-
دخول

عرض كامل الموضوع : المستفيد الأول من غياب الزرقاوي


tiger
13/06/2006, 16:09
جاء مقتل الزرقاوي وعدد من معاونيه ليشكل اختراقاً مهماً في «الساحة» العراقية، وبما يضع حداً لحالة استعصاء سابقة ألقت بوطأتها على أطراف عدة.

وفي تقدير المرء أن زعامات ومرجعيات السنة السياسية، هي المستفيدة في المقام الأول من هذا الحدث، إذ أن غياب هذا الرجل يرفع عنها الحرج، في مناوأتها للاقتتال الطائفي، وفي خوض غمار العملية السياسية باندفاع أكبر وبغير معيقات داخلية، أي من داخل بعض أوساط الطائفة التي كان الزرقاوي وحلفاء محليون له يدعون ويحتكرون النطق باسمها، وتحت طائلة تخوين الغير وتهديده. ومن شأن هذا التطور ان يمنح أبناء هذه الطائفة الكبيرة والأساسية، دعماً كبيراً في دعاويهم بتعرضهم هم لاستهداف طائفي منظم، تحت «ذريعة» مطاردة الزرقاوي والقاعدة ومكافحة الإرهاب عموماً. الآن تم إبطال هذه الذريعة الكبرى، بما يمكن زعامات السنة وبقية القيادات الوطنية، من تشديد مطالبة حكومة المالكي بتنفيذ ما تعهدته من حل للميليشيات، وبما ان المالكي ميّز بين التكفيريين والارهابيين والميليشيات، فإنه يصبح واضحاً أن المقصود بها أساساً هي الجماعات الشيعية المسلحة، التي تحظى بدعم أحزاب كبيرة وذات نفوذ في الحكومة وخارجها.

وبهذا فإن غياب هذا الرجل يشكل حقاً فرصة ثمينة لتبلور القوى والحساسيات السياسية، التي جرى تهميشها وكتمها خلال السنوات الثلاث الماضية، وقد ساء الأمر بصورة مريعة مع انغماس الزرقاوي وحلفائه في ارتكابات طائفية وفي استهداف عشوائي ودائم للمدنيين، وهو ما جرّ على الطائفة الويلات فباتت هدفاً لكل انواع الانتقام والعقوبات الجماعية، التي طالت اعداداً بلا حصر من الأبرياء، إضافة الى ما يردده عراقيون كثر عن عمليات انتقام من عسكريين متقاعدين شاركوا في الحرب العراقية الايرانية.

وسيكون أمام القوى الحية العريضة من ابناء الطائفة، مهمة الحؤول دون إعادة انتاج ظاهرة الزرقاوي بمسميات جديدة وبعناوين محلية، بعدما تم التحرر من عبء هذا الشخص، ومن استيلائه على القرار الوطني الداخلي، وبما أسهم به من تباعد وتناحر بين المكونات الاجتماعية، ومن فرض العزلة على العراق والعراقيين عن العالم الخارج بما في ذلك دول الجوار، وذلك عبر استهداف الديبلوماسيين والهيئات الانسانية والاعلامية الدولية ودور العبادة وثروة النفط الدولية. وهو ثمن رهيب لمقاومة القوات الأميركية والبريطانية، إذ كان يتم في واقع الأمر إزاحة وتدمير كل شيء في طريق إقامة إمارة إسلامية، وهو ما يفسر ان العراقيين أضيروا أضعافاً مضاعفة مما نال القوات الاجنبية من اذى، علاوة على تمزيق النسيج الاجتماعي، وتقويض منشآت ومؤسسات الدولة واستنزاف ثرواتها وتشديد النكير على مختلف مظاهر الحياة المدنية.

وفي الوقت نفسه فإن الطرف الآخر بما يشتمل عليه من جماعات مسلحة ومذهبية، يبدو الآن شبه مكشوف بعد احتراق ورقة الزرقاوي، والخشية ان يكون هناك على الضفة الاخرى ما يماثل تلك الظاهرة وإن بغير صخب وإعلان، ممن دأبوا على عمليات تهجير أبناء السنة بمن فيهم فلسطينيون مقيمون في العراق، واختطاف أبنائهم وبناتهم واستهداف دور عبادتهم وأملاكهم، والتشهير بمعتقداتهم ورموزهم الدينية والتاريخية، والاستقواء عليهم بدعم مكشوف من خارج الحدود، بعد تسخير بعض أجهزة الدولة لمصلحتهم وضمان حرية حركتهم بغير تبعة او مساءلة.
وعليه فإن حدث اختفاء الزرقاوي يضع سائر القوى الدينية والاجتماعية والسياسية، أمام لحظة الحقيقة ومواجهة امتحان وطني وأخلاقي لا مهرب منه، ولا خيار سوى النجاح في مواجهته، او التخلي عن قيادة العمل الوطني والاجتماعي لمن هو مؤهل لإنقاذ مصير البلد والعباد، فالأوزار والموبقات هنا وهناك لا تشفع لبعضها بعضاً، إذ تظل على حالها كمثالب ونقائص شنيعة، أيا كان حجم الخطأ المرتكب من الطرف الآخر، والذي يستحق بدوره إدانة فاعليه بكل حزم ومحاسبتهم. ولعل أسوأ السيناريوات هي تلك التي تجعل البعض، يحتسبون أن نهاية الزرقاوي هي بمثابة انتصار لفريق اجتماعي على آخر، وأن موازين القوى قد ترجحت وحسمت، لغير مصلحة الفريق الذي كان الزرقاوي يغتصب تمثيله والنطق باسمه. وهي قراءة مغلوطة ومقلوبة، فالطائفة السنية كانت محرومة من التمثيل الحر الأمين إلا بصورة جزئية، وقد أدت عقوبات جماعية لحقت بها وبمناطقها الى تدمير مرتكزات الحياة الاقتصادية والاجتماعية الطبيعية، فشاع التطرف تحت ضغط وابتزاز قوى الأمر الواقع (تحالف القاعدة مع أنصار للنظام للسابق)، وكرد فعل لاستهداف جماعي من رموز حكومية وطائفية وقوى عابرة لحدود ومعلومة. وكأنما قدر العراقيين أن يتم كل مرة استبدال ظلم بآخر، بدلاً من انتصار دولة عادلة لجميع مواطنيها.

فيما سادت وتسيّدت زعامات دينية لتمثيل الطائفة الشيعية الكبرى، مع حرمان القوى الديموقراطية والعلمانية والوسطية من تمثيل جمهورها داخل الطائفة وفي المجتمع الا في حدود ضيقة، ما أبقى المخاوف من إعادة انتاج الديكتاتورية وإقامة حلف مع جار كبير واحد وبطريقة أقرب الى الاستتباع، وطمس الطابع المدني عن الدولة والمجتمع ، إنشاء ميليشيات تجمع مزايا القطاع الخاص والعام (النشاط المسلح الأهلي والحكومي)، رغم ما اشتمل عليه الدستور من مبادىء ومرتكزات متقدمة، ستظل «سلاحاً معنوياً» فائق الاهمية، لوقف محاولات إعادة العراق والعراقيين الى الوراء تحت مسميات شتى.

لقد شكل انفلات العنف وتعميمه خسارة كبرى للنسيج الاجتماعي ولمشروع إعادة بناء دولة عصرية، ولضمان استعادة السيادة والامن، وقد كان الزرقاوي رمزاً صارخاً من رموز «تلك» المرحلة، غير أنه لم يكن اللاعب الوحيد في «ساحة الوغى» وإن كان لاعباً كبيراً، فقد تفشت نزعة الاقتتال ورفض الآخر، وغلب المنطق الطائفي على ما عداه، ولو لم يكن الأمر بهذا الاتساع لما أضير العراقيون في سائر مناطقهم وتجمعاتهم، ولما حوسبوا على انتماءاتهم «غير الطوعية»، ولما شاع استهداف الحلاقين ومعهم النساء من عابرات السبيل، ولما شاعت حكاية العراقي المغلوب على أمره والذي يحتفظ بأكثر من بطاقة هوية واحدة، تحدد انتماءات طائفية شتى له ليستخدم البطاقة المناسبة عند الحاجة لمن يعترضون طريقه.

إنه ليتعين أن يكون المنطق الطائفي التفتيتي والنكوصي، هو المتضرر من انتهاء ظاهرة الزرقاوي، أما الرابح المفترض فهو مشروع إعاة بناء دولة عصرية عادلة ترفع من شأن المواطنة والمساواة، وتشق الطريق نحو استعادة الحرية والاستقلال، وتضع حداً لثقافة العنف من طقوس ومظاهر ومأثورات وأسواق سلاح ومن ممارسات غير مشروعة، وتجرم التنابذ الطائفي والعرقي والمناطقي، وكل أشكال الاستئثار والاقصاء، وتقيم علاقات تعاون مع سائر دول الجوار ودول العالم (باستثناء الدولة الاسرائيلية) على قاعدة التكافؤ والاحترام المتبادل، وإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة بإزالة اسلحة الدمار الشامل، وانهاء الاحتلالات ووقف الهمنة والتوسع والتهديد من أي مصدر وتجاه أية دولة.

محمود الريماوي

krimbow
13/06/2006, 17:18
تحليل منطقي جدا

طائفي جدا

للاسف، لم يعد بالامكان الحديث عن وحدة وطنية، او حكومة وطنية، بل بات العراق مضطرا ان يتعايش مع ما يشبه الترويكا اللبنانية في توزيع الدولة

الله رحمك يا بدر شاكر السياب و توفاك قبل ان تشهد هذه الايام

tiger
13/06/2006, 20:18
تحليل منطقي جدا

طائفي جدا

للاسف، لم يعد بالامكان الحديث عن وحدة وطنية، او حكومة وطنية، بل بات العراق مضطرا ان يتعايش مع ما يشبه الترويكا اللبنانية في توزيع الدولة

الله رحمك يا بدر شاكر السياب و توفاك قبل ان تشهد هذه الايام

يعني فعلا طائفي جدا جدا... :jakoush: :jakoush:
ومع الاسف قدروا هال كام طائفي يطبعوا الصراع في العراق بطابعون ....:( :(
والمشكلة انو بتخلص من واحد بيجيك عشرة....:aah: :aah:
ومتل ما انا شايف انو بالعراق ما رح تنتهي على خير الله يعين الشعب العراقي لانو مو رايحة غير عليهم ...:cry: