حسون
21/03/2005, 12:48
مشعل التمو
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
الحوار المتمدن - العدد: 1012 - 2004 / 11 / 9
المعارضة السورية الخارجة من عباءة الاستبداد , تبحث حتى الآن عن ذاتها , عن هيكلها , بدون أن تسعى جديا إلى إعادة النظر في هيكليتها , أو أن تمتلك القدرة على نفض غبار الزمن العرفي عن خطابها , أو آليات ممارساتها بما يتوافق مع الراهن السوري أو ينسجم مع المعطيات الخارجية التي تمر بها المنطقة , سواء تداعيات القطب الواحد , وما تلاها من حرب على الإرهاب , وما الحق بها من مشروع الشرق الأوسط الكبير , وما نتج عن الاحتلال الأمريكي للعراق , أو القرار 1559 وملحقاته , سواء تقرير الأمين العام للأمم المتحدة , وما نتج عنه من بيان رئاسي صدر بإجماع مجلس الأمن , أو ما رافق ذلك من تعقيبات سورية رسمية .
كل هذه , معطيات راهنية تحتاج إلى قراءة سياسية مستجدة تستجيب لها , سواء توافقا أو تعاكسا , وفي الحالتين , يعتبر أن من مهمات آية قوة سياسية , أن يكون لها برنامجها الخاص , أو قراءتها الخاصة لما يحدث في منطقتها وساحتها الخاصة على وجه التحديد , بمعنى أن المعارضة السورية لا زال برنامجها السياسي في أدنى مستوياته , ولا يخرج عن اخراجات محدودة , متوافقة مع مطالبات نظرية أكثر منها أسلوب أو آليات عمل تسعى لتطبيق ما تؤمن به , واعتقد بأنه هناك الكثير من الرؤى السياسية في خطاب المعارضة لا زال رهينة مجمل تصوراتها الماضية والتي تشكل ذخيرة حلمية , تستوطن العقل الباطن في المخيال الجمعي لها , ولا وعيها , الذي لا زال تخييلا , ينطلق من منظومة , كيفية استلامها السلطة – وهذا من حقها _ بدون أن يكون لها آلية سياسية ديمقراطية , فلا زالت حتى الآن تتغاضى عن كونها معارضة , بمعنى مفهوم المعارضة , المدني , الذي يمتلك برنامجه السياسي الديمقراطي , حتى أنها في الكثير من الدول المتقدمة , لها حكومات ظل , ( وهي حالة مثالية في واقعنا ) , لكن من الضرورة أن يكون تداول السلطة , هو الناظم لوجود آية معارضة , وهذا لا يشكل سوى تشارك في وطن واحد , يكون فيه الاتفاق على المصلحة الوطنية , والاختلاف على كيفية خدمة هذه المصلحة , وبالتالي فالمعارضة الديمقراطية يكون لها آليات سلمية وسليمة في العمل المجتمعي , وفي الحالة السورية , المشبعة بجذر إقصائي وانقلابي , يتطلب أن تمتلك فيه المعارضة عقلية قبول الاختلاف , مما يستوجب تغييرا في الجذر المعرفي لها , والآلية التي اعني , هي السلمية , التي تعالج فيها كل الأزمات والقضايا في المجتمع السوري بطرح مجتمعي , يؤطر الفعاليات الشعبية , ويساهم في تشكيل قوى ضاغطة , تؤمن بهذا البرنامج , وتسعى إلى تحقيقه عبر صناديق الاقتراع , والممارسة السياسية السلمية , بمعنى ما , يحتاج الأمر إلى ثقافة سياسية من نوع مختلف عن السائد , السائد بما هو نتاج استبداد طويل الأمد , والثقافة المطلوبة تحتاج إلى ركائز سلمية , برنامجية , وبالضرورة يجب أن تتخلى المعارضة السورية الخارجة من الركام , عن الجذر الانقلابي لاستلام السلطة من جهة , وعن ادعائها المفرط في اعلانيته عن عدم رغبتها استلام السلطة من جهة ثانية , وبالتالي يبقى الخطاب السياسي معبرا بدلالاته عن رؤية المعارضة , وهي الرؤية التي اعتقد بعدم نضجها , سواء لجهة ميراث القمع الماضي وتراكماته وضرورة تجاوز تداعياته , أو لجهة أنتاج خطاب عقلاني , نابع من الأرضية السورية ويهتم بالشأن السوري , وبهموم ومشاكل المواطن المغلوب على أمره , بنتيجة تغييبه عن ساحة الفعل السياسي , وإقصاءه عن المساهمة أو المشاركة في قضايا الشأن العام , أي أن يمتلك برنامج المعارضة السورية بتعدد أطيافها , عموده الفقري المتجسد في حاجة المجتمع السوري للتغير , والإفلات من شرنقة الانتكاس الماورائي , التي تكبله بها , العقلية الخارجة من زمن آخر , وفي هذا الشأن يتجلى الأمر , في ضبابية الطرح السياسي , فيما يخص الكثير من الأحداث المستجدة , التي تحتاج إلى قراءات معاصرة , تختلف إلى حد كبير عن نواظم القراءات الأصولية السابقة , هذه القراءة المعاصرة , حتى اللحظة غير متوفرة في مجمل خطاب المعارضة السورية بتياراتها المتعددة , فالمواقف لا زالت تعتمد ركائزها الأصولية , القوموية والإيديولوجية , المشبعة بأصولية سلفية , تراثية , وتراجعية أيضا , ولعل الهروب من مواجهة قضايا الداخل إلى تضخيم الخارج – وهذا لا يعني التقليل من أهميته – يشكل الناظم للقراءة الماضوية إياها , بمعنى الهروب من مواجهة الداخل وما يعانيه من موبقات , التي هي مدخل وأرضية التغلغل الخارجي , تعبير عن ثبات وسكون سياسي , والسكون السياسي لا زمن له , وبالتالي لا فاعلية مجتمعية تنتج عنه , قدر ما يؤدي إلى ارتكاسات أخرى , أكثر تعقيدا ومأساوية , على مجمل القضايا الوطنية , إذا الهروب من مواجهة الأزمة الداخلية , في الخطاب السياسي لبعض المعارضة السورية , يحمل دلالة , ليس فقط ضبابية الطرح السياسي , وإنما حتى التسامق مع السياسة الرسمية , وخطابها المُصدر لازمات الداخل , وبالتالي تهويل الخارج والعزف على خطورته , للتعمية على الداخل ومنغصاته , وهي ذات الاسطوانة التي أوصلت مجتمعاتنا إلى حالة النفاق- الخروج من التاريخ - الراهنة .
أن تثبيت مواطنية الإنسان السوري , تعتبر من المهام الراهنية والمستعجلة , إذا كانت – وفق ما اعتقد – الغاية هي أصلاح المجتمع السوري , والنهوض به , وجعله متينا داخليا , لكن الملاحظ أن الخطاب السياسي لمجمل المعارضات الموجودة , ينبع أو يرتكز في بناءه على الجذر القومي والقضية القومية , حتى انه آية رؤية للقضية الوطنية الداخلية , تمر من خلال القضية القومية , وليس العكس , فالناظم هو الموقف القومي , والخطاب القومي العروبي وبالتوافق معه , أي من العام المحدد للكثير من القراءات , التي تنفي في اغلبها , أو تغيب في مضمونها الخاص , حتى أن تخوين الآخر وأدانته , هي وليدة شرعية لهذه الرؤية ذات الشعارات الكبيرة , والفعل السياسي المعدوم وطنيا , وبقناعتي أن التصحيح الأولي لهذه الرؤية الانتكاسية , هو ما يكرس مصداقية أي خطاب سياسي تغييري , إذ أن معيار المصداقية الشعبية يكمن في جدية وشفافية أي خطاب , يَكون ينبوعه المعرفي وفعله السياسي ناتج عن المصلحة السورية , التي بالضرورة يرتكز إليها , وينطلق من صدقيتها وعافيتها في تجسيد أي موقف قومي , وهي معيار نضج وشفافية الخطاب السياسي التغييري , لان إعادة أنتاج صيرورة القومي , وطمس الوطني , هي ذات الحالة التي أوجدت الأحزاب الشمولية , وهي ذات المناهج التي استنـزفت خيرات البلاد , عبر المزاودة على الآخر وعلى القومية , في سبيل خنق الوطن وإلغاء المواطنة وتغييب المجتمع بمن فيه وبما فيه .
أن الخلط بين مهمات الخاص الوطني , والعام القومي المفكك والمستفحل في تشرذمه وعطالته , ولكنه لا زال يمتلك شعاراته عبر الحدود , هذا الخلط , والأصح طغيان الشعار على الواقع , وتغذية المواطن بأحلام وردية , ودفعه إلى الخروج من مجتمعه , فوق ما هو أصلا مستبعد ومهان , تشكل صيرورة فشل جديد يضاف إلى سلسلة الانكسارات السياسية والمجتمعية , التي حولتها مجمل الأحزاب المؤدلجة والقوموية , إلى انتصارات إعلامية , ورقية , بكفي نسمة خارجية لتتفرق في جحور متنوعة الأحجام والمقاسات .
أن إعادة التركيز على القضايا العابرة للحدود على حساب القضية الداخلية , هو خيار لا مجتمعي , يزيد من معاناة المواطن السوري , ويشبك تبعيته للخارج أكثر , حتى وان كان الادعاء عكس ذلك , وأخمن بان هناك نية لدى البعض للوصول في الطرح الشعاراتي إلى سوية الطرح السلطوي , وهو ما أراه في جانبين :
الأول : بهدف الحصول على جزء من كعكة السلطة التي إضاعتها بعض المؤثرات الماضية , وقد أن الأوان لنيلها في نفخ ذات القرب المثقوبة .
الثاني : له جذر اعتقادي ومعتقد , تحول إلى جدار إيماني صلد , تخلى عن فهم الراهن , واختار العيش في زمن سحيق , محدداته , تخيلات وأمنيات , تنتظر المنقذ القادم على صهوة جواده الأبلق .
وفي الحالتين يجب أن لا ننسى أن الموروث الأصولي في تحديد هذه الخيارات , لا زال ثقافة تعيد أنتاج نفسها , على الرغم من كتلة المتغيرات الدولية والإقليمية , وحتى المُكرسات القطرية على صعيد كل بلد عربي على حدة , وليس في الأمر إساءة لأحد عندما أقول , بان الفشل في المشروع السياسي القوموي , يعيد ارتكاساته في تحميل الآخر سبب الفشل , والآخر هنا , قد يكون الخارج , وقد يكون الداخل , والمعطى باعتقادي , هو عدم امتلاك القدرة على نقد الذات , أو تقييم المسار الذي أوصل العباد والأوطان إلى هذه الدرجة من اللاشيئية , وما أقول ليس انتقاصا من وطنية أو لا وطنية أي فصيل , وإنما رؤية , أو قراءة لما هو موجود , قد تختلف أو تتفق , هنا وهناك , ولكنها تعبير عن رؤية ترى الواقع السوري , جهة حركيته , سوادها , افقها المسدود , في ظل ضبابية الطرح السياسي وغموض الفعل المجتمعي , الذي بات هم الكثير من فعالياته , امتهان تصدير الطاقات نحو الخارج , بمعنى صرف الأنظار عن معاناة الداخل .
الوطنية هنا باتت منظمة بلا حدود , وبين اللاحدود هذه تضيع المسالة الوطنية , وتغيب القضية الديمقراطية , وتسحق المواطنية السورية , ومن جهة أخرى لا زالت هذه الأطر لا تجد السبيل للتوسع الأفقي في المجتمع , حتى وان كان القمع والاستبداد سببا أساسيا في الانحسار , لكن الراهن وحجم المهمات المنتظر إنجازها , حرصا على الوطن السوري , يجب أن يدفع بهذه الأطر إلى انتهاج أساليب جديدة في التقرب والانخراط بين أفراد الشعب , ولعل هذا الاغتراب الملاحظ , هو ما أعيده إلى ضبابية الخطاب السياسي لهذه الأطر , فالخطاب الذي يبيع شعارات فوق حدودية , انتهت فترة صلاحيتها المجتمعية , لم تعد مصدرا لاستقطاب الناس , إذ لا يجد أكثرهم تعبيرا عن معاناته , ولا حلا لقضاياه , ولا سبيلا لكسر حاجز الخوف , وثقافة الخوف التي تعيد تعبيد طريق استمراريتها العقلية الأمنية المنظمة , فعدم إيجاد السبيل أو القدرة على جذب المواطن السوري الذي يعيش أسوا أيامه , إلى ممارسة دوره والدفاع عن مواطنيته , يثير الكثير من المتناقضات في خطاب هذه الأطر أو في شخوصها المؤبدة أو في جدوى وجودها أصلا .
أن المواطن السوري الآن , يعيش في خضم ثنائيات متعددة , منها ثقافة الخوف , ومنها ثقافة الاستكانة وملحقاتها المتجسدة في اللامبالاة والانصراف عن الشأن العام , ومنها ثقافة التبرير والتسويغ , والمتجلية في جلد الذات والآخر , عندما يطالب بحق مشروع , على نمط ما يجسده القول التالي " يستاهل ما تفعل به السلطة " وهذه الـ " يستاهل " تطلق على معتقلي الرأي ونشطاء المجتمع السوري , بمعنى إعطاء الحق للجلاد في ذبح ضحيته , على خلفية لماذا يعارض السلطة , بما أنها سلطة فلا يجب الاختلاف عنها أو معارضتها , ولعل أسوا نموذج لهذه الثقافة هو تسويغ ذبح الرهائن في العراق , وهناك نوع آخر من الثقافة المنتشرة بين ضحايا الاستبداد , هي ثقافة انتظار المعجزة , المنقذ العام , القدرية والتسليم بما هو موجود , وبين مجمل هذه الثنائيات والثقافات التي يعاني منها المواطن السوري , لا زال المجتمع السوري يفتقر إلى معارضة تجد لها آلية أو طريقة تعيد إحياء وعي المواطن , بما هو إنسان له الحق في الحرية , وعي مواطني يدرك حقوقه وواجباته في وطنه , وعي يرفض مبدأ الوصاية , المبدأ الذي يحتضن مبدأ الانتداب نفسه , مع فرق الداخل والخارج , لكن في الحالتين هناك إقصاء واستبعاد للمواطن والمجتمع .
ما نحتاجه اطر ذات برنامج وطني يعيد ترتيب الاولويات , ويدفع المواطن إلى التفكير بذاته وبمصلحته , وبالتالي الايمان بقدرته على أنجاز التغيير السلمي والديمقراطي المنشود , والمعبر عن المصلحة الجمعية للشعب السوري ككل , بمعنى أننا في سورية نفتقد وعي جمعيا , سياسيا , له فعله الممارس , مع اقل قدر ممكن من الشعارات العابرة للقارات , فالأطر الراهنة والخارجة من رحم مسار المعتقدات الأحادية , والمعانية بذات الوقت , لديمومة إقصائها وقمعها , وان اختلفت الوتيرة بين مرحلة وأخرى , ولكنها تعاني على أكثر من صعيد , وعندما تعجز عن أن تكون قوة مجتمعية جاذبة , فهذا دليل على خلل بنيوي في تركيبتها , بحكم عدم إمكانية تجديد نفسها خطابا وممارسة وشخوصا , ومن الملاحظ أنها تعيش حالة من اللاتوازن في صيرورتها العملية , حتى يخيل إلي في الكثير من الأحيان بأنها تنتظر هي نفسها منقذها , أو بطلها القومي , القابع في مخيالها الخصب , يقيها من ما ينتظرها , أو يرفع عنها ما تعانيه , ويعيد إليها رونقها الذي غيبته مخاضات الداخل والخارج , وبالتالي يفتح لها أفقا سياسيا جديدا , ويعطيها دورا مجتمعيا عجزت بالياتها وقدراتها الذاتية على الوصول إليه وممارسته .
أن السلطة السورية تمتلك قراءتها للراهن القادم , سواء عبر جبهتها الشكلية وزيادة امتياز هذا وذاك , أو عبر تغييرات شكلية في هذا الجانب الاقتصادي أو الإداري , وفي المحصلة هي تسعى وتحاول أنتاج ذاتها , ولديها الكثير من الأوراق , منها المجتمع المغيب السهل توجيه دفته في أي مسار يخدم قراءة السلطة ومصلحتها , ومنها أيضا البراغماتية السياسية , ومنها أيضا دورها المنتظر في المستقبل القادم , فيما يخص الكثير من القضايا الإقليمية العالقة , بينما الأطر المعارضة وبأغلبها , لا زالت استطاعتها في الفكاك من بعض نواظم السلطة ومحدداتها , ضئيلة ومحددة , خجولة في الكثير من مستحقاتها , حتى أن حديثها عن الإصلاح لا يمتلك رؤية سياسية خاصة بها , وإنما يأتي في سياق محاولات السلطة نفسها , وبطلبات بياناتية خجولة , لا أرضية جماهيرية لها , وعلى ما يبدوا أن لكل من الطرفين مصالحه , فالسلطة تريد ديمومة سيطرتها الأحادية على المجتمع والدولة , والمعارضة بقراءتها القاصرة والنابعة أصلا من عدم امتلاكها دبناميكيات داخلية لها قدرة تجديد نفسها , مما يدفعها إلى الخطاب التصديري المتسامق إلى حد ما مع خطاب السلطة في هذا الشأن , بحكم أن السلطة تمتلك فعلها الموازي لخطابها , أو الناظم لما تريده وتبتغيه , بينما المعارضة السورية تفتقر إلى فعلها المجتمعي والسياسي , فيما عدا بعض الاعتصامات الهزيلة , لبعض القضايا العابرة للحدود , على الرغم بأنه كان هناك محاولات جيدة لتفعيل الحراك السوري في قضايا وطنية , تخص المواطن , حريته وكرامته , لكن تلك المحاولات توقفت بمسوغات شتى , وانحصر في الفترة الماضية الحراك المعارضي في التضامن والتأييد عبر الحدود .
أن ما نلمسه في الواقع السوري هو مخاضات كبيرة , قد تجد تعبيراتها مستقبلا , وجل ما نتمناه أن تجد تلك المخاضات من يؤطرها , وبالاحرى يعقلنها , بحكم أن أي تعبير خارج عن العقلانية , يكون مدمرا , للمجتمع والوطن والمواطن , أي إذا لم توجد قوى سياسية قادرة على ضبطه ووضعه في المسار السلمي والديمقراطي الصحيح , بمعنى تساهم على إخراجه , الإخراج المنشود وطنيا , فهو سيأخذ حكما الاتجاه الآخر , التدميري في الكثير من ممارساته , وهذا ما نراه ونلمسه في العراق كمثال , من حيث أن تغييب القوى السياسية والحجز على نشاطها وفكرها , وإخراجها من الواقع والمجتمع , جعل منها قوى غير فاعلة , غير قادرة على عقلنة الواقع , عندما اتيحت لها الفرصة .
في الحالة السورية , ورغم الطوارىء والعقلية الأمنية المتحكمة في العباد والمجتمع , لكن هذا لا يبرىء ساحة مجمل القوى المنضوية تحت لافتة المعارضة , من ضرورة قراءتها للواقع السوري , وتحديد اولوياتها على أرضية الداخل وسبل إنقاذه , وبالتالي إيقاف مسيرة الهروب إلى الأمام , وكارثية القصف الشعاراتي خارج الحدود .
القامشلي 5/11/2004
كاتب كوردي , ناشط في لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
الحوار المتمدن - العدد: 1012 - 2004 / 11 / 9
المعارضة السورية الخارجة من عباءة الاستبداد , تبحث حتى الآن عن ذاتها , عن هيكلها , بدون أن تسعى جديا إلى إعادة النظر في هيكليتها , أو أن تمتلك القدرة على نفض غبار الزمن العرفي عن خطابها , أو آليات ممارساتها بما يتوافق مع الراهن السوري أو ينسجم مع المعطيات الخارجية التي تمر بها المنطقة , سواء تداعيات القطب الواحد , وما تلاها من حرب على الإرهاب , وما الحق بها من مشروع الشرق الأوسط الكبير , وما نتج عن الاحتلال الأمريكي للعراق , أو القرار 1559 وملحقاته , سواء تقرير الأمين العام للأمم المتحدة , وما نتج عنه من بيان رئاسي صدر بإجماع مجلس الأمن , أو ما رافق ذلك من تعقيبات سورية رسمية .
كل هذه , معطيات راهنية تحتاج إلى قراءة سياسية مستجدة تستجيب لها , سواء توافقا أو تعاكسا , وفي الحالتين , يعتبر أن من مهمات آية قوة سياسية , أن يكون لها برنامجها الخاص , أو قراءتها الخاصة لما يحدث في منطقتها وساحتها الخاصة على وجه التحديد , بمعنى أن المعارضة السورية لا زال برنامجها السياسي في أدنى مستوياته , ولا يخرج عن اخراجات محدودة , متوافقة مع مطالبات نظرية أكثر منها أسلوب أو آليات عمل تسعى لتطبيق ما تؤمن به , واعتقد بأنه هناك الكثير من الرؤى السياسية في خطاب المعارضة لا زال رهينة مجمل تصوراتها الماضية والتي تشكل ذخيرة حلمية , تستوطن العقل الباطن في المخيال الجمعي لها , ولا وعيها , الذي لا زال تخييلا , ينطلق من منظومة , كيفية استلامها السلطة – وهذا من حقها _ بدون أن يكون لها آلية سياسية ديمقراطية , فلا زالت حتى الآن تتغاضى عن كونها معارضة , بمعنى مفهوم المعارضة , المدني , الذي يمتلك برنامجه السياسي الديمقراطي , حتى أنها في الكثير من الدول المتقدمة , لها حكومات ظل , ( وهي حالة مثالية في واقعنا ) , لكن من الضرورة أن يكون تداول السلطة , هو الناظم لوجود آية معارضة , وهذا لا يشكل سوى تشارك في وطن واحد , يكون فيه الاتفاق على المصلحة الوطنية , والاختلاف على كيفية خدمة هذه المصلحة , وبالتالي فالمعارضة الديمقراطية يكون لها آليات سلمية وسليمة في العمل المجتمعي , وفي الحالة السورية , المشبعة بجذر إقصائي وانقلابي , يتطلب أن تمتلك فيه المعارضة عقلية قبول الاختلاف , مما يستوجب تغييرا في الجذر المعرفي لها , والآلية التي اعني , هي السلمية , التي تعالج فيها كل الأزمات والقضايا في المجتمع السوري بطرح مجتمعي , يؤطر الفعاليات الشعبية , ويساهم في تشكيل قوى ضاغطة , تؤمن بهذا البرنامج , وتسعى إلى تحقيقه عبر صناديق الاقتراع , والممارسة السياسية السلمية , بمعنى ما , يحتاج الأمر إلى ثقافة سياسية من نوع مختلف عن السائد , السائد بما هو نتاج استبداد طويل الأمد , والثقافة المطلوبة تحتاج إلى ركائز سلمية , برنامجية , وبالضرورة يجب أن تتخلى المعارضة السورية الخارجة من الركام , عن الجذر الانقلابي لاستلام السلطة من جهة , وعن ادعائها المفرط في اعلانيته عن عدم رغبتها استلام السلطة من جهة ثانية , وبالتالي يبقى الخطاب السياسي معبرا بدلالاته عن رؤية المعارضة , وهي الرؤية التي اعتقد بعدم نضجها , سواء لجهة ميراث القمع الماضي وتراكماته وضرورة تجاوز تداعياته , أو لجهة أنتاج خطاب عقلاني , نابع من الأرضية السورية ويهتم بالشأن السوري , وبهموم ومشاكل المواطن المغلوب على أمره , بنتيجة تغييبه عن ساحة الفعل السياسي , وإقصاءه عن المساهمة أو المشاركة في قضايا الشأن العام , أي أن يمتلك برنامج المعارضة السورية بتعدد أطيافها , عموده الفقري المتجسد في حاجة المجتمع السوري للتغير , والإفلات من شرنقة الانتكاس الماورائي , التي تكبله بها , العقلية الخارجة من زمن آخر , وفي هذا الشأن يتجلى الأمر , في ضبابية الطرح السياسي , فيما يخص الكثير من الأحداث المستجدة , التي تحتاج إلى قراءات معاصرة , تختلف إلى حد كبير عن نواظم القراءات الأصولية السابقة , هذه القراءة المعاصرة , حتى اللحظة غير متوفرة في مجمل خطاب المعارضة السورية بتياراتها المتعددة , فالمواقف لا زالت تعتمد ركائزها الأصولية , القوموية والإيديولوجية , المشبعة بأصولية سلفية , تراثية , وتراجعية أيضا , ولعل الهروب من مواجهة قضايا الداخل إلى تضخيم الخارج – وهذا لا يعني التقليل من أهميته – يشكل الناظم للقراءة الماضوية إياها , بمعنى الهروب من مواجهة الداخل وما يعانيه من موبقات , التي هي مدخل وأرضية التغلغل الخارجي , تعبير عن ثبات وسكون سياسي , والسكون السياسي لا زمن له , وبالتالي لا فاعلية مجتمعية تنتج عنه , قدر ما يؤدي إلى ارتكاسات أخرى , أكثر تعقيدا ومأساوية , على مجمل القضايا الوطنية , إذا الهروب من مواجهة الأزمة الداخلية , في الخطاب السياسي لبعض المعارضة السورية , يحمل دلالة , ليس فقط ضبابية الطرح السياسي , وإنما حتى التسامق مع السياسة الرسمية , وخطابها المُصدر لازمات الداخل , وبالتالي تهويل الخارج والعزف على خطورته , للتعمية على الداخل ومنغصاته , وهي ذات الاسطوانة التي أوصلت مجتمعاتنا إلى حالة النفاق- الخروج من التاريخ - الراهنة .
أن تثبيت مواطنية الإنسان السوري , تعتبر من المهام الراهنية والمستعجلة , إذا كانت – وفق ما اعتقد – الغاية هي أصلاح المجتمع السوري , والنهوض به , وجعله متينا داخليا , لكن الملاحظ أن الخطاب السياسي لمجمل المعارضات الموجودة , ينبع أو يرتكز في بناءه على الجذر القومي والقضية القومية , حتى انه آية رؤية للقضية الوطنية الداخلية , تمر من خلال القضية القومية , وليس العكس , فالناظم هو الموقف القومي , والخطاب القومي العروبي وبالتوافق معه , أي من العام المحدد للكثير من القراءات , التي تنفي في اغلبها , أو تغيب في مضمونها الخاص , حتى أن تخوين الآخر وأدانته , هي وليدة شرعية لهذه الرؤية ذات الشعارات الكبيرة , والفعل السياسي المعدوم وطنيا , وبقناعتي أن التصحيح الأولي لهذه الرؤية الانتكاسية , هو ما يكرس مصداقية أي خطاب سياسي تغييري , إذ أن معيار المصداقية الشعبية يكمن في جدية وشفافية أي خطاب , يَكون ينبوعه المعرفي وفعله السياسي ناتج عن المصلحة السورية , التي بالضرورة يرتكز إليها , وينطلق من صدقيتها وعافيتها في تجسيد أي موقف قومي , وهي معيار نضج وشفافية الخطاب السياسي التغييري , لان إعادة أنتاج صيرورة القومي , وطمس الوطني , هي ذات الحالة التي أوجدت الأحزاب الشمولية , وهي ذات المناهج التي استنـزفت خيرات البلاد , عبر المزاودة على الآخر وعلى القومية , في سبيل خنق الوطن وإلغاء المواطنة وتغييب المجتمع بمن فيه وبما فيه .
أن الخلط بين مهمات الخاص الوطني , والعام القومي المفكك والمستفحل في تشرذمه وعطالته , ولكنه لا زال يمتلك شعاراته عبر الحدود , هذا الخلط , والأصح طغيان الشعار على الواقع , وتغذية المواطن بأحلام وردية , ودفعه إلى الخروج من مجتمعه , فوق ما هو أصلا مستبعد ومهان , تشكل صيرورة فشل جديد يضاف إلى سلسلة الانكسارات السياسية والمجتمعية , التي حولتها مجمل الأحزاب المؤدلجة والقوموية , إلى انتصارات إعلامية , ورقية , بكفي نسمة خارجية لتتفرق في جحور متنوعة الأحجام والمقاسات .
أن إعادة التركيز على القضايا العابرة للحدود على حساب القضية الداخلية , هو خيار لا مجتمعي , يزيد من معاناة المواطن السوري , ويشبك تبعيته للخارج أكثر , حتى وان كان الادعاء عكس ذلك , وأخمن بان هناك نية لدى البعض للوصول في الطرح الشعاراتي إلى سوية الطرح السلطوي , وهو ما أراه في جانبين :
الأول : بهدف الحصول على جزء من كعكة السلطة التي إضاعتها بعض المؤثرات الماضية , وقد أن الأوان لنيلها في نفخ ذات القرب المثقوبة .
الثاني : له جذر اعتقادي ومعتقد , تحول إلى جدار إيماني صلد , تخلى عن فهم الراهن , واختار العيش في زمن سحيق , محدداته , تخيلات وأمنيات , تنتظر المنقذ القادم على صهوة جواده الأبلق .
وفي الحالتين يجب أن لا ننسى أن الموروث الأصولي في تحديد هذه الخيارات , لا زال ثقافة تعيد أنتاج نفسها , على الرغم من كتلة المتغيرات الدولية والإقليمية , وحتى المُكرسات القطرية على صعيد كل بلد عربي على حدة , وليس في الأمر إساءة لأحد عندما أقول , بان الفشل في المشروع السياسي القوموي , يعيد ارتكاساته في تحميل الآخر سبب الفشل , والآخر هنا , قد يكون الخارج , وقد يكون الداخل , والمعطى باعتقادي , هو عدم امتلاك القدرة على نقد الذات , أو تقييم المسار الذي أوصل العباد والأوطان إلى هذه الدرجة من اللاشيئية , وما أقول ليس انتقاصا من وطنية أو لا وطنية أي فصيل , وإنما رؤية , أو قراءة لما هو موجود , قد تختلف أو تتفق , هنا وهناك , ولكنها تعبير عن رؤية ترى الواقع السوري , جهة حركيته , سوادها , افقها المسدود , في ظل ضبابية الطرح السياسي وغموض الفعل المجتمعي , الذي بات هم الكثير من فعالياته , امتهان تصدير الطاقات نحو الخارج , بمعنى صرف الأنظار عن معاناة الداخل .
الوطنية هنا باتت منظمة بلا حدود , وبين اللاحدود هذه تضيع المسالة الوطنية , وتغيب القضية الديمقراطية , وتسحق المواطنية السورية , ومن جهة أخرى لا زالت هذه الأطر لا تجد السبيل للتوسع الأفقي في المجتمع , حتى وان كان القمع والاستبداد سببا أساسيا في الانحسار , لكن الراهن وحجم المهمات المنتظر إنجازها , حرصا على الوطن السوري , يجب أن يدفع بهذه الأطر إلى انتهاج أساليب جديدة في التقرب والانخراط بين أفراد الشعب , ولعل هذا الاغتراب الملاحظ , هو ما أعيده إلى ضبابية الخطاب السياسي لهذه الأطر , فالخطاب الذي يبيع شعارات فوق حدودية , انتهت فترة صلاحيتها المجتمعية , لم تعد مصدرا لاستقطاب الناس , إذ لا يجد أكثرهم تعبيرا عن معاناته , ولا حلا لقضاياه , ولا سبيلا لكسر حاجز الخوف , وثقافة الخوف التي تعيد تعبيد طريق استمراريتها العقلية الأمنية المنظمة , فعدم إيجاد السبيل أو القدرة على جذب المواطن السوري الذي يعيش أسوا أيامه , إلى ممارسة دوره والدفاع عن مواطنيته , يثير الكثير من المتناقضات في خطاب هذه الأطر أو في شخوصها المؤبدة أو في جدوى وجودها أصلا .
أن المواطن السوري الآن , يعيش في خضم ثنائيات متعددة , منها ثقافة الخوف , ومنها ثقافة الاستكانة وملحقاتها المتجسدة في اللامبالاة والانصراف عن الشأن العام , ومنها ثقافة التبرير والتسويغ , والمتجلية في جلد الذات والآخر , عندما يطالب بحق مشروع , على نمط ما يجسده القول التالي " يستاهل ما تفعل به السلطة " وهذه الـ " يستاهل " تطلق على معتقلي الرأي ونشطاء المجتمع السوري , بمعنى إعطاء الحق للجلاد في ذبح ضحيته , على خلفية لماذا يعارض السلطة , بما أنها سلطة فلا يجب الاختلاف عنها أو معارضتها , ولعل أسوا نموذج لهذه الثقافة هو تسويغ ذبح الرهائن في العراق , وهناك نوع آخر من الثقافة المنتشرة بين ضحايا الاستبداد , هي ثقافة انتظار المعجزة , المنقذ العام , القدرية والتسليم بما هو موجود , وبين مجمل هذه الثنائيات والثقافات التي يعاني منها المواطن السوري , لا زال المجتمع السوري يفتقر إلى معارضة تجد لها آلية أو طريقة تعيد إحياء وعي المواطن , بما هو إنسان له الحق في الحرية , وعي مواطني يدرك حقوقه وواجباته في وطنه , وعي يرفض مبدأ الوصاية , المبدأ الذي يحتضن مبدأ الانتداب نفسه , مع فرق الداخل والخارج , لكن في الحالتين هناك إقصاء واستبعاد للمواطن والمجتمع .
ما نحتاجه اطر ذات برنامج وطني يعيد ترتيب الاولويات , ويدفع المواطن إلى التفكير بذاته وبمصلحته , وبالتالي الايمان بقدرته على أنجاز التغيير السلمي والديمقراطي المنشود , والمعبر عن المصلحة الجمعية للشعب السوري ككل , بمعنى أننا في سورية نفتقد وعي جمعيا , سياسيا , له فعله الممارس , مع اقل قدر ممكن من الشعارات العابرة للقارات , فالأطر الراهنة والخارجة من رحم مسار المعتقدات الأحادية , والمعانية بذات الوقت , لديمومة إقصائها وقمعها , وان اختلفت الوتيرة بين مرحلة وأخرى , ولكنها تعاني على أكثر من صعيد , وعندما تعجز عن أن تكون قوة مجتمعية جاذبة , فهذا دليل على خلل بنيوي في تركيبتها , بحكم عدم إمكانية تجديد نفسها خطابا وممارسة وشخوصا , ومن الملاحظ أنها تعيش حالة من اللاتوازن في صيرورتها العملية , حتى يخيل إلي في الكثير من الأحيان بأنها تنتظر هي نفسها منقذها , أو بطلها القومي , القابع في مخيالها الخصب , يقيها من ما ينتظرها , أو يرفع عنها ما تعانيه , ويعيد إليها رونقها الذي غيبته مخاضات الداخل والخارج , وبالتالي يفتح لها أفقا سياسيا جديدا , ويعطيها دورا مجتمعيا عجزت بالياتها وقدراتها الذاتية على الوصول إليه وممارسته .
أن السلطة السورية تمتلك قراءتها للراهن القادم , سواء عبر جبهتها الشكلية وزيادة امتياز هذا وذاك , أو عبر تغييرات شكلية في هذا الجانب الاقتصادي أو الإداري , وفي المحصلة هي تسعى وتحاول أنتاج ذاتها , ولديها الكثير من الأوراق , منها المجتمع المغيب السهل توجيه دفته في أي مسار يخدم قراءة السلطة ومصلحتها , ومنها أيضا البراغماتية السياسية , ومنها أيضا دورها المنتظر في المستقبل القادم , فيما يخص الكثير من القضايا الإقليمية العالقة , بينما الأطر المعارضة وبأغلبها , لا زالت استطاعتها في الفكاك من بعض نواظم السلطة ومحدداتها , ضئيلة ومحددة , خجولة في الكثير من مستحقاتها , حتى أن حديثها عن الإصلاح لا يمتلك رؤية سياسية خاصة بها , وإنما يأتي في سياق محاولات السلطة نفسها , وبطلبات بياناتية خجولة , لا أرضية جماهيرية لها , وعلى ما يبدوا أن لكل من الطرفين مصالحه , فالسلطة تريد ديمومة سيطرتها الأحادية على المجتمع والدولة , والمعارضة بقراءتها القاصرة والنابعة أصلا من عدم امتلاكها دبناميكيات داخلية لها قدرة تجديد نفسها , مما يدفعها إلى الخطاب التصديري المتسامق إلى حد ما مع خطاب السلطة في هذا الشأن , بحكم أن السلطة تمتلك فعلها الموازي لخطابها , أو الناظم لما تريده وتبتغيه , بينما المعارضة السورية تفتقر إلى فعلها المجتمعي والسياسي , فيما عدا بعض الاعتصامات الهزيلة , لبعض القضايا العابرة للحدود , على الرغم بأنه كان هناك محاولات جيدة لتفعيل الحراك السوري في قضايا وطنية , تخص المواطن , حريته وكرامته , لكن تلك المحاولات توقفت بمسوغات شتى , وانحصر في الفترة الماضية الحراك المعارضي في التضامن والتأييد عبر الحدود .
أن ما نلمسه في الواقع السوري هو مخاضات كبيرة , قد تجد تعبيراتها مستقبلا , وجل ما نتمناه أن تجد تلك المخاضات من يؤطرها , وبالاحرى يعقلنها , بحكم أن أي تعبير خارج عن العقلانية , يكون مدمرا , للمجتمع والوطن والمواطن , أي إذا لم توجد قوى سياسية قادرة على ضبطه ووضعه في المسار السلمي والديمقراطي الصحيح , بمعنى تساهم على إخراجه , الإخراج المنشود وطنيا , فهو سيأخذ حكما الاتجاه الآخر , التدميري في الكثير من ممارساته , وهذا ما نراه ونلمسه في العراق كمثال , من حيث أن تغييب القوى السياسية والحجز على نشاطها وفكرها , وإخراجها من الواقع والمجتمع , جعل منها قوى غير فاعلة , غير قادرة على عقلنة الواقع , عندما اتيحت لها الفرصة .
في الحالة السورية , ورغم الطوارىء والعقلية الأمنية المتحكمة في العباد والمجتمع , لكن هذا لا يبرىء ساحة مجمل القوى المنضوية تحت لافتة المعارضة , من ضرورة قراءتها للواقع السوري , وتحديد اولوياتها على أرضية الداخل وسبل إنقاذه , وبالتالي إيقاف مسيرة الهروب إلى الأمام , وكارثية القصف الشعاراتي خارج الحدود .
القامشلي 5/11/2004
كاتب كوردي , ناشط في لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا