dot
07/07/2006, 23:05
يعد كارل بوبر popper .k (1902-1990) واحداً من أهم المفكرين الغربيين المعاصرين، الذين نقدوا العلم الغربي، الافتراضي، وحاربوا الأفكار، النظريات، والحتميات الجامدة التي وضعت وفق المفاهيم الأيديولوجية وتحت اليافطات العلمية. وحارب بوبر أيضاً وبشراسة كل زعم محتوم للتاريخ، وقال في سيرته الذاتية: إن كل الدعاوى العنصرية والعرقية شر مستطير وإن “الصهيونية لا تستثنى من ذلك”.
لكارل بوبر العديد من المؤلفات العلمية والفلسفية أقدمها كتاب “منطق الكشف العلمي”، و”المجتمع المفتوح وأعداؤه”، و”المعرفة العلمية”، و”عقم النزعة التاريخية، دراسة في مناهج العلوم الاجتماعية”، و”الواقعية وهدف العلم” و”نظرية الكوانتم (quantum) والانشقاق العظيم في الفيزياء” وغيرها من المؤلفات في العلوم الطبيعية.
يقول بوبر في شرح نظرته إلى الافتراضات العلمية التي وضعت في الغرب، وطرحت كمسلمات يقينية “بدأ عملي في فلسفة العلم في مرحلة مبكرة، وأول مشكلة واجهتني هي: متى تصنّف النظرية على أنها علمية؟ أو هل هناك معيار يحدد الطبيعة أو المنزلة العلمية لنظرية ما؟ لم تكن المشكلة التي أقلقتني آنذاك متى تكون النظرية صادقة، ولا متى تكون النظرية مقبولة؟ كانت مشكلتي شيئاً مخالفاً. إذا أردت أن أميز بين العلم والعلم الزائف وأنا على تمام الإدراك بأن العلم يخطئ كثيراً، وأن العلم الزائف قد يحدث أن تزل قدمه فوق الحقيقة”.
والمفهوم الجديد الذي صاغه كارل بوبر للمعرفة العلمية في بعض مؤلفاته، أسهم بالفعل في تراجع الرؤية الجامدة والخاطئة التي تم ترويجها في القرن الماضي وبداية هذا القرن أيضاً المبنية على أسس ما يسميه البعض خطأ ب “العلوم الدقيقة”.
ويميّز بوبر كما يقول د. السيد نفادي “بين أربعة أبعاد في فحص أية نظرية علمية: الأول، من ناحيتها المنطقية، وذلك بمقارنة منطقية للنتائج فيما بينها للتثبت من التكوين الداخلي. الثاني، البحث في الشكل المنطقي للنظرية العلمية فيما إذا كانت ذات طبيعة تجريبية أو تحصيلية. الثالث، مقارنتها بالنظريات الأخرى لمعرفة فيما إذا كانت تقدم حقاً نتائج تزيد من المعرفة العلمية. الرابع، اختبار النظرية عن طريق التطبيقات التجريبية للنتائج المشتقة منها.
ويتفق بوبر مع القول إن الحقيقة تتطلب تطابق القضايا أو النظريات مع الواقع، ولكنه يذهب إلى أن هذا التطابق متعذر مبدئياً، لذا فإن ما يحوزه العلم ليس حقائق بل فقط آراء العلماء وقناعتهم. حيث يرى ان الحقيقة، يقينية النظرية العلمية، مثال أعلى كاذب، وأنها مجرد فكرة تنظيمية توجه فكر العالم يعني أيديولوجياً صحيح أن بوبر يسلم بأنه على مستوى المعرفة العادية يمكن للناس أن يتفوهوا بحقائق فعلية، لكنه يؤكد أن هذا النوع من الحقائق لا يمت بصلة إلى مضمون العلم. فالعلم يتعامل مع نظريات، والنظريات كما يقول معرضة دوماً للتكذيب، ومعرضة للنقد والدحض دوماً. وأحسن النظريات هي النظرية التي دحضت، ذلك لأنها أخلت المكان لنظرية جديدة، بحيث يمكن للعلم أن يسير للأمام بلا نهاية. وأن تتطور بالتالي المعرفة العلمية. وعلى هذا النحو ينتج أن المعرفة العلمية كلها تتميز عن المعرفة العادية بأنها ذات طابع افتراضي.
أدرك بوبر ببصيرة نافذة ومثمرة في تلك المرحلة، أنه إذا لم يكن من المستطاع التحقق من الفروض العلمية، فمن الممكن بيان أنها كاذبة وأنها بهذا المعنى تختلف عن القضايا الميتافيزيقية. لأن للميتافيزيقيا كما يقول بوبر دوراً كبيراً في انطلاقة العلم لكنها غير العلم، لأن العلم لا يقدم قضايا كلية غير قابلة للإبطال، أي لا يمكن إبطالها بقضايا جزئية، وكل قضية غير قابلة للإبطال هي ميتافيزيقيا وليست علماً، لأن العلم يقدم قضايا يمكن تأكيدها في لحظة معينة من الزمان والمكان ولا يمكن تأكيدها بصورة مطلقة.
ومن هنا يرى كارل بوبر أنه لا توجد حقيقة موضوعية تشكل هدفاً للمعرفة العلمية والتحقيق العلمي، فالتطور العلمي ليس تراكماً معرفياً، لكنه نظريات أو منظومات معرفية. ولا توجد حتمية للواقع، إنما مجرد مجموع نظريات قابلة للتنفيذ أو التكذيب.
تطرح الباحثة يمنى طريف الخولي في بحثها “كارل بوبر، الحصاد الباقي” أن “تجربة عام 1919 هي الفاصلة في تفكير بوبر. فقد كشفت له عن سهولة وتهافت الحصول على وقائع تؤيد أية نظرية، وأن المعلم الحقيقي للعلم التجريبي إنما في القابلية للتكذيب أي تعارض النتائج المستنبطة من النظرية مع وقائع ملاحظة ممكنة الحدوث.
اتضح أمام بوبر كيف أن القوة البادية لنظريات فرويد وآدلر في شرح كل شيء، هي في الواقع مكمن ضعفها الحقيقي فأي سلوك يمكن تفسيره، والمثال الأثير لبوبر: رجل يدفع طفلاً إلى الماء بقصد إغراقه، ولآخر يضحي بحياته لإنقاذ الطفل، يمكن لنظرية فرويد أن تفسر هذين السلوكين المتناقضين بالسهولة نفسها: الأول يعاني من دوافع مكبوتة، والثاني دوافعه المكبوتة في حالة إعلاء وتسام. وأيضاً طبقاً لنظرية آدلر، الرجل الأول يعاني من شعور بالنقص سبب له الرغبة في إثبات جرأته على ارتكاب جريمة ما، والشعور نفسه بالنقص سبب للرجل الثاني الرغبة في إثبات جرأته بإنقاذ الطفل، هكذا كل شيء يحدث يؤكد النظرية، لأنها ببساطة لا تتنبأ بوقائع محددة، لا تخبرنا بأي شيء محدد، إن لم يحدث كانت النظرية كاذبة.القدرة الظاهرة على تفسير كل شيء وأي شيء بدت في نظر العوام معلماً على قوة النظرية، لكنها من منظور القابلية للتكذيب، هي سبب ضعفها الحقيقي وخوائها التام. وأنها لا تحمل أي خبر عن الواقع السوسيولوجي فهي بالتالي ليست علماً. ربما كانت برامج بحث طموحة، لكنها ينقصها الكثير من التطوير والتنقيح حتى تصبح علم نفس حقيقياً.
من هذا المنطلق يرى بوبر أن “الخضوع المستمر للاختيار وإمكانية التفنيد بالأدلة التجريبية هي الخاصية المنطقية المميزة للقضية العلمية دوناً عن أية قضية تركيبية أخرى، عبارات العلم التجريبي أي العلم الذي يعطينا محتوى معرفياً ومضموناً إخبارياً وقوة تفسيرية شارحة وطاقة تنبؤية عن العالم الواحد الوحيد الذي نحيا فيه هي فقط التي يمكن إثبات كذبها لأنها تتحدث عن الواقع الذي يمكن الرجوع إليه ومقارنتها به لذلك فهي في موقف حرج حساس، إنها المسؤولية العسيرة إزاء الواقع والوقائع والتي لا يقوى على الاضطلاع بها إلا العلماء.
لكارل بوبر العديد من المؤلفات العلمية والفلسفية أقدمها كتاب “منطق الكشف العلمي”، و”المجتمع المفتوح وأعداؤه”، و”المعرفة العلمية”، و”عقم النزعة التاريخية، دراسة في مناهج العلوم الاجتماعية”، و”الواقعية وهدف العلم” و”نظرية الكوانتم (quantum) والانشقاق العظيم في الفيزياء” وغيرها من المؤلفات في العلوم الطبيعية.
يقول بوبر في شرح نظرته إلى الافتراضات العلمية التي وضعت في الغرب، وطرحت كمسلمات يقينية “بدأ عملي في فلسفة العلم في مرحلة مبكرة، وأول مشكلة واجهتني هي: متى تصنّف النظرية على أنها علمية؟ أو هل هناك معيار يحدد الطبيعة أو المنزلة العلمية لنظرية ما؟ لم تكن المشكلة التي أقلقتني آنذاك متى تكون النظرية صادقة، ولا متى تكون النظرية مقبولة؟ كانت مشكلتي شيئاً مخالفاً. إذا أردت أن أميز بين العلم والعلم الزائف وأنا على تمام الإدراك بأن العلم يخطئ كثيراً، وأن العلم الزائف قد يحدث أن تزل قدمه فوق الحقيقة”.
والمفهوم الجديد الذي صاغه كارل بوبر للمعرفة العلمية في بعض مؤلفاته، أسهم بالفعل في تراجع الرؤية الجامدة والخاطئة التي تم ترويجها في القرن الماضي وبداية هذا القرن أيضاً المبنية على أسس ما يسميه البعض خطأ ب “العلوم الدقيقة”.
ويميّز بوبر كما يقول د. السيد نفادي “بين أربعة أبعاد في فحص أية نظرية علمية: الأول، من ناحيتها المنطقية، وذلك بمقارنة منطقية للنتائج فيما بينها للتثبت من التكوين الداخلي. الثاني، البحث في الشكل المنطقي للنظرية العلمية فيما إذا كانت ذات طبيعة تجريبية أو تحصيلية. الثالث، مقارنتها بالنظريات الأخرى لمعرفة فيما إذا كانت تقدم حقاً نتائج تزيد من المعرفة العلمية. الرابع، اختبار النظرية عن طريق التطبيقات التجريبية للنتائج المشتقة منها.
ويتفق بوبر مع القول إن الحقيقة تتطلب تطابق القضايا أو النظريات مع الواقع، ولكنه يذهب إلى أن هذا التطابق متعذر مبدئياً، لذا فإن ما يحوزه العلم ليس حقائق بل فقط آراء العلماء وقناعتهم. حيث يرى ان الحقيقة، يقينية النظرية العلمية، مثال أعلى كاذب، وأنها مجرد فكرة تنظيمية توجه فكر العالم يعني أيديولوجياً صحيح أن بوبر يسلم بأنه على مستوى المعرفة العادية يمكن للناس أن يتفوهوا بحقائق فعلية، لكنه يؤكد أن هذا النوع من الحقائق لا يمت بصلة إلى مضمون العلم. فالعلم يتعامل مع نظريات، والنظريات كما يقول معرضة دوماً للتكذيب، ومعرضة للنقد والدحض دوماً. وأحسن النظريات هي النظرية التي دحضت، ذلك لأنها أخلت المكان لنظرية جديدة، بحيث يمكن للعلم أن يسير للأمام بلا نهاية. وأن تتطور بالتالي المعرفة العلمية. وعلى هذا النحو ينتج أن المعرفة العلمية كلها تتميز عن المعرفة العادية بأنها ذات طابع افتراضي.
أدرك بوبر ببصيرة نافذة ومثمرة في تلك المرحلة، أنه إذا لم يكن من المستطاع التحقق من الفروض العلمية، فمن الممكن بيان أنها كاذبة وأنها بهذا المعنى تختلف عن القضايا الميتافيزيقية. لأن للميتافيزيقيا كما يقول بوبر دوراً كبيراً في انطلاقة العلم لكنها غير العلم، لأن العلم لا يقدم قضايا كلية غير قابلة للإبطال، أي لا يمكن إبطالها بقضايا جزئية، وكل قضية غير قابلة للإبطال هي ميتافيزيقيا وليست علماً، لأن العلم يقدم قضايا يمكن تأكيدها في لحظة معينة من الزمان والمكان ولا يمكن تأكيدها بصورة مطلقة.
ومن هنا يرى كارل بوبر أنه لا توجد حقيقة موضوعية تشكل هدفاً للمعرفة العلمية والتحقيق العلمي، فالتطور العلمي ليس تراكماً معرفياً، لكنه نظريات أو منظومات معرفية. ولا توجد حتمية للواقع، إنما مجرد مجموع نظريات قابلة للتنفيذ أو التكذيب.
تطرح الباحثة يمنى طريف الخولي في بحثها “كارل بوبر، الحصاد الباقي” أن “تجربة عام 1919 هي الفاصلة في تفكير بوبر. فقد كشفت له عن سهولة وتهافت الحصول على وقائع تؤيد أية نظرية، وأن المعلم الحقيقي للعلم التجريبي إنما في القابلية للتكذيب أي تعارض النتائج المستنبطة من النظرية مع وقائع ملاحظة ممكنة الحدوث.
اتضح أمام بوبر كيف أن القوة البادية لنظريات فرويد وآدلر في شرح كل شيء، هي في الواقع مكمن ضعفها الحقيقي فأي سلوك يمكن تفسيره، والمثال الأثير لبوبر: رجل يدفع طفلاً إلى الماء بقصد إغراقه، ولآخر يضحي بحياته لإنقاذ الطفل، يمكن لنظرية فرويد أن تفسر هذين السلوكين المتناقضين بالسهولة نفسها: الأول يعاني من دوافع مكبوتة، والثاني دوافعه المكبوتة في حالة إعلاء وتسام. وأيضاً طبقاً لنظرية آدلر، الرجل الأول يعاني من شعور بالنقص سبب له الرغبة في إثبات جرأته على ارتكاب جريمة ما، والشعور نفسه بالنقص سبب للرجل الثاني الرغبة في إثبات جرأته بإنقاذ الطفل، هكذا كل شيء يحدث يؤكد النظرية، لأنها ببساطة لا تتنبأ بوقائع محددة، لا تخبرنا بأي شيء محدد، إن لم يحدث كانت النظرية كاذبة.القدرة الظاهرة على تفسير كل شيء وأي شيء بدت في نظر العوام معلماً على قوة النظرية، لكنها من منظور القابلية للتكذيب، هي سبب ضعفها الحقيقي وخوائها التام. وأنها لا تحمل أي خبر عن الواقع السوسيولوجي فهي بالتالي ليست علماً. ربما كانت برامج بحث طموحة، لكنها ينقصها الكثير من التطوير والتنقيح حتى تصبح علم نفس حقيقياً.
من هذا المنطلق يرى بوبر أن “الخضوع المستمر للاختيار وإمكانية التفنيد بالأدلة التجريبية هي الخاصية المنطقية المميزة للقضية العلمية دوناً عن أية قضية تركيبية أخرى، عبارات العلم التجريبي أي العلم الذي يعطينا محتوى معرفياً ومضموناً إخبارياً وقوة تفسيرية شارحة وطاقة تنبؤية عن العالم الواحد الوحيد الذي نحيا فيه هي فقط التي يمكن إثبات كذبها لأنها تتحدث عن الواقع الذي يمكن الرجوع إليه ومقارنتها به لذلك فهي في موقف حرج حساس، إنها المسؤولية العسيرة إزاء الواقع والوقائع والتي لا يقوى على الاضطلاع بها إلا العلماء.