golan hights
24/04/2006, 11:04
أخبار الشرق / بقلم: حكم البابا
لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي ما إذا كان حزب البعث الذي احتفل بعيد ميلاده التاسع والخمسين قبل أيام هو الذي حكم العراق إلى ما قبل ثلاثة أعوام، ولا يزال يحكم سورية حتى اليوم، أم أن الذي تسلّم السلطة في سورية والعراق شقيقه (من خالته زوجة أبيه) ليرتكب ما ارتكب باسمه ويلصقه به، كما يحاول كثير من البعثيين التملص حين يوجه إليهم سؤال عما فعلوه بسورية والعراق؟!
ولكني أستطيع أن أؤكد أن شعارات البعث في سورية طبقت بالأسلوب الذي أجرى فيه بافلوف تجاربه على الفئران، ليثبت فيه نظريته حول رد الفعل الانعكاسي، بحيث صار السوري إذا مرّ في الشارع وسمع بالصدفة من رجل يمر بجواره كلمة "وحده"، ربما كان الرجل يقصد منها "وحده مرة" (كما يقال بالدارجة السورية عن امرأة واحدة)، ينتفخ صدره بدون إرادته ويقف باستعداد صارخاً بأهداف البعث: وحدة حرية اشتراكية، ولو سمع أي سوري مسترخٍ على كنبته في بيته وهو يشاهد مسلسلاًً تلفزيونياً تاريخياً ينادي فيه عبد الله غيث سهير المرشدي بأمة الله، فسيقفز من أربعته مردداً شعار البعث: أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة، ويعيش كل سوري لحظة قلق وجودي لا يحسد عليها حين يرى في أية دائرة أو شركة يدخلها الغرفة التي كتب عليها "أمين الصندوق"، ويحتار حيرة قائد عسكري عليه أن يأخذ قراراً مصيرياً بالحرب أو بالسلم، كونه تعود على أن كلمة "الأمين" تستدعي بالضرورة كلمة "العام" المرتبطة بها، وهاتان الكلمتان تستدعيان بالضرورة أيضاً وبدون تفكير أن تقترب راحتي كفيه من بعضهما وتتباعدا عدة مرات، في حركة تسمى لغوياً: التصفيق.
والسوري مثلاً لا يمكن أن يصدق أن الجريدة التي يقرأها سورية ما لم يقرأ فيها عبارات مثل "الهجمة الامبريالية الشرسة، التضامن العربي، تلازم المسارين"، حتى أن كثيراً من السوريين عانوا من أشكال عديدة من الانفصام النفسي، وراجعوا عيادات الطب النفسي بعد أن اختفت من إعلامهم عبارة "المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي الصديق" عقب سقوط هذه المنظومة وتهاوي رأسها الصديق.
ولا يستطيع السوري أن يتأكد من كونه يعيش في سورية إذا مرّ قرب مدرسة ابتدائية ولم يسمع التصفيق الطلائعي، أو إذا فتح التلفزيون ولم يشاهد فتاه الأول نضال زغبور يقدم نشرة الأخبار بطريقة من يفتح فم طفله عنوة ويجبره على شرب ملعقة من دواء السعال المرّ، أو لو مرّ في أي شارع أيام 8 آذار/ مارس، و 7 نيسان/ أبريل أو 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، ولم يشاهد لافتات قماشية من مختلف الألوان والأحجام توحي للغريب بأنه يمر في سوق للخياطين. ولهذا تشبه نظرة غير السوريين لسورية وأهلها من حيث مفاجأتها، دهشة من فتح علبة سردين حار للمرة الأولى في حياته، فوجد سمكاً مقطوع الرأس والزعانف مرصوصاً قرب بعضه البعض، وبينه قرن صغيرمن الفلفل الأحمر يتحكم في كل طعمه، وقطعة الفلفل هذه يسميها السوريون عادةً المخابرات!
لم يقدم حزب البعث أو شقيقه (من خالته زوجة أبيه) الذي حكم باسمه لسورية انجازاً باستثناء الشعارات والمسيرات
والمخابرات والعشوائيات السكنية (الـ86 والسومرية في المزة، وتشرين في القابون، وعش الورور في برزة) التي يعيش فيها عناصر ستة عشر فرعاً أمنياً مع عائلاتهم، وتحويل شوارع أقدم عاصمة لا تزال مأهولة في التاريخ إلى طرقات ريفية، تصلح لامتحان متانة أنواع السيارات، أولإجراء دورات في الصاعقة للأفراد، أو لإمداد عيادات معالجة الرضوض والكسور بالمصابين، أكثر مما تصلح للاستعمال الآدمي، وإذا كان لكل دولة في العالم فائض انتاج تصدره، فإن الانتاج السوري الوحيد الذي يمكن لسورية بعد تسع وخمسين سنه من حكم حزب البعث أو شقيقه (من خالته زوجة أبيه) الذي حكم باسمه أن تصدره هو المخابرات!
أليس من حق السوريين الذين قام مدرسوهم بمساهمة فاعلة في بناء نهضة دول الخليج أن يسألوا حزب البعث أو شقيقه (من خالته زوجة أبيه) الذي حكم باسمه، لماذا تستجدي اليوم سورية (التي لا حياة فيها إلاّ للتقدم والاشتراكية) الدول الخليجية (التي طالما وصفتها بالرجعية) لبناء فندق أو انشاء مجمع تجاري أو فتح أسواق وطرقات وأنفاق للقطارات السريعة؟
ولطالما عقدت مقارنة بيني وبين نفسي بين الحركة الصهيونية التي أنشأت في فلسطين كيانها الهجين عام 1948، الذي سبب رعباً لاثنتين وعشرين دولة عربية، وخسّرها كل الحروب التي خاضها ضدها، وبين حزب البعث الذي ولد في سورية عام 1947، وحكم هو أو حكم شقيقه (من خالته زوجة أبيه) باسمه، وخسر كل الحروب التي خاضها عسكرياً، وإن كان قد ربح بعضها تلفزيونياً وإذاعياً وخطابياً، ولم يفعل بالعراق سوى تسليمه مهشماً للأمريكان، وجعل سورية بعد كل خطابات التحرير والتوازن الاستراتيجي وصراع الوجود لا الحدود مع العدو الصهيوني تعتمد على استراتيجية الاتكال على الله في مواجهة الأخطار المحيطة بها باختيارها شعار "سورية الله حاميها"! ولطالما تساءلت كيف لم يفكر حزب البعث أو شقيقه (من خالته زوجة أبيه) الذي حكم باسمه، بتحقيق أهم أهدافه وهو تحرير فلسطين بنفسه بدلاً من اعتماده على عكازة حزب الله، والحل أمام بصره وفي متناول يده، وأقل كلفة من شراء الدبابات والطائرات، أو الدخول في مفاوضات، فيكفيه فتح فرع له في فلسطين المحتلة (غير الفرع الشهير للمخابرات العسكرية المسمى فرع فلسطين)، ونقل بعض مسؤوليه وشعاراته لتزول دولة اسرائيل العدوة من الوجود، وهو حل أثبت فاعليته في بلدين عربيين حتى الآن!
نسخة طبق الأصل:
_ إلى العميد الذي طلب مني اللواء علي مملوك مدير المخابرات السورية العامة استشارته والحصول على موافقته عند رغبتي بكتابة أي مقال (حتى لو عن المازوت)!!
لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي ما إذا كان حزب البعث الذي احتفل بعيد ميلاده التاسع والخمسين قبل أيام هو الذي حكم العراق إلى ما قبل ثلاثة أعوام، ولا يزال يحكم سورية حتى اليوم، أم أن الذي تسلّم السلطة في سورية والعراق شقيقه (من خالته زوجة أبيه) ليرتكب ما ارتكب باسمه ويلصقه به، كما يحاول كثير من البعثيين التملص حين يوجه إليهم سؤال عما فعلوه بسورية والعراق؟!
ولكني أستطيع أن أؤكد أن شعارات البعث في سورية طبقت بالأسلوب الذي أجرى فيه بافلوف تجاربه على الفئران، ليثبت فيه نظريته حول رد الفعل الانعكاسي، بحيث صار السوري إذا مرّ في الشارع وسمع بالصدفة من رجل يمر بجواره كلمة "وحده"، ربما كان الرجل يقصد منها "وحده مرة" (كما يقال بالدارجة السورية عن امرأة واحدة)، ينتفخ صدره بدون إرادته ويقف باستعداد صارخاً بأهداف البعث: وحدة حرية اشتراكية، ولو سمع أي سوري مسترخٍ على كنبته في بيته وهو يشاهد مسلسلاًً تلفزيونياً تاريخياً ينادي فيه عبد الله غيث سهير المرشدي بأمة الله، فسيقفز من أربعته مردداً شعار البعث: أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة، ويعيش كل سوري لحظة قلق وجودي لا يحسد عليها حين يرى في أية دائرة أو شركة يدخلها الغرفة التي كتب عليها "أمين الصندوق"، ويحتار حيرة قائد عسكري عليه أن يأخذ قراراً مصيرياً بالحرب أو بالسلم، كونه تعود على أن كلمة "الأمين" تستدعي بالضرورة كلمة "العام" المرتبطة بها، وهاتان الكلمتان تستدعيان بالضرورة أيضاً وبدون تفكير أن تقترب راحتي كفيه من بعضهما وتتباعدا عدة مرات، في حركة تسمى لغوياً: التصفيق.
والسوري مثلاً لا يمكن أن يصدق أن الجريدة التي يقرأها سورية ما لم يقرأ فيها عبارات مثل "الهجمة الامبريالية الشرسة، التضامن العربي، تلازم المسارين"، حتى أن كثيراً من السوريين عانوا من أشكال عديدة من الانفصام النفسي، وراجعوا عيادات الطب النفسي بعد أن اختفت من إعلامهم عبارة "المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي الصديق" عقب سقوط هذه المنظومة وتهاوي رأسها الصديق.
ولا يستطيع السوري أن يتأكد من كونه يعيش في سورية إذا مرّ قرب مدرسة ابتدائية ولم يسمع التصفيق الطلائعي، أو إذا فتح التلفزيون ولم يشاهد فتاه الأول نضال زغبور يقدم نشرة الأخبار بطريقة من يفتح فم طفله عنوة ويجبره على شرب ملعقة من دواء السعال المرّ، أو لو مرّ في أي شارع أيام 8 آذار/ مارس، و 7 نيسان/ أبريل أو 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، ولم يشاهد لافتات قماشية من مختلف الألوان والأحجام توحي للغريب بأنه يمر في سوق للخياطين. ولهذا تشبه نظرة غير السوريين لسورية وأهلها من حيث مفاجأتها، دهشة من فتح علبة سردين حار للمرة الأولى في حياته، فوجد سمكاً مقطوع الرأس والزعانف مرصوصاً قرب بعضه البعض، وبينه قرن صغيرمن الفلفل الأحمر يتحكم في كل طعمه، وقطعة الفلفل هذه يسميها السوريون عادةً المخابرات!
لم يقدم حزب البعث أو شقيقه (من خالته زوجة أبيه) الذي حكم باسمه لسورية انجازاً باستثناء الشعارات والمسيرات
والمخابرات والعشوائيات السكنية (الـ86 والسومرية في المزة، وتشرين في القابون، وعش الورور في برزة) التي يعيش فيها عناصر ستة عشر فرعاً أمنياً مع عائلاتهم، وتحويل شوارع أقدم عاصمة لا تزال مأهولة في التاريخ إلى طرقات ريفية، تصلح لامتحان متانة أنواع السيارات، أولإجراء دورات في الصاعقة للأفراد، أو لإمداد عيادات معالجة الرضوض والكسور بالمصابين، أكثر مما تصلح للاستعمال الآدمي، وإذا كان لكل دولة في العالم فائض انتاج تصدره، فإن الانتاج السوري الوحيد الذي يمكن لسورية بعد تسع وخمسين سنه من حكم حزب البعث أو شقيقه (من خالته زوجة أبيه) الذي حكم باسمه أن تصدره هو المخابرات!
أليس من حق السوريين الذين قام مدرسوهم بمساهمة فاعلة في بناء نهضة دول الخليج أن يسألوا حزب البعث أو شقيقه (من خالته زوجة أبيه) الذي حكم باسمه، لماذا تستجدي اليوم سورية (التي لا حياة فيها إلاّ للتقدم والاشتراكية) الدول الخليجية (التي طالما وصفتها بالرجعية) لبناء فندق أو انشاء مجمع تجاري أو فتح أسواق وطرقات وأنفاق للقطارات السريعة؟
ولطالما عقدت مقارنة بيني وبين نفسي بين الحركة الصهيونية التي أنشأت في فلسطين كيانها الهجين عام 1948، الذي سبب رعباً لاثنتين وعشرين دولة عربية، وخسّرها كل الحروب التي خاضها ضدها، وبين حزب البعث الذي ولد في سورية عام 1947، وحكم هو أو حكم شقيقه (من خالته زوجة أبيه) باسمه، وخسر كل الحروب التي خاضها عسكرياً، وإن كان قد ربح بعضها تلفزيونياً وإذاعياً وخطابياً، ولم يفعل بالعراق سوى تسليمه مهشماً للأمريكان، وجعل سورية بعد كل خطابات التحرير والتوازن الاستراتيجي وصراع الوجود لا الحدود مع العدو الصهيوني تعتمد على استراتيجية الاتكال على الله في مواجهة الأخطار المحيطة بها باختيارها شعار "سورية الله حاميها"! ولطالما تساءلت كيف لم يفكر حزب البعث أو شقيقه (من خالته زوجة أبيه) الذي حكم باسمه، بتحقيق أهم أهدافه وهو تحرير فلسطين بنفسه بدلاً من اعتماده على عكازة حزب الله، والحل أمام بصره وفي متناول يده، وأقل كلفة من شراء الدبابات والطائرات، أو الدخول في مفاوضات، فيكفيه فتح فرع له في فلسطين المحتلة (غير الفرع الشهير للمخابرات العسكرية المسمى فرع فلسطين)، ونقل بعض مسؤوليه وشعاراته لتزول دولة اسرائيل العدوة من الوجود، وهو حل أثبت فاعليته في بلدين عربيين حتى الآن!
نسخة طبق الأصل:
_ إلى العميد الذي طلب مني اللواء علي مملوك مدير المخابرات السورية العامة استشارته والحصول على موافقته عند رغبتي بكتابة أي مقال (حتى لو عن المازوت)!!