-
دخول

عرض كامل الموضوع : التبرير الفريسيّ والتنهّد العشّاري


شكو زولو
20/02/2005, 15:59
اليوم هو الأحد الأول من التريودي اي أسابيع التهيئة للصوم الخمسيني المقدس و هي أربع أسابع و سوف نتحدث عن كل أحد بترتيبه و الأحد الأول هو أحد الفريسي و العشار:

"بل كان يقرعُ صدره قائلاً: اللهمّ ارحمني أنا الخاطئ"




في النصّ الإنجيليّ يوضح لنا المسيح نقيضَين، الفريسيّ والعشّار. كان الأوّل يبدو للناس تقيّاً على خلاف الثاني. في حين كان الفريسيّ مترفعاً، حاول أن يبرر ذاته بأعماله، راح العشّار متنهّداً يطلب من الله أن يبرره. الفريسيّة هي سرطان العبادة، مرض يفتك بها، أمَّا الروح العشّاريّة فهي عافية محيية، وتقوى حقيقيّة.



فما هي إذن التقوى الحقيقيّة، وما هو البرّ والتبرير؟ وأخيراً كيف نقتني البرّ وما السبيل إليه؟ ليس عبثاً أنّ المسيح قارن بين الإنسانَين على ميزان المعبد، فالصلاة تكشف الداخل وتعكس الإنسان على حقيقته. وسرّ التقوى يحدّده القدّيس بولس الرسول بتجسّد المسيح، عرس الإنسان بالله واتحاده به.

الأعمال تبقى مجرّد أعمال، عندما تكون تقدمات. وحسابات الله غامضة، وعندما نبذلها في سبيل الاتحاد بالله تصير فضائل حقيقيّة. وهذا التمييز ضروريّ بإزاء أهمّ صوم وأهمّ فترة روحيّة في بداية التريودي.



الفضائل ليست أعمالنا، وإنّما هي عمل الروح القدس فينا. الحياة الروحيّة ليست الحياة الأخلاقيّة بالمعنى الحصري والشائع للكلمة، ولكنّها الحياة بالروح الذي يحرّكنا. الإنسان الروحيّ هو الذي أخضع جسده لروحه، وأخضع روحه لروح الآب القدّوس. وأعمال هذا الإنسان بارَّة. إنّها ثمار هذه الحياة. وبرّ هذه الحياة هو العلاقة الحيّة مع الله والاتحاد به.

يقول القدّيس بالاماس: "كلّ ما يتمّ بواسطتنا دون أن يكون عملاً لله فينا هو خطيئة". لذا فإنَّ الطريق إلى البرّ ليس هو الاستحقاق والإنجازات والأعمال… وإنّما الانسحاق الحقيقيّ، والباقي يعمله الله فينا. ما يحدّد برّنا هو مقدار اتصالنا بالربّ يسوع. وهذا ما رأيناه في مثال اللصَّين على الصليب.

البرّ هو القداسة، والقداسة تألُّه، والتألُّه ليس الأعمال الأخلاقيّة، وإنّما الاتحاد بالله الذي لا يتّحد إلاَّ بأنقياء القلوب.



لذا فإنَّ الطريق العمليّة-كما ينصح كتاب تعاليم روحيّة- للتبرير، هو لوم الذات لا تبريرها، والانسحاق لا العُجُب. كلّ من الفريسيّ والعشّار كانا معجبَيْن، فالأول أُعجب بذاته أما الثاني فبرحمة الله ومحبّته.



لوم الذات "عافية سرِّية"، أمَّا تبرير الذات فهو سرطان خفيّ. لوم الذات هو سرّ يحدث حين نلتقي بالمسيح في خشوع. تبرير الذات سرطان يلاقينا بذاتنا ويفصلنا عن يسوع حياتنا. فلنقف ونصلِّي عشّارياً: "يا الله اغفرْ لي أنا الخاطئ وارحمني".

هذه هي أبواب التوبة، ومن دخل من غير هذا الباب فهو سارقٌ ولص. هذا هو باب السماء.

آميــن