-
دخول

عرض كامل الموضوع : الحمد لله ...


tiger
25/06/2006, 14:34
خرج لؤي من منزله ذي الجدران المهترئة، وأغلق الباب الخشبي الكبير بمفتاح حديدي صدئ, ثم مشى في الأزقة الضيقة لدمشق القديمة متأففاً من عمله الذي لا يليق أبداً بكفاءته.

واجهه إبليس في موقف الباص وقال له: "أمعقول لرجل يملك شهادة جامعية أن يعمل دهاناً؟"
أجابه لؤي بأسف: "هذه هي الوظيفة الوحيدة التي سنحت لي، فقد طرقت أبواب جميع المدارس ولم يكن هناك شاغر لي إلا في هذه الورشة اللعينة".
هزأ إبليس من لؤي وضحك بلطف ثم قال مقتضباً: "يمكنني أن أساعدك إن أردت"
نظر لؤي إلى الإبليس مستغرباً وقال: "أنت تعلم أن مهنة التدريس هي حلمي منذ صغري,وقد تركت من أجل هذا الحلم معدلي العالي في الشهادة الثانوية كي أدخل الفرع الذي أحب لكنني رغم تفوقّي لم أحظ بما أريد, كانت كل الأبواب التي طرقتها مغلقة كتب عليها من الخارج (ممنوع الدخول) فلم أجد سوى ورشة الدهان براتب قليل لا يكفيني".
قال إبليس:"يمكنني أن أعينك مدرساً في مدرسة أعرف صاحبها".

مرت ثلاثة شهور ولؤي يعمل جاهداً في مهنته الجديدة محققاً حلمه منذ الصغر.. يعلّم بحب وإخلاص ويتلقى جراء عمله مرتباً يمكنه من العيش حتى آخر شهر. لكن حياته اختلفت تدريجياً, بدأ يشتري ثياباً جديدة تليق بمدرس ففي عمله السابق لم يكن بحاجة إلى ثياب أنيقة, أما الآن فأموره اختلفت كلياً, فبدأ يشعر أن راتبه الجديد لا يكفي لتلبية متطلبات حياته الجديدة. أخذ يبحث عن إبليس, يناديه, إلى أن صادفه ذات مرة في حارة المدرسة الضيقة, أخبره لؤي: "لقد كنت سعيداً في مهنتي الجديدة لكنني أصبحت غير راض عن الراتب الذي أتقاضاه فهو لا يكفيني".
ابتسم إبليس بخبث وقال: "سأساعدك هذه المرة بتدريس ثلاثة طلاب تعطيهم دروساً خصوصية بأجر جيد"..

أخذ عندها لؤي يفكر بالزواج من (ليديا) فتاة أحلامه.. الفتاة المدللة عند أهلها.. عليه أن يدللها هو أيضاً, ودعاها إلى العشاء.. إلى السينما.. إلى الحفلات.. لكن ليديا لم ترض إلا عندما اشترى لها خاتماً من الماس.
أخذت حياة لؤي تنقلب مرة أخرى, تزوج من ليديا وقد كلفته نفقات العرس الكثير, أنفق كل ما جمعه, تعب من تنقلاته من منزل لآخر, طالبته زوجته بوقت يقضيه معها.. فكر في شراء معهد تعليمي يخصص له وقتاً محدوداً للتدريس, لكن تكاليف المعهد لم تكن متوفرة.. أخذ يبحث مرة ثالثة عن إبليس. ناداه, بحث عنه في محطة الباص, قرب المدرسة, لكن إبليس كان يسمع استغاثته دون أن يجيب, فقد تذمر من طلبات لؤي المتزايدة وفكر في أن يعيده ليعمل دهاناً في ورشته القديمة. عندئذ أفاق لؤي من نومه, فوجد ليديا أمامه نائمة حالمة.
نظر حوله.. إلى المرآة.. وقال "الحمد لله, الحمد لله"..

بقلم : رؤى