-
دخول

عرض كامل الموضوع : الله يعيش تحت السرير !


tiger
08/07/2006, 19:21
أنا أحسد كيفن، أخي كيفن يعتقد أن الله يعيش تحت سريره! هذا ما سمعته في إحدى الليالي.

لقد كان يصلي بصوت عالٍ في غرفة نومه المظلمة وتوقفت بالباب لأستمع لما يقوله: "هل أنت هناك يا إلهي؟ أين أنت؟ حسناً، تحت السرير..."

عندها ضحكت قليلاً وعدت إلى غرفتي وأنا أسير على رؤوس أصابعي.
غالباً ما كانت أفكار كيفن مصدراً للتسلية، لكن تلك الليلة تركت فيّ شيئاً، لقد أدركت وللمرة الأولى العالم المختلف الذي يعيش كيفن فيه.

فقد وُلد كيفن قبل ثلاثين عاماً وهو مصاب بتخلف عقلي نتيجة صعوبات أثناء الولادة، إنه يفكر ويتواصل مع الآخرين بقدرات تماثل قدرات طفل عمره سبع سنوات، وسيبقى كذلك للأبد. ومن المرجح أن يعتقد دائماً أن الله يعيش تحت سريره وأن بابا نويل هو الذي يضع الهدايا تحت شجرة الميلاد كل عام، وأن الطائرات تبقى تحلق في السماء لأن الملائكة تحملها...

أذكر نفسي وأنا أتساءل فيما إذا كان كيفن يدرك أنه مختلف وفيما إذا كان يشعر بعدم الرضا من نمط حياته الرتيبة، فهو يستيقظ يومياً قبل شروق الشمس للعمل في ورشة لذوي الاحتياجات الخاصة، وبعد أن يعود إلى البيت يخرج ثانية ليتنزه مع كلب العائلة، وبعد عودته يتناول وجبته المفضلة من المعكرونة بالجبنة ليأوي لاحقاً إلى فراشه.

ورغم كل هذا فلا يبدو عليه عدم الرضا إطلاقاً، فهو يجري إلى الحافلة كل صباح توّاقاً ليوم من العمل البسيط، ويفرك يديه بلهفة عندما تغلي المياه فوق المدفأة قبل العشاء، ويبقى مستيقظاً لوقت متأخر مرتين في الأسبوع كي يجمع ثيابنا المتسخة ويغسلها في اليوم التالي.

وفي عطلة الأسبوع! يا له من يوم رائع، إنه اليوم الذي يذهب فيه كيفن مع والدي إلى المطار ليتناولا العصير ويشاهدا الطائرات وهي تهبط فيما أخي يصفق بيديه ويخمّن بصوت عال وجهة كل مسافر داخل الطائرة.

هكذا تمضي أيامه الرتيبة دون أي يعرف معنى أن يشعر المرء بعدم الرضا.

حياته بسيطة ...
لذا فهو لن يعرف المشاكل التي تأتي مع الثروة والسلطة ولن يبالي بنوع الملابس يرتديها أو بنوع الطعام الذي يتناوله، فحاجاته يتم تلبيتها دائماً وهو لا يقلق من أنها لن تكون كذلك في يوم من الأيام.

وعلى الرغم من أنه مشغول دائماً إلا أن كيفن يكون في أسعد حالاته عندما يكون في العمل أو عندما ينهي الغسيل أو يكنس السجادة، وهو يقوم بهذا بكل تفانٍ، هو لا يتراجع أبداً عن عمل بعد أن يبدأ به ولا يترك عملاً إلا بعد أن ينتهي منه.

ولكن بعد أن تنتهي كل مهامه فإن كيفن يعرف كيف يرتاح.
هو ليس مهووساً بعمله أو بعمل الآخرين لأن قلبه نقي وطاهر، وما يزال يعتقد أن كل الناس يقولون الصدق ويوفون بوعودهم وأنهم يعتذرون عندما يخطئون بدل أن يجادلوا.

كيفن لا يشعر بالغرور ولا يهتم بالمظاهر، وهو لا يخاف من أن يبكي عندما يشعر بالألم أو بالغضب أو بالحزن، هو دائماً شفاف وصادق ويؤمن بالله.

كيفن ودون أن يحدّه التفكير العقلاني يكون كالطفل عندما يتعلق الموضوع بالله، فهو يبدو وكأنه يعرفه، وكأنهما أصدقاء بطريقة يصعب على "المتعلمين" أمثالي أن يستوعبوها.

وفي لحظات الشك بالإيمان التي أشعر بها، أحسد كيفن على إيمانه البسيط وعندها فقط أجد نفسي قادراً على الاعتراف بأن لديه معرفة إلهية تسمو فوق تساؤلاتي الدنيوية.

عندها فقط أدرك أنه ليس هو المعاق، بل أنا المعاق... بكل التزاماتي، خوفي، غروري وظروفي... كلها تصبح إعاقات عندما لا أؤمن بأن الله سيتكفل بها.

من يدري، ربما يفهم كيفن أشياءً لا يمكن أن أفهمها أبداً؟ وعلى أي حال فقد أمضى حياته كلها في هذه البراءة، أمضى حياته كلها يصلي كل ليلة وهو يتشرّب حب الله والخير.

وفي يوم ما، عندما تتكشف أسرار الكون ونشعر جميعاً بالدهشة من مدى قرب الله من قلوبنا، عندها فقط سأدرك أن الله قد سمع الدعوات البسيطة لصبي اعتقد أن الله يعيش تحت سريره.
لكن كيفن لن يشعر بالدهشة أبداً!!

المؤلف: مجهول

Seth
09/07/2006, 13:33
فعلا من ابسط و اعمق ما قرأت

tiger
10/07/2006, 13:46
شكرا على مرورك يا غالي...:D