-
دخول

عرض كامل الموضوع : الرقص في بحار الدم


abu alameer
09/07/2006, 16:54
غزة - ثمة "بانوراما" محيرة في غزة.. "أمطار صيف تموز القائظ" التي أراد مسقطوها أن تشل الحياة في غزة وشمالها، لم تمنع كبار الموظفين من الخروج لدوائر البريد لاستلام "جرعة" من رواتبهم، في يوم أجازتهم الرسمية لا بنوك في غزة خارج "الطربوش" الأمريكي، الكل استنكف عن القيام بهذه المهمة خوفا من العواقب الوخيمة. أحد الموظفين الظرفاء داعب عاملة البريد بقوله : ينبغي احتساب هذا اليوم يوم عمل..

نحن نرشح عرقا كما ترين والطابور طويل ولا يخلو الأمر من عذاب، والألف وخمسمائة "مخسوف" التي صمنا أربعة أشهر ونيف قبل استلامها لا تسمن ولا تغني من جوع، في ظل الحصار البارد والغلاء الفاحش، يبدو أننا بحاجة لكوفية عنان لتقينا من "الامبريلا" الأمريكية ومطر الصيف الإسرائيلي الذي يعصف بنا من البر والبحر والجو. _ سأرفع اقتراحك لوزير المالية عبر الصليب الأحمر..

ربما يطالنا من الحب جانب. _ موظف كبير فوجئ بإغلاق فروع بنوك البريد في الرابعة عصرا، انفجر غضبا في وجه زميله : لماذا أغلقوا في هذا الوقت؟ ألم يقولوا أنهم سيغلقون في السادسة؟..هذا عبث!! _ نحن في يوم حرب يا رجل ألم تلسعك أمطار الصيف، وهؤلاء موظفون مثلنا، من حقهم أن ينصرفوا إلى بيوتهم للاطمئنان على أبنائهم وأقاربهم، كأنك تعيش في المريخ؟ ألم تسمع طنين الزنانة وجعير وصليات الأباتاشي. _ أنا أعيش في جهنم!!!
دوى قنابل الدبابات يرج أرجاء المدينة، ويعصف بأحيائها ـ صخب الصفير النزق لسيارات الإسعاف القادمة من محاور أحياء السلاطين والعطاطرة والسودانية شمال غزة تنبئ بسقوط المزيد من الشهداء والجرحى قبل أن ينقطع أمام قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء.. وهناك يعلو صخب وعويل آخر لمواطنين ومواطنات جاءوا للاطمئنان على أقاربهم الجرحى وللمشاركة في جنازات "التشييع" التي تنطلق من غرفة "عزرائيل" ـ كما كنا نسميها صغارا ـ وأصبحت تعرف بالمشرحة هذه الأيام. عشرات المسلحين يعلنون عن غضبهم بإطلاق زخات الرصاص بين الفينة والأخرى أمام أعين كاميرات الصحافيين..

تساءلت امرأة بتعجب ماذا يفعل في المستشفى هؤلاء؟. ثمة مصطافون على الشاطئ عائلات بكامل شيوخها ونسائها وأطفالها فرت تحت وطأة الحر، وانقطاع التيار الكهربائي إلى البحر، لم تردعهم مجزرة أبناء غالية على بحر بيت لاهيا، وجنون عمير بيرتس المبكر." فالبحر هو البحر" وإذا كان على الإنسان أن يموت فليمت مبسوطا ـ كما يقول أحد أرباب العائلات المصطافة.. ويضيف هو موت وخراب بيوت!.

من المشرحة تنطلق جنازات الشهداء بغضب وصخب وأزيز وتوعد بالانتقام وهي تجوب شوارع المدينة باتجاه منازل الشهداء لإلقاء نظرات الوداع، ومن ثم إلى المقابر وأمام البيوت تقام سرادقات العزاء، وفي هذه الشوارع أيضا تتقاطع مواكب الأعراس بضجيجها وموسيقاها الصاخبة وأزيزها في طريقها إلى الصالات المنتشرة على الشاطئ مع مواكب التشييع، الموت في مواجهة الحياة، والحياة في مواجهة الموت، مشهد ثري في غزة. في مشهد ليلي طريف على بحر غزة طائرات الأباتشي ترمي بحممها وصلياتها على المقاومين والمواطنين في محور السلاطين في وقت انطلقت فيه الألعاب النارية احتفاء بأحد العرسان، في أحد الصالات، التي بات صخبها يطغى على هدير الموت والبحر في غزة. في غزة يرقص الرجال والنساء ابتهاجا بزواج أبنائهم ولكنه رقص "كالبكا" فهؤلاء المحتفون أنفسهم ربما يتحولون إلى نادبين وناديات، إذا ما استمرت أمطار الصيف تعصف في ليل غزة الدامي.

Kakabouda
09/07/2006, 19:45
ما منقدر نقول غير الله معهم :D