-
دخول

عرض كامل الموضوع : سميح القاسم....


سرسورة
24/04/2006, 02:04
صوت الجنة الضائع



صوتها كان عجيباً
كان مسحوراً قوياً.. و غنياً..
كان قداساً شجيّاً
نغماً و انساب في أعماقنا
فاستفاقت جذوة من حزننا الخامد
من أشواقنا
و كما أقبل فجأة
صوتها العذب، تلاشى، و تلاشى..
مسلّماً للريح دفئَه
تاركاً فينا حنيناً و ارتعاشا
صوتها.. طفل أتى أسرتنا حلواً حبيباً
و مضى سراً غريبا
صوتها.. ما كان لحناً و غناءاً
كان شمساً و سهوباً ممرعه
كان ليلا و نجوما
و رياحاً و طيوراً و غيوما
صوتها.. كان فصولاً أربعه
لم يكن لحناً جميلاً و غناءا
كان دنياً و سماءا
***
و استفقنا ذات فجر
و انتظرنا الطائر المحبوب و اللحن الرخيما
و ترقّبنا طويلا دون جدوى
طائر الفردوس قد مدّ إلى الغيب جناحا
و النشيد الساحر المسحور.. راحا..
صار لوعه
صار ذكرى.. صار نجوى
و صداه حسرةً حرّى.. و دمعه
***
نحن من بعدك شوق ليس يهدا
و عيونٌ سُهّدٌ ترنو و تندى
و نداءٌ حرق الأفقَ ابتهالاتِ و وجْدا
عُدْ لنا يا طيرنا المحبوب فالآفاق غضبى مدلهمّه
عد لنا سكراً و سلوانا و رحمه
عد لنا وجهاً و صوتا
لا تقل: آتي غداً
إنا غداً.. أشباح موتى !!

سرسورة
24/04/2006, 02:06
غرباء





و بكينا.. يوم غنّى الآخرون
و لجأنا للسماء
يوم أزرى بالسماء الآخرون
و لأنّا ضعفاء
و لأنّا غرباء
نحن نبكي و نصلي
يوم يلهو و يغنّي الآخرون
***
و حملنا.. جرحنا الدامي حملنا
و إلى أفق وراء الغيب يدعونا.. رحلنا
شرذماتٍ.. من يتامى
و طوينا في ضياعٍ قاتم..عاماً فعاما
و بقينا غرباء
و بكينا يوم غنى الآخرون
***
سنوات التيهِ في سيناءَ كانت أربعين
ثم عاد الآخرون
و رحلنا.. يوم عاد الآخرون
فإلى أين؟.. و حتامَ سنبقى تائهين
و سنبقى غرباء ؟!

سرسورة
24/04/2006, 02:07
بوابة الدموع




أحبابنا.. خلف الحدود
ينتظرون في أسى و لهفة مجيئنا
أذرعهم مفتوحة لضمنا لِشَمِّنا
قلوبُهم مراجل الألم
تدقّ.. في تمزّق أصم
تحارُ في عيونهم.. ترجف في شفاههم
أسئلة عن موطن الجدود
غارقة في أدمع العذاب و الهوان و الندم
***
أحبابنا.. خلف الحدود
ينتظرون حبّةً من قمحهم
كيف حال بيتنا التريك
و كيف وجه الأرض.. هل يعرفنا إذا نعود ؟!
يا ويلنا..
حطامَ شعب لاجئ شريد
يا ويلنا.. من عيشة العبيد
فهل نعود ؟ هل نعود ؟!

كريم ايوب
24/04/2006, 02:21
(غرباء) من اجمل قصائد سميح القاسم

سرسورة
01/01/2008, 23:10
أشد من الماء حزنا....


أشدُّ من الماء حزناً
تغربت في دهشة الموت عن هذه اليابسه
أشدُّ من الماء حزناً
وأعتى من الريح توقاً إلى لحظة ناعسه
وحيداً. ومزدحما بالملايين،
خلف شبابيكها الدامسه..
*
تغرٌبت منك. لتمكث في الأرض.
أنت ستمكث
(لم ينفع الناس.. لم تنفع الأرض)
لكن ستمكث أنت،
ولا شيء في الأرض، لاشيء فيها سواك،
وما ظل من شظف الوقت،
بعد انحسار مواسمها البائسه..
*
ولدت ومهدك أرض الديانات،
مهد الديانات أرضك،
مهدك. لحدك.
لكن ستمكث في الأرض. تلفحك الريح طلعا
علي شجر الله. روحك يسكن طيرا
يهاجر صيفا ليرجع قبل الشتاء بموتي جديدي..
وتعطيك قنبلة الغاز إيقاع رقصتك القادمه
لتنهض في اللحظة الحاسمه
أشد من الماء حزنا
وأقوى من الخاتمه..
*
لك المنشدون القدامى. لك البيد. لاسمك
سر الفتوحات. لاسمك جمر الهواجس تحت
الرماد.. وأنت افتتحت العصور الحديثة بالحلم.
كابدت علم النجوم وفن الحدائق
وأتقنت فقه الحرائق
وداعبت موتك: حرى جهاز التنفس،
للدورة الدموية ماتشتهي.
وأيقنت أنك بدء.. ولا ينتهي
ولاينتهي.. ويضيق عليك الخناق ولاينتهي
وتتٌسع الثغرات الجديدة في السقف
جدران بيتك تحفظ عن ظهر قلب
وجوه القذائف
وأنت بباب المشيئة واقف
وصوتك نازف. وصمتك نازف
تلم الرصاص من الصور العائليه
وتتبع مسرى الصواريخ في لحم أشيائك المنزليه
وتحصي ثقوب شظايا القنابل
في جسد الطفلة النائمه
وتلثم شمع أصابعهما الناعمه
على طرف النعش،
كيف تصوغ جنون المراثي؟
وكيف تلم مواعيد قتلاك في طرق الوطن الغائمه؟
وتحضن جثة طفلتك النائمه؟
*
أشد من الماء حزنا
وأوضح من شمس تموز. لكنٌ نضج السنابل
يختار ميعاده بعد عقم الفصول.
إذن فالتمس في وكالة غوثك شيئا من الخبز.
وانس الإدام قليلا.. تحر التقاويم: يوما فيوما.
وشهرا فشهرا. وعاما فعاما. تحر المناخ المفاجيء،
قبل انفجار ندائك. أنت المنادي وأنت المنادي
وأنت اشتعلت. انطفأت.. ابتدأت.
انكفأت.. وأنت اكتشفت البلاد.. وأنت
فقدت البلادا!
أشد من الماء حزنا.
*
يؤجٌلك الموت . تمسح جسمك بالزيت كاهنة
كرٌستٍها العصور لأجلك أنت. لأجلك تولد
في البحر والبر عاصفة لا تسمى
وتزحف في جسد الأرض حمى
لينهض فيك كسيحاً. ويبصر أعمي
وحولك ما خلق الله من كائنات غرائب
ومن يصنعون العجائب
لهم ٍ قصب السبق دون سباقي. لهم ما تتيح المقاعد
للمقعدين. لهم جنة رحبة في الزحام الفقير وفي ورد
مستنقعات الأزقٌة. تحت صفيح الأنيميا وبين
خيام التخلف والجهل. في رقة القمع. هم نخبة
الرق. أسياد زوجاتهم في المحافل. زوجات أسيادهم
في القرار الصغير الصغير
لهم ما يتيح الجلوس المدرب. ساقا علي الساق.
كفا علي الخد. تحت حزام المدير
وتحت حذاء معالي الوزير
لهم قوتهم دون كد. وميراثهم دون جد وجد.
لهم أن يكونوا العقارب في القيظ،
أو أن يكونوا الأرانب في الزمهرير.
لهم زغب القاصرات وريش النعام الوثير
وأوقاتهم من حديد. وأعباؤهم من حرير
وأنت على ملتقى الليل بالفجر. والبحر بالبر
والجهر بالسر. تقتح باب السؤال الكبير
وتغلق باب الجواب الأخير
أشد من الماء حزنا
أشد من الماء والرمل حزنا.
*
تصلي كثيرا
تصلي طويلا
تصلي
وفي موعد النجمة الضائعه
يضيع نداء المؤذن في جلبة السير،
يعلق غيم الدخان بجلبابه. ويعود إلي البيت،
مختنقا. حانقا من زحام الخلائق. تحتج
زوجته الرابعه
'غسلت ثيابك فجرا. وها أنت ترجع
متسخا بالسناج.. ترفق قليلا. ترفق
بخادمة المنزل الطائعه'!
تصلٌي
ويسقط رأس الموظف فوق ملفاته ميتا.
خانه قلبه. والمرتٌب خان العيال. وخان
المدير الأمانه
وخانت جيوب الرئيس جيوب الخيانه
ودارت. ودارت.. ودارت على نفسها الأسطوانه
تنح إذن. أو تفجر كما ينبغي. لا صراط هناك
ولا مستقيم هنا.. شاهدى أنت.. لكنٍ لمن سوف
تشهد؟ أية محكمة لم تطأها الرشاوي؟ وأي
القضاة البريء؟
تنح تفجر. تنح. تفجر. تفجر. لعل انفجارا
يضيء
وكل انطفاء مسيء مسيء
وكل سكوتي كلامى بذيء!
*
هنا أنت. حولك هذا الجدار الكثيف
وهذا الهمود الكفيف وهذا الخمود المخيف
وحول جنونك تقعي الملايين حول الملايين.
فوق الملايين. تحت الملايين. تمضي إلي الذبح. قطعان ماعز
وتولد للذبح قطعان ماعز
ويعلو بكاء الرجال الرجال،
ويوغل صمت النساء النساء
وفوق صراخ القبور وتحت أنين العجائز
شعوب مسمنة للولائم في العيد
من عاش يخسر سر الحياة
ومن مات بات علي الموت حرا وحيا
وما كان بالأمس عارا محالا
هو اليوم شأن صغير وجائز
فحاذر. وحاذر
زمانك وغدى وغادر
تنح. وغادر
'إلي حيث ألقت..'
فلا الأهل أهلى. ولا الدار دارى. ولا أنت أنت..
وما من أواصر
تدور عليك الدوائر
عليك تدور الدوائر
وما من بشير ولا من بشائر
تنح. وغادر
'إلى حيث ألقت..'
أشد من الماء حزنا.
*
يطول ارتباك المؤرخ في الدغل. أقنعة
تستبيح أدق التفاصيل. فوضى تحيل
طقوسا مرتبة للصدف
وبضع ضباع تحيط بمائدة الطيبات
مناديلها البيض تحضن أعناقها المشعرات.
ضباع تمد سكاكينها وتشرع شوكاتها للطعام الشهي.
وقد أتخمتها بقايا الجيف
ضباع. ضيوف الشرف
ضباع. لماذا أواني الخزف؟
وهذا الترف؟
لماذا؟
*
وتعقد محكمة العدل ظلما. على باب محكمة الأمن غدرا
سواسية أنت والماثلون أمام القضاء بتهمتك
الأزلية. أنت وجلادك الأزلي سواسية.
عند محكمة العدل والأمن. يغفي القضاة على ريش
رشواتهم. ومحامي الدفاع شريك محامي النيابة
في صفقات السياحة والنقل. فانس الشهود.
شهادتهم لا تجوز. هم الصم والبكم والخرس. أقوالهم
لا تقال. شهادتهم لا تجوز
فكيف تفوز؟ وذنبك باسم العدالة واضح
وجرم العدالة دونك.. فاضح
فكيف تفوز؟ وكيف تفوز
ومن سيفك الرموز؟
*
جباه مبقعة بالسجود القديم لفرعون واللات
لا للإله الذي أنت تعبد! لا تصغ للقول: إن البلاد العراق
وإن العراق
بلاد النفاق
مياه المحيط نفاق ورمل الصحاري نفاق
وماء الخليج نفاق. ونفط العروق النفاق
وزرع البلاد وضرع البلاد
لماذا؟ لماذا العراق
وانت ونخل العراق
أشد من الماء حزنا
أشد من الماء والرمل حزنا
أشد من الماء والرمل والنخل حزنا.
*
من الماء كانت هموم السحاب
ومن سمك القرش كانت هموم 'قريش'
وكنت من الماء أنت
ومن سمك القرش كنت
تمهل قليلا. تمهل كثيرا. تمهل
همومك أولها ما احتملت
وآخرها ما جهلت
تمهل.
*
ومن أرض بابل تمضي إلى أرض بابل
وحيدا تشيد أبراج حزنك في برج بابل
وتخرج منك القبائل
وتعبر فيك القوافل
محملة باليتامى.. ومثقلة بالأرامل
وحيدا بعريك تحت السماء البعيده
وحيدا. كثير الأبوات،
لكنٍ لأم وحيده
لهاجر ضائعة في الرمال
مشردة عن حقول السنابل
ونبض الجداول
أشد من الماء والرمل حزنا.
*
على ظهرك الآن ترقد. بين الحياة القليلةً
والموت يأسا.
يطلٌ من السقف 'فاوست' القديم. ويسخر منك.
'تبيع كما شئت. أولا تبيع كما شاء شيطانك الذهبي.
وفرصتك الذهبية.. لا.. لن تكون الأخيرة.
سوق هي الأرض والناس لا تشتري أو تبيع
سوى سقط أرواحها.. ولديها شياطينها المنتقاة
علي كيفها!'.. ويقهقه 'فاوست' الخبيث.
يقهقه مزدريا ما تحب ومحتقرا ما تخاف
ومستمتعا بانهيار الضعاف
ومنتظرا خصب أيامه المقبلات علي عربات الجفاف
وأنت علي ظهرك الآن.. ما بين بين
من الأين توغل في ألف أين
*
وها أنت خلف الزجاج المصفح. مقهاك سيارة
الليموزين الوحيدة. سافر إذن في عروقك.
واتبع دخان سجائرك الفاخره
ولا تتبع الطرق الظاهره
قناع وراء قناع
تحاصر أوجه أحوالك الخاسره
وأسراب نمل تحاصر
أشجارك الخاسره
وأحلامك الخاسره
وليل سميك يحاصر أقمارك الخاسره
وأيامك الخاسره
وحزن أشد من الليل ليلا
يحاصر قهوتك الفاتره
وأنت.. أشد من النمل حزنا
أشد من الليل حزنا
أشد من الماء والحزن حزنا..
*
لغيرك أن يتلهى بسخف التفاصيل.. حسبك أنت اكتمال
الفجيعة. جيماً من الجهل.. جيماً من الجبن. جيماً
من الجوع. تختصر الأبجديه
وتهوي النيازك في ساحة البيتً. تحفر في مسكب الورد
قبرا. وتهتز جدران بيتك خوفا. وتحضن ما
ظل من صور عائليه
وما ظل من قسمات الهويه
لغيرك ما يتراءى على شرفة الأكاديميا ومختبر البحث
والمقعد الجامعي الوثير
وتبقى أخيرا. مع اللحظات الأخيرة. من بعض عمر قصير
أمام التفاصيل. خلف التفاصيل.. تبقي أخيرا وتبقي
بعيدا،
ويبقي..
ملاك مريض يلوب علي سطح بيتك. من وسلوي على نار سيناء. هذا الشٌواء اللذيذ امتحانك. فامضغ
إذا شئت زهدك. وانس القرابين. كل عرائسك
الفاتناتً طعامى لأسماك قرش. فلا النيل يطلب
لحم العذاري. ولا الخصب رهن ابتهالاتك الخاويه
هنا حجر الزاويه
وأنت تلوب ملاكا مريضا على باب شعبك
والريح باردة قاسيه
ولا كلب ينبح
لا باب يفتح
لا إنس. لا جن. القلب يمنح راحة رحمته الحانيه
وأنت غريب هنا. ووحيد هناك
أشد من الماء حزنا.
*
تفقد مع البرق أطراف جسمك. وانهضٍ.. عسيرى نهوض
البراكين بعد الخمود الممل.. عسيرى نهوض الضحايا
ولا تنتظر جسدا في خداع المرايا
ووهم المرايا
تفقد شرايين قلبك
وأرجاء رعبك
وحطم سراب المرايا
وغادر مع البرق أطلال حبك
حزينا. حزينا. أشد من الحزن حزنا.
*
لك الثائرون علي ساعة لاتدور. لك الشهداء.
احترس من هواة الكلام المنمق. حاذر
مراثي الصياغات بالضوء والصوت واللون.
حاذر طقوس البلاغة رقصا علي الدم. أنت تغربت
عن جوقة السيرك. لم يغوك السير فوق الحبال
ولا قفزة البهلوان
وأنت تغرب فيك الزمان
وأنت تغرب عنك المكان
وآب الطغاة
وغاب الحواة
لتمكث وحدك في ساحة الأفعوان
مليكا بلا صولجان
وطفلا.. ولا والدان
وحيدا.. غريبا.. حزينا
أشد من الماء حزنا.
*
لًمن علب الأدويه؟
لمنٍ سترة الصوف والأغطيه؟
لمنٍ هاتف الأمبولانس؟ وعنوان عائلة
الصيدلي المناوب؟ أنت تناور نأي
المدي ودنو الأجل!
لماذا؟ وكيف؟ وأين؟ وهل!
دع الأحجيه
وأسئلة القلق المزريه
فما أبدى في أزل
وألف نبي وصل
وقبلك ألف نبي رحل
أشد من الماء حزنا
أشد من الحزن حزنا
أشد من الموت حزنا.
ہ
فراشة روحك تخفق مبهورة بالرحيقي الشهي
علي فمك الأرجواني.. سيارة تسبق الضوء
في الشارع العام. تضرب عصفورة. يتناثر
في الريح ريش الأغاني القديمةً. فيلم قديم
على شاشة التلفزيون. 'فاتن' تخفق مثل
الفراشة بين ذراعي 'فريد' وأنت مريض
بما يحدث الآن.. أنت مريض. فراشة روحك
تخفق. رفٌ العصافير يخفق. قلبك مازال
يخفق. ما يحدث الآن موتى سريع يمر ببطء.
وقلبك يخفق بين العصافير والريح. ما يحدث الآن
لا يحدث الآن. عرض جديد لفيلمي قديم على شاشة
القلب. يعرض قبل حليب فطورك. فيلم قديم. وأنت
مريض. وأنت حزين
أشد من الماء حزنا.
*
تبوح لفرشاة أسنانك المرهقه
بأسرار عزلتك المطبقه
وتكتب بالمشط شيئا علي صفحات البخار.
تراك تدون فوق المرايا وصيتك المقلقه؟
أتغسل جسمك أم أنت تغسل روحك؟
حمامك اليوم طقس غريب. وروبك
يلقي عليك بنظرته المشفقه
وتزلق بين الأصابع صابونه اليأس.. ينهمر
الماء دون انقطاع علي ظهرك المنحني بالهموم
وتطبق جدران حمامك الضيقه
أتغسل جسمك. أم أنت تغسل روحك؟
وتفتح فيها جروحك
وترسم في رغوة الموت عمرا يضيق،
وترسم فوق البخار ضريحك؟
وينهمر الماء دون انقطاعي.
وأنت. أشد من الماء حزنا.
*
أتعرف؟ أخطأت حين قرأت الحياة بحبك
وأخطأت حين رأيت الوجود بقلبك
ولا. لا تقل لي 'البصيرة'. للمرء عينان
والقلب واحد
فكيف تجيد حساب المواجد؟
وكيف تحب كما ينبغي أن تحب؟ ومن لا يري يتعثر
في تعتعات الرؤى وشعاب المقاصد
فجاهد. كما ينبغي أن تجاهد!
تأمٌل بعينين مفتوحتين وقلبي بصير.
تأمٌلٍ. وكابًدٍ!
كما ينبغي. لا تكرر حماقة! 'سيزيف'. قف
في أعالي العذاب. تأمل. وراجع
وطالع. وتابع.
وشاهد!
وصارع.
حزينا. قويا كصمت المعابد
حزينا. أشد من الماء حزنا.
على الدرج اللولبيٌ غبار يغطي الرخام
المؤدي إلي باحة البرج. صمت الغبار
الكثيف دليل: هنا غربة الروح عن جسمها.
لم تطأ قدم من زماني بعيد مداخل هذا المكان
البعيد
ويا أيهذا المليك السعيد
لبؤسك آثار طيري علي قمة البرج. كيف
تقمصت هذا الغراب الوحيد؟
وها أنت يا أيهذا الغراب الوحيد الوحيد
سرقت لمنقارك الكهل تفاحة من غبار
وأنثاك ترقد في قرنة من صدوع الجدار
تئن معذبة والهه
وتشكو لقرنتها التافهه
وما من عطوري. ولا من بخوري. ولا فاكهه
وهذا الغبار
يقيم الظلام
دليلا: هنا غربة الروح عن جسمها
ومرساك ليلا علي صخرة في خليج الزمان
ومرسي الطلول على وشمها
أشد من الماء حزنا
ومن وحشةً السنديان..
*
ويروي الرواة: نشرت قميصك شمسا علي القطب
راقبت ذعر الثعالب والفقمات. ورعبك
في حضرة الدىب. لكن تجاهلت. أنت تجاهلت
صدٍع الجليد وما يفعل الطقس بالطقسً.. أنت تجاهلت
يأس الأوزون وطيش دخان المصانع. هل تستغيث؟
بمن تستغيث. وشمس قميصك تعلو. وتهوي جبال الجليدً
وتعلو مياه البحار
ويعلو علي المد مد الهلاك
وينأى جناح الملاك
وتدنو رياح الدمار
وأنت علي قمةً الأرض تقبع
لا نوح يشفع
لا فلك ينفع
لا غصن زيتونة في المدار
وأنت علي قمة الموت تذوي
وتطوي القميص على محنة القطب. تطوي
وتهوي
غريبا.. حزينا.
أشد من الماء حزنا.
*
يشاؤك صمتك: وعدا
يشاؤك صوتك: رعدا
يشاؤك وجهك: نورا
يشاؤك روحك: ليلا
يشاؤك ورد الحديقة: طلعا
يشاؤك كهف الجبال: صديقا
يشاؤك سخط البراكين: صنوا
يشاؤك قلبك: سهلا
تشاؤك زيتونة الدهر: حلما
يشاؤك صخر التلال: رفيقا
تشاؤك سنبلة الحب: حقلا
يشاؤك قلب التراب: شهيدا
يشاؤك أهلك: عيدا
وماذا تشاء سوى ضجعةً الموت حرا طليقا
حزينا. أشد من الموت حزنا
أشد من الماء والموت حزنا؟
*
هناك. على سطح ليلاك قناصة معجبون بليلاك
لكنهم يرقبون قدومك في موعد الحب والقنص
(BUSINESS BEFORE PLEASURE)
وهم معجبون بجبهتك العاليه
مناظيرهم تترصٌد. حمي بنادقهم تتوعد. توق
أصابعهم يتنهد. في لهفة الصلية التاليه
وأنت تلوب عليها
وترفع عينيك كفي صلاة إليها
من الحاجز العسكري القريب
وينقذك الحاجز العسكري وألفاظ حراسه النابيه
وأغلاله القاسيه
من اللحظةً الداميه
يؤجلك الموت. لكن لموتي جديدي على موعد الحب
والقنص.. في فرصة ثانيه
وتبقي على الحاجز العسكري. سجينا حزينا
أشد من السجن حزنا
أشد من السجن والماء حزنا.
*
دع الرقم حرا طليقا. يفيض وينمو علي خانة الصفر.
لاتمتحن دورة الأرض من بادئ البدء. من خانة
الصفر. للكون أرقامه، والمدار
يفضل حسن الجوار
إذن. فاقترب من فضاء تجوب مغاليقه السفن الآهله
برواد لغز الوجود وأسراره الهائله
وبارك ملائكة الإنس والجن.. بارك
مدينة أشواقك الفاضله
وصادق تضاريس أرقامك القاحله
لعل شفيعا من الورد ينمو عليها
وحلما قديما يعود إليها
ضعً الرقم والحلم بين يديها
وغادر هواجسك الآفله؟
وأنت تموت وتذكر
كانت بلادى. وكانت قباب. وكانت قناطر
وكانت خيول. وكانت صبايا.. وكانت بيادر
تموت وتذكر
مرت جيوش. ومرت نعوش. وذابت نقوش
وغابت أواصره
وتذكر. تذكر. فصلا عجيبا
وتذكر. ليس شتاء
وليس ربيعا
ولا هو صيف
وليس خريفا
وما من شروقي. وما من غروبي
وما من وجوهي. وما من كلام
وما من ضياء، وما من ظلام
وتسأل: هل كان ذاك سلام الحروب؟
وهل تلك كانت حروب السلام؟
وتسأل كيف تموت وتذكر
طفلا عجوزا
وشيخا طفولته لم تغادر
عذاب القباب وصمت المقابر
وأنت علي الصبر صابر
وحيدا حزينا.
أشد من الماء حزنا.
*
مفاتيح بيتك أرهقها اللغز.. مفتاح قلبك: هل
يعرف الحب حقا؟ ألم يقتل الحزن حبك؟ ماذا
تكون كراهية المتعبين الذين أحبهم الظلم؟ ماذا
يكون إذن مطهر النار؟ ماذا تقول مفاتيح بيتك
هذا المهدد بالهدم، تحت كراهية الظالمين الذين
أحبهم الحب؟ كيف نحب إذن مبغضينا؟¬
تقول مفاتيح بيتك يصمت مفتاح قلبك: هل
أعرف الحب؟!
تبكي عذابا وخوفا: أحب المحبين حقا ولا أكره المبغضين
أعني إلهي! أعني علي محنة المؤمنين
أعني على لعنة العاشقين
أحب المحبين حقا. ولا أكراه المبغضين
أعني إلهي. أعني علي
وأطلق لساني. وحرر يدي
وحرر مفاتيح بيتي
ومفتاح قلبي
أغثني إلهي. أغثني ضعيفا. أغثني قويا
أغثني حزينا.
أشد من الماء حزنا.
*
بك استأنست نخلة الشغف العاليه
وزيتونه في المدى باقيه
ورشت عليك نساء الزمان
أرز الأغاني
وورد الخصوبة والعافية
وأم طموحك حشد الإرادات
واخضوضرت باسمك الباديه
فماذا عليك إذا غار رمل السراب
من الماء في البركة الصافيه؟
أتحزن؟ والشمس مصباح روحك
في عتمة العتمة الطاغيه
وشمس المسوخ شحوب ضئيل
تنوس شرارته الكابيه..
أتحزن؟ ليس لك الحزن. فاحزن
لأنك تحزن.. واعبر إلي الضفة الثانيه!
لك الآن أن تتحرر منك وتنجو منك
وتغرب عنك. لك الآن أن تستحم بعيدا
وأن تستجم بعيدا وأن تلفظ الزحمة الخانقه
إلى لحظة واثقه
علي شاطئ السخط. تجلس منحني الظل. تشرب
ماء المحيط بمصاصة الكوكا كولا. وتشرب ماء
الخليجً. وتشرب رمل الصحاري. وحيدا غريبا.. علي
شاطئ الخلق. إلا من الحزن والنفط والكوكا كولا!
تمر بك السحب الماطره
وترفع أنظارها عنك.. تحبس أمطارها عن بذور
الشياطين في أرضك الكافره
وتنهض فيك الزلازل. أنت هو الكهف. أهلك
عادوا نياما إليك. تحاصرك السرنمات. وتغفي
الزلازل. مقياس 'ريختر' يسقط في لحظة حائره
على الحد. بين خمود البراكين فيك. وبين شرايينك الثائره
على الحد.. مابين حزني وحزني
أشد من الماء حزنا..
وهذا قميصك رايتك المتربه
وغيمتك الطيبه
وتعرف كل المشاجب ياقة حسرته المتعبه
وتعرف أسراره المرعبه.
قميصك؟ أم جلدك الحي؟.. هذا المعلق
بين السماوات والأرض؟ تلك عروقك أم
هي خيطانه المجدبه؟
قميصك أم جلدك الحي؟... سيان. أدخلك الله
في التجربه!
وأدخلك الله في التجربه!
وطوق النجاة قريب بعيد
وأنت شريد طريد
وربطة عنقك أنشوطة المشنقه
وكل القضاة أدانوك. فالجأ إلي حكم
أفكارك المسبقه
ومتراس خانتك الضيقه!
وحيدا.. حزينا. تسافر في رحلة نادره
وتسقط طائرة في الهزيع الأخير من الليل
ركٌابها يسلمون جميعا وينجو من الموت طاقمها.. أنت وحدك
موتا تموت. نجوم الملائكة البيض حولك
مشفقة. تستغيث بها. لا ترد وتمضي إلي شأنها.
تتساءل في سر موتك: لكن لماذا أنا دون غيري
أموت؟ وتهمس أعماقك الخاسره:
لأنك شخص غريب علي هذه الطائره
ولم تعرف الطائره
ولم تصنع الطائره
وما أنت فيها ولست عليها،
سوي ذرة في المدى عابره..
لأنك شيء بلا آصره
بعيد.. على مقربه
وأدخلك الله في التجربه
وحيدا حزينا
*
يقول صغار الرواة: أصابتك بالعين نورية تائهه
وتروي الأساطير أنك أقلقت قيلولة الآلهه
وأغضبت حاكمك العسكري
وأنت صبي
بصرخةً حريةً تافهه
يقول الرواة وتروي الأساطير.. أصغ ولا تصغ.
كلٌ الممرات تفضي إلي البيت. والبيت يفضي إلي السجن .
والسجن يفضي إلي القبر. لكن نورية الباب
عمياء، كيف تصيبك بالعين؟ والباب ظل كما كان
من قبل أن تقرع الباب. ظل حجابا يجب السماء عن
الأرض لا. لا تصدق كلام الرواة ولا ما تقول
الأساطير. أنت ولدت من الحزن. في الحزن للحزن.
أنت ولدت لتمكث في الأرض. لكن لتمكث فيها قتيلا
حزينا أشد من الحزن حزنا
أشد من الماء حزنا..
أشد من الرمل حزنا
أشد من النخل حزنا
وأدخلك الله في التجربه
أشد من الموت حزنا
أشد من الحزن حزنا
وأدخلك الله في التجربه
أشد من الرمل والنخل والحزن والموت حزنا
بعيدا.. على مقربه
وأدخلك الله في التجربه
أشد من الماء حزنا
أشد من الماء حزنا
أشد من الماء حزنا
أشد من ال..............

اسبيرانزا
02/01/2008, 01:41
رائع رائع سميح القاسم
شكرا سرسورة

سرسورة
02/01/2008, 01:57
رائع رائع سميح القاسم
شكرا سرسورة
شكرا لمرورك اللطيف.....:D

سرسورة
02/01/2008, 02:02
مازال

دم أسلافي القدامى لم يزل يقطـــرُ منّي
و صهيل الخيل ما زال ، و تقريعُ السيوفْ
و أنا أحملُ شمساً في يميني و أطــوف
في مغاليــقِ الدّجى.. جرحاً يغنـّي!!!

سرسورة
02/01/2008, 02:22
لأننا

أحسُّ أننا نمــوت
لأننا..لا نتقن النّضال
لأننا نَعيد دون كيشوت
لأننا... لهفي على الرجال!

سرسورة
02/01/2008, 02:38
في القرن العشرين

أنا قبل قرونْ
لم أتعوّد أن أكره
لكنّي مُكره
أن أُشرِِعَ رمحاً لا يَعيَى
في وجه التّنين
أن أشهر سيفاً من نار
أشهره في وجه البعل المأفون
أن أصبح ايليّا (1) في القرن العشرين
***
أنا.. قبل قرون
لم أتعوّد أن أُلحد !
لكنّي أجلدْ
آلهةً.. كانت في قلبي
آلهةً باعت شعبي
في القرن العشرين !
***
أنا قبل قرون
لم أطرد من بابي زائر
و فتحت عيوني ذات صباح
فإذا غلاّتي مسروقه
و رفيقةُ عمري مشنوقه
و إذا في ظهر صغيرتي.. حقل جراح
و عرفت ضيوفي الغداّرينْ
فزرعوا ببابي ألغاماً و خناجر
و حلفت بآثار السكّينْ
لن يدخل بيتي منهم زائر
في القرن العشرين !
***
أنا قبل قرون
ما كنت سوى شاعر
في حلقات الصوفيّينْ
لكني بركان ثائر
في القرن العشرين

سرسورة
02/01/2008, 20:24
أمطار الدم

((النار فاكهة الشتاءْ))
و يروح يفرك بارتياحٍ راحتين غليظتينْ
و يحرّك النار الكسولةَ جوفَ موْقدها القديم
و يعيد فوق المرّتين
ذكر السماء
و الله.. و الرسل الكرامِ.. و أولياءٍ صالحين
و يهزُّ من حين لحين
في النار.. جذع السنديان و جذعَ زيتون عتيـق
و يضيف بنّاً للأباريق النحاس
و يُهيلُ حَبَّ (الهَيْلِ) في حذر كريم
((الله.. ما أشهى النعاس
حول المواقد في الشتاء !
لكن.. و يُقلق صمت عينيه الدخان
فيروح يشتمّ.. ثم يقهره السّعال
و تقهقه النار الخبيثة.. طفلةً جذلى لعوبه
و تَئزّ ضاحكةً شراراتٌ طروبه
و يطقطق المزراب.. ثمّ تصيخ زوجته الحبيبة
-قم يا أبا محمود..قد عاد الدوابّ
و يقوم نحو الحوش.. لكن !!
-قولي أعوذُ..تكلمي! ما لون.. ما لون المطر ؟
و يروح يفرك مقلتيه
-يكفي هُراءً.. إنّ في عينيك آثار الكبَر ؟
و تلولبت خطواته.. و مع المطر
ألقى عباءته المبللة العتيقة في ضجر
ثم ارتمى..
-يا موقداً رافقتَني منذ الصغر
أتُراك تذكر ليلة الأحزان . إذ هزّ الظلام
ناطور قريتنا ينادي الناس: هبوا يا نيام
دَهمَ اليهود بيوتكم..
دهم اليهود بيوتكم..
أتُراك تذكرُ ؟.. آه .. يا ويلي على مدن الخيام !
من يومها .. يا موقداً رافقته منذ الصغر
من يوم ذاك الهاتف المشؤوم زاغ بِيَ البصر
فالشمس كتلة ظلمة .. و القمح حقل من إبر
يا عسكر الإنقاذ ، مهزوماً !
و يا فتحاً تكلل بالظفر !
لم تخسروا !.. لم تربحوا !.. إلا على أنقاض أيتام البشر
من عِزوتي .. يا صانعي الأحزان ، لم يسلم أحدْ
أبناء عمّي جُندلوا في ساحة وسط البلد
و شقيقتي.. و بنات خالي.. آه يا موتى من الأحياء في مدن الخيام !
ليثرثر المذياع (( في خير )) و يختلق (( السلام )) !!
من قريتي.. يا صانعي الأحزان ، لم يَسلم أحدْ
جيراننا.. عمال تنظيف الشوارع و الملاهي
في الشام ، في بيروت ، في عمّان ، يعتاشون..
لطفك يا إلهي !
و تصيح عند الباب زوجته الحبيبه
-قم يا أبا محمود .. قد عاد الجُباة من الضريبه
و يصيح بعض الطارئين : افتح لنا هذي الزريبه
أعطوا لقيصر ما لقيصر !!
***
و يجالدُ الشيخ المهيب عذاب قامته المهيبه
و تدفقت كلماته الحمراء..بركانا مفجّر
-لم يبق ما نعطي سوى الأحقاد و الحزن المسمّم
فخذوا ..خذوا منّا نصيب الله و الأيتام و الجرح المضرّم
هذا صباحٌ.. سادن الأصنام فيه يُهدم
و البعلُ.. و العزّى تُحطّم
***
و تُدمدم الأمطارُ..أمطار الدم المهدوم.. في لغةٍ غريبهْ
و يهزّ زوجته أبو محمود.. في لغة رهيبه
-قولي أعوذُ.. تكلّمي !
ما لون.. ما- لون المطر ؟
-. . . . .
ويلاه.. من لون المطر !!

سرسورة
02/01/2008, 20:29
أطفال سنة 1948



كَوَمٌ من السمك المقدّد في الأزقة . في الزوايا
تلهو بما ترك التتار الانكليز من البقايا
أُنبوبةٌ.. و حطام طائرةٍ.. و ناقلةٌ هشيمه
و مدافع محروقة.. و ثياب جنديٍّ قديمه
و قنابل مشلولة.. و قنابل صارت شظايا
***
((يا اخوتي السمر العراة.. و يا روايتيَ الأليمه
غنّوا طويلاً و ارقصوا بين الكوارث و الخطايا ))
لم يقرأوا عن (( دنُ كشوت )) و عن خرافات القتال
و يجنّدون كتائباً تُفني كتائب في الخيال
فرسانها في الجوع تزحف.. و العصيُّ لها بنادق
و تشدّ للجبناء، في أغصان ليمونٍ، مشانق
و الشاربون من الدماء لهم وسامات الرجال
***
يا اخوتي !
آباؤنا لم يغرسوا غير الأساطير السقيمه
و اليتم.. و الرؤيا العقيمه
فلنجنِ من غرسِ الجهالة و الخيانة و الجريمه
فلنجنِ من خبز التمزّقِ.. نكبة الجوع العضال
***
يا اخوتي السمر الجياع الحالمين ببعض رايه
يا اخوتي المتشرّدين و يا قصيدتيَ الشقيّه
ما زال عند الطيّبين، من الرثاء لنا بقيّه
ما زال في تاريخنا سطر.. لخاتمة الروايه !

سرسورة
04/01/2008, 03:42
أكثر من معركة


في أكثر من معركةٍ دامية الأرجاءْ
أشهر هذي الكلمات الحمراء
أشهرها.. سيفاً من نارِ
في صفِّ الإخوة.. في صفِّ الأعداء
في أكثر من درب وعْرِ
تمضي شامخةً.. أشعاري
و أخافُ.. أخاف من الغدرِ
من سكين يُغمد في ظهري
لكني، يا أغلى صاحب
يا طيّبُ.. يا بيتَ الشعرِ
رغم الشكّ.. و رغم الأحزانِ
أسمعُ.. أسمعُ.. وقع خطى الفجرِ!
رغم الشكّ.. و رغم الأحزانِ
لن أعدم إيماني
في أنّ الشمس ستشرقُ..
شمس الإنسانِ
ناشرةً ألوية النصرِ
ناشرةً ما تحمل من شوقٍ و أمانِ
كلماتي الحمراء..
كلماتي.. الخضـراء !

سرسورة
04/01/2008, 04:01
بابل


أنا لـم أحفـظ عـن الله كتابا
أنا لـم أبنِ لقـديسٍ قبـابـا أنا ما صليت.. ما صمت.. و مارهبت نفسي لدى الحشر عقابا و الدم المسفوك من قافيتـيلم يراود من يَدَيْ عَدنٍ ثوابا فهو لو ساءلتـَه عن مَطْمَـحٍما ارتضى إلا فدى النور انسكابا ****** غضبي.. غضبة جرح أنشبتفيه ذؤبانُ الخنا طفراً و نابا و انتفاضاتي عذابٌ.. ودَّ لوردّ عن صاحبِهِ الشرقُ عذابا و أنا أومن بالحق الذيمجدهُ يؤخذ قسراً و اغتصابا و أنا أومن أني باعثٌفي غدي الشمسَ التي صارت ترابا فاصبري يا لطخة العار التيخطّها الأمسُ على وجهي كتابا و انظري النار التي في أضلعيتهزم الليل و تجتاح الضبابا شعشعت في آسيا فاستيقظتو صحت افريقيا.. غاباً فغابا! ****** يا حمام الدوح! لا تعتب أسىًحسبنا ما أجهش الدوحُ عتابا نحن لم نزجرْك عن بستاننالم نُحكّمْ في مغانيك الغرابا نحن أشباهٌ و قد أوسعناغاصب الأعشاش ذلاً و اغترابا فابكِ في الغربة عمراً ضائعاًو ارثِ عيشاً كان حلواً مُستطابا علّ نار الشجو تُذكي نخوةًفي الأَُلى اعتادوا مع الدهر المصابا فتهد اللحدَ عنـها جُثــثٌو يمور البعث شِيـباً و شبابا ****** يا قرى.. أطلالُها شاخصةٌتتقرّى غائباً أبكى الغيابا يا قرىً يُؤسي ثرى أجداثهاأنّ في النسل جراحاً تتغابى يا قرانا.. نحن لم نَسْلُ.. و لمنغدر الأرض التي صارت يبابا خصبها يهدر في أعراقناأملاً حراً، و وحياً، و طِلابا و الذرى تشمخ في أنفسناعزةً تحتطبُ البغي احتطابا ! ****** يا بلاداً بلّلت كلَّ صدىًو صداها لم يَرِدُ إلا سرابا يا بلادي نحن ما زلنا علىقسم الفدية شوقاً و ارتقابا يا بلادي! قبل ميعاد الضحىموعدٌ ينضو عن النور حجابا ! ****** نكبةُ التيهِ التي أوردت بنافطرقنا في الدجى باباً فبابا عَمّقت سكِّينها في جرحناو جرت في دِمنا سُمّاً و صَابا و تهاوينا على أنقاضنافخرابٌ ضمّ في البؤسِ خرابا و من الأعماق.. من تُربتناهتف التاريخ.. و المجد أهابا فإذا أيامنا مشرقةٌبدمٍ.. من لونه أعطى الترابا و إذا روما نداءٌ جارحٌطاب يومُ النارِ يا نيرونُ طابا! ****** أيها العاجمُ من أعوادنانحن ما زلنا على العَجمْ صِلابا فاسأل الجرح الذي عذّبناكيف ألّبنا على الجرح العذابا نكبةُ التيه التي سّدّت بناكل أُفق ضوّأت فينا شهابا فأفاقت من سُباتٍ أعينٌوُلِدَ الدهرُ عليهنّ و شابا و اشرأبّت في المدى ألويةٌخفقت في الأربع الجُرد سحابا و على وقعُ خطانا التفتتأمم أغضت هواناً و اكتئابا و رؤانا أخصبت فاخضوضرتأعصُرٌ ناءَت على الشرق جِدابا ****** شعَفَاتُ الشمس من غاياتنافازرعي يا أمتي الليلَ حِرابا و إذا الأسداف أهوت جُثثاًو إذا أحنى الطواغيتُ رقابا و إذا فَجّرْتِ أنهارَ السنىو سنون الجدبِ بُدّلن خِصابا فانشري النور على كل مدىو ابعثي أمجاده عجباً عجابا نحن أحرى مستجيباً إن دعا :من يُفَدّي؟ و هو أحرى مستجابا !

اسبيرانزا
05/01/2008, 19:57
والله انتى طيارة
على راى اخوانا التوانسة
شكرا سرسورة
متابعة اضافاتك

سرسورة
06/01/2008, 04:20
والله انتى طيارة
على راى اخوانا التوانسة
شكرا سرسورة
متابعة اضافاتك

شكرا ع مرورك و ذوقك و لطفك....:D

سرسورة
06/01/2008, 04:23
أنتيجونا

أنتيــجونا
((ابنة أوديب_ الملك المنكوب_التي رافقته في رحلة العذاب..
حتّى النهاية ! )) (1)
خطـوه..
ثِنْتـان..
ثلاث..
أقدِمْ.. أقدِمْ !
يا قربانَ الآلهة العمياء
يا كبشَ فداء
في مذبحِ شهواتِ العصرِ المظلم
خطـوه..
ثِنْتـان..
ثلاث..
زندي في زندك
نجتاز الدرب الملتاث !
***
يا أبتاه
ما زالت في وجهك عينان
في أرضك ما زالت قدمان
فاضرب عبر الليلِ بِأشأمِ كارثةِ في تاريخ الإنسان
عبرَ الليل.. لنخلق فجر حياه
***
يا أبتاه !
إن تُسْمِـلْ عينيك زبانيةُ الأحزان
فأنا ملءُ يديك
مِسرَجَةٌ تشربُ من زيت الإيمان
و غداً يا أبتاه أُعيد إليك
قَسَماً يا أبتاه أُعيد إليك
ما سلبتك خطايا القرصان
قسماً يا أبتاه
باسم الله.. و باسم الإنسان
***
خطـوه..
ثِنْتـان..
ثلاث..
أقدِمْ.. أقدِمْ !
...........................................
(1) انتيجونا هي بطلة المسرحي الاغريقي سوفرخليس، التي تمثل رمز الوفاء للأب. و التضحية في سبيله. طلت تقود خطوات أبيها الأعمى، الملك أوديب ، إلى أن حكم عليها بالإعدام.

سرسورة
06/01/2008, 04:26
القصيدة الناقصة

أمرُّ ما سمعت من أشعارْ
قصيدةٌ.. صاحبها مجهول
أذكر منها، أنها تقول:
سربٌ من الأطيارْ
ليس يهمّ جنسُه..سرب من الأطياء
عاش يُنغِّمُ الحياه
قي جنَّةٍ..يا طالما مرَّ بها إله
***
كان إن نشنَشَ ضَوءْ
على حواشي الليل..يوقظ النهار
و يرفع الصلاه
في هيكل الخضرة، و المياه، و الثمر
فيسجد الشجر
و يُنصت الحجر
و كان في مسيرة الضحى
يرود كل تلّة.. يؤم كل نهرْ
ينبّه الحياة في الثّرى
و يُنهِض القرى
على مَطلِّ خير
و كان في مسيرة الغيابْ
قبل ترمُّد الشعاع في مجامر الشفق
ينفض عن ريشاته التراب
يودّع الوديان و السهول و التلال
و يحمل التعب
و حزمة من القصب
ليحبك السلال
رحيبةً..رحيبةً..غنيّة الخيال
أحلامُها رؤى تراود الغلال
و تحضن العِشاشُ سربَها السعيد
و في الوهاد، في السفوح، في الجبال
على ثرى مطامحِ لا تعرف الكلال
يورق ألف عيد
يورق ألف عيد..
***
و كان ذات يوم
أشأم ما يمكن أن يكون ذات يوم
شرذمةٌ من الصّلال
تسرّبت تحت خِباءِ ليلْ
إلى عِشاشِ.. دوحها في ملتقى الدروب
أبوابها مشرّعةْ
لكل طارقٍ غريب
و سورها أزاهرٌ و ظل
و في جِنان طالما مرَّ بها إله
تفجّرت على السلام زوبعهْ
هدّت عِشاشَ سربنا الوديع
و هَشَمتْ حديقةً.. ما جدّدت (( سدوم ))(1)
و لا أعادت عار (( روما )) الأسود القديم
و لم تدنّس روعة الحياه
و سربُنا الوديع ؟!
ويلاه.. إنّ أحرفي تتركني
ويلاه.. إنّ قدرتي تخونني
و فكرتي.. من رعبها تضيع
و ينتهي هنا..
أمر ما سمعت من أشعار
قصيدة.. صاحبها مات و لم تتم
لكنني أسمع في قرارة الحروف
بقيّة النغم
أسمعُ يا أحبّتي.. بقيّة النغمْ

سرسورة
06/01/2008, 04:32
مع انو متأخرة..و كان لازم حط تعريف عن الشاعر باول الموضوع...
بس رح حطو هون...معلش....احسن من اني ماحطو بالخالص....


يعد سميح القاسم واحداً من أبرز شعراء فلسطين، وقد ولد لعائلة درزية فلسطينية في مدينة الزرقاء الأردنية عام 1929، وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة. وعلّم في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ويتفرّغ لعمله الأدبي.

سجن القاسم أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية بسبب أشعاره ومواقفه السياسية.

· شاعر مكثر يتناول في شعره الكفاح والمعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.

· كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته الحالية إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.

مؤلفاته

1_ أعماله الشعرية:

مواكب الشمس
أغاني الدروب
دمي على كتفي
دخان البراكين
سقوط الأقنعة
ويكون أن يأتي طائر الرعد .
رحلة السراديب الموحشة
طلب انتساب للحزب /
ديوان سميح القاسم
قرآن الموت والياسمين
الموت الكبير
وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم
ديوان الحماسة
أحبك كما يشتهي الموت .
الجانب المعتم من التفاحة، الجانب المضيء من القلب
جهات الروح
قرابين .
برسونا نون غراتا : شخص غير مرغوب فيه
لا أستأذن أحداً
سبحة للسجلات
أخذة الأميرة يبوس
الكتب السبعة
أرض مراوغة. حرير كاسد. لا بأس
سأخرج من صورتي ذات يوم

السربيات:
إرَم
إسكندرون في رحلة الخارج ورحلة الداخل
مراثي سميح القاسم
إلهي إلهي لماذا قتلتني؟
ثالث أكسيد الكربون
الصحراء
خذلتني الصحارى
كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه

أعماله المسرحية:
قرقاش
المغتصبة ومسرحيّات أخرى

الحكايات:
إلى الجحيم أيها الليلك
الصورة الأخيرة في الألبوم

أعماله الأخرى:
عن الموقف والفن / نثر
من فمك أدينك / نثر
كولاج / تعبيرات
رماد الوردة، دخان الأغنية / نثر
حسرة الزلزال / نثر

الأبحاث:
مطالع من أنطولوجيا الشعر الفلسطيني في ألف عام / بحث وتوثيق

الرسائل:
الرسائل/ بالاشتراك مع محمود درويش

سرسورة
06/01/2008, 04:40
الساحر والبركان

((أسطورة مهداة إلى الحكم العسكري))
و شَعوذَ الساحر فانطلقْ
من قُمقُمِ البحار.. ماردٌ صغير
يريد للزورق.. أن يقبّل الغرق
يريد للحريّة الحمراء
أن تقطن في كوخ.. من الورق
يريد للجذور أن تحيا بلا شجر
يريد للأشجار أن تحيا بلا ثمر
يريد للإنسان أن يموت في الحياة!
يريد أن...
و انفجر البركان !
و التهمت ساحِرَهُ النيران
فعاد للقمقمِ يستجير
بساحرٍ جديد
بساحرٍ.. ليس له وجود !!

وشم الجمال
09/01/2008, 15:28
جميل ان اسجل حضوري في زاكرة صفحاتك
اشكرك على ما تتحفينا به كل فترة ايتها العصفورة الناعمة...

كم انت جميل يا شاعر النار يا سميح

سرسورة
09/01/2008, 22:12
جميل ان اسجل حضوري في زاكرة صفحاتك
اشكرك على ما تتحفينا به كل فترة ايتها العصفورة الناعمة...

كم انت جميل يا شاعر النار يا سميح

شكرا لكلماتك و لمرورك اللطيف ...
نورتي:D

سرسورة
09/01/2008, 22:20
روما

روما احترقت قبل قرون
لكنَّ الجدرَ الضارب في أرضهْ
لم يفقد في النكبة معنى نبضه
روما عادت.. يا نَيرون ..

سرسورة
09/01/2008, 22:26
كرمئيل

كرمئيــل
((مدينة الحقد و الجوع و الجماجم))
صباحَ مســاء
يطالعنا.. و جهُها و السماء
و نبسمُ.. لا بسمةَ الأغنياء
و لكنها بسمةُ الأنبياء
تَحدّاهم صالبٌ تافه
يغطي الشموس.. ببعض رداء !
***
غداً.. يا قصوراً رست في القبور
غداً يا ملاهي,, غداً يا شقاء
سيذكر هذا التراب، سيذكرُ
أنّا منحناهُ لون الدماء
و تذكر هذي الصخور رعاةً
بنوها أدعيةٍ من حداء
و تذكر أنّا..
***
هنا سِفرُ تكوينهم ينتهي
هنا.. سفر تكويننا.. في ابتداء !

سرسورة
09/01/2008, 22:29
رسالة من المعتقل

ليس لديّ ورقٌ، و لا قلمْ
لكنني.. من شدّة الحرّ، و من مرارة الألم
يا أصدقائي.. لم أنمْ
فقلت: ماذا لو تسامرتُ مع الأشعار
و زارني من كوّةِ الزنزانةِ السوداء
لا تستخفّوا.. زارني وطواط
وراح، في نشاط
يُقبّل الجدران في زنزانتي السوداء
و قلتْ: يا الجريء في الزُوّار
حدّث !.. أما لديك عن عالمنا أخبار ؟..؟!
فإنني يا سيدي، من مدّةٍ
لم أقرأ الصحف هنا.. لم أسمع الأخبار
حدث عن الدنيا، عن الأهل، عن الأحباب
لكنه بلا جواب !
صفّق بالأجنحة السوداء عبر كُوّتي.. و طار!
و صحت: يا الغريب في الزوّار
مهلاً ! ألا تحمل أنبائي إلى الأصحاب ؟..
***
من شدة الحرّ، من البقّ، من الألم
يا أصدقائي.. لم أنم
و الحارس المسكين، ما زال وراء الباب
ما زال .. في رتابةٍ يُنَقّل القدم
مثليَ لم ينم
كأنّه مثليَ، محكوم بلا أسباب !
***
أسندت ظهري للجدار
مُهدّماً.. و غصت في دوّامةٍ بلا قرار
و التهبتْ في جبهتي الأفكار
. . . . . . . . . . . . . .. . . . .
أماه! كم يحزنني !
أنكِ، من أجليَ في ليلٍ من العذاب
تبكين في صمتٍ متى يعود
من شغلهم إخوتيَ الأحباب
و تعجزين عن تناول الطعام
و مقعدي خالٍ.. فلا ضِحْكٌ.. و لا كلام
أماه! كم يؤلمني !
أنكِ تجهشين بالبكاء
إذا أتى يسألكم عنّيَ أصدقاء
لكنني.. أومن يا أُماه
أومن.. .. أن روعة الحياه
اولد في معتقلي
أومن أن زائري الأخير.. لن يكونْ
خفّاش ليلٍ.. مدلجاً، بلا عيون
لا بدّ.. أن يزورني النهار
و ينحني السجان في إنبهار
و يرتمي.. و يرتمي معتقلي
مهدماً.. لهيبهُ النهار !!

حمبراوي
09/05/2008, 21:07
هنا يَفسُدُ الملحُ. يأسنُ ماءُ الينابيعِ. يؤذي النسيمُ. ويُعدي الغمامُ
هنا تثلجُ الشمسُ. مبخرةُ الثلجِ تُشعلُ شعرَ الحواجبِ والأنفِ. تدنو الأفاعي. وينأى الحمامُ
هنا يسهرُ الموتُ في اليومِ دهراً. وروحُ الحياةِ تنامُ نهاراً ودهراً تنامُ
بكاءُ الرجالِ هنا. وبكاءُ النساءِ. ليضحكَ ملءَ البكاءِ لئامٌ لئامُ
هنا غوانتانامو..
وجوهٌ وما من وجوهٍ. وصوتٌ ولا صوتَ. والوقتُ لا يعرفُ الوقتَ. لا ضوءَ. لا همسَ. لا لمسَ. لا شيءَ. لا شمسَ. ليلٌ. وليلٌ يجبُّ النهارْ
وقيدٌ يُسمَّى السِّوارْ
وقيدٌ دماءٌ. وقيدٌ دمارْ
وراءَ الجدارِ. وراءَ الحديدِ. وراء الجدارْ
هنا قلقٌ لا يفيقُ. هنا أرقٌ لا ينامُ
هنا غوانتانامو..
تدفُّ رفوفُ العصافيرِ رُعباً. وتخفقُ أجنحةُ الموتِ في فخِّ أسلاكِهِ الشائكهْ
ويسطو طنينُ الذبابِ على ثَمَرِ الأعينِ الهالكهْ
وتعلو على لهبِ الدمِّ والدّمعِ أبخرةٌ فاتكهْ
ويهوي الظلامُ
هنا غوانتانامو..
أتعلمُ أُمُّكَ أنّكَ تذوي حنيناً إليها؟ أتعلمُ أمّكَ يا أيّهذا الأسيرُ الغريبْ
أتعلمُ أنّك تلمحُ في الموتِ كفَّ الطبيبْ
أتعلمُ أمكَ أنكَ في ربقةِ الأسرِ تحلمُ حرّاً
بدفءِ يديها
وتبكي عليكَ. وتبكي عليها
وأنّك تدعو وتدعو. وأنّ السماواتِ لا تستجيب
لأنك في غوانتانامو
وبعضُ الدّعاءِ مَلامُ..
تضنُّ القلوبُ بأسرارها. ويبوحُ المسدَّسُ. ما الحلُّ؟
يا جنرالَ الظلامِ . ويا سيّدَ النفطِ والحلِّ والرّبطِ . ما الحلُّ
يا سيّدَ البورصةِ الخائفهْ
ويا قاتلَ الوقتِ في رَحْمِ ساعاتِنا الواقفهْ
إلى أين تمضي جنائزُ أحلامِك النازفهْ
إلى أين يمضي السلامُ؟
إلى أين يمضي الكلامُ؟
إلى غوانتانامو..
تعيشُ اللغاتُ هنا. وتموتُ اللغاتْ
على الملحِ والدمعِ والذكرياتْ
وتؤوي بقايا الرفاتِ بقايا الرفاتْ
وأحذيةُ الجندِ لا تستريحُ. وقبضاتُهم لا تريحُ. وما من شرائعَ. ما من وصايا. ولا دينَ. لا ربَّ. لا شرقَ. لا غربَ. ما من حدودٍ. وما من جهاتْ
هنا كوكبٌ خارجَ الأرضِ. لا تُشرقُ الشمسُ فيه. وما من حياةٍ عليه. وما من حروبٍ. وليسَ عليه سلامُ
هنا كوكبٌ خارجَ الجاذبيَّهْ
وما من معانٍ إلهيَّةٍ تدَّعيهِ
وما من رؤىً آدميَّهْ
ظلامٌ
ظلامٌ
ظلامُ
هنا.. غوانتانامو..
جناحُ الفراشةِ ينسى زهورَ الربيعِ. جناح الفراشةِ ينسى الربيعَ القديمَ الجديدَ القريبَ البعيدَ. ويسقطُ في النارِ. لا طَلْعَ. لا زرعَ. كفُّ الأسيرِ جناحُ الفراشةِ. مَن أشعَلَ النارَ في البدءِ؟ مَن أرهبَ النسمةَ
الوادعَهْ
ومن أرعبَ الوردةَ الطالعهْ
لتسقطَ كفُّ الأسيرِ. ويسقطَ قلبُ الطليقِ. على لهبِ الفاجعَهْ
ويرحلَ بالراحلينَ المقامُ
إلى غوانتانامو..
كلامٌ جميلٌ عن العدلِ والظلمِ. والحربِ والسلمِ. في مجلسِ الحسنِ والصونِ والأمنِ. في كافيتيريا الرصيفِ. وفي البرلمانِ. وفي المهرجانِ. وبين القضاةِ. وفي الجامعاتِ. كلامٌ غزيرٌ. وحلوٌ
مريرٌ. ومَرَّ الكرامِ يمرُّ عليه الكرامُ
ويمضي الصدى. ويضيعُ الكلامُ
ولا شيءَ يبقى سوى.. غوانتانامو..
ويبقى غبارٌ على صُوَرِ العائلهْ
ووجهٌ يغيبُ رويداً رويداً. وتشحُب ألوانُه الحائلهْ
وسيّدةٌ عُمرُها ألفُ عُمرٍ. تقاومُ قامتُها المائلهْ
لترفعَ عينينِ ذابلتينِ إلى صورةِ الأُسرةِ الذابله
"تُرى أين أنتَ؟"
"متى ستعودُ؟"
"وهل ستعودُ قُبيل رحيلي؟"
"لأمِّك حقٌّ عليكَ. ترفَّقْ بأمِّك يا ابني. تعالَ قليلاً. ألستَ ترى أنّني راحلهْ؟"
"تُرى أين أنتَ؟"
وتجهلُ أُمُّ الأسيرِ البعيدِ مكاناً بعيداً
يسمُّونَهُ غوانتانامو
وتبكي.. وتبكي عليها العنادلُ. تبكي النسورُ. ويبكي اليمامُ..
هنا وطنُ الحزنِ من كلِّ جنسٍ ولونٍ. هنا وطنُ الخوفِ والخسفِ من كلِّ صنفٍ. هنا وطن السحقِ والمحقِ والموتِ كيف تشاءُ المشيئةُ موتٌ ترابٌ. وموتٌ رخامُ
هنا غوانتانامو
أراجيحُ ضوءٍ شحيحٍ عقاربُ ساعتِهِ المفلتهْ
ورقّاصُ ساعتِهِ الميّتهْ
هنا غوانتانامو
يغنّي المغنّي الأسيرُ دماً. يا صديقي المغنّي
لجرحِكَ إيقاعُ جرحي
لصوتِكَ أوتارُ حزني
لموتِكَ ما ظلَّ لي من حياتي
وما ظلَّ للموتِ منّي
وكلُّ زمانٍ هُلامُ
وكلُّ مكانٍ هُلامُ
سوى غوانتانامو..
لبرجِ المراقبةِ الجهْمِ أن يستثيرَ الرياحَ وأن يستفزَّ الجهاتْ
وللحارسِ الفظّ أن يشتُمَ الأمَّهاتْ
وللثكناتِ .. وللأسلحهْ
ممارسةُ الحلمِ بالمذبحهْ
وللزيتِ والشَّحم والفحمِ أن تتحدّى طموحَ الزهورِ
وأن تتصدّى لتوقِ النباتْ
وللقبضاتِ. وللأحذيهْ
معاقبةُ الأغنيهْ
وقمعُ الصَّلاةْ
هنا ما يشاءُ النِّظامُ
وفوضى تُرتِّبُ فوضى
ويُسكِتُ جوعاً صِيامُ
هنا غوانتانامو..
ينامون بين الأسرَّةِ والريحِ. أهدابُهم في النجومِ. وأطرافُهم في مياهِ المحيطِ. ينامونَ صفراً عُراةً وسوداً وبيضاً عراةً وسُمراً عُراةً. لحافُ السماءِ غطاءٌ ثقيلٌ. ينامون بين شفيرِ الجحيمِ وحبلِ الخلاصِ.
وهل من خلاصٍ سوى ما تُتيحُ حبالَ المشانقِ؟ هل من خلاصٍ سوى ما تُتيحُ حبالُ المشانقِ؟ مَن يُصدرُ الحُكمَ يا حضراتِ القضاةِ الغزاةِ الطغاةِ؟ ينامون أسرى الحنينِ وأسرى الجنونِ. ولا نومَ . لا صحوَ. ما
من أسِرَّهْ
سوى شُهُبٍ من شظايا المجرَّهْ
وما من لحافٍ سوى ما يُهيل القتامُ
على غوانتانامو
وأكفانِ حزنٍ. ونيرانِ حَسْرَهْ
هنا غوانتانامو
تقولُ الدساتيرُ ما لا تقولُ البنادقْ
تقولُ المغاربُ ما لا تقولُ المشارقْ
تقولُ الأراجيحُ ما لا تقولُ المشانقْ
يقولُ الأساطينُ في فنِّ قتلِ المحبَّةِ. ما لا
تقولُ أناشيدُ عاشقْ
فماذا يقولُ لنا الاتهامُ؟
وماذا يقولُ لنا غوانتانامو؟
وماذا يقولُ رمادُ المحارِقِ. ماذا يقولُ رمادُ المحارقْ؟
وماذا يقولُ زجاجُ النوافذِ للشمسِ والريحِ؟ ماذا
يقولُ القميصُ العتيقُ لعاصفةِ الرملِ والثلجِ؟ مِن
أينَ تأتي الأفاعي إلى غُرفِ النّوم؟ ما يفعلُ الطفلُ
بالقنبلهْ
وكيف يردُّ الذبيحُ على الأسئلهْ
وماذا تقولُ لصاعقةٍ سُنبُلهْ
وماذا تقولُ الصبيّةُ بعد اقتناصِ أبيها
وكيف يجيبُ الغُلامُ
على غوانتانامو؟
لأنَّ دماءَ المسيحِ تسحُّ على شُرفةِ الأرضِ
من شُرفةِ الآخرهْ
لأنَّ دموعَ النبيّينَ تنفعُ إن لم تعُدْ تنفع الآصرهْ
وتَشفع للأُممِ الصابِرهْ
لأنّ الخليقةَ مؤمنَةٌ أوّلَ الأمرِ بالله. موعودةٌ
آخرَ الأمرِ بالرحمةِ الغامرهْ
لأنّ النفوسَ البسيطةَ طيّبةٌ غافرهْ
فهل تتخلَّى السماءُ؟ وهل يستريحُ الأنامُ
إلى الصمتِ والموتِ في غوانتانامو؟
لإيكاروسِ العصرِ حكمةُ ذيذالوسِ العصرِ..
O.k... فهمنا الرسالةَ. لكنَّ أجنحةَ الطائراتِ الرهيبةِ أقوى من الرّيشِ والريحِ. أسرعُ من نبضةِ القلبِ في قلعةِ البنتاغونِ القصيَّهْ
ويسقطُ إيكاروسُ العصرِ. تسقطُ حكمةُ ذيذالوسِ العصرِ،
بين المارينـزِ وحاملةِ الطائراتِ العصيَّهْ
وتبقى التفاصيلُ. لكنْ تضيعُ القضيَّهْ
ويبقى الحلالُ. ويبقى الحرامُ
ويبقى النـّزيفُ على غوانتانامو..
متى تسقطُ الكأسُ من كفِّ يوضاسَ؟ أين الوصايا؟ وأين المرايا؟ أليسَ هنا أَحَدٌ؟ أين أنتم؟ وهُم؟ أين نحنُ؟ وأين قضاةُ النظامِ الجديدِ؟ ألم يفرغوا من طقوسِ العشاءِ الأخيرِ؟ ومن خطّةِ الضَّربِ والصَّلبِ؟ أين رُعاةُ
الحقوقِ؟ وأينَ حُماةُ الحدودِ؟ ألم يشبعوا من طعامِ العشاءِ الأخيرِ؟ ألم يكفِهم جسدي خبزهم ودمي خمرهم؟ يتخمونَ على رسلِهم. يثملونَ على رِسلِهم. يصخبونَ. وشاهدةُ القبرِ بينهم المائدهْ
ووجبتُهم جثّتي الخامدهْ
هنا غوانتانامو
هنا تتهاوى النواميسُ. يسقطُ سرُّ اللّغاتِ. هنا تتشظّى الجراحُ. هنا تتلظّى الرياحُ. متى تنهضُ الشمسُ من قبرِها؟
متى تُسفرُ الأرضُ عن فجرِها؟
متى تتصدَّى حياةٌ لموتٍ؟ متى تتحدّى الحروبَ السلامُ؟
كفى غوانتانامو
كفى غوانتانامو
كفى غوانتانامو
كفى

مجنون يحكي وعاقل يسمع
30/08/2008, 18:36
عندما تلعثم الكلام وعجزت الحروف عن وداع محمود دويش ودعه رفيق طريقه عن جميع المحبين بقصيدة هي ربما أحمل ما قيل في وداع رفيق و فاربطوا الأحزمة فالقصيدة متعبة للأعصاب والمشاعر
خذني معك

تخلَّيتَ عن وِزرِ حُزني
ووزرِ حياتي
وحَمَّلتَني وزرَ مَوتِكَ،
أنتَ تركْتَ الحصانَ وَحيداً.. لماذا؟
وآثَرْتَ صَهوةَ مَوتِكَ أُفقاً،
وآثَرتَ حُزني مَلاذا
أجبني. أجبني.. لماذا؟.

• • • • •

عَصَافيرُنا يا صَديقي تطيرُ بِلا أَجنحهْ
وأَحلامُنا يا رَفيقي تَطيرُ بِلا مِرْوَحَهْ
تَطيرُ على شَرَكِ الماءِ والنَّار. والنَّارِ والماءِ.
مَا مِن مكانٍ تحطُّ عليهِ.. سوى المذبَحَهْ
وتَنسى مناقيرَها في تُرابِ القُبورِ الجماعيَّةِ.. الحَبُّ والحُبُّ
أَرضٌ مُحَرَّمَةٌ يا صَديقي
وتَنفَرِطُ المسْبَحَهْ
هو الخوفُ والموتُ في الخوفِ. والأمنُ في الموتِ
لا أمْنَ في مجلِسِ الأَمنِ يا صاحبي. مجلسُ الأمنِ
أرضٌ مُحايدَةٌ يا رفيقي
ونحنُ عذابُ الدروبِ
وسخطُ الجِهاتِ
ونحنُ غُبارُ الشُّعوبِ
وعَجْزُ اللُّغاتِ
وبَعضُ الصَّلاةِ
على مَا يُتاحُ مِنَ الأَضرِحَهْ
وفي الموتِ تكبُرُ أرتالُ إخوتنا الطارئينْ
وأعدائِنا الطارئينْ
ويزدَحمُ الطقسُ بالمترَفين الذينْ
يُحبّونَنا مَيِّتينْ
ولكنْ يُحبُّونَنَا يا صديقي
بِكُلِّ الشُّكُوكِ وكُلِّ اليَقينْ
وهاجَرْتَ حُزناً. إلى باطلِ الحقِّ هاجَرْتَ
مِن باطلِ الباطِلِ
ومِن بابل بابلٍ
إلى بابلٍ بابلِ
ومِن تافِهٍ قاتلٍ
إلى تافِهٍ جاهِلِ
ومِن مُجرمٍ غاصِبٍ
إلى مُتخَمٍ قاتلِ
ومِن مفترٍ سافلٍ
إلى مُدَّعٍ فاشِلِ
ومِن زائِلٍ زائِلٍ
إلى زائِلٍ زائِلِ
وماذا وَجَدْتَ هُناكْ
سِوى مَا سِوايَ
وماذا وَجّدْتَ
سِوى مَا سِواكْ؟
أَخي دَعْكَ مِن هذه المسألَهْ
تُحِبُّ أخي.. وأُحِبُّ أَخاكْ
وأَنتَ رَحَلْتَ. رَحَلْتَ.
ولم أبْقَ كالسَّيفِ فرداً. وما أنا سَيفٌ ولا سُنبُلَهْ
وَلا وَردةٌ في يَميني.. وَلا قُنبُلَهْ
لأنّي قَدِمْتُ إلى الأرضِ قبلكَ،
صِرْتُ بما قَدَّرَ اللهُ. صِرْتُ
أنا أوَّلَ الأسئلَهْ
إذنْ.. فَلْتَكُنْ خَاتَمَ الأسئِلَهْ
لَعّلَّ الإجاباتِ تَستَصْغِرُ المشكلَهْ
وَتَستَدْرِجُ البدءَ بالبَسمَلَهْ
إلى أوَّلِ النّورِ في نَفَقِ المعضِلَهْ.

• • • • •

تَخَفَّيْتَ بِالموتِ،
تَكتيكُنا لم يُطِعْ إستراتيجيا انتظارِ العَجَائِبْ
ومَا مِن جيوشٍ. ومَا مِن زُحوفٍ. ومَا مِن حُشودٍ.
ومَا مِن صُفوفٍ. ومَا مِن سَرايا. ومَا مِن كَتائِبْ
ومَا مِن جِوارٍ. ومَا مِن حِوارٍ. ومَا مِن دِيارٍ.
ومَا مِن أقارِبْ
تَخَفَّيْتَ بِالموْتِ. لكنْ تَجَلَّى لِكُلِّ الخلائِقِ
زَحْفُ العَقَارِبْ
يُحاصِرُ أكْفانَنا يا رفيقي ويَغْزو المضَارِبَ تِلْوَ المضارِبْ
ونحنُ مِنَ البَدْوِ. كُنّا بثوبٍ مِنَ الخيشِ. صِرنا
بربطَةِ عُنْقٍ. مِنَ البَدْوِ كُنّا وصِرنا.
وذُبيانُ تَغزو. وعَبْسٌ تُحارِبْ.

• • • • •

وهَا هُنَّ يا صاحبي دُونَ بابِكْ
عجائِزُ زوربا تَزَاحَمْنَ فَوقَ عَذابِكْ
تَدَافَعْنَ فَحماً وشَمعاً
تَشَمَّمْنَ مَوتَكَ قَبل مُعايشَةِ الموتِ فيكَ
وفَتَّشْنَ بينَ ثيابي وبينَ ثيابِكْ
عنِ الثَّروةِ الممكنهْ
عنِ السرِّ. سِرِّ القصيدَهْ
وسِرِّ العَقيدَهْ
وأوجاعِها المزمِنَهْ
وسِرِّ حُضورِكَ مِلءَ غِيابِكْ
وفَتَّشْنَ عمَّا تقولُ الوصيَّهْ
فَهَلْ مِن وَصيَّهْ؟
جُموعُ دُخانٍ وقَشٍّ تُجَلجِلُ في ساحَةِ الموتِ:
أينَ الوصيَّهْ؟
نُريدُ الوصيَّهْ!
ومَا أنتَ كسرى. ولا أنتَ قيصَرْ
لأنَّكَ أعلى وأغلى وأكبَرْ
وأنتَ الوصيَّهْ
وسِرُّ القضيَّهْ
ولكنَّها الجاهليَّهْ
أجلْ يا أخي في عَذابي
وفي مِحْنَتي واغترابي
أتسمَعُني؟ إنَّها الجاهليَّهْ
وَلا شيءَ فيها أَقَلُّ كَثيراً سِوى الوَرْدِ،
والشَّوكُ أَقسى كَثيراً. وأَعتى كَثيراً. وَأكثَرْ
ألا إنَّها يا أخي الجاهليَّهْ
وَلا جلفَ مِنَّا يُطيقُ سَماعَ الوَصيَّهْ
وَأنتَ الوَصيَّةُ. أنتَ الوَصيَّةُ
واللهُ أكبَرُْ.

• • • • •

سَتذكُرُ. لَو قَدَّرَ الله أنْ تَذكُرا
وتَذكُرُ لَو شِئْتَ أنْ تَذكُرا
قرأْنا امرأَ القَيسِ في هاجِسِ الموتِ،
نحنُ قرأْنا مَعاً حُزنَ لوركا
وَلاميّةَ الشّنفرى
وسُخطَ نيرودا وسِحرَ أراغون
ومُعجزَةَ المتنبّي،
أَلَمْ يصهَر الدَّهرَ قافيةً.. والرَّدَى منبرا
قرأْنا مَعاً خَوفَ ناظم حِكمَت
وشوقَ أتاتورك. هذا الحقيقيّ
شَوقَ أخينا الشّقيّ المشَرَّدْ
لأُمِّ محمَّدْ
وطفلِ العَذابِ محمَّد
وسِجنِ البلادِ المؤبَّدْ
قرأْنا مَعاً مَا كَتَبنا مَعاً وكَتَبنا
لبِروَتنا السَّالِفَهْ
وَرامَتِنا الخائِفَهْ
وَعكّا وحيفا وعمّان والنّاصرَهْ
لبيروتَ والشّام والقاهِرَهْ
وللأمَّةِ الصَّابرَهْ
وللثورَةِ الزَّاحفَهْ
وَلا شَيءَ. لا شَيءَ إلاّ تَعاويذ أحلامِنا النَّازِفَهْ
وساعاتِنا الواقِفَهْ
وأشلاءَ أوجاعِنا الثَّائِرَهْ.

• • • • •

وَمِن كُلِّ قلبِكَ أنتَ كَتبتُ
وَأنتَ كَتبتَ.. ومِن كُلِّ قلبي
كَتَبْنا لشعْبٍ بأرضٍ.. وأرضٍ بشعبِ
كَتَبْنا بحُبٍّ.. لِحُبِّ
وتعلَمُ أنَّا كَرِهْنا الكراهيّةَ الشَّاحبَهْ
كَرِهْنا الغُزاةَ الطُّغاةَ،
وَلا.. ما كَرِهْنا اليهودَ ولا الإنجليزَ،
وَلا أيَّ شَعبٍ عَدُوٍ.. ولا أيَّ شَعبٍ صديقٍ،
كَرِهْنا زبانيةَ الدولِ الكاذِبَهْ
وَقُطعانَ أوْباشِها السَّائِبَهْ
كَرِهْنا جنازيرَ دبَّابَةٍ غاصِبَهْ
وأجنحَةَ الطائِراتِ المغيرَةِ والقُوَّةَ الضَّارِبَهْ
كَرِهْنا سَوَاطيرَ جُدرانِهِم في عِظامِ الرّقابِ
وأوتادَهُم في الترابِ وَرَاءَ الترابِ وَرَاءَ الترابِ
يقولونَ للجوِّ والبَرِّ إنّا نُحاولُ للبحْرِ إلقاءَهُم،
يكذبُونْ
وهُم يضحكُونَ بُكاءً مَريراً وَيستعطفونْ
ويلقونَنَا للسَّرابِ
ويلقونَنَا للأفاعِي
ويلقونَنَا للذّئابِ
ويلقونَنَا في الخرابِ
ويلقونَنا في ضَياعِ الضَّياعِ
وتَعلَمُ يا صاحبي. أنتَ تَعلَمْ
بأنَّ جَهَنَّم مَلَّتْ جَهّنَّمْ
وعَافَتْ جَهَنَّمْ
لماذا تموتُ إذاً. ولماذا أعيشُ إذاً. ولماذا
نموتُ. نعيشُ. نموتُ. نموتُ
على هيئَةِ الأُممِ السَّاخِرهْ
وَعُهْرِ ملفَّاتِها الفاجِرَهْ
لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟..
ومَا كُلُّ هذا الدَّمار وهذا السقوط وهذا العذاب
ومَا كلُّ هذا؟ وهذا؟ وهذا؟

• • • • •

تذكَّرْ..
وقدْ يُسعِفُ اللهُ مَيْتاً بأنْ يتذكَّرَ. لله نحنُ.
فحاول إذن.. وتذكَّرْ
تذكَّرْ رضا الوالِدَهْ
لأُمَّينِ في واحِدَهْ
ونعمةَ كُبَّتِها.. زينة المائِدَهْ
وطُهرَ الرَّغيفِ المقمَّرْ
تذكَّرْ
أباً لا يُجيدُ الصّياحْ
ولا يتذمَّرْ
تذكَّرْ
أباً لا يضيقُ ولا يتأفَّفُ مِن سَهَرٍ صاخِبٍ للصَّباحْ
تذكَّرْ كَثيراً. ولا تتذكَّرْ
كَثيراً. فبعضُ الحِكاياتِ سُكَّرْ
وكُلُّ الخرافاتِ سُمٌّ مُقَطَّرْ
ونحنُ ضَحايا الخرافاتِ. نحنُ ضَحايا نبوخذ نصّرْ
وأيتام هتلَرْ
ومِن دَمِنا للطُّغاةِ نبيذٌ
ومِن لَحمِنا للغُزاةِ أكاليلُ غارٍ ووردٍ
ومِسْكٌ. وَعَنبَرْ
فَلا تتذكِّرْ
قيوداً وسجناً وعسكَرْ
وبيتاً مُدَمَّرْ
وَليلاً طَويلاً. وَقَهراً ثقيلاً وسَطواً تكرَّرْ
وَلا تتذكَّرْ
لا تتذكَّرْ
لا تتذكَّرْ.

• • • • •

لأنّا صديقانِ في الأرضِ والشّعبِ والعُمرِ والشِّعرِ،
نحنُ صريحانِ في الحبِّ والموتِ.. يوماً غَضِبْتُ عليكَ..
ويوماً غَضِبْتَ عَلَيّ
وَمَا كانَ شَيءٌ لدَيكَ. وَمَا كانَ شَيءٌ لَدَيّ
سِوَى أنّنا مِن تُرابٍ عَصِيّ
وَدَمْعٍ سَخيّ
نَهاراً كَتبْتُ إليكَ. وَليلاً كَتَبْتَ إليّ
وأعيادُ ميلادِنا طالما أنذَرَتْنا بسِرٍّ خَفِيّ
وَمَوتٍ قريبٍ.. وَحُلمٍ قَصِيّ
ويومَ احتَفَلْتَ بخمسينَ عاماً مِنَ العُمرِ،
عُمرِ الشَّريدِ الشَّقيّ البَقيّ
ضَحِكنا مَعاً وَبَكَيْنا مَعاً حينَ غنَّى وصلّى
يُعايدُكَ الصَّاحبُ الرَّبَذيّ:
على وَرَقِ السنديانْ
وُلِدْنا صباحاً
لأُمِّ الندى وأبِ الزّعفرانْ
ومتنا مساءً بِلا أبوَينِ.. على بَحرِ غُربتِنا
في زَوارِقَ مِن وَرَقِ السيلوفانْ
على وَرَقِ البَحرِ. لَيلاً.
كَتَبْنا نشيدَ الغَرَقْ
وَعُدْنا احتَرَقْنا بِنارِ مَطالِعِنا
والنّشيدُ احتَرَقْ
بنارِ مَدَامِعِنا
والوَرَقْ
يطيرُ بأجْنِحَةٍ مِن دُخانْ
وهَا نحنُ يا صاحبي. صَفحَتانْ
وَوَجهٌ قديمٌ يُقَلِّبُنا مِن جديدٍ
على صَفَحاتِ كتابِ القَلَقْ
وهَا نحنُ. لا نحنُ. مَيْتٌ وَحَيٌّ. وَحَيٌّ وَمَيْتْ
بَكَى صاحبي،
على سَطحِ غُربَتِهِ مُستَغيثاً
بَكَى صاحبي..
وَبَكَى.. وَبَكَيْتْ
على سَطحِ بَيْتْ
ألا ليتَ لَيتْ
ويا ليتَ لَيتْ
وُلِدنا ومتنا على وَرَقِ السنديانْ.

• • • • •

ويوماً كَتَبْتُ إليكَ. ويوماً كَتَبْتَ إليّ
أُسميكَ نرجسةً حَولَ قلبي..
وقلبُكَ أرضي وأهلي وشعبي
وقلبُكَ.. قلبي.

• • • • •

يقولونَ موتُكَ كانَ غريباً.. ووجهُ الغَرابَةِ أنّكَ عِشْتَ
وأنّي أعيشُ. وأنّا نَعيشُ. وتعلَمُ. تَعلَمُ أنّا
حُكِمْنا بموتٍ سريعٍ يمُرُّ ببُطءٍ
وتَعلَمُ تَعْلَمُ أنّا اجترَحْنا الحياةَ
على خطأٍ مَطْبَعِيّ
وتَعلَمُ أنّا تأجَّلَ إعدامُنا ألف مَرَّهْ
لِسَكْرَةِ جَلاّدِنا تِلْوَ سَكْرهْ
وللهِ مَجْدُ الأعالي. ونصلُ السَّلام الكلام على الأرضِ..
والناسُ فيهم ـ سِوانا ـ المسَرَّهْ
أنحنُ مِن الناسِ؟ هل نحنُ حقاً مِن الناسِ؟
مَن نحنُ حقاً؟ ومَن نحنُ حَقاً؟ سألْنا لأوّلِ مَرَّهْ
وَآخرِ مَرَّهْ
وَلا يَستَقيمُ السّؤالُ لكي يستَقيمَ الجوابُ. وها نحنُ
نَمكُثُ في حَسْرَةٍ بعدَ حَسْرَهْ
وكُلُّ غَريبٍ يعيشُ على ألفِ حَيْرَهْ
ويحملُ كُلُّ قَتيلٍ على الظَّهرِ قَبرَهْ
ويَسبُرُ غَوْرَ المجَرَّةِ.. يَسبُرُ غَوْرَ المجَرَّهْ.

• • • • •

تُعانقُني أُمُّنا. أُمُّ أحمدَ. في جَزَعٍ مُرهَقٍ بعذابِ
السِّنينْ
وعِبءِ الحنينْ
وَتَفْتَحُ كَفَّينِ واهِنَتَينِ موبِّخَتَينِ. وَتَسأَلُ صارخةً
دُونَ صَوتٍ. وتسألُ أينَ أَخوكَ؟ أَجِبْ. لا تُخبِّئ عَلَيَّ.
أجِبْ أينَ محمود؟ أينَ أخوكَ؟
تُزلزِلُني أُمُّنا بالسّؤالِ؟ فماذا أقولُ لَهَا؟
هَلْ أقولُ مَضَى في الصَّباحِ ليأْخُذَ قَهوَتَهُ بالحليبِ
على سِحرِ أرصِفَةِ الشانزيليزيه.
أمْ أدَّعي
أنَّكَ الآن في جَلسَةٍ طارِئَهْ
وَهَلْ أدَّعي أنَّكَ الآن في سَهرَةٍ هادِئهْ
وَهَلْ أُتْقِنُ الزَّعْمَ أنّكَ في موعِدٍ للغَرَامِ،
تُقابِلُ كاتبةً لاجئَهْ
وَهَلْ ستُصَدِّقُ أنّكَ تُلقي قصائِدَكَ الآنَ
في صالَةٍ دافِئَهْ
بأنْفاسِ ألفَينِ مِن مُعجَبيكَ.. وكيفَ أقولُ
أخي راحَ يا أُمَّنا ليَرَى بارِئَهْ..
أخي راحَ يا أُمَّنا والتقى بارِئَهْ.

• • • • •

إذنْ. أنتَ مُرتَحِلٌ عن دِيارِ الأحبَّةِ. لا بأسَ.
هَا أنتَ مُرتَحِلٌ لدِيارِ الأحبَّةِ. سَلِّمْ عَلَيهِم:
راشد حسين
فدوى طوقان
توفيق زيّاد
إميل توما
مُعين بسيسو
عصام العباسي
ياسر عرفات
إميل حبيبي
الشيخ إمام
أحمد ياسين
سعدالله ونُّوس
كاتب ياسين
جورج حبش
نجيب محفوظ
أبو علي مصطفى
يوسف حنا
ممدوح عدوان
خليل الوزير
نزيه خير
رفائيل ألبرتي
ناجي العلي
إسماعيل شمُّوط
بلند الحيدري
محمد مهدي الجواهري
يانيس ريتسوس
ألكسندر بن
يوسف شاهين
يوسف إدريس
سهيل إدريس
رجاء النقاش
عبد الوهاب البياتي
غسَّان كنفاني
نزار قباني

كَفاني. كَفاني. وكُثرٌ سِواهم. وكُثرٌ فسلِّم عليهم. وسَوفَ
تُقابِلُ في جَنَّةِ الخُلدِ سامي . أخانا الجميلَ الأصيلَ.
وَهلْ يعزِفونَ على العُودِ في جَنَّةِ الخُلْدِ؟ أَحبَبْتَ
سامي مَع العودِ في قَعدَةِ العَينِ .. سامي مَضَى
وَهْوَ في مِثلِ عُمرِكَ.. (67).. لا. لا أُطيقُ العَدَدْ
وأنتُمْ أبَدْ
يضُمُّ الأبَدْ
ويَمْحُو الأبَدْ
وَأَعلَمُ. سوفَ تَعودونَ. ذاتَ صباحٍ جديدٍ تعودُونَ
للدَّار والجار والقدس والشمس. سَوفَ تَعودونَ.
حَياً تَعودُ. وَمَيْتاً تَعودُ. وسَوفَ تَعودون. مَا مِن كَفَنْ
يَليقُ بِنا غيرَ دَمعَةِ أُمٍّ تبلُّ تُرابَ الوَطَنْ
ومَا مِن بِلادٍ تَليقُ بِنا ونَليقُ بِها غير هذي البلادْ
ويوم المعادِ قريبٌ كيومِ المعادْ
وحُلم المغنّي كِفاحٌ
وموتُ المغنّي جهادُ الجِهادْ.

• • • • •

إذاً أنتَ مُرتحلٌ عَن دِيارِ الأحِبَّةِ
في زّوْرَقٍ للنجاةِ. على سَطْحِ بحرٍ
أُسمّيهِ يا صاحبي أَدْمُعَكْ
وَلولا اعتصامي بحبلٍ مِن الله يدنو سريعاً. ولكنْ ببطءٍ..
لكُنتُ زَجَرْتُكَ: خُذني مَعَكْ
وخُذني مَعَكْ
خُذني مَعَكْ.



سميح القاسم

وشم الجمال
01/12/2008, 13:35
اي انفاس قد تمنحني وسط كل هذا الضجيج والموت بعض حياة؟؟؟
هنا قد وقفت بألف رئة وفي كل جزء يستبيح القلم عصورا من الألم المبعثر بين شظايا الذهاب,,,
اي رحيل واي عودة,,,,
سميح كان اروع من رثاك بل احياك بل ناجاك لانك لم تموت,,,
انت هنا ولن تكون ضمن حسابات الزمن ,,,

رائعة رائعة وبصدق اعياني الجواب

اسبيرانزا
05/12/2008, 22:46
كاملٌ وجهُكِ الآنَ
أبصره كاملا بأدق تفاصيله
بالوضوح المُسمى بلوغا
أرى وجهك الآن
أشهق في بهرة النور
أخفى رويدا رويدا
يغيبني عن مقامي القديم ضباب البخور
وأوغل في المسك أفلت من لعبة الأرض والجاذبية لا بأس
طال مكوثي على الأرض
لابأسَ ها أنذا الآن يطلقني الحزن من قيده الدنيويِّ
مودِعا فيك ما ظل فيَّ
بادئا حيث كان ابتدائي وكان انتهاء النبيِّ
في الزمان العصيِّ

...

قلتُ في أول الأمر
هذا جنوني النظيف
وهذا جموح الفتى
عاريا من مسوح التقاليد
زاوجت بين المسمى وبين اسمه
لم تدجن خيالي المراسيم
لم أمتثل لوصايا الحانوت القديم
وقلت اشتعلت كما أشتهي
وانطفأت كما شاء لي الله
لم أعترف بالوسيط
وكيف أقول انفجار البراكين في جسدي أمس
لا لا أقول
لحروفي نصالٌ من العشب والنار جامحة
ولصوتي خيولُ
فاحمليني قليلا
إلى شاطئٍ أستريح على صدره
أنهكتي السباحات في لجة القرش والأخطبوط
قناديل بحر الظلام تنث سموما من الضوء
والمنقذون سكارى
يعدون لؤلؤ غرقاتي
يحصون حولي غنائمهم
انقذيني
لم يعد لي سواك
ولم يبق من عاشقيك سواى
اكتفوا ببريق الكلام
ارتشوا برنين الكؤوس على شرفة القصر
لم يعرفوكِ
ولم تجهليني
أستطيع البكاء لك الآن بعد بكائي عليك
أستطيع الرحيل بك الآن
بعد رحيلي إليك
أستطيع فهات يديك
آن لي أن أفوز بموت قرير على ساعديك

....

آخ من وجع الناي
يسترجع الناي حين يبوح بأوجاعه
ضربة الفأس في القصب الحي
يسترجع القلب أوجاعه
آخ من أين عاصفة الثلج
ليل اقتلاع الشرايين من لحم بستانها
أخ من أين رعب اجتثاث يدي من يديك
زراعتنا للفجآت
حمى الخفافيش بين القناطر
أشباح قتلى المحبة واليأس
أذكر طائرة قصفتنا وعادت لحفل انتصاراتها
تذكرين الركام
تذكرين الحرائق في غابة اللوز
رعب العصافير في توتة الدار
صمت الزحام
والطريق الشماليَّ نحو السدى والخيام
تذكرين وأذكر هذا المدى
لم يزل بعضَ أحزاننا
لم تزل هذه الأرض مرآتنا حدقي
حدقي في يدي تريّ مرج قمح
دعيني أقبل على شهوة التمر عينك
ها نحن في سقف أيامنا
بين ودياننا وندى السنديان
وراء لهاث الجبال قطيع من الماعز الأسود التهمته الذئاب
والرعاة نيام ٌ ولا صحو إلا طنين الذباب
وامحى السنديان
تساقط شعر الرجال القدامى
وغطى الهشيم دروبا وغاب
ألف وجه وصوت وغاب


....

واضح وجهك الآن
تحضنه راحتاي برفق
وأحفنه بيدي لأشرب مزدريا ظمأي
فجأة يختفي وجهك البشري
وتسطع أيقونة بوجوه الأرامل
والوالدات اغتصابا وراء اغتصاب
واضح فليكن ما تشائين لا ما أشاء
واضح يتم أحلامنا
واضح موت أيامنا
ها هنا البدو دون البداوات
ليست تفرقنا ربطة العنْقِ عن حضر يجهلون الحضارت
ليست تجمعنا ربطة العنْقِ ، كوفية ، أو عقال
وعلى كلِّ حال
ليس هذا الجواب وليس السؤال
بيننا ألف عامِ
فلا سمْتُهم سمتنا
لا ولا صوتهم صوتنا
اختلفت صيغة العقل والقلب
بين انتماءٍ وبين انتماء

...

خذلتني الصحارى
عواصفها اتسخت بسناج الحريق وراء الحريق
خذيها إلى المغسلة
وخذيني رجاء خذيني إليك من المعضلة
يالتي بين أيدي الملايين ضاعت ملامحها
وفساتينها أوقدت نار شيخ القبيلة
واستستلمت لأباريق قهوته نارها
يالتي صار زنارها حبل مشنقة لأمير المحبين
صناجة العشق والكبرياء
ما تشائين لا ما أشاء
بعد هذا المساء

...

خذلتني الصحارى
ارتسمت فتاها وعرافها
طفت أسرارها نبضةً نبضةً
قطَّرت في فمي عسلا من عساتيلها
توجتني بطلع النخيل
وهبت عطشي زمزما في ختام الرحيل
بين جيلٍ وجيل

...

لم يجس بشرُ قبلُ أو بعد ما منحت جسدي
غبت في دغلها
أوغلت في دمي
استأذنت رئتي أعصاريها
أنزلت من ذرى كتفي السوافي
وفي شفتي القوافي
وكم آذنت أمس كثبانها
بالصعود إلى ما تمنى طويلا غدي
يالتي يدها ملكتني كما ملكتها يدي
كاملٌ قلبك الآن
بدر الصحارى اكتمل
وأنا والمدى والجمل
والطريق إلى لغتي لاحِبٌ
والردى صاخبٌ
والأجل لاعبٌ بجموحي القديم
وصراط دمي المستقيم
يالتي رملها من خلايايَّ
من رملها نطفتي
من لواعجها جذوتي
يالتي وهبتني إلهً من التمر
قوتا على العسر
نارا لكاهنة السرِّ
يامن أتت نفحة ومضت صيحة
في فضاء أتي وخواءٍ توارى
خذلتني الصحارى

...

بينَ نجدٍ وبينَ الحجاز ْ
مسربٌ غامض ٌ
من سرى فيه فازْ
وسريت ذهابا إيابا سريت
وعلى الجمرِ شبَّ دخاني نخيلا
وضاءت بناري البوادي
سريتُ
مسربي واضح ٌواختفيت
وأنا بادئ وانتهيتُ

...

ناقصٌ وجهُكِ الآنَ
يامنْ على وجْهِهَا مسحةٌ من رمادِ البراكينْ
يا من أخاف على وجهها من عيونٍ ترى ما أرى
في شعاب الصحارى
ألا إنها تشتهي بعد أن تثأرا
تلك جمجمتي
تلك جمجمة الشنفرا
تشتهي بعد أن تثأرا
من عبيدٍ وسادوا
وعبيدٍ عبيدْ
لم تغب ْبعدُ عادُ
وثمودٌ ثمودْ
وطغاة الزمان البعيد
وغزاة المكان البعيد
خُسفوا برهةً ثم عادوا
والطويسيُّ عاد ْ
والمعيديُّ عادْ
والمجوسيُّ عادْ
ليعيثوا فسادا وراء الفسادِ
وتحت الفسادْ
ليضلوا العبادْ
ويعمَّ البلادْ
ما تعافُ النفوس ويأبى الجرادْ
وأنا واجدٌ واحدٌ زادَ عن حدِّه وجدُه ومضى يستزيدْ
وأنا ياجنوني القديم الجديد
خذلتني الصحارى
كيف لي الآن أن أتوارى!!
أين لي الآن أن أتوارى!!
خذلتني الصحارى

...

ناقص ٌ قلبك الآنَ
ميتة ٌ أنت يامن أحب ُ وها أنا ذا ميتٌ
حولنا عرسُ أحبابنا الميتين
سرقوا كرمنا وانتقوا لمفارقهم وردةَ الترفِ الجاهلة
ولجبهتنا الشوكة العاقلة
جرعوا حلمنا
سكروا ، طربوا ، لعبوا ، صخبوا
كيف لا تسمعين جلبة الراقصين في جنازتنا !!!
كيف لا تبصرين!!
إنهم حولنا
إنهم بين أكفاننا ، في تجاعيدنا ، في شراييننا الجامده
بين أذرعنا الباردة
نصبوا المائدهة
ورمَوا نردهم
رمَوا نردهم بين أطرافنا الخامدة

...

أنتِ ميتةٌ وأنا ميتٌ
يلتقي القطن في بهو عاصفتي بالذهبْ
وأصوغ اللهبْ
نطفةً ونشيدًا
لحلم أتى ولوهمٍ ذهبْ
حولنا الإخوة الميتون
ولهم مجدهم ولهم رغدهم ولهم وعدهم
ولهم صدقهم ....
عندما يكذبون
ولهم زهدهم ....
بينما ينهبون
حيثما يذهبون كيفما يرغبون
خذلتنا الصحارى اذهـبـــــــــــــي ،
واغربي ، تحت سقف الحرارة
فوق البنفسج ،
بين الأوزون وغاز الكلورين
أنا ذا ذاهبٌ
غائبٌ
غاربٌ
غارقٌ في اختلاف المناخ ِ
وفوضى الفضاء الحزينْ
ميـتٌ.....
لا يريد المكوثَ على أرض أحبابه الميتينْ

...

خذلتني الصحارى
الوداع
أيها النبلُ
في مهرجان الرعاع
والوداع أيها الصدق يا صاحبي المنسحب
من طقوس الدم المنسكب
تحت أقدامهم
أنبياء الكذبْ
فقهاء الكذبْ
شعراء الكذبْ
خطباء الكذبْ
فانسحبْ
انسحب والوداعَ الوداعْ
أيهذا السرابُ
وهذا الخراب
وهذا الضياع ُوهذا الخداعْ
البخيل السخي
الضعيف القوي الجبان الشجاعْ
وعلى كل وجه قناعْ
وعلى كلِّ قلبٍ قناعْ
والذي ضاعَ ضاع
الوداع الوداع
أنذا ذاهبٌ في هدوئي الأخير
وفي كبريائي الأخير
إلى مسقطٍ دون رأسِ
إلى وهدة دون قاع
لم تزل لرحيلي ذراع
في بلاد اغترابي
أجل لم تزل للأسى والخجل لم تزل لجنوني ذراع
ولقبري ذراع بين أرض السدى وسماء الضياع
خذلتني الصحارى

...

خذلتني الصحارى وسيدتي الفاضلة
أنشبت ظفرها في بساتينها القاحلة
وعلى زندها وشمها
وعلى شفتيَّ اسمها
وردةً ذابلة
خذلتها الصحارى

...

كاملٌ غامضٌ
واضحٌ ناقصٌ
وجهنا الآن يا امرأتي
يالتي قاسمتها الزنازين أيامها
يالتي افترس الحزن أيتامها
والغناء الذي كانني والمغني الذي كنته
تحتَ شباكها ذات ليلتها المقمرة
صار لي شاهد المجزرة
حارس المقبرة
واحدًا أحدًا في خرائبه المقفرة

...

خذلتني الصحارى
نأيتُ اتكأتُ على جسدي في المنافي
ويممت وجهي إلى بلدي
وطرحتُ السلامَ على بلدي وعلى ولدي
وطرحت السلام على كرنفال السلام
راعشا راعفا في صقيع الكلام
مؤمنا بالنظام وبفوضى النظام
مسلما عنقي لنشيد الختــــام
والســـلام

...

شاهدوك على الجمر حافيةً
في كهوف الشياطين عاريةً
في الميادين داميةً
شاهدوكِ بكَوا وشكَوا نفضوا عن عواطفهم ومعاطفهم
كلمات الرثاء وورد الجنازات والأتربة
ومضوا مسرعين لسهرتهم
قبل أن يبدأ الرقص في وصلة المطربة
قيلَ لي إنهم إخوتي
قلتُ إن تصدق الوالدة
قيل لي إنهم عزوتي
واكتفَوا بأناشيدهم وزغاريدهم وأنا تحتَ أبصارهم جثة هامدة
قيلَ لي هرعوا بعد حفلتهم للصلاة
ولي صلواتي وميقاتها لي طقوسي ولي دعوتي
أنا ذا أمتي وأنا ملتي
واحدا حوله لا أحد
خارجا عن حدود العدد
زاهدا في حطام الكلام
وحطام الحطام
لا أريدُ سوى لا أريدْ
غيرَ ما ظلَّ لى
من مداري البعيدِ البعيدْ
خذلتني الصحارى
أَمِنْ غابة ممكنة؟
أم يتاحُ لجوئي إلى منجمٍ هجرته معادنه
واكتفى بقليل من الأدخنة
خارج الأزمنه
أم تشق الرمالَ يدٌ مؤمنة
إنِّها محنتى قسمتي لعنتي المزمنة
خذلتني يدي
خذلتني الصحارى اكتبــــــــــي
يالتي رتَقَت ثوبها حسرتي
بدمي ودموعي اكتبي سيرتي
واندبي جيرتي
وانثري وردتي
في الفضاء الرخام
وعلى سطح برج الحمام
اطفـئي نجمتي واخلدي للغرام
في حرير دمي وسرير الظلام واخلدي للغرام

...

زنبقي ليديك ندى بيلسان لهذا الجبين السماوي
من ماء وردي وورد دمائي وما نزفت في ترابي حشاشة نعناعتي
لك حناءُ عرسٍ
خضابٌ ليوم ِالقيامة
للعيد
لي عند عينيك تمر غريب
ولي عند ساقيك لوزٌ عجيبٌ
وما بين حقويك لي عنبٌ نادرٌ
يسكرُ العاشقونَ بخمرٍ من الأرض
لي خمرتي من ندى راحتيك
ولي سكرتي
يالتي زنبقي ليديها
لسرتها ما يفوح الحبقْ
وعلى فمها صامتا ما يبوحُ الأرقْ
وعلى فمها إنْ نطقْ
ما يُسرُّ القلقْ
يالتي زهرُ رمانها رايتي
وبساتينُ أسرارها غايتي
آه ِ
سبحانه من خلقْ

...

حنطتي نضجت في مواطئ رجليكِ
واكتملت وردتي في شواطئ ِ عينيكِ
جوبي البلاد
وزِّعي الخبز والورد بين العباد
وانزعي آيةً نسخت آيةً
واحفظي آيتي
وابتهالات جسمي لجسمك
وحلولي المعاد ظهورا على الأرض باسمك
أنت ما شئتِ لي أنْ تكوني لديَّ
وما شئتِ لي أنْ أكون لديكِ
فاحفظيني إذن من جنوني عليكِ
من حياتي وموتي
واحفظي سرَّ صمتي
بعد أن خذلت الصوت صوتي
بعد أن خذلتني الصحارى

...

"هاملت" العربيُّ أنا
والفساد نسر مملكتي
هاملت العربيُّ أنا
تلك جمجمتي
في أكفِّ العباد
وعلى كلِّ فمْ
غيمة من حليب ودمْ
في سؤال معادْ
هاملت العربي أنا
غائبٌ في حضوري هنا
حاضرٌ في غيابي هنا
وجهُ أوفيليا جنتي
قلبُها محنتي
هاملت العربي أنا
خدعتني ثلوجُ الشمالْ
وجهات الرمالْ
أين أوفيليا
أين أوفيليا
أين أوفيليا؟؟!!
خذلتني الصحارى!!!!!

...

فوق جرف الهواء
أنذا واقفٌ
فارسا من هواءْ
ممسكًا بلجام الهواءْ
بيرقي من دُخَانْ
وجوادي دُخَانْ
ودروعي وسيفي دُخَان
وقلاعي بخار
وكفايَّ ماءْ
وبلادي الفضاءْ
يالتي وجهها غيمةٌ شربتها السماءْ

...

هجرتني الصحارى
شردتني الصحارى من ترابٍ وراء تراب
نازفا عارفا عاريا صاحيا
بين أهلي غريب
ظِل ثوبي على وردهم
وعلى جبهتي تاج شوكٍ ونجمٌ ورائي يغيبْ
من أعالي الصليب صحتُ
لا لا تزح عن فمي هذه الكأس
يا والدي وصديقي الحبيب
يا أبي لا تدر عن فمي هذه الكأس
دعني لكأسي
ولحلمي ويأسي
ولموتي وعرسي
يا أبي من أعالي الصليب ْ
المنايا دعتْ
وأنا أستجيبْ
خذلتني الصحارى!!!

...

كاملٌ حبك الآنَ
مكتملٌ وجهك الآنَ
روحًا يطوف على الغمر
بدءًا إلى لا انتهاءْ
وأنا عائمٌ في الفضاءْ
زلقٌ والمدى زلقٌ
قبضتي للهواء
جسدي سابح في مدار النجوم
وذراعاي مفتوحتان لدوامة من رجوم
لا على الأرضِ أرضٌ
ولا طاقةٌ في السماءْ
عائمٌ حائمٌ هائمٌ
في تخومٍ وما من تخومْ
والخواء على جمرتي مطبق في الخواء
وسوى وجههِ خالقي لا يدومْ
غيرَ ما يبتليني به من همومْ

...

فضةٌ يرتشي الأصدقاءْ
طعنةٌ ينتشي الأصفياءْ
والأكف التي طالما صافحت علنا
دست السمَّ لي في الخفاء
أيها الضحك قل لي ترى
كيف حال البكاء
خذلتني الصحارى
ياسمينٌ على ياسمين على ياسمين
نبع دمعٍ وفاض
والمدى ورقٌ موغلٌ في البياض
ونهارٌ مدادٌ حزين
بعد ليلٍ مدادٍ حزين
في كتاب السنين
ياسمينٌ على ياسمين
أيها الحزن ياصاحبي
جُست ما لم تجسْ
ليس لي إرمٌ هاهنا
ليس لي أندلـــس
خدعتني الصحارى
خذلتني جهارًا نهارا
كلِّ قافلةٍ عبرتْ راوغت كي تقايضني امرأتي بقليلٍ من الماء
ما شأنها أننا عاشقانْ
ومضت بهوادجها المثقلات بغيد الفتوح الحسانْ
من جواري الجوارِ
ومن فاتنات القيانْ
تلك روميةٌ تلك تركيةٌ تلك من أصفهانْ
ألف قافلة عبرت ْ
همها حانةٌ أو مُصلَّى وخانْ
آخ ما همها أننا ظامئان مشرفان على الموت
آهِ
ما همُّها أننا ميتانْ

...

بين آهٍ وآهِ يا إلهي ترانا
ألست ترى يا إلهي
نحنُ كنا بخار التلال ِ وكنا ضبابَ الحقولِ
وسحاب الجبالِ وعطر الفصولِ
وانتهينا دخان المقاهي
يا إلهي
ورثينا بداياتنا ورثينا نهاياتنا ورثينا المراثي
وقد أصبحت دندنات السكارى على راقصات الملاهي
وترانا
ألست ترى يا إلهي
ضيعتنا الصحارى بين آهٍ وآهِ
ضيعتنا وأنت ترى يا إلهي
خذلتنا الصحارى!!!

...

نحنُ ها نحنُ يا امرأتي وحدنا آخر الأمر
لا نشتهي أن نرى أحدا
لا ولا يشتهي أن يرانا أحد
نحن من أزلٍ وحدنا ونظل معًا وحدنا للأبد
وأظلُّ معي
معكِ اللهُ كفارةً للذنوب
وصفتك الأغاني وما أنصفتكِ
اظهري للعيان
وقد أبصرتكِ القلوب
يالتي نورها نعمةُ الله بين الشعوب
إنما جسمها صورةٌ في الكلامْ
وأنا أتهجى ملامحها في الظلامْ
يا عليك السلام
يا عليك السلام
لا لهيب الجوى مؤذنٌ بانطفاء
ولا شمعة القلب موشكةٌ أن تذوب

...

آخ يا امرأتي
آخ ياطفلتي الخائفة
في ارتجافات طائرة العاصفه
تعرفين جيوب اللغات ومطباتها القاسية
تعرفين جيوب الحياة ومطاراتها الدامية
تعرفين جنون الجهات
تعرفينَ وقد خذلتك الصحارى مرةً مثلما خذلتني مرارا
تلك مملكة النمل مملكة النحل من بعدها
بعد مملكة النحل مملكتي
واستوى فوقها عرش رجليكِ
ها أنذا ماثلٌ للعبادة
وجهي على قدميك طلاء أظافركِ العاج فجر
يدايا على ركبتيك جناحا ملاكٍ مريضٍ
خذيني إليكِ ارفعيني قليلا
إلى سرة الوجدِ
آه ِ ارفعيني إلى خفقةِ الوردِ في شفتيكِ
إلى عطر ِ أنفكِ
آه قليلا إلى تمرتيْ مقلتيكِ
إلى نجمتيء بؤبؤيك ِ
إلى فـَيءِ قنطرتي حاجبيكِ
إلى غيمة من حرير السمواتِ والأرضْ
آه قليلا
إلى شرفةِ الله
إلى شرفةِ اللهِ جئت لأشهدَ
"أشهدُ ألا إله سواه وأنكِ أنتِ"
ارفعيني
قليلا لأبلغ أنشوطة المشنقة
هكذا كي يجوز احتفائي بعينيك والمحرقة
وبآلائك المشرقة
للأساطير أنتِ اصطفتكِ العباداتُ حرزًا يقي مؤمنيها الضلالْ
وأنا عابدٌ واجدٌ ساجدٌ في السؤالْ
مرضت شمسه أرهقتها كآباتُها وابتهالاتُهُ
ذبلت شمسُهُ في الضحى
وذوى وامحى في ظلال الظلالْ
والأساطيرُ أنتِ اخلدي
ولأكن كاهنا مات في معبدي
طمسته الرمال وانتهى للزوال
انتهى للزوال
آهِ أدركتُ أن خذلتني الصحارى
آهِ أدركت أدركت أدركت
أن خذلتني الصحارى
فلأكن فيَّ ليلٌ وكوني نهارا
خذلتنا الصحارى
قتلتكِ الصحارى
قتلتنا الصحارى
قتلتني الصحارى
خذلتني الصحارى

القصيدة بصوت سميح هنا

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

Marooshe
06/02/2009, 16:46
أشدُّ من الماء حزناً
(جزء 1)


أشدُّ من الماء حزناً
تغربت في دهشة الموت عن هذه اليابسه
أشدُّ من الماء حزناً
وأعتى من الريح توقاً إلى لحظة ناعسه
وحيداً. ومزدحما بالملايين،
خلف شبابيكها الدامسه..
*
تغرٌبت منك. لتمكث في الأرض.
أنت ستمكث
(لم ينفع الناس.. لم تنفع الأرض)
لكن ستمكث أنت،
ولا شيء في الأرض، لاشيء فيها سواك،
وما ظل من شظف الوقت،
بعد انحسار مواسمها البائسه..
*
ولدت ومهدك أرض الديانات،
مهد الديانات أرضك،
مهدك. لحدك.
لكن ستمكث في الأرض. تلفحك الريح طلعا
علي شجر الله. روحك يسكن طيرا
يهاجر صيفا ليرجع قبل الشتاء بموتي جديدي..
وتعطيك قنبلة الغاز إيقاع رقصتك القادمه
لتنهض في اللحظة الحاسمه
أشد من الماء حزنا
وأقوى من الخاتمه..
*
لك المنشدون القدامى. لك البيد. لاسمك
سر الفتوحات. لاسمك جمر الهواجس تحت
الرماد.. وأنت افتتحت العصور الحديثة بالحلم.
كابدت علم النجوم وفن الحدائق
وأتقنت فقه الحرائق
وداعبت موتك: حرى جهاز التنفس،
للدورة الدموية ماتشتهي.
وأيقنت أنك بدء.. ولا ينتهي
ولاينتهي.. ويضيق عليك الخناق ولاينتهي
وتتٌسع الثغرات الجديدة في السقف
جدران بيتك تحفظ عن ظهر قلب
وجوه القذائف
وأنت بباب المشيئة واقف
وصوتك نازف. وصمتك نازف
تلم الرصاص من الصور العائليه
وتتبع مسرى الصواريخ في لحم أشيائك المنزليه
وتحصي ثقوب شظايا القنابل
في جسد الطفلة النائمه
وتلثم شمع أصابعهما الناعمه
على طرف النعش،
كيف تصوغ جنون المراثي؟
وكيف تلم مواعيد قتلاك في طرق الوطن الغائمه؟
وتحضن جثة طفلتك النائمه؟
*
أشد من الماء حزنا
وأوضح من شمس تموز. لكنٌ نضج السنابل
يختار ميعاده بعد عقم الفصول.
إذن فالتمس في وكالة غوثك شيئا من الخبز.
وانس الإدام قليلا.. تحر التقاويم: يوما فيوما.
وشهرا فشهرا. وعاما فعاما. تحر المناخ المفاجيء،
قبل انفجار ندائك. أنت المنادي وأنت المنادي
وأنت اشتعلت. انطفأت.. ابتدأت.
انكفأت.. وأنت اكتشفت البلاد.. وأنت
فقدت البلادا!
أشد من الماء حزنا.
*
يؤجٌلك الموت . تمسح جسمك بالزيت كاهنة
كرٌستٍها العصور لأجلك أنت. لأجلك تولد
في البحر والبر عاصفة لا تسمى
وتزحف في جسد الأرض حمى
لينهض فيك كسيحاً. ويبصر أعمي
وحولك ما خلق الله من كائنات غرائب
ومن يصنعون العجائب
لهم ٍ قصب السبق دون سباقي. لهم ما تتيح المقاعد
للمقعدين. لهم جنة رحبة في الزحام الفقير وفي ورد
مستنقعات الأزقٌة. تحت صفيح الأنيميا وبين
خيام التخلف والجهل. في رقة القمع. هم نخبة
الرق. أسياد زوجاتهم في المحافل. زوجات أسيادهم
في القرار الصغير الصغير
لهم ما يتيح الجلوس المدرب. ساقا علي الساق.
كفا علي الخد. تحت حزام المدير
وتحت حذاء معالي الوزير
لهم قوتهم دون كد. وميراثهم دون جد وجد.
لهم أن يكونوا العقارب في القيظ،
أو أن يكونوا الأرانب في الزمهرير.
لهم زغب القاصرات وريش النعام الوثير
وأوقاتهم من حديد. وأعباؤهم من حرير
وأنت على ملتقى الليل بالفجر. والبحر بالبر
والجهر بالسر. تقتح باب السؤال الكبير
وتغلق باب الجواب الأخير
أشد من الماء حزنا
أشد من الماء والرمل حزنا.
*
تصلي كثيرا
تصلي طويلا
تصلي
وفي موعد النجمة الضائعه
يضيع نداء المؤذن في جلبة السير،
يعلق غيم الدخان بجلبابه. ويعود إلي البيت،
مختنقا. حانقا من زحام الخلائق. تحتج
زوجته الرابعه
'غسلت ثيابك فجرا. وها أنت ترجع
متسخا بالسناج.. ترفق قليلا. ترفق
بخادمة المنزل الطائعه'!
تصلٌي
ويسقط رأس الموظف فوق ملفاته ميتا.
خانه قلبه. والمرتٌب خان العيال. وخان
المدير الأمانه
وخانت جيوب الرئيس جيوب الخيانه
ودارت. ودارت.. ودارت على نفسها الأسطوانه
تنح إذن. أو تفجر كما ينبغي. لا صراط هناك
ولا مستقيم هنا.. شاهدى أنت.. لكنٍ لمن سوف
تشهد؟ أية محكمة لم تطأها الرشاوي؟ وأي
القضاة البريء؟
تنح تفجر. تنح. تفجر. تفجر. لعل انفجارا
يضيء
وكل انطفاء مسيء مسيء
وكل سكوتي كلامى بذيء!
*
هنا أنت. حولك هذا الجدار الكثيف
وهذا الهمود الكفيف وهذا الخمود المخيف
وحول جنونك تقعي الملايين حول الملايين.
فوق الملايين. تحت الملايين. تمضي إلي الذبح. قطعان ماعز
وتولد للذبح قطعان ماعز
ويعلو بكاء الرجال الرجال،
ويوغل صمت النساء النساء
وفوق صراخ القبور وتحت أنين العجائز
شعوب مسمنة للولائم في العيد
من عاش يخسر سر الحياة
ومن مات بات علي الموت حرا وحيا
وما كان بالأمس عارا محالا
هو اليوم شأن صغير وجائز
فحاذر. وحاذر
زمانك وغدى وغادر
تنح. وغادر
'إلي حيث ألقت..'
فلا الأهل أهلى. ولا الدار دارى. ولا أنت أنت..
وما من أواصر
تدور عليك الدوائر
عليك تدور الدوائر
وما من بشير ولا من بشائر
تنح. وغادر
'إلى حيث ألقت..'
أشد من الماء حزنا.
*
يطول ارتباك المؤرخ في الدغل. أقنعة
تستبيح أدق التفاصيل. فوضى تحيل
طقوسا مرتبة للصدف
وبضع ضباع تحيط بمائدة الطيبات
مناديلها البيض تحضن أعناقها المشعرات.
ضباع تمد سكاكينها وتشرع شوكاتها للطعام الشهي.
وقد أتخمتها بقايا الجيف
ضباع. ضيوف الشرف
ضباع. لماذا أواني الخزف؟
وهذا الترف؟
لماذا؟
*
وتعقد محكمة العدل ظلما. على باب محكمة الأمن غدرا
سواسية أنت والماثلون أمام القضاء بتهمتك
الأزلية. أنت وجلادك الأزلي سواسية.
عند محكمة العدل والأمن. يغفي القضاة على ريش
رشواتهم. ومحامي الدفاع شريك محامي النيابة
في صفقات السياحة والنقل. فانس الشهود.
شهادتهم لا تجوز. هم الصم والبكم والخرس. أقوالهم
لا تقال. شهادتهم لا تجوز
فكيف تفوز؟ وذنبك باسم العدالة واضح
وجرم العدالة دونك.. فاضح
فكيف تفوز؟ وكيف تفوز
ومن سيفك الرموز؟
*
جباه مبقعة بالسجود القديم لفرعون واللات
لا للإله الذي أنت تعبد! لا تصغ للقول: إن البلاد العراق
وإن العراق
بلاد النفاق
مياه المحيط نفاق ورمل الصحاري نفاق
وماء الخليج نفاق. ونفط العروق النفاق
وزرع البلاد وضرع البلاد
لماذا؟ لماذا العراق
وانت ونخل العراق
أشد من الماء حزنا
أشد من الماء والرمل حزنا
أشد من الماء والرمل والنخل حزنا.

ورده بغداد
06/02/2009, 16:49
رائع جدااااااااااااااااااااااا ا

يستهويني كتير كلماتو

شاعر مبدع

Marooshe
06/02/2009, 16:55
أشدُّ من الماء حزناً
(جزء 2)


من الماء كانت هموم السحاب
ومن سمك القرش كانت هموم 'قريش'
وكنت من الماء أنت
ومن سمك القرش كنت
تمهل قليلا. تمهل كثيرا. تمهل
همومك أولها ما احتملت
وآخرها ما جهلت
تمهل.
*
ومن أرض بابل تمضي إلى أرض بابل
وحيدا تشيد أبراج حزنك في برج بابل
وتخرج منك القبائل
وتعبر فيك القوافل
محملة باليتامى.. ومثقلة بالأرامل
وحيدا بعريك تحت السماء البعيده
وحيدا. كثير الأبوات،
لكنٍ لأم وحيده
لهاجر ضائعة في الرمال
مشردة عن حقول السنابل
ونبض الجداول
أشد من الماء والرمل حزنا.
*
على ظهرك الآن ترقد. بين الحياة القليلةً
والموت يأسا.
يطلٌ من السقف 'فاوست' القديم. ويسخر منك.
'تبيع كما شئت. أولا تبيع كما شاء شيطانك الذهبي.
وفرصتك الذهبية.. لا.. لن تكون الأخيرة.
سوق هي الأرض والناس لا تشتري أو تبيع
سوى سقط أرواحها.. ولديها شياطينها المنتقاة
علي كيفها!'.. ويقهقه 'فاوست' الخبيث.
يقهقه مزدريا ما تحب ومحتقرا ما تخاف
ومستمتعا بانهيار الضعاف
ومنتظرا خصب أيامه المقبلات علي عربات الجفاف
وأنت علي ظهرك الآن.. ما بين بين
من الأين توغل في ألف أين
*
وها أنت خلف الزجاج المصفح. مقهاك سيارة
الليموزين الوحيدة. سافر إذن في عروقك.
واتبع دخان سجائرك الفاخره
ولا تتبع الطرق الظاهره
قناع وراء قناع
تحاصر أوجه أحوالك الخاسره
وأسراب نمل تحاصر
أشجارك الخاسره
وأحلامك الخاسره
وليل سميك يحاصر أقمارك الخاسره
وأيامك الخاسره
وحزن أشد من الليل ليلا
يحاصر قهوتك الفاتره
وأنت.. أشد من النمل حزنا
أشد من الليل حزنا
أشد من الماء والحزن حزنا..
*
لغيرك أن يتلهى بسخف التفاصيل.. حسبك أنت اكتمال
الفجيعة. جيماً من الجهل.. جيماً من الجبن. جيماً
من الجوع. تختصر الأبجديه
وتهوي النيازك في ساحة البيتً. تحفر في مسكب الورد
قبرا. وتهتز جدران بيتك خوفا. وتحضن ما
ظل من صور عائليه
وما ظل من قسمات الهويه
لغيرك ما يتراءى على شرفة الأكاديميا ومختبر البحث
والمقعد الجامعي الوثير
وتبقى أخيرا. مع اللحظات الأخيرة. من بعض عمر قصير
أمام التفاصيل. خلف التفاصيل.. تبقي أخيرا وتبقي
بعيدا،
ويبقي..
ملاك مريض يلوب علي سطح بيتك. من وسلوي على نار سيناء. هذا الشٌواء اللذيذ امتحانك. فامضغ
إذا شئت زهدك. وانس القرابين. كل عرائسك
الفاتناتً طعامى لأسماك قرش. فلا النيل يطلب
لحم العذاري. ولا الخصب رهن ابتهالاتك الخاويه
هنا حجر الزاويه
وأنت تلوب ملاكا مريضا على باب شعبك
والريح باردة قاسيه
ولا كلب ينبح
لا باب يفتح
لا إنس. لا جن. القلب يمنح راحة رحمته الحانيه
وأنت غريب هنا. ووحيد هناك
أشد من الماء حزنا.
*
تفقد مع البرق أطراف جسمك. وانهضٍ.. عسيرى نهوض
البراكين بعد الخمود الممل.. عسيرى نهوض الضحايا
ولا تنتظر جسدا في خداع المرايا
ووهم المرايا
تفقد شرايين قلبك
وأرجاء رعبك
وحطم سراب المرايا
وغادر مع البرق أطلال حبك
حزينا. حزينا. أشد من الحزن حزنا.
*
لك الثائرون علي ساعة لاتدور. لك الشهداء.
احترس من هواة الكلام المنمق. حاذر
مراثي الصياغات بالضوء والصوت واللون.
حاذر طقوس البلاغة رقصا علي الدم. أنت تغربت
عن جوقة السيرك. لم يغوك السير فوق الحبال
ولا قفزة البهلوان
وأنت تغرب فيك الزمان
وأنت تغرب عنك المكان
وآب الطغاة
وغاب الحواة
لتمكث وحدك في ساحة الأفعوان
مليكا بلا صولجان
وطفلا.. ولا والدان
وحيدا.. غريبا.. حزينا
أشد من الماء حزنا.
*
لًمن علب الأدويه؟
لمنٍ سترة الصوف والأغطيه؟
لمنٍ هاتف الأمبولانس؟ وعنوان عائلة
الصيدلي المناوب؟ أنت تناور نأي
المدي ودنو الأجل!
لماذا؟ وكيف؟ وأين؟ وهل!
دع الأحجيه
وأسئلة القلق المزريه
فما أبدى في أزل
وألف نبي وصل
وقبلك ألف نبي رحل
أشد من الماء حزنا
أشد من الحزن حزنا
أشد من الموت حزنا.
ہ
فراشة روحك تخفق مبهورة بالرحيقي الشهي
علي فمك الأرجواني.. سيارة تسبق الضوء
في الشارع العام. تضرب عصفورة. يتناثر
في الريح ريش الأغاني القديمةً. فيلم قديم
على شاشة التلفزيون. 'فاتن' تخفق مثل
الفراشة بين ذراعي 'فريد' وأنت مريض
بما يحدث الآن.. أنت مريض. فراشة روحك
تخفق. رفٌ العصافير يخفق. قلبك مازال
يخفق. ما يحدث الآن موتى سريع يمر ببطء.
وقلبك يخفق بين العصافير والريح. ما يحدث الآن
لا يحدث الآن. عرض جديد لفيلمي قديم على شاشة
القلب. يعرض قبل حليب فطورك. فيلم قديم. وأنت
مريض. وأنت حزين
أشد من الماء حزنا.
*
تبوح لفرشاة أسنانك المرهقه
بأسرار عزلتك المطبقه
وتكتب بالمشط شيئا علي صفحات البخار.
تراك تدون فوق المرايا وصيتك المقلقه؟
أتغسل جسمك أم أنت تغسل روحك؟
حمامك اليوم طقس غريب. وروبك
يلقي عليك بنظرته المشفقه
وتزلق بين الأصابع صابونه اليأس.. ينهمر
الماء دون انقطاع علي ظهرك المنحني بالهموم
وتطبق جدران حمامك الضيقه
أتغسل جسمك. أم أنت تغسل روحك؟
وتفتح فيها جروحك
وترسم في رغوة الموت عمرا يضيق،
وترسم فوق البخار ضريحك؟
وينهمر الماء دون انقطاعي.
وأنت. أشد من الماء حزنا.
*
أتعرف؟ أخطأت حين قرأت الحياة بحبك
وأخطأت حين رأيت الوجود بقلبك
ولا. لا تقل لي 'البصيرة'. للمرء عينان
والقلب واحد
فكيف تجيد حساب المواجد؟
وكيف تحب كما ينبغي أن تحب؟ ومن لا يري يتعثر
في تعتعات الرؤى وشعاب المقاصد
فجاهد. كما ينبغي أن تجاهد!
تأمٌل بعينين مفتوحتين وقلبي بصير.
تأمٌلٍ. وكابًدٍ!
كما ينبغي. لا تكرر حماقة! 'سيزيف'. قف
في أعالي العذاب. تأمل. وراجع
وطالع. وتابع.
وشاهد!
وصارع.
حزينا. قويا كصمت المعابد
حزينا. أشد من الماء حزنا.
على الدرج اللولبيٌ غبار يغطي الرخام
المؤدي إلي باحة البرج. صمت الغبار
الكثيف دليل: هنا غربة الروح عن جسمها.
لم تطأ قدم من زماني بعيد مداخل هذا المكان
البعيد
ويا أيهذا المليك السعيد
لبؤسك آثار طيري علي قمة البرج. كيف
تقمصت هذا الغراب الوحيد؟
وها أنت يا أيهذا الغراب الوحيد الوحيد
سرقت لمنقارك الكهل تفاحة من غبار
وأنثاك ترقد في قرنة من صدوع الجدار
تئن معذبة والهه
وتشكو لقرنتها التافهه
وما من عطوري. ولا من بخوري. ولا فاكهه
وهذا الغبار
يقيم الظلام
دليلا: هنا غربة الروح عن جسمها
ومرساك ليلا علي صخرة في خليج الزمان
ومرسي الطلول على وشمها
أشد من الماء حزنا
ومن وحشةً السنديان..
*
ويروي الرواة: نشرت قميصك شمسا علي القطب
راقبت ذعر الثعالب والفقمات. ورعبك
في حضرة الدىب. لكن تجاهلت. أنت تجاهلت
صدٍع الجليد وما يفعل الطقس بالطقسً.. أنت تجاهلت
يأس الأوزون وطيش دخان المصانع. هل تستغيث؟
بمن تستغيث. وشمس قميصك تعلو. وتهوي جبال الجليدً
وتعلو مياه البحار
ويعلو علي المد مد الهلاك
وينأى جناح الملاك
وتدنو رياح الدمار
وأنت علي قمةً الأرض تقبع
لا نوح يشفع
لا فلك ينفع
لا غصن زيتونة في المدار
وأنت علي قمة الموت تذوي
وتطوي القميص على محنة القطب. تطوي
وتهوي
غريبا.. حزينا.
أشد من الماء حزنا.

Marooshe
06/02/2009, 16:58
أشدُّ من الماء حزناً
(جزء 3)

يشاؤك صمتك: وعدا
يشاؤك صوتك: رعدا
يشاؤك وجهك: نورا
يشاؤك روحك: ليلا
يشاؤك ورد الحديقة: طلعا
يشاؤك كهف الجبال: صديقا
يشاؤك سخط البراكين: صنوا
يشاؤك قلبك: سهلا
تشاؤك زيتونة الدهر: حلما
يشاؤك صخر التلال: رفيقا
تشاؤك سنبلة الحب: حقلا
يشاؤك قلب التراب: شهيدا
يشاؤك أهلك: عيدا
وماذا تشاء سوى ضجعةً الموت حرا طليقا
حزينا. أشد من الموت حزنا
أشد من الماء والموت حزنا؟
*
هناك. على سطح ليلاك قناصة معجبون بليلاك
لكنهم يرقبون قدومك في موعد الحب والقنص
(BUSINESS BEFORE PLEASURE)
وهم معجبون بجبهتك العاليه
مناظيرهم تترصٌد. حمي بنادقهم تتوعد. توق
أصابعهم يتنهد. في لهفة الصلية التاليه
وأنت تلوب عليها
وترفع عينيك كفي صلاة إليها
من الحاجز العسكري القريب
وينقذك الحاجز العسكري وألفاظ حراسه النابيه
وأغلاله القاسيه
من اللحظةً الداميه
يؤجلك الموت. لكن لموتي جديدي على موعد الحب
والقنص.. في فرصة ثانيه
وتبقي على الحاجز العسكري. سجينا حزينا
أشد من السجن حزنا
أشد من السجن والماء حزنا.
*
دع الرقم حرا طليقا. يفيض وينمو علي خانة الصفر.
لاتمتحن دورة الأرض من بادئ البدء. من خانة
الصفر. للكون أرقامه، والمدار
يفضل حسن الجوار
إذن. فاقترب من فضاء تجوب مغاليقه السفن الآهله
برواد لغز الوجود وأسراره الهائله
وبارك ملائكة الإنس والجن.. بارك
مدينة أشواقك الفاضله
وصادق تضاريس أرقامك القاحله
لعل شفيعا من الورد ينمو عليها
وحلما قديما يعود إليها
ضعً الرقم والحلم بين يديها
وغادر هواجسك الآفله؟
وأنت تموت وتذكر
كانت بلادى. وكانت قباب. وكانت قناطر
وكانت خيول. وكانت صبايا.. وكانت بيادر
تموت وتذكر
مرت جيوش. ومرت نعوش. وذابت نقوش
وغابت أواصره
وتذكر. تذكر. فصلا عجيبا
وتذكر. ليس شتاء
وليس ربيعا
ولا هو صيف
وليس خريفا
وما من شروقي. وما من غروبي
وما من وجوهي. وما من كلام
وما من ضياء، وما من ظلام
وتسأل: هل كان ذاك سلام الحروب؟
وهل تلك كانت حروب السلام؟
وتسأل كيف تموت وتذكر
طفلا عجوزا
وشيخا طفولته لم تغادر
عذاب القباب وصمت المقابر
وأنت علي الصبر صابر
وحيدا حزينا.
أشد من الماء حزنا.
*
مفاتيح بيتك أرهقها اللغز.. مفتاح قلبك: هل
يعرف الحب حقا؟ ألم يقتل الحزن حبك؟ ماذا
تكون كراهية المتعبين الذين أحبهم الظلم؟ ماذا
يكون إذن مطهر النار؟ ماذا تقول مفاتيح بيتك
هذا المهدد بالهدم، تحت كراهية الظالمين الذين
أحبهم الحب؟ كيف نحب إذن مبغضينا؟¬
تقول مفاتيح بيتك يصمت مفتاح قلبك: هل
أعرف الحب؟!
تبكي عذابا وخوفا: أحب المحبين حقا ولا أكره المبغضين
أعني إلهي! أعني علي محنة المؤمنين
أعني على لعنة العاشقين
أحب المحبين حقا. ولا أكراه المبغضين
أعني إلهي. أعني علي
وأطلق لساني. وحرر يدي
وحرر مفاتيح بيتي
ومفتاح قلبي
أغثني إلهي. أغثني ضعيفا. أغثني قويا
أغثني حزينا.
أشد من الماء حزنا.
*
بك استأنست نخلة الشغف العاليه
وزيتونه في المدى باقيه
ورشت عليك نساء الزمان
أرز الأغاني
وورد الخصوبة والعافية
وأم طموحك حشد الإرادات
واخضوضرت باسمك الباديه
فماذا عليك إذا غار رمل السراب
من الماء في البركة الصافيه؟
أتحزن؟ والشمس مصباح روحك
في عتمة العتمة الطاغيه
وشمس المسوخ شحوب ضئيل
تنوس شرارته الكابيه..
أتحزن؟ ليس لك الحزن. فاحزن
لأنك تحزن.. واعبر إلي الضفة الثانيه!
لك الآن أن تتحرر منك وتنجو منك
وتغرب عنك. لك الآن أن تستحم بعيدا
وأن تستجم بعيدا وأن تلفظ الزحمة الخانقه
إلى لحظة واثقه
علي شاطئ السخط. تجلس منحني الظل. تشرب
ماء المحيط بمصاصة الكوكا كولا. وتشرب ماء
الخليجً. وتشرب رمل الصحاري. وحيدا غريبا.. علي
شاطئ الخلق. إلا من الحزن والنفط والكوكا كولا!
تمر بك السحب الماطره
وترفع أنظارها عنك.. تحبس أمطارها عن بذور
الشياطين في أرضك الكافره
وتنهض فيك الزلازل. أنت هو الكهف. أهلك
عادوا نياما إليك. تحاصرك السرنمات. وتغفي
الزلازل. مقياس 'ريختر' يسقط في لحظة حائره
على الحد. بين خمود البراكين فيك. وبين شرايينك الثائره
على الحد.. مابين حزني وحزني
أشد من الماء حزنا..
وهذا قميصك رايتك المتربه
وغيمتك الطيبه
وتعرف كل المشاجب ياقة حسرته المتعبه
وتعرف أسراره المرعبه.
قميصك؟ أم جلدك الحي؟.. هذا المعلق
بين السماوات والأرض؟ تلك عروقك أم
هي خيطانه المجدبه؟
قميصك أم جلدك الحي؟... سيان. أدخلك الله
في التجربه!
وأدخلك الله في التجربه!
وطوق النجاة قريب بعيد
وأنت شريد طريد
وربطة عنقك أنشوطة المشنقه
وكل القضاة أدانوك. فالجأ إلي حكم
أفكارك المسبقه
ومتراس خانتك الضيقه!
وحيدا.. حزينا. تسافر في رحلة نادره
وتسقط طائرة في الهزيع الأخير من الليل
ركٌابها يسلمون جميعا وينجو من الموت طاقمها.. أنت وحدك
موتا تموت. نجوم الملائكة البيض حولك
مشفقة. تستغيث بها. لا ترد وتمضي إلي شأنها.
تتساءل في سر موتك: لكن لماذا أنا دون غيري
أموت؟ وتهمس أعماقك الخاسره:
لأنك شخص غريب علي هذه الطائره
ولم تعرف الطائره
ولم تصنع الطائره
وما أنت فيها ولست عليها،
سوي ذرة في المدى عابره..
لأنك شيء بلا آصره
بعيد.. على مقربه
وأدخلك الله في التجربه
وحيدا حزينا
*
يقول صغار الرواة: أصابتك بالعين نورية تائهه
وتروي الأساطير أنك أقلقت قيلولة الآلهه
وأغضبت حاكمك العسكري
وأنت صبي
بصرخةً حريةً تافهه
يقول الرواة وتروي الأساطير.. أصغ ولا تصغ.
كلٌ الممرات تفضي إلي البيت. والبيت يفضي إلي السجن .
والسجن يفضي إلي القبر. لكن نورية الباب
عمياء، كيف تصيبك بالعين؟ والباب ظل كما كان
من قبل أن تقرع الباب. ظل حجابا يجب السماء عن
الأرض لا. لا تصدق كلام الرواة ولا ما تقول
الأساطير. أنت ولدت من الحزن. في الحزن للحزن.
أنت ولدت لتمكث في الأرض. لكن لتمكث فيها قتيلا
حزينا أشد من الحزن حزنا
أشد من الماء حزنا..
أشد من الرمل حزنا
أشد من النخل حزنا
وأدخلك الله في التجربه
أشد من الموت حزنا
أشد من الحزن حزنا
وأدخلك الله في التجربه
أشد من الرمل والنخل والحزن والموت حزنا
بعيدا.. على مقربه
وأدخلك الله في التجربه
أشد من الماء حزنا
أشد من الماء حزنا
أشد من الماء حزنا
أشد من ال..........

..AHMAD
06/02/2009, 17:26
أغاني الدروب

من رُؤى الأثلام في موسمٍ خصبِ و من الخَيْبةِ في مأساةِ جدْبِ

من نجومٍ سهرت في عرشها مؤنساتٍ في الدّجى قصةَ حبِّ

من جنون اللّيل.. من هدأتهِ من دم الشّمس على قطنة سُحْبِ

من بحار هدرتْ..من جدولٍ تاهَ..لم يحفل به أيُّ مَصَبِّ

من ذؤابات وعت أجنحةً جرفتها الريح في كل مهبِ

من فراش هامَ في زهر و عشبِ ونسورٍ عشقت مسرحَ شُهب

من دُمى الأطفال.. من ضحكاتهم من دموع طهّرتها روحُ رَبِّ

من زنود نسّقَتْ فردوسها دعوةً فضلى على أنقاض حرب

من قلوب شعشعت أشواقها شُعلاً تعبرُ من رحب لرحب

من عيون سمّمت أحداقها فوهةُ البركان في نظره رعب

من جراحاتٍ يضرّي حقدَهـا ما ابتلى شعبٌ على أنقاض شعب

من دمي.. من ألمي.. من ثورتي من رؤاي الخضرِ.. من روعة حبّي

من حياتي أنتِ.. من أغوارها يا أغانيَّ ! فرودي كل درب

Marooshe
06/02/2009, 19:03
جيل المأساة


هنا.. في قرارتنا الجائعهْ
هنا.. حفرت كهفها الفاجعهْ
هنا.. في معالمنا الدارساتِ
هنا.. في محاجرنا الدامعهْ
نَبوخَذُ نصّرُ و الفاتحون
وأشلاء رايتنا الضائعهْ
فباسمكَ يا نسلَنا المرتجى
و باسمكِ يا زوجنا الضارعه
نردُّ الزمان إلى رشده
و نبصق في كأسه السابعه ش
و نرفع في الأفق فجر الدماء
و نلهمه شمسنا الطالعه !

..AHMAD
06/02/2009, 19:09
ما زال

دم أسلافي القدامى لم يزل يقطـــرُ منّي

و صهيل الخيل ما زال ، و تقريعُ السيوفْ

و أنا أحملُ شمساً في يميني و أطــوف

في مغاليــقِ الدّجى.. جرحاً يغنـّي !!

Marooshe
08/02/2009, 21:16
كرمئيل



كرمئيــل
((مدينة الحقد و الجوع و الجماجم))
صباحَ مســاء
يطالعنا.. و جهُها و السماء
و نبسمُ.. لا بسمةَ الأغنياء
و لكنها بسمةُ الأنبياء
تَحدّاهم صالبٌ تافه
يغطي الشموس.. ببعض رداء !
***
غداً.. يا قصوراً رست في القبور
غداً يا ملاهي,, غداً يا شقاء
سيذكر هذا التراب، سيذكرُ
أنّا منحناهُ لون الدماء
و تذكر هذي الصخور رعاةً
بنوها أدعيةٍ من حداء
و تذكر أنّا..
***
هنا سِفرُ تكوينهم ينتهي
هنا.. سفر تكويننا.. في ابتداء !

Marooshe
12/02/2009, 02:09
البيان قبل الأخير



البيان قبل الأخير عن واقع الـحال مع الغزاة الّذين لا يقرأون
----------------
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
يَوْمُ الْحِسَابِ فَاتَكُمْ
وَبَعْثَرَتْ أَوْقَاتَكُمْ
أَرْقَامُهَا الْمُبَعْثَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
تَدَفَّقُوا مِنْ مَجْزَرَهْ
وَانْطَلِقُوا فِي مَجْزَرَه
أَشْلاَءُ قَتْلاَنَا عَلَى نَهْرِ الدِّمَاءِ قَنْطَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
تَزَوَّجُوا دَبَّابَةً
وَأَنْجِبُوا مُحَنْزَرَهْ
وَحَاوِلُوا
وَعَلِّلُوا
وَقَاتِلُوا
وَقَتِّلُوا
كُلُّ شَهِيدٍ غَيْمَةٌ
تَصْعَدُ مِنْ تُرَابِنَا
تَهْمِي عَلَى حِرَابِكُمْ
وَمَرَّةً أُخْرَى وَرَاءَ مَرَّةٍ أُخْرَى
يَعُودُ غَيْمَةً مِنْ بَابِنَا
كُلُّ شَهِيدٍ غَيْمَةٌ
كُلُّ وَلِيدٍ شَجَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
يَا أَيُّهَا الآتُونَ مِنْ عَذَابِكُمْ
عُودُوا عَلَى عَذَابِنَا
عُودُوا إِلَى صَوَابِنَا
أَلشَّمْسُ فِي كِتَابِنَا
فَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرَ هَذَا اللَّيْلِ فِي كِتَابُكُمْ
يَا أَيُّهَا الآتُونَ مِنْ عَذَابِكُمْ
لاَ. لاَ تَعُدُّا الْعَشَرَهْ
وَغَازِلُوا قَاذِفَةً
وَعَاشِرُوا مُدَمِّرَهْ
وَأَتْقِنُوا الْمَكَائِدَ الْمُحْكَمَةَ الْمُدَبَّرَهْ
خُذُوا دَمِي حِبْرًا لَكُمْ
وَدَبِّجُوا قَصَائِدَ الْمَدِيحِ
فِي الْمَذَابِحِ الْمُظَفَّرَهْ
وَسَمِّمُوا السَّنَابِلْ
وَهَدِّمُوا الْمَنَازِلْ
وَأَطْلِقُوا النَّارَ عَلَى فَرَاشَةِ السَّلاَمْ
وَكَسِّرُوا الْعِظَامْ
لاَ بَأْسَ لَوْ تَصِيرُ مَزْهَرِيَّةً
عِظَامُنَا الْمُكَسَّرَهْ
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ
مَنْ أَوْصَدَ السِّحْرَ عَلَى قُلُوبِكُمْ؟
مَنْ كَدَّسَ الأَلْغَازَ فِي دُرُوبِكُمْ؟
مَنْ أَرْشَدَ النَّصْلَ إِلَى دِمَائِنَا؟
مَنْ دَلَّ أَشْبَاحَ الأَسَاطِيرِ عَلَى أَسْمَائِنَا؟
مَنْ أَشْعَلَ الْفَتِيل؟
مَنْ لاَطَمَ الْقَتِيلَ بِالْقَتِيلْ؟
لاَ تَسْأَلُوا
لاَ تَقْبَلُوا
لاَ تَعْبَأُوا بِالدَّمْعَةِ الْمُفَكِّرَهْ
وَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
مِنْ هَهُنَا كَرَّتْ جُيُوشٌ مِثْلَكُمْ
وَهَهُنَا فَرَّتْ جُيُوشٌ قَبْلَكُمْ
فَاقْتَحِمُوا
وَالْتَحِمُوا
وَأَخْطِئُوا
وَاتَّهِمُوا
مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا لَكُمْ
قَاضٍ، بِمَا تَرَوْنَهُ حَقًّا وَعَدْلاً يَحْكُمُ
وَنَحْنُ لَسْنَا غَيْرَ اُسْطُوَانَةٍ مُكَرَّرَهْ
أَقْوَالُنَا. فِي عُرْفِكُمْ. مُزَوَّرَهْ
كُوشَانُنَا، شُهُودُنَا، عُقُودُنَا مُزَوَّرَهْ
وَجَدُّنَا مُزَوَّرٌ
وَأُمُّنَا مُزَوَّرَهْ
وَلَحْمُنَا وَدَمُّنَا شَهَادَةٌ مُزَوَّرَهْ
لاَ.. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
جِئْتُمْ
إِذَنْ، فَلْيَخْرُجِ الْقَتْلَى إِلَى الشَّوَارِعْ
وَلْيَخْرُجِ الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ.. لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ الأَقْلاَمُ وَالدَّفَاتِرُ الْبَيْضَاءُ
وَالأَصَابِعْوَلْتَخْرُجِ الْمَكَاحِلْ
وَخُصَلُ النَّعْنَاعِ وَالْجَدَائِلْ
وَلْتَخْرُجِ الأَفْكَارُ وَالأَشْعَارُ وَالآرَاءُ
وَالْفَصَائِلْ
وَلْيَخْرُجِ الْمُنَظِّرُ الْمُبَشِّرُ الْمُقَاتِلْ
وَلْتَخْرُجِ الأَحْلاَمُ مِنْ كَابُوسِهَا
وَلْتَخْرُجِ الأَلْفَاظُ مِنْ قَامُوسِهَا
وَلْتَخْرُجِ الْبُيُوتُ وَالْوَرْشَاتُ والْمَزَارعْ
وَلْتَخْرُجِ الْمِحْنَةُ وَاللَّعْنَةُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ النَّكْبَةُ وَالنَّكْسَةُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْيَخْرُجِ الدَّجَاجُ وَالسِّيَاجُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ الْبُطُونُ وَالأَفْخَاذُ وَالأَحْلاَفُ
وَالأَحْزَابْ
وَلْتَخْرُجِ الأَدْيَانُ وَالشَّرَائِعْ
وَلْتَخْرُجِ الأَشْيَاءُ وَالأَسْمَاءُ وَالأَلْقَابْ
وَلْيَخْرُجِ الْحُبُّ عَلَى أَجْنِحَةِ الضَّغِينَهْ
أَبْيَضَ فِي أَزِقَّةِ الْمُخَيَّمْ
أَسْوَدَ فِي كُوفِيَّةِ الْمُلَثَّمْ
أَخْضَرَ فِي حَارَاتِنَا الْحَزِينَهْ
أَحْمَرَ فِي انْتِفَاضَةِ الْقَرْيَةِ
وَالْمَدِينَهْ
وَلْتَخْرُجِ الأُهْزُوجَةُ الشَّعْبِيَّهْ
وَلْتَخْرُجِ الْقَضِيَّهْ...
حِئْتُمْ
إِذَنْ فَلْتَخْرُجِ السَّاحَاتُ وَالشَّوَارِعْ
فَيْضًا مِنَ النُّورِ
عَلَى الْعَتْمَةِ فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
سَدًّا مِنَ اللَّحْمِ
عَلَى مَدٍّ مِنَ الْفُولاَذِ وَالْمَطَامِعْ
أَلْكُلُّ.. لِلسَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
وَالْكُلُّ.. فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
وَلْتُدْرِكِ الْمَصَارِعُ الْمَصَارِعْ
وَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
جِئْتُمْ
إِذَنْ فَلْيَأْخُذِ الْفُولاَذُ مَا يَشَاءْ
وَلْتَأْخُذِ الْهِرَاوَةُ الْحَمْقَاءْ
وَلْيَأْخُذِ الْمَطَّاطُ وَالرَّصَاصْ
وَلْتَأْخُذِ الأَسْلاَكُ وَالْغَازَاتُ مَا تَشَاءْ
أبْرَقَتِ الْكَآبَهْ
فِي أُفُقِ الْكَوَارِثِ الصَّمَّاءْ
وَأَرْعَدَتْ إِرَادَةُ الْخَلاَصْ
فَلْتَخْتَصِرْ تَارِيخَهَا السَّحَابَهْ
وَلْتُمْطِرِ الدِّمَاءْ
وَلْتُمْطِرِ الدِّمَاءْ
وَلْتُزْهِرِ السُّفُوحُ وَالسُّهُولُ وَالْوِدْيَانْ
قَتْلَى وَزَيْتُونًا وَزَعْفَرَانْ
وَلْتَقْدَحِ الشَّرَارَهْ
بِحِكْمَةِ الْحِجَارَهْ
وَلْيَخْتَرِعْ إِنْسَانَهُ الإِنْسَانْ
فَلاَ تَعُدُّا الْعَشَرَهْ
وَلاَ نَعُدُّ الْعَشَرَهْ
تَرَاجَعَ الصِّفْرُ إِلَى الصِّفْرِ
انْطَلِقْ
مِنْ قُمْقُمِ الْمَوْتِ
إِلَى سَمَائِكَ الْمُحَرَّرَهْ
وَأَرْضِكَ الْمُحَرَّرَهْ
عِمْلاَقُنَا مِقْلاَعُنَا
مِقْلاَعُنَا عِمْلاَقُنَا
وَلاَ تَعُدَّ الْعَشَرَهْ
لاَ
لاَ تَعُدَّ الْعَشَرَهْ!!