عاشق من فلسطين
16/03/2005, 15:12
عندما تصبح الحياة حباً
* عبدالله محمود سليمان
الحب شمس الطبيعة الثانية, ليس هذا مجرد غناء شعري, فهو حقيقة علمية تشير إليها الدراسات النفسية والطب نفسية, في البيت, والمجتمع, وبين البشر والأحياء جميعًا.
لو استمعت إلى ما يقوله الحب, وفكرت فيه, ووعيت رسالته, لفزت بالكثير. لكن ما هو الحب? تقول معاجم علم النفس: إن الحب شعور وجداني قوي نحو شخص أو موضوع مع رغبة في الارتباط بهذا الشخص أو الموضوع. ويعرف الحب في علم النفس بأنه سلوك.
لنبدأ بدراسة دواوين الشعر لنرى ماذا يقول الشعراء عن الحب. وسأختار لك قصيدة لجورج شابمان اعتبر عالم الأنثربولوجيا أشلي مونتاجيو أنه لو لم يكتب جورج شابمان شيئا سوى هذه القصيدة لخلدته سطورها. ويرى أنه لم يقم أحد بتقديم وصف للحب دقيق وممتلئ بالتبصر مثلما فعل شابمان, فعالم السلوك لا يستطيع وصف الحب بمثل هذه الكلمات. وكثيرون تحدثوا عن الحب بكلمات بلهاء موحين بأفكار عن الكيمياء والتشريح وعلم الغدد والأعراق والسلوك وغير ذلك من العلوم تسهم بإفلاسها في فهم هذه الظاهرة التي تعمل على الاستخفاف بها.
عاش جورج شابمان من عام 1559 إلى عام 1634, وكان صديقا وزميلا لشكسبير. ومترجما لهوميروس. كان كاتبا مسرحيا من أفضل من وصفوا الطبيعة وأثرها في الحب. وقد جاء هذا الوصف على لسان فاليريو ابن الفارس كونستازيو في مسرحية شابمان All fools.
لنستمع إلى شابمان يقول عن الحب:
إني أخبرك أن الحب هو شمس الطبيعة الثانية
يفجر ينبوعا من الفضائل حينما يشرق
وكما أنه بدون الشمس عين العالم الكبيرة
يصبح كل ما في الفن والطبيعة من ألوان وجمال
عبثا في نظر الرجال. كذلك فإنه بدون الحب
يصبح كل ما في النساء من جمال عبثا
وتصبح كل الفضائل التي اكتسبها الرجال خاملة
لأن الحب يظهرها مثلما تظهر الشمس الألوان
وكما تعكس الشمس على العالم أشعتها الدافئة
وتنمي الفواكه والأزهار
فإن الحب حينما يشع جيدا في داخل الإنسان
يولد فيه كل الثمار المشرقة:
الشجاعة والفضيلة والأفكار السامية
إنه تصميم شجاع وحديث إلهي
آه... إنه الفردوس والجنة في الأرض
لو استمعت إلى مقالة الحب وفكرت فيها ووعيتها, لفزت بالكثير. ستكون متصلا بأعماق إنسانيتك, أصيلا تعرف الحياة, كما أنت بلا قناع أو زيف, وستكون سعيدا دائما, متقد الذهن حيوي القلب, متألق الوجه بابتسامة تأسر الإنسان طفلا كان أو شيخا, ستكون دائما متألقا.
الحب يطيل الأعمار
قال لي أستاذي جلبرت رن, وهو ينتشي بعامه التاسع والتسعين, إن الحب يجعلك في صحة جيدة ويطيل عمرك. تكون دائما في حالة راحة, أعصابك هادئة, وعملياتك الحيوية تعمل بانتظام وكفاءة.. التوترات تختفي, والتفاؤل ينتشر في وجدانك وأفكارك, ويدفعك إلى العمل المثمر الذي يمتعك ويمتع الآخرين. ويؤيد رن عالم الاجتماع بتروم سروكون الذي أفاد بأن القساوسة ورجال الدين المسيحيين كان متوسط أعمارهم أكبر من متوسط أعمار الأفراد الذين عاشوا في زمانهم, وذلك في أي حقبة من حقب التاريخ. لماذا? لأنهم كانوا يعيشون بالحب وللحب, حب الناس والعمل لخيرهم, هذا الحب الذي سماه سوروكون (الحب الغيري).
في بلادنا حينما يذكر (الحب) تقفز إلى الذهن كلمة (الجنس), ومن ثم يصبح الحب مدانا يقترن بالذنب والخجل والشهوة, ويصبح بالتالي بعيدا عن الحديث والبحث والدرس العملي, مستعصيا على الفهم.
ليس خطأ أن يقترن الحب بالجنس. لكن الحب أعم من الجنس.
لنستمع إلى الشاعر الإنجليزي شيلي وهو يتحدث عن (فلسفة الحب):
انظري إلى النافورة وهي تختلط بمياه النهر
والأنهار وهي تمتزج بالمحيطات
ورياح السماء تمتزج أبدا
بعواطف عذبة
لا يوجد في العالم شيء وحيد
فالقانون الإلهي يجعل الأشياء كلها
تلتقي وتتمازج في روح واحدة
فلماذا لا تلتقي أنت بي
انظري إلى الأرض وهي تقبل السماء في ارتفاعها
والأمواج وهي تعانق بعضها بعضا
لن تغفر الحياة لزهرة
أن تزدري أخاها
وهاهو ضوء الشمس يصافح الأرض
وأشعة القمر تقبل مياه البحر
ماذا تعني كل هذه الأعمال الحلوة
إذا لم تقبليني أنت
الحب هو علاقة الإنسان بالآخر, وقد يكون الآخر إنسانًا أو حيوانًا أو مكانًا أو وطنًا أو فكرة أو رسالة. إنه أي إنسان أو أي فكرة أو أي شيء تشعر نحوه بالمودة والألفة, وتستمد منه أفكارًا ومشاعر تدفعك إلى أن تعانق الحياة في تمامها وتضيف إليها, مشيدا أبنية من الخير والنماء. الحب أي كائن ترتبط به وتحرص على تنميته, هو ينبوع حب لك, من فيض حبك يتألق.
هذا هو الحب
البداية هي أن تعترف به
وتكسب نفسك الشجاعة لكي تعانقه
لأنك عندئذ ستعانق الحياة في تمامها
البداية أن تعترف به, لأن هذا الاعتراف سيدفعك إلى البحث عنه
وأنت تحتاج إليه دون شك, كل منا يحتاج إليه, وفي كل لحظة من لحظات حياته
لكنك قد تنكر حاجتك إليه, ومن ثم تعيش محرومًا منه
ستكون دراستك عبئا ثقيلا لو لم تشعر نحوها بالحب
وستكون علاقتك بالآخر انتهازية أو وصولية أو استغلالا أو خداعا لو لم تشعر نحوه أو نحوها بالحب.
وفي الوقت الذي تعترف فيه بالحب وتبحث عنه, ستفكر فيه وتفلسفه, وتحاول فهمه وتمارسه في كل مظاهر حياتك, وسينشط العلماء لفهم هذه القوة الساحرة والطاقة الكبرى, التي تربط الإنسان وأسرته وعمله ووطنه وإخوته في الإنسانية, بين الإنسان والحياة.
وإذا استمعنا إلى العلماء يفسرون مقالة الحب, والشعراء يعزفون أنغامه, والأدباء ينشرون سحره وبيانه, إذا استمعنا إلى مقالة الحب تنفذ في أعماق قلوبنا وعقولنا ووجداننا, إذا استمعنا إلى الحب, أمكن أن نعيشه بفاعلية, وتصبح الحياة حبا.
* عبدالله محمود سليمان
الحب شمس الطبيعة الثانية, ليس هذا مجرد غناء شعري, فهو حقيقة علمية تشير إليها الدراسات النفسية والطب نفسية, في البيت, والمجتمع, وبين البشر والأحياء جميعًا.
لو استمعت إلى ما يقوله الحب, وفكرت فيه, ووعيت رسالته, لفزت بالكثير. لكن ما هو الحب? تقول معاجم علم النفس: إن الحب شعور وجداني قوي نحو شخص أو موضوع مع رغبة في الارتباط بهذا الشخص أو الموضوع. ويعرف الحب في علم النفس بأنه سلوك.
لنبدأ بدراسة دواوين الشعر لنرى ماذا يقول الشعراء عن الحب. وسأختار لك قصيدة لجورج شابمان اعتبر عالم الأنثربولوجيا أشلي مونتاجيو أنه لو لم يكتب جورج شابمان شيئا سوى هذه القصيدة لخلدته سطورها. ويرى أنه لم يقم أحد بتقديم وصف للحب دقيق وممتلئ بالتبصر مثلما فعل شابمان, فعالم السلوك لا يستطيع وصف الحب بمثل هذه الكلمات. وكثيرون تحدثوا عن الحب بكلمات بلهاء موحين بأفكار عن الكيمياء والتشريح وعلم الغدد والأعراق والسلوك وغير ذلك من العلوم تسهم بإفلاسها في فهم هذه الظاهرة التي تعمل على الاستخفاف بها.
عاش جورج شابمان من عام 1559 إلى عام 1634, وكان صديقا وزميلا لشكسبير. ومترجما لهوميروس. كان كاتبا مسرحيا من أفضل من وصفوا الطبيعة وأثرها في الحب. وقد جاء هذا الوصف على لسان فاليريو ابن الفارس كونستازيو في مسرحية شابمان All fools.
لنستمع إلى شابمان يقول عن الحب:
إني أخبرك أن الحب هو شمس الطبيعة الثانية
يفجر ينبوعا من الفضائل حينما يشرق
وكما أنه بدون الشمس عين العالم الكبيرة
يصبح كل ما في الفن والطبيعة من ألوان وجمال
عبثا في نظر الرجال. كذلك فإنه بدون الحب
يصبح كل ما في النساء من جمال عبثا
وتصبح كل الفضائل التي اكتسبها الرجال خاملة
لأن الحب يظهرها مثلما تظهر الشمس الألوان
وكما تعكس الشمس على العالم أشعتها الدافئة
وتنمي الفواكه والأزهار
فإن الحب حينما يشع جيدا في داخل الإنسان
يولد فيه كل الثمار المشرقة:
الشجاعة والفضيلة والأفكار السامية
إنه تصميم شجاع وحديث إلهي
آه... إنه الفردوس والجنة في الأرض
لو استمعت إلى مقالة الحب وفكرت فيها ووعيتها, لفزت بالكثير. ستكون متصلا بأعماق إنسانيتك, أصيلا تعرف الحياة, كما أنت بلا قناع أو زيف, وستكون سعيدا دائما, متقد الذهن حيوي القلب, متألق الوجه بابتسامة تأسر الإنسان طفلا كان أو شيخا, ستكون دائما متألقا.
الحب يطيل الأعمار
قال لي أستاذي جلبرت رن, وهو ينتشي بعامه التاسع والتسعين, إن الحب يجعلك في صحة جيدة ويطيل عمرك. تكون دائما في حالة راحة, أعصابك هادئة, وعملياتك الحيوية تعمل بانتظام وكفاءة.. التوترات تختفي, والتفاؤل ينتشر في وجدانك وأفكارك, ويدفعك إلى العمل المثمر الذي يمتعك ويمتع الآخرين. ويؤيد رن عالم الاجتماع بتروم سروكون الذي أفاد بأن القساوسة ورجال الدين المسيحيين كان متوسط أعمارهم أكبر من متوسط أعمار الأفراد الذين عاشوا في زمانهم, وذلك في أي حقبة من حقب التاريخ. لماذا? لأنهم كانوا يعيشون بالحب وللحب, حب الناس والعمل لخيرهم, هذا الحب الذي سماه سوروكون (الحب الغيري).
في بلادنا حينما يذكر (الحب) تقفز إلى الذهن كلمة (الجنس), ومن ثم يصبح الحب مدانا يقترن بالذنب والخجل والشهوة, ويصبح بالتالي بعيدا عن الحديث والبحث والدرس العملي, مستعصيا على الفهم.
ليس خطأ أن يقترن الحب بالجنس. لكن الحب أعم من الجنس.
لنستمع إلى الشاعر الإنجليزي شيلي وهو يتحدث عن (فلسفة الحب):
انظري إلى النافورة وهي تختلط بمياه النهر
والأنهار وهي تمتزج بالمحيطات
ورياح السماء تمتزج أبدا
بعواطف عذبة
لا يوجد في العالم شيء وحيد
فالقانون الإلهي يجعل الأشياء كلها
تلتقي وتتمازج في روح واحدة
فلماذا لا تلتقي أنت بي
انظري إلى الأرض وهي تقبل السماء في ارتفاعها
والأمواج وهي تعانق بعضها بعضا
لن تغفر الحياة لزهرة
أن تزدري أخاها
وهاهو ضوء الشمس يصافح الأرض
وأشعة القمر تقبل مياه البحر
ماذا تعني كل هذه الأعمال الحلوة
إذا لم تقبليني أنت
الحب هو علاقة الإنسان بالآخر, وقد يكون الآخر إنسانًا أو حيوانًا أو مكانًا أو وطنًا أو فكرة أو رسالة. إنه أي إنسان أو أي فكرة أو أي شيء تشعر نحوه بالمودة والألفة, وتستمد منه أفكارًا ومشاعر تدفعك إلى أن تعانق الحياة في تمامها وتضيف إليها, مشيدا أبنية من الخير والنماء. الحب أي كائن ترتبط به وتحرص على تنميته, هو ينبوع حب لك, من فيض حبك يتألق.
هذا هو الحب
البداية هي أن تعترف به
وتكسب نفسك الشجاعة لكي تعانقه
لأنك عندئذ ستعانق الحياة في تمامها
البداية أن تعترف به, لأن هذا الاعتراف سيدفعك إلى البحث عنه
وأنت تحتاج إليه دون شك, كل منا يحتاج إليه, وفي كل لحظة من لحظات حياته
لكنك قد تنكر حاجتك إليه, ومن ثم تعيش محرومًا منه
ستكون دراستك عبئا ثقيلا لو لم تشعر نحوها بالحب
وستكون علاقتك بالآخر انتهازية أو وصولية أو استغلالا أو خداعا لو لم تشعر نحوه أو نحوها بالحب.
وفي الوقت الذي تعترف فيه بالحب وتبحث عنه, ستفكر فيه وتفلسفه, وتحاول فهمه وتمارسه في كل مظاهر حياتك, وسينشط العلماء لفهم هذه القوة الساحرة والطاقة الكبرى, التي تربط الإنسان وأسرته وعمله ووطنه وإخوته في الإنسانية, بين الإنسان والحياة.
وإذا استمعنا إلى العلماء يفسرون مقالة الحب, والشعراء يعزفون أنغامه, والأدباء ينشرون سحره وبيانه, إذا استمعنا إلى مقالة الحب تنفذ في أعماق قلوبنا وعقولنا ووجداننا, إذا استمعنا إلى الحب, أمكن أن نعيشه بفاعلية, وتصبح الحياة حبا.