حسون
25/02/2005, 14:08
حزب العمل الشيوعي في سورية
الحوار المتمدن - العدد: 951
"بيان" حول مسألة حزب يساري من طراز جديد
ما نقوله هنا لن يكون شيئاً مختلفاً عما جاء في جريدتنا " الآن ".. لكنه سيأخذ بعين الاعتبار بعض التطورات والشروط الجديدة الهامة نسبياً. كما سنحاول من خلاله إزالة كل التباس يثيره البعض عفو الخاطر أو قصداً.. وكل التباس يحتمله ما كتبناه بالذات.
- في مسار ومحطات تطور ظاهرة الحلقات الماركسية إلى حزب العمل الشيوعي.. بذلت جهود (نظرية – سياسية – تنظيمية – وميدانية) كبيرة وجادة للإجابة على عدد من الأسئلة والقضايا الهامة – بل الحاسمة في مسألة الحزب.. سجلنا ذلك في عدد من المطبوعات لما أسميناه في حينه (خط نظري سياسي) أو (موضوعات استراتيجية). أهم تلك العناوين (الحركة الشيوعية المحلية) (لماذا رابطة العمل الشيوعي) (جدل بناء الحزب الشيوعي الثوري في الساحة السورية) واجهنا فيه الأسئلة والقضايا الأكثر حرجاً.. التي نعرف أننا سنسأل عنها فقمنا بعملية بحث شامل ومحدد في وضع الحزب الشيوعي السوري، تاريخه، أزمته. انقساماته والأسباب.. آفاق تطوره .. ناقشنا ظاهرة اليسار الجديد من خارج الحزب.. وموضوعية هذه الظاهرة سماتها.. علاقتها بظاهرة اليسار العالمي، ثم مسحاً وتحديداً للحالة الاجتماعية، الطبقية السياسية في سوريا وضرورة وجود حزب شيوعي ثوري. طرحنا مفهوم التعددية في الحركة الشيوعية المحلية، أيضاً في إطار أحزاب الديموقراطية الثورية ومآلاتها (حركة 23 شباط) (وحزب الاتحاد الاشتراكي) .. وعلاقة تلك التعددية بعجز الحزب الشيوعي الرسمي عن التعبير الموحد نضالياً وبرنامجياً للحالة الاجتماعية الطبقية السياسية، عجزه عن ملء الفراغ الموضوعي والذاتي لحتمية وجود خط يساري وممارسة حزبية متوافقة، ثم بحثنا حالة التعددية الطبقية الفئوية اجتماعياً والانتشار الواسع للفئات البينية في سوريا ودلالات ذلك، دوره الموضوعي في خلق التعددية الحزبية.. ناقشنا سبل تجاوز هذه الإشكالية. .وصولاً إلى ضرورة قيام رابطة العمل الشيوعي بالمعنى الموضوعي والذاتي.. بسبب غياب التحقق في جدل بناء الحزب الثوري المعني.. مع ضرورة استمرار جهودنا في شتى الميادين لتحقيق ذلك الجدل.. والتنبه إلى أولوية العام على الخاص فيه.. وحاولنا جادين أن نلعب دوراً متميزاً وهاماً.. من خلال مبادراتنا على الأحزاب الأخرى.. من خلال الحوار مع برامجها.. ممارساتها.. وردود فعلها..
- وهكذا تمثلت وجهة نظرنا بأن هناك تعددية فصائلية ثورية.. أي لا يوجد حزب شيوعي ثوري وحيد، أو فصيل بعينه قادر على أن يلعب دور الحزب الوحيد، لكل دوره وقيمته في ذلك الجدل.
- ورأينا بأن تلك الفصائل ستدخل مع الشروط السياسية والاجتماعية في الوطن.. ومع بعضها بجدل خاص.. سيقدم كل منها فيه الجانب الكامن أو الظاهر من الشروط والامكانات المناسبة لبناء الحزب.. وصولاً إلى الدمج والاندماج.. وفي حالة العكس.. العجز والتعالي، والتصورات الخاطئة لدور الذات .. فإن هذا الفصيل أو الحزب سيتراجع.. سينكشف وضعه. سيتحول إلى حالة محدودة ضيقة "دكان" .. وقد لا يفقد كلياً بعض دور في ذلك بحكم استمرار التحولات الداخلية ووجود تيار متنبه لقيمة تلك الحاجة والدور.. لكن وجدنا أن الأمر يحتاج في الأساس لوعي واضح. يحتاج لممارسة جادة ولا نعتبر ذلك وعياً ذاتياً "إرادياً" كما يعتقد البعض.. فالفعل الإرادي الواعي المتوافق مع حاجات الواقع الموضوعي والضرورات.. له اسم آخر ووصف آخر.
- كنا صادقين ومنسجمين مع فهمنا وأطروحتنا، عندما اعتبرنا بالتحليل الملموس أن فصيل (المكتب السياسي) قد تجاوز كل الإشكالات التي خرج بها من الانقسام ووصل بعد التدخل السوري في لبنان من زاوية الموقف السياسي وتغيير برنامجه القديم إلى حالة الفصيل اليساري الأكثر قرباً إلينا.. ونستطيع التعايش في صفوفه والاندماج معه.. عرضنا مبادرة واضحة، صريحة، ومباشرة عام 1977.. لتحقيق وعينا ذلك. .قمنا بالأمر على الرغم من كل الجهود التي بذلناها لتكوين فصيل رابطة العمل الشيوعي.. والعصبيات المتكونة على ذلك الصعيد.. وقلنا للرفاق أننا جاهزون للانضمام إلى صفوفهم كأفراد بدون اشتراطات التقاسم الندي للمؤسسات القيادية على ضوء المستوى الكمي لكل تنظيم.. وضوء معرفتنا الجيدة أو المقاربة لذلك.. نريد تحقيق أو تأمين شرط وحيد شرط وجود نشرة حوار داخلي.. نريدها في يد الأقلية.. أي في يدنا لأننا سندخل الاندماج على خطهم النظري – السياسي – التنظيمي – وكانت هناك خلافات بيننا لكننا لم نكن نرى بها أسباباً مانعة من الإندماج.. نستطيع أن نبدأ كأقلية مع الثقة التامة بآفاق الحوار الداخلي المتاحة في حال وجود تلك النشرة وتوفر الآلية الديموقراطية لعملها. .كنا على ثقة أننا نطرح مشروعاً هاماً ودنيامياً جداً في تأثيراته ومفاعليه.. رفض الرفاق المبادرة كلياً.. بل قطعوا الحوار الرسمي.. ولم يذكروا أبداً لرفاقنا المحاورين صراحة أسباب كل ذلك.. بل عمموا موقفهم داخلياً وخارجياً من رابطة العمل الشيوعي.. بصورة شفهية، كواليسية وفي الأجواء الخاصة مع حملة اتهامات سيئة جداً.. ابتغت التصفية..
استمرت طويلاً (دون أي مراجعة نقدية، دون أي اعتذار) وتركت آثاراً سلبية كبيرة. لم يكتفي الرفاق بذلك.. بل سحبوا علينا حقهم في الفيتو لمنع انضمامنا إلى التجمع الوطني الديموقراطي.
تابعنا لاحقاً جهودنا ومحاولاتنا لأخذ دورنا في ذلك الجدل.. ودخلنا أيضاً بعملية حوارية استهدافية راقية مع التنظيم الشعبي الناصري.. لها حكايتها الخاصة.. كما سمعنا لاحقاً أن محاولة طرحها الدكتور جمال الأتاسي بوثيقة سميت "بالوثيقة الأساسية" لتحويل التجمع إلى حزب.. اعتبرنا ذلك خطوة هامة.. منسجمة في الكثير من جوانبها مع فهمنا وتوجهنا (بالتغاضي الآن عن التقييم الدقيق لمحتوى تلك الوثيقة وظروفها..) المبادرة بحد ذاتها جريئة وهامة.. والحوارات المفتوحة كفيلة بإجراء تطورات هامة عليها.. فهمنا من الرفاق في الاتحاد الاشتراكي.. ومن كتابات هنا وهناك (بشكل خاص ملف في الآداب وما كتبه حولها شمس الدين كيلاني) كيف أجهض المشروع.. كيف تراجعت الفكرة.. لينطلق كل طرف في التجمع للتركيز على حالته الذاتية مراجعة، نقداً وتطويراً.. طرح مشاريع موضوعات، مشاريع برامج.. إعداد لمؤتمرات.. جرى كل ذلك دون أن نلحظ كلمة واحدة أو أي مستوى من الجهد النظري – السياسي – التنظيمي – حول وجود تعددية يسارية وضرورة الارتقاء بحالتها إلى حزب موحد..
- في محاولتنا الأخيرة لإعادة نشاطنا السياسي – التنظيمي أكدنا أن فهمنا السابق لا يزال يحتفظ بالكثير من قيمته. .بخصوص التعددية.. وضرورة طرح مبادرات ومشاريع تصل الحد الأقصى من المرونة والتقاطع.. حتى الإندماج – بل نراها الآن في هذه الشروط أكثر ضرورة وأهمية من الماضي.. وعبرنا عن ذلك بالعديد من المقالات في "الآن" ..
المتعلقة بمسألة الحزب.. نظريته، وظائفه، جدله الخاص في الساحة السورية من منظور حزب يساري جديد.
0 تأكيداً لوجهة نظرنا قناعتنا والتوافق بين المفهوم والممارسة – طرحنا علىالأطراف الأكثر قرباً منا.. والتي نعتقد أن لها دوراً فعلياً في مسألة (حزب يساري جديد).. طرحنا عليها مشاريع عمل مشتركة.. قبل أن ينطلق كل منا للاهتمام بمراجعته الخاصة.. موضوعاته.. برنامجه.. مؤتمره الذاتي.. ولا نزال نحاول هذا الأمر بكل جدية .
- إن فهمنا ذاك وحرصنا على الممارسة جعلنا نؤخر الكثير من الخطوات في إطارنا الذاتي.. أو مشروعنا.. كنا نفضل العام على الخاص في الكثير من المسائل.. هكذا خسرت وجهات نظر عديدة لدينا كانت ترى .. ضرورة عدم توقفنا عن تطوير ذاتنا.. وعدم رهن ذلك بردود فعل الآخرين.. ترى ضرورة عقد مؤتمر تداولي سريع في شروط الانفتاح السورية الجديدة والتقدم عبر هذا الطريق.. إلى جدل بناء الحزب.. وكانت الشروط في حينه مناسبة لعقد مثل ذلك المؤتمر والقيام بمراجعة وطرح خط نظري – سياسي جديد مع برنامج .. إلخ.. وعدم القيام بذلك سيعني المزيد من التدمير في صفوفنا.. وقد يعني تراجع الشروط وعدم استمرارها مناسبة لذلك.. وفي ذلك السياق فهمت مشاريع بعض الرفاق لعقد مؤتمر تداولي.. أو الاستنهاض . .أو الاهتمام بالذات – فهمت وكأنها تعني التخلي عن وعينا القديم لمسألة جدل بناء الحزب... فهمت وكأنها إدارة للظهر إلى الفصائل الأخرى.. كما فهمت إعادة لحزب العمل القديم شكلاً ومضموناً.. في الحقيقة لم يكن أي مشروع ذاتي فيها قد تخلى عن جدل التعددية.. ولم يكن أي مشروع فيها قد تجاهل التطورات المذهلة في العالم.. وضرورة المراجعة والتوافق معها.. أي أن كل شيء مفتوح في المراجعة..
- إن وجهة نظرنا الجديدة أو المقاربات الرئيسية التي اعتمدناها في إعادة نشاطنا السياسي – التنظيمي – كان طبيعياً جداً أن تكون وفية للحاجات الموضوعية والمفاهيم المعمقة والواضحة في مسألة الحزب.. أن تكون وفية للعمل التنسيقي المشترك حتى حدود عمليات التوحد مع فصائل أخرى.
لكن البعض النادر من الحالات الفردية كان يتصور أن واجبنا في انطلاقتنا الجديدة إعلان موت الحزب، موت الظاهرة، موت كل تراكم دمجي فيها.. واعتبار أنفسنا مجرد أفراد من ظاهرة جديدة في الوطن.. أن نعتبر أنفسنا متحررين من تجربة حزب العمل ويبحث كل لوحده عن قناعات وأفراد مشابهين له.. وتكوين ظاهرة جديدة.. أو الانضمام إليها إن وجدت.. فكل شيء قد تطور.. الأحزاب القديمة ماتت.. وماتت معها نتاجاتها وطريقة تفكيرها ووسائلها.. فلنمزق كل شيء.. الإطارات.. المصطلحات .. الرموز والدلالات.. التاريخ..
- قلنا لأصحاب ذلك الرأي.. اثبتوا أن المبادرة وإعادة الإنتاج والمراجعة والحراكات السياسية هي الآن خارج حتى الأحزاب والفصائل القديمة.. أثبتوا أن هناك ظاهرة معممة وطنياً على صعيد مفهوم جديد ونشاط جديد لحزب يساري.. كي ننضم إليها.. ولننهي كل ارتباطاتنا الأخرى السياسية والأخلاقية ومستوى العصبيات.. إلخ..
- كانت الحقائق تؤكد أن حزب العمل على الرغم من كل ما جرى له. .لا يزال الظاهرة التي تستحق الاهتمام.. على الرغم من محاولات السلطة تدميره بالتعذيب الشديد – المعتقلات الإشاعات.. وعلى الرغم من مواقف بعض قوى المعارضة ذات الطابع الاستئصالي.. والاتهامات اللاأخلاقية (بدون اعتذار حتى الآن).. واستمرار نهج اللاتنسيق مع حزب العمل.. بل إجراء التنسيق مع منتديات ولجان.. (مؤسسات أدنى من حزب) على اعتبارات مختلفة..
قلنا أن هناك تراكم هام جداً في تاريخ وتجربة حزب العمل في الميادين النظرية- السياسية – التنظيمية والكفاحية- تراكم من الصعب اعتباره قد تحول إلى هباء أو قد تبدد.. من الصعب اعتباره في حالة الصفر أو ما قبل الصفر. .إنه يمتلك شروط الحد الأدنى مثل غيره إن لم يكن أكثر رقياً ليبدأ مراجعته ويطور ذاته.. خاصة وأنه يمتلك فهماً موضوعياً عميقاً لجدل بناء الحزب.. ويمتلك الجرأة الأدبية والذهنية كما امتلكها دائماً لطرح مبادرات ومشاريع توحيدية.. وأكدنا بنشاطنا الجديد أننا جاهزون لأي حوار أو تنسيق.. جاهزون لنمضي مع أي وجهة نظر قادرة على سحبنا أو أخذنا معه.. جاءت من حزب آخر.. أو مجموعة – أو أفراد – وفي نفس الوقت لا نستطيع إلزام أحد بأولوياتنا.. فالآخر حر بخياراته وأولوياته.
- ومنذ أكثر من سنتين حاولنا بدء نشاطنا بورقة، بخطة عمل للمراجعة أسميناها "ورقة حوار تداولي" شرحنا فيها تصورنا وطريقتنا، كان ذلك قبل أن يبدأ رفاق (المكتب السياسي) صياغة موضوعاتهم.. فعلنا ذلك على ضوء فهمنا لما نسميه روح ومنطق حزب العمل وقلنا أن المراجعة ستكون من "تحت لفوق" بمعنى .. تحديد العناوين الرئيسية والفرعية للخط النظري السياسي ومسألة البرنامج. .تحديد أولوياتها.. ليبدأ حولها الحوار بين المجموعات الرفاقية والمهتمين بمسألة حزب يساري.. مع تداول وتعميم كل نتاج جزئي على المجموع هكذا وصولاً إلى رأي أكثرية.. ذلك الرأي الذي سنعممه للحوار المركزي حوله مرة أخرى من "فوق لتحت" هذه المرة.. ذلك إلى جانب وجهات نظر الأقليات.. مع كامل الترتيبات المطلوبة لدخول المؤتمر وإنهاء المرحلة الانتقالية.. وأكدنا في الورقة المعنية أن أولوياتنا غير ملزمة للآخر.. فالأمر مفتوح على تصورات الآخرين ووعيهم.. مفتوح على قدراتهم في التأثير الواسع والعميق داخل إطارنا وتجربتنا الجديدين.. وأكدنا في نفس الورقة أننا مستعدون دائماً للدخول في عملية إعداد لمراجعات مشتركة.. ومؤتمرات مشتركة مع الأطراف والقوى اليسارية التي نعتقد أنها داخلة فعلياً في عملية بناء حزب يساري جديد.. لكننا لن نرهن الأمر هذه بالأوهام.. على الرغم من كل ذلك أخرنا طويلاً عملية إعادة نشاطنا كي لا نخلق عصبيات جديدة ربما تساهم سلباً في جدل بناء الحزب.. بالمقابل طرحنا مبادرات عديدة لأعمال تنسيقية ومشتركة في الميدان الحزبي.. لم نتلقى أي جواب عليها..
- هكذا وجدنا أنفسنا مضطرين لتطوير ذاتنا.. النقاط شروط الحد الأدنى في تجربة الحزب ووقف عمليات الانتظار، الإهمال.. والمساهمة الإرادية في تدمير تجربتنا. .بينما يتابع غيرنا عمله الذاتي، الخاص.. دون الالتفات إلى أولويات العام.. دون الاهتمام بمبادراتنا .. دون الاهتمام بشأن العمل الحزبي اليساري الموحد.. فقمنا بعدد من الخطوات والوعود.. كنا نراجعها دائماً من الحركة خوفاً من الخطأ، خوفاً من تركيز العصبيات، خوفاً من الابتعاد عن روح فهمنا للمسألة المطروحة.. وعلى الرغم من الردود الهامة، الأساسية والموسعة التي وصلتنا على "ورقة حوار تداولي" ورقة مراجعتنا الخاصة.. فإننا أجلنا عملية تعميمها .. وفضلنا النشاط السياسي – التنظيمي التدريجي.. فضلنا تفعيل إطارنا ودائرة المهتمين بتجربتنا.. والمهتمين فعلياً بالعمل اليساري.. كان ذلك خطوة ضرورية لتنظيم عملية المراجعة بحد ذاتها بصورة صائبة.. ضرورياً لحماية طاقاتنا.. كذلك لتطوير دورنا الممارس في الحراكات القائمة في الوطن والسعي لتطوير عمل المعارضة الديموقراطية.. وبمراقبتنا الدقيقة للمشاريع الذاتية في مراجعات فصائل اليسار وتوجهاتها السياسية والتنظيمية. وجدنا أن مهاماً إضافية تقع على عاتقنا وعاتق مجموعات أخرى جادة في مسألة حزب يساري، بدا ذلك واضحاً بالنسبة لنا على إثر موضوعات رفاق المكتب وجملة التطورات اللاحقة في صفوفهم نظرياً وتنظيمياً.. فحاولنا من جديد جهداً لنوسع دائرة المراجعة المشتركة.. فكرياً – سياسياً، دائرة المشاريع الدمجية مع الحد الأقصى من المرونة- وهناك الآن تجاوب جاد من أكثر من جهة.. يصبح واجبنا حماية الأمر والتشجيع عليه.. إن ذلك لن يكون باستعجالنا بخطواتنا الذاتية.. كيف؟
- كان من المفترض إصدار ورقة عمل المراجعة بالعناوين الرئيسية والتفصيلية.. ومنطق الترابط بين العام والخاص واسم الموضوعات الجديدة على إثر التطورات العالمية والمحلية.. مع الإشارة على الموضوعات المطلوب التركيز الإضافي عليها. .ثم الأولويات.. إن هذا الأمر ناجز.. لكننا نؤجله الآن لإعطاء الخطوات الحوارية المشتركة الجديدة مع بعض الأطراف فرصتها التامة لخلق ترابط نسيجي.. وفي الأمر مكسب للجميع من جهتنا نعتبر الأمر ضرورة للتشارك الندي الديموقراطي لجهة كل طرف وحالة لها دور في مسألة الحزب.. وبذلك نتراجع عن أي تصورات أو خطأ لدينا يحتمل التعالي.. يحتمل المصادرة وإلغاء الآخر، كذلك لاعتقادنا أن أي خطوة مشتركة حتى ولو مع مجموعة صغيرة فإنها ستخلق مصداقية ودينامية مختلفة عن الماضي.
- إذن نحن نؤجل الآن بعض خطواتنا التنظيمية الذاتية للمراجعة لصالح العام.. لصالح المشاريع الحوارية الجديدة.. إننا ندخل هذه المشاريع بكل الجرأة الذهنية والأدبية والأخلاقية.. بكل الندية الرفاقية .. هكذا لا ندخلها بوعي مسبق منسق، محدد.. ليس فقط لأننا لم ننجز مراجعتنا.. أو لأننا لا نمتلك خطأ وبرنامجاً إذ أكدنا أن هذا شيء سهل بالنسبة لنا.. وكنا نستطيع فعل ذلك في المقالات الثلاثة النقدية على موضوعات رفاق المكتب أي أن نجعل منها بسهولة شديدة مع شيء من التعديل والتطوير.. مادة موازية.. مادة موضوعات تحدد خطنا وتوجهنا ومراجعتنا. أو نستطيع ذلك الآن ونحن نرد على الورقة السياسية لمجموعة قاسيون.. لكن حرصنا على العمل المشترك، وحرصنا على طريقة المراجعة من تحت لفوق والإشراك الندي الديموقراطي "للآخر" فيها.. كما يعتقده صائباً.. ويجعلنا نتقدم إلى الحوار بهذه الطريقة المفتوحة والحرة..
- إن العملية المفتوحة السابقة .. وعملية تأجيل جهدنا وخطتنا الذاتية "والإضطراب" الذي قد يبدو على رفاقنا المحاورين من غير العادة فيما يتعلق بحزب العمل.. كل ذلك نعتقده الآن طبيعياً في أي مشروع حوار مشترك مع أي طرف آخر.. ونحن لا نخشى من هذا.. بل نوجه الدعوة لكل الفصائل والأطراف اليسارية والمجموعات لدخول هذه العملية بهذه الروحية، روحية الاستعداد المفتوح للتفاعل، روحية الموقف غير المسبق، والموقف غير الاستعلائي "أنا الحزب..أنا الصائب أنا صاحب الحظ أو الموضوعات الجاهزة.. تعالوا إلي!".
لكن ذلك لا يعني أبداً أننا سنفعل أو سنهمل الخطوات الذاتية الضرورية في أهم مسائل المراجعة.. أو أهم مسائل النشاط السياسي – التنظيمي .. هذا لا يعني أننا سندخل عملية انتظارية تسويفية مفتوحة أو مديدة بدون حسابات.. إن ما حددناه حتى الآن في مسائل (الموقف من النظام – عمل المعارضة الديموقراطية وسبل تطوير نشاطها ومؤسساتها – تقسيم العمل الدولي، العولمة، ومخططات الإدارة الأمريكية – الموقف من العامل الخارجي بكل اتجاهاته خططه ووسائله وتأثيره على العمل الوطني – الموقف من مسألة بناء حزب يساري) والتي نعتبرها المسائل الأكثر أهمية في العمل الحزبي والسياسي.. ونعتبرها أساساً في أي حوار مشترك..
- لكنها ليست نهائية أو مغلقة وكافية عندما تكون بصدد التحديد النهائي للخط النظري – السياسي والبرنامج والمفاهيم الدقيقة . لكننا في نفس الوقت لا نعتقد أبداً أن هناك طرفاً واحداً في الساحة من الأطراف المعنية بحزب يساري .. يمتلك فهماً محدداً ونهائياً في كل ذلك.. فإن كان هذا مزية فهو للجميع وإن كان مأخذاً فهو على الجميع.. حتى موضوعات رفاق المكتب من الواضح أن الخلاف حولها شديد ويصعب جمع كل الإطار عليها.. خاصة بعد التمفصلات الأخيرة على مسائل تنظيمية – سياسية عديدة – والموضوعات تصبح نهائية عندما تقر في مؤتمر – أليس الجميع في حالة مراجعة وتطوير.. نحن الآن نفضل المراجعة المشتركة.. نفصل الأولوية في الخطوات العامة، وعلى هذا الأساس نؤجل بعض وعودنا لثقتنا أن العمل المشترك الذي نقوم به مع البعض سيكون فعالاً.. في الحد الأدنى سيكون مفيداً في تدقيق وكشف جدل بناء حزب يساري. في كشف أهمية تصوراتنا، وفي تشجيع آخرين، خاصةً وأن عملنا السياسي التنظيمي في تطور وارتقاء. ونحاول السير بالسياقين معاً .
- ومن أجل تطوير وحماية وإنجاز العمل المشترك الجديد الذي نقوم به مع البعض من صف اليسار المعارض نتقدم ببعض التصورات والخطوات للحوار حولها، لأن ما سنتفق عليه بصورة مشتركة سيمثل بالنسبة لنا جزءاً من خطة عملنا وله الأولوية.
1- هناك ضرورة في البداية لإجراء حوار معمق وشامل في موضوع اليسار، كخط نظري سياسي تنظيمي له ضرورة موضوعية حيث هناك أي مستوى للصراع الطبقي- الاجتماعي وحيث هناك ضرورة لعمل مجتمعي شامل، تلك الضرورة الموضوعية تقتضي حواراً حول طبيعة الذات التي يجب أن تملأ الفراغ أو الحاجة الموضوعية، ولنرى إن كانت هذه الذات غائبة أم قائمة فعلياً وما هي سماتها المطلوبة، هل لها جدل خاص في التكون؟ من هي الأطراف التي يجب أن تقوم به؟ ديناميات العمل الفعالة، علاقة كل ذلك بتقسيم العمل الدولي وإفرازاته على صعيد اليسار المناضل أي علاقته بظاهرة اليسار العالمية ومستحقات الأمر على الصعيد الداخلي والأممي.
2- ضرورة اتخاذ قرار تنظيمي سياسي، قرار (وعي وإرادة) في أهمية المشروع المشترك الدمجي التوحيدي وضرورة وضع برنامج وتصورات لحماية ذلك وتطويره، توسيعه وتعميق خطواته ثم تعميمها.
3- مرة أخرى التأكيد على أهمية تحديد الجدل الخاص ببناء حزب يساري في ساحتنا، جدل الأطراف والقوى بعلاقتها بالعملية ومع بعضها ومع الواقع، علاقتها بالمراجعات. وهل هي ذاتية ، أحادية، أم الأفضل مشتركة وتنسيقية، ثم جدل الوعي النظري المطلوب والخط السياسي.
4- من أكثر الخطوات أهمية توسيع الحوار في وسط الكوادر بشتى مستوياتها وصولاً إلى لحظات أو شروط لخلق نسيج متماسك من التفكير والوعي والإرادة المتشابهة أو المتقاربة.
5- ضرورة القيام بالخطوات العملية باتزان شديد، لأن الأخطاء الشديدة والتسرع يجلبان الإحباط، التراجع عن الخطأ شيء والتخبط وعدم الاتزان شيء أخر.
6- بعد الإعلان المشترك عن أي خطوة يجب توسيع دائرة الإشتراك الندي، توسيع دائرة الحوار لخلق المزيد من الحمايات للخطوات الصحيحة، إن توسيع الدائرة خارج الأطراف المشتركة في الحوار حقاً سيؤدي إلى إشراك كثيرين من ذوي القناعة والمصلحة في مثل هذا العمل، يشركهم في الإنتاج، التصويب، تفعيل القوى والطاقات، وإخراج الأمر من الاجتماعات المغلقة، الضيقة، المرتهنة شئنا أم أبينا لبعض العصبيات والتقديرات الضيقة والتقاطب.
- وفي خطوة خاصة كنا سنقدم عليها ثم أجلناها. نعود الآن لطرحها، تعميمها، وممارستها. إننا ندعو كل الأطراف والقوى والمجموعات والأفراد والإطارات القديمة لقوى ممن لم تحاول بعد إعادة نشاطها.. سندعوها جميعاً فرداً فرداً إن تمكنا تحت مسمياتها الاعتبارية والرمزية أو الشخصية . سندعوها للتشاور الندي الواسع العلني المعمم، سندعوها إلى إبداء رأيها ووجهات نظرها مكثفة في مسألة (جدل بناء حزب يساري جديد) وجهات نظرها في المراجعة الشاملة النظرية السياسية والتنظيمية والفكرية، الضرورية من أجل ذلك الجدل وبشكل خاص رأيها العملي الميداني المفترض ممارسته على الأرض لتحقيق الأمر، ومن هي الأطراف المعنية وأهمية أي خطوة من ذلك الطراز، سنحاول تأكيد وتحقيق اعتبار أي حالة وأي شخص في هذه العملية التشاورية والتفاعلية. كل ذلك لنحدد أولويات الموضوعات الاستراتيجية، لنحدد عناوين المسائل الفرعية أيضاً، لنحدد المحتوى الأولي المكثف في كل مسألة. لنعود وننظم كل ذلك على شكل عمليات استبيانية في وجهات النظر ومستوى قوتها. استعداداً للمراجعة المشتركة التي تجري الآن، أو التفاعل الواسع وخلق ديناميات وآليات تطوير الخطوة، أو استعداداً لمراجعتنا الخاصة إن تعثرت الخطوات الأخرى .
- يعتقد البعض أن اهتمامنا بمشروع حزب يساري جديد، وكل هذه الخطوات التي نحاول القيام بها يمثل تناقضاً في أهمية العمل الوطني الديموقراطي والذي يجب أن تكون له الأولوية، بل يعتبر عملنا هروباً من العمل الوطني، بالنسبة لنا لا يوجد أي تناقض بين العملين وأدواتهما أو مؤسساتهما، نحن نعتبر النشاط في المؤسسة الحزبية هو الأرقى في المجتمع المدني، نعتبر المؤسسات الحزبية اليسار في حالة تفترض بها العمل من أجل حزباً جديد، أما أولوياتنا في النضال فإنها مرتبة حسب شعاراتنا وأهدافنا الموضوعة في جريدتنا، ونشاطنا العملي في الحراكات الديموقراطية يكشف توجهاتنا، يكشف قدرتنا على الدمج بين النشاطين، كما أن نهجنا وسعينا وانتقاداتنا النشاط الديموقراطي المعارض لتطويره وتفعيله يؤكد مستوى اهتمامنا، ويؤكد أن لا تناقض بين الميدانين، ليس هذا فحسب بل ومن منظورنا نراقب بدقة واهتمام إمكانية انقلاب التناقضات والصراعات والمهمات المتعلقة بها من ميدان إلى آخر لنعبر عن ذلك في الوقت المناسب.
- أخيراً ندعو رفاقنا ووسطنا وكل المهتمين بمسألة حزب يساري جديد من موقع اليسار الديموقراطي المعارض، المتنوع والمتعدد، أو من موقع الرأي الآخر الديموقراطي المختلف معنا حول فكرة ومشروع اليسار إنما بصورة ديموقراطية، ندعو الجميع للمساهمة معنا في تعميم الورقة الخاصة المرفقة والعمل على التشجيع والإجابة على ما ورد فيها والاهتمام بتوصيل كل ذلك إلى "الآن" عبر العنوان الالكتروني أو عبر العلاقات السياسية والشخصية. وفي الوقت الذي نعتقد فيه أن عمليات التنشيط والتفاعل وتنظيم المسألة تقع على عاتق رفاقنا وإطارنا والمهتمين بتجربتنا فإن هذا لا يعني أبداً أننا غير محتاجين للآخرين، على العكس من ذلك تماماً نعتقد أن الآخرين شركاء أنداد في الأمر والعملية محتاجة لكل جهود .
الحوار المتمدن - العدد: 951
"بيان" حول مسألة حزب يساري من طراز جديد
ما نقوله هنا لن يكون شيئاً مختلفاً عما جاء في جريدتنا " الآن ".. لكنه سيأخذ بعين الاعتبار بعض التطورات والشروط الجديدة الهامة نسبياً. كما سنحاول من خلاله إزالة كل التباس يثيره البعض عفو الخاطر أو قصداً.. وكل التباس يحتمله ما كتبناه بالذات.
- في مسار ومحطات تطور ظاهرة الحلقات الماركسية إلى حزب العمل الشيوعي.. بذلت جهود (نظرية – سياسية – تنظيمية – وميدانية) كبيرة وجادة للإجابة على عدد من الأسئلة والقضايا الهامة – بل الحاسمة في مسألة الحزب.. سجلنا ذلك في عدد من المطبوعات لما أسميناه في حينه (خط نظري سياسي) أو (موضوعات استراتيجية). أهم تلك العناوين (الحركة الشيوعية المحلية) (لماذا رابطة العمل الشيوعي) (جدل بناء الحزب الشيوعي الثوري في الساحة السورية) واجهنا فيه الأسئلة والقضايا الأكثر حرجاً.. التي نعرف أننا سنسأل عنها فقمنا بعملية بحث شامل ومحدد في وضع الحزب الشيوعي السوري، تاريخه، أزمته. انقساماته والأسباب.. آفاق تطوره .. ناقشنا ظاهرة اليسار الجديد من خارج الحزب.. وموضوعية هذه الظاهرة سماتها.. علاقتها بظاهرة اليسار العالمي، ثم مسحاً وتحديداً للحالة الاجتماعية، الطبقية السياسية في سوريا وضرورة وجود حزب شيوعي ثوري. طرحنا مفهوم التعددية في الحركة الشيوعية المحلية، أيضاً في إطار أحزاب الديموقراطية الثورية ومآلاتها (حركة 23 شباط) (وحزب الاتحاد الاشتراكي) .. وعلاقة تلك التعددية بعجز الحزب الشيوعي الرسمي عن التعبير الموحد نضالياً وبرنامجياً للحالة الاجتماعية الطبقية السياسية، عجزه عن ملء الفراغ الموضوعي والذاتي لحتمية وجود خط يساري وممارسة حزبية متوافقة، ثم بحثنا حالة التعددية الطبقية الفئوية اجتماعياً والانتشار الواسع للفئات البينية في سوريا ودلالات ذلك، دوره الموضوعي في خلق التعددية الحزبية.. ناقشنا سبل تجاوز هذه الإشكالية. .وصولاً إلى ضرورة قيام رابطة العمل الشيوعي بالمعنى الموضوعي والذاتي.. بسبب غياب التحقق في جدل بناء الحزب الثوري المعني.. مع ضرورة استمرار جهودنا في شتى الميادين لتحقيق ذلك الجدل.. والتنبه إلى أولوية العام على الخاص فيه.. وحاولنا جادين أن نلعب دوراً متميزاً وهاماً.. من خلال مبادراتنا على الأحزاب الأخرى.. من خلال الحوار مع برامجها.. ممارساتها.. وردود فعلها..
- وهكذا تمثلت وجهة نظرنا بأن هناك تعددية فصائلية ثورية.. أي لا يوجد حزب شيوعي ثوري وحيد، أو فصيل بعينه قادر على أن يلعب دور الحزب الوحيد، لكل دوره وقيمته في ذلك الجدل.
- ورأينا بأن تلك الفصائل ستدخل مع الشروط السياسية والاجتماعية في الوطن.. ومع بعضها بجدل خاص.. سيقدم كل منها فيه الجانب الكامن أو الظاهر من الشروط والامكانات المناسبة لبناء الحزب.. وصولاً إلى الدمج والاندماج.. وفي حالة العكس.. العجز والتعالي، والتصورات الخاطئة لدور الذات .. فإن هذا الفصيل أو الحزب سيتراجع.. سينكشف وضعه. سيتحول إلى حالة محدودة ضيقة "دكان" .. وقد لا يفقد كلياً بعض دور في ذلك بحكم استمرار التحولات الداخلية ووجود تيار متنبه لقيمة تلك الحاجة والدور.. لكن وجدنا أن الأمر يحتاج في الأساس لوعي واضح. يحتاج لممارسة جادة ولا نعتبر ذلك وعياً ذاتياً "إرادياً" كما يعتقد البعض.. فالفعل الإرادي الواعي المتوافق مع حاجات الواقع الموضوعي والضرورات.. له اسم آخر ووصف آخر.
- كنا صادقين ومنسجمين مع فهمنا وأطروحتنا، عندما اعتبرنا بالتحليل الملموس أن فصيل (المكتب السياسي) قد تجاوز كل الإشكالات التي خرج بها من الانقسام ووصل بعد التدخل السوري في لبنان من زاوية الموقف السياسي وتغيير برنامجه القديم إلى حالة الفصيل اليساري الأكثر قرباً إلينا.. ونستطيع التعايش في صفوفه والاندماج معه.. عرضنا مبادرة واضحة، صريحة، ومباشرة عام 1977.. لتحقيق وعينا ذلك. .قمنا بالأمر على الرغم من كل الجهود التي بذلناها لتكوين فصيل رابطة العمل الشيوعي.. والعصبيات المتكونة على ذلك الصعيد.. وقلنا للرفاق أننا جاهزون للانضمام إلى صفوفهم كأفراد بدون اشتراطات التقاسم الندي للمؤسسات القيادية على ضوء المستوى الكمي لكل تنظيم.. وضوء معرفتنا الجيدة أو المقاربة لذلك.. نريد تحقيق أو تأمين شرط وحيد شرط وجود نشرة حوار داخلي.. نريدها في يد الأقلية.. أي في يدنا لأننا سندخل الاندماج على خطهم النظري – السياسي – التنظيمي – وكانت هناك خلافات بيننا لكننا لم نكن نرى بها أسباباً مانعة من الإندماج.. نستطيع أن نبدأ كأقلية مع الثقة التامة بآفاق الحوار الداخلي المتاحة في حال وجود تلك النشرة وتوفر الآلية الديموقراطية لعملها. .كنا على ثقة أننا نطرح مشروعاً هاماً ودنيامياً جداً في تأثيراته ومفاعليه.. رفض الرفاق المبادرة كلياً.. بل قطعوا الحوار الرسمي.. ولم يذكروا أبداً لرفاقنا المحاورين صراحة أسباب كل ذلك.. بل عمموا موقفهم داخلياً وخارجياً من رابطة العمل الشيوعي.. بصورة شفهية، كواليسية وفي الأجواء الخاصة مع حملة اتهامات سيئة جداً.. ابتغت التصفية..
استمرت طويلاً (دون أي مراجعة نقدية، دون أي اعتذار) وتركت آثاراً سلبية كبيرة. لم يكتفي الرفاق بذلك.. بل سحبوا علينا حقهم في الفيتو لمنع انضمامنا إلى التجمع الوطني الديموقراطي.
تابعنا لاحقاً جهودنا ومحاولاتنا لأخذ دورنا في ذلك الجدل.. ودخلنا أيضاً بعملية حوارية استهدافية راقية مع التنظيم الشعبي الناصري.. لها حكايتها الخاصة.. كما سمعنا لاحقاً أن محاولة طرحها الدكتور جمال الأتاسي بوثيقة سميت "بالوثيقة الأساسية" لتحويل التجمع إلى حزب.. اعتبرنا ذلك خطوة هامة.. منسجمة في الكثير من جوانبها مع فهمنا وتوجهنا (بالتغاضي الآن عن التقييم الدقيق لمحتوى تلك الوثيقة وظروفها..) المبادرة بحد ذاتها جريئة وهامة.. والحوارات المفتوحة كفيلة بإجراء تطورات هامة عليها.. فهمنا من الرفاق في الاتحاد الاشتراكي.. ومن كتابات هنا وهناك (بشكل خاص ملف في الآداب وما كتبه حولها شمس الدين كيلاني) كيف أجهض المشروع.. كيف تراجعت الفكرة.. لينطلق كل طرف في التجمع للتركيز على حالته الذاتية مراجعة، نقداً وتطويراً.. طرح مشاريع موضوعات، مشاريع برامج.. إعداد لمؤتمرات.. جرى كل ذلك دون أن نلحظ كلمة واحدة أو أي مستوى من الجهد النظري – السياسي – التنظيمي – حول وجود تعددية يسارية وضرورة الارتقاء بحالتها إلى حزب موحد..
- في محاولتنا الأخيرة لإعادة نشاطنا السياسي – التنظيمي أكدنا أن فهمنا السابق لا يزال يحتفظ بالكثير من قيمته. .بخصوص التعددية.. وضرورة طرح مبادرات ومشاريع تصل الحد الأقصى من المرونة والتقاطع.. حتى الإندماج – بل نراها الآن في هذه الشروط أكثر ضرورة وأهمية من الماضي.. وعبرنا عن ذلك بالعديد من المقالات في "الآن" ..
المتعلقة بمسألة الحزب.. نظريته، وظائفه، جدله الخاص في الساحة السورية من منظور حزب يساري جديد.
0 تأكيداً لوجهة نظرنا قناعتنا والتوافق بين المفهوم والممارسة – طرحنا علىالأطراف الأكثر قرباً منا.. والتي نعتقد أن لها دوراً فعلياً في مسألة (حزب يساري جديد).. طرحنا عليها مشاريع عمل مشتركة.. قبل أن ينطلق كل منا للاهتمام بمراجعته الخاصة.. موضوعاته.. برنامجه.. مؤتمره الذاتي.. ولا نزال نحاول هذا الأمر بكل جدية .
- إن فهمنا ذاك وحرصنا على الممارسة جعلنا نؤخر الكثير من الخطوات في إطارنا الذاتي.. أو مشروعنا.. كنا نفضل العام على الخاص في الكثير من المسائل.. هكذا خسرت وجهات نظر عديدة لدينا كانت ترى .. ضرورة عدم توقفنا عن تطوير ذاتنا.. وعدم رهن ذلك بردود فعل الآخرين.. ترى ضرورة عقد مؤتمر تداولي سريع في شروط الانفتاح السورية الجديدة والتقدم عبر هذا الطريق.. إلى جدل بناء الحزب.. وكانت الشروط في حينه مناسبة لعقد مثل ذلك المؤتمر والقيام بمراجعة وطرح خط نظري – سياسي جديد مع برنامج .. إلخ.. وعدم القيام بذلك سيعني المزيد من التدمير في صفوفنا.. وقد يعني تراجع الشروط وعدم استمرارها مناسبة لذلك.. وفي ذلك السياق فهمت مشاريع بعض الرفاق لعقد مؤتمر تداولي.. أو الاستنهاض . .أو الاهتمام بالذات – فهمت وكأنها تعني التخلي عن وعينا القديم لمسألة جدل بناء الحزب... فهمت وكأنها إدارة للظهر إلى الفصائل الأخرى.. كما فهمت إعادة لحزب العمل القديم شكلاً ومضموناً.. في الحقيقة لم يكن أي مشروع ذاتي فيها قد تخلى عن جدل التعددية.. ولم يكن أي مشروع فيها قد تجاهل التطورات المذهلة في العالم.. وضرورة المراجعة والتوافق معها.. أي أن كل شيء مفتوح في المراجعة..
- إن وجهة نظرنا الجديدة أو المقاربات الرئيسية التي اعتمدناها في إعادة نشاطنا السياسي – التنظيمي – كان طبيعياً جداً أن تكون وفية للحاجات الموضوعية والمفاهيم المعمقة والواضحة في مسألة الحزب.. أن تكون وفية للعمل التنسيقي المشترك حتى حدود عمليات التوحد مع فصائل أخرى.
لكن البعض النادر من الحالات الفردية كان يتصور أن واجبنا في انطلاقتنا الجديدة إعلان موت الحزب، موت الظاهرة، موت كل تراكم دمجي فيها.. واعتبار أنفسنا مجرد أفراد من ظاهرة جديدة في الوطن.. أن نعتبر أنفسنا متحررين من تجربة حزب العمل ويبحث كل لوحده عن قناعات وأفراد مشابهين له.. وتكوين ظاهرة جديدة.. أو الانضمام إليها إن وجدت.. فكل شيء قد تطور.. الأحزاب القديمة ماتت.. وماتت معها نتاجاتها وطريقة تفكيرها ووسائلها.. فلنمزق كل شيء.. الإطارات.. المصطلحات .. الرموز والدلالات.. التاريخ..
- قلنا لأصحاب ذلك الرأي.. اثبتوا أن المبادرة وإعادة الإنتاج والمراجعة والحراكات السياسية هي الآن خارج حتى الأحزاب والفصائل القديمة.. أثبتوا أن هناك ظاهرة معممة وطنياً على صعيد مفهوم جديد ونشاط جديد لحزب يساري.. كي ننضم إليها.. ولننهي كل ارتباطاتنا الأخرى السياسية والأخلاقية ومستوى العصبيات.. إلخ..
- كانت الحقائق تؤكد أن حزب العمل على الرغم من كل ما جرى له. .لا يزال الظاهرة التي تستحق الاهتمام.. على الرغم من محاولات السلطة تدميره بالتعذيب الشديد – المعتقلات الإشاعات.. وعلى الرغم من مواقف بعض قوى المعارضة ذات الطابع الاستئصالي.. والاتهامات اللاأخلاقية (بدون اعتذار حتى الآن).. واستمرار نهج اللاتنسيق مع حزب العمل.. بل إجراء التنسيق مع منتديات ولجان.. (مؤسسات أدنى من حزب) على اعتبارات مختلفة..
قلنا أن هناك تراكم هام جداً في تاريخ وتجربة حزب العمل في الميادين النظرية- السياسية – التنظيمية والكفاحية- تراكم من الصعب اعتباره قد تحول إلى هباء أو قد تبدد.. من الصعب اعتباره في حالة الصفر أو ما قبل الصفر. .إنه يمتلك شروط الحد الأدنى مثل غيره إن لم يكن أكثر رقياً ليبدأ مراجعته ويطور ذاته.. خاصة وأنه يمتلك فهماً موضوعياً عميقاً لجدل بناء الحزب.. ويمتلك الجرأة الأدبية والذهنية كما امتلكها دائماً لطرح مبادرات ومشاريع توحيدية.. وأكدنا بنشاطنا الجديد أننا جاهزون لأي حوار أو تنسيق.. جاهزون لنمضي مع أي وجهة نظر قادرة على سحبنا أو أخذنا معه.. جاءت من حزب آخر.. أو مجموعة – أو أفراد – وفي نفس الوقت لا نستطيع إلزام أحد بأولوياتنا.. فالآخر حر بخياراته وأولوياته.
- ومنذ أكثر من سنتين حاولنا بدء نشاطنا بورقة، بخطة عمل للمراجعة أسميناها "ورقة حوار تداولي" شرحنا فيها تصورنا وطريقتنا، كان ذلك قبل أن يبدأ رفاق (المكتب السياسي) صياغة موضوعاتهم.. فعلنا ذلك على ضوء فهمنا لما نسميه روح ومنطق حزب العمل وقلنا أن المراجعة ستكون من "تحت لفوق" بمعنى .. تحديد العناوين الرئيسية والفرعية للخط النظري السياسي ومسألة البرنامج. .تحديد أولوياتها.. ليبدأ حولها الحوار بين المجموعات الرفاقية والمهتمين بمسألة حزب يساري.. مع تداول وتعميم كل نتاج جزئي على المجموع هكذا وصولاً إلى رأي أكثرية.. ذلك الرأي الذي سنعممه للحوار المركزي حوله مرة أخرى من "فوق لتحت" هذه المرة.. ذلك إلى جانب وجهات نظر الأقليات.. مع كامل الترتيبات المطلوبة لدخول المؤتمر وإنهاء المرحلة الانتقالية.. وأكدنا في الورقة المعنية أن أولوياتنا غير ملزمة للآخر.. فالأمر مفتوح على تصورات الآخرين ووعيهم.. مفتوح على قدراتهم في التأثير الواسع والعميق داخل إطارنا وتجربتنا الجديدين.. وأكدنا في نفس الورقة أننا مستعدون دائماً للدخول في عملية إعداد لمراجعات مشتركة.. ومؤتمرات مشتركة مع الأطراف والقوى اليسارية التي نعتقد أنها داخلة فعلياً في عملية بناء حزب يساري جديد.. لكننا لن نرهن الأمر هذه بالأوهام.. على الرغم من كل ذلك أخرنا طويلاً عملية إعادة نشاطنا كي لا نخلق عصبيات جديدة ربما تساهم سلباً في جدل بناء الحزب.. بالمقابل طرحنا مبادرات عديدة لأعمال تنسيقية ومشتركة في الميدان الحزبي.. لم نتلقى أي جواب عليها..
- هكذا وجدنا أنفسنا مضطرين لتطوير ذاتنا.. النقاط شروط الحد الأدنى في تجربة الحزب ووقف عمليات الانتظار، الإهمال.. والمساهمة الإرادية في تدمير تجربتنا. .بينما يتابع غيرنا عمله الذاتي، الخاص.. دون الالتفات إلى أولويات العام.. دون الاهتمام بمبادراتنا .. دون الاهتمام بشأن العمل الحزبي اليساري الموحد.. فقمنا بعدد من الخطوات والوعود.. كنا نراجعها دائماً من الحركة خوفاً من الخطأ، خوفاً من تركيز العصبيات، خوفاً من الابتعاد عن روح فهمنا للمسألة المطروحة.. وعلى الرغم من الردود الهامة، الأساسية والموسعة التي وصلتنا على "ورقة حوار تداولي" ورقة مراجعتنا الخاصة.. فإننا أجلنا عملية تعميمها .. وفضلنا النشاط السياسي – التنظيمي التدريجي.. فضلنا تفعيل إطارنا ودائرة المهتمين بتجربتنا.. والمهتمين فعلياً بالعمل اليساري.. كان ذلك خطوة ضرورية لتنظيم عملية المراجعة بحد ذاتها بصورة صائبة.. ضرورياً لحماية طاقاتنا.. كذلك لتطوير دورنا الممارس في الحراكات القائمة في الوطن والسعي لتطوير عمل المعارضة الديموقراطية.. وبمراقبتنا الدقيقة للمشاريع الذاتية في مراجعات فصائل اليسار وتوجهاتها السياسية والتنظيمية. وجدنا أن مهاماً إضافية تقع على عاتقنا وعاتق مجموعات أخرى جادة في مسألة حزب يساري، بدا ذلك واضحاً بالنسبة لنا على إثر موضوعات رفاق المكتب وجملة التطورات اللاحقة في صفوفهم نظرياً وتنظيمياً.. فحاولنا من جديد جهداً لنوسع دائرة المراجعة المشتركة.. فكرياً – سياسياً، دائرة المشاريع الدمجية مع الحد الأقصى من المرونة- وهناك الآن تجاوب جاد من أكثر من جهة.. يصبح واجبنا حماية الأمر والتشجيع عليه.. إن ذلك لن يكون باستعجالنا بخطواتنا الذاتية.. كيف؟
- كان من المفترض إصدار ورقة عمل المراجعة بالعناوين الرئيسية والتفصيلية.. ومنطق الترابط بين العام والخاص واسم الموضوعات الجديدة على إثر التطورات العالمية والمحلية.. مع الإشارة على الموضوعات المطلوب التركيز الإضافي عليها. .ثم الأولويات.. إن هذا الأمر ناجز.. لكننا نؤجله الآن لإعطاء الخطوات الحوارية المشتركة الجديدة مع بعض الأطراف فرصتها التامة لخلق ترابط نسيجي.. وفي الأمر مكسب للجميع من جهتنا نعتبر الأمر ضرورة للتشارك الندي الديموقراطي لجهة كل طرف وحالة لها دور في مسألة الحزب.. وبذلك نتراجع عن أي تصورات أو خطأ لدينا يحتمل التعالي.. يحتمل المصادرة وإلغاء الآخر، كذلك لاعتقادنا أن أي خطوة مشتركة حتى ولو مع مجموعة صغيرة فإنها ستخلق مصداقية ودينامية مختلفة عن الماضي.
- إذن نحن نؤجل الآن بعض خطواتنا التنظيمية الذاتية للمراجعة لصالح العام.. لصالح المشاريع الحوارية الجديدة.. إننا ندخل هذه المشاريع بكل الجرأة الذهنية والأدبية والأخلاقية.. بكل الندية الرفاقية .. هكذا لا ندخلها بوعي مسبق منسق، محدد.. ليس فقط لأننا لم ننجز مراجعتنا.. أو لأننا لا نمتلك خطأ وبرنامجاً إذ أكدنا أن هذا شيء سهل بالنسبة لنا.. وكنا نستطيع فعل ذلك في المقالات الثلاثة النقدية على موضوعات رفاق المكتب أي أن نجعل منها بسهولة شديدة مع شيء من التعديل والتطوير.. مادة موازية.. مادة موضوعات تحدد خطنا وتوجهنا ومراجعتنا. أو نستطيع ذلك الآن ونحن نرد على الورقة السياسية لمجموعة قاسيون.. لكن حرصنا على العمل المشترك، وحرصنا على طريقة المراجعة من تحت لفوق والإشراك الندي الديموقراطي "للآخر" فيها.. كما يعتقده صائباً.. ويجعلنا نتقدم إلى الحوار بهذه الطريقة المفتوحة والحرة..
- إن العملية المفتوحة السابقة .. وعملية تأجيل جهدنا وخطتنا الذاتية "والإضطراب" الذي قد يبدو على رفاقنا المحاورين من غير العادة فيما يتعلق بحزب العمل.. كل ذلك نعتقده الآن طبيعياً في أي مشروع حوار مشترك مع أي طرف آخر.. ونحن لا نخشى من هذا.. بل نوجه الدعوة لكل الفصائل والأطراف اليسارية والمجموعات لدخول هذه العملية بهذه الروحية، روحية الاستعداد المفتوح للتفاعل، روحية الموقف غير المسبق، والموقف غير الاستعلائي "أنا الحزب..أنا الصائب أنا صاحب الحظ أو الموضوعات الجاهزة.. تعالوا إلي!".
لكن ذلك لا يعني أبداً أننا سنفعل أو سنهمل الخطوات الذاتية الضرورية في أهم مسائل المراجعة.. أو أهم مسائل النشاط السياسي – التنظيمي .. هذا لا يعني أننا سندخل عملية انتظارية تسويفية مفتوحة أو مديدة بدون حسابات.. إن ما حددناه حتى الآن في مسائل (الموقف من النظام – عمل المعارضة الديموقراطية وسبل تطوير نشاطها ومؤسساتها – تقسيم العمل الدولي، العولمة، ومخططات الإدارة الأمريكية – الموقف من العامل الخارجي بكل اتجاهاته خططه ووسائله وتأثيره على العمل الوطني – الموقف من مسألة بناء حزب يساري) والتي نعتبرها المسائل الأكثر أهمية في العمل الحزبي والسياسي.. ونعتبرها أساساً في أي حوار مشترك..
- لكنها ليست نهائية أو مغلقة وكافية عندما تكون بصدد التحديد النهائي للخط النظري – السياسي والبرنامج والمفاهيم الدقيقة . لكننا في نفس الوقت لا نعتقد أبداً أن هناك طرفاً واحداً في الساحة من الأطراف المعنية بحزب يساري .. يمتلك فهماً محدداً ونهائياً في كل ذلك.. فإن كان هذا مزية فهو للجميع وإن كان مأخذاً فهو على الجميع.. حتى موضوعات رفاق المكتب من الواضح أن الخلاف حولها شديد ويصعب جمع كل الإطار عليها.. خاصة بعد التمفصلات الأخيرة على مسائل تنظيمية – سياسية عديدة – والموضوعات تصبح نهائية عندما تقر في مؤتمر – أليس الجميع في حالة مراجعة وتطوير.. نحن الآن نفضل المراجعة المشتركة.. نفصل الأولوية في الخطوات العامة، وعلى هذا الأساس نؤجل بعض وعودنا لثقتنا أن العمل المشترك الذي نقوم به مع البعض سيكون فعالاً.. في الحد الأدنى سيكون مفيداً في تدقيق وكشف جدل بناء حزب يساري. في كشف أهمية تصوراتنا، وفي تشجيع آخرين، خاصةً وأن عملنا السياسي التنظيمي في تطور وارتقاء. ونحاول السير بالسياقين معاً .
- ومن أجل تطوير وحماية وإنجاز العمل المشترك الجديد الذي نقوم به مع البعض من صف اليسار المعارض نتقدم ببعض التصورات والخطوات للحوار حولها، لأن ما سنتفق عليه بصورة مشتركة سيمثل بالنسبة لنا جزءاً من خطة عملنا وله الأولوية.
1- هناك ضرورة في البداية لإجراء حوار معمق وشامل في موضوع اليسار، كخط نظري سياسي تنظيمي له ضرورة موضوعية حيث هناك أي مستوى للصراع الطبقي- الاجتماعي وحيث هناك ضرورة لعمل مجتمعي شامل، تلك الضرورة الموضوعية تقتضي حواراً حول طبيعة الذات التي يجب أن تملأ الفراغ أو الحاجة الموضوعية، ولنرى إن كانت هذه الذات غائبة أم قائمة فعلياً وما هي سماتها المطلوبة، هل لها جدل خاص في التكون؟ من هي الأطراف التي يجب أن تقوم به؟ ديناميات العمل الفعالة، علاقة كل ذلك بتقسيم العمل الدولي وإفرازاته على صعيد اليسار المناضل أي علاقته بظاهرة اليسار العالمية ومستحقات الأمر على الصعيد الداخلي والأممي.
2- ضرورة اتخاذ قرار تنظيمي سياسي، قرار (وعي وإرادة) في أهمية المشروع المشترك الدمجي التوحيدي وضرورة وضع برنامج وتصورات لحماية ذلك وتطويره، توسيعه وتعميق خطواته ثم تعميمها.
3- مرة أخرى التأكيد على أهمية تحديد الجدل الخاص ببناء حزب يساري في ساحتنا، جدل الأطراف والقوى بعلاقتها بالعملية ومع بعضها ومع الواقع، علاقتها بالمراجعات. وهل هي ذاتية ، أحادية، أم الأفضل مشتركة وتنسيقية، ثم جدل الوعي النظري المطلوب والخط السياسي.
4- من أكثر الخطوات أهمية توسيع الحوار في وسط الكوادر بشتى مستوياتها وصولاً إلى لحظات أو شروط لخلق نسيج متماسك من التفكير والوعي والإرادة المتشابهة أو المتقاربة.
5- ضرورة القيام بالخطوات العملية باتزان شديد، لأن الأخطاء الشديدة والتسرع يجلبان الإحباط، التراجع عن الخطأ شيء والتخبط وعدم الاتزان شيء أخر.
6- بعد الإعلان المشترك عن أي خطوة يجب توسيع دائرة الإشتراك الندي، توسيع دائرة الحوار لخلق المزيد من الحمايات للخطوات الصحيحة، إن توسيع الدائرة خارج الأطراف المشتركة في الحوار حقاً سيؤدي إلى إشراك كثيرين من ذوي القناعة والمصلحة في مثل هذا العمل، يشركهم في الإنتاج، التصويب، تفعيل القوى والطاقات، وإخراج الأمر من الاجتماعات المغلقة، الضيقة، المرتهنة شئنا أم أبينا لبعض العصبيات والتقديرات الضيقة والتقاطب.
- وفي خطوة خاصة كنا سنقدم عليها ثم أجلناها. نعود الآن لطرحها، تعميمها، وممارستها. إننا ندعو كل الأطراف والقوى والمجموعات والأفراد والإطارات القديمة لقوى ممن لم تحاول بعد إعادة نشاطها.. سندعوها جميعاً فرداً فرداً إن تمكنا تحت مسمياتها الاعتبارية والرمزية أو الشخصية . سندعوها للتشاور الندي الواسع العلني المعمم، سندعوها إلى إبداء رأيها ووجهات نظرها مكثفة في مسألة (جدل بناء حزب يساري جديد) وجهات نظرها في المراجعة الشاملة النظرية السياسية والتنظيمية والفكرية، الضرورية من أجل ذلك الجدل وبشكل خاص رأيها العملي الميداني المفترض ممارسته على الأرض لتحقيق الأمر، ومن هي الأطراف المعنية وأهمية أي خطوة من ذلك الطراز، سنحاول تأكيد وتحقيق اعتبار أي حالة وأي شخص في هذه العملية التشاورية والتفاعلية. كل ذلك لنحدد أولويات الموضوعات الاستراتيجية، لنحدد عناوين المسائل الفرعية أيضاً، لنحدد المحتوى الأولي المكثف في كل مسألة. لنعود وننظم كل ذلك على شكل عمليات استبيانية في وجهات النظر ومستوى قوتها. استعداداً للمراجعة المشتركة التي تجري الآن، أو التفاعل الواسع وخلق ديناميات وآليات تطوير الخطوة، أو استعداداً لمراجعتنا الخاصة إن تعثرت الخطوات الأخرى .
- يعتقد البعض أن اهتمامنا بمشروع حزب يساري جديد، وكل هذه الخطوات التي نحاول القيام بها يمثل تناقضاً في أهمية العمل الوطني الديموقراطي والذي يجب أن تكون له الأولوية، بل يعتبر عملنا هروباً من العمل الوطني، بالنسبة لنا لا يوجد أي تناقض بين العملين وأدواتهما أو مؤسساتهما، نحن نعتبر النشاط في المؤسسة الحزبية هو الأرقى في المجتمع المدني، نعتبر المؤسسات الحزبية اليسار في حالة تفترض بها العمل من أجل حزباً جديد، أما أولوياتنا في النضال فإنها مرتبة حسب شعاراتنا وأهدافنا الموضوعة في جريدتنا، ونشاطنا العملي في الحراكات الديموقراطية يكشف توجهاتنا، يكشف قدرتنا على الدمج بين النشاطين، كما أن نهجنا وسعينا وانتقاداتنا النشاط الديموقراطي المعارض لتطويره وتفعيله يؤكد مستوى اهتمامنا، ويؤكد أن لا تناقض بين الميدانين، ليس هذا فحسب بل ومن منظورنا نراقب بدقة واهتمام إمكانية انقلاب التناقضات والصراعات والمهمات المتعلقة بها من ميدان إلى آخر لنعبر عن ذلك في الوقت المناسب.
- أخيراً ندعو رفاقنا ووسطنا وكل المهتمين بمسألة حزب يساري جديد من موقع اليسار الديموقراطي المعارض، المتنوع والمتعدد، أو من موقع الرأي الآخر الديموقراطي المختلف معنا حول فكرة ومشروع اليسار إنما بصورة ديموقراطية، ندعو الجميع للمساهمة معنا في تعميم الورقة الخاصة المرفقة والعمل على التشجيع والإجابة على ما ورد فيها والاهتمام بتوصيل كل ذلك إلى "الآن" عبر العنوان الالكتروني أو عبر العلاقات السياسية والشخصية. وفي الوقت الذي نعتقد فيه أن عمليات التنشيط والتفاعل وتنظيم المسألة تقع على عاتق رفاقنا وإطارنا والمهتمين بتجربتنا فإن هذا لا يعني أبداً أننا غير محتاجين للآخرين، على العكس من ذلك تماماً نعتقد أن الآخرين شركاء أنداد في الأمر والعملية محتاجة لكل جهود .