tiger
13/07/2006, 16:23
عملية «حزب الله» في جنوب لبنان كانت الرد الأفضل، والمتوقع، والضروري على الارهاب والوحشية الاسرائيليين في غزة. هذا يؤكد مجدداً ان «حزب الله» أصبح متخصصاً بـ «ردع» الغطرسة الاسرائيلية، مما يعزز موقفه على صعيدين: أولاً داخل لبنان حيث النقاش دائر حول نزع سلاح «المقاومة» والاستغناء عن خدماتها، وثانياً على المستوى الاقليمي العربي بإعادة الروح الى كل من يؤمن بالمقاومة في مواجهة نزعات حكومية نحو الاستكانة.
كان بإمكان اسرائيل ان تعالج أزمتها في غزة بشيء من العقلانية، إلا ان غطرسة القوة تعميها. ولا شك في أنها ذاهبة الى مغامرة كارثية أخرى للرد على التحدي الجديد الذي وجهه «حزب الله» اليها، بعد التحدي الذي وجهته «حماس» اليها. ستسمح اسرائيل لنفسها بممارسة اقصى الوحشية ضد لبنان، وربما ضد سورية، كما فعلت وتفعل في غزة، فهي في مأمن من اي مساءلة من المجتمع الدولي أو من الأمم المتحدة.
بالغت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة في إهمال جرائم اسرائيل وعربداتها، من اغتيالات وتدمير بيوت وانتهاكات واهانات للشعب الفلسطيني، الى حد أنها بددت أي جهد سياسي سلمي يمكن ان يبذل، واعطت الضوء الأخضر حصرياً للاجرام الاسرائيلي. وباسم الحرب الغاشمة على الارهاب احتقرت الولايات المتحدة وبقية الزمرة الدولية كل النداءات للنظر في أمر الاسرى الفلسطينيين والعرب الموجودين في سجون اسرائيل، وقد خطف معظمهم خطفاً من بيوتهم وعلى أرضهم.
لم يجد المجتمع الدولي موجباً لفرض احترام حقوق الانسان في معاملة هؤلاء الأسرى، ولم يجد موجباً لفرض احترام اتفاقات جنيف للتعامل مع الأسرى ولا مع المناطق الواقعة تحت الاحتلال... كذلك لم يجد المجتمع الدولي موجباً لاحترام الديموقراطية الفلسطينية فتبنى دعوات سلطة الاحتلال الاسرائيلي الى مقاطعة الحكومة التي انتخبها الفلسطينيون، وانخرط في منظومة فاشية لمعاقبة الشعب وتجويعه، ثم دعم أخيراً حملة معاقبة جماعية لغزة وأهلها بذريعة البحث عن جندي واحد أسير.
وعندما يرتكب المجتمع الدولي كل هذه الخطايا - الجرائم فيجب الا يعجب إذا اتهم بأنه مسؤول مباشرة - وبكامل وعيه وإدراكه وتصميمه - على تغليب التطرف على الاعتدال. وعندما لا تصغي الولايات المتحدة لمصر والسعودية والمغرب، وتلغي القانون والعقل والحس الانساني عند مقاربة الشأن الفلسطيني لمصلحة الجنون والصلف الاسرائيليين، فإنها تكون كمن يستدعي ردود الفعل مثل الخطف وغيره. وكان لافتاً، بل مبتذلاً، ان لا تجد الأطراف الدولية أمس، كما خلال الاسبوعين الماضيين، سوى ان تطلق النداءات للافراج عن الاسرى الاسرائيليين من دون ان يكون لها اي موقف عملي واحد لوضع حد للعدوان الاسرائيلي على غزة وما تسبب به من مآس انسانية.
وإذا لم يكن هناك تدخل دولي ملموس فإن العدوان الاسرائيلي المعلن على لبنان - وربما على سورية أيضاً - يستهدف خصوصاً ايذاء المدنيين. والمفارقة في ما يحصل أنه يعاكس السياسة الأميركية في صميمها وجوهرها، أقله في الجانب المعلن عنها على افتراض أنه صادق. فما حصل في جنوب لبنان يعتبر أيضاً مكسباً كاملاً لإيران وهي تدافع عن موقعها الاقليمي القوي والمميز، فضلاً عن أنه ينعش سورية في محاولتها استعادة زمام المبادرة في الملفين اللبناني والفلسطيني.
ولا شك أن ربط المقاومة اللبنانية (بقيادة «حزب الله») بالمقاومة الفلسطينية (بقيادة «حماس») على هذا النحو العلني الواضح يشكل نقلة استراتيجية كان الإسرائيليون اعتقدوا أنهم قضوا على احتمالات حصولها.
أكثر من شعر بالحرج أمس كان ذلك الفريق من اللبنانيين، ومعظمه في الحكومة، الذي لم يستطع تجاهل واقع أن عملية «حزب الله» ذات شعبية واسعة لبنانياً وعربياً. لكن في المقابل انطلقت تساؤلات عما يوجب تعريض لبنان لمخاطر عدوان إسرائيلي كبير قد يعرض اقتصاده لانهيار خطير. والأكيد أن عملية «حزب الله» برهنت مجدداً أن وظيفة «الجبهة اللبنانية» لا تزال على حالها، فهي رأس حربة المقاومة، في حين أن الجبهات المجاورة تكتفي إما بالتفرج أو ببعض التظاهرات.
عبدالوهاب بدرخان
كان بإمكان اسرائيل ان تعالج أزمتها في غزة بشيء من العقلانية، إلا ان غطرسة القوة تعميها. ولا شك في أنها ذاهبة الى مغامرة كارثية أخرى للرد على التحدي الجديد الذي وجهه «حزب الله» اليها، بعد التحدي الذي وجهته «حماس» اليها. ستسمح اسرائيل لنفسها بممارسة اقصى الوحشية ضد لبنان، وربما ضد سورية، كما فعلت وتفعل في غزة، فهي في مأمن من اي مساءلة من المجتمع الدولي أو من الأمم المتحدة.
بالغت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة في إهمال جرائم اسرائيل وعربداتها، من اغتيالات وتدمير بيوت وانتهاكات واهانات للشعب الفلسطيني، الى حد أنها بددت أي جهد سياسي سلمي يمكن ان يبذل، واعطت الضوء الأخضر حصرياً للاجرام الاسرائيلي. وباسم الحرب الغاشمة على الارهاب احتقرت الولايات المتحدة وبقية الزمرة الدولية كل النداءات للنظر في أمر الاسرى الفلسطينيين والعرب الموجودين في سجون اسرائيل، وقد خطف معظمهم خطفاً من بيوتهم وعلى أرضهم.
لم يجد المجتمع الدولي موجباً لفرض احترام حقوق الانسان في معاملة هؤلاء الأسرى، ولم يجد موجباً لفرض احترام اتفاقات جنيف للتعامل مع الأسرى ولا مع المناطق الواقعة تحت الاحتلال... كذلك لم يجد المجتمع الدولي موجباً لاحترام الديموقراطية الفلسطينية فتبنى دعوات سلطة الاحتلال الاسرائيلي الى مقاطعة الحكومة التي انتخبها الفلسطينيون، وانخرط في منظومة فاشية لمعاقبة الشعب وتجويعه، ثم دعم أخيراً حملة معاقبة جماعية لغزة وأهلها بذريعة البحث عن جندي واحد أسير.
وعندما يرتكب المجتمع الدولي كل هذه الخطايا - الجرائم فيجب الا يعجب إذا اتهم بأنه مسؤول مباشرة - وبكامل وعيه وإدراكه وتصميمه - على تغليب التطرف على الاعتدال. وعندما لا تصغي الولايات المتحدة لمصر والسعودية والمغرب، وتلغي القانون والعقل والحس الانساني عند مقاربة الشأن الفلسطيني لمصلحة الجنون والصلف الاسرائيليين، فإنها تكون كمن يستدعي ردود الفعل مثل الخطف وغيره. وكان لافتاً، بل مبتذلاً، ان لا تجد الأطراف الدولية أمس، كما خلال الاسبوعين الماضيين، سوى ان تطلق النداءات للافراج عن الاسرى الاسرائيليين من دون ان يكون لها اي موقف عملي واحد لوضع حد للعدوان الاسرائيلي على غزة وما تسبب به من مآس انسانية.
وإذا لم يكن هناك تدخل دولي ملموس فإن العدوان الاسرائيلي المعلن على لبنان - وربما على سورية أيضاً - يستهدف خصوصاً ايذاء المدنيين. والمفارقة في ما يحصل أنه يعاكس السياسة الأميركية في صميمها وجوهرها، أقله في الجانب المعلن عنها على افتراض أنه صادق. فما حصل في جنوب لبنان يعتبر أيضاً مكسباً كاملاً لإيران وهي تدافع عن موقعها الاقليمي القوي والمميز، فضلاً عن أنه ينعش سورية في محاولتها استعادة زمام المبادرة في الملفين اللبناني والفلسطيني.
ولا شك أن ربط المقاومة اللبنانية (بقيادة «حزب الله») بالمقاومة الفلسطينية (بقيادة «حماس») على هذا النحو العلني الواضح يشكل نقلة استراتيجية كان الإسرائيليون اعتقدوا أنهم قضوا على احتمالات حصولها.
أكثر من شعر بالحرج أمس كان ذلك الفريق من اللبنانيين، ومعظمه في الحكومة، الذي لم يستطع تجاهل واقع أن عملية «حزب الله» ذات شعبية واسعة لبنانياً وعربياً. لكن في المقابل انطلقت تساؤلات عما يوجب تعريض لبنان لمخاطر عدوان إسرائيلي كبير قد يعرض اقتصاده لانهيار خطير. والأكيد أن عملية «حزب الله» برهنت مجدداً أن وظيفة «الجبهة اللبنانية» لا تزال على حالها، فهي رأس حربة المقاومة، في حين أن الجبهات المجاورة تكتفي إما بالتفرج أو ببعض التظاهرات.
عبدالوهاب بدرخان