-
دخول

عرض كامل الموضوع : معضلة التفاحة ما بين المرأة والرجل...؟!


dot
08/07/2006, 15:47
د.مراد الصوادقي

ما نقرأه من كتابات عن المرأة في مجتمعنا ,يؤلم حقا ويؤذي المرأة ويتوهم من يكتبها بأنها تؤدي دورا لصالح المرأة ودفاعا عنها, وفي واقع أمرها, إنها ضد المرأة’ لأنها تضفي عليها صفات سلبية وتجردها من كل ما هو إيجابي. ويبدو في هذه الكتابات الظلم وعدم الإنصاف للمرأة وعدم تقديمها للعالم بصدق وأمانة ووضوح وإنما يتم الإمعان بتشويه واقعها ودورها الاجتماعي والإنساني. فترى العالم يتحدث عن المرأة في مجتمعنا مثلما تتحدث كتاباتنا عنها.
إنه لمن المحزن حقا أن لا تذكر المرأة محاسن حياتها في كتاباتها عن المرأة قبل أن تذكر مساوئها. وكأنها كتابات تحاول أن نخرج من الزمن المعاصر لنسقط بعيدا عن مسيرة التاريخ ودروب الحضارة والارتقاء و نراوح في ذات المكان ونعشق الرجوع إلى الوراء بسرعة فائقة.
سأتناول بعض الملاحظات ذات العلاقة بتفاعل المرأة والرجل في المجتمع البشري ولا أظنني سأأتي بجديد لأن الموضوع قد رافق المجتمعات البشرية منذ نشأتها وسيبقى هكذا ما دامت المجتمعات البشرية قائمة. وقد كتب فيه أعلام النهضة في مجتمعاتنا منذ أواخر القرن التاسع عشر وأشبعوه أفكارا ورؤى ومقترحات. ولا أريد أن أكرر بقدر ما أشير إلى إغفالنا للأشواط التي قطعتها المرأة في سلم المشاركة الاجتماعية وممارسة حقوقها ودورها في مجتمعنا على مدى العقود الخمسة الماضية –على الأقل-برغم كل الصعوبات والممانعات في تسليط الأضواء على إنجازاتها المتنوعة في ميادين الحياة المختلفة. وللأسف تشدنا رغبة قوية في اعتبار ما عندنا سيئ وخاطئ وما عند غيرنا جيد وصحيح ونمعن في تعميمنا المنحرف لهكذا مفاهيم. ويبدو أننا ننسى بعض الحقائق ويكون من المفيد التذكير بها.
1
إن المشاكل ما بين البشر موجودة منذ الأزل وستبقى إلى الأبد ولا يمكننا أن نتخيل حياة بشرية على سطح الأرض من غير مشاكل وصراعات ومعاناة. والبشر رجل أو امرأة يدور في دوامة العناء, والتفاعل فيما بينهما لا يخلو من السلب والإيجاب. ومهما ادعينا فإن المشاكل ستبقى قائمة ولا يمكننا أن نتخيل أن هناك علاقة مثالية ما بين الرجل والمرأة على سطح الأرض. ولن نحل هذه الإشكالية مهما حاولنا لأنها جزء مهم من مسيرة الحياة البشرية المنبثقة من علاقة الرجل والمرأة. فلكل مجتمع مشاكله فيما يخص تفاعل الجنسين. ولا يمكننا أن نجزم بأن المجتمعات الأخرى خالية من عناء النساء وبأن الحرية الجنسية قد وفرت كل الحلول ومنحت المرأة غاية السعادة والأمان. نحن نسميها مشكلة في كتاباتنا وهي في حقيقتها تفاعلات متنوعة ذات نتائج مختلفة ومتعددة. ولكي نكون موضوعيين وواقعين فإن علينا الإقرار بعدم وجود مجتمع بشري مثالي يخلو من عناء المرأة والرجل على حد سواء. وجهد كل باحث ومصلح اجتماعي يكون باتجاه تخفيف المعاناة وإيجاد بعض المخارج المفيدة من أزمات التفاعل البشري.
إشكالية العلاقة ما بين الرجل والمرأة ليست شرقية أو غربية إنها إشكالية بشرية رافقت الوجود البشري منذ الأزل وبسبب التعقيدات المصاحبة للسلوك البشري وتشابك الدوافع البشرية وتخلقها بأساليب أكثر تعقيدا وغموضا من باقي المخلوقات, يحصل تواصل في إشكاليات التفاعل ما بين الجنسين اللذَين لا يمكنهما الاستغناء عن بعضهما إلا فيما ندر. فالعلاقة ما بين الاثنين عبارة عن علاقة تبادل منفعة واعتماد وتأسيس مؤسسة مشتركة تحقق رغباتهما وطموحاتهما معا. لكن هذه الشراكة تتعرض للكثير من الصعوبات والاضطرابات, بسبب تنوع الشخصيات البشرية واضطرابات السلوك وتعدد الآليات التي تتحكم بسلوكها والنتائج المترتبة عما يحصل من تداخلها مع آليات الشخصية الأخرى التي تريد أن تتفاعل معها وتتواصل. فالسلوك البشري هو من أعقد سلوكيات المخلوقات الأرضية وأشدها غموضا .
بصورة عامة فأن مؤسسة العائلة التي تم بناؤها من قبلهما لا زالت مستمرة ومفيدة لإستمرار النوع البشري. وهي الصيغة الأمثل التي أكتشفها البشر منذ بدايات وجوده على الأرض. فقد أسس آدم وحواء النواة الأولى للعائلة البشرية واستمرت مسيرة التفاعل ما بين أفراد البشر لصياغات عائلية متنوعة تطورت لتكوّن مجتمعات وشعوب وأمم. فالهدف المشترك والسامي للمرأة والرجل هو العائلة ومن المفيد أن نسلط الأضواء على هذا الهدف الاجتماعي الإنساني الذي يحقق وجودنا الصحيح على وجه الأرض. أما ما يخرج عن هذا الإطار التفاعلي ما بين الجنسين فأنه يأخذ منحنيات واتجاهات ذات تأثيرات ومعطيات عديدة. فمنطق بناء العائلة واستثمار الغريزة التفاعلية بين الجنسين بطريقة بناءة ومفيدة لهما وللأجيال من بعدهما هو المنطق الذي ساد عبر العصور وهو الذي حقق إستمرار النوع البشري.
وفي زمننا المعاصر أصيب هذا المفهوم بتصدع وأخذنا ننحى بعيدا عن المؤسسة العائلية المتكافلة وراح الاتجاه نحو بناء علاقات رغبوية لا تمتلك مبررات التكافل والاعتماد والتواصل, بل أنها ترتبط بدرجة حرارة الرغبة و برودتها. مما أدى إلى إهمال نواة استمرار المجتمعات البشرية وتمييعها واعتبارها موضوعا متخلفا. فالزواج في بعض المجتمعات أصبح حالة غير معاصرة والحاجة إلى الرجل ما هي إلا حاجة غريزية آنية أو وقتية وحسب والعكس صحيح. أما ما ينتج عن هذا التفاعل من أطفال فإن أحد الجنسين لوحده يكون المسؤول عنهم أو الآخرين الذين يرغبون ووفقا للقوانين التي تنظم ذلك (ومن يقرأ مسلة حمورابي يجد قوانينَ بهذا الخصوص أيضا وفي ذلك الزمن) وفي أغلب الأحيان تكون المرأة الأم بحكم غريزة الأمومة صاحبة المسؤولية. وهكذا فنحن نسعى بوعي أو دون وعي منا إلى تفتيت النواة الاجتماعية تحت ذرائع لا تتفق والإرادة البشرية البقائية. لكن هذا السعي لا يمكنه أن يحقق أهدافه لأنه ضد الطبيعة وقوانين الحياة الأرضية وإرادة التواصل البشري السليم على سطح الأرض.
2
وفي كثير من كتاباتنا نحن نجنح إلى المثالية والانفعالية في تناول الموضوع وكأنه أبيض وأسود وكأن الرجل هو المتهم الأول والمرأة بريئة ومظلومة وتعاني من بطش الرجال. وفي هذا الكثير مما ينافي واقع الحياة وطبيعتنا البشرية وما يجري بين المرأة والرجل من تفاعلات. المجتمعات البشرية عموما لا تخلو من التفاعلات الإيجابية السائدة والتفاعلات السلبية المتحققة ولكن بنسب أقل مما هو سائد. فلو أخذنا مجتمعنا العراقي على سبيل المثال, لرأينا أن المرأة لها دورها في المجتمع وعلى مختلف المستويات وهي مكرمة في بيتها وبين أهلها وفي مجتمعها وفي ذات الوقت تجد الكثير من العلاقات السلبية هنا وهناك لكن الغالب هو الجيد. ولو نظر كل منا إلى نفسه وعائلته ومن حوله لأدرك أن هناك ما هو إيجابي أكثر مما هو سلبي في علاقة الرجل العراقي بالمرأة. ترى لماذا لا ننطلق من أنفسنا وعوائلنا في الحديث عن هذا الموضوع؟ ألسنا نؤلف نواة في المجتمع الذي نحن فيه؟ لماذا نذهب إلى أشياء بعيدة ونحاول أن نتصور أكثر مما نرى ونصور بموضوعية وأمانة؟ والجواب قد يكمن بهذه السلبية التي تجتاحنا وتتمكن من رؤانا فنقع في مهاوي الإجحاف والتزييف.
وعندما نأخذ الموضوع إلى مدى أبعد ونشمل المجتمعات الإسلامية فإننا سنجد ذات الحالة, لأن الدين الإسلامي-من وجهة نظري على الأقل-قد أوجد صيغة عملية صحيحة ذات قيمة اجتماعية للتفاعل ما بين المرأة والرجل تكفل حقوقهما وتحدد وواجباتهما وتحمي العائلة والمجتمع من الأضرار. وديناميكية العلاقة التفاعلية مبنية على أفكار أساسية مطلقة المعاني والأبعاد وتتلخص بالمودة والرحمة والسكينة والمعروف. وما شذ عن ذلك فهو لا يمت إلى الإسلام بصلة مهمة. بل أن هناك تنظيم متطور لأدق تفاصيل العلاقة ما بين الجنسين في تراثنا الإسلامي.
وفي المجتمعات الأخرى علاقة المرأة بالرجل ليست مثالية , بل أنها مشحونة بالكثير من المشاكل والمعضلات, حيث تزداد نسب الطلاق وتصل إلى أعلى مستوياتها في تاريخ البشر وتجد المرأة لوحدها في البيت وتتحمل مسؤوليات على الرجل أن يشاركها بها من أجل سلامتها وسلامة الجيل الناشئ. ولهذا تجد مؤسسات الرعاية الاجتماعية والنفسية للعائلة والأطفال في ازدياد كبير جدا, إضافة إلى علاقات العنف والاعتداءات بمختلف أنواعها مما أدى إلى إنشاء العديد من بيوت حماية المرأة من الاعتداء وكذلك الأطفال وغيرها مما لا يحصى من المشكلات. فمعاناة المرأة في أي مجتمع تتأثر بالواقع الثقافي والتقاليد في ذلك المجتمع ولا يمكننا أن نتوهم بأن مجتمع ما على وجه الأرض يخلو من مشاكل اجتماعية لأننا إن توهمنا بذلك فهذا يعني إننا ننفي وجود ذلك المجتمع. بل أن لكل مجتمع بشري مشاكله الخاصة به.
إن الأمراض التي تصيب الكتابات عن المرأة والرجل في مجتمعنا هي الانفعال والتعميم المنحرف واعتبار مشكلة هنا أو هناك مشاكل شاملة ومأزق بشري خطير وتركيز الموضوع على المرأة الشرقية والمجتمع الإسلامي وننسى أهمية ثقافات المجتمعات وتقاليدها وخصوصياتها وبأننا لا يمكننا أن نخاطب كل مجتمع بذات اللغة والمنطق والأعراف والتقاليد التي نخاطب بها مجتمع آخر. فالعلاقة ما بين الرجل والمرأة يجب أن تؤخذ حالة بحالة وفقا للوضع الاجتماعي والثقافي الملازم للحالة.

dot
08/07/2006, 15:49
فعلى سبيل المثال- ترعرعت في مدينة عراقية محافظة وما سمعت عن جريمة غسل العار طيلة حياتي فيها إلا مرة واحدة وكانت الحالة شاذة وغريبة وتوحي باضطراب في سلوك من قام بها, وقد تم النظر إلى الموضوع باستهجان وازدراء شديد من أهل المدينة. وربما سمع غيري في مدينة أخرى عن هكذا جرائم لكنها غير شائعة بل تكاد تكون نادرة وهي ليست مقياسا لاستنتاج علمي وتعميم. هذه الحالات تحصل عندنا ويحصل أعظم منها في مجتمعات أخرى تحت عناوين أخرى توحي بذات المعنى, ولكننا لا نملك إحصاءات دقيقة تشير إلى عددها في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى. وكذلك حالات الاعتداء على المرأة من قبل الرجل بالضرب وغيره فإننا لا نقرأ إحصاءات واضحة عنها لكننا نعمم من خلال حالات هنا أو هناك. إن أي رجل عراقي لا يمكنه أن يحتمل أن تُضرب أخته وتهان لأن في ذلك إهانة له ولعائلته, ومن تقاليد مجتمعنا إذا حصل اعتداء على المرأة من قبل الرجل فإنها تستنجد بأهلها وأقاربها وهذا يوفر لها حماية اجتماعية واضحة.أما كيف يستجيب الأهل فلك يرتبط بالصيرورة الثقافية والمعرفية والإجتماعية للأهل. لكن الاعتداء على المرأة في مجتمعنا –بصورة عامة-مستهجن وغير مقبول غير أنه موجود ولكنه ليس بالصورة التي يتم طرحها. كما أننا لا نملك دراسات مقارنة بين ما يحصل في مجتمعنا من اعتداءات على المرأة وبين ما يحصل في المجتمعات الأخرى. حبذا لو قارن مَن يهتم بالموضوع بما يجري للمرأة في المجتمعات الأخرى وما يحصل عندنا لكي نرى الحقيقة ونكون علميين ودقيقين فيما نقوله ونذهب إليه ونتخلص من الطرح الانفعالي المحتقن بالسلبية وغياب العلمية وتقديم الحلول. إن المرأة نصف المجتمع وما يصيب المجتمع يصيب المرأة ولا يمكن لعاقل أن يصدق اليوم أن المرأة لا تعاني والعراق يمر بهذه الظروف, بل أنها في أقسى معاناتها على مر تاريخ العراق المعاصر. ولهذا فأن ما يقع عليها وعلى الأطفال من أوزار الحرب والعنف لكبير جدا. وفي زمن الحروب المعاصرة أصبحت النساء والأطفال أشد عرضة لآثارها المدمرة لأنها صارت تستهدف الكيان العائلي وتحطم العائلة ومؤسستها ودورها الاجتماعي.
3
إن الحديث عن المرأة لا يمكن أن يكون موضوعيا من دون الحديث عن الرجل. وقد تم تناول موضوع المرأة وفي مرات عديدة بطريقة مبتورة ومغلفة وخائفة ومجردة من الصراحة ورؤية مفردات الطبيعة البشرية والعلاقة ما بين الرجل والمرأة والتي هي امتداد لعلاقة الذكر بالأنثى أو الأنثى بالذكر. أي أن هناك مفردات مختلفة وديناميكيات تفاعل تختلف أيضا. هناك تفاعل ما بين الذكر والأنثى وهناك تفاعل ما بين الرجل والمرأة و لكي نكون موضوعيين لا بد لنا من التفريق بين هاتين العلاقتين وديناميكية التفاعلات الناجمة عنهما.
إن الخلط ما بين العلاقات وفقا لهذه المفردات يؤدي إلى سلبية في التحليل والاستنتاج. ولفهم أية حالة أو ظاهرة في الحياة لا بد من الرجوع إلى مكونات تلك العلاقة الأساسية وننطلق منها للوصول إلى فهم مفيد لهذه التفاعلات ما بين الذكر والأنثى وما بين المرأة والرجل. هناك ذكر وأنثى وبين الذكر والأنثى من مخلوقات الأرض هناك علاقة جنسية أو تناسلية للحفاظ على النوع, وهذه العلاقة يشترك فيها كل ذكر وأنثى من مخلوقات الأرض دون استثناء. ومعظم المخلوقات ذات الجنسين تكون لديها مواسم معينة تحددها ساعاتها الفسيولوجية لممارسة الجنس والتناسل ويشذ عن ذلك بعض المخلوقات القليلة والتي على رأسها المخلوق البشري الذي لا يعرف المواسم بل أن نشاطات الذكر والأنثى الجنسية في عالم البشر متواصلة ولا توقفها إلا فترات الحيض الأنثوي وتلك ظاهرة تسترعي النظر. فلماذا لا يكون للبشر مواسم للنشاط الجنسي مثل معظم المخلوقات الأخرى؟
والعلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى علاقة معقدة ذات تأثيرات فسيولوجية محكومة بهرمونات ذكرية وأنثوية تدفع الجنسين إلى تحقيق حالة من الاستعداد للاتصال الجنسي. وهذه الحالة أو التوتر الهرموني تتكرر مرارا وفقا لدرجة نشاط الغدد الهرمونية عند الجنسين.
وفي عالم البشر يتم تحقق النضج الجنسي الفسيولوجي-البلوغ- عند الأنثى في وقت قد يتجاوز الحادية عشر بقليل ووفقا للظروف البيئية. وتكون باكورة النضج الفسيولوجي هو إعلان رحم الأنثى على استعداده لاحتضان البويضة المخصبة وذلك بإسقاطه لغلافه الداخلي الممزوج بالدماء والذي نسميه الحيض. أي أن الأنثى حالما تحيض تكون على استعداد للحمل أو أن مبيضها أخذ بإطلاق البويضات إلى حيث تأمل أن تلتقي بالحيمن وتتخصب لتكون مخلوقا ذكريا أو أنثويا وفقا لمعادلة الجينات المتفاعلة. والأنثى في فترة التبييض يعلو نداء الطبيعة الفاعل فيها والذي لا يمكنها أن تنهره أو تمنعه أو تنساه بسهولة. إنها قوة الاجتياح الهرموني التي تتملك السلوك الأنثوي وتدعوه إلى أن يكون قريبا من الذكر. وهذا الشعور والرغبة هي نفسها عند الذكر الذي يكون تواقا للأنثى ويعكس ذلك في سلوكياته وتوجهاته نحوها وهو تحت سطوة الهرمونات الذكرية المتزايدة في دمه والمتحكمة في سلوكه. والذكر يصل إلى درجة النضج الفسيولوجي ما بين الثانية عشر والثالثة عشر ويكون جاهزا للإخصاب في سن البلوغ يؤرخ بالاحتلام.
أن الهرمونات الذكرية والأنثوية تدفع الجنسين إلى الانجذاب الشديد نحو بعضهما لتحقيق رغبة الطبيعة ونداءها بالحفاظ على النوع.
إذن نحن أمام ذكر متوقد ومحكوم بهرموناته الذكرية وأنثى هي الأخرى محكومة بالهرمونات الأنثوية التي تريدها أن تنجب وأن لا تترك البويضة تذهب سدا في الحيض. وسلوكها في تصاعد ونزول على مدى دورتها الشهرية.
إن النتيجة الطبيعية لتفاعل الحالتين أن يكون هناك اتصال جنسي ما بين الذكر والأنثى من المخلوقات وبذلك يتخلص الاثنان من هذا الضيق والضغط الهرموني والانفعالي الذي يشدهما إلى بعضهما لبعض الوقت, وتبقى التوقيتات والضغوطات الفسيولوجية متكررة حتى تخبو تدريجيا مع تقدم العمر لكل منهما.
4
وعندما نأتي إلى المخلوق البشري في مجتمعاتنا الشرقية المعاصرة فلا يمكن للذكر والأنثى أن يحققا إطفاءا للرغبات الجنسية المتحققة عندهما بسهولة. بل أنهما يواجهان الموانع والمصدات العديدة مما يؤدي إلى كبتها واحتقانها وتأجيلها وتحويلها إلى سلوكيات أخرى في رمزيتها تعبيرات جنسية وفي ظاهرها يبدو العكس.
أما في بعض المجتمعات الأخرى فأن الذكر والأنثى من البشر كأي ذكر وأنثى من مخلوقات الأرض يحصل التعبير العملي عن تحقيق الرغبة عندهما مبكرا, فحالما تنضج الأنثى وينضج الذكر يسعيان إلى بعضهما ويمارسان الجنس . ولهذه المرحلة مشاكلها المختلفة والمعقدة والصعبة إضافة إلى النتائج الأخرى المترتبة على هذه العلاقات الجنسية المبكرة. وبعد ذلك يصبح مواصلة الاتصال الجنسي ما بين الذكر والأنثى حالة تمليها عليهما ما تحققه الهرمونات عندهم من رغبات واندفاعات وتوقيتات. وما عاد الجنس يشغلهما كثيرا لأنهما يحققانه في أي وقت تتوفر لديهم الرغبة لممارسته دون معوقات أو عواقب. ومن هنا فأن الذكر والأنثى قد تخلصا من طاقة الجنس واحتقاناتها والسلوكيات المضطربة الناجمة عن عدم إشباعها وتفريغها.
وتبقى المشاكل قائمة في كل نشاط مهما كان نوعه ما بين الرجل المرأة. فالعلاقة ما بين الذكر والأنثى في هذه المجتمعات قد تنامت مع الأيام لتتجاوز كونها علاقة جنسية وحسب وأخذت منحى آخر وهو الدور الاجتماعي لكل منهما كرجل وامرأة. ومع ذلك فإن موضوع التحرش الجنسي بمختلف أنواعه قائم في هذه المجتمعات وقد وضعت قوانين صارمة لضبطه ومعاقبة المتحرشين من الجنسين بشدة. أي أن الحرية الجنسية لا تلغي التفاعل السلبي ما بين المرأة والرجل بل قد تزيدها اشتباكا وتوترا. ولم تقدم حلا لإشكالية العلاقة ما بين الرجل والمرأة بل أضافت إليها ما لم يكن بالحسبان وكلفت المجتمعات الكثير من الجهد والطاقات. وبسبب ذلك هناك الكثير من الدعوات إلى العفة واعتبارها العلاج الأصلح للعديد من المشاكل . وهذا يؤكد غرابة وتعقيد السلوك الجنسي البشري وعدم القدرة على إرضائه وتهذيبه ولهذا وجدت القوانين لردعه ومع ذلك نسمع كل يوم عن جرائم مختلفة بهذا الخصوص.
وبهذا فنحن مهما حاولنا فلن نجد حلا مرضيا لهذه الإشكالية السرمدية. ويبدو أن الأفكار الإسلامية الأساسية المتعلقة بهذا الموضوع ذات قيمة راجحة على معظم الحلول المجربة عبر تاريخ البشرية ومنذ أيام آدم وحواء.

5
ترى كيف يتصرف من أفرغ رغباته الجنسية وهو في سن المراهقة وكيف يتصرف من لم يفرغ طاقاته الجنسية وقد تجاوز عقودا عديدة من عمره؟
هنا تكمن مشكلة أخرى ذات آثار اجتماعية مؤذية للذكر والأنثى اللذان يشتركان بكونهما ضحية للهرمونات الجنسية المحتقنة في دمائهما وللإحباطات المتوالية في تحقيق هذه الرغبات. إن من الإجحاف الشديد أن نقارن ذكرا شرقيا وأنثى شرقية بأنثى وذكر من تلك المجتمعات. فهذا يعني أننا نقارن ما بين شيء ممتلئ حد الانفجار وشيء لا يمتلك أية قدرة على الانفجار لأنه قد تخلص مما فيه من طاقات جنسية مبكرا فتبدلت رؤاه ونظرته وسلوكه وتولدت لديه مشاكله الخاصة به.
إن إهمال دور الكبت الجنسي في العلاقة ما بين الرجل والمرأة في المجتمعات الشرقية يعد أحد أكبر الأخطاء البحثية والزوغانات الإستنتاجية. ووفقا لهذا الاحتقان الهرموني وعدم تفريغ الرغبات في حينها يصاب الرجل والمرأة بخلط كبير ما بين المرأة والأنثى والرجل والذكر. فكل منهما لم يحقق رغباته بما يحررهما من قيودهما وتأثيراتهما في مختلف مستويات السلوك الاجتماعي. الرجل الشرقي يعاني مثلما المرأة تعاني, لكن التفاعل بينهما عبارة عن تفاعلات ما بين الضحايا الذي يدفع إلى ديناميكيات تفاعلية ذات خصوصيات معينة فالضحية تقوم بدور الجلاد وكذلك الضحية في وقت واحد فالذكر ضحية وجلاد والأنثى ضحية وجلاد وتتفاوت نسبة تبادل الأدوار وفقا للبيئة الاجتماعية القائمة.

dot
08/07/2006, 15:50
إن من قوانين الطبيعة الأساسية أن الطاقة لا يمكن أن تفنى لكنها تتحول من حالة إلى أخرى, وهكذا ترانا في مجتمعاتنا نحول الطاقة الجنسية المكبوتة عندنا إلى مختلف السلوكيات السلبية الضارة بالمجتمع بصورة عامة والبعض يوظفها بإتجاهات إيجابية مفيدة. فالذكر الذي يرغب بالجنس ولم يحققه يتحول إلى وجود غاضب وبركان من الانفعالات وفقا للظروف التي هو فيها وكذلك الأنثى تراها في حالة من التوتر الانفعالي الذي يتسبب لها بتفاعلات سلبية مع الرجل وغيره ممن حولها وتتشابك التوترات ويحمي الوطيس وتتطور حالة التفاعل بينهما وتتجاوز درجة الغليان.
إن الحل الصحيح في مجتمعاتنا هو أن يتحقق الزواج المبكر ما بين الذكر والأنثى لكي يتخلصوا من انحباس الطاقة الجنسية ويتفرغوا لبناء الحياة والمستقبل بدلا من هدر حياتهم في الصراعات وفنتازيا النهارات الرغبوية التي تستنزف طاقات الشباب والشابات وتلون أيامهم بالآهات والحسرات وتكسوهما بمزيد من أوجاع الحرمان. إن من يحتقن في دمه هرمون التستوسترون (هرمون ذكري) يكون في أعلى درجات الغضب والثورة . فالهرمونات الذكرية مرتبطة بسلوك العدوانية والعنفوان والتنافس والتعددية .ومن يحتقن في دمائها هرموني الإستروجين والبروجسترون (هرمونات أنثوية) تكون في أعلى درجات سرعة الغضب والانفعال والحزن والحساسية, وينجم عن ذلك تفاعلات ما بين الرجل والمرأة قي غاية الأذى للطرفين. أي أننا أمام حالتين متوترتين متفاعلتين تحدوهما الرغبة والخوف والشعور بالذنب وينجم عنها علاقات ذات اتجاهات منحرفة ومضطربة.
وهكذا فأن علاقة الرجل بالمرأة والعكس في المجتمعات الشرقية ستبقى متأزمة لأن كلا منهما يعيش حالة تأزم هرموني يومية ومتنامية من غير قدرة على تخفيفها. والمشكلة في مجتمعاتنا أن الزواج المبكر تترتب عليه التزامات اقتصادية لا يمكن للشباب والشابات تحملها, فأساليب الرعاية الاجتماعية قاصرة ولا يمكنها أن تصل إلى تلبية هذه الحاجات. بينما الذكر والأنثى في المجتمعات الأخرى يمكنهما أن يجدا المسكن والرعاية إذا أنجبا وهكذا ترى الملايين من الأطفال يولدون كل عام من والدين دون الثامنة عشر من العمر.
إن المشكلة ليست في الرجل الشرقي أو المرأة الشرقية. إن المشكلة في النظام الاجتماعي وعدم توفر مصادر الرعاية والتكافل الاجتماعي وابتكار الصيغ المقبولة لإستيعاب هذه الإندفاعات الطبيعية ما بين الجنسين. وقد عالج الإسلام هذه المشكلة منذ البداية وحث على الزواج المبكر وإسناده لأنه أسلم للجنسين وأحفظ للمجتمع. لكن معظم مجتمعاتنا وعلى مدى قرون لم تستنبط طريقة تنسجم وتقاليدنا لحل مشكلة العلاقة ما بين الذكر والأنثى وفي مراحلها المبكرة وتركتنا في رحلة السعي إلى الزواج التي أصبحت قاهرة على معظم الشباب في أيامنا المعاصرة. وهكذا ستبقى الصورة مشوهة ما بين الرجل الذكر والمرأة الأنثى ما دمنا نعيش حالات احتقان هرموني شديدة واختناقات رغبوية عارمة. فالسلوك البشري مرهون في أحيان كثيرة بالتفاعلات الهرمونية الحاصلة في عروقه والمؤثرة على مراكز الدماغ المسؤولة عن هذا السلوك أو ذاك. ومن يقرأ أشعارنا المسطرة بأقلام الرجال والنساء سيعرف كيف أن الهرمونات تكتب شعرا وكذلك نثرا...!!
6
أملي أن تخلص من الكتابات الأهوائية السوداوية السالبة التي لا تستند إلى حقائق وإحصاءات ودراسات ميدانية في تناولنا لموضوع المرأة وعلاقتها بالرجل في مجتمعاتنا لأن ذلك لا يحقق فائدة بقدر ما يلحق ضررا ويقدم صورا غير دقيقة عن واقع المرأة في مجتمعاتنا يتم استغلالها لأغراض أخرى. فنحن لا نحتاج معزوفات كلامية على أوتار المشاعر والعواطف والرغبات المختنقة, بل نريد الحديث العلمي النزيه الأمين الذي يناقش الظاهرة بعمق وشمول ويبحث بأسبابها ويطرح الحلول المعقولة ذات الصلة بمجتمع المشكلة. فلكل مشكلة مجتمع وثقافة وظروف وحلول وأسباب خاصة بها لوحدها دون غيرها من المشكلات. ولا يمكننا أن نتوهم بأن ما يصلح لمجتمع ما يصلح لمجتمع آخر. فنحن نعيش في عالم لا يقبل لغة الانفعالات بل يتأثر بالحقائق الموثقة بالأدلة والبراهين الواضحة والأرقام. أرجو أن تكون كتاباتنا في هذا الموضوع مبنية على بيانات علمية وإحصائية نزيهة. فهل لدينا-على سبيل المثال-إحصاءا بعدد الطبيبات العراقيات وحاملات الشهادات العليا في كل الإختصاصات ونسبتهن إلى عدد السكان ومقارنة ذلك بالمجتمعات الأخرى مع الأخذ بنظر الإعتبار عدد سكان تلك المجتمعات والمتغيرات الأخرى . لكي تكون طروحاتنا ذات معنى اجتماعي وإصلاحي مفيد لا بد لها أن تمتلك ما يؤهلها لذلك من الشواهد البيانية والبحثية السليمة.
وللأسف لا توجد كتابات إيجابية عن المرأة في مجتمعنا من المرأة نفسها حتى لو كانت وزيرة أو ذات دور قيادي في المجتمع, بل أنها تنظر إلى نفسها وغيرها عندما تجالس الورق بسوداوية وسلبية ودونية غير مبررة في أكثر الأحيان وتأخذ ببث أفكارها ومشاعرها عن الظلم والمقاساة وهي الطبيبة والمحامية والأستاذة في الجامعة والمهندسة والشاعرة والكاتبة وغير ذلك!؟
وأرجو أن نتعلم الكتابة الإيجابية وننأى عن الطرح السلبي الذي يؤذي ولا ينفع بل يضر كثيرا ويؤلم حقا. لماذا لا نكتب عن قصة نجاح المرأة العراقية أو الشرقية في كل الميادين الثقافية والعلمية والفنية وفي مجتمعها والمجتمعات التي هاجرت إليها. فهناك الآلاف من قصص نجاح المرأة العراقية وعلى مختلف المستويات. ويمكن لكل واحد منا أن يكتب العديد من المقالات عن قصص بنت الرافدين المتألقة النجاح في الحياة. فلينظر كل منا لأخته وأمه وزوجته وأبنته وسيرى كم هو عدد قصص النجاح والفخر وقصص الفشل بينهما. أنا على يقين بأن قصص النجاح هي الراجحة.
وفقنا الله تعالى نساءا ورجالا لخدمة المجتمع وتحقيق المفيد للجميع فلا أظن الرجل سيفرح عندما تحزن المرأة ولا أظن المرأة تفرح عندما يحزن الرجل بل أن المشاعر مشتركة والغايات واحدة والأمل بالسعادة والرفاه والأمن والتقدم والرخاء آصرة تشدهما إلى بعضهما.
وعذرا لصراحتي التي هي تعبير عن لسان حال الطبيعة ونحن منها وعلينا أن نقف إزاءها بثقة وشجاعة وأمل في إيجاد الحلول التي تفيد مجتمعنا وتحفظ قيمنا وتقاليدنا الطيبة العريقة.
يا نساء الشرق يا أرقى نساء
بعفاف ونقاء وبهاء
وحنان واحتمال وامتنان
واجتهاد بالحياة ووفاء
كم حزينا أن ينادوا برياء
إن يقولوا توّجوا الشر بباء
فاسقطوا قولا يريد من عزيز
أن يكون قانطا دون رجاء
ومهانا وذليلا ويعاني
أو كسيرا في محطات البلاء
إنها الأوهام يا أمي وأختي
جردتنا من عناوين البقاء
يا نساءا ورجالا انصفونا
إننا شعب ينير كالضياء

طفوله
19/02/2008, 15:11
UP





FOF SURE I WILL BE BACK



...

dot
30/09/2008, 17:47
upo UP UPUP