-
دخول

عرض كامل الموضوع : الفساد! ظاهرة أم سلوك؟ ... يقلم : عبد الرزاق الأحمد


dot
09/07/2006, 16:58
الفساد ظاهرة عالمية يعاني منها كثير من الدول والمجتمعات، والحد منها يحتاج إلى قانون صارم وقوى لتستطيع أن تنقذ مؤسساتها، أما في بلادنا لابد لنا أن نقول إن مشروع الإصلاح الاقتصادي والذي يرتبط بالإصلاح الاجتماعي المبني على وعي عالي الدرجة في تغيير كثير من المفاهيم وطرح مفاهيم جديدة تتلاءم مع الواقع بشكل مباشر أصبح واقعاً لا بد منه فإن مقومات هذا الإصلاح الذي ما زال الفساد يلعب الدور الأكبر في وضع العراقيل أمامه وخاصة (الرشوة) التي هي أخطر أنواع الفساد والتي لا ترتكز إلى مستندات تساعد على كشفها فإنه يتحتم علينا دراسة ماهيته، فإذا قلنا إن الفساد ظاهرة أم سلوكاً فإننا على قناعة كاملة أن الفساد ظاهرة وسلوك، ولكن الأخطر من هذين التعريفين هو إذا كان الفساد سلوكاً فالعملية معقدة تحتاج إلى جهود مضاعفة لتعديل هذا السلوك وإذا كان ظاهرة فالأمر مختلف لأن هذه الظاهرة تنتهي بانتهاء الأسباب ولكن في كلا الحالتين الأمر يتطلب منا أن ندرس الفساد دراسة وثيقة وسليمة ونستنتج الأسباب والدوافع ونوضحها بكل صراحة وشفافية حتى تكون المساحة واسعة لمحاربة هذه الظاهرة أو هذا السلوك، وفي الدراسات الاقتصادية التي تختص بالتخطيط والمراقبة ومحاسبة التكاليف كما هو وارد في كتاب (عبد الحي مرعي) يضع مسألة القدرة الإدارية في أولية الأمور لنجاح أي مشروع ومدى مقدرتها على معالجة الأسباب والمهارة والقدرة على تطبيق علم الإدارة بشكل كلي وليس بشكل جزئي كما يحصل في بعض مؤسساتنا التي تركز على جانب وتهمل الجانب الآخر أو تلعب الأمور الشخصية أو العاطفة في إخفاق العمل المؤسساتي وهذا ما زلنا نفتقر إليه بشكل واضح في فهم معنى الإدارة وعلى كل حال ومن هذا المنطلق أريد أن أقول إذا كان السلوك ظاهرة فالعوامل الأساسية التي تساعد على تفشيه اعتقد أنها تنحصر في كثير من الأسباب منها:
1 ـ عدم قدرة المؤسسة على فهم قواها العاملة. ‏
2 ـ عدم الاعتماد على الخبرات وإهمال القدرات العلمية وسد الأبواب أمامها من قبل بعض هذه المؤسسات غير المؤهلة لقيادتها. ‏
3 ـ مستوى الدخل وواقع المستوى المعيشي. ‏
4 ـ عدم صياغة القرارات التنفيذية للمؤسسة بشكل يساعد على مرونة العمل فيها أو ملاءمتها للقرارات الإدارية الجديدة. ‏
5 ـ عدم مقدرة المسؤول في المؤسسة على دمج الحالة العامة لمؤسسته كقدرة واحدة هدفها الإنتاج أي بالاعتماد من الأصغر إلى الأكبر ولكن ما يحدث أن المسؤول في مكان وقواه العاملة ونظام مؤسسته في مكان آخر. ‏
6 ـ عدم تبني المؤسسة قواها العاملة من حيث توفير مستلزماتها الأساسية من حيث البيت وحاجات العصر والسيارة وغيرها من الاحتياجات الأخرى، وتوضيحاً لذلك يجب على المؤسسة أن تمنح عاملها قروضاً طويلة الأجل، ومتناسبة مع ما تتطلبه حياة العامل ومثال ذلك: إن العامل عاجز عن شراء سيارة فهو يبقى مبهوراً أمام من يمتلكها، وهنا أقول ليس كل البشر يجب أن تملك السيارة ولكن هذا حال العلاقة بين المؤسسة والعامل لأن المسؤول يتوفر له كل السبل بينما العامل يضطر أن يستعين مثلاً بالمتعهد أو الملتزم فيلبي له حاجاته بطريقة غير مشروعة مما يوقعه في شرك هذه الحالة، فكل شيء يطلب منه يلبيه له وبالمقابل هو أيضاً يتجاوز كل القوانين والأنظمة ويتجاوز كل مخالفة ويلبي له طلبه وهذه حالة نعيشها بشكل يومي ونرى كيف يتعامل الموظفون مع المتعهدين، وكيف تتم حالة الاستغلال ففي هذه الحالة تخسر المؤسسة ويخسر العامل ويجني هو الأرباح غير المشروعة أقول هذا ليس تعميماً إنما ظاهرة مستفحلة في مؤسساتنا وهذا ما تكشف عنه كثير من الحالات الرقابية وما نقرؤه من حالات عقابية بكم غير قليل وينطبق على الحاجات الأخرى ـ المسكن حاجات العصر....). ‏
7 ـ الحالة الأخيرة في هذا الجانب عدم تفعيل مسألة الضمان الاجتماعي والصحي مما يبقي حالة المتقاعد أو المحال إلى المعاش لا يرتقي إلى المستوى الذي ينشده ما يقود ذلك إلى تخريب بعض النفوس الضعيفة إلى تأمين مستقبلها بطريقة خاطئة يمارس فيها كل أنواع الفساد. ‏
وأني اعتبر أن الفساد في بلادنا ظاهرة قبل أن تكون سلوكاً وأن الظاهرة تنتهي بانتهاء الأسباب مما نستطيع أن نعيد مؤسساتنا إلى مكانتها الطبيعية وفعاليتها القوية في دعم اقتصادنا الوطني أما إذا تحدثنا عن ا لفساد كسلوك فإن ذلك خطير جداً ولا أعتقد أن الفساد سلوك في مجتمعنا لأن مجتمعنا مازال يرتبط بكثير من العوامل الاجتماعية التي تعيب عليه أي حالة خاطئة، كالسرقة في مجتمعنا عار والكذب في مجتمعنا يسقط قيمة الشخص والاحتيال وعدم الأمانة هي من الأشياء التي يرفضها مجتمعنا بشكل قاطع لأن التربية العائلية لدينا متماسكة جداً ولها مؤثراتها على السلوك العام الجيد والراقي ويبقى في هذا الجانب لابد من أن يوجد بعض السلوكيات المنحرفة التي تمارس الفساد ولكنها تنتهي بسرعة وتزول. ‏
وغالباً ما ألخص أسباب الفساد بالتقصير في عمل مؤسساتنا وخاصة الجانب التربوي الذي هو الوسيلة الأولى في ضخ المتخرجين منه في عمل المؤسسات الذي نسمع فيه عن ظاهرة التعدي على الامتحانات وبالتالي الطالب الذي يتخرج بطريقة الغش فهذا هو المنبت السيئ لظاهرة الفساد علينا أن نعيد النظر في التركيب الذاتي لعمل مؤسساتنا الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والقضائية ونعمم ثقافة العمل ونغير كثيراً من القوانين التي تعوق التطوير ونعطي قوانا العاملة ما تستحقه من أجور وضمان صحي واجتماعي ونوفر لهم كل متطلبات العصر كي ننجو من ظاهرة الفساد وكي ينجح مشروعنا الوطني في التطوير والتحديث.. وكلي أمل في أن الفساد ظاهرة أم سلوكاً في طريقه الى الزوال أمام صدقنا فيما نقول وفيما نفعل.. ‏

شام برس
‏ ‏