tiger
08/07/2006, 19:25
ربما كانت ادارة بوش هي كل ما يقول مواطن مسلم في بريطانيا أو مصر أو اندونيسيا عنها، وربما كانت أسوأ، إلا أننا لسنا أبرياء أبداً.
حزنت لأن استطلاعاً للرأي العام أظهر أن 13 في المئة من البريطانيين المسلمين يعتقدون أن ارهابيي 7/6/2005 شهداء، مع أنهم استهدفوا مدنيين أبرياء.
حزنت من دون أن أفاجأ، فكل البريد الذي تلقيته تعليقاً على قتل الزرقاوي دافع عنه ازاء قولي انه ارهابي اعتبرت موته خبراً ساراً، وأصر القراء على انه مات شهيداً.
الزرقاوي ارهابي، ومثله الانتحاريون الذين ضربوا وسائل النقل العام في لندن، واعتبار أي واحد من هؤلاء شهيداً إهانة للشهداء، فقد نُهينا عن قتل النفس، وعن قتل مؤمن، وعن قتل معاهد مستأمن، والنهي قاطع والجدل فيه محسوم، فإذا زعم أسامة بن لادن أن الزرقاوي «أحد أعظم فرساننا وأحد أفضل أمرائنا» فهو يكشف أمرين اعرضهما عنه وينكرهما المخدوعون به، الأول أنه جاهل بالاسلام، والثاني أنه ارهابي.
واستطيع أن أوسع دائرة الانتقاد لتشمل النواب الاسلاميين الأردنيين الذين ذهبوا الى الزرقاء لتعزية أسرة الزرقاوي. هؤلاء النواب حمقى، حتى لا أقول أكثر، اخطأوا بحق الشهداء الحقيقيين من ضحايا ارهاب الزرقاوي، بمن فيهم شهداء فنادق عمان، واخطأوا بحق دينهم ووطنهم، وبحق الانسانية. ومع ذلك نجد من يعتذر للنواب الأربعة، فلا يفعل سوى أن يشترك معهم في الذنب.
وانتقد مع هؤلاء جميعاً هيئة علماء المسلمين في العراق التي أصدرت بياناً عن تهمة القتل والاغتصاب التي وجهت الى جندي أميركي في حادث أدى الى مقتل الفتاة المغتصبة وثلاثة من أفراد أسرتها في آذار (مارس) الماضي.
أنا أدين الحادث بأشد عبارة ممكنة، وهو فظيع، يكشف وحشية الجندي الذي ارتكبه أو الجنود. وبيان هيئة العلماء المسلمين استنكر الجريمة البشعة، ورأى انها تبين حقيقة الوجه الأميركي القبيح.
كل هذا صحيح، ومع ذلك فهيئة علماء المسلمين في العراق اخطأت مرتين، الأولى انها لم تدن بالحماسة نفسها جرائم الزرقاوي وارهابيي القاعدة ضد المدنيين العراقيين، ولم اسمع انها رأت في قطع الرؤوس جريمة بشعة، والثاني انها تجاهلت أن الذين كشفوا جريمة الاغتصاب كانوا أميركيين، فجندي لم يتحمل وطأة الجريمة وشى برفاقه، ومحاكم عسكرية أميركية تابعت الموضوع حتى وصلت الى توجيه الاتهام.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق ستكسب صدقية أكبر لو أنها استنكرت كل جرائم القتل السابقة، ولو أنها لم تتناول جزءاً من الجريمة وتهمل التفاصيل التي لا توافق هواها.
واعرف أنه سيقوم غداً من يتهمني بالدفاع عن الاحتلال، غير أنني عارضت الحرب على العراق والاحتلال التالي ولا أزال، من دون أن يمنعني موقفي هذا أن أرى الحقيقة كلها، وبقيتها لمن لا يحب أن يسمع هي ان التعذيب والقتل في سجن أبو غريب، ومن غوانتانامو الى قاعدة باغرام، ورحلات طائرات الاستخبارات الأميركية الى سجون التعذيب في أوروبا وغيرها... كل هذه أمور كشفها أميركيون أو أوروبيون لا نحن، وتابعتها الصحافة الغربية ومؤسسات الحكم عندهم لا نحن. وقرار المحكمة العليا الأميركية ضد محاكمة معتقلي غوانتانامو في محاكم عسكرية خاصة كان صفعة مدوية في وجه ادارة بوش.
القضية هذه عرفت باسم حمدان ضد رامسفيلد، أي المعتقل اليمني سليم أحمد حمدان ضد وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، ومثل الدفاع اللفتنانت كوماندو تشارلز سويفت، وفاز بقضية صعبة ضد قيادة الجيش ووزارة الدفاع والادارة كلها.
هل سمع أحد من القراء عن قضية رفعها متهم غريب على وزير في أي بلد عربي وفاز بها، أو عن محامٍ من ذلك البلد تجرأ على الدفاع عن مثل هذا المتهم ضد حكومة بلاده؟
لم يحدث هذا ولن يحدث في عمرنا.
الادارة الأميركية ترتكب الأخطاء والخطايا كل يوم، من سوء ادارة الحرب والاحتلال، الى تعذيب المعتقلين أو مواصلة حجزهم من دون توجيه تهم اليهم، الى التنصت على مكالمات المواطنين، الى التجسس على حساباتهم البنكية، ومع هذا كله دعم الارهاب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين. أزعم أن هناك كل يوم فضيحة جديدة لادارة بوش أو مشكلة، ولكن ما يضعف قدرة العرب والمسلمين كلهم على الرد وابراز عدالة قضاياهم هو أن الارهاب المجنون وضعنا جميعاً في قفص الاتهام، وأن الاعتذاريين للارهاب يزيدون الوضع سوءاً.
لولا هؤلاء وهؤلاء لكانت هناك أسباب كثيرة للتفاؤل، وقد أعلن ناطقون باسم الأمم المتحدة قبل أيام أن الدول العربية القادرة، خصوصاً الدول المنتجة للنفط، أصبحت في مقدم الدول التي تتبرع لمساعدة المنكوبين بكوارث طبيعية. وقدمت الأمم المتحدة تفاصيل عن حجم التبرعات من السعودية والامارات وقطر وغيرها. وعلى صعيد مختلف تماماً كان نجاح مشاركة المرأة في الانتخابات الكويتية نجاحاً لكل نساء العرب والمسلمين ولعلهن يشجعن غيرهن على السير في الطريق نفسها.
أما على صعيد فردي فأفضل مثل ممكن هو تبرع والدي الطفل الفلسطيني أحمد خطيب باعضاء طفلهما الذي قتل برصاص جنود اسرائيليين في 3/11/2005 في جنين، فذهب قلبه ورئتاه وطحاله وكليتاه الى ستة مرضى على وشك الموت، منهم أربعة اسرائيليين واثنان من فلسطينيي 1948، وكان خمسة من الستة المستفيدين من الأطفال. وعندما استشهد الجندي البريطاني المسلم جابرون هاشمي في افغانستان حيّت صحف بريطانيا كلها استشهاده، ورأت انه «بريطاني مسلم، بريطاني بطل» وكسب مسلمو بريطانيا كلهم من تضحيته.
ارجو أن يكون الوجه الحقيقي للعرب والمسلمين هو عمل الخير واصلاح النفس وطلب السلام لا الارهاب والمعتذرين لهم، فنحن لا نستطيع أن ننتزع حقوقنا من الولايات المتحدة أو غيرها اذا كانت حقوقنا ضائعة في بلادنا.
وكلمة أخيرة للذين يرون القشة في عيون الآخرين، ولا يرون الخشبة في عيونهم: وراء طائرات التعذيب سبب فات المنتقدين، هو أن القانون الأميركي يمنع التعذيب، وهناك من يراقب ويفضح، لذلك وجدت الادارة الأميركية أن من الأسهل عليها ارسال المعتقلين الى بلدان أخرى، وربما بلدان عربية، لتعذيبهم. في بلادنا المعتقلون يعذبون أو يضيعون من دون أن يجرؤ أحد، حتى أسرهم، على السؤال عنهم.
جهاد الخازن
حزنت لأن استطلاعاً للرأي العام أظهر أن 13 في المئة من البريطانيين المسلمين يعتقدون أن ارهابيي 7/6/2005 شهداء، مع أنهم استهدفوا مدنيين أبرياء.
حزنت من دون أن أفاجأ، فكل البريد الذي تلقيته تعليقاً على قتل الزرقاوي دافع عنه ازاء قولي انه ارهابي اعتبرت موته خبراً ساراً، وأصر القراء على انه مات شهيداً.
الزرقاوي ارهابي، ومثله الانتحاريون الذين ضربوا وسائل النقل العام في لندن، واعتبار أي واحد من هؤلاء شهيداً إهانة للشهداء، فقد نُهينا عن قتل النفس، وعن قتل مؤمن، وعن قتل معاهد مستأمن، والنهي قاطع والجدل فيه محسوم، فإذا زعم أسامة بن لادن أن الزرقاوي «أحد أعظم فرساننا وأحد أفضل أمرائنا» فهو يكشف أمرين اعرضهما عنه وينكرهما المخدوعون به، الأول أنه جاهل بالاسلام، والثاني أنه ارهابي.
واستطيع أن أوسع دائرة الانتقاد لتشمل النواب الاسلاميين الأردنيين الذين ذهبوا الى الزرقاء لتعزية أسرة الزرقاوي. هؤلاء النواب حمقى، حتى لا أقول أكثر، اخطأوا بحق الشهداء الحقيقيين من ضحايا ارهاب الزرقاوي، بمن فيهم شهداء فنادق عمان، واخطأوا بحق دينهم ووطنهم، وبحق الانسانية. ومع ذلك نجد من يعتذر للنواب الأربعة، فلا يفعل سوى أن يشترك معهم في الذنب.
وانتقد مع هؤلاء جميعاً هيئة علماء المسلمين في العراق التي أصدرت بياناً عن تهمة القتل والاغتصاب التي وجهت الى جندي أميركي في حادث أدى الى مقتل الفتاة المغتصبة وثلاثة من أفراد أسرتها في آذار (مارس) الماضي.
أنا أدين الحادث بأشد عبارة ممكنة، وهو فظيع، يكشف وحشية الجندي الذي ارتكبه أو الجنود. وبيان هيئة العلماء المسلمين استنكر الجريمة البشعة، ورأى انها تبين حقيقة الوجه الأميركي القبيح.
كل هذا صحيح، ومع ذلك فهيئة علماء المسلمين في العراق اخطأت مرتين، الأولى انها لم تدن بالحماسة نفسها جرائم الزرقاوي وارهابيي القاعدة ضد المدنيين العراقيين، ولم اسمع انها رأت في قطع الرؤوس جريمة بشعة، والثاني انها تجاهلت أن الذين كشفوا جريمة الاغتصاب كانوا أميركيين، فجندي لم يتحمل وطأة الجريمة وشى برفاقه، ومحاكم عسكرية أميركية تابعت الموضوع حتى وصلت الى توجيه الاتهام.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق ستكسب صدقية أكبر لو أنها استنكرت كل جرائم القتل السابقة، ولو أنها لم تتناول جزءاً من الجريمة وتهمل التفاصيل التي لا توافق هواها.
واعرف أنه سيقوم غداً من يتهمني بالدفاع عن الاحتلال، غير أنني عارضت الحرب على العراق والاحتلال التالي ولا أزال، من دون أن يمنعني موقفي هذا أن أرى الحقيقة كلها، وبقيتها لمن لا يحب أن يسمع هي ان التعذيب والقتل في سجن أبو غريب، ومن غوانتانامو الى قاعدة باغرام، ورحلات طائرات الاستخبارات الأميركية الى سجون التعذيب في أوروبا وغيرها... كل هذه أمور كشفها أميركيون أو أوروبيون لا نحن، وتابعتها الصحافة الغربية ومؤسسات الحكم عندهم لا نحن. وقرار المحكمة العليا الأميركية ضد محاكمة معتقلي غوانتانامو في محاكم عسكرية خاصة كان صفعة مدوية في وجه ادارة بوش.
القضية هذه عرفت باسم حمدان ضد رامسفيلد، أي المعتقل اليمني سليم أحمد حمدان ضد وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، ومثل الدفاع اللفتنانت كوماندو تشارلز سويفت، وفاز بقضية صعبة ضد قيادة الجيش ووزارة الدفاع والادارة كلها.
هل سمع أحد من القراء عن قضية رفعها متهم غريب على وزير في أي بلد عربي وفاز بها، أو عن محامٍ من ذلك البلد تجرأ على الدفاع عن مثل هذا المتهم ضد حكومة بلاده؟
لم يحدث هذا ولن يحدث في عمرنا.
الادارة الأميركية ترتكب الأخطاء والخطايا كل يوم، من سوء ادارة الحرب والاحتلال، الى تعذيب المعتقلين أو مواصلة حجزهم من دون توجيه تهم اليهم، الى التنصت على مكالمات المواطنين، الى التجسس على حساباتهم البنكية، ومع هذا كله دعم الارهاب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين. أزعم أن هناك كل يوم فضيحة جديدة لادارة بوش أو مشكلة، ولكن ما يضعف قدرة العرب والمسلمين كلهم على الرد وابراز عدالة قضاياهم هو أن الارهاب المجنون وضعنا جميعاً في قفص الاتهام، وأن الاعتذاريين للارهاب يزيدون الوضع سوءاً.
لولا هؤلاء وهؤلاء لكانت هناك أسباب كثيرة للتفاؤل، وقد أعلن ناطقون باسم الأمم المتحدة قبل أيام أن الدول العربية القادرة، خصوصاً الدول المنتجة للنفط، أصبحت في مقدم الدول التي تتبرع لمساعدة المنكوبين بكوارث طبيعية. وقدمت الأمم المتحدة تفاصيل عن حجم التبرعات من السعودية والامارات وقطر وغيرها. وعلى صعيد مختلف تماماً كان نجاح مشاركة المرأة في الانتخابات الكويتية نجاحاً لكل نساء العرب والمسلمين ولعلهن يشجعن غيرهن على السير في الطريق نفسها.
أما على صعيد فردي فأفضل مثل ممكن هو تبرع والدي الطفل الفلسطيني أحمد خطيب باعضاء طفلهما الذي قتل برصاص جنود اسرائيليين في 3/11/2005 في جنين، فذهب قلبه ورئتاه وطحاله وكليتاه الى ستة مرضى على وشك الموت، منهم أربعة اسرائيليين واثنان من فلسطينيي 1948، وكان خمسة من الستة المستفيدين من الأطفال. وعندما استشهد الجندي البريطاني المسلم جابرون هاشمي في افغانستان حيّت صحف بريطانيا كلها استشهاده، ورأت انه «بريطاني مسلم، بريطاني بطل» وكسب مسلمو بريطانيا كلهم من تضحيته.
ارجو أن يكون الوجه الحقيقي للعرب والمسلمين هو عمل الخير واصلاح النفس وطلب السلام لا الارهاب والمعتذرين لهم، فنحن لا نستطيع أن ننتزع حقوقنا من الولايات المتحدة أو غيرها اذا كانت حقوقنا ضائعة في بلادنا.
وكلمة أخيرة للذين يرون القشة في عيون الآخرين، ولا يرون الخشبة في عيونهم: وراء طائرات التعذيب سبب فات المنتقدين، هو أن القانون الأميركي يمنع التعذيب، وهناك من يراقب ويفضح، لذلك وجدت الادارة الأميركية أن من الأسهل عليها ارسال المعتقلين الى بلدان أخرى، وربما بلدان عربية، لتعذيبهم. في بلادنا المعتقلون يعذبون أو يضيعون من دون أن يجرؤ أحد، حتى أسرهم، على السؤال عنهم.
جهاد الخازن