-
دخول

عرض كامل الموضوع : أفكار سوداوية.......


tiger
12/07/2006, 16:21
كل تلك الأفكار السوداء راودتني وأنا أقف وحيداً في مكان بعيد عن بيتي بعد منتصف الليل أنتظر سيارة أجرة بعد يوم طويل من العمل الشاق وقد نال مني الإرهاق وطول الانتظار، ولكن في الحقيقة لم يكن التعب الجسدي هو ما يؤلمني بقدر العذاب النفسي الذي كان يحز كنصل السكين في قلبي ووجداني.

لماذا الحياة ظالمة؟ في كل يوم أنظر من حولي فأرى الفقراء يزدادون فقراً وتعاسةً وحرماناً، والأثرياء يزدادون ثراءً وفحشاً وظلماً! ولماذا كلما نظرت من حولي رأيت ظلماً وقهراً، ورأيت كيف يأكل القوي الضعيف بدون أي رحمة ولا شفقة ولا حتى ذرة من إنسانية؟؟؟

مع أني أملك بيتاً متواضعاً وعملاً محترماً ودخلاً يؤمن لي متطلبات معيشتي كانسان عازب كما ربما سأكون لآخر يوم من عمري! ولكن تلك الأفكار السوداء كانت تراودني من حين لآخر كأنها لدغات أفعى سامة.
لماذا هناك بشر يموتون في المستشفيات وتترك جثثهم ملقاة في الممرات، لأن أهلهم لا يملكون المال الكافي ليدفعوا كلفة العمليات الفاشلة التي أجريت لهم من قبل جزارين المستشفى الذي كانوا فيه، ولا يملكون حتى الكلفة الباهظة لمراسم دفنهم وخاصة ثمن القبر، لكم الله أيها الفقراء،، لا يحق لكم أن تملكوا بيتاً في حياتكم ولا حتى في مماتكم، أقسم أني رأيت طعاماً يلقى في سلة المهملات بعد حفلات أعياد الميلاد لأبناء المسؤولين أو التجار يكفي لإطعام عشرات من العائلات المعدمة في حي كامل يقع على بعد مئات الأمتار من ذلك المطعم،،،

ورأيت عشرات الآلاف من الليرات ترمى بعد أمسية ساخنة في أحد المقاصف أو الحانات تحت أقدام راقصة "مكافحة" وصاعدة تؤدي فقرة "فنية" لمجموعة من ,, العائلات الساهرة،،،

وأقسم أني رأيت أباً يبكي وهو يشتكي لي بحزن وقهر وألم كيف أنه يعجز عن تسديد أقساط البيت الذي يستأجره في حي منكوب والمؤلف من غرفتين، وعن تأمين حياة كريمة لزوجته وأبنائه الثلاثة فقط براتب لا يتجاوز السبعة آلاف ليرة إضافة لعمل مسائي الذي بالكاد يكفيه ذل الدين والسؤال ليصل إلى بيته وقد حرم من رؤية أطفاله ليأكل بالكاد لقمتين من الطعام وينام بعدها كالمخدر ليستيقظ بعدها باكراً في صباح اليوم التالي ... وهكذا في كل يوم،،،

في المقابل أعرف ابن أحد الأغنياء "الشرفاء" يبدل هاتفه المحمول في كل شهر وهو الآن غاضب وحانق كما فهمت منه لأن والده "الفاضل" لم يشتري له "المرسيدس" كالتي عند أخاه الكبير كما وعده ليتخلص من "المازدا" التي يركبها مغرماً في الوقت الحاضر، مسكين هذا الشاب على حياته التعيسة التي يعيشها وهو لم يتجاوز التاسعة عشر من العمر!

يا ترى هل هذه هي العدالة التي ارتضاها لله لعباده في الأرض؟؟ وهل لهذا الظلم نهاية؟؟ أم أن كل هذه التساؤلات هي مجرد حسد وغيرة تجاه هؤلاء الناس الجشعين المترفين؟ وهل يا ترى لو كنت مثلهم أملك المليارات والسيارات والقصور، هل كنت سأصرف قرشاً واحداً في رفع بعض من الظلم والحرمان الذي يعيشه مئات الآلاف من الناس الذين يفترض أن يكونوا "اخوة" لنا في الوطن الواحد!
ربما أكون سوداوياً قليلاً في نظرتي إلى الحياة، ولكن هل الواقع يقل سواداً وقسوةً عما هو عليه في نظري؟ هل أنا أعيش في عالم المثاليات والخيال؟ أم أني مدع منافق؟! وقبل أن أقرر من أنا، لمعت أضواء سيارة من بعيد ، وأخيراً سأذوق طعم الراحة في بيتي الحبيب، لم أتكلم بحرف واحد طوال الطريق فقد كنت شارداً أتأمل أضواء المدينة وأحلم بأنه يوماً من الأيام سيصبح وطني من أجمل الأوطان خالياً من الحفر والقهر وظلم الإنسان..

وصلت إلى البيت الذي يقع في منطقة يقال أنها راقية، ولم تكد قدمي تلمس الأرض حتى تفاجأت برؤية عشرات الأشخاص يركضون كالمجانين في الشوارع وهم يصرخون ويهتفون !! تسارعت دقات قلبي وقلت في نفسي: ماذا حدث؟؟! وبعدها رأيت رتل من السيارات المسرعة وقد خرج العديد من ركابها من الشبابيك وهم يلوحون بالأعلام ال ... الإيطالية..

لم أتمالك نفسي من الصدمة، وأنا أراقب تلك الجموع التي خرجت بعد منتصف الليل وهي تجري كالمجانين أو كالقطيع وتصرخ وتخرج أصوات كالمهابيل والمخنثين!! لما كل هذا الصراخ والزعيق والتزمير بعد منتصف الليل؟؟ هل يستحق فوز منتخب رياضي لبلد لا تربطنا فيه أي صلة ويقع في قارة أخرى كل هذا الجنون؟؟؟

لست أكره الرياضة، بل أعشقها وأمارسها في كل يوم من حياتي، وربما كنت قد أتفهم الأمر لو كان منتخبنا "السوري" قد فاز في كأس العالم، ولكن إيطاليا أو فرنسا أو حتى ألمانيا فأعترف أني لم أفهم .

ولأني أعيش في عالم المثاليات والخيال كما قلت سابقاً ولأني منافق ومدع، فقد قفزت إلى مخيلتي صور الضحايا في فلسطين والعراق، وتذكرت فلسطين "المؤجرة من قبل العرب" وكيف أنه لا يزال هناك شعب بأسره يعيش في الظلام بدون كهرباء ولا ماء ولا دواء وهو ينتظر مصيره المحتوم من موت ودمار ودماء، هذا المصير الذي رسمته اليد "الصهيو- أمريكية" الآثمة ووقع عليه "الصمت العربي الذليل والسفيه".

المذبحة ستقع لا محال إن استمر صمتنا الآثم كما وقع قبلها المئات من المذابح الدامية،،، ولكن ماذا يستطيع أن يفعل العرب؟ وهل نحن نستطيع أن نواجه إسرائيل وأمريكا؟ هذا انتحار.. والذي يريد القتال والمقاومة فليذهب ويقاتل لوحده،، هكذا كنت أسمع الأجوبة من "الناس".

معهم حق فمن يجرأ انم يواجه الطغيان الأمريكي والحقد الصهيوني؟؟ ناهيك أن العرب مشغولون هذه الأيام في العديد من الأشياء الهامة، آخرها كأس العالم،،، وحيث أني لا زلت أسمع مزامير السيارات ونعيق المشجعين في الشوارع وأنا أكتب هذه الكلمات،،، فلا يسعني القول إلا مبروك لإيطاليا وفرنسا وألمانيا،،، مبروك للعالم،،، ووداعاً فلسطين ..

لا أدري إن كان يحق لي أن أقول وداعاً فلسطين، لأن أبطال المقاومة البواسل لم يلقوا السلاح وينبطحوا ويصبحوا كغيرهم من "العرب" قطعاناً متفرقة ومتناحرة ومهجنة همها الطعام والنساء وجمع المال ... والنوم ..

فهم لا يزالون يقاومون ويقاتلون ببنادقهم وصواريخهم،،، وبأجسادهم إن لزم الأمر..

ولكي لا أكون منافقاً، فإني أعترف أني لا أنتمي إلى هؤلاء "المقاومين الفرسان" بل إلى تلك "القطعان" بكل جدارة ولا أستحق أن أكون فارساً حتى ولو بالاسم الذي أنسبه لنفسي في أسفل كل مقالة أكتبها.. مؤكد أني لا أستحقه، ولكني لا أستطيع أن أتوقف عن الكتابة لأنها منفذي الوحيد في هذه الحياة.

الفارس السوري الحر (مع وقف التنفيذ)

سرسورة
12/07/2006, 18:00
الافكار ليست سوداوية زيادة....هادا الواقع...اللي عم يصير كل يوم.....
و بالنسبة لوقت اللي صار لما انتهى كأس العالم...أنا و كتيييرمن الناس قلنا..انو لو ربحانة سوريا لكن شو كان بيصير....وكل شي زاد عن حدو نقص...
مشكور تايغر ع المواضيع اللي عم تطرحا:D

YaSeR
12/07/2006, 18:09
جميل ....

نادين
12/07/2006, 18:12
:cry:
أفكارك ابداا ما سوداوية بل هيي أقل من الواقع بكتير:pos:

شكرااا تايغر على الموضوووع و على الاسلوب الرائع:D

tiger
12/07/2006, 19:03
الافكار ليست سوداوية زيادة....هادا الواقع...اللي عم يصير كل يوم.....
و بالنسبة لوقت اللي صار لما انتهى كأس العالم...أنا و كتيييرمن الناس قلنا..انو لو ربحانة سوريا لكن شو كان بيصير....وكل شي زاد عن حدو نقص...
مشكور تايغر ع المواضيع اللي عم تطرحا:D

يا ستي نحن مع الاسف عندنا عقدة بهال موضوع...
وما عم نعرف نطلع منها ...
وشكرا على مرورك وملاحظتك الحلوة...:oops: :oops: :D :D

tiger
12/07/2006, 19:04
شكرا على مروركم...yaser و نادين..... :D :D

Nirvana
12/07/2006, 21:10
شكراً على الموضوع الواقعي والحقيقي ..

tiger
13/07/2006, 17:20
شكراً على الموضوع الواقعي والحقيقي ..

شكرا الك....:D :D