة دير الزور الشرقية النائية غير المعروفة ‏بتعاطفها مع النظام؛ وأنّ اللقاء، ضمن الاعتبار الثاني، عُقد في مقرّ دار البعث بما يوحي ‏توجيه رسالة مفادها أنّ الوزير ـ الرفيق يتمتّع بدعم قيادة الحزب أيضاً؛ وأخيراً، أنّ الهدف ‏الرئيسي من اللقاء كان شرح مبادىء «التعاون» و«الشفافية» و«الصدق» التي تعتمدها ‏الوزارة مع الوفد الأمريكي القادم للتفتيش على المصرف التجاري السوري، بحثاً عن تبييض ‏أموال أو ودائع عراقية أو سواها من التفاصيل التي يستدعي «قانون محاسبة سورية» ‏التدقيق فيها.‏

ولقد كان الوزير مفوّهاً ذرب اللسان متباهياً في كلّ ما طُرح عليه من أسئلة، ما عدا ذلك ‏السؤال الوحيد الذي تجاهله تماماً وكأنّ أحداً لم يطرحه في الأساس: ما حكاية انقلاب شركتَي ‏الهاتف الخليوي «سيرياتيل» و«سبيستيل»، لصاحبهما الأشهر من نار على علم رامي مخلوف، من ‏شركتَي ‏BOT‏ (أي بناء ـ تشغيل ـ انتقال ملكية) إلى شركتين مساهمتين تطرحان الأسهم للبيع ‏على الجمهور، قبل أو دونما سوق أسهم؟ المحتوى الآخر للسؤال ذاته كان يفيد التالي: هل ‏تنازلت الدولة عن حقّها في امتلاك الشركتَين بعد انتهاء مدّة العقد؟ وكيف، نكتشف، ويكتشف ‏الجمهور السوري، الآن فقط أنّ المدّة هذه ليست ثماني سنوات كما نعرف ويعرف الجميع، بل هي ‏‏51 سنة بالتمام والكمال... هذا إذا وافق رامي مخلوف على ردّ ما للدولة إلى الدولة!‏

بالطبع، «طنّش» الوزير ـ الرفيق عن هذا السؤال لأنّ أملاك ومشاريع وأنشطة رامي مخلوف ‏كانت وتظلّ فوق القانون، ويحدث أحياناً أن تكون صانعة للقوانين أو معدّلة لها أو ضاربة بها ‏عرض الحائط (كما حين أصدرت محكمة البداية المدنية في دمشق حكمها بتحويل ملكية 750 ألف ‏سهم من مجموعة نجيب ساويريس إلي مجموعة رامي مخلوف، أو حين خضع وزير المواصلات، الإتصال ‏والتقانة حالياً، بشير المنجد وطوى قراراً بمنع شركتَي الخليوي من تحويل أموالهما إلى الخارج ‏دون إذن من الوزارة، أو حين بدا أنّ كلّ قوانين الأرض لا تحفظ حقّ آل سنقر في وكالة مرسيدس ‏التي ضرب رامي مخلوف عينه عليها...). ولقد «طنّش» الوزير ـ الرفيق محمد الحسين لأنّ رامي ‏مخلوف يمثّل التجسيد العملي الأعلى للبنية الريعية التي تضخّ أموال الفساد إلى حسابات ‏الفاسدين، من أعلى الهرم وحتى أسفل سافله!‏

ولعلّ البعض يتذكّر الفقرة التي خصّت رامي مخلوف في حديث بشار الأسد إلى صحيفة «نيويورك ‏تايمز" الأمريكية، قبل أقلّ من عام. الصحافي الأمريكي طرح سؤالاً مباشراً عن فساد الذين «من ‏حول» الرئيس، فردّ الأسد بسؤال مضادّ: «لماذا من حولي؟ ماذا تقصد بعبارة من حولي»؟ ولم ‏يتردد الأمريكي بالطبع، فأشار إلى إبن خال الرئيس صاحب عقد الهاتف الخليوي، وتابع بأنّ ‏‏«اللائحة طويلة». آنذاك أجاب الأسد كما يلي، في وصف رامي مخلوف: «إنه سوري مثل أيّ سوري، ‏وسواء أكان ابن خالي، أم أخي، أم صديقي، أم أيّ شخص آخر، هنالك قانون سوري»!‏

دون ريب، دون ريب! أهذا، من جديد، هو «القانون» الذي وضع رجلاً مثل رياض سيف خلف ‏القضبان، لأنه كشف عجائب عقد الخليوي؟ أبسبب روحية ذلك القانون أن الأسد ألمح، في الحديث ‏ذاته، إلى أنّ سيف موجود في السجن بسبب تهرّبه من دفع الضرائب؟ وهل أنّ يقين الأسد بأنّ ‏سورية باتت أشبه بمزرعة في قبضة مافيات النهب والفساد، هو الذي دفعه إلى حذف هذه ‏المفردة بالذات، "المزرعة"، من النصّ الذي نشرته وكالة الأنباء السورية «سانا»؟ في النصّ ‏الإنكليزي يقول الأسد: «هذه ليست مزرعة. هذه دولة. ولا تستطيع تبسيط الأمر كثيراً». وأمّا ‏في النصّ العربي الذي نشرته الصحف السورية، فإنه يقول: «نحن نتحدث عن دولة. لا يمكنك أن ‏تجعل الأمور بهذه البساطة»!‏

لكنّ الوزير ـ الرفيق محمد الحسين أخذ الأمور بهذه البساطة، بالضبط، حين «طنّش» السؤال عن ‏آخر فتوحات الإمبراطورية المالية والاستثمارية التي يقف على رأسها إبن خال الرئيس، وكان ‏بذلك يقتدي بالرئيس، وبقيادة الحزب، وقيادة الدولة، من أعلى الهرم وحتى أسفل سافله كما ‏أسلفنا القول. وهذا الرفيق ـ الوزير هو نموذج الوزراء الذين أبقى عليهم الأسد في ‏التعديل الوزاري الأخير، والذي شمل ثماني وزارات بينها الداخلية والاقتصاد والإعلام. وهذا، ‏لمَن لا يهوى السفسطة وتحميل الظواهر أكثر بكثير ممّا تحتمل، يكفي بذاته وفي حدّ ذاته لتقدير ‏‏«آفاق التغيير» التي تنطوي عليها حكومة محمد ناجي العطري ـ 2.‏

وخذوا، في برهان ثانٍ سهل الهضم وساطع الحجّة في آن معاً، مثال وزير الصناعة الجديد غسان ‏طيّارة: هذا رجل شغل موقع نقيب المهندسين طيلة 20 سنة، ليس لأنّ مهندسي سورية يهيمون به ‏إعجاباً، وليس لأنه انتُخب (حتى بمعنى انتخابات حزب البعث الأقرب إلى المهازل)، بل لأنه عُيّن ‏تعييناً بقرار من القيادة القطرية للحزب الحالكم، بعد حلّ نقيب ومجلس نقابة المهندسين في ‏عام 1980، إثر التحرّك الشعبي والمهني الواسع ضدّ النظام. ألم تجد الرئاسة خيراً من هذا ‏السجلّ، ومن هذا الرجل؟ أهؤلاء هم رجال التغيير ـ 4 (إذا احتسبنا وزارات محمد مصطفى ميرو ‏ـ 1، وميرو ـ 2، ومحمد ناجي العطري ـ 1، والعطري ـ 2)؟

أو خذوا، في مثال ثالث وأخير، حال وزارة الإقتصاد: في دورة التغيير ميرو ـ 2، ذهب الوزير ‏المزمن محمد العمادي، الذي تربّع على عرش الوزارة قرابة 51 سنة، وجاء بدلاً منه الدكتور ‏غسان الرفاعي، المستشار السابق في البنك الدولي، «المستقلّ» إذا كانت لهذه الصفة من دلالة ‏ملموسة بمعزل عن عدم عضويته في الحزب الحاكم، والنذير الأفصح حول توجهات السلطة نحو ‏الإقتصاد الليبرالي. وفي دورة التغيير عطري ـ 1، جرى الاحتفاظ بالرجل ضمن صيغة إرسال ‏المزيد من الإشارات حول الليبرالية القادمة، ولأنّ النظام كان بحاجة إلى هذا «الخبير» في خوض ‏مفاوضات شاقّة حول الشراكة الأوروبية. واليوم، في دورة التغيير عطري ـ 2، تُفصل التجارة ‏عن الاقتصاد، وتعود هذه الوزارة الأساسية إلى حيث بدأت وتواصلت طيلة عقود: إلى حزب ‏البعث الحاكم، الذي عاد من جديد للإطباق على المالية والصناعة والاقتصاد!‏

ولعلّ التغيير الوحيد «الملموس»، أي ذاك الذي سيلمس السوريون آثاره لأنه لن يراوح في ‏المكان أو يسير خطوة إلى أمام وثلاثاً إلى الخلف، هو تعيين اللواء غازي كنعان وزيراً ‏للداخلية. ومن حيث المبدأ، لا نعرف حتى الآن ما إذا كان كنعان سيحتفظ بمنصبه كرئيس لجهاز ‏الأمن السياسي (الذي انفصل رسمياً عن وزارة الداخلية منذ أن تولّى كنعان المنصب أواخر ‏العام 2002)، أم سنشهد قراراً جديداً يعدّل القانون بحيث يواصل كنعان العمل في الجهاز ‏والوزارة معاً. التباشير، مع ذلك، تشير إلى إحكام القبضة الأمنية في ملفّين أساسيين: كمّ ‏الأفواه والعودة إلى سياسة اعتقال المعارضين (مثل عضو الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب ‏السياسي سمير رحال، والكاتب والصحافي البعثي القديم حسن الصفدي، والناطق باسم «التجمع ‏الليبرالي» الجديد نبيل فياض، والكاتب العضو في «التجمع» ذاته جهاد نصرة...)، وتشديد ‏الرقابة والإجراءات الزجرية على الحدود السورية ـ العراقية حيث أخذت السياسات الأمنية ‏تتبدّل جذرياً.‏

وحين نُقل كنعان من منصبه كرئيس لجهاز الإستخبارات السورية في لبنان، والذي كان قد شغله ‏منذ عام 1982، كانت قناعتنا ترجّح أنّ يضعف نقل كنعان القبضة الأمنية السورية في لبنان، ‏بالنظر إلى أنّ خليفته العقيد (آنذاك، العميد اليوم) رستم غزالي لا يملك خبرات رئيسه ‏وكفاءته. غير أنّ تسليم كنعان جهاز الأمن السياسي بدا وكأنه يقوّي فريق بشار الأسد من ‏جانب أوّل، ومن جانب ثانٍ يقيم توازناً أفضل بين الأجهزة الأمنية الرئيسة (الأمن العسكري، ‏الأمن القومي، الأمن السياسي، مخابرات القوى الجوية، مخابرات الحرس الجمهوري...) عن طريق ‏استقدام ضابط بارز مخضرم كان بين الأكثر اطلاعاً على أسرار العمل الأمني في عهد الأسد الأب.‏

لكنّ المفارقة ظلّت ماثلة. فهل جاء كنعان للاستيلاء على بعض أو معظم الصلاحيات الممنوحة إلى ‏قدامى المحاربين في الأجهزة الأمنية، على نحو يوحّد العمل الأمني ويحصر القسط الأعظم من المرجعية ‏في مركز ثنائي القطب (غازي كنعان نفسه، وعلي حمود وزير الداخلية السابق القويّ)؟ أم ‏جاء للحدّ من، أو «ترشيد»، الصلاحيات المبعثرة الغامضة التي يلوح أحياناً وكأنها تتفرّق ‏أيدي سبأ، بين عدد من الأجهزة الأمنية التي لا ينسّق واحدها مع الآخر، كما تذمّر بشار الأسد ‏نفسه في الأشهر الأولى من استلامه الرئاسة؟ ولماذا تصحّ المراهنة على كنعان، ولا تصحّ على ‏أمثال آصف شوكت وبهجت سليمان؟ ومَن يضمن أنّ احتدام الصراع بين زيد أو عمرو، هنا أو ‏هناك في أطراف الجسد الأمني الديناصوري المتورّم هذا، لن يفضي إلى القتال بالسلاح الأبيض؟

قبل أسابيع قليلة، وفي ذروة التسخين الأمريكي اللفظي ضدّ النظام الحاكم في دمشق، تهامست ‏أوساط المراقبين المهتمّين بالملفّ السوري معلومات صحفية أمريكية تقول إنّ الإدارة قد تكون ‏حسمت أمرها في موضوع البديل الأصلح ـ والأقوى، الأكثر استقراراً، والأوضح ولاءً للولايات ‏المتحدة ــ في سورية، وأنّ اختيارها وقع على اللواء آصف شوكت (54سنة) صهر الرئاسة ‏والضابط الذي أخذ نفوذه يشتدّ في الجيش والأجهزة الأمنية، بشكل منهجي متصاعد منظّم. ليس في ‏وسعنا الجزم حول معلومات كهذه بالطبع، غير أنّ ما توفّر من مؤشرات خلال الأسابيع المنصرمة ‏كان يشير بوضوح إلى احتدام صراع خفيّ بين الجهازَين الأمنيين الرئيسيين: الاستخبارات ‏العسكرية، والأمن السياسي.‏

والذين خبروا، أو يعرفون عن كثب، ارتباط هذا الصحافي السوري أو ذاك بهذا الجهاز الأمني ‏السوري أو ذاك، كانوا قادرين بسهولة فائقة على غربلة عدد من التسريبات التي تنقل ‏المياه إلى هذه أو تلك من طواحين النظام الأمنية. الذين هاجموا «حماقة» وزير الإعلام السوري ‏السابق أحمد الحسن، في اعتبار القرار 9551 بمثابة «انتصار» لسورية ولبنان، كانوا يخدمون ‏أجندة ذلك الجهاز الأمني الذي تعنيه مسألة تفضيح الحسن. والذين سرّبوا أخبار منح عقد ‏هائل لاستثمار الغاز السوري إلى كونسورتيوم أمريكي ـ بريطاني ـ كندي، وليس إلى شركات ‏فرنسية (حيث قيل إنّ بشار الأسد، شخصياً، وعد الرئيس الفرنسي جاك شيراك)، كانوا بدورهم ‏يخدمون أجندة صراع محتدم، وهكذا...‏

وأياً كانت صدقية التقارير حول مفاعيل صراع الأجهزة في التعديل الوزاري الأخير، يبقى ‏الجوهري في الأمر أنّ وزارة العطري ـ 2 لن تكون أفضل حالاً من وزارات العطري ـ 1 أو ميرو ـ ‏‏2 أو ميرو ـ 1. ذلك لأنّ بنية هذا النظام الحاكم ــ وكما برهنت أكثر من خمسة عقود وليس ‏مجرّد السنوات الأربع الأخيرة ــ مستعصية على الإصلاح والتطوير والتحديث ما دامت لا تمسّ ‏ركائز الاستبداد والفساد والنهب والتسلّط، وما دام الوزير ـ الرفيق محمد الحسين لا يجرؤ ‏على الإجابة عن سؤال بريء مشروع حول رامي مخلوف، دَعْ جانباً رَمْي رامي بباقة زهور!‏

غريب الدار
11/04/2005, 15:56
لا أستطيع إلا أن أقف بخشوع وتواضع أمام هذا الكلام الكبير
ولن أرد بشيئ بل سأقف دقيقة صمت
:aah: :(
لكن سأذكر الدعاية الأخيرة للسرقة تيل عبر وسائل الإعلان:
صار فيك تحكي أكثر... احكي ولا تحسب.. صارت الدقيقة ب 7.5
وأتذكر أغنية لكاظم الساهر يقول فيها:
منين أجيب احساس للي ما يحس
وشكرا أخ minime1967