abu alameer
15/07/2006, 15:28
يتبادر إلى الذهن دائماً تساؤل ملح حول جدوى القلم في نقل الحدث وتناوله بالتحليل والدراسة في ظل المشاهد الحية التي تنقل على شاشة الفضائيات المختلفة.
أي وبشكل أكثر وضوحاً هل يمكن لأي كاتب أو فنان تشكيلي أن يكتب بقلمه، ويرسم بريشته صورة الطفلة هدى غالية وهي تتنقل بين أشلاء جثث أمها وأخواتها وبين جثة أبيها الممددة على الأرض.
وكذلك الأمر في حالة أسرة أحمد في خانيونس أو حجاج في الشجاعية أو أبي سلمية في غزة.
فإن كانت المشاهد الحية لم تنجح في إيقاظ الضمير العربي والدولي، ولم تحرك المشاعر المتحجرة في قلوب بني يعرب وغيرهم فهل يمكن للقلم أن يحرك ذلك.
وربما يظن البعض أن ما أكتبه هو دعوة لانكفاء القلم وتقوقعه في مدواته طالما أن هناك وسائل تأثير أخرى لم تفلح في إيصال الرسالة إلى مبتغاها.
وهذا يثير التساؤل حول لماذا يكتب الكاتب ولمن يكتب؟ فقد يرى البعض أن الكتابة هي في المعيار الأول هي نوعاً من المعالجة الذاتية للكاتب ينفس من خلالها ما يجيش بخاطره من مشاعر وأفكار.
فمن خلال تفاعله مع الحدث وتأثره به يحاول أن يفجر البركان الثائر داخله إلى كلمات تماماً كما هو الفنان الذي يحاول أن ينفث دخان بركانه ألوناً على لوحة ورقية أو جلدية أو غيرها.
كما يحلو للبعض الأخر أن ينفث نار غضبه في وجوه الآخرين شتماً وقدحاً وذماً، أو يحطم كل ما يحيط به حتى أبرز حاجاته الشخصية التي لا غناً عنها وهكذا دوليك.
ثم يأتي بعد ذلك المعيار الثاني الذي يتمثل في شعور الكاتب بأنه إنسان يفكر ويقلق ويحس وبالتالي فهو موجود.
وهنا تبرز الكتابة أيضاً كمعالجة اجتماعية للإنسان، على أساس أنه كائن اجتماعي يعي ما حوله ويفكر به ويحاول أن يحول هذا القلق والإحساس إلى واقع من خلال كلمات يخطها.
وهو بالتالي يريد أن يقول: أنا أكتب إذاً أنا موجود. ولكن الحالة لا تنتهي عند ذلك فليس كل موجود مرغوب به أو ليس كل موجود يتساوى في وجوده مع الآخرين.
وهذا بالطبع يتوقف عما يكتب كأن يكون ما يكتبه مجرد شذرات وهذرات يغلب عليها طابع الهذيان ليس إلا، أو مجرد قدح وذم يغلف بغلاف أدبي واهٍ وركيك.
و في المقابل قد يكون ما يكتبه ذا قيمة، ويتضمن أفكاراً تثير تساؤلات بلا نهاية أو يعكس حقيقة يبحث عنها الكثيرون أو تعالج قضية عامة يسعى الجاهدون لتقديم الحلول بشأنها، ويتبارى الجادون في كشف عناصرها وتشخيص أبعادها.
وهنا يكمن سر الوجود وطبيعته وقيمته وحاجة الناس إليه وبحثهم عنه. أي أما أن يكون وجود الكاتب وجوداً هامشياً عرضياً استفزازياً للغير ليس إلا أو يكون وجوداً على قدر من الأهمية بحيث يشكل بؤرة تدور في فلكها دوائر أخرى تتفاعل فيما بينها.
وهنا تكن أهمية الكتابة ويكمن قدرتها عن عكس أحاسيس الكاتب وأفكاره وبالتالي تحديد قيمة وجوده.
أما المعيار الثالث للكتابة فهي أما أن تكون تعبيراً عن امتلاك الكاتب لرسالة ما يريد أن بنقلها بين سطور مقاله أو قصيدته أو روايته ... الخ أو أن ما يكتبه ليس سوى شطحات عبثية تفتقر إلى هدف أو غاية.
كأن يكون الكاتب راغباً في ملء فراغ أوقاته، أو نفث سموم حقده، أو تعبيراً ظاهرياً عن فيض غريزة النقد الهادم للآخرين، وتدمير كل ما هو جميل أو بناء.
وهنا تكمن المأساة حين يعبث الكاتب بوقته وبوقت الآخرين، ويعبث بمشاعره ومشاعر الآخرين. ويشكل بالتالي ظاهرة سلبية على الصعيد الفردي والمجتمعي.
وهنا تكثر دعوات الآخرين له بضرورة تناول ما هو عام ومفيد لاسيما في ظل واقع مثقل بالهموم والقضايا العامة، ونصحه بالابتعاد عن شخصنة الأمور وتضخيم الأنا والزعامة الورقية.
حيث أن الكتابة الجادة هي رسالة وطنية أولاً وقومية ثانياً وإنسانية ثالثاً ومن يفتقر إلى الإحساس بهم عليه أن يتنحى جانباً بعيداً عن فذلكة الكلمات ومماحكة العبارات، ولوي الحقائق وفتح الباب للتأويل.
ومع ذلك يبقى التساؤل الأكبر قائماً على اعتبار أن الكتابة الحقة هي رسالة وبالتالي رغبة ملحة في التأثير، وسعي حثيث نحو التغيير وجلب الآخرين إلى الاعتقاد بفكرة الكاتب والإيمان بقضيته.
فالكاتب الذي يحمل بين سطور ما يكتب قضية وطنه وهم مجتمعه يحاول أن يسعى جاهداً إلى كشف الحقيقة وإقناع الآخرين بعدالة قضيته.
فما يكتبه هو بمثابة صرخة مدوية للضمير وللوعي الإنساني بالتدخل لرفع الظلم الحاصل والمستمر بحق وطنه وشعبه.
ولكن تكمن المأساة عندما يدرك الكاتب أنه أصبح يخاطب ضمير ميت ووعي مزيف. وحالة تسود من ازدواجية المعايير، فالصمت الذي يمارس هنا يَقلب صخباً وصراخاً هناك.
وتجاهل قيم العدل والحق هنا ينقلب لهاثاً وراء الأكاذيب والظلم هناك. ونلجأ هنا إلى قضية الأسير الإسرائيلي هنا على سبيل المثال لا الحصر فالصمت العربي والدولي تجاه قضية آلاف الأسرى الفلسطينيين يقابله لهاث عربي ودولي على حياة وحرية الجندي الأسير.
وصراخ الطفلة هدى غالية لا يجد أصداء، وتصم عن الآذان فيما تستنهض الحواس وتشرئب الأعناق لسماع رجاء والدة الأسير بإطلاق سراحه.
وعند ذلك قد يتساءل الكاتب في زمن الصمت الحزين هل بقي للقلم ما يقوله فيما فشلت الصورة الحية المباشرة في استصراخ ضمير غائب ووعي أكثر غياباً؟
أي وبشكل أكثر وضوحاً هل يمكن لأي كاتب أو فنان تشكيلي أن يكتب بقلمه، ويرسم بريشته صورة الطفلة هدى غالية وهي تتنقل بين أشلاء جثث أمها وأخواتها وبين جثة أبيها الممددة على الأرض.
وكذلك الأمر في حالة أسرة أحمد في خانيونس أو حجاج في الشجاعية أو أبي سلمية في غزة.
فإن كانت المشاهد الحية لم تنجح في إيقاظ الضمير العربي والدولي، ولم تحرك المشاعر المتحجرة في قلوب بني يعرب وغيرهم فهل يمكن للقلم أن يحرك ذلك.
وربما يظن البعض أن ما أكتبه هو دعوة لانكفاء القلم وتقوقعه في مدواته طالما أن هناك وسائل تأثير أخرى لم تفلح في إيصال الرسالة إلى مبتغاها.
وهذا يثير التساؤل حول لماذا يكتب الكاتب ولمن يكتب؟ فقد يرى البعض أن الكتابة هي في المعيار الأول هي نوعاً من المعالجة الذاتية للكاتب ينفس من خلالها ما يجيش بخاطره من مشاعر وأفكار.
فمن خلال تفاعله مع الحدث وتأثره به يحاول أن يفجر البركان الثائر داخله إلى كلمات تماماً كما هو الفنان الذي يحاول أن ينفث دخان بركانه ألوناً على لوحة ورقية أو جلدية أو غيرها.
كما يحلو للبعض الأخر أن ينفث نار غضبه في وجوه الآخرين شتماً وقدحاً وذماً، أو يحطم كل ما يحيط به حتى أبرز حاجاته الشخصية التي لا غناً عنها وهكذا دوليك.
ثم يأتي بعد ذلك المعيار الثاني الذي يتمثل في شعور الكاتب بأنه إنسان يفكر ويقلق ويحس وبالتالي فهو موجود.
وهنا تبرز الكتابة أيضاً كمعالجة اجتماعية للإنسان، على أساس أنه كائن اجتماعي يعي ما حوله ويفكر به ويحاول أن يحول هذا القلق والإحساس إلى واقع من خلال كلمات يخطها.
وهو بالتالي يريد أن يقول: أنا أكتب إذاً أنا موجود. ولكن الحالة لا تنتهي عند ذلك فليس كل موجود مرغوب به أو ليس كل موجود يتساوى في وجوده مع الآخرين.
وهذا بالطبع يتوقف عما يكتب كأن يكون ما يكتبه مجرد شذرات وهذرات يغلب عليها طابع الهذيان ليس إلا، أو مجرد قدح وذم يغلف بغلاف أدبي واهٍ وركيك.
و في المقابل قد يكون ما يكتبه ذا قيمة، ويتضمن أفكاراً تثير تساؤلات بلا نهاية أو يعكس حقيقة يبحث عنها الكثيرون أو تعالج قضية عامة يسعى الجاهدون لتقديم الحلول بشأنها، ويتبارى الجادون في كشف عناصرها وتشخيص أبعادها.
وهنا يكمن سر الوجود وطبيعته وقيمته وحاجة الناس إليه وبحثهم عنه. أي أما أن يكون وجود الكاتب وجوداً هامشياً عرضياً استفزازياً للغير ليس إلا أو يكون وجوداً على قدر من الأهمية بحيث يشكل بؤرة تدور في فلكها دوائر أخرى تتفاعل فيما بينها.
وهنا تكن أهمية الكتابة ويكمن قدرتها عن عكس أحاسيس الكاتب وأفكاره وبالتالي تحديد قيمة وجوده.
أما المعيار الثالث للكتابة فهي أما أن تكون تعبيراً عن امتلاك الكاتب لرسالة ما يريد أن بنقلها بين سطور مقاله أو قصيدته أو روايته ... الخ أو أن ما يكتبه ليس سوى شطحات عبثية تفتقر إلى هدف أو غاية.
كأن يكون الكاتب راغباً في ملء فراغ أوقاته، أو نفث سموم حقده، أو تعبيراً ظاهرياً عن فيض غريزة النقد الهادم للآخرين، وتدمير كل ما هو جميل أو بناء.
وهنا تكمن المأساة حين يعبث الكاتب بوقته وبوقت الآخرين، ويعبث بمشاعره ومشاعر الآخرين. ويشكل بالتالي ظاهرة سلبية على الصعيد الفردي والمجتمعي.
وهنا تكثر دعوات الآخرين له بضرورة تناول ما هو عام ومفيد لاسيما في ظل واقع مثقل بالهموم والقضايا العامة، ونصحه بالابتعاد عن شخصنة الأمور وتضخيم الأنا والزعامة الورقية.
حيث أن الكتابة الجادة هي رسالة وطنية أولاً وقومية ثانياً وإنسانية ثالثاً ومن يفتقر إلى الإحساس بهم عليه أن يتنحى جانباً بعيداً عن فذلكة الكلمات ومماحكة العبارات، ولوي الحقائق وفتح الباب للتأويل.
ومع ذلك يبقى التساؤل الأكبر قائماً على اعتبار أن الكتابة الحقة هي رسالة وبالتالي رغبة ملحة في التأثير، وسعي حثيث نحو التغيير وجلب الآخرين إلى الاعتقاد بفكرة الكاتب والإيمان بقضيته.
فالكاتب الذي يحمل بين سطور ما يكتب قضية وطنه وهم مجتمعه يحاول أن يسعى جاهداً إلى كشف الحقيقة وإقناع الآخرين بعدالة قضيته.
فما يكتبه هو بمثابة صرخة مدوية للضمير وللوعي الإنساني بالتدخل لرفع الظلم الحاصل والمستمر بحق وطنه وشعبه.
ولكن تكمن المأساة عندما يدرك الكاتب أنه أصبح يخاطب ضمير ميت ووعي مزيف. وحالة تسود من ازدواجية المعايير، فالصمت الذي يمارس هنا يَقلب صخباً وصراخاً هناك.
وتجاهل قيم العدل والحق هنا ينقلب لهاثاً وراء الأكاذيب والظلم هناك. ونلجأ هنا إلى قضية الأسير الإسرائيلي هنا على سبيل المثال لا الحصر فالصمت العربي والدولي تجاه قضية آلاف الأسرى الفلسطينيين يقابله لهاث عربي ودولي على حياة وحرية الجندي الأسير.
وصراخ الطفلة هدى غالية لا يجد أصداء، وتصم عن الآذان فيما تستنهض الحواس وتشرئب الأعناق لسماع رجاء والدة الأسير بإطلاق سراحه.
وعند ذلك قد يتساءل الكاتب في زمن الصمت الحزين هل بقي للقلم ما يقوله فيما فشلت الصورة الحية المباشرة في استصراخ ضمير غائب ووعي أكثر غياباً؟