عبد الرحمن
14/03/2005, 14:20
بعض الرجال ـ للأسف ـ لا يضعون الحقيقة كاملة ومباشرة أمام زوجاتهم، فترى الواحد منهم يلف ويدور، ويطلع وينزل، جاعلاً من زوجته «بالون اختبار» على قوة الأعصاب من عدمها، كما أن بعض النساء كذلك تطيرهن أقل نفحة من الهواء. وإليكم ذلك الرجل الذي رجع إلى بيته متهلل الأسارير بشكل لافت للنظر، فسألته زوجته تريد منه أن يشركها في فرحته هذه، فقال لها: أبداً كل الحكاية وما فيها أنني التقيت اليوم بسيدة لطيفة «تأخذ العقل»، لقد صادفتها في «المترو»، وسألتني هل تتكلم الإنجليزية؟، فلما أجبتها بنعم، رجتني أن أدلها على المتحف الفني (......)، فوافقت على الفور، ففتحت زوجته فمها من شدة الاندهاش وقالت: هكذا وافقت بكل بساطة وسرعة؟!، فقال: لم لا؟! لأنني كنت من مدة أتمنى أن أزور ذلك المتحف، ووجدتها فرصة خصوصاً عندما أكون بصحبة امرأة طيبة ومميزة كهذه السيدة البريطانية، فقالت: وهل تحدثت معها طويلاً؟! نعم، نعم، بل وتبادلنا النكات، والواقع أنني وجدت متعة منقطعة النظير معها، وإنني لا أبالغ إذا قلت إنني لم أجد هذه المتعة منذ زمن طويل، فهذه السيدة الشقراء بعينيها الزرقاوين مثقفة ثقافة عالية، وتعرف كيف تكون ساحرة، فقالت زوجته: لا شك أنها كانت مؤنسة ومغرية ومؤثرة عليك إلى درجة أنني لم أشاهدك منذ زمن وأنت تدخل المنزل بهذا الحبور، فهل عقلك خف يا رجل، هل أنت خفيف إلى هذه الدرجة؟!، فقال لها وهو يبتسم ابتسامة ماكرة لها مدلولها: طبعاً معي كل الحق في أن تغمرني هذه السعادة خصوصاً أن المرأة سريعة البديهة، بل إنها أخذت تتندر على «الباريسيين»، وعلى حماقاتهم أحياناً رغم أنهم غالباً ما يعتذرون في النهاية، ووافقتها بإعجاب على كامل ملاحظاتها، وزيادة على ذلك أحسست أنني استفدت كثيراً من تلك الملاحظات التي لم تخطر على بالي ولم انتبه لها رغم أنني قضيت في باريس سنين طويلة. قالت زوجته وقد بدأ الانفعال يظهر عليها: يا سلام، زدتني شوقاً، أكمل أكمل سمعني الفضايح الله لا يرضى عليك، فقال: عندما تجولنا معاً في أنحاء المتحف، وخرجنا صادفنا احد المتسولين وهو يعزف على غيتاره، فما كان منها إلا أن نفحته ورقة نقدية بعشرين يورو، كم هي كريمة ورحيمة تلك السيدة، وعندما حاولت أن أودعها، وقفت برهة وهي صامتة تتأمل في وجهي ثم قالت: لماذا لا تأتي معي إلى الأوتيل؟!، ولا أكذب عليك أنني وجدتها فرصة سانحة، لقضاء أطول وقت ممكن مع تلك المرأة التي لا تتكرر. بهتت الزوجة وهي غير مصدقة لما تسمعه من هذه الصراحة الفجة، فاعتدلت في جلستها، وزمت شفتيها، واشرأبت بعنقها الذي برزت عروقه بشكل لا تخطئه العين، وأخذت تحدج وهي صامتة وتود من أعماقها لو أنها «كفخته»، بل إنها كانت على وشك أن تفعل ذلك، ووضع هو رجلاً فوق رجل وأشعل سيجارته، وبعد أن شفط منها ما يملأ صدره قال: عندما وصلنا الاوتيل سألتني بانفعال واضح: هل اطلب منك رغم أنني خجلانة، قلت لها: أؤمري، قالت ممكن توصلني إلى غرفة النوم لو سمحت؟!، قلت لها: من عيوني، وفعلاً أمسكتها من ذراعها وطوقت خصرها ونحن نصعد الدرج «حبة حبة»، عندها لم تتمالك الزوجة أعصابها، فانفجرت قائلة: لا بوك لا أبو الحبة حبة، هي وصلت «لحد كدة»، وكادت أن تضربه بعلبة من الخزف لولا أن صاح بها قائلاً: أرجوك اسأليني عنها أكثر، قالت له وهي تصر على أسنانها كم عمر تلك «اللبوة»؟!، قال إنها ذكرت أن عمرها 75، مع أنني اعتقد أنها على مشارف الثمانين.. «ففشت» ووضعت رأسها بين يديها ثم نظرت إلى زوجها وهي تضحك: كنت أتمنى أن أتعرف على مثل تلك السيدة المثقفة، يا ليتك دعوتها للعشاء معنا.