dot
08/07/2006, 23:22
بقلم: د. هشام الشامي
حلمت أنني أشاهد مباراة في كأس العالم؛ طرفاها سورية وإسرائيل، كانت المدرجات ممتلئة بالجمهور، وكنت جالساً مع الجمهور السوري في الجهة الشمالية من الملعب، كان الجمهور السوري - بمن فيهم أنا - من العسكريين، حيث جلست في صدر المدرج قوات سرايا الدفاع والحرس الجمهوري ثم الوحدات الخاصة وسرايا الصراع وبعض المدنيين الذين يضعون العدسات السوداء، وأخيراً جلست أنا - بثيابي العسكرية الرثة التي سُرحت بها من الجيش منذ عشرين عاماً - مع الجيش النظامي (وبلغة أهل شامستان: جيش أبو شحاطة)، وهذا لا يمنع أن بعض المدنيين أصحاب السحنات المميزة والخاصة والنظارات السوداء المعتمة قد تناثروا بيننا هنا وهناك كما يتناثر بعر البعير في العرصات الخضراء، وكان الجمهور السوري يرفع صور الرفيق القائد وعلم البعث، وبعض اللافتات الكبيرة التي كتب عليها:
- سنسحقك يا إسرائيل.
- من أقوال الرفيق القائد: إنني أرى في الرياضة حياة؛ وقد طال انتظارها لهذا النزال، وأرجلنا على الكرة.
- سورية الأسد ستحطم مقولة: الفريق الإسرائيلي الذي لا يُهزم.
- اليوم اليوم وليس غداً، أجراس النصر سوف تقرع.
وكان الجمهور السوري يردد الأهازيج والأغاني والهتافات الحماسية مثل:
- قسّم واطرح .. سورية بدها تربح.
- حاجه قيل وحاجه قال .. هذا الملعب بدو رجال.
- إلى الأبد، إلى الأبد، يا حافظ الأسد.
- بالروح بالدم نفديك يا حافظ.
- حلك يا الله حلك .. تحط حافظ محلك.
- حافظ أسد، رمز الأمة العربية.
- هذا اليوم الحنا نريدوا .. حافظ أسد ياعكيدو
- بعثية ونزلت عالملعب .ز الله أكبر علي بيلعب..
وكان المذيع السوري عدنان بوظو بصوته الجهوري الذي يتردد في جنبات الملعب، يحيّي قائد المسيرة والحزب القائد، ويعلن قرب انطلاق المباراة التاريخية ويبشر بالنصر الأكيد والحاسم لسورية الأسد، ويقول بحماس:
- لقد تخلف العرب جميعاً عن منازلة الصهاينة، ولم يبقَ إلا سورية الأسد، أمل العرب الواعد جميعاً.
- هؤلاء هم رجال الأسد الأماجد الذين سيسحقون فئران بن غوريون وغولدا مائير وموشي ديان ونتياهو وشارون الجبناء الأوغاد.
- هذه هي المباراة المصيرية التي طال انتظارنا لها، والتي ستضع حدّاً نهائياً للغطرسة الصهيونية.
- لن نقبل إلا بهزيمة هؤلاء اليهود الجبناء.
ثم بدأ بتعريفنا على لجنة الحكام الدوليين والتي كانت بقيادة الحكم الدولي جورج بوش وعضوية توني بلير وخافيير سولانا، أما الحكم الرابع فكان كوفي عنان.
ثم علا التصفيق والهتاف حتى ملأ عنان السماء، عندما بدأ بتعريفنا بأبطال الفريق السوري الأشاوس، وخاصة عندما قرأ اسم كابتن الفريق وقلب الدفاع الرفيق الفريق حافظ الأسد الذي يحمل الرقم المميز (13).
بينما علا التصفير وأصوات الاستهزاء والاستخفاف عندما قرأ أسماء الفريق الصهيوني، وخاصة عندما وصل إلى اسم كابتن الفريق وقلب الهجوم الجنرال موشي ديان.
واعترض الفريق الإسرائيلي على إشراك اللاعبين السيد حسن نصر الله وأحمد جبريل مع الفريق السوري، على اعتبار أن الأول لبناني، وقد مثل سابقاً الفريق الإيراني أيضاً في مباريات دولية، والثاني فلسطيني الجنسية. وبالمقابل اعترض الفريق السوري على إشراك سيدات مع الفريق الإسرائيلي (كغولدا مائير)، وبعد مشاورات بين لجنة الحكام والفيفا، وافق الفريق الإسرائيلي على اشتراكهما مع الفريق السوري (من باب التحدي)، كما وافق الفريق السوري على إشراكهن مع فريق العدو(على أساس أنهن دخلن سن اليأس)، فعلت الهتافات والتصفيق في المدرج السوري، واعتبر عدنان بوظو - بذكائه المعهود وسرعة بديهته - أن هذه أول تباشير النصر المؤزر الأكيد.
كنت أنظر باستغراب إلى لاعبينا، وكانت تدور في نفسي تساؤلات كثيرة، ما هذا الفريق؟ متى أصبح هؤلاء من يمثلون سورية؟ من الذي شكل هذا الفريق؟ أين أبطال سورية الحقيقيون؟ هل حافظ ورفعت وجميل وعدنان والسويداني والمير وفياض وحيدر ودوبا ومخلوف وطلاس هم الأحق في تمثيل سورية الحضارة والتاريخ؟ كل هذا وغيره كان يجول في نفسي، ولكنني لا أجرؤ على الكلام، بل لا أستطيع إلا أن أستمر في التصفيق والصراخ كبقية الجماهير، لأنني كلما فتر حماسي قليلاً، نظر أحد الجالسين المدنيين قربي إليَّ بطرف عينيه من تحت نظارته السوداء، فشحن قوتي، وعدت من جديد إلى الصراخ والهتاف بنشاط وحماس لا يوصفان.
وبعد أن تبادل رئيسا الفريقين (حافظ وديان) الأعلام، فأخذ الأسد نجمة داوود، وتناول موشي الأعور علم سورية، تصافحا وتعانقا، وبدا الأعور وكأنه يهمس في أذن الأسد بضع كلمات، فهز الأسد رأسه بالإيجاب!!
ثم أعلن بوش انطلاق المباراة، وعلت الهتافات واشتد التصفيق وخاصة من جهة الجمهور السوري، وما هي إلى لحظات حتى اتضحت الصورة، وبدا فريق العدو منظماً منضبطاً يلعب بخطة واستراتيجية هجومية، ويتبادل فريقه الكرة بتعاون وسلاسة، بينما كان فريقنا فوضوياً ومشتتاً، يلعب بلا خطة ولا تركيز، وهمّ اللاعبين الوحيد هو إيصال الكرة إلى قائد الفريق وقلب الدفاع الأسد، الذي بدا عصبي المزاج يُكثر من الشتائم والسباب لأعضاء فريقه المرتبك.
وبدأ هجوم العدو يخترق دفاعاتنا الضعيفة بسهولة، وبدأت الكرات تمزق شباك مرمانا، وبدت المباراة وكأنها من طرف واحد، وكان لاعبونا يكتفون بالاحتجاج على قرارات الحكام، ويدّعون أن أهداف العدو كلها تسلل، وغير صحيحة.
حلمت أنني أشاهد مباراة في كأس العالم؛ طرفاها سورية وإسرائيل، كانت المدرجات ممتلئة بالجمهور، وكنت جالساً مع الجمهور السوري في الجهة الشمالية من الملعب، كان الجمهور السوري - بمن فيهم أنا - من العسكريين، حيث جلست في صدر المدرج قوات سرايا الدفاع والحرس الجمهوري ثم الوحدات الخاصة وسرايا الصراع وبعض المدنيين الذين يضعون العدسات السوداء، وأخيراً جلست أنا - بثيابي العسكرية الرثة التي سُرحت بها من الجيش منذ عشرين عاماً - مع الجيش النظامي (وبلغة أهل شامستان: جيش أبو شحاطة)، وهذا لا يمنع أن بعض المدنيين أصحاب السحنات المميزة والخاصة والنظارات السوداء المعتمة قد تناثروا بيننا هنا وهناك كما يتناثر بعر البعير في العرصات الخضراء، وكان الجمهور السوري يرفع صور الرفيق القائد وعلم البعث، وبعض اللافتات الكبيرة التي كتب عليها:
- سنسحقك يا إسرائيل.
- من أقوال الرفيق القائد: إنني أرى في الرياضة حياة؛ وقد طال انتظارها لهذا النزال، وأرجلنا على الكرة.
- سورية الأسد ستحطم مقولة: الفريق الإسرائيلي الذي لا يُهزم.
- اليوم اليوم وليس غداً، أجراس النصر سوف تقرع.
وكان الجمهور السوري يردد الأهازيج والأغاني والهتافات الحماسية مثل:
- قسّم واطرح .. سورية بدها تربح.
- حاجه قيل وحاجه قال .. هذا الملعب بدو رجال.
- إلى الأبد، إلى الأبد، يا حافظ الأسد.
- بالروح بالدم نفديك يا حافظ.
- حلك يا الله حلك .. تحط حافظ محلك.
- حافظ أسد، رمز الأمة العربية.
- هذا اليوم الحنا نريدوا .. حافظ أسد ياعكيدو
- بعثية ونزلت عالملعب .ز الله أكبر علي بيلعب..
وكان المذيع السوري عدنان بوظو بصوته الجهوري الذي يتردد في جنبات الملعب، يحيّي قائد المسيرة والحزب القائد، ويعلن قرب انطلاق المباراة التاريخية ويبشر بالنصر الأكيد والحاسم لسورية الأسد، ويقول بحماس:
- لقد تخلف العرب جميعاً عن منازلة الصهاينة، ولم يبقَ إلا سورية الأسد، أمل العرب الواعد جميعاً.
- هؤلاء هم رجال الأسد الأماجد الذين سيسحقون فئران بن غوريون وغولدا مائير وموشي ديان ونتياهو وشارون الجبناء الأوغاد.
- هذه هي المباراة المصيرية التي طال انتظارنا لها، والتي ستضع حدّاً نهائياً للغطرسة الصهيونية.
- لن نقبل إلا بهزيمة هؤلاء اليهود الجبناء.
ثم بدأ بتعريفنا على لجنة الحكام الدوليين والتي كانت بقيادة الحكم الدولي جورج بوش وعضوية توني بلير وخافيير سولانا، أما الحكم الرابع فكان كوفي عنان.
ثم علا التصفيق والهتاف حتى ملأ عنان السماء، عندما بدأ بتعريفنا بأبطال الفريق السوري الأشاوس، وخاصة عندما قرأ اسم كابتن الفريق وقلب الدفاع الرفيق الفريق حافظ الأسد الذي يحمل الرقم المميز (13).
بينما علا التصفير وأصوات الاستهزاء والاستخفاف عندما قرأ أسماء الفريق الصهيوني، وخاصة عندما وصل إلى اسم كابتن الفريق وقلب الهجوم الجنرال موشي ديان.
واعترض الفريق الإسرائيلي على إشراك اللاعبين السيد حسن نصر الله وأحمد جبريل مع الفريق السوري، على اعتبار أن الأول لبناني، وقد مثل سابقاً الفريق الإيراني أيضاً في مباريات دولية، والثاني فلسطيني الجنسية. وبالمقابل اعترض الفريق السوري على إشراك سيدات مع الفريق الإسرائيلي (كغولدا مائير)، وبعد مشاورات بين لجنة الحكام والفيفا، وافق الفريق الإسرائيلي على اشتراكهما مع الفريق السوري (من باب التحدي)، كما وافق الفريق السوري على إشراكهن مع فريق العدو(على أساس أنهن دخلن سن اليأس)، فعلت الهتافات والتصفيق في المدرج السوري، واعتبر عدنان بوظو - بذكائه المعهود وسرعة بديهته - أن هذه أول تباشير النصر المؤزر الأكيد.
كنت أنظر باستغراب إلى لاعبينا، وكانت تدور في نفسي تساؤلات كثيرة، ما هذا الفريق؟ متى أصبح هؤلاء من يمثلون سورية؟ من الذي شكل هذا الفريق؟ أين أبطال سورية الحقيقيون؟ هل حافظ ورفعت وجميل وعدنان والسويداني والمير وفياض وحيدر ودوبا ومخلوف وطلاس هم الأحق في تمثيل سورية الحضارة والتاريخ؟ كل هذا وغيره كان يجول في نفسي، ولكنني لا أجرؤ على الكلام، بل لا أستطيع إلا أن أستمر في التصفيق والصراخ كبقية الجماهير، لأنني كلما فتر حماسي قليلاً، نظر أحد الجالسين المدنيين قربي إليَّ بطرف عينيه من تحت نظارته السوداء، فشحن قوتي، وعدت من جديد إلى الصراخ والهتاف بنشاط وحماس لا يوصفان.
وبعد أن تبادل رئيسا الفريقين (حافظ وديان) الأعلام، فأخذ الأسد نجمة داوود، وتناول موشي الأعور علم سورية، تصافحا وتعانقا، وبدا الأعور وكأنه يهمس في أذن الأسد بضع كلمات، فهز الأسد رأسه بالإيجاب!!
ثم أعلن بوش انطلاق المباراة، وعلت الهتافات واشتد التصفيق وخاصة من جهة الجمهور السوري، وما هي إلى لحظات حتى اتضحت الصورة، وبدا فريق العدو منظماً منضبطاً يلعب بخطة واستراتيجية هجومية، ويتبادل فريقه الكرة بتعاون وسلاسة، بينما كان فريقنا فوضوياً ومشتتاً، يلعب بلا خطة ولا تركيز، وهمّ اللاعبين الوحيد هو إيصال الكرة إلى قائد الفريق وقلب الدفاع الأسد، الذي بدا عصبي المزاج يُكثر من الشتائم والسباب لأعضاء فريقه المرتبك.
وبدأ هجوم العدو يخترق دفاعاتنا الضعيفة بسهولة، وبدأت الكرات تمزق شباك مرمانا، وبدت المباراة وكأنها من طرف واحد، وكان لاعبونا يكتفون بالاحتجاج على قرارات الحكام، ويدّعون أن أهداف العدو كلها تسلل، وغير صحيحة.